سيدة الورد

سيدة الورد هو حاد المزاج كثير التذمر وساخط في أغلب ساعات يومه بل ومشاكس أيضاً وأنا هادئ ألى حد الملل --- بل وألى حد السذاجه --- هو دائم الشكوى متذمراً حتى من ذاته -- ورغم كل هذه الصفات المتناقضه بيننا الا أن هناك صداقة تربطنا – صداقة تصل ألى حد التضحيه بالنفس -- كنت من داخلي سعيد بصداقته وحاولت كثيراً أن أصلح من طباعه دون جدوى وذات يوم وبعد أن أُصيب بعارض صحي ذهبت معه الى أحد المستشفيات وهناك أخبره ألأطباء بأنه يعاني من مرض خطير في القلب وكم كان ذلك اليوم قاسياً علي حاولت أن أخفف عنه بكلمات أجمعها من حيث لا أدري وألقيها على مسامعه عسى أن أخفف عنه قليلاً وبألاحرى كنتُ أخفف عن نفسي فقد وقع الخبر كالصاعقه على أم رأسي --- وضع يده على كتفي وأبتسم قائلاً الأعمار بيد الله فلا تخف --- ومرت الايام وصديقي صحته تتردى يوم بعد أخر العلاج هنا لم ينفعه بشئ ولكنه مازال متماسكاً تماسك غريب وحين يأتي لزيارتي يحاول جاهداً أن يتناسى هذا الداء اللعين وأن يطلق نكاته هنا وهناك ويضحك بملء شدقيه زارني مره ولفت انتباههُ المنتدى الذي كنت منتميا له وسألني ماهذا فأجبته مستغرباً أنها حاسبه قال أعرف بأن هذهِ حاسبه ولكني أسأل عن الذي في داخلها فقلت له منتدى يجمع كثير من الناس يتعارفون ويعيشون وكأنهم في بيت واحد فقال لي هل تكتب انت فيه فأجبته أحيانا كتابات بسيطه أستمتع عندما اجد الاخرون يقرأونها بل واجد سعاده في قراءة مايكتبون --- دخل الى هذا المنتدى بهدف واحد هو يريد ان يعرف ماذا اكتب فكلما كتبت شيئاً أجده في اليوم ألأخر وقد أنتقد ماكتبته بشده أما هو لم يضع حرفا واحدا هناك رغم اني اعرفه شاعرا بل ويجيد التخاطب مع الجميع بلغاتهم – واستمرت حالته الصحيه بالتردي وفي اخر زياره له للأطباء أخبروه بأن عليه السفر وألا فقد حياته قبل ساعات من سفره ذهبت اليه وجدته جالسا على حاسبته كان يكتب رسالة في ذات المنتدى تعجبت كثيرا وقلت له هل هذا هو وقت المنتدى التفت ألي وفي عينيه نظرة غريبه وقال لي أتذكر ايام العيد فأجبتهُ بالأيجاب فرد علي في ذلك اليوم جميعكم تبادلتم التهاني أما انا فلم يذكرني سوى أمرأة خطت حرف تهنئه لي ووضعت وردة بيضاء مازلت أستنشق عبيرها وكأنها حية هنا بين يدي وربما الصدفه هي من جاء بها ولكنها الوحيده من بينكم التي باركت لي في ذلك اليوم وها أنا احب ان اودعها فربما سيكون سفري هو أخرعمل لي أقوم به في هذا العالم وترك بضع كلمات من يد بدأ يسري بها الارتعاش ---- وقبل ان اغادر معه الى المطار لأودعه من هناك -- التفتُ الى طاولة صغيره كان يضع عليها أنية للزهور تحمل وروداً بيضاءوخط في جانبها عبارة سيدة الورد وكم أسفتُ لأني نسيت أن أسألهَ من تكون تلك الفتاة -- ها هي قدماي تحثان الخطى نحو ذلك الموقف الذي اعتدت عليه منذ شهور -- تسمرتُ وانا اشاهد حسناء اتشحت بالسواد تذرف دموعها بصمت على ذلك القبر الذي كنت اقصده بين حينٍ واخر كل ما هاجت بي الذكرى انشغلت بحزني وشريط الذكريات يزيد من دموعي دموعاً ومن ألمي الماً -- بعد حينٍ التفتُ اليها لم أجدها يبدو انها رحلت -- وقبل ان اغادر أسترعت انتباهي باقة وردٍ بيضاء وضعت بعنايه على قبره وها انا مازلتُ ابحثُ عن يومٍ أخر وسطورٍ أخرى وأمرأة كان يدعوها بسيدة الورد