تـأملات في ملــكوت الخالق (الرؤية بالعين أم بالدماغ)

نحن "نرى" بأدمغتنا .. لا بأعيننا !

تفتح عينيك في كل صباح .. فترى الموجودات من حولك .. وتدركها شكلاً ولوناً .. وهكذا تميّز بينها .. وعمقاً ومسافة .. وهكذا تتحسّس طريقك .. كما تدرك حركاتها .. وهكذا تتجنبها .. أو تتلقّفها !..

كل تلك المرئيات تستقبلها عينيك .. فأنت "ترى" بهما .. كما هو واضح من أول وهلة .. فهل أنت "ترى" وتدرك الموجودات "بصرياً" بعينيك ؟..

منذ القدم .. تراكمت التقارير والملاحظات حول الحوادث التي تصيب الرأس .. وخصوصاً الجزء الخلفي من الدماغ .. فالضربات العنيفة التي يتعرّض لها موخر الرأس قد تُفضي إلى العمي .. مع أن العينين سليمتان !.. ومع تقدّم المعلومات التشريحية للدماغ .. وما تلا ذلك من معلومات دقيقة حول "فسيولوجيا" الإبصار .. اتضح أن العينين ليستا سوى "نافذتين" يدخل منهما الضوء .. وتستقبله مجموعة من الخلايا الحساسة للضوء (العِصيّ والمخاريط – نسبةً لشكلها) في الشبكية .. وصور الموجودات هنا تكون "مقلوبة" حرفياً .. ينقلها العصب البصري الخارج من نهاية مقلة العين .. إلى مؤخّر الدماغ .. حيث القشرة البصرية .. وهناك "تُعالج" المرئيات بعمليات وسرعة لا يدركها عقل .. "لترى" في النهاية ما حولك .. بمجرّد أن تفتح عينيك .. و"تبصر" جمال وروعة وتناسق الموجودات !..

المعلومات التي تستقبلها عينيك .. تخزّن في دماغك .. وقد "تراها" وأنت نائمٌ تحلم.. وعينيك مغلقتان .. ترى الموجودات فعلياً .. كما تراها في اليقظة .. بل وتتحرّك عيناك لملاحظتها.. كما تتحركان حال اليقظة (مرحلة حركة العين السريعة أثناء النوم .. وهي مرحلة الأحلام !) .. كل ذلك وأنت نائم .. لا "تُبصر" بالمعنى المعروف المألوف .. وهكذا فأنت ترى وتدرك الموجودات ليس بعينيك .. بل بدماغك .. وإن شئنا الدقة .. بالقشرة البصرية في الجزء الخلفي من الدماغ !.. وما العينان سوى نافذتين لدخول ضوء الموجودات .. وتحويلها للدماغ ..

أنت "ترى" إذا بدماغك .. كيف يتم ذلك .. مع تعقيد "المرئيات" من حولك .. وتداخل أشكالها وأحجامها وحركاتها وسرعاتها .. كيف تنتقل كل تلك المعلومات من الشبكية .. عبر العصب البصري.. إلى القشرة البصرية .. وكيف "تُعالج" هناك لترى الأشياء كما هي من حولك ؟؟..
الإجابة الفعلية التفصيلية عن ذلك خارج نطاق "الدماغ" ذاته .. مما لم يأذن الله للبشر أن يحيطوا به ..

سبحانه .. كما ينبغي لجلاله وعظمته ..
سبحانه كلما استقبلت عينٌ ضوءاً من الموجودات .. و"أبصره" الدماغ ..
سبحانه وبحمده .. سبحانه في كماله .. وقدرته .. وإبداع صنعه ..

.. في أمان العظيم.

نـــــواف[/CENTER]