الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصــــــايـــد ليـــــــل 】✿.. > …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«…
 

…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. }

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-27-2023   #11


الصورة الرمزية كتف ثالثه

 عضويتي » 29424
 جيت فيذا » Jun 2017
 آخر حضور » منذ 11 ساعات (02:38 AM)
آبدآعاتي » 54,024
الاعجابات المتلقاة » 1822
الاعجابات المُرسلة » 1769
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الادبي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » كتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   water
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  انا هنا

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: غير ذلك

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



ويح قلب
خان صاحبه ..

أسمعتم
بوجع عانقه فرح ؟
بعبرة خنقت
على هدب ؟
بموت
تكللته الحياة ؟
بحياة تعود
بعد الممات ؟

ضميري
يقتات على غربة
ستنال منه يوما ..

عقلي
سيودي
بقلبي عن سبق اصرار
و ترصد ..
مهلك يا عقل
فروحي
سئمت أحبة فقدوا
واحدا تلو الآخر
ولا أضمن
أنني سأقبل الحياة
بعد غياب أبدي ثالث ..

* وردة شقى.





رواية : لمحت في شفتيْها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ !
الجُزء ( 55 )

فيصل بكلماتٍ مُتقطعة خافتة متوترة مرتبكة : يعني .. أنا عارف ماراح تصدقني .. يعني كيف إنسان ميت وبعدين حيَّ .. بس .. هذا اللي صار .. يعني أنا عارف أنك مصدُوم بس .. الله أراد هالشي وهذا قضاء وقدر .. زوجتك حيَّة يا ناصر
وقف وملامحه مُتجمِّدة لا تُصدق سوَى ضربات قلبه التي ترتفع بشهقاتٍ صامتة لا يُطلقها سوَى قلبٌ يئِّن ، تراجع للخلف ليصطدم بالطاولة وتسقط مُتناثرة الزُجاج. فتح أول أزارير ثوبه وعيناه تضيعُ في عين فيصل.
وقف الآخر بخوف : ناصر !!
ناصر الذِي أرتفع ضغطُ دمِه حتى نزف أنفه ، لم يُبالي بالدماء التي تُطلق هتافٌ خافت وتُناصر قلبه : مين ؟
فيصَل صمت لايعرفُ كيف يداوي جرحه الآن ، تكاد تخونه رجولته ويبكِي من شدِّة هذا الموقف.
ناصر وإغماءةٌ تقترب منه : زوجتي أنا !! غادة حيَّة ماهو لعب !! ترى هالشي ماهو لعب ...
فيصل شفق على حاله ليُردف : أنا عارف ...
صرخ به : وش تعرف !! وش تعرف ! تعرف كم مرررة بكيت عليها ولا كم مرة أفِّز من نومي عليها ... غادة حيَّة ! أنتم تكذبون ولا تبون تجننوني !!!! وبعدين وش يعرفك بزوجتي ؟ كيف تعرفها ؟
فيصل : بعد الحادث .. آآ يعني بعد الحادث راحت لمستشفى ثاني وهناك تلقت علاجها
ناصر بصوتٍ يكاد يموت : زوجتي ! .. يُشير إلى صدره ... زوجتي أنا ... وقبرها ؟
فيصل عقد حاجبيْه : تعوَّذ من الشيطان وأنا مستعد أخليك تسمع صوتها وتتأكد
ناصر يضع يده فوق شفته ليوقف النزيف من ملامسه شفتيْه ، رفع عينه المُحمَّرة وضربات قلبه تتدافع عند عنقه ، شعَر بأن روحه تخرج ، بأنها تتحشرج! هل من الطبيعي أن يرثي زوجته سنة ثم يُصطدم بوجودها وهو المتعذِّب بها !
سقط بقوة على الأرض ، تلاشت قوَّاه الرجولية ليسقط على ظهره ، أمام هذا الموت لا أملك قوَّة أكثر لأصدِّق هذه السخريات ، يا حُزني بك يا غادة! يا فجيعتي بك التي لا تنتهي منذُ ليلتنا تلك ، يا حُزني الذي لا ينفَّك. يا الله أرحنِي من هذه الدُنيا ، لا طاقة لي أكثر. أنا أُقبِل على الموت كما لم أُقبل من قبل ، حبيبتي التي أتت ليْ جحيمًا في المنام ، حبيبتي التي لم أنام لأيام بسببها ، خشيْتُ ان تتعذب ، كنت أخاف على جسدِها من النار! لم أستوعب بعد أنني أحببتها أكثر من نفسي ، لا مجال لأحدٍ أن يُشكك بأنني أحببت بشرًا من طين أكثرُ من نفسي ، يالله! أهذا مُزاح ثقيل تلقونه عليّ ؟ أهذا قلبٌ يستحقُ كل هذا ؟ أنا لم أفعل شيء في هذه الحياة يجعلها تسخط عليّ وتعصرني بيديْها هكذا! أعيني من حجر حتى تفعلُوا معي هكذا ؟ أقلبي يُشبه الجدار الذي توكأتُ عليه حتى تفعلُوا بي هكذا ؟ أنا أحبها كيف .. من أجل الله الذِي جعلني أعيشُ حتى هذه اللحظة ، كيف تفعلُونها بي بهذه البساطة والبسالة ؟ أنا .. أنا الذي أخترتُ الميلاد من عنقها وتربيَّتُ سنوات في ملامحها التي أتسلقُها ببطء كُلما حاولت التذكر كم يلزمني شيء حتى أحكي عن حُبها ؟ أنا الميتُ بها ولا أخشى الموت أكثر. لا أخشى أن أموت وأنا الضائعُ بهذه الحياة.
أغمض عينيْه الغير مُستوعبة ما حدث وأغمض قلبه الذِي تلاشت نبضاته بخفُوت وكأنها تُعلن إنتصار الحياة والظروف والأشياء الرديئة التي باعدت بينه وبينها.
أخرج هاتفه ليتصل بالإسعاف وهو يُجري على ناصر ما تعلمه من الإسعافات الأوليـة ، جمع كفيَّه ليضعه على صدره ويضغطُ بقوَّة ليرفعُ كفِّه بمثل القوَّة.
بصوتٍ مخنوق يُبلل ملامحه الباردة بالماء ، أتى الدُور النفسي الذي درسهُ من وليد ليُخبره بالقرب من إذنه : غادة تنتظرك ... غادة يا ناصر

،

يدخلُ بسيارته بين الأحياء الضيِّقة لعلَّها توصل بعد إغلاق الطريق العام ، مازال يواصل الإتصال ومازال لا أحد يُجيب ، تجاوزت سُرعته الـ 140 وهو يقترب من الحيّ الذي تتصاعدُ غيمةٌ رمادية فوقه ، ركن سيارته بسُرعة ليدخل وينظرُ للسائق الذي يُطمئنه بكلماتٍ سريعة لا يفهمها سلطان جيدًا.
دخل البيت لتبحث عينه عنهُم ، صرخ : حصـــــــــــــة !!
الصدى الذي ردّ عليه جعله يتأكد بان أحدًا في بيته ، أخرج سلاحه ليصعد للأعلى بخطواتٍ سريعة ، فتح جناحهم وعينه تبحث ، شعَر بقلبه الذي بحجمِ الكفّ يضيق حتى تحوّل لقطعةِ من طينٍ مكسُور .... نظر للحمام وخرج ليصعد للدور الثالث ، نظر لغرفة الجوهرة وهي مُشرَّعة الأبواب. أنتبه للنافذة العلوية المُتهشِّمة ، حاول فتح باب غرفة سعاد ولم يُفيد ، بقوَّة رفس الباب لينفتح وينظرُ لعمته والجوهرة في حالٍ يُرثى له. عينُ حصة التي لا تبكِي ولكن تشرحُ الرعب الذي زلزل أهدابها.
سلطان أدخل السلاح على جانب حزامه وهو يردُ على إتصال أحدهُم وبلهجة الوعيد : عطني ساعة وراح أجيك ..
حصَّة بغضب وإنفعال : هالبيت مانجلس فيه ! كيف يعني ..
لم تُكمل من عناق سلطان لها وهو يقبِّل رأسها بعد أن أدرك أنه مُجرد تهديد لهُم وأيضًا رسالة واضحة من الجوهي، لا أفهم لِمَ الجوهي على مدار هذه السنوات يواصل إبتزازه بأناس أبرياء ذنبهم أننا نُحبهم : بسم الله عليك .. الحين بيجون ناس وبيكونون عند البيت محد بيدخل عليكم
حصَّة بصوت مخنوق : وبعدين يا سلطان ! ما كفاك اللي راحوا تبي تروِّحنا وراهم
سلطان بضيق ينظرُ للجوهرة المستلقية على السرير دُون أن تتحرك وهي تضمُ يديْها على صدرها ، أبعد حصة ليُخبر عينيْها المُحمَّرة : تهديد يا روحي والحمدلله ما صار لكم شي! وهالشي ماراح يتكرر .. ثقي فيني هذا وعد
حصة تبحثُ عن هاتفها : فيه أحد تحت ؟
سلطان : الشرطة برا
حصة تمسحُ بكائها بكفِّها : طيب بروح أجيب جوالي بخلي العنود تجلس عند أبوها
سلطان : والخدم وينهم ؟
حصة : بغرفهم
سلطان تنهَّد وبخروج حصة أقترب أكثر ، جلس بالقُرب منها : الجوهرة
الجوهرة لا تردُ عليْه ، صوتُ إرتطام الزجاج في بعضه البعض على الأرض وهي جالسة مع حصَّة مازال يرنُّ في أذنها، وقوفها عندما نظرت للنافذة العلوية وهي تتكسَّر مازال ينهشُ بجسدها الضعيف، يدُ حصَّة التي سحبتها لأقرب الغرف وهي غُرفة سعاد مازالت تشعرُ به وبعروق يدِها التي تنبضُ بخوف، الأصوات التي لم تفهم لغتها ولكن كانت قريبة من الباب جعلتها تفهمُ أن هذه الحياة بسهولة تُسلب منهم ! بسهولة رُبما يختطفني الموت وبغمضة عين أيضًا.
سلطان وضع كفِّه على كفَّها ولكن سُرعان ما سحبتها لتُردف بحدَّة : بدري عليك تجنني مثلها
سلطان شد على شفتيْه ليقف : طيب أنزلي معاي
الجوهرة تستعدل بجلستها على السرير ، تحاول المُكابرة ولكن تنزفُ دموعها بوجَع، الألم أن أظهُر اللامبالاة وكلِّي يفيضُ بالشعُور. كلي يا سلطان يفيضُ بالحُزن ولا مقاومة ليْ لكُل هذه الحشُود التي تأتيني بمُجرد أن أراك. من الإجحاف أن تكون أمامي كالقبيلة وأكون أمامك كفردٍ ينتمي لهذه القبيلة ، من الإجحاف أن يأتيني حُبك قبائل أمام أنثى لا تعرفُ كيف ردُّ القبيلة.
أطال نظرُه به حتى خرج وتركها بالأعلى لوحدها ، وقف أمام الدرج يعرفُ أنها ستجبَن وتخاف، لن تتحمل الجلوس لوحدها بالأعلى.
تضارب قلبُها بقوة في صدرها ، لو أن أحدًا يستطيع أن يدخلُ من هذه النوافذ التي تمتلىء بالبيت، خرجت بخطواتٍ سريعة لتصطدم بصدره القاسِي وهي تبكِي، باللاشعور ضربت صدره لتنفجِر ببكائها وتهذِي بكلماتٍ لا تُفهم سوَى " ليه تسوي كذا ".
" ليه يا سلطان ؟ " ، أنا المجروحة أسفل الجناح الذِي يُحاصرك لِمَ كل هذا ؟ لِمَ أُعاتبك على كُل حال ! وأنت لن تسمع من الأساس كل ما تفيضُ به رعشة عيني ! يالله لِمَ تُحزنني هكذا !
مسك كفيّها ليُثبتهما ويسحبها إلى صدرِه ، مسح على شعرها لتغرز أظافرها بظهره الذي أعلنت التشبث به ، أغرقت قميصه العسكري بدمُوعها ، قرأ عليْها بصوتٍ أمتلىء بالبحَّة الخاطفة للأرواح : هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ليُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ باللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا.
رفع وجهها الأبيض له ، مسح دمعاتُها الشفافة ليُقبِّل جبينها المُرتبك بتعرجاته ، أغمضت عينيْها المُرتعشتيْن ليهمس : خليك في غرفتنا بيدخلون عشان يصلحون هالأشياء ..

،

مُتكتفة لا تنطق بشيء بعد أن ألتزمت الصمت ، تنظرُ للأمطار التي تهطِلُ بغزارة على الزُجاج الأمامي ، لا شيء واضح سوَى أضواء السيارات التي تمُّر بخفُوت ، كل ثواني طويلة بطيئة تقطعها سيارةٍ واحدة دُون أن ينتبه أحدٌ بهذه الظلمة إليْنا. هذه الأضواء التي تظهرُ قليلاً وتختفي كثيرًا تُشبه وعودي الزائفة، أشهدُ أنَّ لا رجلٍ يتلاعبُ بتوازن هذه الأرض غيرك، يُحرِّك مظاهرِ مزاجي الكوني بين أصبعيْه كأنت ، أشهدُ أن لا حُب يأتِي بملء دموع السماء كحُبي. وأشهدُ ان لا عقل أقوى من هذا الحُب كعقلي الذِي يرفضُ كل محاولاتِ قلبي، أرأيت تسلُط عقلي وسطوته ؟ كل الأشياء التي نظرت إليْها بثقة يُدافع عنها عقلي الآن يا عزيز.
ألتفت عليْها : تدعين ؟
رتيل بهدُوء : اللهم باعد بيني وبين أسوأ عبادِك كما باعدت بين المشرق والمغرب.
بمثل هدوئها : آمين
رتيل بعقدة حاجبيْها : و قرِّبني إلى الصالح من عبادك.
عبدالعزيز : ماهو آمين يا رتيل
رتيل أبتسمت : ما تؤمن أنك صالح أبد!
عبدالعزيز ألتفت عليْها بكامل جسدِه لينظرُ إلى جروحها المُعرَّاة أمامه بهذا المطر ، هذا المطر الذِي يجعل النساء يخجلن بإلتصاق ثيابهن هو ذاته الذي يجعلنا نخجل عُريّ ندباتِ قلوبنا : أؤمن لكن فيه الأفضل
رتيل بنبرتها الحادة : أكثر بكثير
عبدالعزيز : وأنا ؟ أقل
رتيل ألتفتت عليْه بكامل جسدِها أيضًا : طيب أنا غلطت أعترف أني غلطت وتجاوزت حدود الله ! أعترف بكل هذا وتعلمت من أغلاطي لكن أنت !!
عبدالعزيز بنبرةٍ خافتة تُخالف صخب هذا الجو : كنت ردة فعل لأغلاطك
رتيل أبتسمت بشحُوب : كلنا غلطنا لا تحاول تبرأ نفسك وترمي غلطك عليّ
عبدالعزيز : ما أرمي غلطي عليك! أنا ممكن غلطت
رتيل تقاطعه بحدة : أنت غلطت ماهو مسألة ممكن وإحتمالات
عبدالعزيز : غلطت يا رتيل بس أنتِ اللي بديتي هالأغلاط كلها ! لما غلطت مرة شفت نفسي أغرق بأغلاطي .. كانت البداية سهلة منك ومنِّي بس الحين لا أنتِ قادرة تتخلين عن أخطائك ولا أنا
رتيل بقسوةِ صدقها : قادرة أتخلى وبالوقت اللي أبي! وجودي معك ماهو يعني أني أبيك!! أنا بس آخذ حقي من هاللي صار زي ما كنت تتسلى أنا بعد من حقي أتسلى
عبدالعزيز : تتسلين بأيش بالضبط ؟
رتيل : تعرف لما يقولك دكتور هذا الإنسان باقي له أسبوع ويتوفى لأن المرض ماله حل .. تعرف شعور شخص بالشفقة حتى لو مايحبه بيجلس معه طوال هالأسبوع .. بدافع الإنسانية
عبدالعزيز ثار بغضبه : مين المريض بالضبط ؟ أنا ولا أنتِ ؟
رتيل بقسوة صوتها الطاغي على صوتُ السماء تشدُ عين عبدالعزيز لشفتيْها التي تنطقُ بكل ما هو جحيم : أنا أعرف أني مريضة فيك! أعرف ولا محتاجة أحد يشرح ليْ لكن أعرف أختار نهايتي زي ما أبي .. أعتبرني ما أقبل موتك بحياتي كذا بسهولة هالمرة .. بِدافع الحُب اللي كان ماهو الإنسانية
عبدالعزيز يسند ظهره على الكُرسي : الحب اللي كان !! كذابة
رتيل تنظرُ له بضياع ضرباتِ قلبها المُتصادمة ، ثبتت عينها بعينِه لتلفُظ ما هو أقسى على قلبِ عبدالعزيز : وربّ العزة أني عنك قادرة أستغني وأنه حُبك اللي خسرته لو تدوِّره العمر كله ماراح تلقاه فيني
طال نظرُه بها ، أربكها بعينيْه ، الكون الذي يتزن في حُجرةِ شفتيْك لِمَ يُسلِّط الجحيم عند بابه ؟ كنت أدرك بأنكِ منذُ النظرة الأولى " عذاب مُقبل عليْه " ، كُنت أدرك تمامًا منذُ لمحتِك أنني لمحتُ الموت وأنَّ الحُب في الزمان الذي جمعنا هو السيرُ بخطواتٍ مستقيمة للمقبرة التي لم تفرُّ منَّا يومًا وها هي حاضرة الآن لتشهد على كُفرِكِ بيْ وأنا المؤمن أشدُ إيمانًا بقلبك.
أبعدت عيناها لتنظُر للشباك : ما أصدق أنك تتلاعب في غيري لمُجرد أنك تحاول تسد الفراغ اللي فيك
عبدالعزيز بحدة : ما تلاعبت! أثير عُمرها ما كانت لعبة وأتلاعب معها !!! ثمني كلامك يا رتيل ماني ناقص رجولة عشان أتلاعب بإحساس غيري
رتيل أرتجفت شفتيْها من الغيرة التي تفضحها ، كُنت أعرف! والله كنت أعرف ولكن أردت أن أتأكد وليتني لم أتأكد : تحبها ؟
عبدالعزيز صمت لينظُر للسماء من الزجاج الأمامي.
رتيل أخفضت نظرها وبنبرةٍ خافتة وهي تلاصق كفيَّها المُتجمدتيْن بين فخذيْها : ما كانت أول خيار لك إلا لأنها تعني لك الكثير
ألتفت عليها بحدةِ حاجبيْه : تؤمنين بالحب قبل الزواج ؟
رتيل رُغم دهشتها من السؤال إلا أنها أردفت بهدُوء : لا ، عرفت متأخر أنه مخالفتي للدين يعني أني أخالف نفسي ، يعني أني أضايق نفسي ، عشان كذا ممكن أؤمن بالإعجاب قبل الزواج! ممكن أؤمن بأشياء كثيرة لكن الحب ما يجي بسهولة! صح ؟
عبدالعزيز : صح! مافيه شي إسمه حب من أول نظرة أو حب من أول لقاء ! فيه شي إسمه إعجاب بعدين إنجذاب بعدين حب ! وهالأشياء ماتجي الا بالممارسة والممارسة حرام! عشان كذا ...
رتيل تُكمل عنه وكأنها تقرأه تماما : الحُب ماله علاقة بمجتمعنا اللي شوَّهه بالممارسة! الحُب أسمى من كذا وبالنهاية هو أمر فطري ماله علاقة بممارستنا له! لكن ممارستنا نفسها هي الحرام
عبدالعزيز : يعني تؤمنين أنك سويتي الحرام
رتيل تحشرجت محاجرها ، هزت رأسها بالإيجاب : غلطت! غلطت بحق نفسي كثير.. لكن ..
عبدالعزيز : لكن تحسين أنك كفَّرتي عن هالغلط
رتيل بإندفاع : كلنا نغلط لكن فيه ناس يبقون في غلطهم وفيه ناس يدفعون ثمن غلطهم طول عمرهم! أنا أدفعه الحين! أدفع ... أدري أنك ماهو أكبر آمالك أنه تسمعها مني وأنا وعدت نفسي أصلا أني ماأقولها لك لكن بكون صريحة معك أني أنا أدفع الحين ثمن حُبي ..
عبدالعزيز بهمس : وبعدها ؟
رتيل : ماأؤمن بشي إسمه مقدر أنسى ! شي ماهو بإرادتي! قلت لك وبنفس صراحتي لك يا عز .. أنا قادرة أني أنساك وبنتظر الزواج التقليدي اللي بينسيني إياك
عبدالعزيز بنظراته الخاطفة : يعني قررتي ؟ قرار غير قابل للنقاش
رتيل هزت رأسها بالإيجاب لتُردف بعد ثواني صمت : قلت أنك ماراح تجرح أثير! وأنا ماراح أجرح نفسي بنفسي
عبدالعزيز : ليه تربطين الشيئين في بعض ؟
رتيل ألتفتت عليه لتنفجر بغضبها : تظهر رجولتك فيها! وأنك منت ناقص رجولة عشان تجرح بنت وتتلاعب فيها! أنت فعلا تبيها ! وبعدها تسألني ليه أربط ؟ طيب رجولتك هذي وقناعاتك ومبادئك اللي تربيت عليها ليه تغيَّرت معاي ؟
عبدالعزيز بهدُوء وسط صراخها : لأنك كنتِ إستثناء
رتيل تفتحُ أزارير معطفها وتنزع وشاحها الذي يلفُ حول رقبتها ، شعرت بأنها تختنق : طيب أنا قررتْ! لي طريق ولك طريقك
عبدالعزيز بإبتسامة مُختلفة عن ما أعتادته،إبتسامةٍ غرقت بها وهو يُظهر شُرفَة بسيطة على أسنانه : وإذا حصل ولقينا تقاطع ؟
رتيل ضحكت بين ربكة دموعها التي أختنقت في عينها.
عبدالعزيز : ممكن أجرِّب شي ؟
رتيل : لا
عبدالعزيز بمثل إبتسامته : مافيه شكرا على الضحكة
رتيل ألتفتت عليه بكامل جسدها مرةً أخرى : وش تجرِّب
عبدالعزيز أقترب حتى لامست شفتيْه ما بين حاجبيْها ، قُبلة رقيقة تُشبه قبلات الوداع : واضح أننا ماراح نلقى تقاطع !
رتيل فتحت عينيْها المغمضة بعد هذه القبلة التي جمَّدت الشعُور بها : ماراح أتنازل ولا أنت بتتنازل! مافيه أي تقاطع
عبدالعزيز تنهَّد ليبتسم مرة أخرى : طيب ، خلي الأيام الأخيرة لنا هنا تكون ذكرى ! ماأبغاها تكون حلوة بس إذا تسمحين لاتكون شنيعة
رتيل : هدنة ؟
عبدالعزيز : نقدر نقول قبل الإنفصال !
ألتزما الصمت بعد صوتُ الرعد ، سكنت حواسِه وعقله يضيق عليه ، لم يكُن ينقصه أن تواجهه بكل هذه القسوة الأنثوية ، هذه القسوة التي تعصفُ بقلبِ الرجل البائس! ليس من السهولة أن تحرقين قلبي! أبدًا ليس من السهولة أن تقعِي بحُب غيري! مهما كابرتِ أنتِ لن تجدين أحدًا تُحبينه إلا " عبدالعزيز " ، أنا يا رتيل.
رتيل : وش بنسوي ؟ أنا ماراح اتحرك من هنا
عبدالعزيز يأخذ الوشاح الذِي وضعته في حضنها : دامك بتبقين هنا ماأظن بيفيدك بشي
لفّ وشاحها على عنقه ورائحة عطرها تخترقُ مساماتِ جسدِه ، أخفى إبتسامته وهو يأخذ هاتفه ومحفظته ويخرج.
رتيل تنظرُ إليه غير مُصدقة : من جدَّه !
أنتظرت ثواني طويلة وهو يسيرُ على جانب الطريق بخطواته حتى أرتعشت من فكرة ان يأتيها أحد ولا وجود لشبكة هاتفٍ حتى تتصل ، فتحت الباب ليلتفت عبدالعزيز على بُعدِ خطوات : ضيفي لقاموسك أنك جبانة
رتيل أخذت أغراضها وسارت بإتجاهه : ما أستحي من خوفي بمثل هالمواقف
عبدالعزيز يُغلق أزارير معطفه ليُدخل كفيّه بجيبه والمطر يُبللهما ، سارُوا قُرابة الربع ساعة حتى ألتفت عليها : بردتي ؟
رتيل : لا
عبدالعزيز يفتحُ حجابها بهدُوء : محد عندِك! المويا يتشرَّبها حجابك وبكذا تبردين أكثر
رتيل وضعت حجابُها على رقبتها بدلاً من الوشاح الذِي أختطفهُ منها ، لم ترد عليه وهي تحتضنُ نفسها من شدةِ البرد.
عبدالعزيز ينظرُ لشعرها الذِي يتبلل بهدُوء ، لونه البندقي الذِي يُلاصق ببعض خصلاته خدَّها ، ألتفتت عليه : أول مرة تشوف شعري
ضحك ليُردف : أتأمله من الملل
رتيل تُبعد شعرها لجهةٍ واحدة على كتفها اليمين وهي تنظرُ للوحة التي تُرحِّب بهم في مدينة روَان الريفية : هذي هي !!
عبدالعزيز : إيه ... دخلُوا ولا أحد في الطريق ، الأقدام من هذه المدينة مختفية تمامًا.
رتيل تنظرُ للمقهى الصغير المقفل : مافيه أحد !!
عبدالعزيز : أكيد ماراح تشوفين أحد بهالمطر ... سارُوا بطريقٍ يؤدي لوسطِ هذه المدينة المُزهرة بالبساتين الخضراء وعلى جنباتِهم البيُوت العتيقة. أقتربُوا للمركزِ الذِي بدأت الأقدامُ عليْها تصخب ، سارُوا يمينًا حيثُ فندق â€ھâ€ھميركيور ، دخلُوا والبللُ يكسيهم تمامًا.‬‬
عبدالعزيز الذي يحاول أن يتفاهم معهم بطلبهم لبُطاقة تثبت هوية رتيل والتي لا تحملها في حقيبتها. بعد شدٍّ وجذب لم يستطع أن يُقنعهما.
خرجَا ليُردف : فرضًا ضعتي صار فيك شي لازم شي يثبت هويتك تحطينه معك دايم
رتيل : ما تعوَّدت طيب وش بنسوي الحين ؟
عبدالعزيز تنهَّد وهو ينظُر لمحل الملابس الذي أمامه سحب رتيل ليدخلان معًا ، أخذ قميص وبنطال يميلُ للرسمية ، وسحب لرتيل بنطال آخر وقميص.
رتيل : مستحيل ماراح ألبس هالشي
عبدالعزيز ولا يتناقش معها ، أتجها لغرف التبديل ، وبالفرنسية : إذا تسمحين !
رتيل : لا تحاول تطلِّع قواك الفرنسية عليّ ! ماعشت هنا عشان أعرف
عبدالعزيز : لكل شي عندك تبرير حتى لو خطأ .. طيب ممكن لو سمحتِ ! لأن الجو الحين ما يسمح وهالمحلات بعد ساعة تحديدًا راح تسكر وبنجلس بروحنا ! ها وش قررتي ؟
رتيل : تبي تخدعهم !
عبدالعزيز : أظن الضرورة تبرر الوسيلة ومن ناحية الدين بما أنك تهتمين كثير فأنا أثق بأني راح أجيب لك فتوى تحلل هالشي بما أنه الحاجة تقتضي أننا نسوي كذا ولا راح نموت بهالجو
رتيل ضحكت : شكرا على السخرية
عبدالعزيز رمى الملابس عليها ودخل ليُغيِّر ، ثواني قليلة حتى خرج برداءٍ أنيق يُبرز وسامته السمراء. ، وقف عند الستارة الخفيفة التي تُغطي غرف التبديل : يالله !
رتيل بتذمر : ما أعرف كيف يسكر ؟
عبدالعزيز بخبث : تحتاجين مساعدة !
رتيل بإندفاع : لاآآآآآآآآآآآآآآ
عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههه
رتيل أرتدت البنطال والقميص الذِي يبرزان جسدها تمامًا ، خرجت ليصخب عبدالعزيز بضحكاته الطويلة.
رتيل عقدت حاجبها : برجع وبغيِّر الحين
عبدالعزيز يسحب قُبعة ليُغطي شعرها : الحين شكلك تماما مايوحي أنك عربية طبعًا إذا ما بينتي ألفاظك الحلوة
رتيل تنهَّدت : ماني متعودة ألبس شي ضيق كذا وبعدين بيعرفونك من الإسم
عبدالعزيز يخرج هوية التي أخذها من الشخص المُتعارك معه : لا تنسين هالشي الثمين
رتيل : يالله!
عبدالعزيز رفع حاجبه مُستغربًا : وشو ؟
رتيل لتُردف : ذكي لدرجة خبيثة
أبتسم ليُخبرها وهو متجة للمحاسب : ترى أغار على الشعر حاولي ماتطلعينه
رتيل : تتطنز ؟ طيب .. أخذت كيس لتُلملم ملابسهما ، وسحبت مظلة تقيهم الأمطار : خذ حاسب الإمبريلا بعد
خرجا ليتجهان لفندِق يُصنف تحت النجمة الواحدة ، طوال الطريق وهو يحاول أن يُتلف بأظافره القصيرة صورة الهوية حتى لا تتضح تمامًا.
غطى عبدالعزيز رتيل بمعطفه الثقيل حتى لا يتضحُ جسدها بلبسها الضيق.
عبدالعزيز باللكنة الريفية : لا ليس تماما إنها مجرد صديقة
: أووه لكني لا أملك سوى غرفة واحدة! هل من الطبيعي أن تنام مع صديقتك ؟
عبدالعزيز بضحكة وبإبتسامة واسعة : جدا طبيعي
رتيل الغير فاهمة أتكأت على الطاولة وهي تنظُر بملل لهُما.
: حسنًا الغرفة صغيرة لا أعرف إن كانت ستعجبكما ،
نظر لرتيل وكأنه ينتظر تعليقًا منها.
عبدالعزيز : هي برازيلة لا تفهم الفرنسية تماما
رتيل صخبت بضحكتها وهي تفهم ما قال عبدالعزيز تمامًا
همست له : الله يجبر بخاطرك
تحدَّث الشاب الذي يبدُو عليه الإعجاب بكل ما ينتمي البرازيل : تتحدثين البرازيلية ؟
عبدالعزيز عض شفته السُفلية ليُردف ويشعُر بأنهم سيفضحون : هي مريضة بأمرٍ نفسي ليس واضحًا تمامًا ولكن غريبة الأطوار قليلاً و لا تُحب التجاوب مع الغرباء ،
: عذرًا .. حسنا غرفتكما بالطابق الثاني رقم 43
عبدالعزيز : شكرًا جزيلاً
مسك رتيل من معصمها ليصعدا الدرج : وش ذا الضحكة اللي ضحكتيها ؟
رتيل بحرج : معليش ضحكتي الرقيقة صعب أمثِّلها في هالمواقف
عبدالعزيز أبتسم لعفويتها بتلك الضحكة : وهذي غرفتنا يا ستِّي ..

،

: أوَّد مساعدتك لكن أنت تعلم جيدًا بأن الإصابات في المخ تختلف من شخصٍ لآخر ولا يُمكننا التنبؤ بشيء والآنسة رُؤى واجهت ضغط على خلايا المخ في الحادث الثاني ، نحنُ لا يُمكننا التأكد من رجوع ذاكرتها أو غير ذلك لأنها لا تعي تماما الفرق بين مرحلتيْن من حياتها.
وليد أخذ نفسًا عميقًا : هذا يعني أنها ستتذكر حياتها القديمة
: ليس تمامًا رُبما هذا لمُجرد الأحلام التي رأتها في منامها! رُبما تتذكر حياتها السابقة التي حتى قبل أن تتعرف على زوجها الذي أخبرتني عنه
وليد رُغم أنه إنتصار لقلبه ولكن لا يُمكنه أن يفرح بتعاستها : إلى أيّ مدى ستتذكر ؟
: رُبما طفولتها أو مراهقتها ولكن ما قبل الحادث رُبما تنساه بسهولة! مثل ما أخبرتك الإصابة على المخ تختلف تماما وهي ترجع لعامل نفسي في المقام الأول في حالات رؤى، لا يُمكننا التخمين بأمرِها أبدًا.
وليد : شكرا لك
: عفوًا ، أتمنى لك وقت طيِّب.
وليد عاد إليْها وهي ترتدي حذائها : وين بتروحين ؟
رؤى بعُنفِ نبرتها : أبغى أطلع طفشت من هنا
وليد أبتسم : طيب نطلع مع بعض
رؤى أعطته إبتسامة خفيفة وسُرعان ما محتها ببرود وكأنها " تُسلِّك له ".
وليد ضحك بسخرية على حالهما ، أشار إليْها لممر الخروج : من هالطريق
تُغلق معطفها جيدًا وتتجه لحديقة المستشفى لتُردف : أحكي لي عنِّي !
وليد : أنا دكتورك النفسي
رؤى ألتفتت عليه : كم عُمري ؟
وليد كان سيُجيب لولا أنها قاطعته : تخرجت من الثانوية صح ؟
وليد : من الجامعة
رؤى عقدت حاجبيْها : جد ؟
وليد : إيه
رؤى : يعني هديل توها بالجامعة ، طيب وين جوالي أبغى أتصل عليهم ليه ما جوني للحين!
وليد : مين ؟
رؤى : عزوز وأمي وأبوي وهديل
وليد : وناصر ؟
رؤى : صديق عزوز
وليد : إيه وزوجك
رؤى ضحكت بسُخرية لتُردف : زوجي أنا ؟
وليد : إيه !!
رؤى : ما أذكره
وليد : أمس كلمتيني عنه
رؤى : إيه أعرفه بس كيف تزوجني ؟
وليد شعر بالإرهاق من تضارب أراءها في يوم وليلة وتحققت مقولة الدكتور الذي أخبره بأنها ربما لا تتذكر ما قبل الحادث الأول تماما ولكن تتذكر فترة زمنية بعيدة : مدري ماحكيتي ليه كيف تزوجتوا
رؤى بإحباط : أكيد زواج تقليدي هو يعرف عزوز من زمان! كان يجينا دايم
وليد : ماتبين تشوفينه ؟
رؤى أبتسمت : أبي أشوفهم كلهم بس وينهم ؟
وليد : خلينا نجلس .. جلسَا في المقعد الخشبي العريض ،
وليد : قبل سنة وكم شهَر صار عليكم حادث وكنتِ مع أهلك
رؤى تجمَّدت ملامحها لتتحشرج دموعها وبنبرةٍ تخافُ الجواب : ماتوا ؟
وليد لم يُجيبها وهو يشتت نظراته.
رؤى تسابقت دمعاتها البيضاء على ملامحها الباردة ، شعرت بأن قلبُها ينقبض : كلهم .. ؟
وليد : الله يرحمهم جميعًا ! لكن ناصر زوجك موجود بس مسافر
رؤى بضياع : وش أبغى فيه! أنا أبغى أهلي
وليد : رؤى عشان نبدأ صح أسمعيني للآخر ، هذا الشي مر عليه فترة طويلة! ماهو أمس ! أنتِ فقدتي ذاكرتك بالحادث وكنتي تجيني دايم عشان تحاولين تبدين من جديد
رؤى : معاك أنت
وليد : إيه معايْ أنا ! معرفتي فيك صار لها سنة وأكثر. بعدها طحتي على راسك يوم كنت جايْ آخذك والحين فقدتي ذكرياتك اللي كانت بين الحادثيْين .. وصلنا صح ؟
رؤى تهز رأسها بالإيجاب.
وليد : بس أنتِ ما تتذكرين الحادث ، وماني عارف أوصل لآخر شي تتذكرينه .. حاولي تساعديني وش آخر شي تذكرتيه بعد ما فتحتي عيونك
رؤى : مدري
وليد : كنتي تكلميني عن ناصر .. هذا يعني أنه حلم و أحلامك بالفترة اللي قبل الحادث لكن ذاكرتك ماهي متنشطة لقبل الحادث
رؤى بعدم إستيعاب : يعني كيف ؟
وليد : وش آخر شي تتذكرينه بس قولي لي وبعدها كل امورنا بتكون سهلة ؟ وش صار أمس ؟
رؤى بعد صمت لثواني طويلة : حفل تخرجي الأسبوع الجايْ
وليد : تخرج أيش ؟
رؤى : الثانوية وأبوي قدَّم على التقاعد وننتظر متى يوافقون !
وليد : أبوك مين ؟
رؤى : أبوي أنا !
وليد : أقصد وش إسمه
رؤى لاتفهم تصرفات وليد : سلطان العيد
وليد شعر بأن العالم يدُور أمامه ، يكاد يفقد عقله وإتزانه معًا ، أنحنى ظهرهُ لتتسع المسافة بين سيقانه ، ثبَّت أكواعه على ركبتيْه وهو يضغط على رأسه يحاول أن يفهم ما يحدُث الآن. سلطان العيد ! صديق والد الجوهرة! صديق مقرن أيضًا!
رؤى تنظرُ إليْه بشتات : ليه في شي ؟
وليد رفع عينه لها : يعني ماهو إسمك رؤى !
رؤى : مين رؤى !! أنا غادة
وليد أتسعت محاجره بدهشة عظيمة ، شعر بأن أنفاسه تخطفُ له روحه : غادة! أنتِ غادة
غادة : إيه .. إحنا بأي سنة ؟
وليد بعد صمت : 2012
غادة شهقت بصدمة أكبر وهي تقف غير مُصدقة : إحنا في 2007 !! ما أصدقك
وليد يفتح هاتفه ليضع عيناها أمام التقويم : مرت 5 سنوات !
غادة بضياع كبير : 5 سنوات أنا ماأتذكرها!! يالله كيف ؟
وليد : يعني ذاكرتك واقفة لين قبل 5 سنوات ؟ قبل لا تعرفين ناصر ؟
غادة : إلا أعرفه ! بس ما أعرف كيف تزوجنا ما كان بيننا حُب ولا شيء .. كان
وليد ينظرُ لحركات شفتيْها.
غادة : إعجاب !! بس هذا كله ماهو مهم .. أبي أفهم كيف 5 سنوات من عُمري ما أعرف عنها شي
وليد : راح تعرفينها ، الدكتور قالي أنه لازم ترجعين لروتينك اللي تعودتي عليه وتصفين ذهنك وبدُون عصبية وبدون ضغط على نفسك .. راح تسترجعين ذكرياتك
غادة بضيق : وأهلي ؟
وليد هز كتفيْه : محد أرحم على أحد أكثر من الله ! الله رحيم بعباده والله يجمعك فيهم بجناته
غادة جلست لتُغطي وجهها بكفيَّها وتجهش بالبُكاء ، تسترجع ضحكاتهم وتجهيزاتهم لحفل تخرجها ، كيف كل هذا بسهولة يتلاشى لتبقى ، كيف بغمضة عين أفقدُ سَارة ذات الهوى الجنُوبي و سلطان العاشق النجدي ، كيف بغمضة عين أفقدُ تذمُر وطيش هديل وعنفوان الرجولة في عبدالعزيز! كيف ! أريد أن أفهم كيف فقط.

الساعة الخامسة عصرًا ، 29 يوليُو 2007.
عبدالعزيز دخل وهو يكاد يتجمَّد من برودة الأجواء : بدت المباراة
هديل : صار لها 10 دقايق
عبدالعزيز جلس بقُربهم : يارب الكآس لنا
غادة الغير مُهتمة : طيب وإذا فاز ! يخي طفشت كلكم بتجلسون تطالعون المباراة
هديل : مافيه وطنية ! هذولي الصقور الخضر
عبدالعزيز المُنشَّد بحماس : هذي تضيع يخرب بيت العدو
هديل تنظرُ للكورة التي بين أقدام مالك معاذ : يالله يالله ... لاااااااا
غادة أخرجت هاتفها Nokia N76 ، تقرأ الرسائل التي فتحتها منذُ زمن ولكن الملل يفعلُ بها أكثرُ من ذلك.
عبدالعزيز بصرخة : قدام المرمى وتضيع !!
هديل : ياسر مو في يومه !
في الشوط الثاني التي سار برتابة ، عبدالعزيز : ماتسوى عليّ القلق اللي سويته وأنا أركض عشان أجيها بالوقت آخر شي هالمبارة اللي تفشِّل طول البطولة لعبهم وش زينه جت على الأخير يخربونها
هديل بإندفاع : ماأنتهت للحين باقي أمل ! يخي أعوذ بالله من تشاؤمك
عبدالعزيز ينظُر للكرة التي كانت ستأتي على رأس ياسر القحطاني : يالله يا ياسر!! لو أنقز جبتها
غادة : وروني هالمزيون ! وش ناديه
عبدالعزيز أعطاها نظرة إستحقار جعلتها تصمُت.
هديل المُتابعة لدورِي بلادِها : الهلال يا بعدي
غادة : لحظة وين سامي ؟
هديل : ماأستدعوه! أصلا يقولون أنه بيعتزل
غادة وتحاول أن تتذكر شي : أنا أشجع النصر صح ؟
هديل : أنا أقول نامي
قطع حوارهم صرخة عبدالعزيز في الدقيقة 72 معلنة هدف المنتخب العراقي : حمِير ! أجل هذا منتخب على آخر البطولة يقهرنا الله يقهر العدو .. حذف علبة المياه على التلفاز ليخرج وهو يقول بنبرةِ الغضب : الشرهة على اللي يتابعهم

،

تنهَّد بإرهاق : ما يردُّون! والطريق مسكر مستحيل يمشون فيه !!
مقرن : طيب ننتظر لين الصبح .. إذا صفى الجو نروح لـ روَان أكيد انهم هناك
عبدالرحمن : أخاف صار لهم شي! وش يريحني لين الصبح
مقرن : الخبر الشين يوصل بسرعة !!! أنا متطمن إن شاء الله ما فيهم الا العافية
عبدالرحمن يجلس وهو يحك جبينه : واليوم سلطان يقول صاير حريق! هالأشياء اللي تصير ورى بعض تخليني أشك في شي
مقرن : في أيش ؟
عبدالرحمن : مستحيل تكون صدفة ! فيه شخص غير الجوهي قاعد يتلاعب فينا! فيه شخص يعرف وش اللي نرغبه من الجوهي ويعرف أنه الجوهي ما يدري عن رغبتنا !
مقرن يجلس أمامه : ماني فاهم مين له مصلحة ؟
عبدالرحمن : قلت لي أنه اللي كانت مع غادة وش إسمها ؟
مقرن : أمل ! بس سعد بطَّل يتابعها وأنتهينا منها
عبدالرحمن : كيف خدعتنا وبيَّنت لنا أنها أمها الحقيقية ! كيف مقدرنا نستوعب أنها تكذب !!
مقرن بلع ريقه بإرتباك : أمر وأنتهى ليه تعيد فيه
عبدالرحمن : لأني قاعد أفكر بالوضع اللي إحنا فيه !! إحنا أنخدعنا بوضع أهل عزيز .. إذا كانت غادة حيَّة وأمها ميتة هي وهديل لأن عبدالعزيز شافهم ! سلطان العيد .. يعني .. أستغفر الله بس
مقرن : مستحيل اللي تفكر فيه!
عبدالرحمن : أول ما جينا الرياض سألني عز عن أبوه هذا معناته أنه ما تأكد زي غادة
مقرن : بس أنا كنت بالمستشفى ذيك الفترة ومتأكد .. كلهم ماتوا ماعدا غادة وقلت لك أني خبيت عليك أنت وسلطان لفترة عشان أتأكد
عبدالرحمن ينظُر لمقرن : تتأكد من أيش ؟
مقرن ضحك ليُردف : أقنعتك بالمرة اللي فاتت أنت وسلطان ليه ترجع تفتح الموضوع
عبدالرحمن : أقنعتني بوقت ماكان يسمح لي فيه أني أفكر ! بس ليه خبيت علينا أنه أمل ماهي أمها وخدعتنا بسهولة
مقرن بلل شفتيْه بلسانه وهو يُشتت نظراته : قلت لك أني كنت بتأكد من الناس اللي دفنوهم
عبدالرحمن مسح على وجهه : يارب رحمتك! أنا متأكد أنه في طرف ثالث قاعد يلعب ويانا غير الجوهي! وقاعد يلعب بعبدالعزيز بعد .. أمل ومصدرها ؟ مين بالضبط !
مقرن : ماعندي علم
عبدالرحمن صرخ بوجهه : مقرن لا تخبي عني شي ! أنت تعرف أنه هذي مسألة أمن ماهي مسألة حياتك وبس
مقرن بهدُوء : وأنا فعلا ماعندي علم ومين تكون أمل
عبدالرحمن : 4 جثث ، ثنتين منهم صلى عليهم عبدالعزيز وهو يثق مين يكونون و ثنتين وحدة ماهي غادة ! وماندري مين جاب الجثة ووحدة ماندري هو سلطان ولا بعد زي غادة
مقرن : تفكر بأشياء ماضية بوقت ما يسمح لنا نفكر بأشياء راحت وأنتهت !
عبدالرحمن شعر أنه يكتشف شيئًا مرهقًا : الحادث ماهو من تدبير الجوهي هذا اللي أنا متأكد منه الحين لأن لو الجوهي يدري ما ترك غادة وأستعملها ضدنا ! لو يدري كان يعرف عن حياة عبدالعزيز وليه رجع الرياض!! فيه أشياء قاعد تصير ضدنا وإحنا آخر من يعلم !!
مقرن وقف : هذي خرافات من عقلك يا عبدالرحمن!! مين مثلا بيكون الطرف الثالث ؟ ما فيه غير رائد
عبدالرحمن : رائد لو فعلاً كان هو !! كان خذآ غادة عنده .. لكن ليه يسلمها لوحدة مانعرفها وواضح انه هو من الأساس مايدري وش صار بعد الحادث! لو يدري كان عرفنا عن طريق عبدالعزيز لما كان يجيه .. أفهمني يا مقرن !! فيه شخص ثالث إما أحد يخوننا أو أحد يخون رائد

،




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بين بسمة ذلك الثغر ودمعة تلك العين جنــــون …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 15 04-26-2019 03:07 AM
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية / كاملة فزولهآ …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… 28 03-17-2016 09:34 PM
يابسمة الثغر الخجول ماظن عندك لي حلول - bb جنــــون …»●[قصايدليل لعالم الجوالات بجميع انواعها]●«… 10 03-18-2011 05:07 PM
بروشات 2010 ما شفتيها من قبل...... يآزمن الأقنعهـ …»●[غروركــ مصدرهـ روعة جمــالكــ]●«… 8 11-15-2010 08:12 AM
هل لو حصلك تروح مع هالطريق .. تروح بالفعل ..؟ نادر الوجود …»●[متــع ناظــريكـ بــروائــع الصــور]●«… 6 05-04-2009 11:13 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية