![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
الفصل الرابع ..
إن شاء الله تستمتعون , وما تلهيكم الرواية عن العبادة .. _____ انتبه من شروده , على صوت نغمة هاتفه . حين وصلته ملاحظة صوتية من شقيقته الشقية .. نجد . فتحها على الفور , ليتفاجأ تماما مما سمع . واحترق شوقا لمعرفة ما قالته يُمنى . أرسل رسالة قصيرة فحواها ( وش قالت يا نجد ؟ ) . ظل ينتظر ردها بفارغ الصبر , وعيناه كانتا متسعتان باستغراب . وهو يراها متصلة , ولكنها لا ترد . هل هو مقلب ؟ أرسل المزيد من الرسائل يسألها فيها عما تقصد , إلا أنها لم تجيب . تأفف يهم بالعودة إلى الداخل , وهو يتوعد بنجد . ولكنه توقف حين وصلته ملاحظة صوتية أخرى . فتحها بلهفة , ليعقد حاجبيه ويخفض الصوت بسرعة .. وهو يستمع إلى صرخات يُمنى التي تصرخ بنجد , مع ضحكات نجد , وتشجيع حسناء المضحك ليُمنى . ملاحظة أخرى لنجد وهي تتنفس بصعوبة ( آسفة عايض بس كان في عنف أسري هنا بغت تقتلني هاليُمنى , أنا آسفة أسحب كلامي ما أقدر أتقبلها كفرد من عايلتنا بان الوجه الحقيقي ليُمنى ) . هز رأسه باستياء وعاد إلى الداخل وهو يضحك , ويشعر بالانتعاش لسماعه صوت يُمنى . حين جلس .. سقطت عيناه على الضيف الجديد الذي لم يأتِ باكرا , بل للتو وهو يهمون بالمغادرة صباح الغد . كان حمود , زوج شقيقة مساعد الصغيرة . وهو أيضا , الشقيق الأصغر .. لــ سلمان ! تنهد عايض بضيق , ولف وجهه عنه حتى دون أن يسلم عليه . كان حمود منشغلا بالحديث مع البقية , حين سقطت عيناه على عايض فجأة , شعر بالحرج هو الآخر . لم يقابله أو يره منذ خمس سنوات . لمَ ظهر فجأة على حين غرة ؟ أخبرته هديل عن اتيانه , إلا أنه لم يتوقع أن يشعر بالضيق هكذا إن رآه أمامه . وقف واتجه ناحيته / عاش من شافك يا عايض . رفع عايض رأسه ونظر إليه بجمود , ثم وقف ليصافحه وهو يوميء برأسه دون أن يقول شيء . عاد حمود إلى مكانه سريعا . هو أيضا لا يريد أن يتبادل معه الحديث , إطلاقا ! ____ في الصباح الباكر .. كان الجميع جاهزا للمغادرة , الا بعض اخوة يُمنى الغير مستعجلين أبدا . فلقاءاتهم تصبح قليلة جدا في أيام المدارس والعمل . حتى أنهم حاولوا أن يجعلوا يُمنى تؤجل ذهابها إلى المدينة , إلا أن حسناء لم تسمح لها .. فلديها عمل في الصباح الباكر . ويُمنى أيضا عليها أن تجهز أغراض المدرسة , بما أنه لم يبقى الكثير على بدء الدوامات . نامت يُمنى باكرا كما أمرتها حسناء , ثم استيقظت في وقت مبكر وقبل الفجر تجهز حقيبتها وأغراضها المهمة . وهي في غاية التوتر والارتباك , خاصة حين أدركت أنها ستكون في نفس المدينة التي بها ( عايض ) وعائلته . كانت جاهزة تماما , ترتدي عباءتها وتلف وشاحها .. حين نزلت تحاول أن تسحب الحقيبة الكبيرة خلفها . نظرت إلى الأسفل وهي تسمع صوت حسناء / خلي الشنطة عندك , مساعد روح نزلها . صعد مساعد سريعا وحمل الحقيبة عنها . لتهبط هي برقتها المعتادة . تأففت حسناء تنظر إليها بغيظ / هذي الرقة والنعومة ما تمشي معي يا يُمنى , ما تنزلين من الدرج بهالطريقة . نظرت إليها يُمنى باستغراب , حين صعدت حسناء السلم بخطوات واسعة , لتقف في الأعلى / اعتبري هذا أول درس يا سندريلا . وبدأت تنزل بخطوات واسعة , تترك سلما وتهبط على الآخر .. حتى وصلت إلى الأسفل في لحظات خاطفة . مساعد بضحكة / أبو الشباب , حتى أنا ما أنزل بهالطريقة هههههههههه . حسناء بحدة / اسكت انت وحط الشنط في سيارتي ما ودي أسرع وأسوي حادث , يلا يُمنى . أكملت النزول بخطوات واسعة تحاول أن تقلد حسناء , إلا أنها ضحكت عاليا حين لم تتمكن . تأففت حسناء وهزت رأسها بأسى . لتلف وشاحها وتتلثم به . وقفت يُمنى أمام سمية , والتي امتلأت محاجرها بالدموع , وهي تعانق يُمنى بحنان / هتوحشيني يا بنتي . ابتسمت يُمنى من بين دموعها وبكاءها الصامت / وانتي أكثر حبيبتي , انتبهي على نفسك وزوريني على طول , تمام ؟ هزت سمية رأسها / وانتي كمان ديري بالك على نفسك , وكلي كويس . أومأت يُمنى برأسها بإيجاب , وهي تقبل جبينها بكل احترام ومودة . فقد قامت سمية بالاعتناء بها منذ الصغر , واهتمت بها وربتها كما لو أنها ابنتها الحقيقية . تعدتها يُمنى لتسلم على بشرى . عانقتها / الحين يمديك تزوريني على طول صح ؟ ضحكت بشرى / ترى نفس المسافة من بيتي للديرة , ومن بيتي لبيت حسناء بعد . حسناء من خلفهم / أحسن . تنهدت بشرى بضيق وتجاهلتها وهي تمسح على شعر يُمنى بحنان / متى ما احتجتيني كلميني , لا تترددي أبد . قبلت وجنتيها وهي تستودعها الله . وخرجت يُمنى بعد نوبة من البكاء الصامت , وهي تحمل بيدها كيس كبير . به علب طعام , طبخته سمية من أجلها هي وحسناء للغداء . ركبت بجانب حسناء , بعد أن سلمت على مساعد . ربطت حزام الأمان وهي تلتفت إلى حسناء بتوتر / تعرفين تسوقين كويس ؟ حسناء / إيه أسوق كويس , بس صراحة ما نمت زين أمس تعرفين من زمان ما سهرت مع البنات , لذلك .. أنا ما أضمن نفسي صراحة , ممكن أغفل لحظة وتقلب السيارة ونروح فيها سوا . اتسعت عينا يُمنى بخوف / وقفي أجل وقفي , والله ما بروح معك إذا صدق بيصير هالشيء , بخلي مساعد يوديني , قلت لك وقفي . ضحكت حسناء بمكر وهي تسرع أكثر , متجاهلة صرخات الاستنجاد يُمنى . حتى بكت الأخرى وذرفت الدمع , أبطأت السرعة لتلتفت إليها بتعجب / يا هالبزر , يعني تتوقعي إني بحط حياتي في خطر وأسوق وأنا مو واثقة من نفسي ؟ لا امسحي دموعك يا الخوافة . مسحت يُمنى دموعها من وراء النقاب / تكفين حسناء إذا صدق تعبانة ولا ما نمتي زين خلي مساعد يوصلنا والله ما أبي أموت . ضحكت حسناء / تدرين , كوب قهوة ممكن ينبهني ويخليني مصحصحة لين الليل , إذا تبين نوصل للسلامة .. شربيني وحدة على حسابك . فتحت يُمنى حقيبتها الصغيرة بسرعة / اشتري لك كوبين , ثلاثة لو تبين بس تكفين خليك منتبهة . نظرت إليها حسناء بغير رضى , لتقول بهدوء / يُمنى .. لما طلعتي من البيت كنتي متوقعة هالشيء ؟ إنه ممكن يصير لك حادث وتموتين ؟ هزت رأسها نفيا . حسناء / أجل وش اللي كان مخوفك من البداية ؟ قبل لا أشغلك بكلامي عن الحادث ؟ ارتجفت يدي يُمنى , لتقبضهما بقوة , وهي تجيب بنبرة مرتجفة / يصير اللي صار ألف مرة , ويعتدي عليّ أحد . تنهدت حسناء بضيق / يُمنى , لا تسمحين لأحد يكوّن لك أي مفهوم في مخك غير اللي انتي تبين تفهمينه , مثلا قبل عشر سنين كنتِ تخرجين عادي وتلعبين حتى بعد ما منعتك جدتي الله يرحمها , لكن بعد اللي صار قالوا إذا طلعتي ممكن أحد يتحرش فيك , وصار وحبستي نفسك في البيت خمس سنين , بعد كذا رجعتي أخذتي راحتك وصرتي تخرجين وتروحين عند أعمامك برجولك حتى في وقت متأخر بالليل بعد ما قال لك سلمان انك خلاص كبرتي وماحد يقدر يسوي لك شيء , ثم رجعتي صرتي انطوائية بعد ما قالوا لك إنه أصلا خروجك من البيت غلط .. وصرتي تصدقين هالشيء إلى اليوم , ضعيتي عمرك و10 سنين من حياتك بس عشانهم قالوا كلام صدقتيه على طول , والحين مزحت معك وصدقتيني بعد , حتى اذكارك اللي أكيد قريتيها نسيتي تأثيرها عليك وانها بتحميك بإذن الله , ليش يا يُمنى ؟ ليش انتي ضعيفة لهالدرجة ؟ ليش تسمحي لهم يسيطروا عليك ؟ ليش تخليهم يتحكمون بحياتك ويفرضون عليك اللي يعجبهم هم ؟ وليش انتي تستسلمين بسهولة ؟ شهقت يُمنى وهي تحاول إيقاف بكاءها , لتتنهد حسناء بأسى وتمد لها علبة المناديل / لا حول ولا قوة إلا بالله , يلا امسحي دموعك لأني مثل ما قلت ما استقبل ناس بكاية في بيتي . نظرت إليها يُمنى بحنق / ذليتيني يا حسناء هذا وأنا لسه ما دخلت بيتك , وش بتسوين إذا صدق قعدت عندك ؟ حسناء وهي تفكر / مدري والله وش بسوي لكن أكيد بلاقي لي كم حيلة تخليك تكرهي اليوم اللي فكرتي فيه انك تسكنين معي . نظرت إليها يُمنى بغيظ وهي تمسح دموعها , وتسند رأسها على النافذة . تفكر مجددا في ما قالته حسناء , فهي رغم كونها قاسية ولسانها لا يُحتمل .. صادقة دوما . ولا تتمكن من الرد عليها بالطريقة المثلى إطلاقا . ضحكت فجأة حين تذكرت مقطع لأحد الممثلين الكوميديين وهو يقول ( والله الست دي بتتكلم كلام زي الفل ) . نظرت إليها حسناء باستغراب وهي توقف سيارتها بجانب كشك بيع القهوة / دوم إن شاء الله , مرحبا محمد .. عطني موكا باردة مليانة ثلج وخليها مُرّة , وسكر قليل , وانتِ إيش تبين يا ستي ؟ يُمنى / ما أشرب قهوة . بعد أن دفعت يُمنى , أوقفت حسناء السيارة بجانب المتجر . ونزلت بعد أن سألت يُمنى إن كانت تريد شيئا , فأخبرتها يُمنى أنها لا ترغب بشيء . بعد أن نزلت حسناء , أقفلت يُمنى جميع الأزرار الخاصة بالأبواب والنوافذ . وضمت نفسها وهي تترقب عودة حسناء بسرعة . رنّ هاتفها منبها بوصول رسالة . انشغلت بقراءتها والرد على صاحبتها . فزعت بشدة وصرخت بخوف , حين سمعت صوت طرقات على النافذة من جهتها . لتتسع عيناها بصدمة وغرابة وهي تنظر إليه . ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]()
كان ذلك عايض ..
الذي توقف هو الآخر في المحطة . حين اضطر للعودة باكرا من أجل عاطف , دون والديه وإخوته الذين سيلحقون بهم فيما بعد . فعاطف مدرس , ومن المفترض أن يذهب إلى عمله منذ الأحد .. واليوم ثلاثاء . كان بداخل المتجر , حين لفتت انتباهه سيارة حسناء التي أوقفتها ونزلت . حدثته نفسه أن يستغل الفرصة , ويتحدث إليها لبضع ثوانِ على الأقل . ليرى إن كان هناك بعض الأمل حقا , كما قالت نجد . لم يستغرب ردة فعلها أبدا حين طرق على النافذة بخفة . أسرته تلك العينان الواسعتان , حين اتسعت أكثر ونظرتا إليه بخوف . ابتسم لها بهدوء , وأشار لها أن تنزل النافذة . علم أنها مترددة جدا . وخائفة أيضا . ما جعله يغضب من هذا الشيء . لمَ تخاف منه ..! ظل يطرق على النافذة وهي تهز رأسها بالنفي , حتى قال بغضب / بسرعة هي كم كلمة أبي أقولها قبل لا تجي حسناء . فتحتها أخيرا على مضض , بعد أن ازدردت ريقها . وأخفضت رأسها بخجل . رفعته مرة أخرى متفاجئة , حين سقط عليها كيسا صغيرا , به بعض الشوكولاتات على ما يبدوا . تنهد عايض ليسأل / متى ناوية تنسين وتكملين حياتك ؟ أجابت بعد عدة ثوانٍ / قاعدة أكمل حياتي الحين , هذي أنا رجعت للمدرسة . عايض بهدوء / وأنا يا يُمنى ؟ إلى متى المفروض أنتظر ؟ رفعت عيناها إليه بصدمة , وارتبكت وهي ترى ملامحه التي لطالما فتنتها , لتبتلع ريقها وتقول بنبرة مرتجفة / لا تنتظرني عايض , انت تستاهل انسانة احسن مني بميلون مرة , وأنا ما ودي أجرحك أكثر . ابتسم عايض بسخرية / انتي تجرحين يا يُمنى ؟ صدقيني كل شيء يجي منك أنا راضي فيه , أنا ماني زعلان أبدا على اللي صار , أنا راضي , إيش تبين أكثر من كذا ؟ تجمعت الدموع بمحاجرها , وشعرت بقلبها ينقبض من الألم / سامحني يا عايض , بس صدق .. لو ما قدرت تنساني , حاول أكثر من اليوم , لأني لو فكرت فيك حتى مجرد تفكير أتمنى لو اني اموت ولا أحس بالاحساس الفظيع اللي يجيني وقتها . غضب عايض / قايل لك أنا راضي , ليش مانتي راضية تفهمين ؟ إيش فيك انتي ؟ يُمنى بنبرة مبحوحة من البكاء / ما فيني شيء يا عايض بس أنا مو قادرة أسامح نفسي والله مو قادرة , عايض أرجوك . النبرة التي نطقت بها ( أرجوك ) .. طعنته بشدة . ما الذي تريده هذه المخلوقة بالضبط ؟ من أي شيء صنعت ! أغمض عيناه بقهر / مو قادرة تسامحين نفسك على إيش بالضبط ؟ انك خليتيني أطلقك غصبا عني ؟ أغمضت عيناها بقوة , وضغطت على كفها حتى ابيضت مفاصلها , حين خرجت نبرتها وكأنها على وشك الانهيار / على كل شيء يا عايض , على كل شيء . عض عايض شفته بقلة حيلة , ليقول بنبرة قاسية / لو تبين ترتاحين صدق , سامحي نفسك على هالشيء بس , إنك خليتيني أطلقك . نوى عايض أن يوبخها أكثر وينبهها , علها تستيقظ على الواقع وحتى الحقيقة من حولها , وتنسى الماضي . إلا أن صوت عاطف العالي منعه / عايض إيش عندك يلا مشينا . نظر إليها نظرة أخيرة , عميقة .. مليئة بالشوق والغضب والعتاب . هي أيضا رفعت عيناها المحمرتان والمليئتان بالدموع . لتلتقي أعينهما , في حديث صامت .. موجع لكليهما . كل منهما يهمس لنفسه بشيء , ويود لو أن الآخر يسمعه فيستجيب . يُمنى ترجوه أن يسامحها . وعايض يرجوها أن تنسى وتعود إليه . فالشوق حقا , قد أعلّ قلبه ! اقترب من السيارة , ليفتح الباب من جهة عاطف / سوق انت . نظر عاطف إلى ملامحه المتجهمة والمتعبة , لينزل ويجلس بمكان السائق ويلتفت إليه / لو كنت عارف إنك بترجع كذا ما خليتك حتى تكلمها . أسند عايض رأسه على المقعد , بعد أن أعاده إلى الخلف ليغمض عيناه / اسكت يا عاطف . نظر إليه عاطف بحزن , وشغل المحرك ليبتعد وفكره مشغول باثنين , شقيقه ونوف . قبل خروجه جعل لينا تسأله إن كانت تريد العودة , فأخبرتها أنها عادت إلى المنزل بالأمس فعلا , برفقة عمر . عمر الذي تحول إلى شخص يملك قنبلة موقوتة بداخله بعد فقدانه لابنته بسبب خطأ غير مقصود . ينفجر فجأة , ويعود إلى طبيعته بذات السرعة . قلِقَ عليها بشدة . تلك الضعيفة , التي تتأُثر سريعا وتتأذى من أي كلمة مهما كانت صغيرة وقد لا تؤثر على أي شخص عادي . في نفس الوقت .. تتظاهر بالقوة , وتدعي أنها لا تتأثر بشيء .. إطلاقا . إلا أنه يشعر بها دائما . وصلوا إلى المنزل أخيرا .. لينزل عايض , ويتجه عاطف إلى العمل . دخل إلى حجرته , وبدل ملابسه سريعا . واستلقى على سريره . أغمض عيناه بتعب , والذكريات تعصف بعقله . تتعبه بشدة . ذلك اليوم , حين استدعاه والده إلى منزل عمه . بعد سنة مما حصل بيُمنى . حين دخل إلى مجلس عمه , ليجده ووالده . جلس بجانب والده مرتبكا , يمرر عيناه عليهما . حين أخبره عمه بالصاعقة .. واتسعت عيناه بصدمة . هل حقا .. يريد منه أن يتزوج يُمنى ؟ نطق بصدمة / بس ليش يا عمي ؟ ليش تبي تزوجها بهالسرعة ؟ هي لسه صغيرة , وأنا بعد توي دخلت العشرين . عمه بهدوء / بس ملكة يا عايض , أبيك بس تملك عليها والزواج بعد ما تخلص دراستك إن شاء الله . ظلّ عايض ينظر إليهما بصدمة وغير تصديق . ليقول وهو يضحك / بس ليش يعني ؟ ليش تبي تزوجها بهالسرعة . ابتسم له عمه / أنا أيامي معدودة يا ولدي , وما أدري متى بموت وأترك هالضعيفة لوحدها , عمتك بعد صارت تضعف وما تقدر تنتبه عليها أكثر . ضحك عايض مرة أخرى بغير تصديق / طيب ليش أنا ؟ ليش مو أحد غيري من أولاد عمي ؟ أكمل بعد صمت قصير / انت أكيد خايف عليها من بعد اللي صار العام , واللي أنقذها ذاك اليوم كان سلمان , ليش ما تزوجها إياه . رد والده بحدة / إنت تعرفه يا عايض زين , عمك لو كان يثق فيه ومرتاح له ما كلمك , انت شخصيا تكره حركاته . تأفف عايض بداخله , نعم يكره سلمان .. ويكره صفات سلمان الغير سوية . ولكن فكرة زواجه من يُمنى غير معقولة إطلاقا . تلك الطفلة .. التي غابت عن عيناه منذ عام واحد فقط . لا زال يشعر وكأنها مثل شقيقاته ! سأل عمه / انت ليش ما تبيها يا عايض ؟ ارتبك عايض / مو لشيء يا عمي , بس أنا ما أشوفها إلا كأخت لي , وهي صغيرة وأنا بعد صغير , حتى لو الزواج بعدين مو قادر أستوعب الموضوع . رفض بشدة , واعترض ألف مرة . قبل أن يجد نفسه جالسا في مجلس عمه الواسع مرة أخرى , بحضور الجميع .. أعمامه واشقاء يُمنى .. ووالده الذي أرغمه على فعل ما لا يريد . ويجد نفسه ينطق بالموافقة . لتصبح يُمنى زوجته بين ليلة وضحاها . كالحلم كان ذلك الأمر ! ______ نوف .. كانت منشرحة الصدر , مرتاحة الخاطر . حين استيقظت وتذكرت أن هيفاء ليست موجودة . اغتسلت وارتدت لباسا مريحا , ووضعت مكياجا خفيفا . لتنزل وهي تغني بصوت منخفض . حتى وصلت إلى الأسفل . واتجهت إلى المطبخ , فتحت الأنوار .. وبدأت تعد الإفطار وهي مرتاحة البال تماما . حين انتهت جهزت الطعام على الصينية , وحملتها حتى غرفة والدتها . فتحت الباب على مهلها بعد أن وضعت الصينية على الأرض . وجدت أمها تجلس على سجادتها على الأرض , وتقرأ القرآن . اقتربت منها وقبلت رأسها / تقبل الله يا أمي . أغلقت المصحف ووضعته على المنضدة / منا ومنك حبيبتي , وش هالصباح الحلو يا نوف ؟ من متى ما نزلتي لي في الصباح . ابتسمت نوف وهي تجلس أمامها / معليش يمه سامحيني , وهذا فطورك . بدآ بتناول الطعام وهما يتحدثان ويضحكان . كما لو أنهما لم يجلسا مع بعضهما منذ فترة طويلة , وهذه حقيقة ! حتى وقف عمر بجانب الباب , ينظر إليهما بصمت , ثم قال بابتسامة / ما عزمتيني على الفطور يا نوف . رفعت نوف رأسها متفاجئة , لتقول بارتباك / تعال تونا جالسين . اقترب منهما عمر , وقبل رأس والدته . التفت إلى والدته حين سألت / وين هيفاء ما رجعت معك أمس ؟ أجابها عمر وهو يمضغ لقمته بامتعاض / ما رضت ترجع , ودها تقعد كم يوم بعد . ضايقت نوف النبرة التي تحدث بها عمر . إلا أنها ابتسمت رغما عنها وهي تقف / بروح أجيب الشاي . أسرعت نحو المطبخ , وقلبها يخفق بعنف . لقد كان يقصد أن تشعر بالذنب مرة أخرى . تنفست بعمق , وأغمضت عيناها حتى لا تبكي . عادت إلى غرفة أمها بيدها صينية الشاي الذي أعادت تسخينه والأكواب الصغيرة . انصدمت واتسعت عيناها بدهشة وهي تسمع ما يقوله عمر لأمه / حاولت أقنعها كثير يا يمه , بس والله ما هي راضية ترجع , تقول مستحيل تقعد أكثر في بيت فيه نوف , وأنا ما ألومها يا يمه تحملتني كثير والعيب مني , ويوم جبنا هالبنت بصعوبة راحت منها قبل لا تفرح فيها زين , وحاليا فرصة الإنجاب معدومة بالنسبة لي . توقف قليلا قبل أن يكمل بصعوبة وهو يبتلع ريقه بمرارة / أنا مضطر أطلقها مثل ما تبي يا أمي , ما عندي خيار ثاني . شهقت نوف بصدمة , وأسقطت الصينية دون أن تشعر . ليسقط الشاي الساخن على فخذها الأيمن , مرورا على قدمها . الغير مصابة ! سقط قلب أمها وهي تسمع صراخها العالي . وركض عمر نحو الباب , عيناه متسعتان بصدمة . لينحني ويجلس بجانب رجلها التي تضعها يدها عليها وتتلوى . سرعان ما ابتل وجهها بالدموع . وصراخها يعلو ويعلو بنحيب حزين . أسرع عمر نحو المطبخ , بينما قامت أمهما بصعوبة من مكانها . وشهقت وهي ترى ابنتها تتلوى بفعل الشاي الساخن والذي أنزلته نوف من الموقد للتو . بكت على الفور , وهي تجلس بجانبها . وليس بيدها أي حيلة . سوى اللجوء إلى الله أولا بالدعاء . ثم الاتصال بالإسعاف بيد مرتجفة . عاد عمر من المطبخ يحمل بيده سطل ماء بارد . وسكبه على فخذ نوف التي تعالت صرخاتها أكثر , قبل أن تتمكن الأم من منعه ! رفع يديه إلى رأسه , وهو لا يعرف ماذا عليه أن يفعل . وترته صرخاتها وأربكته . صعد إلى حجرتها , لينزل وهو يحمل عباءتها .. وقميص طويل وجده معلقا على المشجب . أعطاهما لوالدته الجالسة بجانب نوف تحاول تهدأتها / لبسيها يمه بانتظر برة . وصل الإسعاف في الوقت المناسب , بعد ان انتهت الأم من تبديل ملابس نوف , وارتدائها بالعباءة وهي منهارة تماما . ليس فقط بسبب ألم الحرق . بل أيضا بسبب ما سمعته . كانت سبب فقدان أخيها للطفلة , الآن لا تريد أن تكون السبب في فقدانها لزوجته ومحبوبته أيضا .
|
|
![]()
|