قصة مذكرات عميل

تمر الدقائق كالسنين ... أتصبب عرقا ... يداي ترتعشان والقلم يأبى الالتصاق بأناملي ولا أجد مخرجا من المصيبة التي أنا فيها سوى مخرج وحيد, سأخرج بعد دقائق قلتها وأنا أتنفس مرارة الفكرة فكرة الخروج من القاعة.
ألتقط أنفاسي ... أتتبع الأستاذ فيشر من مكان لآخر وهو يخطوا خطواته مترنحا يظن الناظر إليه أنه سكران ... غير ثابت ... ولكن هيهات لمن تسول له نفسه التحرك من مكانه أو حتى رفع يده للذهاب إلى المرحاض, حسنا .... لا أفكر بالذهاب للمرحاض لقضاء حاجتي بل أرغب بالذهاب للمرحاض للخروج من المأزق الذي سيقضي على مستقبلي كله, ولكن السؤال الذي يؤلم عقلي الآن مالسبيل للذهاب للمرحاض وهناك لافتة مرفوعة على الباب كتب عليها : ممنوع المرحاض مهما كان السبب.
اجتزت امتحانات كثيرة أغلبها في الميدان وحاربت الخوف لأعوام لكن في حياتي كلها لم أخف كمثل هذا اليوم, الامتحان النهائي هو خلاصة القول بعده يمكنك التخرج بنجاح وبدء العمل مباشرة إن كنت من النخبة كما يقال.
ركز رأسك على الورقة يا فتى كان هذا الأستاذ فيشر وهو يشير بيده إلي, يا الهي يبدو كآلة نشيطة لا يمل ولا يتعب, تباا لحظي العاثر يجب أن أخرج للمرحاض الآن.
رميت نفسي على الأرض وتظاهرت بالألم في بطني وما هي إلا ثوان قليلة حتى تجمع علي ضباط الصف ورفعوني ومن ثم أخرجوني من الغرفة إلى مستشفى المركز أين عاينني جمع من الأطباء, وبعد إجراء كشوفات كثيفة تم التوصل لخلاصة أني أحتاج الذهاب إلى المرحاض, تم إنشاء الوثيقة الضرورية للذهاب لتلك الوجهة وقمت بإمضائها وذهبنا إلى الخلاص.
لم أكن وحدي طوال فترة الرحلة بل كان برفقتي خمسة رجال مسلحين عازمين على قتلي إذا ما تحاذقت معهم, وصلت للمرحاض بعد ست دقائق أين دخلت لوحدي, ولأصدقكم القول فقد كان ذلك المكان هو المكان الوحيد في حياتي الذي أدخل إليه وحدي.
أين تلك الورقة التي خبأتها قبل عامين, أين ... يا إلهي أين هي ...
ها هي ذي ..... سآخـ ..
هيا أسرع .... كان هذا أحد الجنود وهو يطرق الباب بشدة
فتحت الباب لأخبرهم أن يمهلوني دقيقة لكنني تفاجأت بالأستاذ فيشر لوحده هناك فأدركت أمرا ألا وهو أن الأستاذ فيشر أينما ذهبت سيلاحقك ومهمته هي الحرص على إنتاج النخبة وحراستهم من الغش.
كنت أنوي الغش .. حقا هههه
عدت إلى قاعة الامتحان والحزن يلاحقني, أعدت هذا الامتحان عامين ورسبت وكانت فرصتي لهذا العام كبيرة ولكني أضعتها في المرحاض بسبب فيشر.
امتحان الشرطة السرية لهذا العام لا يمكنني نسيانه بسرعة فقد كنت بعيدا دقيقة واحدة عن تحقيق الحلم ولكن لم يحدث هذا فلقد انتهى الوقت ودقت طبول الخيبة.