37- 45 % من التلاميذ الصم يعانون الوحدة النفسية والاكتئاب

أكدت الأخصائية النفسية بمعهد الأمل للصم بحائل الأستاذة فاطمة شوقي الحلال أن السلوك الإنساني السوي يختلف عن غير السوي في الدرجة وليس في النوع. وقالت: تتراوح سلوكيات المضطربين سلوكيا وانفعاليا بين السلوك القريب من الطبيعي والسلوك شديد الانحراف حسب شدة الاضطراب ودرجته، وقد تكون هذه السلوكيات المضطربة موجهة نحو الداخل كالانعزال أو الانسحاب أو إيذاء الذات أو تكون موجهة نحو الخارج من عدوان أو نشاط حركي زائد، وفي كلتا الحالتين فإنها تؤثر في المضطرب والمحيط الذي يعيش فيه وهي تحتاج إلى طريقة ضبط للتعامل معها. جاء ذلك في محاضرة ألقتها الحلال أول من أمس في مقر المعهد, حيث بينت أن بعض الدراسات ترى أن نسبة التلاميذ الصم الذين يعانون من الوحدة النفسية والاكتئاب تتراوح بين 37 و45 % في حين تتراوح نسبة التلاميذ العاديين والذين أيضا يعانون من الوحدة النفسية والاكتئاب بين 10 - 25%. وأشارت الحلال إلى أن الاضطراب له أسباب عدة فقد يكون مرتبطاً بعوامل وراثية أو نتيجة نمط التعامل في الأسرة أو أسلوب الإدارة المدرسية أو الصفية.. فالمعلم الذي يقوم بعملية تعديل السلوك وضبطه قد يكون أحد أسباب الاضطراب إذا لم يكن مؤهلا لذلك. علاقات اجتماعية وأوضحت الحلال أن الإدارة الصفية هي مجموعة النشاطات التي يسعى المعلم من خلالها إلى توفير جو صفي تسوده العلاقات الاجتماعية الإيجابية بين المعلم وطلابه وبين الطلاب أنفسهم داخل غرفة الصف، ولذلك فهي عملية تهدف إلى توفير تنظيم فعّال من خلال توفير جميع الشروط والظروف اللازمة لحدوث التعلم لدى الطلاب بشكل فعّال، وذكرت أن هناك مجموعة ممارسات يمكن أن تؤدي إلى تشجيع حفظ النظام وصيانته وبالتالي زيادة أساليب الضبط الذاتي لدى الطلاب كالتشجيع على المشاركات في المواقف التعليمية وتعزيز السلوك الإيجابي لدى الطلاب وتشجيعهم على تحمل المسؤولية في إدارة الصف والتعرف على مشكلاتهم وحلها وتقبل مشاعرهم وآرائهم وأفكارهم في توضيح أهداف المواقف التعليمية واستخدام أساليب تفاعل صفية قائمة على المشاركة والاتصال والتفاعل ومعالجة حالات الفوضى بسرعة وحزم مع الاتزان الانفعالي. وفي تعريف للمشكلة السلوكية بينت:أنها شكل من أشكال السلوك غير السوي الذي يصدر عن الفرد نتيجة وجود خلل في عملية التعلم. أما عن أشكال المشكلات السلوكية فقالت الحلال: تظهر في اضطرابات غرفة الصف وتتمثل في السلوك الوقح وعدم الطاعة والتهريج في الصف أو السلوكيات غير الناضجة كالنشاط الزائد وتشتت الانتباه والاستهتار والصراخ أو في العادات المضطربة كضعف الآداء الأكاديمي وقطم الأظافر واضطرابات النطق أو الاضطرابات في العلاقات مع الزملاء وتتمثل في العدوان والانسحاب والخجل والعزلة الاجتماعية أو في اضطراب العلاقات مع المعلمين وتتمثل في عدم القيام بالنشاط عندما يطلبه المعلم. أسباب المشكلات السلوكية ولفتت الحلال إلى أن مثل هذه المشكلات قد يظل بعضها مصاحبا للأبناء طوال حياتهم وقالت إن هناك أسباباً تربوية لهذه المشكلات كعدم الاهتمام بالجوانب الدينية من الوالدين والقدوة السيئة والتسلط والقسوة الزائدة والتفرقة بين الأطفال والإهمال العاطفي أو الصحي أو التربوي وفقدان الطفل الثقة بنفسه والأمان، أما عن الأسباب الاجتماعية فأشارت إلى أن الطلاق وإثارة المشاكل الشخصية الزوجية أمام الطفل والتفكك الأسري أو وفاة أحد الأقارب خصوصا من لهم علاقة قوية بالطفل.. كل هذه أحد أسباب المشكلات السلوكية الاجتماعية وعن الأسباب الاقتصادية ذكرت أن الفقر وعدم القدرة عل تلبية احتياجات الطفل الأساسية والبخل والحرمان تعتبر من مسببات المشكلات السلوكية للطفل أيضاً. ما هو العلاج؟ وأكدت الحلال أن ثمة أنواعا من العلاجات وتتحدد في أربع عناصر وهي العلاج الدوائي والمستخدم لحالات معينة مثل فرط النشاط الحركي وقلة التركيز والاكتئاب والقلق، أما العلاج الجماعي وينصح به في حالات الخجل والخوف والتأتأة، وفي العلاج المعرفي قالت :لا بد من تبصير الوالدين والطفل بالمشكلة وأضرارها وعلاجها، وأخيراً يأتي العلاج السلوكي الذي يعتمد على إلغاء العادات السلوكية السيئة وتعليم الفرد عادات حسنة. ولبدء البرنامج العلاجي بينت أنه لابد من تفهم المشكلة ومعرفة تاريخ الحالة السلوكية والتعرف على قائمة السلوك السلبي والإيجابي وتحديد السلوك وزيادة دافعية المحيطين للاستمرار في برنامج تعديل السلوك. المصادر وأساليب معالجتها وعن مصادر المشكلة قالت إن هناك مشكلات ناجمة عن سلوكيات المعلم وهي القيادة التسلطية وغير الحكيمة كالوعود والتهديدات واستعمال العقاب بشكل خاطئ ومشكلات تنجم عن النشاطات التعليمية الصفية وهي اضطراب التوقعات في كونها عالية أو منخفضة لدى الطلاب وصعوبة لغة المعلم المستخدمة وهناك مشكلات ناجمة عن تركيب الجماعة الصفية كالعدوى السلوكية وتقليد الطلاب لزملائهم والاحباطات الدائمة، وأكدت أن وضع قواعد للنظام الصفي وصياغته وتعليمات صفيه يشارك الطلاب أنفسهم في وضعها من أفضل الأساليب في معالجة المشكلات الصفية. الاعتبارات الأخلاقية في معالجة السلوك وأبانت الحلال أن الاعتبارات الأخلاقية في معالجة السلوك تتمثل في أربع نقاط وهي المعلم كنموذج وقائد، والضبط الذاتي، والأغراض والأهداف التي تمثل البيئة اليومية والأسبوعية والتي تشكل الهدف العام، وأخيراً الحرية والاستقلال في التصرف، منوهة إلى أن هناك مبادئ متعلقة بالحقوق الفردية كمبدأ التطبيع والعدالة والاحترام والقيمة مؤكدة أن الاعتبارات التربوية التي تتخذ عند تدريس المضطربين سلوكيا وانفعاليا بدرجة بسيطة ومتوسطة تتمركز حول أمور كأن يتحلى مدرس هذه الفئة بالصبر وتحمل المسؤولية ويجب أن تكون مناهج الأطفال في الصفوف الخاصة موازية لمنهاج الأطفال العاديين بحيث يتم تعليمهم القراءة والكتابة والحساب، وقالت يمكن أن تستخدم غرفة المصادر في تعليم هذه الفئة لبعض الوقت ودمجهم في الصفوف باقي الوقت مشددة على أهمية الأخذ بالاعتبارات التربوية عند دمج الأطفال ذوي الاضطرابات في المدارس العادية كأن يكوِّن المعلم توقعاته عن ذوي الاضطرابات وذلك عن طريق مدرس التربية الخاصة وبالتعرف على الاتجاهات السلبية الموجودة عند الطفل من قبل البيئة الاجتماعية، وقالت: إن من الواجب على المدرس أن يعلم عن ماهية الأشياء المسموع بها وغير المسموع بها وأن تكون هناك قواعد عامة للسلوك إذ نوهت أنه من الواجب أن يطبق المعلم مبدأ الثواب والعقاب في حال ظهور السلوك المرغوب وغير المرغوب. الإجراءات الوقائية و اختتمت الأستاذة الحلال بأنه يمكن للوالدين اتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية مع الأطفال من أجل تجنب المشاكل والاضطرابات باتخاذ عدد من الإجراءات والتي تكمن في تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الأطفال مثل تلقين الطفل القصص المخيفة والعمل على الإقلال من التعرض لنماذج العنف المتلفزة والعمل على بث روح التعاون مع الآخرين، كما أنه من الواجب خفض مستوى النزاعات الأسرية وتجنبها أمام الأطفال وتوفير الأنشطة البدنية الإيجابية للأطفال وتنظيم وترتيب بيئة الطفل، مبرزة أن تشجيع الطفل بالتركيز على نقاط القوة لديه لبناء ثقته بنفسه والبعد عن التميز والمقارنة بين الأطفال وعدم الكلام أمام الطفل عن مشكلته واستخدام بدائل العقاب عندما يخطيء الطفل بدلا من الضرب والإهانة وإشباع حاجات الطفل النفسية والسماح له بممارسة هواياته واللعب والرسم إضافة إلى مصادقة الطفل وتقبله كما هو مهما كانت مشكلته وإشباعه بالدفء والعاطفة، واللجوء لذوي الاختصاص عند الحاجة وذلك لمساعدة الطفل عند حدوث تغير غير طبيعي في سلوكه، كل هذا وذاك يقي من الاضطرابات السلوكية والانفعالية عند الأطفال.