![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#5 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]() الحلقةالخامسة******* أنهيت دراستي الثانوية أخيرا ! إنني أريد الالتحاق بالجامعة ، ألا أن القصف الجوي الذي تعرضنا له مؤخرا دمر مبنى الجامعة التي كنت أريدها كما دمّر جزءا من المصنع الذي يملكه والدي أوضاع بلدنا في تدهور ، و الحرب منذ أن اندلعت قبل عامين تقريبا لم تتوقف ... مستوانا المادي تراجع نتيجة لهذه الأحداث . الدراسة تعني لي الكثير الكثير ، خصوصا بعدما حدث ... إنها أحد أحلام حياتي ... ما أكثر الأحلام ! أتذكرون صندوق الأحلام الخاص برغد و الذي صنعته لها قبل ثلاث سنوات ؟ أضفت ُ إليه حلما جديدا يقول : ( أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم ! ) ! اعتقد أن الأمور الإدارية تليق بي كثيرا ! وجدت فرصة هبطت علي ّ من السماء لأبتعث للدراسة في الخارج ، شرط أن أجتاز أحد امتحانات القبول ، و الذي سأجريه بعد الغد و ما أقرب بعد الغد ! إن مصيري و مستقبلي معلّق بذلك اليوم ... إنني قد عدت لقراءة بعض المواضيع من المواد الدراسية المختلفة استعداد له ادعوا لي بالتوفيق ! في الوقت الراهن أنا بدون شاغل ، أو لنقل ... عاطل عن المستقبل ! خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد طولي وحجمي كثيرا و أصبحت عملاقا و ضخما ! تعديت طول والدي و أصبحت أشعر ببعض الخجل كلما وقفت إلى جانبه ! أما صغيرتي المدللة ، فلم تتغير كثيرا ! لا تزال نحيلة و صغيرة الحجم ، كثيرة المطالب ، و شديدة التدلل ! و المنافسة بينها و بين دانة حتى على الأشياء البسيطة لا تزال قائمة ! و اعتقد أنكم تتوقعون أنني ... لازلت مهووسا بها كما السابق ، بل و أكثر ... وصلت الآن إلى بوابة المدرسة الابتدائية ، و ها أنا أرى الفتاتين تقبلان نحو السيارة ! و راقبوا ما سيحصل ! تتسابق الاثنتان نحو الباب الأمامي ... تصل إحداهما قبل الأخرى بجزء من الثانية تحاول كل واحدة فتح الباب و الجلوس في المقعد المجاور لي تتنازعان تتشاجران تحتكمان إلي ! " وليد ! أنا وصلت قبلها " " بل أنا يا وليد ... أليس كذلك ؟ " " وليد قل لها أن تبتعد عني " " أنا من وصل أولا ! دعها تركب خلفك وليد " " كفى ! " كل يوم تتكرر نفس القصة ! و الآن علي ّ أن أضع جدولا مقسما فيما بينهما ! " حسنا ... من التي كانت تجلس قربي يوم أمس ؟ " أجابت دانة : " أنا " قلت : " إذن ، اليوم تجلس رغد و غدا دانة و هكذا ! اتفقنا ؟؟ " و بزهو و نشوة الانتصار ، ركبت السيدة رغد و جلست على الكرسي الأمامي بجانبي ! فيما ترمق دانة بنظرات ( التحسير ) ! كم سأفتقد هاتين المشاكستين ! " وليد تعلمنا درسا صعبا في ( الرياضيات ) أريدك أن تساعدني في حل التمارين " " حسنا رغد " " و أنا أيضا أريدك أن تساعدني في تمارين القواعد " " حسنا دانة ! " قالت رغد بسرعة : " لكن أنا أولا فأنا سألتك أولا " قالت دانة : " درسي أنا أصعب . أنا أولا يا وليد " أنا أولا ... أنا أولا ... أنا أولا ... ويلي من هاتين الفتاتين ! كلا ! لن أفتقدهما أبدا ! كنت معتادا على تعليم الفتاتين في أحيان كثيرة ، خصوصا بعد تخرجي من المدرسة ... مواقف كثيرة ، و كثيرة جدا ، هي التي حصلت خلال السنوات الماضية و لكنني اختصرت لكم قدر الإمكان ... حينما وصلنا إلى البيت ، بالتحديد عندما هممت بإدخال المفتاح في الباب لفتحه ، بدأت منافسة جديدة ...
" أعطني المفتاح أنا سأفتحه " " لا لا ، أنا سأفتحه وليد " " لا تقلديني ! " " أنت لا تقلديني " و احتدم النزاع ! أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما ! قلت بحدة : " أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما " المفروض أن نبرتي كانت حادة و مهددة ، و تثير الخوف ! إلا أن رغد أخذت تضحك ببساطة ! التفت إليها و قلت : " لم الضحك ؟؟ " قالت و هي تقهقه : " لن تجد شيئا في رأس دانة من الداخل ! " قالت دانة : " بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ " رغد : " ماذا ؟ " دانة : " البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم ! " رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ " و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة " و تبادلت الاثنتان مجموعة من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى أصابتاني بالصداع و التخمة !! قلت : " يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج منه " و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما سارت رغد ببطء و انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب ... " وليد ! " التفت إليها و أنا ممتلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد : " ماذا بعد ؟؟ " قالت : " أنا لا أريد أن أخرج من رأسك " اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت : " عفوا ؟؟ ! " رددت : " أنا لا أريد أن أخرج من رأسك " " و لماذا ؟؟ " ابتسمت بخبث و قالت : " لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت طويــــــــــــــــــــــ ــــــل " ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول : " هكذا ؟؟ " رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف ! أتذكرون كم كانت تعشق أن أحملها !؟ لا تزال كذلك ! دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا لا أزال أحملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة قالت أمي : " رغد ، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام " قامت رغد ، و هي تنزع الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول : " بطاطا مقلية ؟ " " نعم ! حضرتها لأجلك " و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ . للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا ! والدتي استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي : " لم تعد صغيرة ! " ركزت بصري عليها ، و قلت : " رغد ؟ لقد كبرت قليلا ! " " لم تعد صغيرة لتحملها على ذراعيك " غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت ... إذن ، فهي معترضة على حملي للصغيرة هكذا ...؟ " و لكن ... إنها مجرد طفلة صغيرة و خفيفة ! و هي تحب ذلك ... " " إنها في التاسعة من العمر يا وليد ... " جملة والدتي هذه ، جعلت شريط الذكريات يعرض فجأة في مخيلتي ... تذكرت كيف حضرت إلى منزلنا قبل ست أو سبع سنين ... ! آه ... ( المخلوقة البكاءة ) ! يا للأيام ... من كان ليصدق أنني ( ربيت ) رغد في جحري و أطعمتها بيدي و سرحت شعرها و نظفت أذنيها ! من جرّب أن يكون أما و أبا ليتيمة ، و هو طفل أو حتى مراهق لم يبلغ العشرين ! يا للذكريات ! في غرفتي لاحقا ، أخذت أقلب ألبوم الصور الذي يشمل أفراد عائلتي ... صحيح ... لقد كبرت الصغيرة ! مر الوقت سريعا ... و ها أنا مقدم على الجامعة ، و حين أسافر ... ... ... توقفت عند هذا الحد ... فأنا لا أستطيع التفكير فيما بعد ذلك كيف لي أن أبتعد عن أهلي و وطني ...؟ كيف لي أن أتحمل الغربة و الوحدة ؟ كيف لصباح أن يطلع علي ، دون أن أحتسي شاي والدتي العطر ، و كيف لشمس أن تغرب دون أن أقرأ أخبار الصحف لوالدي ؟ كيف لعيني أن تغمضا دون أن أتمنى لأخوتي نوما هانئا ... كيف لقلبي أن ينبض ... دون أن أحمل رغد على ذراعي ؟؟؟ إنني سأذهب لإجراء الامتحان بعد الغد و إذا ما اجتزته ، فسأغادر البلد خلال أسبوع أو أكثر بقليل إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس ... هل أقوى على ذلك ؟؟ لابد لي من ذلك ... فأحوالنا في تدهور و شهادتي الجامعية ستعني الكثير ... المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة ذهبية أن أضيف اسمي إليهم و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله ... قلبت الألبوم و أنا في حيرة ... أي صورة آخذها معي ؟؟ ثم وقع اختياري على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي ! فيما ترتسم ابتسامة رائعة على وجهها الجميل ... " هذه هي ! " أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة جيبي . في المساء ، ذهبت مع أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر رغبة في شراء بعضها فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم . عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد أن والده ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات ... بطريقة ( غير قانونية ! ) عندما رآني عمّار ، أقبل نحوي تسبقه ضحكته البغيضة ، و قال : " يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي جامعي شاغر لك !؟ أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ " و بدأ مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة أوليتهم ظهري فقال عمّار : " لا تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو ... ما رأيك بالعمل عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! " سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك اللئيم ، و ثار قائلا : " لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين ! " صرخ عمّار قائلا : " اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث ! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ " و التفت إلى أصحابه و قال : " اهربوا يا شباب ! الأعور الدجال ! " سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد عمّار و أصحابه ... لحظتها ، شعرت برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده ... أخي سامر نال منهم أيضا و احتدّ العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة ! في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي خلسة . عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر ... ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن ... و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا ... ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع لعملية تجميل جديدة ... لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك ....
|
|
![]()
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
Loading...
|