![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]() الجُــزء الحَـادي والـعُـشرون "هل تعيش حَياة مزدوجة؟ هل ماتظهره بعيد جداً عما تبطنه؟ إذا كَان الأمر كذلك فاحذر لأنك ودَعـت السَـلام الدَاخِـلـي وبدَأت تتَجـه نَحـو الهَاويـة؟" -مجهُول. غادة وهي تلتقط عود خشبي ضغيف من على الأرض لتُمثل كتابة ماتقوله على الأرض: ليه ماتتعالج جراح ساخراً:هه نظرت إليه..بجدية: أتكلم جد..ليه ماتتعالج من إضطراب الغضب النفسي ..راح أساعدك بدور لك طبيب ممتاز.. جراح خسرت الكثير ومازلت تخسر بسبب هالإضطراب بضيق:أدري إنك تتكلمين جد غادة...أنا أسخر من نفسي...أنا وحش إبن وحش..الشيء متأصل فيني كانت تنظر بضيق لتلك الندبة التي تشق حاجبه الأيمن إمتداداً من أعلى حاجبه حتى جفنه ..نظر إليها وهو يعلم تماماً إلى ماذا تنظر نطقت بكلماتها لكِ تيقظه من شروده في تلك الذكرى المروعة ..: إذا كان الأب وحش مو معناها إن الإبن يكون وحش بعد...الأبناء مو لازم يورثوا كل شيء من الأباء نظر نحو عينيها ...أردفت بهدوء: لا تفقد نفسك لإعتقاداتك...عمرك ماكنت وحش. قبلت إبهامها ...نظرت نحو أثار عضتها التي كانت على يده ...وضعت إصبعها عليها ووقفت لتبتعد وتغيب من أمامه. رَفـع رأسهُ مِن عَلى رُكبتيهَـا ، نَظـر لهَا بعيَنيـن حَمراوتان شعرُه يتبعَثر طوعاً للهواء.. أمسَك يديهَا الباردتين ، ونطقَ بصَوت خَافت لمَ تعتدهُ منه .. كَان مُحطماً كُلياً: إسَمحي لنا نساعَدك .. أنَا عَارف إن العِلاج صُعب لأنَي أنا في هاذي الفَترة بعَد .. في فترة علاجَي وأعرف إن في لحظَات تتحسَن ولحظات ترجع للصُفر.. بَس صدقيني إنك تحاولين أفضَل من تسمحين لنفسك تسقطين للهَاوية بدون مُحاولة. غادة إبتسَمت بألـم : أنا فِي الهَاويـة أصلاً جراح .. إنتَحرت وشو الهَاوية أكثر من إنك تقتل نفسك؟ وهَو ينَظر نحَو عَينيها: تعرفين إن أفضَل شيء في الوصُول للهَاوية إن طريقك الوحيد بعدها هُو إنك تصعدين ؟ نَظرت إليه بعُمق .. إبتسمَت وهي تقلب يديهَما لتضع يدها فوق يديه : متى صِرت إيجابي كِذا جَراح؟ إبتسَم وهَو ينظر إليها: شفتِي إن العَلاج دايماً يجني ثِماره؟ غادة بإبتسَامة : تدري إن مرضَى الأمراض النفسية مَفروض مايتقربون من بعض لأنهم راح يخربون علاج بعض؟ العَدوى بتكون مُستمرة وأبعَدت يديهَـا عَنه .. كَانت مُتيقنة فِي قرارة نفسَهـا إنهَا يائسَة مِن العِلاج كُلياً .. وإنهَا سوداوية للغايـة وإن جَراح فِي صَدد عِلاجـه ... وإقترابهَم من بعضهم لن يفعَل شيئاً سوى فَساد عِلاجـه زالتَ الإبتسـامة عَن وجهه.. إكفهَر وجهَـه .. نَظر إليها بحِـدة .. صكَ على أسنانـه حَتى برزت حافتَي فكيـه وقـفَ عَلى قدميـه .. مُحركـاً كُرسيها ليخرجـا من عَلى سطح المشفى وصَـلا لغُرفتهَـا وكِلاهمـا صَامتين ، عَلى عكسَ شجارهم المُستمر عند خروجهما مِنهـا حملهَـا بَين ذراعَيـه ليضعهـا على سريرهـا .. كَان سيخرجُ من الغرفة فَور ذلك لكنهُ رأهـا تعاني لتعتدل بجَلستهـا.. تنهـد وإقتَرب منهَا مُجدداً ليسندهَا على ظهَر السرير وهَي تنظر لملامحهُ بعمق رفعَ عَينيه الحَادتين نَحوها حالما إنتهى من مُساعدتها : تدريِن إن العَدوى تُكون بعد بين المَريض والصَاحي صح؟ لا تتوقعَين إن عدم علاجـك ماراح يؤثر عَلى أفراد عَائلتك تخيلي تتسببين لهُم بالعَدوى ؟ تَحولت نظراتهِا إلى حُزن ، إبتعَد عَنها وخَرج مِن الغُرفـة داخلتاً مكانه المُمرضـة ## :حَاولت ، لَكن الاهتمام بخمسة أشخَاص فِي فترة قَاسية كذا لوحَدي كَانت صعبة جداً رفعَ نظارتهُ ليوازيهَا بعَينيه الرماديتَين وهَو ينظُر لهَا ، أرمَلة بخَمسـة أولاد .. توفَـى والدهـم ليسَ إزاء حَادث ولا مَرضـاً عُضوياً .. بل إزاء مَرض نَفسي ينفثُ سمَهُ في عقل المَريض حَتى يجعلهُ قاتِل نَفسه .. ويتبرأ من جَريمتهُ حَيث إن نُصف العالم البَشري لا يقرُ بوجوده أصلاً .. ويُدرج إسمهُ تحَت الحُزن .. ويُصنف عُمره للمُراهقين فَقط.. ويُعتقد إن عِلاجه القُرآن فَقط . هَكـذا أفُسدت حَياة الإمرأة التي أمامُه الآن .. قتلَ الإكتئاب زوجها وألصقَ التُهمة بِه .. وألقى عَلى كاهِلها خَمسـة أولاد بُمختلف الفِئات العُمريـة .. وبتشتت نَفسي كَبير، وهَذا أصعب مابالمسألة :أنَا معك .. ومتفهم لوضعِك تماماً .. الصعُوبة بحَالتك مو بالعناية بهَؤلاء الخَمسة فقط .. الصُعوبة الحقيقة تكمَن بتشتتهم النَفسي الكَبير بعد إنتحَار والدهم . أومأت رأسهـا بالإيجاب والضيِق قَد برزَ حِد سيفُـه على عُنقهـا يُكون مِن ذلك غصةُ حـادة حارقة. الطَبيب سَامي أردَف: أي أبناء طَبيعين راح يتشتتون نفسياً بعد وفاة إحدى الوالدَين .. لَكن في حالة إنتحار أحد الوالدين ... تكُون حالتهم مُعقدة جداً . صَمت قليلاً وهَو يتفكر بسؤاله الذي سألها منذ قليل عَنه عَن قُرب أم فهد لغادة .. ثُم أردَف: إذاً كانت علاقتك معاهـا ممُتازة حَتى سافرت للدراسة .. وبعدهـا حاولتي تتقربين منها لكن كان صعب لتشتت تركيزك على الخَمسة من أولادك .. هَل فيه أسباب أُخرى؟ أم فهد :غـادة نفسهـا .. كَانت دايماً تمثل إنها بخير وماتسمح لأحد يسألها عَن الي تستخدمه ولاعن وين تروح ولا عَن أي شيء الطَبيب سامي شد إنتباههُ كلامها .. بتركيز : لحظة .. عُذراً.. وش تقصدين بتستخدمه ؟ أم فهد : كانت تستخدم حُبوب منومة بكثرة .. وكانت دايماً تنام نتيجة لهُم .. ولما إتخذت قرار بأني أرميهم لأنهم يخسرونها كثير أمور من حياتها زعلت وطلعت من البيت و...ماتسمح لأحد يتدخل بها الطَبيب سَامي بجدية: لَكنك مافَكرتي إنها مُمكن تكون مصابة بإكتئاب يخسرها حياتها؟ صَمتت وهَي تنظُر لهُ بصدمة وضيق.. الطَبيب سَامي: كلامَي ما أقصد به ذَمك ، لَكن أقَصد ليه ما توقعتوا إنها مُصابة بالإكتئاب؟ شيء غَريب خاصة إنكُم تعايشتوا مع حالة مُشابهة قَبلها. أم فهد صًمتت قيلاً.. ثُم نَطقت وهَي تنظر إليه بجدية: لأنها ماكَانت مُشابهة إطلاقاً.. عبدالرحمن "أخذت نفساً عميقاً وهَي تضع يدها على قلبها حَالماً نطقت بإسمه وكأنها تحميهُ من الإنكسار والألم" زوجـي... حالته ماكانت تتشابه مع حالة غادة إطلاقـاً.. كَان ياكل ويشرب طبيعي يروح للدوام بشكل طبيعي .. حياته طبيعية ..ما أدري كيف أشرح لك .. لكن كان دايماً متضايق ومكتئب.. ينام طَبيعي لكن فجأة يقوم من النوم بفزع وقلق .. متوتر دايماً على أقل الأمور لدرجة إن الأولاد صاروا مايشكُون له عن شيء ويهتمون بأمورهم بس عشان مايتوتر.. كَانت واضح إن حالته نفسية وما يُختلط علينا بحالته تشخيص آخر.. بس غادة " صمتت قليلاً وهي تنطق إسم إبنتها بصَوت مُنخفض وضيق" الطَبيب سَامي : كيف كانت حالة غادة ؟ أم فهد وهَي تنظر للأسفَل ومازالت يدها على قلبها : غـادة مَرضها كَان غَريب... بقولك إياها بصراحة شَكيت بألف شيء وشيء وأنا أشوف حالتها .. شكيت إنها بس تبي إهتمام .. شكيت إنها مريضة جسدياً ..شكيت بألف حاجة بس ماشكيت إنها مصابة بمرض نفسي " إجتمعت الدُموع فِي عينيها" وقف الطَبيب سَامي من على كُرسيه المُقابل لكُرسي أم فهد ليخَبرها بأن تأخذ وقتها وهَو يتوجه لطاولة بجانب بَاب مَكتبه ويصبُ بعضاً مِن الماء إليها ناولها الكأس ليجلس عَلى كُرسيه مُجدداً وهَو يرتب معطفه .. ينظُر لهَـا بصمت حتى تنتهي من إرتشاف المَاء وتعَود للتحَدث مِن تلقاء نفسها مرة أخرى أم فهد وهي تحتضَن الكأس بين يديهَا : كَانت فاقدة لشهيتها أغَلب الوقت.. تنام كثير لدرجة فُصلت من العمل.. تتقيـأ كثييير.. "غادة تنهدت: طَيب ...باكل الي بتعطيني إياه ..بس لا توبخيني ولا تهاوشيني.. أبي أنام أم فهد نظرت لها بإستنكار: إنتِ شفيك بالضبط؟ كِل هاذي حركات محاولة إن تاخذين منا إهتمام كالأطفال؟!! ولا الدايت الغبي الي تسوينه الي يخليكِ أربع وعشرين ساعة تعبانة ..ليه ؟؟ غادة نظرت لها متسعة الحدقتين...فتحت فمها بًصدمة..إخذت أنفاساً متتابعة قصيرة..: إهتمام؟ أم فهد بإستنكار: أنا تدرين ليه قلت لك بتاكلين أو ماراح تاكلين بالطقاق؟ لأني تعبت منك وإنتِ بس تبين تاخذين إهتمام...أكثر من هربك لأمريكا وأخذك كل قلقي وإهتمامي وش تبين أكثر؟؟؟ أنا مو عارفة وش تبين بالضبط ...وطلعاتك كل ليلة ...ورجوعك مع ريان وهو في المقهى...إيش يعني الدايت هذا عشان تلفتين نظر جراح لك مرة ثانية؟ تَود لو أنها تصمت فَقط ..كُل حرف تقوله يزيد صًدمتها ..لَم تتوقع إن ذلك الذي سوف يقابلها حال عَودتها من المقهى الذي سقطت مغشيتاً عليها فيه...نظرت لوالدتها وصدرها يرتفع ويهبط : لا طبعاً!!!....وأنا ما أسوي كذا لأني طفلة زي ماتقولين أنا بس تعبانة .. ذهبت لجانب الكمدينة التي بجانب سريرها لتفتح إحدى الأدراج : واللحين إذا ممكن تتركيني أبي أنام وأرتـ... إتسعت حدقتيها وهي تنظر للدرج الخالي تماماً أمامها أم فهد بصرامة : تعبانة لأنك تشربين منوم كُل يوم ؟ هذا من الأرق لو من الملل من الحياة الفارغة الي تعيشينها ؟ نظرت لأمها والدماء تغلي في عروقها ..بغضب: ليه ترمينهم ؟!!!! أم فهد بغضب: ليه ما أرميهم ..أنا أمك وبكيفي أتخذ الطريقة الصحيحة للإهتمام فيك خَارت قواها..ذُرفت دموعها على خديها وصاحت بغضب: لييييه هاذي طريقتك في الإهتمام ليه !!!!! إنت ماتفهمين ليه أحتاجهم مالك دخل فيني أم فهد رمقت غادة بنظرة غاضبة ومصدومة: وصلنا لمرحلة الصراخ على الأم ؟ وضعت غادة باطن يدها عَلى جبينها لتخلل شعرها بين أصابعها بإنزعاج .. أخذت حقيبتها مجدداً لتخرج من الغرفة ..وتنزل من على الدرج" أخبرتهُ بذلك وهي تبتلعُ ريقها وتأخذ نفساً بين كُل مقطع .. إبتسَمت إبتسَامة صَفراء والضيق واضح على ملامح وجهها: أحس بالخجل وأنا أقول لك هالحَادثة .. بَس هذا الي صار وهذا الواقع الطَبيب سامي: لا بالعكس كذا إنتِ تساهمين بعلاج بنتك.. فِعلاً الأمراض النفسية لا تقتصر على الرٌوح بل على الجسد أيضاً .. وفي حالة الآنسة غـادة كان تضرر جسدها واضح جداً ويخلي التشخيص يختلط على الشخص لا تلومي نفسك. مثل ماعَرفت من الطَبيب السابق للمرحوم عبدالرحَمن زوجك .. إن سبب إكتئاب زوجك كان عدم توازن كيميائية المُخ غالباً.. خاصة إن مافيه حادثة مؤلمة مرة بها قبل إصابته لكَن في حالة الآنسة غادة .. ما أتوقع هذا السبب بصراحة .. لكن لازم أتناقش مع الكِل ومعاها أكثر عشان يكون تشخيصي دقيق . ## :لا قالهَـا بوجـه جـامد .. كَان أكثرهم صموداً في فترة الحَادثة ومازال جامداً تماماً. الطَبيب سامي: آسف عارف إن ممكن تحسون الوضع مو مريح وكأني أحقق معاكم .. لكن عشان أكون صريح معاكم الطٌب النفسي يعتمد كثير على الأسئلة نسَمي بعضنا مُحققين نفسيين كدُعابة بيننا . إبتسَم .. نَظر لوجه فهد الجامد الذي لم تتغير ملامحه .. بجدية : إستاذ فَهد ..أسألتي مابتاخذ الا القليل من الوقت خذ راحتك .. صَمت قليلاً ثم أردف: كِيف إذا كانت علاقتك بالآنسة غادة ؟ فَهد : مثل أي شخص من عائلتي نَظر لهُ الطَبيب سامي من فوق نظارته .. ليرفع رأسه وينظر لفهد بعمق: فسَر العلاقة فهد : إنتَ بتعالج غادة .. ممكن أعرف وش دخل علاقتي بأخوتي بعلاجها؟ الطَبيب سامي: علاقة متينة جداً... لكن إسمحي لي بمعرفتها فهد بصَبر: أنا فقط مهتم بأمور البيت والتعليم والمصاريف الطَبيب سامي : على صعيد العلاقة الشخصية؟ فهد صَمت .. وكأنهُ لا فائدة من تكرار الإجابة لأنه قالها من قبل الطَبيب سامي : إذا تقول لي علاقتك معاهم كانت مادية لا نفسية؟ فَهد رفع حاجبهُ غير فاهماً مايريد الطبيب سامي الوصول إليه الطبيب سامي: مُمكن أعرف السبب ؟ كَونك أخ كَبير أكيد تحملت ضغوط مادية كثير لكن وش كان يشغلك عن علاقتك الشخصية معهم؟ صَمت فهد قليلاً وهَو ينظر للطبيب بجمود .. ثم أردف: أحس بالثقل كلما جلسَت معهم .. الاهتمام بأمور البيت والكهرباء ودراستهم وأي إجراءات كانت أسهل جداً من أي نقاش معهم الطبيب سَامي صًمت وهَو ينظر لفهد حتى يكمل حديثه بإصغاء.. أردف فهد: كِنت أحسهم عاطفيين جداً .. وأتوقع إن الحياة عطتهم قسوتها ومفروض يواجهونها بعقلانية وواقعية .. أما تجنب الواقع فهذا ... أمر طفولي. الطبيب سامي: وكيف كانوا يتجنبون الواقع؟ فهد : أنا ما أقصد أي إساءة لأمي... في النهاية هي كان هدفها حمايتهم من أي ضيق .. لكن أنا ماكنت أوافقها الرأي.. ذكر أبوي أو الإنتحار أو أي شيء متعلق بالوالد ممنوع منعاً باتاً وكل ماينذكر لازم تصير هوشة وحالة.. حتى صوره أخذتهم من الألبوم وخبتهم.. غرفة نومهم تركتها وسكرتها وممنوع أحد يفتحها .. وإنتقلت لغرفة ثانية .. جعلت من الوالد مَنسي. صًمت قليلاً ثٌم نطق بضيق دُون أن ينتبه : لكن نسيانه كان مُستحيل.. كانت محاولتها مامنها نفع .. ولا تؤثر في حمايتنا من الضيق. الطَبيب سامي صمت وهو ينظر لفهد الذي حالما وضحت نبرة الحُزن في صوته إعتدل بجلسته وأعاد الثقل في نبرة صًوته : لذلك كنت أحسهم دايماً يتعاملون ويتكلمون بعواطفهم .. وحالتنا ماتسمح بهذا الشيء . الطَبيب سامي : مافكرت إن واقعيتك قاسية ؟ فهد قطب جبينه : يا دكتور عذراً بس وش تقصد بكلامك ؟ الطَبيب سامي: أقصد إنك ماتقدر تلومهم على ردات فعلهم .. وعلى كيف وفاة الوالد أثرت عليهم في النهاية كل إنسان يتأثر بطريقته الخاصة ومحَد يختار كيف يتأثر صدقني.. إنتَ مثلاً إسمح لي لكن تأثرك ألقى فيك القَسـوة أحياناً البعض بعد الفقدان .. يصيرون أقسى .. وبإعتقادهم إن هاذي القسوة هي درعهم من أي ضيق وأي شيء ممكن يكسرهم .. فلهذا عاطفة أمك كانت تحسسك بأنها تبالغ وبأنها تكسرهم أكثر.. بينما هي كانت وجهة نظرها مختلفة.. علماً بأني ما أتفق مع وجهة نظرها أيضاً لكن ما أتفق مع وجهة نظرك أيضاً. صًمت فهد وهو ينظر للطَبيب .. الذي تابع كلامه : غالباً حالتك تصير لأغلب الأخوة الكِبار.. يصيرون أقسى عشان يحمون ويساعدون نفسهم وأشقائهم .. ما ألومك .. لكن أنبهك .. هل شكيت بأن غادة فيها شيء؟ فهد : بصراحة لاحظت فقدان وزنها لكن توقعت إنها تتبع حمية وإنها كانت تنام كثير بس ماتوقعت إنها .... صمت دون أن يُكمل جملته ..وهُو ينظر للطبيب بجمُود عكس مابداخله. ## ظُهــراً.. نَظرت إليهَا وهَي تضع الكُتب فِي حقيبة ظَهرها بهدوء مُستعدة للخروج بَينما هِي كانت قَد إنتهت من توضَيب كُتبها في حقيبتها التَي على ظهرهـا .. إبتسَمت عندما أغَلقت مَرام السَحاب لتنَظر لليلى التَي كانت تنظُر لها طوال اليُوم .. لَم تسنح لها الفُرصة لتحُدثها حتى الآن ليلى بإبتسامة قلقِة : إتصَلت لك الأيام الي فاتت ماتردين ولا تداومين .. حتى.. حتى جراح وريان مايفتحون المقهى وجراح أكلمه مايرد .. يارب المانع خير؟ قالتهَا والقلق يأكلها وهَي تنظر لعَينين مَرام الباردتين .. كَانت باردة كالثلج .. ولَم تعهد ذلك منها :ماقالت لك لِين؟ ليلـى وهي تشدُ على سير حقيبتها عَلى كتفها بقلق : لا.. ماشفتها ولا كلمتها الفترة الأخيرة .. مَرام بعَدما وضعت حقيبتها على ظهرها .. نَظرت لليلى : بَس غـادة كانت تعبانة وإنشغلنا معاهـا ليلـى وهَي تنظر لمَرام ،بهدوء: وكلكم إنشغلتوا..؟ قالت ذلك لأن التعَب لهُ أسَبابه .. لَم يكُن سبب تعب غادة عاديُ قطعاً إذ نتج عن ذلك غياب الجَميع.. حتى جَراح. مَرام صَمتت وهَي تنظر لليلى بنظرات باردة .. ليلـى بسرعة : عُذراً ما كان قصدي أتدخل .. صَمتت ..وهي تنظر لمرام التي مضَت بطريقها حالما إنتهت ليلى من الحَديث :إذا تحتاجين تتكلمين أو أي شيء كلميني.. وقفَت مرام لتسمع ماتقوله ليلى دُون أن تستدير ناحيتها .. لا تعلَم لمَا أثار قولها حُزنها.. فقط إبتعَدت دُون أدنى ردة فعل. ### كَانت جالسة عَلى الكراسي المعدنيـة قُبال بَوابـة الخُروج مِن الجَامعة ..واضعتاً حقيبة ظهرها الصفراء على الأرض بجانب رجليها مرتدية عبائتها مُسندة إحدى خديها على يديها وبالاخرى تعبث في هاتفها في المحمول.. توقَفت أمامهـا.. رَفعت عَينيها الواسعتين نَحوها بالتدريج حتى رأت وجههـا أخفضت عينيها لهاتفها مُجدداً ومازالت تسندُ وجنتها على يدها : واحشتك ولا شالسالفة كل يوم تشوفيني في المستشفى ماتشبعين؟ غلا بهدوء: قَيس مابيمرك كالعادة؟ لِين دُون أن تنظُر لها : لا غَـلا:آمم.. تعالي معي لِين توقفت عَن العَبث بهاتفها .. رفعَت عينيها لتنظُر نحَو وجه غلا بتفحص.. أبعدت يدها عن خدها لتستند بظهرها على الكُرسي وهي تنظر لغلا بتفحص : مزحة؟ غَلا: ليه مزحة؟ لِين ببرود: لأني زوجة قَيس غلا وهي تجلس بجانب لِين، نَظرت للأمام : أساعد قيس فقط لا غير لِين وهي تنظر لغلا ببرود : غبية إنت؟ كيف بتساعديه شدخله أنا الي بركب مع كريم غَـلا نَظرت للين : شُكراً لأنك جيتي لما إتصلت لك صَمتت لِين وهَي تنظُر لغلا ..مُحاولة أن تظهر وجه المُقامر .. بلا مشاعر وبلا ردات فعل .. لكنها تشعر بالضيِق في قلبها غَـلا بتردد : في النهاية أنا فعلاً ماقدر أسَوي شي لأني مو زوجته لِين : مَردك بتصيرين زوجته صًمتت غلا وهي تنظُر للين .. نظرت لها لين بصَمت مٌنتظرة منها أن تتكلم أو تبعد ناظرها عنها .. لين بنفاذ صَبر رفعت يدها بتساؤل: شفيك؟! غَـلا بهدوء: خايفة لوقتها يصير حُبكم من طرفين تجمدت نظرات لين .. تجمد وجهها أمسَكت إحدى سيور حقيبتها لتحملها بلا مٌبالاة منه وتخرج من الجامعة .. كَانت تشعَر بذلك .. كَان واضحاً إن لِيـن قد وقعت فِي شباك قَيس.. كان واضحاً أنها لم تستطع منع نفسهـا.. من حُبـه. ## كَانت شاردة، تنظر لصَحن الطعام أمامها بشرود.. كوب بلاستيكي .. صحن بلاستيكي .. ملعقة بلاستيكة فقط.. لا وجود للشوكة ولا سكين .. نَظرت للمُمرضة : كِيف تتوقعين إني بقطع اللحم بدون شي حاد؟! المُمرضة نَظرت إليها بُبرود: ممنوع ندخل لك شوكة وسكين كَانت جالسة على الكُرسي بجانب سريرها ، إعتدلت بجلستها لتأخذ الملعقة التي أمام غادة وتُقطع اللحم : أنا بقطع لك إياه نظرت لوالدتها التي بدأت تُقطع لها اللحَم .. شارِدة .. كُل حديث عقلها يدُور نَحو نُقطة واحِدة . نَظرت أم فهد لغـادة .. فأعادت غـادة نظرها نَحو الصَحـن تناولت مُلعقتها لتبدأ بتناول الطعام قصراً.. دخَـل ريان لهَـا .. حالما رآهـا تتناول طعامها إبتسـم.. جلس على سريرها ينتظرها أن تنتهي .. ما إن إنتهَت حَتى وضع أمامهـا بيضَة كيندر وبجانبها دوائها نَظرت إليهَ ..بضيِق... هذهِ طريقتهما لمواسٍاة حزنهُما لكَنهـا موضوعة بجَانب مُضاد الإكتئاب . لَم تعد تمتلك القُوة الخارقة لمواسَاة حُزنها تغَلب عَليهـا مُضاد الإكتئاب . مَازالت عَينيهَـا مُعلقـة على ما أمامَهـا .. ومازالت عَيني رَيان مُعلقة عَليها إرتجَف جسَدهـا لمُحاولة كتمانهَا بُكائها.. أغمضَت عَينيها بشِدة مُحاولتاً حَبس دموعها .. أخفضَت رأسها مَد رَيان يدهُ لظهَرهـا ماسحاً عليه ، بهدوء: ماعَليش .. إنتِ قوية بتتحَملين هالفَترة فَترة وتعَدي ## نَظر لهُ بتُوتر تسائـل: ليه دكتور سَامي يبي يتكلم معنا كل شخص بلحاله؟ وش قال لك ؟ نَظر لهُ فهد بجُمود : بَس أسئلة عادية عشان حالة غادة قَيس بشك: يعني ماقال شيء عن حالة غادة ؟ بس أسئلة ؟ طَيب ليه وقف عندك إنت وأمي فهد بنفاذ صبر: لأن مو غادة مريضته الوحيدة قيس صمَت قَيس وهو ينظر لفهد فهد أردف: الله يهديك صرعتني بالأسئلة ..وبعدين ليه مارحت داومت اليوم لمتى إن شاء الله بتترك دوامك ؟! قَيس : الأحد برجع للدوام :السَلام عليكم إستَدار على صَوتهـا .. كَانت رؤيتها تَثَلج صَدره.. بالأمسَ قد تعلق بطَرف عبائتهِا ، مُقراً بأن قُربها مِنه يَشعرهُ بالإطمئِنان واليَــوم.. هَاهـي أمَـامه.. كَكـل يَوم لَم تتركـه مُنذ الحَادثـة.. رُغم شجارهِم المُستمر.. رُغم حقَيقة زواجهِم المُدمرة رُغم إنهما لَم يُعاملا بعضهم كزوجَين مُطلقاً إلا إنهُما دائماً موجودان لبعضِهما. نَظرت إليه بإستغراب.. كَانت نَظرتهُ لها غَريبة جِداً قَطعت ذلك بسؤالهِا: أخَبار غـادة؟ قَيس وهَو مايزال ينظُر إليها: الحَمدلله ## : مِن بِين كل المَوجودين .. إنتَ كتوأمهَا ..أكثَر واحَد خَايف إنك تُكون مُصاب أو مُعرض للإكتئاب لِذلك..هاذي المناقشة معاك جِداً مهمة.. كتوأمها ماجاك شَك بحالة غادة ؟ رَيان وهَو ينظر للطَبيب بِضيق: بلى.. وأكَثر مِن مرة .. وأكَثر مِن موقف.. زاد شكلي وزاد تساؤلاتي لكَنها تُنكر.. "بصُوتِ خافت مَسموع" عَلى غنهَا كانت مُعترفة بذلك فِي قرارة نفسها الطَبيب سَامي: مِثل..؟ رَيـان: مرة دخلت غرفتها .. كَانت صقيع.. شفتها في الحَمام مِنهارة ..شعرها يملي يدها.. وبردانة جداً .. وديتها المستشفى .. والدكتور المتخلف إتهَمني بتعنيفهَا .. وجَلس يتكلم كثير بس ماتكلم عن نفسيتهَا أو شي.. بعدها كانت فاقدة شهيتها وتستخدم منوم وتهاوشت معها كثير على هالأمرين .. غِير " بضيق" قالوا لِي .. وأنا اللحَين إنتبهَت.. سَواعد يدها ... مجروحة. الطَبيب سَامي: شُكراً لمُبادرتك بإنك وديتها مُستشفى .. مُمكن تقول لِي ليه إعتقد الطَبيب إنك تعتدِي عَليها من فضلك ؟ رَيان بدُون نفس: قَال لِي إن شَعرها مقطع مو متساقط عشان يشك إنه مَرض.. فتوقع إنها معنفة الطَبيب سَامي :كِنت بيد طَبيب عَبقري.. كِيف ما إستنتج الإكتئاب؟ رَيان نَظر له بإستغراب: أقولك يقول معنفة تقول عَبقري؟ وش تقصد و فاهم و تقصد!! الطَبيب سامي: هَدي أعصابك أستاذ َرَيـان.. أقَصد إنه مافَوت إن شعرها مقطع مو متساقط .. بصراحة هاذي نباهَة منه ..مُو أي أحد راح يركز عَلى هاذي النُقطة .. مُمكن أعَرف الحُوار كَامل؟ "الطبيب وهو مايزال ينظر لريان بنفس الطريقة: لا لا تخاف .. بس أختك دخلت المستشفى ومعاها هايبوثيرميا أو إنخفاض درجة حرارة الجسم بالعربي.. وانخفض عندها الاكسجين فلهذا احنا زودانها بالأكسجين .. لا تخاف من هالموضوع .. لكن عندي بعض الأسئلة إذا ممكن ريان : زي ماتوقعت الطبيب متسائلاً: عرفت يعني إن صابها هايبوثيرميا؟ ريان: يعني ماعرف هالمصطلح لكن توقعت إنها تعبت من البرد فلهذا حاولت بقدر الإمكان أدفيها ولبستها جاكيت وشغلت تدفئة السيارة الطبيب: زين ماسويت لأن الهايبوثيرميا ممكن تؤدي لفقدان الوعي والهلوسة فالتصرف السريع يقيها من هالأمور... بس يا الأخ ...؟ ريان : ريان الطبيب: يا أخ ريان مرة غريب إن اختك تنصاب بهايبوثيرميا والجو خريفي أقرب للحار في بلدنا ..(مستنداً على ظهر كرسيه وهو يتحرك به بهدوء وبطئ) يعني وش السبب الممكن لإصابة شخص بهايبوثيرميا وهو كان في منزله فجأة ؟ ريان : آممم.. أنا لما دخلت غرفتها كانت الغرفة باردة بشكل مو طبيعي .. فـ الطبيب قاطعه بحدة: ليش الغرفة كانت باردة لهالدرجة؟ ريان بتوتر لا يعلم مايقول , هز كتفيه: ما أدري هي حاطة التكييف على أقل درجة حرارة الطبيب : ممكن توصف لي الي صار ريان خاف من أسئلة الطبيب المتسلسلة: دخلت الغرفة وشفتها حندس وباردة حدها..شفت نور الحمام ودخلت وأشوفها تبكي على الأرض مصدومة وشعر راسها مالي يدينها فـ... قاطعه الطبيب بحدة : ليش تدخل الحمام الي موجودة فيه أختك وإنت تشوف الضوء مشغل أستاذ ريان ؟ ريان نظر له بحدة: أفهم من سؤالك إنك تشك فيني يادكتور؟ ..الباب كان مفتوح جزء منه وأختي مو على سريرها ..تبغاني أوقف وماسوي شيء الطبيب إقترب بكرسيه ناحية الطاولة ليقترب لريان ، بجدية وحدة: لأن أنا فحصت غادة والي شفته يخليني أشك يا أستاذ ولو تكون شكوكي في محلها راح أبلغ عليك فتح ريان فمه ليدافع عن نفسه ليرفع الطبيب يداه ليوقفه ويكمل كلامه : لا تخاف ماراح أبلغ عليك لين أتاأكد تماماَ.. بس قصة سقوط شعر أختك غريبة ريان مدافعاً عن نفسه بحدة : أنا توقعت إنه من الهايبوثيرميا الطبيب : الهايبو ثيرميا مايسبب هالشيء.. غير هذا مايوجد في سجلات أختك إنها تتعالج بكيماوي أو شيء وحتى لو ماراح يتساقط شعرهابهاذي الطريقة بالتحديد ريان رافعاً حاجبيه يشعر وكأن الطبيب يتكلم بألغاز غير مفهومة: مافهمت ..شتقصد؟ الطبيب : ريان أنا أشك إن أختك معنفة من قبل أي شخص منكم ريان بغضب ، لقد جن جنونه من إتهام ليس في محله أبداً: أكدت عليك يادكتور إن محد يعنفها كيف بعنف توأمتي وأنا أحس بكل ألم هي تحس فيه .. أنا مو فاهم ليش إنت مصر على هالتفسير الطبيب: لأني بعد ما سويت إجراءات أختك عشان تروح عنها الهايبوثيرميا سألت عن السبب لأن مرة غريب إن أحد ينصاب فيها في بلدنا خاصة مع هالجو..بلغوني بالقصة سريعاً فهنا لازم يتوجب علي فحوصات ثانية..لما فحصت راس أختك شعرها كان مقطع .. أقصد بمقطع إنه ماتساقط من الجذور زي مامفروض يحصل لو أنها كانت تتعالج من كيماوي أو شيء مثل ذلك.. الشعرة نفسها متقطعة ..هذا الي يصير للشعر لو أحد مزع شعرك ريان عقد حواجبه بإستغراب .. صمت قليلاً : ما اعرف وش مفترض أقول لكن كان شيء مخيف لما دخلت وكل هالشعر في يدينها ..وأؤكد لك إن محد يعنفها الطبيب نظر إليه لدقائق .. وكأنه يحاول جمع خيوط قصية مما جعل ريان يبلع ريقه بتوتر: إذا تبي الصراحة أنا حتى لو أبي أبلغ عليك ما أقدر.. لأن أختك مافيها كدمات تبين إن أحد يعنفها .. شعرها المتقطع تفصيل بسيط ماتقدر تبلغ عنه .. لكن أنصحك بأن تجيبها الصباح عشان نسوي لها بعض الفحوصات نتأكد تماماً إن مافيها شيء" الطَبيب سَامي وهَو يهز رأسُه بالإيجاب وعَينيه ترتكز على نُقطة معينة بتركيز: صَحيح كلامه "نظر لرَيان بإهتمام" وبعدهـا ؟ وش كَانت نتيجَة التحاليل ؟ رَيـان بإستغراب:ولا شي.. ماسوا أي تحليل بس قابل غادة الطَبيب سَامي: ووش قالها ؟ رَيـان: ما أدري وش قالها بالضبط لأن طلب تكون لحالها بالداخل.. بس طلعت معصبة وهي تقول غصب يشخصني معنفة أو مريضة الطَبيب سَامي: وبعدها؟ رَيان: بعدها أقنعتني إن مافيها شيء.. ومثل ماقلت لك.. تقلبت بين سوء غذاء..سوء نفسية.. سوء نوم .. إلخ غِير مواااقف كثيير حصلت بسبب سوء أكلها ونومها الطَبيب سَامي: طَيب .. على كل المواقف إلي شهدتها ليش ما شَكيت بإكتئابها؟ رَيـان دون تردد: لأني غَبــي.. أو مرة أشَوف توأم مايَحس بتوأمه كِنت شاك في البداية إنها مريضة بشيء.. كِنت شَاك بالمرض الجسدي بس ماجا على بالي إكتئابها .. كِنت أدري إنها دايماً متضايقة .. بَس كان في بالي إن شيء أكيد بعد إنتحار أبوي بتكون متضايقة كثير..غَـاة تغيرت كِثير بعد وفاة أبَوي .. تُحولت لشخصية كئيبة جداً .. بَس ما تَوقعت .. إن الإكتئاب بيحَاول يُسرق منا شخص ثاني في عائلتنا مرة ثانية. قَال ذلك وعينيه مُرتكزة فِي اللامَـكـان .. مُتجمدة.. الطَبيب سَامي: وإنت أستاذ رَيـان؟ هَل تحس بأي كئابـة؟ رَيان نَظر للطَبيب .. إبَـتسـم إبتسامة جانبيـة كعادِتـه.. لكنهَـا كَانت صفراء : تحَاول تقينـا من الإكتئاب .. وهَو الشي الي ماصار لنا بعد حالة أبوي؟ الطَبيب سَامي صَمت وهَو ينظر لرَيان الذي كان كلامه صائباً تماماً رَيـان أجَاب وهَو مايزال ينظُر للطبيب وإبتسامته عالقة على شفتيِه: لا.. لَكنـي مُو قادر أعيش حياتي الطَبيعية بعد حادثة غـادة الطَبيب سَامي: وكيف كنت تتعايَش مع حالة والدك المَرحوم؟ رَيان: تحملت مسؤوليات وأنا مُراهق.. كِنت مَجنون عشان أكون صريح.. أغازل بنات أسوق بتهور وحركات مُراهقين... كِل مازالدت الحالة سوءَا .. زدت أنا سوءَا بعد هذا فِي وقت إكتئابه .. لَكن بعد ماتَوفى مو بس غادة تغيرت كلياً.. أنا بعد تغَيرت من مُستهتر لمسؤول .. لشخص يهتم بغيره لا نفسه . عَشان أكُون صَريح .. كِلنا تغيرنا . ![]() ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
|
![]()
كَـان آخَـر شخص يَقوم بُمقابَلتـه ..
مَرام لم تأتي للمَشفى .. دَخـل بخُطوات ثقِيلـة .. مُتذكراً تِلك الأيَام التعَيسة .. اللاتي عاشوهَا أثنَاء إكتئاب والدُهم جَلس أمَام الطَبيب سَامي مُبتسمـاً.. عَكس إحسَاسـه .. كعَادتـه. نَظر لهُ الطَبيب سامي .. كَان الوحيد الذي قَد جلس أمامهُ مع إبتسَامة : إستاذ قَيس.. كِيف حالك اليوم؟ قيس: الحمدلله الطَبيب سامي: الحمدلله.. عندي كم سؤال أتمنى ما أزعجك بُهم لكَن لضرورة الخُطة العلاجية والتشخيصية للآنسة غادة قَيس :تفضل الطَبيب سَامي: هل لاحظت على الآنسة غادة أي شيء مُثير للريبة قَبل الحادثة أستاذ قيس؟ قَيس: إنها كانت تقطع شعرها .. وتشرب منوم.. ماتاكل.. ودايماً متضايقة الطَبيب سَامي: متضايقة... طَيب ليه ماشكيت بضيقها كإكتئاب؟ قَيس: لأننا كِلنا دايماً متضايقين كَان يدَون شيئاً.. رفعَ عَينيه بُسرعة لينظر لقَيس مُجدداً رفع رأسه :وضَح لي كلامك أستاذ قيس " كلنا دايماً متضايقين"؟ قَيس: أقَصد .. أهلي من بعد حادثة أبوي.. دايماً هواش.. دايماً متضايقين ..ولأنها أو وحدة إكتشفت إنتحار أبوي.. ولأنها متعلقة فيه كثير.. فكان هالشيء مؤثر عليها جداً الطَبيب سامي نَظر لقَيس بتمعُن ..ثُم سأل: هل في أحد قالك عَن شيء من الأشياء الي ذكرتها عن الآنسة غادة وإنت كنت ملاحظها أيضاً؟ قَيس: لا الطَبيب سامي: أنا أسف لسؤالي.. لكن كيف إكتشفتوا إنتحار الآنسة غادة ؟ قَيس: إنت تعرف الحادثة.. كانت بالبانيو.. الطَبيب سامي قاطعه: لا... أقصد أمك قالت لي إن هي منعت الدخول لغرفة أمك وأبوك السابقة بعد إنتحاره في حمامها .. كِيف إكتشفتوا إنها هناك ؟ بمحض الصدفة .. إنكم كنتوا تدورون عليها وبس ومن اليأس رحتوا بحثتوا هناك ... ولا لأنكم شكيتوا بشيء؟ قَيس تجَهم وجهه ..نَطق بضِيق يحاول إحكامه فِي صدره: لأن وقَتها غلا كلمتني وقالت لِي إنها مكتئبة ورحت بسرعة للبيت خايف عليها الطَبيب سامي: "بسرعة للبيت خايف عليها" كنت شاك إنها إنتحرت؟ قَيس إبتلع غصَته بألم وعَينيه مُرتكزة على الطَبيب .. بضيق: إي الطَبيب : ليه .. إنك تعرف إنها مصابة بالإكتئاب في يوم مو بالضرورة إنك بتعرف إنها تنتحر في نفس اليوم بعد ؟ قَيس: لأنها قالت لي أشياء ماعرفها .. ولأنها كَلمتني بخوف.. كَانت شاكَة بأنها راح تأذي نفسها..فلهذا كَانت في عجلة وتبي تقولي شكوكها بسرعة الطَبيب سامي: مُمكن تخبرني عن حالتك مع إنتحار والدك ؟ قَيس: الحمدلله الطَبيب سامي وهَو ينظر لقيس كاتماً إستغرابه : أقصد..كِيف كان شعورك ..دورك ؟ قَيس: بَس حاولت أهتم في عائلت بقدر الإمكان .. وقبل الـ(صَمت قليلاً يبحث عن كلمة مختلفة عن الإنتحار) وفاة أبوي كنت أنا وفهد نتقاسم المسؤولية.. بينما بعد وفاته عشان أكون صريح المسؤولية كانت كبيرة على ريان مع وجودنا طبعاً لكننا تزوجنا وريان كان أكثر شخص مسؤول الطَبيب سامي: وشعورك وعلاقتك معهم..؟ قَيس: كل شيء بخير بَس غادة أتمنى تطلعها من الي هي فيه الطَبيب سامي أومأ رأسه وهو ينظر لقَيس بإستغراب ## :مُمكن أسألك عَن الندبات الي فِي ساعدَي يدك؟ نَظرت إلِيه بحِدة : خلاص إختَفوا الطَبيب سَامي:صَح كلامك بَدوا يختفون تدريجياً.. لَكني كَطبيب نفسي أكيد بلاحظهم غادة : وليه توك تسأل عنهم الطَبيب سَامي: لأني ماقَدر أسألك كل الأسئلة الي في بالي في جلسة واحدة آنسة غادة غادة: ليه؟ ياليت والله كان أخلص وأفتك من الجلسات الفاضية ذي الطَبيب سامي : كِنت تخبينهم ليش؟ غادة:كِيف عَرفت إني كنت اخبيهم؟ الطَبيب سامي: قابلت أفراد عائلتك اليوم .. مو الكِل يدري عنهم غـادة: شي طبيعي بخبي جروحي مين يبي يظهر جروحه للناس الطَبيب سامي وهَو يستند على ظَهر الكُرسي، تنهَد: آنسة غادة ... هَل كِنتي تجرحين نفسك؟ صَمتت وهَي تنظر لَه بِحـدة .. شَدت على قَبضـة يدَهـا : أتَوقع مافي أسوأ من الإنتحار الطَبيب سامي : كَم مرة ؟ مرة .. مرتين..كثير ماتقدرين تعدينهم ..وكيف غـادة: مَرة.. الطَبيب سامي: ليش ما إستَمريتي؟ غـادة قطبت جبينها: شهالغَباء يعني تبيني أستمر ولا إيش؟ الطَبيب سامي: واقعاً شُكراً جزيلاً لأنك ما إستمريتي.. لَكن غالباَ الي يؤذون أنفَسهم يستمرون بإيذاء نفسهم معتبرينها وسيلة لتخفيف الألم النفَسي غَادة بحدة: أنا حَسيتني غبية وأشفقت على نفسي زيادة .. ومثل ماقلت لك أكره شعور إنك تشفق على نفسك الطَبيب سامي: الي إكتشفَوا جروحك ما سألوك عنهم؟ وش كان جوابك؟ غادة : ماكنت أعطيهم جواب طبعاً الطَبيب سامي صَمت قليلاً وهو يقلب الورقة .. نَظر إليها: آنسة غادة لازم تتعاونين في علاج نفسك.. لازم تكون عندك الرغبة في العلاج .. لازم تتكلمين مع أفراد عائلتك لما تحتاجينهم.. ولازم ماتتهربين من أسئلتهم إنتِ ماعطيتيهم فرصة حَتى يعرفون شفيك عشان يساعدونك .. وهذا الي أدى لمرحلة الإنتحار.. كِنا نقدر مانوصل لهالمَرحلة. غادة بحدة: شوف إنت طبيب نفسي.. مو مريض نفسي.. لذلك ماتفهم إنك لو إيش سويت بتوصل لهالمرحلة يعني بتوصل الطَبيب سامي: وطبعاً إنتي تقيسي تجربة الكل على تجربة واحدة في حياتك .. وهي تجربة الوالد أحسَت وكأنه قَد أثار جُرح قلبهَا .. وكأنه إخَترق الجُرح من جَديد ألف مَرة .. صَمتت وهَي تنظُر له بوجِه جامد وعَينان حزينتان.. تُحاول أن لا تَظهر عَدم إنتظام تنفسَها بعد جُملته الطَبيب سامي وهَو يغلق الملف: أتَوع إن حديثنا لهذا اليُوم كافي.. لكِن أتمنى مِنك الإلتزام بالعلاج والجَلسات... واليُوم بإذن الله تبدأين العلاج الطَبيعي لكِن رجاءَا .. تحَلي بالعزم .. وبالحياة. وقَف من على كُرسيه .. : أنا كِنت بتخَلى من حياتي.. وإنتَ تقول لي أتحلى بها نَظر لها: تخَيلي حياتك مع الي تحِبينهم .. تخيلي حَياتك بعد العِلاج.. تخيلي نفسك مُستقرة بوظيفة مع عائلتك ومع زوجك وأطفالك المُستقبلين.. تَخيلي نفَسك خالية من الإكتئاب.. ركزِي نَظرتك على الحياة السعيدة وعائلتك .. إبعدي نظرك عن التعاسة وإعرفي إننا جميعنا مُبتليين في حياة الدُنيا .. وإن الدِنيا ماتسَوى وقصيرة جداً إن نزعل على كل شيء.. وإننا مردناً راح نلحق المتوفيين وقت مايشاء الله .. وإننا بزعَلنـا .. وتفكيرنا بتعاستنا على المتوفي... ننسى إننا قاعدين نضيع وقت سعادتنا مع الأحيـاء. تنهَدت وهَي تنظر له .. لا تعَلم لماذا .. لكنهَـا أومـأت رأسهـا بالإيجـاب. ## تَوقف عِندهـم .. نَظر لهُم جَميعـاً وألقى التَحيـة: السَلام عَليكم.. شُكراً لتعاونكم معي جميعاً اليُوم .. ماتُعرفون شكثر كانت مُفيدة المُقابلة الفَردية معكُم .. تأكدت من تشخيصي لغادة بالإكتئاب ولخُطة عِلاجها..وإكتشفت إنكم تعرفون أعراض مختلفة عنها مو كلكم تعرفونها طَبعاً بِما إني وضَحت اليُوم .. إن الوقاية خَير من ألف عَلاج .. وإني أبي أضَمن وقايتكم مِن أذى خاصة إنها حالتين في عائلة.. لذلك قَبل ماتصحَى غادة كِنت مانعكم من الخُروج.. وشُكراً لتفهَمكم.. والآن.. شُكراً أيضاً لإعطائي وقتكم في المقابلات.. أتمنى مُنكم تكونون صريحين معي.. للتأكد فقط.. هَل في أي شخص منكم يحِس بإكتئاب .. بضيق مُستمر دُون سبب ؟ نَظروا لبَعضهم وهَم يهَزون رأسُهم نفيـاً بإستغراب ..وهَو بدَوره أمعن النَظر لرِدات فٍعلهم الطَبيب سامي وهَو ينظر لهم : طَيب تشُوفون إن أي أحد منكم عِنده أعَراض مُشابهة للآنسة غادة؟ تبـادَلوا النَظرات .. نَظرات التأكد والإقِرار ... الإستغراب والشَك إستقَرت نظراتهم عَليـه عَم الهُدوء .. رَفع عَينيـه لينَظر لهَم .. جَميعهُم ينَظرون إليه .. نَظر لهُ الطَبيب سامي بشَك قَيس بدِفاع: شفيكم؟! رَيـان بهدوء: التقيؤ قَيس... التقيؤ المُستمر كَانت هادئـة .. حَالما نَطق ريان بذلك .. إلتفتت بُسرعة لتنظر إليه بعَينين خائفتين .. لاحظت ذلك عِدة مَرات .. بُقع الدم عند منزل عائلته التي رفض تنظيفها .. جُرح سَلام المُدمي في رحلتهم .. وإغلاقه لعَينيه خَوفاً من منظر الدَم ..واضعاً يده على فَمه حتى لا يتقيأ قَيس وهَو ينظر لهم غَير مُصدقاً لهم... بدفاع :بلا غباء شيء طبيعي إني أنقرف من الدم.. مو كأني شخص غريب إني أتقيأ من الدم ملايين غيري نفسي ريان بهدوء: بس حتى غادة نفس الشي قيس بغضب: طبيعي بِما إننا إثنينا شفناه مُنتحر قدام عينا ومخضب بدمه وش تبي تكون ردة فعلنا الطَبيب سامي مُقاطعاً : لِيه ماقلتي إستاذ قَيس عن هذا الأمر في مقابلتي معاك؟ قَيس نظر له بصدمة : لأنه شيء عادي ماشوف له داعي تكبير الموضوع الطَبيب سامي: حاولت أطلع منك الكلام بقدر الإمكان بس كنت قافل على نفسك.. قَيس بغضب .. فَتح فمه ليرد لكن قاطعه الطَبيب: لا تخاف.. أنا بس أبي أتطَمن .. الآنسة غادة اليُوم أظَهرت تحسن بالنسبة للي شفته قَبل.. أقصَد إنها تَبي تتعالج .. نفسياً وعلاجا طبيعياً نَظر لهُ جراح الذي كان صامتاً طوال الوقت .. بنظرة صدمة كُل ماحَدث معهما.. شجارهم ..رفضها القطعي .. مالذي حصل ! الطَبيب سامي: لذلك راح نطلعها للبيت خَلاص .. جُلوسها في المُستشفى ماراح يفيدها بشيء وراح يخُسر مريض محتاج غرفتها وسريرها .. لكَن أتمنى المواظبة على جلساتها.. و " نَظر لقيس" أستاذ قَيس مُمكن تجي معي للحظة قَيس وقف وهَو ينظُر لريان بُحقد .. الذَي بادلهُ بهدوء: آسف.. ماراح أتحمل خسارتك إنت بعد . ## : مافِيني شي صدقني الطَبيب سامي: فاهمك .. لَكن كِنتوا تُظنون إن غادة مافِيها شَيء نفسي بعد .. واللحين حالتين في العائلة .. ماراح نخاطر بحالة ثالثة قَيس وهَو ينظُر له : فاهم الي تقصده .. بَس غادة كانت عارفة إنها مكتئبة.. أنا مافيني شي الطَبيب سامي: أسَوء شيء في الأمراض النَفسية يا أستاذ قَيس .. إنها تأثر على العائلة كِلها .. خاصة إذا الي كان إنصاب بها هُو المُربي.. وخاصة إذا مثل ماقلت تعايشت مع حالتين .. وخاصة إذا كَان عندك شيء متشارك مع المَريض قَيس: اللحين بس عشاني أتقيأ من الدم شخصتني بمرض نفسي؟ الطَبيب سامي: لا .. بس أبي أضمن إن التقيؤ ما يَوصل لأمور أعظم .. ومن ثم لمرض قَيس : إنت دارس.. هل معقول إنك تظن إن تقيؤي من الدم مثير للريبة؟ الطَبيب سامي: لا .. بس مثير للريبة إني أسألك عن حالك وتقول الحمدلله وإنت من أكبر المتضررين .. تقيؤ من منظر الدم بسبب .. وليس من قبل وفاة الوالد .. بل بسبب منظر الوالد المخضب بالدماء مثل ماذكرت .. وماقلت لي إنك وغادة شفتوا أبوكم منتحر إنتَ تدري من أكثر الأشياء الي أثرت على نفسية الآنسة غادة هُو إنها أول من لقت الوالد منتحر .. أتمنى يا أستاذ قَيس إنك تعبر عَن شعورك .. إنك تضِمره وتخبيه في قلبك غير صحي وهذا الي لاحظته فِيك. قَيٍس: ماله داعي أتكلم عن إحاسيسي أو مشاكلي عن احد .. ليه أضايق أحد غيري بمشاكلي الشخصية الطَبيب سامي: هاذي أنانية منك يا أستاذ قيس صَمت وهَو ينظر له محاولاً أن يوضح له إتهامه.. أردف: أنانية إنك تظن إنك دايماً قادر على حَل مشاكلك لوحَدك .. مافي إنسان يقدر يحل كل مشاكله لوحده .. وإلا ماكِنا شخصيات مختلفة عندها خبرات مختلفة عندها وظائف مختلفة أنانية إنك تبي تحتفظ بهمك لنفسك .. مِثل ماتبي غيرك يشاركونك هموهم .. وتبي تكون مسؤول عنهم .. وتحميهم .. نفس الشيء القريبين منك يبون يهتمون بقلبك. قَيس: أنانية إني مابي أضايق أحد بهمومي؟ الطَبيب سامي : لما كنا صغار كِنا نظن إن أبائنا يمتلكون كل الحلول لكل المشكلات .. إنهم مايحتاجون أحد يستندون عليه لأنهم سَند لغيرهم .. إنهم يختارون دايماً قراراتهم بدون مساعدة .. لما نكِبر.. لما نصيِر أباء بدورنا .. نفهم إن الكِل دون إستثناء لازم يفتح قلبه لأحد ويعرض عليه مشكلاته .. حتى لو كان شخص واحد فقط .. في النهاية محد يمتلك قوة خارقة أستاذ قيس. ## ما إن خَرج من غُرفـة الطَبيـب حَتى رأهــا أمـامه .. نَظر لها بإستغراب: ليه واقفة هِنا ؟ لِين بضيق: فيك شيء؟ قَيس بإستغراب وهَو يترك مقبض الباب ويتقدم نحوها ببطئ .. بهَمس: لا وش فيك لِين :وش قالك الطبيب قيس: كلام فاضي إنتِ الي وش فيك لين: بَس .. كذا .."إبتسمت" نتظمن عليك قبل لا نتركك تغيرت ملامح وجهه ... إكفهَر وجهه لِين : شفيِك ؟ مو كِنا متفقين إن يكُون هَذا الأسبوع؟ قَيس وهو يبتلع ريقه: بس مو قلت لك إذا يأثر على دراستك راح نأجلـ.. لين برباطة جأش: بس قلت لك إنه ماراح يؤثر علي يلا عاد قيس.. أصلاً من تزوجنا وأحنا حاطين في بالنا راح نتطلق.. ليه بيؤثر علينا ؟! قيس: أدري.. بس .. في النهاية كانت علاقتنا قوية مع بعض لِين بجدية : صَح بس كِنا نتعامل مو كزوجين ..كشخصين يعيشون مع بعض فقط قيس : بل أكثر صًمتت وهَي تنَظر لهُ بعَينيهـا النَجـلاء .. هَل يُحاول أن يبني الحَنين بينهَما قَبل الفِراق ؟ أم إنهُ يحاول إشعال النِار فِي صَدرهـا قَبل الوداع؟ كَان هُو بدَورهُ.. مُشتاقُ لهَا قبل أن يفترقـا.. يقرُ إن علاقتهُما لَيست بُكره ولا بُحب .. ولكَنها عِلاقة سَاميـة رُغم إنهَا بُنيت عَلى أسَاس الإنتهَـاء رُغم كَثرة مُشاجرتهم.. إلا إنهُ كان يشعُر بشعور مختلف إزائهـا.. ليست بحبيبته .. وليست بزوجته .. وليست بصديقته.. وليست بأخُته لكَنها شيء عَظيـم بالنِسبـة إلِيـه : السبت .. صح؟ لِين أجابت بتأكيدها للموعد المُتفق عليه: السبت ثُم أدارت نفسها .. لتجعلهُ خلفهـا وتمضي. ### لَيــلاً.. عِند مَواقف سِيـارات المَشفى .. دَف كُرسيها المُتحرك رَيان .. بينما كَان فَهد بدوره يهُيء مساحة لغادة والجَميع فِي سيارته .. ولكُرسيها المُتحرك وعُكازهـا رَفعت رأسهَـا .. تنظُر للسطح دُون تركيز بما يحَصل.. تتذكَر ماحدث.. وقوف جَراح عَلى حافتـه.. كلامه... دمُوعـه إرتجافهـا وسقوطهـا لإنقاذه شقَ تحَريك ريان لكُرسيها ذاكرتها .. لتَرى نفسهاً بين يدَي رَيان وفهَد ليحملونها بداخل السِيارة تنظُر لقدمهَـا العَاجزة وذلك ما إقترفته يداهـا. ### نَظر لهَـا.. تَبعد شعرهـا من على وجهها للوراء بإنزعاج كطفِلة قد أزعجتها خُصلات شعرها التي لا تتوقف عَن مُداعبة رقِة وجههـا.. تُوضِب أغراضهـا .. وهَو يرى إزالة أثارهـا .. من الشُقة شيئاً فشيئاً بدت الشقة خاليـة .. كَانت أغراضها التي في كُل مَكان .. التي كانت دَوماً تُزعجه بوجودها هُنا وهُناك تُزعجه اليوم بإزالتهـا. نَظر إليها بضِيق.. توضِب أغراضها من ليلة الجُمعـة ... ورحَيلها يوم السبت نَظر لوجهها بضيق.. وجهها الجـامد .. قلبها الجَـامد.. لِماذا هُو الوحيد المتأثر بذلك .. لماذا يُقطعـه الشَوق لهَذا الحَد قبل فِراقهم .. فراقهم المُتفق عليه. وقَف مِن عَلى الأريكـة .. كَان طوال الوقت جالساً ينظُر إليها دُون فعل شيء.. جُزء منه لم يود مُساعدتها .. لم يود مُساعدتها بتوضيب حقائبها والذهاب. إقترب نَحوها .. كَان يوَد أن يتلاعب بخصلاتها كعادته ويُرتبها خَلف أُذنهـا.. لكنُه شد على قَبضة يديه .. حَتى يمنع نفسهُ من ذلك. : وش رايـك ... نَظرت لهُ مُبعدتاً شعرها خلف أذنهـا.. صَمت قليلاً وهَو ينظُر نَحو عَينيها .. الاتي لطَالما سخَر منها .. سَخر من شدة وسعها .. لكنهُ يحبهـا. أردف: وش رايك بكره بعد ما تخَلص غادة من جلستها .. نطلع مع بعض لِين : هاه ؟ قَيس: يعني .. مَوعد ماقبل الإنفصال (أطَلق ضُحكة ساخِرة على حَالهِما) كِنت أفكر.. من تزوجنـا.. ماطَلعتك طلعة حقيقية .. تعشينا مع بعض برا أو شيء لذلك .. شرايك بكره أعوضك ؟ لِين نَظرت لهُ بإستغراب .. مالذَي حَل فِي هذا الغَبي... لِما يحُاول تعليقي بِه .. لماذا يزداد لطافة يوماً بعد يوم لِما أصلاً كان لطيفاً معي منذ البداية .. لكنها وجدت نفسها تقول : أوك وجدت نفسها تقبل عَرضهُ .. لتودعهُ هِي الأخرى .. ## واقفـاً بسيارتهُ عِند مَنزلهـا... يتنهَدُ بإسِتمرار .. وهَو ينظُر نَحوه .. يشتاق لها .. يتمنى أن يلمحَهـا.. فقط يشعُر برغبة مُحلة بالعَودة إليها .. وقَد إتخَذ قَراره .. وأيقن إنهُ صحيح بإنتظاره الغَير مضُمون لرؤيتها تَخرج من المَنزل ضاقِت عَينيـه بإنزعَاج بسبب ضَوء السيارة التَي توقفت أمامه .. خَرج من السيارة شَـاب مُهندم .. طَرق نافذتِه مُبتسماً ببهَجة فَتح باب سيارتُه ليخرج منها ويَمد الشاب يدهُ ليصافحه فيبادله هُو الآخر سلامه الشَاب: أعذرني أخَوي أزعجتك بس تعرف وين بيت الـ ###؟ : لا حَبيبي شدعوة .. هذا هُو الشَاب مبتسماً: شكراً والله ماقصرت .. إبتسم : لا شِدعوة بإبتسامة: لِيه عندهم شي ؟ الشَاب وهُو يشير لوالدهُ بالخروج من السيارة : لا بس إدعي لي يا أخوي.. متقدم لبنتهُم . تَلاشـت إبتســامته .. إكفهَر وتجَمد وجهه.. تعَلق بحبال لا يعَلم أين المَفر منه .. نَظر لهُ الشاب ووالدهُ يخرج من السيارة بإبتسامة : البنت خلوقة ويارب توافق عَلي .. بيكُون أسعَد يُوم فِي حياتي . إستغَرب من وجُه فَهـد المُكفهِر.. قاطع إستغرابـه وضع والدهُ يده عَلى كتفـهُ ليدخلاً ولا يتأخران عَن موعدهُمـا.. تركـاه ليدخَلا البَيـت .. شُلت أطَرافــه .. وعَينـاه مُعلقتين على الشاب الذي يتمنى إن هذا اليُوم هُو أسعد يَوم فِي حياته بينما هُو سيكُون أتعس يَومُ في حياته .. الإبنة الوحيدة المُتبقية دُون زواج .. غَــــزل. رَفــع عَينيـهِ نَحو نافِذة غُرفتهـا المُضـاءة أخَبرتهُ إن من عاداتهِم .. رؤية الرجل المُتقدم لخِطبتهم عَبر نوافذ المَنـزل تذَكر وصفهَا لأول إنطِباع عنه .. لم يكُن عند رؤيتهما الشَرعية بل كَانت عِند خُروجه من سيارته الكُحلية .. يُرتب شِماغهُ... وكَمي ثَوبه وجههُ جـاد .. وسيمُ كما وصفته .. هَاهو الآن يقف مُنكسـراً .. فِي نفس البُقعـة التي رأتهُ لأول مرة بهـا.. يرفع رأسهُ لينظُر لهـا .. تنظُر عَبر نافِذتهـا .. مُمسكة بقِماش حجابها بقبضتهـا.. كانت تتوقع أن ترى الرجلُ المتقدم لها وتأخذ أول إنطباع عَنه .. لكنها كَانت تنظُر بصدمة وضيق نَحو فهـد .. كَان مِن حَظـها .. وحَظـه.. مُرور فهد على بيتها كُل فَترة .. لاحظتهُ مرات قليلـة .. لكَن أن تُلاحظه اليُوم ... فكَان من حظها السيء.. ومن حَظهُ السيء.. أن يصِل في هَذه الســاعة. أسدَت سِتار نافِذتها بُبطـئ .. حَتى إختفى كِيانهُ كُليـاً. وإختفَت فَرحة شفاءه مِن عُقمـه...مُتأملاً أن يكَون جَوابها الرَفض. ## كَان واقِفـاً عِند رُكن المُحاسبة .. سارِحـاً في مكانها المُعتاد سارحاً بتفكيرهُ بها.. قطع ذلك سؤالها : ريان ماراح يجي اليوم ؟ جراح نَظر لليلى .. وهَز رأسهُ نفياً إبتعَدت لتدخل مَطبخ المقَهـى .. بتردد .. فتحت ولأول مَرة مُحادثة معهُ على الواتس آب.. ريان وبجانبهُ كُوب قهوة وبجانب إسمهُ صُورته الشخصِية .. عِند البحَر والهَواء يُبعثر شعرهُ الكستنائي .. خافياً جمال عَينيه بنظارتهُ الشمسية .. ضاحكاً مُمسكاً بعصيُر منعش بين يديه يبدو عَليه السعادة .. تتمنى أنه بخير الآن أيضاً .. : بس حَبيت أتطمن إنك بخير.. هَزت رأسها نفياً وهي تمسحُ ماكتبته بُسرعة: ليه أبين إني مهتمة فيه :ليه ماجيت اليُوم؟ سلامات أحقق معه أنـا.. مسحته :ووووينك ... المقهى زحمة حده لا عاد أخته تعبانة وانا أشغله زيادة :إنت بخير؟ كَلمتين فقط .. أرسَلتها. كَانت سَتخرُج من المُحادثة .. سَحبت المُحادثة للَيمين لتُخرج منها لكنها رأت حالتهُ تتحول لمُتصـل.. تَوف قلبها عَن العَمل.. لم تعتقد إنهُ سوف يدخُل محادثتها بهذهِ السُرعة.. رأتهُ يكتب .. وَضعت يدها على قلبها نادمة عَلى ما أرسلته أرسَل لها قَلباً أحمراً إحَمر وجههـا.. لِما يرَسل لهَا ذلك .. لقَد سألتهُ إن كان بخير.. لماذا يرد بهذا القلب السخِيف .. أرسلت لهُ وجها غاضباً .. : بخِير إذا عَزمتيني بُكره على كوب قهوة من يدك (غمزة) ليلى بقهر: سخيف سخييييييييييييييف أنا حمارة لما رسلت له : باي .. مشغولة مع الزباين وأغلقت هاتفها بُسرعة وصدرها يهبط ويعلو بسرعة. ## اليَوم التَالي.. عصـراً... كانُوا مجتمعِين على طاولة الطَعـام .. يتناولون القهَوة والكعَك بعَد الغّذاء. هِي بدَورها .. تكره كُرسيها المُتحرك جالستاً على كُرسي طاولة الطعام الإعتيادي.. تأكلُ بهدوء دُون الدُخول في أي مُحادثة.. لَم يكُن الجَو رائعاً بينهُم اليَوم .. رغم إنهُ أول يوم لهُم في المنزل بعد المكوث طوال الفترة السابقة في المَشفى.. نَظرت أم فهـد لمَرام الهادئة بحدة : راح تروحين اليوم مع أختك المستشفى مرام وهِي مازالت تنظر لقُطعة الكعك في صحنها وتتناولها : ما أقدر أم فهد : ليه إن شاء الله مرام على نفس حالتها : بذاكر أم فهد : مُو كِفايـة الأمس ماطَبيتي المستشفى تشوفِين أختك مرام مُقاطعتاً والدتها : هذاهي في البيت ماكان يحتاج إني أروح أم فهد : ولا حتى رضيتي تدخلين لها غرفتها إلا بالغصب.. أتمنى منك بعض الدعم إذا ممكن غـادة : مو مشكلة هي أصلا كارهتني مَرام نظرت لغادة بِحدة قَيس : مرام .. تعرفين حالة أختك حاولي تتركين مشاعرك على جنب بقدر الإمكان مرام وهي تتابع تناولها لقُطعتها : أستغفرالله أم فهد مُحادثة ريان : اليوم راح تجي غلا جلسة غادة الطبيعية أتمنى منك تكون صَبور وماتتنرفز من وجودها ريان بقهر: أستغفرالله اللحين يعني مهتمة !!! قَيس بدفاع : ريان خلاص عاد .. ماصارت صحيح إنها غلطانة بس لا تفكر تعاملها معاملة سيئة تفهم؟ بَينمـا كانت لِين بجانبهُ ملتزمة الصَمت .. ترتشف من قهوتها دُون أدنى تعليق قَيس وهَو ينظُر لفهد بشك .. وإلى قُطعته التَي لم يَنهش منها شيئاً وإلى قَهوته التي قَد بَردت دُون ان يرتشف قَطرة منها .. وإلى عَينيه السارحتين .. :فهد فيك شيء؟ هَز رأسهُ نفياً :لا رَيان وهَو ينظُر لقيس: أهَم شيء إنت بعد الي مافِيك شيء؟ فَهم قَيس إنهُ يرمز للأمس .. قطَب جبينهُ بإنزعاج : ماصَارت ترا مافِيني شيء رَيان: مَحد مثالي قَيس..مفروض كنت تقول للدكتور عن تقيأك بعد إنتحار أبوي أم فهد بإنزعاج : بعدي موقادرة أستسيغ سماع هالكلمة على ألسنتكم قيس: ليتك تسكت وماتتكلم عن لا حالتي ولا إتهامك لغلا ريان : ليه تتهم إيش أجل بحالة غادة؟ قيس: إكتئاب وإنتحار أبوي يعني وشو غادة : ممكن ماتتكلمون عن حالتي وكأني مو موجود بينكم؟ أم فهد: المهم بتروحين اليوم مع أختـك إنَفجَــرت .. أحسَت بقلبها وعُروقه تنفجَـر.. أحاديثُهم المُختلفة .. إختلاف أراءهُم .. إصرار والدتها أحسَت كأنهُم يلقون ناراً عليها بذلك ضَربت بقبضتهـا على طاولة الطعـام بقُـوة .. واقفتاً من على كُرسيها صارختــأً : خلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااص!!! كررتها ومع كُلِ مرة تقولها تضربُ بقبضتِها الطاولة بغَضــب.. صَمتوا ينَظرون لها بإستغراب .. مَرام التي إعتادوا منها الهدوء والصبر.. تصرخُ بجنون وقِد إحمر وجههـا.. مَرام وهَي تنظر لهم بغضب: خلاااص يكفي ..!! ماتعبتوا ؟؟!! أنااااا تعبت من هالحَيــاة الزفت الي قاعديــن نعيشهـا !! خلااااص يرحم لي أبوكم خلاااص !! إلى متى راح تظلون كِذا ؟؟؟ تلومون غَــلا ليــه ؟؟ مو الأولــى تلومــون أنفُسكــم ؟! البنت جُرمها إنها ماقالت إن غادة مكتئبة ... غادة وش جرمها ؟ هربت وتسترت على مشاعرها وظلت تهرب للنهاية حتى وصلت لهالمرحلة وإنتم تفكرون نفسكم مُنزهين؟ أكَبر مُشكلة ... هي علاقتنا ببعض بعد إنتحَــار أبوي أكَبر مُشكلة إنكُم كلكم مشتتين ومحَد يلجأ لأحد .. تكتمون تكتمون لين تنفجرون .. ممنوع نطِري أبوي .. ممنوع نتكلم عن حالته ... ممنوع نتكلم عن أي شيء يخص حالته "نظرت لوالدتها" فهد بهدوء: مرام ماله داعي هالكـ.. مرام وهي تؤشر عليه : وش فيك ؟ مافيني شيء.. دايماً مبعد نفسك .. عُقمك ماقلت لأحد عنه .. طلاقك لغزل ما إستشرت أحد فينا إنت ..(مُشيرة لريان) الأخ المثالي الي مازعل من أخته أول مارجعت من أمريكا ؟ الي دايماً مشغول في الناس عشان ينسى نفسه ؟؟ إلي مستحيل يتضايق ؟ ولا إنتَ ( نَظرت نحو قيس) بديت أنسى شخصيتك من كثِر كتمانك .. كل واحد فيكم كَـتم شكَه بحَالة غادة .. كل واحد فِيكم شاف شي في غادة وإحتفظ فيه لنفسه..وكتمه...كعادتكم كِتمان كِتمان كِتمان كِتمان كِتمان .. وضَحت لكم أكثر من مرة إني اكره حالتنا هذه .. والكتمان وإننا نمثل إننا بخير لأني متوقعة إن هذا الشيء ماراح ينتهي علينا بخير أكبر مشاكلكم تكتمونها .. لَو كل واحد فضفض للثاني عن إنه شاك بغادة .. جمعتوا كل الأدلة خل كتمانكم يفيدكم ... إستمروا على حالتكم وأضَمن لكم تفكك علاقتنا كُلياً إذا كانت اللحين تتسِم بالضعف بس... بعد فترة راح تتفكك لأشلاء. مضَت فِي طَريقهـا.. مُلقيــة بآخر نَظراتها عَليه .. يعقوب الذي كَان مصدوماً من إنفعالهَــا .. لَم تغب عن عقله نظرتها عَم الصَمت بينهُم.. بعد خِطـاب مرام الطَويل .. الصادق .. والمُفصِح عن مشاعرهـا.. وهَم الذين لَم يعتادوا الفُصح .
|
|
![]() ![]()
|