-|| النِسيآن بين النعمَهْ و النَغمَه ||-

اختلف الناس حول سبب تسمية الإنسان بهذا الاسم

.. والأصح أنه سُمي لحبه للأنس .. لا لاتصافه بالنسيان كما قال البعض ..

غير أن النسيان .. نعمة ونقمة !


فكثرتها في المرء نقمة ومرض .. ووجودها مع بعض الأحوال نعمة وضرورة ..

فلو لم ينسَ المرء مصائبه .. لعاش حياته كلها في كدر وضنك ..

مر ابن مسعود رضي الله عنه بمجموعة من العباد في المسجد .. يعدون حسناتهم وتسبيحهم بالحصى … فقال رضي الله عنه : هلّا عددتم سيئاتكم !

على المرء بحق أن ينسى ما أحسن به وما أنجزه من خير ويعد ما قام به من خطأ أو سيء ..

ذاك أنه حينما يضع الخير ويعده فسيستكثره وإن قلّ .. ونسيانه للسيئات يستقلها وإن كثرت ..

هناك أمور .. يجب أن تنساها ..

حينما تحسن لإنسان .. فانس إحسانك إليه ..!

حينما يسئ إليك شخص .. فانس إساءته إليك ..

وانس كم بذلت في المعروف ..

وانسَ كم سعيت للإصلاح ..

وانسَ كم مرة غضضت الطرف عن زلة أخيك .. بل انسَ الزلة نفسها ..!

وانسَ الكلمة النابية التي خرجت خطأً من صاحبك ..

وانسَ عثرة خطوة كانت من أخيك ..

وانسَ همك وحزنك .. فالدنيا لا تستحق أن تحمل لها الحزن والألم !

حاول مراراً وتكراراً أن تنسَ جوعك أمام شبع حبيبك ..

أن تنسَ مرضك أمام صحة رفيقك ..

أن تنسَ شدتك أمام رخاء خلك ..

مرّن نفسك دوماً أن تنسَ صحتك أمام راحة من تحب ..

أن تنسَ ثروتك أمام فقر وليّك ..

مارس دوماً النسيان لفراغك أمام شغل وليفك ..

وكرر على قلبك نسيان كبرك أمام فتوة ابنك ..

انسَ تعبك من أجل راحتك !

وانسَ كدك من أجل لقمتك …

وانسَ كدرك حينما تتلذذ بقمتك ..

انسَ كل شئ إلا الله !

لا تنسَ الله .. فيُنسيك نفسك ..

ولا تنسَ ذكر الله ..

ولا تنسَ الفضل بينك وبين صديقك ..

لا تنسَ لقاء الله !

لا تنسَ يوم الحساب !

قبل أن اختم ..

جاء رجل لطبيب .. وقال : يا دكتور .. أعاني من كثرة النسيان ..!

رآه الطبيب متمعناًَ وقال : منذ متى بدأت معك هذه المشكلة !؟

فرد مستغرباً : أيّ مشكلة دكتور !؟



بقلم
م / محمد الصالح