الغاية الكبرى من الصيام

الغاية الكبرى من الصيام هى التقوى بجميع معانيها ومبانيها،
ففى الصوم يتوقى المؤمن من المعاصى والآثام،
فيأخذ لنفسه وقاية من عذاب الله وموجبات سخطه.
قال تعالي:
«يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام
كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»
البقرة - 183
قيل: لتتقوا المعاصى، لأن الصيام يكف الإنسان
عن كثير مما تطلع عليه النفس من المعاصى.
وفى الصوم يتدرب الإنسان على تقوى
الله تعالى وذلك لأن الصوم يكف جماح الشهوات
التى هى أكبر دافع على تعدى حدود الله،
كما أن الصوم الحقيقى هو الذى يقترن بالآداب
والفضائل ويجانب كل الرذائل، وتلك هى حقيقة
التقوى التى هي:
اجتناب ما يسخط الله، والإقبال على ما يرضى
الله من الاعتقادات والأقوال والأفعال.
وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من لم يدع قول الزور والعمل به
فليس لله حاجه فى أن يدع طعامه وشرابه).
وقال جابر بن عبد الله رضى الله عنه:
إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك
عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار،
وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك،
ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
إن تقوى الله هى المخرج الحقيقى للمجتمعات
المنكوبة التى تتخبط فى ظلمات النظريات
تتلمس منهجًا يخرجها من الشقاء،
قال تعالي:
«ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا»
وقال عز وجل:
«ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا
عليهم بركات من السماء و الأرض»
الأعراف، 96.

والتقوى هى الملاذ الآمن الذى يجعل الإنسان
فى كنف الله تعالى، وماذا فقد من وجد الله تعالى،
يقول جل شأنه:
«وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا
إن الله بما يعملون محيط»
آل عمران120،
وهى أيضًا مفتاح كل خير،
وبوابة القبول لأى عمل،
قال تعالي:
«إنما يتقبل الله من المتقين»
المائدة 27.

وهى خير زاد يتزود به الإنسان،
وخير زينة يتزين بها، قال تعالي:
«وتزودوا فإن خير الزاد التقوي»
البقرة197،
وفى الصوم يعظم إحساسه وتقوى
عزيمته على حمل رسالته والقيام بواجب
وظيفة الله فى أخذ القرآن بقوة والدفع به
وبرسالة النبى إلى الأمام ليصلح بهما
ما أفسده المبطلون فى مشارق الأرض ومغاربها،
وينقذ الناس من الظلم والاستعباد والتهتك والانحلال،
فيستعد لأجل ذلك لأخذ القوة وتسخير
كل دابة ومادة على وجه الأرض
أو فى جوفها أو أجوائها، ليتقوى
بذلك على ردع من يقف فى وجهه
ويحول دونه ودون رسالته، فيكون آخذًا
بأسباب الوقاية التى تقيه من غضب الله
وعذابه بسبب إجرامه أو تفريطه
فى واجبه أمام الله مندفعًا بما يكسبه الصوم
إياه من قوة الإرادة وطهارة الروح.
والمؤمنون الذين خاطبهم الله فى القرآن يعلمون
مكان التقوى عند الله ووزنها فى ميزانه
وقوة تأثيرها وحسن نتائجها فى أعمالهم،
مما يحصلون به على السعادة الصحيحة
والحياة الطيبة فى الدارين، فهى غاية تتطلع
إليها أرواحهم فتندفع إليها بقوة.
ولذا وصف الرسول صلى الله عليه وسلم
الصيام بأعظم وصف، إذ يقول: (الصيام جنة)
أى ستر ووقاية يقى صاحبه من المعاصى
ومن جميع المزالق التى يتردى بها فى حياته.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــــان كريـــــــــم