الطريق نحو الثبات

الطريق نحو الثبات


حينما تكون النفس شاردة غير متوازنة عن نسقها الصحيح تبدأ بالبحث عن أبجدياتها الوجودية وكأنها تريد إثبات الذات، وأنها على صواب دوماً. فهذا العقل لن يجنح إلى الطريق المبين، وإنما يكون في ضياع مستمر بسبب انشغال النفس إلى زخرف القول وملذة الحياة بِلا قيمٍ تُذكر؛ إذ تتضعضع نحو الأسفل إلى وادٍ يهيمُ فيه الجهل.
هي أسفارٌ ومسافاتٌ أوجدها الزمن عبر العصور التي تسير فيها نفسك ونفس كل الكائنات، كأنها على ارتباطٍ مستمر نحو نمطٍ واحد، وما الاختلافاتُ فيها سوى نماذج قد تراها بسيطة ولكن من المحتمل أن تكون فوارق شاسعة.
قد تعيش مع ابنك أو والدك أو ربما أخيك وأختك تعتقد أنك على تقارب معهم ولكن عند البحث عن الحقيقة ستجدهم في تباعد، وهذا التباعد سببه إما التقنية التي باعدت بين محيطاتنا الاجتماعية؛ حتى قادت الأنفس في وحلٍ من الاغتراب، أو بسبب الكبت الأسري ووضع قوانين صارمة تهيئ الفرد للتمرد والإنفلات.
أريت كيف التقنية باعدت بين أسفارنا النفسية! نعم لم نحسن استخدامها كما ينبغي، التجأنا إلى سلبياتها وتركنا ما هو مفيد منها.
فالشخصية النفسية لها دور بتغيير أنماطها المتعددة على حسب ظرف الزمان والمكان، وخاصة على صعيد تأثير الأقران أو الجماعة التي تنتمي لها. فنور الهدى يحتاج لمبادئ وأسس منطقية لخلق إنسان مستقيم معتدل في خُلقه.
هذا هو الإنسان يعيش على مفترق طرق ولا يختار إلا أسوأها. أرأيت الذي يعبثُ في النفس ولا يختار أفضل الحلول، فذلك إما أن يكون ضائعاً أو في حالة انتحارٍ بطيء يتسرب إلى أعماق نفسه ثم يتخذ القرار الأخير نحو المصير المجهول. إذ تتولد بداخله عدة أنفس منها اللوامة والشريرة والخيرة، ومؤكد أن اللوامة تبعث تأنيب الضمير، وبما أن أساس هذه النفس تَطبّعت على الإنفلات سيكون طريقها نحو الهاوية في حال فوات الأوان.
الإنسان إذا لم يجد رقيباً ناصحاً مبيّناً قد يضيع في شرك المهالك، وإذا قلنا مبيّن نعني أنه على حق وحقيقة لا مبنية نصائحه على ضلالة أو دوافع ذاتية تخدمه وتخدم الجماعة التي هو منتسب إليها، كالجمعيات التي ترفع شعار الإنسانية وتدعي حقوق المرأة والطفل! وهي بعيدة كل البعد عن حقوق الإنسان الحقيقية، فمفهوم هذا المصطلح شامل الأسرة والمجتمع والفرد، بلا تمييز عنصري وبلا مآرب سياسية.