الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… > الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
 

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-09-2022
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » 08-10-2024 (08:26 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11621
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي في رحاب سورة العصر(5) وتواصوا بالحق



في رحاب سورة العصر(5)
وتواصوا بالحق


الحَمدُ لِلَّهِ لا شَرِيكَ لَهُ
مَن لَم يَقُلها فَنَفسَهُ ظَلَما
المُولِجِ الليلَ في النهارِ وفي الل
يلِ نَهارًا يُفرِّجُ الظُّلَما
الخافِضِ الرافِعِ السَّماءَ عَلى ال
أَرضِ وَلَم يَبنِ تَحتَها دِعَما
الخالِقِ البارِئِ المُصَوِّرِ في ال
أَرحامِ ماءً حَتَّى يَصِيرَ دَما


وَأَشهدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، أَحَاط بِكُل شيءٍ عِلمًا، وَوَسِع كُلَّ شيءٍ رَحمةً وَحِلمًا، لا تُدركهُ الأبصار، وُكُلُّ شيءٍ عندهُ بِمقدَار.



الشَّمْسُ وَالْبَدْرُ مِنْ آيَاتِ قُدْرَتِهِ
وَالْبَرُّ وَالْبَحْرُ فَيْضٌ مِنْ عَطَايَاهُ
الطَّيْرُ سَبَّحَهُ وَالْوَحْشُ مَجَّدَهُ
وَالْمَوْجُ كَبَّرَهُ وَالْحُوتُ نَاجَاهُ
وَالنَّمْلُ تَحْتَ الصُّخُورِ الصُّمِّ قَدَّسَهُ
وَالنَّحْلُ يَهْتِفُ حَمْدًا فِي خَلايَاهُ
وَالنَّاسُ يَعْصُونَهُ جَهْرًا فَيَسْتُرُهُمْ
وَالْعَبْدُ يَنْسَى وَرَبِّي لَيْسَ يَنْسَاهُ

وَنشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه، بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَمَحَجَّةً لِلسَّالِكِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ؛ فَأَشْرَقَتْ بِرِسَالَتِهِ الْأَرْضُ بَعْدَ ظُلُمَاتِهَا، وَتَأَلَّفَتْ بِه الْقُلُوبُ بَعْدَ شَتَاتِهَا.



نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَةٍ
منَ الرُّسْلِ والأوثانُ في الأرضِ تُعْبَدُ
فَأمْسَى سِرَاجًا مُسْتَنيرًا وَهَادِيًا
يَلُوحُ كما لاحَ الصَّقِيلُ المُهَنَّدُ
وأنذرَنا نارًا، وبشَّرَ جنَّةً
وعلَّمنا الإسلامَ فاللهَ نَحْمَدُ


عباد الله، ومع الدرس الرابع من دروس سورة العصر، وكيفية النجاة من الخسران المبين.



أيها المسلمون، أقسم سبحانه في هذه السورة بالعصرِ أنَّ كلَّ أحدٍ في خُسْرٍ ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [العصر: 3] عرفوا الحق وصدَّقوا به، ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر: 3] عَمِلوا بما عَلِموه من الحق، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر: 3] وصَّى به بعضُهم بعضًا تعليمًا وإرشادًا، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3] صبروا على الحق، ووصَّى بعضُهم بعضًا بالصبر عليه والثباتِ حتى الممات.



عباد الله، إن الإيمان والعمل الصالح هما أصلا النجاة، وإنما جاء ذكر التواصي بالحق والتواصي بالصبر بعدهما من باب ذكر الخاص بعد العام؛ لإبراز كمال الاعتناء بهما، ولأن التواصي بهما من أفضل الأعمال الصالحة.



﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر: 3] والمراد بالتواصي بالحق -كما قال الإمام الطبري-: أوصى بعضهم بعضًا بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه، واجتناب ما نهى عنه فيه[1].



والحقُّ أيها المسلمون: هو الثابت، والله عز وجل هو الحق، ووعده حق، كما جاء في حديث استفتاح صلاة الليل، وفيه: ((وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ))[2].



فالله هو الحق، وهو المعبود بحق، وكل معبود دونه باطل، وهو الذي يُحِقُّ الحقَّ بكلماته، ويحكم بين خلقه بالحق، ويُوجِدُ الأشياء بالحق بحسب مقتضَى حكمتِه جلَّ شأنُه، وهو سبحانه خلق العالم العلوي والسفلي بسبب الحق، ولأجل الحق، وضمَّنه الحق، فبالحق كان، وللحق كان، وعلى الحق اشتمل، والحق هو: توحيده وعبادته وحده لا شريك له، ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ﴾ [الرعد: 14].



والحقُّ نقيضُ الباطل ويضادُّه، كما قال تعالى: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]، وقال: ﴿ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 8].



فالحقُّ لا يمكن أن يجتمع مع الباطل، والحقُّ مثل الضوء إذا ظهر ذهب الظلام، فالحقُّ يزيل الباطل ويطاردُه في مشارب أودية الطغاة، وعلى قمم تلال الاستبداد، يقول الله تعالى: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]، وقال: ﴿ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الشورى: 24]، وقال: ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ﴾ [الرعد: 17].



والحق أصلٌ وأساسٌ تعود إليه هذه الدنيا، ويوم بدأت الدنيا بدأت بالحق، وتنتهي أيضًا إلى الحق، وبعد الدنيا يتجلى الحقُّ في أوضح وأظهر صُوَرِه، يوم ينزل الله تعالى لفصل القضاء بين عباده، وتوضع الموازينُ القسطُ ليوم القيامة: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].



أيها المسلمون، لو تجرَّدت العقول من الهوى، ولو رُفِع عنها حُجُب التقليد العمياء، لرأت الحق أبلج البرهان، ولشهدت الهدى عُلويَّ البيان، يقول أمير المؤمنين عُمَر رضي الله عنه: الْحَقُّ أَبْلَجُ لَا يَخْفَى عَلَى فَطِنٍ[3].



قد جاء شاهدُ قومِها من أهلها
الحقُّ أبْلجُ شامخُ البُنيان



والشمس الساطعةُ لا تُحجَبُ بالأكُف، وقيل: من ركِب الحقَّ غلب الخلقَ[4]، وقيل: جولة الباطل ساعة، وجولة الحق إلى قيام الساعة[5].



الحقُّ أبلج أهل الفضلِ تعرفُهُ
وليس يُقذَفُ إلا يانعُ الثَّمَرِ
الحقُّ أبلجُ والكتابُ مؤيَّدٌ
وليغْلِبنَّ مُغَلِّبُ الغلَّابِ
فإن الحقَّ أبْلَجُ ليس يخفى
طَلاوته على الذهن السليم


أيها الناس، لمَّا ذُكِر التواصي بالحق في سورة العصر بصيغة الجمع دلَّ على أهمية الاجتماع للدعوة إلى هذا الحق، والأمرِ به، والذبِّ عنه، ولزومُ الحقِّ عملًا وعِلْمًا ودعوةً وتعليمًا من الأمور الشاقة التي تحتاج إلى التواصي والتعاون، وذلك لِما يعترضُ طريقَ الحق من العقبات والمرارات والتحدِّيات.



والتواصي بالحق ضرورة؛ فالنهوض بالحق عسير، والمعوقات عن الحق كثيرة: هوى النفس، ومنطق المصلحة، وتصوُّرات البيئة، وطغيان الطغاة، وظلم الظلمة، وجور الجائرين.. والتواصي تذكيرٌ وتشجيعٌ، وإشعارٌ بالقُرْبى في الهدف والغاية، والأُخوةِ في العبءِ والأمانة؛ فهو مضاعفة لمجموع الاتجاهاتِ الفردية؛ إذْ تتفاعل معًا فتتضاعف بإحساس كلِّ حارس للحق أنَّ معه غيرَه يُوصيه ويُشجِّعُه ويقفُ معه، ويحبه ولا يخذله.



والعقبات التي تصرف الناس عن الحق كثيرة؛ لذا لزم من أراد لنفسه النجاة: أن يتواصى مع إخوانه على لزوم الحق والتحذير مما يصد عنه من العقبات والصوارف، ومن أخطر هذه الصوارف؛ الشبهاتُ المتمثلة في التضليل ولبس الحق بالباطل، والشهواتُ المتمثلةُ في الهوى والركونِ إلى الدنيا؛ ولذا نجدُ أنَّ الإمام عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه كان يشتدُّ خوفُهُ من اثنين: طولِ الأمل، واتباعِ الهوى، قال: فأمَّا طولُ الأملِ فيُنسِي الآخرة، وأمَّا اتباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق[6].



ويضربُ ابنُ القيمِ مثلًا للحقِّ والعقباتِ من حولِهِ فيقول: مَثَلُ الحق مَثلُ طريقٍ مستقيم واسعٍ، وعلى جنبيه قُطَّاعٌ ولصوص، وعندهم خواطئ قد ألبسُوهنَّ الحُليَّ والحُلَل، وزينوهن للناظرين، فيمر الرجل بالطريق فيتعرضنْ له، فإن التفتَ إليهنَّ طمِعْن في حديثه فألقين إليه الكلام، فإن راجعهُن وأجابهُن دَعِينَه إلى الذبح، فإذا دخل عرِين الموت صار في قبضتهن أسيرًا أو قتيلًا، فكيف يُحارِبُ قومًا مَن هو أسيرٌ في قبضتهم، قتيلُ سلاحِهِم؟! بل يصير هذا عونًا من أعوانهم، قاطعًا من قُطَّاع الطريق، ولا يعرفُ حقيقةَ هذا المثلِ إلَّا مَنْ عَرَف الطريقَ المستقيمَ وقُطَّاعَ الطريق ومكرَهُم وحِيَلَهُم.



وقد نصب سبحانه الجسرَ الذي يمرُّ الناس مِن فوقِه إلى الجنة، ونصب بجانبيه كلاليبَ تخطَف الناس بأعمالهم، فهكذا كلاليبُ الباطلِ؛ من تشبيهات الضلال، وشهواتِ الغيِّ تمنع صاحبَها من الاستقامة على طريق الحق وسلوكِه، والمعصومُ من عصمَه الله[7].



عباد الله، ويتأكَّد التواصي بالحق في وقتٍ نرى فيه حقوق الله تُنتهَك، وحدوده تتجاوز، وأوامره تضيع، ويطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم قصصًا وروايات ونَظْمًا ونثرًا، وتوسعت فيه مليشيا الإلحاد، وانتشرت فيه كتائب الردة، وأطلت برأسها قوافل التطاول على الثوابت والمسلَّمات.



مَلأ الشعوبَ جُناتُها وعُصاتُها
مِن مُلحدٍ عاتٍ ومِن مغرورِ
فإذا السَّحاب جرى سَقاهم غيثَه
واختصَّنا بصواعق التدميرِ
قد هبَّتِ الأصنامُ مِن بعد البِلى
واستيقظت مِن قبْل نفخ الصُّورِ
والكعبةُ العليا توارى أهلُها
فكأنهمْ مَوتى لغير نُشورِ
وقوافلُ الصحراء ضلَّ حُداتها
وغدتْ منازلها ظلالَ قبورِ
أنا ما حسدتُ الكافرين وقدْ غَدَوْا
في أنعُمٍ ومواكبٍ وقصورِ
بلْ محنتي ألا أرى في أُمَّتي
عَملًا تُقدِّمهُ صَداقَ الحُورِ


بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور التواب الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله بنى السماء فأحكم ما بنى، أحمده سبحانه وأشكره أجزل العطاء لمن كان محسِنًا، وغفر الذنب لمن أساء وجنى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مسرًّا ومعلنًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، دعا إلى الله فما ضعف وما ونى، صلـى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أهل العز والسنا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



عباد الله، وبدون التواصي يا عباد الله فإن النفوس غالبًا ما تضعف أمام شبهات الباطل وشهواته، وإذا كثر الباطل على النفوس واعتادت سماعه ورؤيته ولم يوجد التواصي بالحق ورد الباطل؛ فإن ذلك يكسبها تحريفًا للحق وحبًّا للباطل، فإذا جاء الحق بعد ذلك ردته أو كذبت به إن قدرت على ذلك، وإلَّا حرفته ولبسته بالباطل.



وقد كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ قَائِلًا: ((اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))[8].



قال الإمام الرازي - في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر: 3] -: دلت الآية على أن الحق ثقيل، وأن المحن تلازمه؛ فلذلك قرن به التواصي[9].



ونظرًا لِثِقَلِ الحقِّ فقد كان السلف يتواصون به، وينبِّهون على ثِقَلِه، فقد جاء في وصيةِ أبي بكر لعمر رضي الله عنهما: وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْحَقَّ وَثِقَلُهُ عَلَيْهِمْ، وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا؛ وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ وَخِفَّتِهُ عَلَيْهِمْ، وحُقَّ لِمِيزَانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا[10].



عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ))[11].



أيها المسلمون، ألا وإن أسعد الناس بالحق هم الذين عَلِمُوا الحق وعرَفوه، وانقادُوا له وعَمِلوا به، ودعوا إليه، وهم ﴿ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ﴾ [النساء: 69]، فاللهم اجعلنا منهم يا رب.



ومضة الختام:

ما زال قيسٌ والغرامُ كعهدِهِ
وربوعُ ليلى في ربيعِ جمالِها
وهضابُ نجدٍ في مراعِيها المَها
وظباؤها الخفِراتُ مِلءُ جبالها
والعشقُ فيَّاضٌ وأُمةُ أحمدٍ
يتحفَّزُ التَّاريخُ لاستقبالِها
لو حاولت فوق السماء مكانةً
رفَّت على شمس الضُّحى بهلالِها
ما بالها تلقى الجدودَ عواثرًا
وتصدُّها الأيامُ عن آمالِها!

اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارْزُقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطِلَ باطلًا وارْزُقنا اجتنابه، ولا تلبسه علينا فنضل، وثبتنا على الحق حتى نلقاك به، اللهم جنِّبْنا الفِتَن، ما ظهر منها وما بطن، واسلك بنا سبيل النجاة يا رب العالمين، اللهم أذقنا رحمتك، وخصنا بعفْوِك، وواصلنا برحمة من عندك، وآتنا من لدنك رحمةً، إنك أنت الوهَّاب.


[1] تفسير الطبري (24/ 590).

[2] رواه البخاري في صحيحه، من حديث ابن عباس، باب التهجد بالليل (2/ 48)، ورواه مسلم، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 532).

[3] مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/ 44).

[4] سحر البلاغة وسر البراعة (ص201).

[5] المحاضرات في اللغة والأدب (ص130).

[6] فضائل الصحابة لأحمد (1/ 530).

[7] الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية (4/ 1256).

[8] رواه مسلم في صحيحه، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 534).

[9] تفسير الرازي (32/ 282).

[10] الزهد لابن المبارك (1/ 319).

[11] رواه أحمد في المسند (18/ 54)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 536)، والطبراني في المعجم الأوسط (3/ 162



 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وتواصوا بالصبر في رحاب سورة العصر(4) إرتواء نبض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 10 01-03-2023 08:52 PM
النجاة من الخسران المبين بالإيمان والعمل: في رحاب سورة العصر (3) إرتواء نبض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 8 12-14-2022 03:44 AM
الخسران المبين (في رحاب سورة العصر(2)) إرتواء نبض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 11 11-03-2022 01:51 AM
وقفات مع سورة العصر (في رحاب سورة العصر(1)) إرتواء نبض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 10 10-02-2022 03:42 AM
في رحاب سورة - سورة الروم - الجزء الاول ملكة الجوري الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 22 06-17-2019 11:26 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية