•√♥ بقاياحلم ♥√•
.:الجزء الرابع (4):.
عرفت الشيخوخة طريقها الى السيد حمد, فتلاشت عافيته مع استفحال المرض شيئا فشيئا.
وفي الاخير, اجمع الاطباء على ضرورة نقله الى لندن لكي يحظى بأفضل علاج.
سافر السيد حمد يرافقه ولداه وزوجته.
حالما تأكد للجميع ان العلاج سيستغرق وقتا طويلا, وتقتضي دواعي العمل ذهاب احد الولدين لمتابعة سير ادارة الشركات طلب عادل الى اخيه العودة مغتنما المناسبة كي يثبت له انه محل ثقته وثقة ابيهما.
عاد تركي وتولى ادارة الشركة.
لكنه لم يكن على دراية كافية بمجريات العمل, فبدأ المديرون يتململون, واضطر بعضهم الى الاتصال هاتفيا بعادل لإبلاغه ان ثمة قرارات اتخذت قد تضر بالعمل ماديا ومعنويا, وان اخاه يرتكب هفوات كثيرة, وهو يدير الاذن الطرشاء الى كل ناصح ومرشد من ذوي الخبرة.
وكان عادل يجيب دوما:
- هذي اول مرة يستلم فيها شغلنا, فما فيها شي لو اخطأ.
كان تركي ينفي وجود مشكلات في الشركة, ويردد متى سأله اخوه عن حال العمل:
- لاتقلق.
تراني متخرج من نفس الجامعه ياخوي.
توكل على الله بس.
لم يشأ المديرون نقل الحقيقة كاملة الى عادل.
فقد كان تركي يطبق أساليب ملتوية خلافا للقواعد التى ارساها السيد حمد, والتي كانت اساس ثروته ونجاحه, واهمها الصدق والاستقامة واحترام القوانين.
وتفجر الخلاف حين رفض تركي ان تصرف الشركة حوافز الموظفين السنوية, المنصوص عليها في عقود العمل.
واعلن بالفم الملآن:
- كفاية عليهم النسبة, اما الحوافز لايحلمون فيها.
ثار العمال واحتجوا مناشدين المسؤولين عنهم التدخل والسعي الى وقف الإجحاف.
وهددوا بالإضراب, وارسلوا مذكرة اعتراض بالبريد الى السيد عادل, وهم واثقون بأنه لا هو ولا السيد حمد يرضيان بأن تهضم حقوقهم.
ومنعا للمفاجآت غير السارة, كان لابد من سفر عادل اسبوعا لمعالجة الوضع, خصوصا ان مدير مكتبه في الشركة اعلمه ان الامر بات بالغ التعقيد.
لكن اطباء تمنوا عليه البقاء, فأبوه في وضع صحي دقيق, وقد يفارق الحياة بين لحظة واخرى.
ثم ليس مستحسنا ان يترك والدته بمفردها تواجه واقعا كهذا, خصوصا ان صحتها هي ايضا ليست مستقرة.
وكان الحل الوحيد ان يصرف حوافز الموظفين بموجب قرار منه على رغم أنف اخيه.
هذا الموقف اشعل الضغينة داخل تركي, وبدأ حقده يأخذ شكل اعنف حيال اخيه.
اما عادل فلم يضمر شرا له, وهو لم يتعمد احراجه وسط العمال والموظفين.
لقد اراد انهاء المسأله سريعا كي يلتفت الى ابيه.
لم يشعر بالذنب لحظه واحدة, لأنه قبل اتخاذ القرار, هاتف اخاه وطلب منه صرف الحوافز المستحقه, وتكرر رفض تركي:
- هذا هدر للمال والعمال يأخذون حقهم وزيادة.
مافي داعي للدلع الزايد.
ذات ليلة, تدهورت فجأة صحة السيد حمد, واجتاحته غيبوبة عميقة.
اخفق فريق الاطباء في انقاذه, ففارق الحياة.
لم تزل كلماته الأخيره تموج في وجدان عادل:
- اسمع يا ولدي, لا اوصيك على تركي, لا تفارقه في شغل او في بيت لكن في نفس الوقت انتبه منه, وانتبه على بيتك وعيالك.
وامانة انك تلم شمل العيلة وتحافظ على اسمها.
وانصف حتى لو الحق على رقبتك.
وحط امك على راسك وخلي ربك دايم بين عيونك.
وان شاء الله اني ماقصرت في شي معاكم.
|
|
|
03-28-2011
|
#12
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
ولم يمض شهران على رحيلة حتى توفيت زوجته.
كأنها رفضت ان تعيش بعد غيابة.
عبرت السنون متسارعة, واطلت على دنيا عادل طفلة جميلة سماها سارة.
كبر الصغار والتحقوا بالمدارس ثم بالجامعات.
اتصف زياد بشخصية ضعيفة, وقد اعتاد الهروب من والده, في حين كانت امه لاتكترث إلا لنفسها وجمالها وتلبية دعوات العشاء التي تستمر إلى آخر الليل, كأنها يئست من إصلاح علاقتها بتركي, فقررت أن تعيش حياتها غير عابئه بما يحدث.
ارتاد احمد وزياد المدرسة عينها.
تخرج الأول قبل الثاني بسنتين, والتحق بكلية الهندسة.
ثم لحق به زياد الى الكلية نفسها ملبيا رغبة ابيه لا رغبته هو الميال الى التاريخ والآثار.
ولما وصل احمد الى السنة الثالثة, وكان مشغوفا بالهندسة الاوروبية, وحالماً بإكمال الدراسة في بلد اوروبي, طرح على ابيه فكرة السفر, فرفض عادل ليس لأنه غير محب للعلم بل لأنه يريد بقاء ابنه قريب منه.
ثم وافق وسافر احمد لكن ليس بمفرده.
فقد اضطر الى ان ينتظر ابن عمه زياد ريثما يتم اجراءات السفر كي ينطلقا معا.
انبهر احمد بهندسة المباني والشوارع في لندن.
كان يسير كأنه في حلم, فالساعات تمر سريعة وهو يتجول.
لم يترك متحفا او مزارا تاريخيا إلا قصده.
وسعى ايضا الى تنمية هوايته التي كانت السر الاكبر في حياته وهي النحت, والتي هي في نظر ابيه "حرام وما يجوز".
كان يومه مقسما مابين الجامعة ودرس النحت ثم الذهاب الى المنزل.
في ايام العطله, تطيب له مجالسة زملاء في مقهى او مشاهدة احد الافلام.
لم يكن احمد يطلع زياد على شؤونه الخاصه لعلمه الاكيد انه ينقل كل شيء حرفيا الى والده.
كان احمد فتى الأحلام لغالبية بنات الجامعة.
فهو طويل, بشرته حنطيه, عيناه تشيان بذكاء خارق.
وقد درج في الاجازة الصيفية على ان يسافر ووالديه واخته سارة الى بلد مختلف, فالسيد عادل كان يرغب في ان يرى واسرته العالم كله.
وفي خاتمة الرحلة تكون سوريا آخر محطة, كي تزور الزوجة عائلتها.
هناك تعرف احمد الى نوارة, إحدى قريبات زوجة ابيه.
وكانت أجمل فتاة رآها في حياته.
فبدأت بينهما قصة حب استمرت عاما, وتكللت بالزواج, وبات احمد يحسد نفسه على النعيم الذي يعيش تحت ظلاله, زوجة جميلة تحلو الحياة معها, وعائلة محبة متفهمه, ومركز مرموق في انتظاره حتى يترجم احلامه مشاريع واقعيه.
واقام قرب منزل ابيه في منزل جديد بني خصيصا له, وهكذا يظل شمل العائلة مجتمعا وفق وصية الراحل الكبير السيد حمد.
لم يكن ذلك المنزل هو الشيء الجديد الوحيد في المكان, بل هناك ايضا الشلال الحجري الضخم والمتصل ببركة للسباحة واسعة أنشئت محل البحيرة.
وبهذا المشهد أكمل عادل الناقص تيمنا بأسلوب والده.
أما زياد فتزوج على طريقة زواج والده.
ورزق صبيا اطلق عليه اسم جاسر, لكنه توفي في حادث سير قبل ان ينعم برؤية ابنه يكبر ويشب تحت جناحي ابوته.
لم تحتمل الجدة هول الفاجعة فماتت بعد وفاة حفيدها زياد بأيام معدودة.
وكان طبيعيا ان تقيم زوجة الفقيد وابنها جاسر في منزل مستقل تقيدا بالعادات والتقاليد.
وفي غمرة التقلبات العائلية, انجزت سارة الدراسة الجامعية, ثم تزوجت بموظف ذي منصب رفيع في وزارة الخارجية, وانجبت بسام.
وقد انعم الله على أخيها غير الشقيق احمد طفلتين توأمين سماهما ليال ومنال.
|
|
|
03-28-2011
|
#13
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
.:الجزء الخامس (5):.
صباح كل يوم جمعة كان أشبه بأيام العيد, إذ يجتمع الأولاد والأحفاد في المنزل الرحب, ليلعبوا ويسبحوا ويلهوا في جو من السعادة والمرح.
كان ذلك تقليدا أقامه الجد الأكبر وحافظت عليه أجيال العائلة.
لم يتغيب الشقيقان عادل وتركي يوما عن هذا التجمع الأسبوعي إلا نادرا.
كانت سيدات المنزل يعتنين بالطعام والبرنامج الترفيهي للأطفال, والخدم والطهاة والعمال الآخرون يتلقون الأوامر ويطبقون التعليمات.
أما رجال العائلة فكانوا معنيين بالتأكيد أن جميع المدعوين سيحضرون.
وكانت السيدة نوارة زوجة احمد مبدعة دوما في تهيئة طفلتيها لهذه المناسبة, فتدربهما على عزف البيانو, وعلى أداء أغنية معبرة غالبا هي للسيدة فيروز.
ويروح الصغار يتبارون متحمسين هاتفين عندما يفوز احدهم في مسابقة السباحة أو في ركوب الخيل.
وحده جاسر كان لا يشاركهم في اللعب, بل يبقى مع جده على الدوام.
لم يتفق جاسر كثيرا مع أولاد اعمامه.
كان سليط اللسان, شرسا, طويل اليد, لا يتمتع بأي ميزة غير أنه يملك من الألعاب والصلاحيات ما لا يملكه أي طفل في مثل عمره.
لذا أعجب به الكثيرون ممن هم أصغر منه سنا, إلا بسام الذي كان يراه متعجرفا متكبرا, ويتفادى الاحتكاك به مفضلا قضاء معظم الوقت مع أولاد أنسبائه الآخرين, وخصوصا منال التي هي أقربهم إليه.
كان بسام ومنال منذ الصغر شديدي الارتباط أحدهما بالآخر.
وكانت السيدتان نوارة وسارة تتبادلان الدعابات عندما تريان الصغيرين منهمكين باللعب معا, في الحديقة, فتقول نوارة لسارة:
- هالشي مابيصير.
لازم تتقدموا رسمي وتخطبوها.
ترد سارة:
لاياحبيبتي, ولدي بكرا البنات بتركض وراه.
وتنتهي الدعابة بضحكة مشتركة.
لكن الذي في داخل كل من بسام ومنال كان أصدق من تلك الضحكة.
كانت ليال على عكس أختها, فمسألة الإعجاب بأحدهم لم تكن أهم ما يشغلها.
فاللعب وتحدي الأطفال وركوب الخيل والسباحة محور اهتمامها.
منذ الصغر تحلت بشخصية قوية.
لم تمش يوما ناظرة إلى الأسفل حياء.
مثل بقية الأطفال.
فدوما كان رأسها مرفوعا, تنظر إلى من يحادثها, ترد على من لا يعجبها كلامه, من دون أن تتجاوز حدود الأدب.
لذا كان السيد احمد يتباهى:
- بنتي ماينخاف عليها لو إنحطت بين مليون رجال.
فليال تكبر منال بعشر دقائق وتفوقها حدة وجرأة, حتى شعرها المتموج يترجم حماستها الدائمة واندفاعها الملحوظ, فهي الثائرة المتقنة لكل ماتحب.
وإذا لم يعجبها أمر ما فلا تنفذه إلى أن تقتنع.
أما منال فكانت هادئة ذات ملامح ملائكية ونطرات بريئة, وكان شعرها الناعم يعكس رقة طبعها.
ومن فرط حيائها, كانت منال في معظم الأحيان, الحاضرة الغائبة, وليال المتحدثة والمجيبة عن نفسها وعن أختها.
وعُرف السيد أحمد بأنه لين الطباع, مهذب, حنون, يحترم نفسه والآخرين, وهو محل تقدير لدى عارفيه وأصدقائه.
وكان ارتباطه بوالده ارتباط الروح بالجسد.
فلم يخذله يوما.
وكانت زوجته السيدة نوارة فائقة الجمال, طولها ينافس قوام عارضات الأزياء, شعرها أسود منسدل كشعر الحصان, عيناها عسليتان تشبهان عيون النمور في حدتها.
وهي الحب الأول والأخير لأحمد, والمثال الأعلى لطفلتيها في الأناقة وحسن التصرف.
وعلى الرغم من وجود مربية للفتاتين التوأمين هي حميدة, فضلا عن خدمات للتنظيف وللشؤون المنزلية الأخرى, لم تسمح لأحد بأخذ مكانها أو القيام بأي دور يجب أن تقوم به سيدة المنزل.
فهي التي تطعمهما, وتصحبهما إلى المدرسة في أول أيام الدراسة.
وهي التي تراجع معهما دروسهما.
ورابع المستحيلات أن تشاهد الطفلتان أي فلم قبل أن تراه الأم أولا حتى تتأكد أنه خال من مناظر مبتذلة أو من كلمات قد تخدش نقاء ابنتيها.
وإن مرضت إحداهما كانت تلازمها إلى أن تتعافى.
حتى إن ليال ومنال كانتا مقتنعتين تماما بأنهما إذا وضعتا رأسيهما على حضنها, فستستريحان حتما, أو إذا لمست يداها مكان الألم فسيزول من شدة حبها وحنانها.
|
|
|
03-28-2011
|
#14
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
دفؤها الأمومي الذي رافق ابنتيها, وكان كالدرع التي تقيهما صقيع الطفولة وعواصف المجهول, لم يجعلها تقصر في بث دفء أنوثتها في أيام زوجها ولياليه.
فلم يحدث أن استقبلت السيد أحمد إلا كانت في منتهى الأناقة, فيبدو الاثنان في تلك اللحظه, كأنهما في عز شهر العسل.
فهي دوما مبتسمة, متفائلة, لايعكر صفوها ويقلقها إلا شيء واحد, هو الشلال.
فكلما سمعت خرير مياهه أو مرت بالقرب منه, أو نظرت إليه, انفطر قلبها من البكاء الصامت.
وكانت تبرر ذلك بقولها:
- أنا ما بحب الشلال ولا بطيقه.
الله يكفينا شره.
لم يعرف احد قط تفسيرا لذلك!
كان يوم عائلة أحمد يمر كالآتي:
تستيقظ الخدامات أولا, ينظفن غرفة المعيشة الكائنة بجوار جناح السيد أحمد وزوجته, والتي يتناولان فيها طعام الفطور, طوال أيام الأسبوع ما عدا الجمعة, اليوم الذي تلتقي فيه العائلة كلها في الحديقة.
ثم تستيقظ السيدة نوارة للتأكد أن كل شيء يسير على ما يرام, وتوقظ زوجها بقبلة على جبينه, والوردة بيدها.
وفيما هو يهم بالدخول إلى الحمام, توقظ هي الفتاتين لتذهبا إلى المدرسة, وتساعدهما حميدة في ارتداء المريول, وتوصلهما إلى غرفة المعيشة.
لم تسمح نوارة للمربية أو للخادمات بالمساعدة في إعداد الفطور, فقد كانت حريصة على أداء دورها كاملا مع أفراد أسرتها.
ولدى الانتهاء من تناول الفطور, وذهاب كل منهن في طريقه, تبدأ هي بمراجعة قائمة الطعام للتأكد أنه صحي.
وبعد أن تتفقد نظافة المنزل, تستحم, وتجلس في كرسيها المفضل وتبدأ بالقراءة.
كانت تقرأ في علم النفس وتربية الأطفال والغذاء الصحي.
ولاتتخلى عن الكتاب إلا حين تعود ليال ومنال من المدرسة, لتجداها في انتظارهما أمام المدخل فاتحة ذراعيها وهي تقول لهما همسا:
"اشتقتلكن حبيباتي".
وتقودهما إلى المائدة.
بعد الانتهاء من الغداء, تقص أحيانا الطفلتان لأمهما ماحدث معهما في المدرسة, وأحيانا أخرى تمدهما الأم ببعض المعلومات التي قرأتها في أحد الكتب.
ثم نذهب الصغيرتان الى القيلولة التى لا تدوم أكثر من ساعة ونصف الساعة.
في هذه الأثناء, يحل موعد قهوة المغرب والزيارات النسائية, فإما تستقبل السيدة نوارة إحدى صديقاتها أو تلبي هي دعوة إحداهن.
وعندما تستيقظ الطفلتان تسترجع معهما واجباتهما المدرسية بعد أن تأكلا شيئا من الفاكهة. وفي الساعة السابعة, يصل الزوج برفقة والده الذي يتناول الطعام معه في أحيان كثيرة, ثم يعود إلى عائلته, وفي أحيان أخرى تنضم السيدة نوارة إليهما, ثم تعود وزوجها إلى المنزل حيث تكون ليال ومنال قد أنهتا المذاكرة, وذهبتا إلى الحديقة للعب مع بقية الأطفال.
وفي الساعة الثامنة تعودان إلى المنزل, وتجلسان مع والدهما ووالدتهما قرابة نصف ساعة ثم تغتسلان وتمضيان إلى غرفة النوم.
ذات يوم, اتصلت والدة جاسر بالسيدة نوارة وقالت إنها في الطريق إليها, لأمر مهم.
عندما وصلت كانت منهارة تعبة:
- الحقيني يا أم ليال, العم تركي جاني البيت يخانقني, وقال لي إنه بيحرمني من جاسر أكثر ما هو حارمني منه, وهو معاي.
- ليه شو صار؟
- أنا متقدم لي عريس.
وبصراحة ماني لاقية فايدة من جلستي مع جاسر.
العم تركي يتدخل في كل شي, حتى في اللي بيني وبين ولدي, وحرمته اللي المفروض أنها توقف معي في عالم ثاني, فقلت لنفسي ليه ما أتزوج.
لكن أنه يحرمني منه وما عاد أشوفه, هذا شي ما أقدر عليه.
- هدي بالك.
إن شاء الله خير, يمكن زعلان لأنك بدك تتزوجي غير زياد.
- لا والله أنا اعرفه زين, هو كل أمله أنه يخلص مني.
أنا متأكدة أنه يبي يكره جاسر فيني عشان يصير مرتبط فيه لحاله.
- مو معقول.
أكيد هيدا كله لحظة غضب وبتروح لحالها, ليه مابتحكي مع العم عادل وتخليه هو يلي يحكي مع العم تركي؟
اقتنعت أم جاسر بما قالته نوارة وانتظرت حتى عاد السيد عادل, وروت له ماحدث.
ووعدها بأنه سيفعل أقصى ما يستطيع, فهاتف أخاه ودعاه إلى العشاء وفاتحه في الموضوع.
لكن الرد جاء أقسى من المتوقع:
- ما حتشوف جاسر لكن لو هو اللي يبي يشوفها, ذاك الوقت يصير خير.
ونادى السيد تركي جاسر, وقال له على مرأى من الجميع:
- أمك بتتزوج وتخليك ولو تبي تروح معها روح, بس أنا بشيل يدي منك.
ولو تبي تقعد معاي, مافي شيء في الدنيا بينقص عليك.
وكان الرد الطبيعي لجاسر:
- أنا ماني برايح محل, أنا معاك يا بوي.
وهي الله معها.
لقد غرس تركي في جاسر كل الحقد الذي في داخله, وأقنعه بأن والدته استغنت عنه ورمته, وأنها لا تريده لأنها فضلت الزواج, وهو في العاشرة من العمر.
|
|
|
03-28-2011
|
#15
|


03-28-2011
|
#16
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
عود الليل
اشكرك على تواجدك
وماتقصر
|
|
|
03-28-2011
|
#17
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
.:الجزء السادس (6):.
لم تكن منال و ليال كأي توأمين.
فإحساس إحداهما بالأخرى تعدى حدود المعقول.
ففي غرفة النوم, أصرت الأم على أن يكون لكل منهما فراش منفصل.
لكن هذه الرغبة لم تتحقق.
إذ كانت تستيقظ كل يوم فتجدهما في سرير واحد.
كان الجو العام في كلا القصرين سعيدا إلى حد ما, فمنزل عادل كان الأكثر اكتظاظا بالأولاد.
أما منزل تركي فلا يقطنه إلا هو وزوجته وحفيدهما وعدد من الخدم.
كان الأطفال يلهون دوما في الحديقة.
لكنهم لم يحبوا جاسر كثيرا إذ كان لا يختلف عن السيد تركي في علو صوته وعصبيته وقلة احترامه للآخرين صغارا كانوا أو كبارا, حتى إنه كان يتلذذ بمضايقة الأطفال وضربهم.
وحين انهالت شكاوى الأمهات على السيد عادل, مطالبات بوقف جاسر عند حده, اقترح على أخيه أن يعرض جاسر على طبيب نفسي خاص بالأطفال.
رد تركي:
- وش تقول ياخوي؟
اذكر الله, ولدي عقله يوزن بلد, هو بس طبعه شديد وينفعل لما يلعب مع الصغار, لا تشغل بالك فيه.
كأنه يقول له بمعنى آخر:
- لاتتدخل في ما لا يعنيك.
برغم مرور نحو عامين, لم يتغير سلوك جاسر مع أطفال العائلة, فازداد كرههم له, بعدما أضحى أكثر عنفا وتهورا.
في ذلك الحين فكر السيد تركي مليا في مسألة عرضه على طبيب مختص, وبخاصة بعد وقوع بضعة حوادث متتالية, أبرزها ضرب أكثر من طفل وكسر أنف أحدهم.
وهذا ماحصل.
صحب جاسر بدون علم أحد إلى الطبيب الذي استنتج عقب المعاينة, أن الفتى يعاني ميولا عدوانية شديدة لعدم إحساسه بالأمان, والسبب أنه فقد والده وهو صغير, وكبر يتيما, ووالدته تزوجت وفضلت رجلا آخر عليه.
وذات يوم جمعة, كان الأطفال كالعادة يمرحون ويتسابقون, وتردد أصداء صخبهم البريء في رحاب المكان.
فــجــأة ركضت ليال لتسأل والدتها:
- ماما وين منال ماني لاقيتها.
كنا نلعب وبعدين اختفت.
ردت الأم في ذعر:
- كنتو بتلعبوا حد الشلال؟
فأجابت ليال وصوتها يرتجف خوفا:
- مــا أدري ... مــا أدري.
نهضت الأم مسرعة تبحث عن ابنتها بجوار الشلال ودموعها منهمرة.
وهب الجميع للبحث عن الملاك الصغير, إلا جاسر الذي رأته ليال ينسحب نحو منزله على رؤوس اصابعه, كأنه أراد ألا يلحظه أحد.
لم تعره اهتماما, وتابعت البحث عن أختها حتى قادتها قدماها إلى غرفة والديها لتسمع أنينا وبكاء مصدرهما خزانة الملابس الخاصة بأبيها.
ففتحتها لتجد منال مختبئة مرتعبة, فسألتها:
- وش فيك, ليش تبكين؟
غمرت منال أختها وألقت رأسها على كتفها كأنها تحتمي بين ذراعيها, وقالت:
- ما تخليني.
احضنيني بقوة.
أنا خايفة.
- خايفة من أيش؟
عمرك ما تخافي وأنا جنبك علميني وش صار؟
- جاسر قليل أدب ما يستحي.
كنا نلعب وبعدها قال لي تعالي بوريك شي.
ولما صرنا لحالنا قال لي أنتي لي أنا, وأنه يحبني.
ولما قلت له يبعد ويخليني أروح وأني ما أحبه, بدا يشد شعري ويضربني, ويقول لي أنا رجال الحين.
وما أدري كان شكله غريب.
وكان كله يصب عرق.
الحمدلله إني قدرت أهرب منه وركضت على هنا, المكان الوحيد اللي ما حيقدر يدخله هو غرفة نوم أبوي وأمي.
طمأنتها ليال وأخذتها حتى تغسل وجهها, وهاتفت والديها كي يطمئنا.
لم تنتظر أن تحكي ما حدث لوالدها بل ذهبت إلى منزل السيد تركي, ودخلت عليه غير مبالية برد فعله وغطرسته:
- عم تركي أنت تحبنا؟
بدا باردا وهو يسمع السؤال, وجوابه يفوقه برودة:
- جايتني الحين عشان تسأليني أحبكم.
إيه أحبكم.
في سؤال ثاني؟
- وتقبل إن أحد يغلط على بنات أخوك؟
- هذا الي ناقص بعد.
- وإذا عرفت بتوقف معنا؟
- أكيد طبعا.
- عشان كذا انا جيتك لأني أعرف انك ماترضى الغلط حتى ما رحت لجدي أو أبوي.
- أحكي وش صار؟
- جاسر ضرب منال, وقال لها حكي عيب يقوله أحد من عائلة حمد.
مابالك وأنت اللي مربيه ياعمي.
المفروض يكون هو اللي يعلمنا الأدب.
بذكاء مبطن, قدمت ليال إليه الإساءة والتوبيخ على طبق الكلام المعسول.
وقد استوعب تركي ماجرى, وقرر أن يتخذ موقفا قويا عندما يقابل شقيقه عادل ووالد منال, وهكذا كان.
فقد أقر بأن جاسر يعالج لدى طبيب نفسي, وهو يعاني بعض الاضطرابات النفسية لفقدانه والده ووالدته.
وسيتعافى بعد خضوعه لبعض جلسات.
ولم يكتف بذلك التوضيح, بل أجبر جاسر على الاعتذار إلى منال ووالدتها.
لكن توضيح السيد تركي لم يتضمن الحقيقة كاملة.
فجاسر كان يعاني مشكلات نفسية معقدة تستدعي جولات علاج طويلة لاجلسات معدودة.
في ذلك الحين, كان جاسر قد أتم الثالثة عشرة والفتاتان التوأمان الأحد عشر عاما.
|
|
|
03-28-2011
|
#18
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
مرت الأيام, وبدأ جاسر يبدي اهتمامه الشديد بمنال, فكان يلاحقها إلى كل مكان تذهب وأختها إليه وصولا إلى مكانهما السري في إحدى باكات الخيل غير المستعملة في الإسطبل, وهي الملاذ الذي تهربان إليه كل يوم تقريبا, لتكتبا في دفتر صغير تفاصيل يومياتهما.
كان جاسر يظهر كالجني الذي لا تردعه حواجز.
لم تكن منال تبادله المشاعر نفسها التي يكنها لها.
كانت تتحدث كثيرا عن ابن عمتها بسام.
وكانت الدنيا لا تتسع لفرحها عندما تعرف أنها سترافق أهلها لزيارة العمة وابنها, أو أن اللأخرين سيزورانهم.
وكانت تبذل قصارى جهدها لتظهر في أحلى حالاتها لدى مجيء بسام.
لم يعجب جاسر مايحدث بين منال وبسام.
فكان يتعمد على مسمع هذا الأخير, التباهي بما يملك, وبأنه يستطيع أن يحصل على أي شيء يريده من جده.
لم تكترث الفتاتان له, إذ لم تكن عينا منال تفارقان بسام.
أما ليال فكانت منهمكة بالمسابقات الرياضية والخيل.
وكانت مولعة بالكمبيوتر ولعا كاد يوصل والديها إلى حد الجنون.
فهي لا تستعمل هذا الجهاز مثلما يستعمله أي شخص, بل تفككه وتعيد تركيبه.
فشلت مرات عدة لدى إعادة جمع قطعه, لكن عشقها للتحدي, جعلها تثابر إلى أن أتقنت التركيب جيدا.
حل موسم الصيف, ونجح الأطفال في المدارس, إلا جاسر الذي رسب في مادتين.
لم يعاقبه جده بل راح يقنعه ويقنع نفسه بأن العيب في المعلمين, لأنهم فشلوا في توصيل المعلومات إلى عقله, فلم يستوعب, وجاء الرسوب نتيجة منطقية.
ليس هذا فحسب بل حاول الجد رفع معنوياته بهدية ثمينة لم يقدمها إليه إلا في الحفلة التي تقام في نهاية كل عام دراسي لأطفال العائلة, توزع فيها الهدايا مكافأة لمن نجح.
وكل هدية على قدر درجات شهادة صاحبها.
وفي المناسبة المنتظرة, التي أضحت تقليدا سنويا, وزعت الهدايا على المستحقين والمستحقات.
لكن أحدا لم يذكر اسم جاسر. وفي اللحظات الأخيرة, كان عداد التوتر لدى جاسر بلغ الذروة, فقرر التنفيس عن نفسه.
ذهب إلى حيث يجلس البستاني عبده, وهو كهل نشأ وترعرع في منزل العائلة وأعاله المرحوم السيد حمد حتى كبر فزوجه, ورزق ولدين.
انهال جاسر على الثلاثة بالسباب والضرب زاعما أن أحدهم سخر منه لأنه راسب.
غضب عبده وأخذ ولديه وعاد إلى منزله محاولا تهدئتهما وهو على يقين أنه لن يستطيع أن يشكو جاسر إلى جده.
فقد سبق أن حدث موقف مشابه وكان رد تركي على شكوى عبده:
- اسمع, أنا ولدي مايغلط ولا تفكر تحط راس أولادك براسه.
الظاهر أن أبوي كان غلطان أنه خلاك في البيت.
ولو مو عاجبك الباب يفوت جمل.
وقبل انتهاء الحفلة, سمع الأطفال صوت بوق سيارة, فإذا بتركي يقودها, وهي "بورش", وقال بصوت عال:
- جاسر, هذي هديتك.
مو لشي غير انك أذكى وأقوى ولد من عيال عيلة حمد.
عندئذ, أحس جاسر بأنه ملك متوج.
فهو لم يتجاوز الرابعة عشرة وبات يملك هذه السيارة الفخمة.
عندما ذهب ليراها نظر إلى منال كأنه يعرض عليها ما لا تستطيع رفضه, وقال:
- مين قدك. أنتي الوحيدة اللي ممكن أخليها تركب معي السيارة.
فردت بلامبالاة:
- لا شكرا.
اغتنم بسام تلك اللحظات, وقدم إليها سلسالا منقوشة عليه آية "الكرسي" وقلدها إياه:
- هذا عشان ربي يحميك ويبعد عنك أي شر.
لمعت عينا منال وطغى الخجل على وجنتيها فاحمرتا.
نظرت إليه وردت برقة:
- ويخليك.
كان هذا أول اعتراف بحبهما يترجم إلى كلمات مسموعة ظلت أشهرا صامتة في قلبيهما.
ركضت منال لتري ليال هدية بسام, وجاسر يراقبها كالذئب.
وقبل أن تبدأ بالكلام مع أختها, فاجأهما جاسر:
- على فكرة, هذا السلسال ما هو مصنوع لك لحالك.
تراه ينباع في المحلات.
لكن هديتي أنا ما لحقت أجيبها اليوم لأنها تتصنع لك مخصوص, حتى الألماس اللي فيها مو سهل ينجاب.
فأجابته على الفور:
- شكرا يا جاسر.
لكن الهدية مو بثمنها, قيمتها عندي وكيف اتقدمت.
على كل حال كأنك جبتها يا ولد عمي.
جاء وقت السفر إلى منزل العائلة في مونت كارلو بجنوب فرنسا.
كالعادة قضى بسام ومنال أجمل الأوقات.
أما ليال فتعلمت الغوص المائي الذي كان هدفها في تلك الرحلة.
فهي من ذلك النوع الذي ما إن يضع لنفسه هدفا حتى يحوله واقعا.
انتهت الإجازة وعاد الجميع إلى الشرقية استعدادا لدخول المدارس.
لكن السنة الدراسية لم تبدأ هادئة, بل بخبر هز كيان منال وكاد يوصلها إلى حد الاكتئاب.
فوالد بسام يعمل في السلك الدبلوماسي وقد رقي إلى رتبة قنصل المملكة في إحدى الدول الأوروبية, وسيتسلم مهماته بعد ستة أشهر. هذا يعني أنه سيغادر وعائلته البلاد.
بكت منال كثيرا.
حاولت أختها إقناعها بأن بسام سيأتي في الإجازات, وقالت معزية:
- وش فيك أنتي؟
أجل لو ما كان في نت وجوالات وش كان صار فيك؟
متى ماوحشك تقدرين تسمعين صوته وتشوفيه.
وإن كانت الرومانسية عندك إنك تكتبي له إحساسك, يا أختي أرسلي له إيميل كل دقيقة ... طفشتيني تراك.
|
|
|
03-28-2011
|
#19
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
.:الجزء السابع (7):.
اجتمعت العائلة على جاري العادة ذات يوم جمعة صباحا.
والتقى معظم شبابها, بينهم منال وليال وبسام وجاسر, وراحوا يتبادلو الأحاديث. قال بسام لليال:
- أوعديني انك بتنتبهي على منول لين ما ارجع وأنا أنتبه عليها.
- لا بالله خذها معك من الحين, أنا ما عندي وقت انتبه على أحد.
وإذا بمنال تتمتم:
- ياليت.
فقال بسام:
- ممكن في حالة وحده, إني اتزوجها وأخذها معي.
- وليه لا, روح لأبوي ترى هو يحبك ومو برافض لك طلب.
دار هذا الحديث في جو لم يخل من المرح والدعابة.
لكن جاسر أخذه على محمل الجد, فرد باندفاع ممزوج بشيء من الغضب:
- ماحد بيوافق يزوجكم!!
أنتم أطفال!
بلا حكي فاضي.
أجابته ليال متعمدة إغاظته:
- مين قال كذا.
أبوك وأبوي أتزوجوا في نفس السن ويمكن أصغر.
فرد بلهجة هجومية وصوت مرتفع:
- وأنتي يامنال ليه ماتردي, كيف بتكملين دراستك؟
وأنتي ياشاطرة تقدرين تبعدين عن أختك؟
ولا هو بس حكي وخلاص.
ضحك الجميع على رد فعل جاسر الذي بدا متذمرا حانقا.
|
|
|
03-28-2011
|
#20
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
.:الجزء الثامن (8):.
بدأت أيام الدراسة.
وكانت ملامح الأنوثة تظهر واضحة على منال وليال, قامة فارعة, شعر طويل منسدل, عينان سوداوان تشيان بالذكاء والرصانة, مشية واثقة على شيء من الإغواء اللطيف ... وكان كل من لا يعرفهما يخطئ في تخمين سنهما, فيعطيهما عمرا أكبر من عمرهما الحقيقي.
كانت منال تحسب كل يوم يمر دقيقة دقيقة, وتحاول أن تقضي بضع ساعات منه مع حبيبها بسام, خصوصا أنه سيسافر قريبا.
قبل سفره بأسبوعين, كان موعد التجمع, وصودف أن الجو كان غائما كئيبا.
لم تغمض عينا ليال ولو لحظة, كأن قلبها قد سجن في ظلمة بين ضلوعها.
كانت تعانق منال طوال الليل حتى إن الأخيرة أفاقت عليها مرارا كي تطمئن إلى أن أختها لا تزال بجوارها.
أتى الصباح, وكانت ليال في قرارة نفسها تتوسل إلى أشعة الشمس ألا تسطع كي تظل شقيقتها قربها.
استيقظت منال فإذا بليال واعية تنظر إليها وتلمس خصلات شعرها وتتفحصها, كما لو أنها تدرس كل جزء من ملامحها.
فقالت:
- خير ليال.
وش فيك؟
- ما أدري بس أبي أناظرك وأحضنك.
- ليه لهالدرجة وحشتك, ولا يا خوفي تكونين قررتي تهربين وما عاد تشوفيني.
لم تتمالك ليال فبكت:
- لا, الله لا يحرمني منك ولا يفرقنا دنيا ولا آخره.
أوقفتها منال عن الكلام واضعة كفها على فمها:
- أعوذ بالله استغفري ربك, الله يعطيك العمر والسعادة أكثر مني مليون مرة.
ليال أوعديني.
- أوعدك بأيش؟
- أبيك دايم قوية, وما تخافين إلا من ربك ولا تسمحي لأحد يستهين فيك وفي ذكائك.
واحرصي على قلبك الأبيض ولا تخلي الأيام تغيره.
فأقسمت أختها على التزام الوعد.
|
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
| | | | | | | | | |