مافيا النساء.. تحت سقف الفقر والاستغلال فتيات بجدة يغسلن السيارات

تفاجأ عدد من مرتادي أحد الطرق بجنوب جدة بقيام فتاة في العقد الثاني من عمرها، وهي من إحدى الجاليات العربية، بغسل عددٍ من السيارات؛ مما أثار استغراب المارة، والبعض منهم تفاعل معها، بينما رفض الآخر ذلك المنظر.

من نحن..
"سبق" التقت الفتاة، وتدعى "سحر"، وتبلغ من العمر 20 عاماً، وهي من إحدى الجاليات العربية، وروت لنا قصتها وما تقوم به من عمل قائلة: "أنا من عائلة فقيرة، ونسكن في بيت شعبي مع ثلاث عائلات أخرى، ويصل عددنا إلى 13 شخصاً من بلدنا نفسه".

وتابعت: "أتينا إلى المملكة قبل أربع سنوات عن طريق العمرة، وأردنا الاستقرار هنا والبحث عن لقمة العيش، ولكن المرض أوقع بوالدي وعجز عن العمل".

مافيا النساء
واستكملت "سحر" قصتها قائلة: "بعد مرض والدي بدأنا البحث عن عمل يكون مصدراً للقمة العيش أنا وأخواتي، ولكن بسبب عدم حصولنا على إقامة نظامية كان سبب رفضنا من العديد من الشركات".

وتابعت: "عند بحثنا اليومي عن العمل التقينا رجلاً من بلدنا نفسه، وعرض علينا العمل في الشارع ببيع المناشف الورقية وغسيل السيارات، وأكد لنا أن ذلك أمر مربح، ولاسيما أننا فتيات سوف نكسب عطف الجميع"، مشيراً إلى أنه لديه فتيات عدة يعملن ذلك في الأسواق والأماكن العامة مقابل أخذ نسبة من دخلهن اليومي، وهو من يقوم بتوصيل الفتيات لمنازلهن في آخر اليوم.

وواصلت: "في بداية الأمر، رفضت ذلك أنا وفتيات أخريات معي، ولكن عندما انقطع الأمل بنا في حصولنا على وظيفة قمنا بالتواصل معه والموافقة على العمل. وفي اليوم التالي أخذنا من منزلنا، ونحن سبع فتيات بسيارته الخاصة، وهي عبارة عن باص صغير، وأخذ يوزعنا على مواقع مختلفة من المحافظة، وطلب منا أن نكسب عاطفة المارة".

وأشارت سحر إلى أنه "ننتقل من موقع لآخر لغسيل السيارات، والكثير من قائدي المركبات يتفاجأ من طلبي بأن أغسل سيارته مقابل 15 أو 20 ريالاً، والبعض الآخر يرفض ذلك ويقدم لي مبلغاً مالياً من دون قيامي بغسيل سيارته، والبعض يطلب مسح الزجاج فقط".

وقالت "سحر": "هنالك معاناة من قِبل الكثير، فالبعض يتحرش ويعرض مبالغ مالية كبيرة للذهاب برفقته، ولكني أرفض ذلك".

وقالت: "في نهاية اليوم يقوم المشغل لنا بجمعنا، وأخذ نسبته من الدخل اليومي، وعلى هذا الحال بشكل يومي!!".

ظاهرة غريبة
وقال المواطن "حسين القرني": "استغربت عند مشاهدتي للفتاة وهي تغسل السيارة، ولفتت نظر الجميع من المارة".

وبين القرني أنه "يجب أن تكون هنالك جهة تنظر في أمر مثل هذه السلوكيات في مجتمعنا، لم نعتد على مشاهدة مثل هذه الأعمال، ويجب القضاء عليها والحد منهم، قد يكونون محتاجين للعمل للقمة العيش، ولكن ليس بهذه الطريقة، الفتاة يجب أن تحترم، وأن توظف في مكان مناسب لها، ويحميها من مضايقات المارة".

وذكر "مدخل المرعشي": "يجب على الجهات الأمنية وحقوق الإنسان أن تتابع مثل هذه الملفات المهمة، ومعرفة من يقوم بتشغيلهن واستغلالهن بشكل غير إنساني".

من جانب آخر أوضح الأمين العام للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن تشغيل الأطفال أو النساء يدخل تحت نظام حماية الطفل الذي وافقت عليه المملكة في الفترة المؤخرة والذي ينص على حمايتهم وحفظ حقوقهم الإنسانية من التشغيل المخالف أو الاستغلال في أعمال غير مناسبة لهم ولعمرهم، ومن يتحمل مسؤولية ذلك هو الأهل أو من يشغلهم".

وأشار الفاخري إلى أن "هنالك أنظمة ومخالفات تعاقب على ذلك تصل إلى السجن، وتتابع الجمعية من جانبها جميع القضايا التي ترد لها ومتابعة سير القضية".