|
…»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… { .. لنصره حبيبنا محمد عليه أفضل الصلاه وأتم التسليم .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
أم المؤمنين (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد: فموعدنا اليوم مع السيِّدة الطاهرة عائشة أم المؤمنين بنتِ خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر عبدالله بن أبي قحافة، زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفقهِ نساء الأمة على الإطلاق. عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثَّريد على سائر الطعام))؛ (البخاري). حتى إنه لمكانتِها عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سلَّم عليها جبريل، وقد ورد في صحيح البخاري في المناقب أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يومًا: ((يا عائشُ، هذا جبريل يُقرِئك السلام))، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى؟ (تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم). يقول عبدالله بن الزبير - رضي الله عنهما -: "ما رأيتُ امرأتينِ قطُّ أجود من عائشةَ وأسماء، وجودُهما مختلف، أما عائشة، فكانت تجمعُ الشيء على الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمته، وأما أسماء فكانت لا تُمسِك شيئًا لغدٍ". وقال القاسم: "كانت عائشةُ تصوم الدهر"، ويحمل هذا على أنها كانت تصوم ما سوى الأيام المنهي عن صيامها؛ كأيام الحيض، وأيام التشريق، ويوم العيد. وعن عُروة أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تسرد الصوم. وعن القاسم أنها كانت تصومُ الدهرَ لا تُفطِر إلا يوم أضحى أو يوم فطر. وقال عُروة: كنت إذا غدوتُ - يعني: خرجت في الصباح - أبدأُ ببيت عائشة - رضي الله عنها، فأُسلِّم عليها، فغدوتُ يومًا فإذا هي قائمة تُسبِّح - أي: تصلي النافلة، ولعلها كانت تصلي الضحى والله أعلم - وتقرأ: ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 27]، (فتدعو وتبكي وتُردِّدها، فقمتُ حتى مللت القيام - أي: وقف ينتظرها حتى ملَّ القيام والوقوف - فذهبتُ إلى السوق لحاجتي، ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي! وعن عروة قال: كانت عائشة - رضي الله عنها - لا تمسك شيئًا مما جاءها من رزق الله - تعالى - إلا تصدَّقت به، فقال عروة: بعَث معاوية - رضي الله عنه - مرة إلى عائشة - رضي الله عنها - بمائة ألف درهم، فقسَمَتْها ولم تتركْ منها شيئًا، فقالت بَريرة: أنتِ صائمةٌ، فهلاَّ ابتعتِ لنا منها بدرهمٍ لحمًا؟ قالت: لو ذكَّرْتِني لفعلتُ. وعنه أيضًا قال: إن عائشة تصدَّقت بسبعين ألف درهم، وإنها لترقع جانب درعِها. وعن محمد بن المنكدر عن أم ذرة - وكانت تغشى عائشة وتتردَّد عليها - قالت: بعث إلى عائشةَ ابنُ الزبير بمالٍ في غرارتين - قالت: أراه ثمانين ومائة ألف - فبعث بطبق - وهي صائمة يومئذٍ - فجعلت تقسمُه بين الناس، فأمسَت وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: يا جارية، هَلُمِّي فطوري - أي: أحضري فطوري - فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم ذرة: أما استطعتِ - مما قسمت اليوم - أن تشتري لنا بدرهمٍ لحمًا نفطر عليه؟! قالت: لا تُعنِّتيني، لو كنت أذكرتِني لفعلتُ. وعن عبدالواحد بن أيمن الحبشي قال: حدَّثني أبي قال: دخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - وعليها درع قطر ثمنه خمسة دراهم، وقالت: ارفَعْ بصرك إلى جاريتي فانظُرْ إليها، فإنها تزهد أن تلبسه في البيت - أي: إن الجارية كانت تستنكف أن تلبس مثل هذا الثوب الذي على عائشة وهي في البيت - وقد كان لي منهن درعٌ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما كانت امرأة تقيم في المدينة إلا أرسلت إليَّ تستعيره؛ أي: يستعِرْنَه في المناسبات كي يلبَسنه. ولا يخفى على مسلمٍ مكانةُ عائشة - رضي الله عنها - ومقامُها عند الله وعند رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأنه لا يُحِبُّها إلا مَن كانت أمَّه؛ فهي أمُّ المؤمنين، ومَن أبغضها فليس من المؤمنين. وفضائل عائشة - رضي الله عنها - كثيرة جدًّا تحتاج لدروسٍ كثيرة مستقلة، ويكفي في فضلها وشرفها - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما كان على وشكِ أن يُفارِقَ الدُّنيا اختار حبيبَه لخلافتِه في الصلاة وهو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - واختار المكان الذي يُقبَض فيه، وهو بيت عائشة - رضي الله عنها - وهي ابنة أبي بكر - رضي الله عنه - فتبًّا وسحقًا للرافضة الذين يلعنونَهما ويتقرَّبون إلى الله ببغضِهما، فهم المطرودون المُبعَدون، فحينما كانت أم المؤمنين - رضي الله عنها - في وقت احتضارها وهي تشرف على الموت قال لها عبدالله بن أبي مُلَيكة: هذا ابن عباس يستأذن - يعني: يستأذن على أم المؤمنين - فقالت: دعني من ابن عباس؛ تعني: لا تُدخِلوا ابن عباس؛ (لأنها كانت تعلم شدَّة حب ابن عباس لها، ولعله إذا دخل عليها جعل يمدحها ويرجيها، كما هي السنة أنك إذا حضرت رجلاً يحتضر فلا يناسب أن تكثر من ذكر الخوف؛ لأن ذكر الخوف قد يخرج به إلى القنوط، فذكر الخوف ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو باعثٌ ومُحرِّك حتى تعمل، وحتى تسعى إلى العمل، أما إذا انقضت المهلة ولم يبقَ وقت تعمل فيه، فإن الخوف مع عدم إمكان العمل قد يؤدي إلى القنوط، والله - تعالى - يقول: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]؛ لذا فإن المستحب إذا حضرتَ شخصًا مسلمًا يحتضر أن تُذكِّره بما فعل من الأعمال الصالحة، وأن تذكره بأعماله الطيبة، مثل أن تقول: لقد كنت تصلي جماعة، وكنت تكثر من ذكر الله، وكنت تتَّقي الحرام، ويذكِّره بالأعمال الصالحة حتى يدخلَ في الرجاءِ، ويُقبِل على الله - تبارك وتعالى - وهو يحسن الظن به. تُرَى ماذا كانت تقصد أم المؤمنين من عدم دخول ابن عباس؟! |
10-30-2021 | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يعطيك للموضوعك
سلمت
|
|
|