الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«…
 

…»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… { .. كل مايختص بأمور ديننا ودنيانا و يتعلق بأمور الدين الحنيف لأهل السنة و الجماعة فقط .. }

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-22-2024
Oman     Female
SMS ~ [ + ]
أحبك وأنت النبض ودقات قلبي كله:066
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 28589
 تاريخ التسجيل : Oct 2015
 فترة الأقامة : 3498 يوم
 أخر زيارة : منذ ساعة واحدة (08:09 PM)
 المشاركات : 1,101,079 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : ضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الملك - المالك - المليك جل جلاله وتقدست أسماؤه



المَلِكُ - المَالِكُ - المَلِيكُ جل جلاله، وتقدست أسماؤه

عَنَاصِرُ الموْضُوعِ:
أولًا: المَلِكُ في اللغةِ العربيةِ.

ثانيًا: المَلِكُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ.

ثالثًا: المَلِكُ كَاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الله.

رابعًا: مُلْكٌ لاَ يَنْقُصُ بِالعَطَاءِ.

خامسًا: مَالِكُ المُلْكِ.

سادسًا: آَثَارُ الإِيمَانِ بِاسمِ الله (المَلِكِ).

1- فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ.

2- السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ تُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ.

3- التُّرَابُ يُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ.

4- النَّارُ تُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ.

5- الأَجْسَادُ تُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ.

سَابِعًا: عُقُوبَةُ المَلِكِ العَدْلِ سُبْحَانَهُ لِلمُلُوكِ الظَّالمِينَ:
1- غَلقُ أَبْوَابِ السَّمَاءِ دُونَ حَاجَتِهِمْ.

2- احْتِجَابُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ.

3- المُلُوكُ الظَّلَمَةُ مَغْلُولَةٌ أَيْدِيهِمِ يَومَ القِيَامَةِ.

4- المُلُوكُ الظَّلَمَةُ يُحْرَمُونَ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ.

5- المَلِكُ الغَاشُّ لِرَعِيَّتِهِ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ.

6- المَلِكُ الجَائِرُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا.

7- النَّهيُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِمَلِكِ المُلُوكِ.

ثامنًا: لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً.

تاسعًا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي مُلْكِهِ.

عاشرًا: دُعَاءُ الله بِأَسْمَائِهِ (المَلِكِ ـ المَالِكِ ـ المَلِيكِ).

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ

قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ

أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:
1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً »؛ رواه البخاري.

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ [1].

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ [2].

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً لله في بيتِ الله.

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ [3].

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ [4].

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ [5].

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ [6].

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك (4).

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»؛ رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيه.

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:
1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِبَعْضِ دِلَالَاتِ اسْمِ الله (المَلِكِ ).

2- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِشْعَارِ أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي مُلْكِ الله.

3- تَنْوِي رَبْطَ القُلُوبِ بَمَلِكِ المُلُوكِ سُبْحَانَهُ.

4- تَنْوِي لَفْتَ الأَنْظَارِ إِلَى مَظَاهِرِ مُلْكِ الله فِي خَلْقِهِ.

5- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى العَدْلِ وَالرَّحْمَةِ فِيمَنْ مَلَكُوا أُمُورَهُمْ.

6- تَنْوِي تَحْذِيرَ المُسْلِمِينَ مِنَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ.

7- تَنْوِي تَعْظِيمَ القُلُوبِ لِمَلِكِ الُملُوكِ سُبْحَانَهُ.

أولًا: المَعْنَى اللُّغَوِي
المَلِكُ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَالسُّلْطَانِ، وَمُلْكُ الله تَعَالَى وَمَلَكُوتُهُ سُلْطَانُهُ وَعَظَمَتُهُ وَعِزَّتُهُ.

والمَلْكُ وَالمَلِكُ وَالَمِليكُ وَالَمالِكُ: ذُو المُلْكِ.

قَالَ ابنُ سِيدَه: « المَلْكُ والمُلْكُ والمِلْكُ: احْتِوَاءُ الشَّيءِ وَالقُدْرَةُ عَلَى الاسْتِبْدَادِ بِهِ ».

وَتَمَلَّكَهُ: أَيْ مَلَكَهُ قَهْرًا، وَأَمْلَكَهُ الشَّيءَ وَمَلَّكَهَ إِيَّاهُ تَمْلِيكًا جَعَلَهُ مِلْكًا لَهُ، وَأَمْلَكُوهُ: زَوَّجُوهُ، شَبَّهَ الزَّوْجَ بِمَلِكٍ عَلَيْهَا فِي سِيَاسَتِهَا.

وَالمَلَكُوتُ مُخْتَصٌّ بِمُلْكِ الله تَعَالَى وَهُوَ مَصْدَرُ مَلَكَ أُدْخِلَتْ فِيهِ التَّاءُ نَحْوَ جَبَرُوتٍ وَرَهَبُوتٍ وَرَحَمُوتٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 185].

وَمَلَكْتُ العَجِينَ: شَدَدْتُ عَجْنَهُ أَيْ: قَوِي عَلَيْهِ فَأَجَادَ عَجْنَهُ [7].

ثانيًا: وُرُودُه فِي القُرْآَنِ العَظِيمِ
وَرَدَ المَلِكُ فِي القُرْآَنِ خَمْسَ مَرَّاتٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 2]، وَوَرَدَ الَمالِكُ مَرَّتَينِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، وَقَوْلِهِ: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

وَأَمَّا المَلِيكُ فَلَمْ يَرِدْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].

ثالثًا: المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَعَالَى [8]
قَالَ الزَّجَاجُ: « وَقَالَ أَصْحَابُ المَعَانِي: المَلِكُ، النَّافِذُ الأَمْرَ فِي مُلْكِهِ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ يَنْفَذُ أَمْرُهُ أَوْ تَصَرُّفُهُ فِيمَا يَمْلُكُهُ.

فَالَملِكُ أَعَمُّ مِنَ المَالِكِ وَاللهُ تَعَالَى مَالِكُ المَالِكِينَ كُلِّهِم، وَإِنَّما اسْتَفَادُوا التَّصَرُّفَ فِي أَمْلَاكِهِم مِنْ جِهَتِهِ تَعَالَى»؛ اهـ [9].

قَالَ الخَطَّابِيَّ: « المَلِكُ: هُوَ التَّامُ المُلْكِ الجَامِعُ لِأَصْنَافِ المَمْلُوكَاتِ، فَأَمَّا المَالِكُ: فَهُوَ الخَاصُّ بالمُلْكِ » [10].

وَقَالَ اللَّيثُ: « المَلِكُ هُوَ اللهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، مَلِكُ المُلُوكِ، لَهُ المُلْكُ، وَهُوَ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ وَهُوَ مَلِيكُ الخَلْقِ أَيْ: رَبُّهُم وَمَالِكُهُم » [11].

وَقَالَ ابنُ جَرِيرٍ: « المَلِكُ الَّذِي لَا مَلِكَ فَوْقَهُ وَلَا شَيءَ إِلَّا دُونَهُ » [12].

قَالَ ابنُ كَثِيرٍ: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]؛ أَيْ: «المَالِكُ لِجَمِيعِ الأَشْيَاءِ المُتَصَرِّفُ فِيهَا بِلَا مُـمَانَعَةِ وَلَا مُدَافَعَةٍ » [13].

وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ ثُبُوتِ المِلْكِيَّةِ المُطْلَقَةِ لله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ لَهُ كَمَالَ التَّصَرُّفِ وَالقُدْرَةِ فِي مُلْكِهِ ظَاهِرٌ جِدًّا فِي القُرْآَنِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49].

وَقَوْلِهِ: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزمر: 44].

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1].

وَقَوْلِهِ: ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحديد: 2]، فَذَكَرَ مُلْكَهُ العَظِيمَ الشَّاسِعَ ثُمَّ ذَكَرَ قُدْرَتَهُ التَّامَّةَ فِي مُلْكِهِ وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]؛ أَيْ: لَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْجِزُهُ حِفْظُ هَذَا المُلْكِ العَظِيمِ.

وَقَدْ قَالَ الزَّجَّاجُ: « إِنَّ أَصْلَ المُلْكِ فِي الكَلَامِ: الرَّبْطُ والشَّدُّ، يُقَالُ: مَلَكْتُ العَجِينَ أَمْلِكُهُ مُلْكًا، إِذَا شَدَدتُ عَجْنَهُ، وَإِمْلَاكُ المَرْأَةِ مِنْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ ربْطُهَا بِالزَّوَاجِ » [14].

وَهَذَا الرَّبْطُ وَالشَّدُّ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى القُدْرَةِ التَّامَّةِ الكَامِلَةِ.

أَمَّا النَّاسُ فَقَدْ تَملِكُ مَعَ العَجْزِ عَنِ التَّصَرُّفِ كَأَنْ يَكُونَ المَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، وَوَلِيِّهِمَا لَا مُلكَ لَهُ مَعَ أَنَّ التَّصَرُّفَ ثَابِتٌ لَهُ.

مَسْأَلَةُ: أَيُّهُمَا أَبْلَغُ المَلِكُ أَوِ المَالِكُ؟
قاَلَ الشَّوْكَانِيُّ: « وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ أَيُّهُمَا أَبْلَغُ مَلِكٌ أَوْ مَالِكٌ؟ فَقِيلَ إِنَّ مَلِكًا أَعَمُّ وَأَبْلَغُ، إِذَا كُلُّ مَلِكٍ مَالِكٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ مَلِكًا، وَلَأَنَّ أَمْرَ المَلِكِ نَافِذٌ عَلَى المَالِكِ فِي مُلْكِهِ حَتَّى لَا يَتَصَرَّفَ إِلَّا عَنْ تَدْبِيرِ المَلِكِ؛ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالمُبَرِّدُ وَرَجَّحَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.

وَقِيلَ مَالِكُ أَبْلَغُ لَأَنَّهُ يَكُونُ مَالِكًا لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمِ، فَالَمالِكُ أَبْلَغُ فِي مَدْحِ الخَالِقِ مِنْ مَلِكٍ، وَمَلِكٌ أَبْلَغُ فِي مَدْحِ المَخْلُوقِينَ مِنْ مَالِكٍ لَأَنَّ المَالِكَ مِنَ المَخْلُوقِينَ قَدْ يَكُونُ غَيرَ مَلِكٍ، وَإِذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى مَالِكًا كَانَ مَلِكًا. واخْتَارَ هَذَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِنِ العَرَبِيِّ ».

ثُمَّ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: « وَالحَقُّ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الوَصْفَينِ نَوْعَ أَخَصِّيَّةٍ لَا يُوجَدُ فِي الآخَرِ، فَالَمالِكُ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ المَلِكُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ بِمَا هُوَ مَالِكُ لَهُ بِالبَيْعِ وَالِهبَةِ وَالعِتْقِ وَنحْوَهَا، والَملِكُ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ المَالِكُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ العَائِدَةِ إِلَى تَدْبِيرِ المُلْكِ وَحِيَاطَتِهِ وَرِعَايَةِ مَصَالِحِ الرَّعِيَّةِ، فَالَمالِكُ أَقْوَى مِنَ الَملِكِ فِي بَعْضِ الأُمُورِ، وَالمَلِكُ أَقْوَى مِنَ المَالِكِ فِي بَعْضِ الأُمُورِ، وَالفَرْقُ بَيْنَ الوَصْفَينِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ أَنَّ المَلِكَ صِفَةٌ لِذَاتِهِ وَالمَالِكُ صِفَةٌ لِفِعْلِهِ»؛ اهـ [15].

رابعًا: مُلْكٌ لاَ يَنْقُصُ بِالْعَطَاءِ [16]
قَالَ الرَّازِي: « الحُكْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ كَوْنِهِ مَلِكًا، وَأَنَّهُ مَلِكٌ لَا يُشْبِهُ سَائِرَ المُلُوكِ لَأَنَّهُمْ إِنْ تَصَدَّقُوا بِشَيْءٍ انْتَقَصَ مُلْكَهُمُ، وَقَلَّتْ خَزَائِنُهُمْ، أَمَّا الحَقُّ ـ فَمُلْكُهُ لَا يَنْتَقِصُ بِالعَطَاءِ وَالإِحْسَانِ بَلْ يَزْدَادُ، بَيَانُهُ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَعْطَاكَ وَلَدًا لَمْ يَتَوَجَّهْ حُكْمُهُ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الوَلَدِ الوَاحِدِ، أَمَّا لَوْ أَعْطَاكَ عَشْرَةً مِنَ الأَوْلَادِ كَانَ حُكْمُهُ وَتَكْلِيفُهُ لَازِمًا عَلَى الكُلِّ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى كُلَّمَا كَانَ أَكْثَرَ عَطَاءً كَانَ أَوْسَعَ مُلْكًا.

الحُكْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْكَامِ كَوْنِهِ مَلِكًا كَمَالُ الرَّحْمَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ آَيَاتٌ إِحْدَاهَا: مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ كَوْنِهِ رَبًّا رَحْمَانًا رَحِيمًا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 3، 4].

وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22]، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ كَوْنَهُ قُدُّوسًا عَنِ الظُّلْمِ والجَوْرِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ كَوْنِهِ سَلَامًا، وَهُوَ الَّذِي سَلَّمَ عِبَادَهُ مِنْ ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ كَوْنَهُ مُؤْمِنًا، وَهُوَ الَّذِي يُؤَمَّنُ عَبِيدُهُ مِنْ جَوْرِهِ وَظُلْمِهِ، فَثَبُتَ أَنَّ كَوْنَهُ مَلِكًا لَا يَتِمُّ إِلَّا مَعَ كَمَالِ الرَّحْمَةِ.

وَثَالِثِهُا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26].

لَّما أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ المُلْكَ أَرْدَفَهُ بِأَنْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ رَحْمَانًا، يَعْنِي إِنْ كَانَ ثُبُوتُ المُلْكِ لَهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ يَدُّلُ عَلَى كَمَالِ القَهْرِ فَكَوْنُهُ رَحْمَانًا يَدُلُّ عَلَى زَوَالِ الخَوْفِ وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ.

وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1، 2].

فَذَكَرَ أَوَّلًا كَوْنَهُ رَبًّا لِلنَّاسِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِكَوْنِهِ مَلِكًا لِلنَّاسِ.

وَهَذِهِ الآَيَاتُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ المَلِكَ لَا يَحْسُنُ وَلَا يَكْمُلُ إِلَّا مَعَ الإِحْسَانِ والرَّحْمَةِ، فَيَا أَيَّهُا المُلُوكُ اسْمَعُوا هَذِهِ الآَيَاتِ، وَارْحَمُوا هَؤُلَاءِ المَسَاكِينَ، وَلَا تَطْلُبُوا مَرْتَبَةً زَائِدَةً فِي المُلْكِ عَلَى مُلْكِ الله تَعَالَى»؛ اهـ [17].

خامسًا: مَالِكُ المُلْكِ
المَالِكُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِلٍ فِعْلُهُ مَلَكَ يَمْلُكُ فَهُوَ مَالِكٌ، وَاللهُ تعالى مَالِكُ الأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَمُصَرِّفُهَا عَلَى إِرَادَتِهِ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، لَأَنَّ المَالِكَ لِلشَّيءِ فِي كَلَامِ العَرَبِ هُوَ المُتَصَرِّفُ فِيهِ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يُغْصَبُ الإِنْسَانُ عَلَى الشَّيْءِ فَلَا يَزُولُ مُلْكُهُ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: لَا يَزُولُ مُلْكُهُ عَنْهُ حُكْمًا وَدِيَانَةً، فَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ وَالاسْتِعْمَالِ فَالغَاصِبُ لَهُ مَا هُوَ فِي يَدِهِ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ شَاءَ؛ مِنَ اسْتِعْمَالٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إِهْلَاكٍ أَوْ إِصْلَاحٍ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُخْطِئًا آَثِمًا آَتِيًا مَا هُوَ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ بِإِحَالَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ، فَإِنْ رَجَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ عَلَى صَاحِبِهِ قِيلَ: رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ؛ أَيْ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا حَقِيقَةً.

وَاللهُ تعالى قَادِرٌ عَلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي خَلَقَهَا وَيَخْلُقُهُا لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرو وَابِنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَقَرَأَ عَاصِمُ والكِسَائِي وَيَعْقُوبُ ﴿ مالك﴾ بِأَلِفٍ، وَقَدْ رُوِيَتْ القِرَاءَتَانِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [18].

واللهُ تعالى مَالِكُ المُلْكِ، مُلْكُهُ عَنْ أَصَالَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ؛ لَأَنَّهُ الخَالِقُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَارِثُ، فَعِلَّةُ اسْتِحْقَاقِ المُلْكِ أَمْرَانِ:
الأَوَّلُ: صِنَاعَةُ الشَّيءِ وَإِنْشَاؤهُ وَاْخِتَراعُهُ، فَالعَاقِلُ يَعْلَمُ عَقْلًا أَنَّ المُخْتَرِعَ لَهُ بَرَاءَةُ الاخْتِرَاعِ وَالمُؤَلِّفَ لَهُ حَقُّ الطَّبْعِ والنَّشْرِ، رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بِنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: « مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَهً فَهِي لَهُ » [19]، وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَمْرُو بِنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [20]، وَإِذَا كَانَ مُلُوكُ الدُّنْيَا لَا يُمْكِنُ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُؤَسِّسَ مُلْكَهُ بِجُهْدِهِ مُنْفَرِدًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ظَهِيرٍ أَوْ مُعِينٍ، سَوَاءً مِنْ أَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ، أَوْ حِزْبِهِ وَجَمَاعَتِهِ، أَوْ قَبِيلَتِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَإِنَّ اللهَ تعالى هُوَ المُتَفَرِّدُ بِالمِلْكِيَّةِ حَقِيقَةً، فَلَا أَحَدٌ سَاعَدَهُ فِي إِنْشَاءِ الخَلْقِ أَوْ عَاوَنَهُ عَلَى اسْتِقْرَارِ المُلْكِ، أَوْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ مَعَهُ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، قَالَ ـ: ﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [الأعراف: 154]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51]، وَعِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمْرَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « كَانَ اللُه وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ » [21].

الثَّانِي: دَوَامُ الحَيَاةِ فَهُوَ عِلَّةٌ أُخْرَى لاسْتِحْقَاقِ المُلْكِ لَأَنَّهُ يُوجِبُ انْتِقَالِ الِملْكِيَّةِ وَثُبُوتَ التَّمَلُّكِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَى الأَرْضِ مَيِّتٌ فَانٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 57]، وَلمَّا كَانَتِ الحَيَاةُ وَصْفُ ذَاتٍ لله وَالإِحْيَاءُ وَصْفُ فِعْلِهِ، فَإِنَّ المُلْكَ بِالضَّرُورَةِ سَيَئُولُ إِلَى خَالِقِهِ وَمَالِكِهِ؛ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180].

فَالمُلْكُ لله فِي المُبْتَدَأِ عِنْدَ إِنْشَاءِ الخَلْقِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ سِوَاهُ، وَالُملْكُ للهِ فِي المُنْتَهَى عِنْدَ زَوَالِ الأَرْضِ لَأَنَّهُ لَنْ يَبْقَى مَنَ المُلُوكِ سِوَاهُ، وَهُوَ المَلِكُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ لَا خَالِقَ وَلَا مُدَبِّرَ لِلْكَوْنِ إِلَّا اللهُ، فالمَلِكُ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِالأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي مَمْلَكَتِهِ وَهُوَ القَائِمُ بِسِيَاسَةِ خَلْقِهِ، وَمُلْكُهُ هُوَ الحَقُّ الدَائِمُ لَهُ بِدَوَامِ الحَيَاةِ، وَلَّما كَانَ اللهُ تَعَالَى هُوَ المُنْفَرِدُ بِالخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالمُلْكِ وَالتَّقْدِيرِ إِلْزَامًا وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِأَنَّهُ المَالِكُ المُسْتَحِقُّ لِلْمُلْكِ، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: « الفَرْقُ بَيْنَ المَلِكِ وَالمَالِكِ أَنَّ المَالِكَ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ، وَالمَالِكَ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ، وَالرَّبُّ تَعَالَى مَالِكُ المُلْكِ فَهُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ » [22]، وَيُقْصَدُ أَنَّ مَالِكَ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا لِوُجُودِ مَنْ يَرْأَسُهُ وَيَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ فِي مُلْكِهِ، أَمَّا المَلِكُ الَّذِي لَهُ المِلْكِيَّةُ والمُلْكُ فَلَهُ مُطْلَقُ التَّدْبِيرِ والأَمْرِ.

سادسًا: مِنْ آَثَارِ الإِيمَانِ بِاسْمِ الله (المَلِكِ) [23]
1- فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: « لَا مَلِكَ إِلا اللهُ » [24].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]، وَلَا يَمْتَلِكُ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: « المَلِكُ الحَقُّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَيَتَصَّرَفُ فِي خَلْقِهِ بِقَوْلِهِ وَأَمْرِهِ » [25].

قَالَ تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].

فَالمَلِكُ الحَقُّ هُوَ اللهُ تعالى فَكُلُّ شَيْءٍ تَحْتَ قَهْرِهِ وَيَحْدُثُ بِقَدَرِهِ وَيَتَحَرَّكُ بِأَمْرِهِ كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: « يَقُولُ اللُه تَعَالَى: أَفْعَلُ مَا أُرِيدُ، عَطَائِي كَلَامٌ، وَعَذَابِي كَلَامٌ، إِنَّمَا أَمْرِي بِشَيءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » [26]، فَقَدْ مَلَكَ اللهُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِهِ وَنَهيِهِ وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الأَمْثِلَةِ عَلَى ذَلِكَ:
2- السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ تُطِيعُ المَلِكَ:
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه ما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، قَالَ لِلسَّمَاءِ: « أَخْرِجِي شَمْسَكِ وَقَمَرَكِ وَنُجُومَكِ »، وَقَالَ لِلأَرْضِ: « شَقِّقِي أَنَهْارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ ». فَقَالَتَا: أَتَيْنَا طَائِعِينَ [27].

3- التُّرَابُ يُطِيعُ المَلِكَ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59].

4- النَّارُ تُطِيعُ المَلِكَ:
فَعِنْدَمَا كَسَّرَ الأَصْنَامَ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله أَرَادَ قَوْمُهُ أَنْ يَحْرِقُوهُ فَلَمَّا أَلْقَوْهُ فِي النَّارِ مَا بَعَثَ اللهُ رَيحًا لِتُطْفِئَهَا وَلَا مَاءً لِتُخْمِدَهَا وَلَا مَلَكًا لِيُخْرِجَ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّمَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ إِلَى النَّارِ فَخَضَعَتْ لِأَمْرِ المَلِكِ الجَبَّارِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].

5- الأَجْسَادُ تُطِيعُ المَلِكَ:
لمَّا اعْتَدَى أَصْحَابُ السَّبْتِ وَاحْتَالُوا عَلَى أَمْرِ الله فَاصْطَادُوا يَوْمَ السَّبْتِ عَاقَبَهُمْ اللهُ وَلَكِنْ بِمَ عَاقَبَهُمْ؟ عَاقَبَهُمْ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ، كَلِمَةٍ غَيَّرَتْ حَيَاتَهُمْ وَصُورَتَهُمْ وَآَخِرَتَهُمْ إِلَى أَبْشَعِ حَالٍ، فَأَمَّا صُورَتُهُمْ فَتَحَوَّلَتْ إِلَى صُورَةِ القُرُودِ وَنَهَايَتُهُمْ فِي جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الوِردُ المَوْرُودُ، وَذَلِكَ جَزَاءُ نَاقِضِ العُهُودِ، إِنَّهُمْ اليَهُودُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 65، 66]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ [الأعراف: 166].

سُبْحَانَ المَلِكِ، بِكَلِمَةٍ مِنْهُ أَصْبَحُوا قِرَدَةً، فَإِنَّ الأَجْسَادَ مِلْكٌ لله، فَهُوَ خَالِقُهَا وَمُدَبِّرُهَا وَرَازِقُهَا وَمَلِكُهَا وَهِي تَدِينُ لَهُ بِالوَلَاءِ وَالطَّاعَةِ كَبَقِيَّةِ مَخْلُوقَاتِ الله، فَعِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ: كُونُوا قِرَدَةً اسْتَقْبَلَتْ أَجْسَامُهُم الأَمْرَ فَأَصْبَحَتْ أَجْسَامُ قِرَدَةٍ وَاسْتَقْبَلَتْ أَيْدِيهِم وَأَرْجُلُهُم الأَمْرَ فَأَصْبَحَتْ أَيْدِي وَأَرْجُلَ قِرَدَةٍ، بَلْ وَقُلُوبُهم أَصْبَحَتْ قُلُوبَ قِرَدَةٍ، كَمَا قَالَ مُجَاهِدُ.

سُبْحَانَ الله، أَجْسَامُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِم وَقُلُوبُهُم فِي أَجْوَافِهِمْ وَلَا يَمْلِكُونَ مِنْهَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَيَمْلِكُهَا اللهُ تعالى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83].

سابعًا: عُقُوبَةُ المَلِكِ العَدْلِ سُبْحَانَهُ للمُلُوكِ الظَّالمِينَ
فَإِنَّ مُلُوكَ الأَرْضِ قَدِ اخْتُصُّوا فِي الدُّنْيَا بِالعِزَّةِ والِمنْعَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالقُوَّةِ وَهَذَهِ نِعْمَةٌ مِنَ الله عَلَيْهِمْ فَمَنْ شَكَرَهَا فَقَدْ فَازَ وَمَنْ كَفَرَ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَلَمْ يُؤَدِّ شُكْرَ هَذِهِ الخُصُوصِيَّةِ اخْتَصَّهُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَالجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَمِنْ ذَلِكَ:
1- غَلْقُ أَبْوَابِ السَّمَاءِ دُونَ حَاجَتِهِم:
فَإِنَّ اللهَ تعالى قَدْ جَمَعَ لَهُمْ أَسْبَابَ الحُكْمِ وَالعَطَاءِ وَجَعَلَ بِيَدِهِمْ خَزَائِنَ الأَرْضِ فَمَنْ حَجَبَهَا عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالمَسَاكِينِ حَجَبَ اللهُ عَنْهُ مَا يَنْفَعُهُ وَعَطَّلَ عَلَيْهِ حَاجَتَهُ.

فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ إِمَامٍ أَوْ وَالٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الحَاجَةِ والخُلَّةِ، وَالمَسْكَنَةِ، إِلَّا أَغْلَقَ اللهُ أَبْوَابَ السَّماَءِ دُونَ خُلَّتِهِ، وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ » [28].

2- احْتِجَابُ الله عَنْهُمَ يَوْمَ القِيَامَةِ:
فَمَنْ مَلَكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا تَطَلَّعُوا إِلَيْهِ وَرَجَوْا مَا عِنْدَهُ فَإِنْ حَجَبَ نَفْسَهُ عَنْهُم وَحَرَمَهُمْ مِمَّا يَرْجُونَ احْتَجَبَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَحَرَمَهُ مِمَّا يَرْجُو مِنَ النَّجَاةِ.

فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ دُونَ خُلَّتِهِمْ، وَحَاجَتِهِم، وَفَقْرِهِم، وَفَاقَتِهِم، احْتَجَبَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ دُونَ خُلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ، وَفَاقَتِهِ، وَفَقْرِهِ » [29].

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: « ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِم، وَلهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» [30].

3- يَأْتِي المُلُوكُ إِلَى الله مَغْلُولَةً أَيْدِيهِم إِلَى أَعْنَاقِهِم:
فَكَمَا كَانُوا أَحْرَارًا طُلقَاءَ فِي الأَرْضِ لَا يَسْأَلُهُم أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ وَلَا يَتَقَيَّدُونَ فِي حَرَكَتِهِم كَبَقِيَّةِ الرَّعِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَغْلُولِينَ إِلَى الله تعالى.

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشْرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَى اللهَ مَغْلُولَةٌ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَكَّهُ بِرُّهُ أَوْ أَوْثَقَهُ إِثْمُهُ، أَوَّلُـهَا مَلَامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ، وَآَخِرُهَا خِزْيٌ يَوْمَ القِيَامَةِ » [31].

4- وَيُحْرَمُونَ مِنْ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
فَكَمَا أَنَّ الظَّلَمَةَ مِنْ مُلُوكِ الأَرْضِ ظَلَمُوا النَّاسَ حُقُوقَهُم، وَلَمْ يَعْدِلُوا فِيهِم بِشَرْعِ الله وَلَمْ يَشْفَعْ عِنْدَهُمْ ضَعْفُ الرَّعِيَّةِ وَمَسْكَنَتُهُم فَإِنَّهُمْ يُحْرَمُونَ مِنْ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِى لَنْ تَنَالُهمَا شَفَاعَتِي: إِمَامٌ ظَلُومٌ غَشُومٌ، وَكُلُّ غَالٍ مَارِق» [32].

5- لاَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ:
فَكَمَا أَنَّ الأَمْنَ وَالعَدْلَ يَكُونَانِ نَعِيمًا لِلضُّعَفَاءِ وَالمَسَاكِينِ، بَلْ وَلِكُلِّ الرَّعِيَّةِ وَقَدْ حَرَمَهُمْ مِنْهُمُ المَلِكُ الظَّالِمُ وَغَشَّهُمْ وَضَيَّعَ مَصَالِحَهُم فَإِنَّهُ يُحرَمُ مِنْ دُخُولِ الجَّنَّةِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ » [33].

6- وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا:
فَإِنَّ أَشَدَّ الظُّلْمِ مَا كَانَ مِنْ وَلِيِّ الأَمْرِ وَأَعْظَمَ الأَلَمِ مِنَ الجَوْرِ هُوَ أَلَمُ تَعْذِيبِهِ لِمَا لَهُ مِنْ قُوَةٍ وَمَا عِنْدَهُ مِنْ سُلْطَانٍ، فَإِنْ عَذَّبَ النَّاسَ لَا يَجِدُونَ مِنْ بَطْشِهِ مَفَرًّا إِلَّا إِلَى الله، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الظَالِمَ مِنَ المُلُوكِ لَنْ يَجِدَ مَفرًّا مِنَ النَّارِ. فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « أَيُّمَا رَاعٍ غَشَّ رَعِيَّتَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ » [34].

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « أَشَدُّ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ عَذَابًا إِمَامٌ جَائِرٌ » [35].

وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه: « يَؤْتَى بِالوُلَاةِ يَوْمَ القِيَامَةِ عَادِلِهمْ وَجَائِرِهِمْ، حَتَّى يَقِفُوا عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَيَقُولُ اللهُ ﻷ: فِيكُمْ طَلَبَتِي، فَلا يَبْقَى جَائِرٌ فِي حُكْمِهِ، مُرتشٍ فِي قَضَائِهِ، مُمِيلٌ سَمْعَه أَحدَ الخَصْمَينِ إِلَّا هَوَى فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ الَّذِي ضَرَبَ فَوْقَ الحَدِّ فَيَقُولُ اللهُ: لِمَ ضَرَبْتَ فَوْقَ مَا أَمَرْتُكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، غَضِبْتُ لَكَ. فَيَقُولُ: أَكَانَ لِغَضَبِكَ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ مِنْ غَضِبِي؟! وَيُؤْتَى بِالَّذِي قَصَّرَ فَيَقُولُ: عَبْدِي لِمَ قَصَّرْتَ؟ فَيَقُولُ: رَحِمْتُهُ، فَيَقُولُ: أَكَانَ لِرَحْمَتِكَ أَنْ تَكُونَ أَشَدَّ مِنْ رَحْمَتِي؟! » [36].

لِمَنِ المُلْكُ الَيومَ؟

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، وَهُوَ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِي يَزُولُ فِيهِ كُلُّ مَالِكٍ وَمَمْلُوكٍ إِلَّا مَلِكَ المُلُوكِ تعالى؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26].

وَعَنْ سَهْلٍ بنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ النقيِّ، لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ لِأَحَدٍ » [37]، لَيْسَ عَلَيْهَا مَمْلكَةٌ لِمَلِكٍ، وَلَا سَلْطَنَةٌ لِذِي سُلْطَانٍ، وَلَا قُوَّةٌ لِحَاكِمٍ، وَلَا حُكْمٌ لِقَاضٍ، وَلَا قُدْرَةٌ لِوَالٍ، لَيْسَ عَلَى الأَرْضِ مَعْلَمٌ لِذِي عَرْشٍ وَلَا تَاجٍ ولا صَوْلَجانَ، و﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: « يَقْبِضُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الأَرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ » [38]، فَقَدْ ذَهَبَ المُلُوكُ وَمَا مَلَكُوا، وَقَدْ فَنِيَ الحُكَّامُ، وَمَا حَكَمُوا، فَقَدْ هَلَكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ، وَذِي يَزَنٍ، وَسَاسَانُ، و﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وَلله دَرُّ القَائِلِ:

لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ
فَلَا يُغَرَّ بِطيبِ العِيشِ إِنْسَانُ
هِيَ الأُمُورُ كَمَا شَاهَدْتَها دُوَلٌ
مِنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانٌ
وَعَالِمُ الكَوْنِ لَا تَبْقَى مَحَاسِنُهُ
وَلَا يَدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَا شَانُ
أَيْنَ المُلُوكُ ذَوُو التِّيجَانِ مِنْ يَمنٍ
وَأَيْنَ مِنْهُمْ أَكَالِيلٌ وَتِيجَانُ
وَأَيْنَ مَا شَادَهُ شَدَّادُ مِنْ إِرَمٍ
وَأَيْنَ مَا سَاسَهُ فِي الفُرسِ سَاسَانُ
وَأَيْنَ مَا حَازَهُ قَارُونُ مِنْ ذَهَبٍ
وَأَيْنَ عَادٌ وَشَدَّادٌ وَقَحْطَانُ
أَتَى عَلَى الكُلِّ أَمرٌ لَا مَرَدَّ لَهُ
قَضَوْا فَكَأَنَّ الكُلَّ مَا كَانُوا
وَصَارَ مَا كَانَ مِنْ مُلكٍ وَمِنْ مَلِكٍ
كَمَا حَكَى عَنْ خَيَالِ الطَّيْفِ وَسْنَانُ
دَارَ الزَّمَانُ عَلَى دَارَا وَقَائِلِهِ
وَأَمَّ كِسْرَى فَمَا آواهُ إيوَانُ
كَأَنَّ الصَّعْبَ لِمْ يَسْهُلْ لَهُ سَبَبٌ
يَوْمًا وَلَمْ يَمْلُكْ الدُّنْيَا سُلَيْمَانُ [39]
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ﴾ [الفرقان: 26].

7- النَّهْيُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِمَلِكِ المُلُوكِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَخْنَعُ اسمٍ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ».

وَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ: «أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلَاكِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلَاكِ» [40].

قَالَ سُفْيَانُ: « مِثْلُ شَاهَانِ شَاه » أَيْ: مَلِكُ المُلُوكِ بِاللُّغَةِ الفَارِسِيَّةِ.

فَنَبَّهَ سُفْيَانُ عَلَى أَنَّ الاسْمَ الَّذِي وَرَدَ الخَبَرُ بِذَمِّهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَلِكِ الأَمْلَاكِ بَلْ كُلُّ مَا أَدَّى مَعْنَاهُ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ فَهُوَ مُرَادٌ بِالذَّمِ » [41].

وَمَعْنَى أَخْنَعَ: أَيْ أَوْضَعُ اسْمٍ وَأَذَلُّهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «الخَانِعُ الذَّلِيلُ وَخَنَعَ الرُّجُلُ ذَلَّ».

قَالَ ابنُ بَطالٍ: « وَإِذَا كَانَ الاسْمُ أَذَلَّ الأَسْمَاءِ كَانَ مَنْ تَسَمَّى بِهِ أَشَدَّ ذُلًّا حَتَّى أَخْنَى: أَيْ أَفْحَشُ اسْمٍ مِنَ الخَنَا وَهُوَ الفُحْشُ فِي القَوْلِ.

وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: « أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى الله يَوْمَ القِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ ».

قَالَ ابنُ حَجَرٍ: « وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِهَذَا الاسْمِ لِوُرُودِ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِثْلُ خَالِقِ الخَلْقِ وَأَحْكَمُ الحَاكِمِينَ وَسُلْطَانُ السَّلَاطِينَ وَأَمِيرُ الأُمَرَاءِ » [42].

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: « اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَلِكُ الأَمْلَاكِ لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ » [43].

التَّوَاضُعُ:
فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ أَنَّ اللهَ هُوَ المَلِكُ الحَقُّ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَوَاضَعَ وَلَا يَرْفَعَ نَفْسَهُ فَوْقَ مَنْزِلَةِ العَبِيدِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِنَ المُلُوكِ فَإِنَّهُ لَا يَعْدُو كَوْنَهُ عَبْدًا فَقِيرًا يَقَعُ تَحْتَ قَهْرِ الله وَسُلْطَانِهِ.

عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: « يَطْوِي اللهُ تعالى السَّمَاوَاتِ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ الجَبَّارُونَ، أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ... » [44].

فَبِمَاذَا يُجِيبُ الجَبَّارُونَ وَالمُتَكَبِّرُونَ بَعْدَ هَذَا النِّدَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ النَّاسِ تَوَاضُعًا لِرَبِّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا رَسُولًا وَأَبِي أَنْ يَكُونَ مَلِكًا نَبِيًّا.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: « إِنَّ هَذَا الَملَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمَ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ، قَالَ: أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جَبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: بَلْ عَبْدًا رَسُولًا» [45].

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ يَأْكُلُ مُتَّكِئًا يَقُولُ: « آَكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ العَبْدُ » [46].

ثامنًا: لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً
فإِيَّاكَ وَمَعْصِيَةَ الله تعالى فَإِنَّهَا مَنْطِقَةٌ خَطِيرَةٌ، وَبُقْعَةٌ وَعِرَةٌ، فَمَنِ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ مَحَارِمِ الله فَقَدْ تَعَدَّى حَدَّهُ وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِعُقُوبَةِ المَلِكِ، فَمَنْ أَرَادَ لِنَفْسِهِ النَّجَاةَ فَلْيَتَّقِ عُقُوبَةَ المَلِكِ بِاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ.

فَعَنِ النُّعْمَانِ بنِ بِشِيرٍ ب قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ... » [47].

وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتْرُكُونَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الحَلَالِ خِشْيَةَ الحَرَامِ، وَكَانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: « أُحِبُّ أَنْ أَجْعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَ الحَرَامِ حَائِلًا مِنَ الحَلَالِ»، وَجَاءَ فِي بَعْضِ الحَدِيثِ: « لَنْ يَبْلُغَ العَبْدُ أَنْ يَكُونَ تَقِيًّا حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأسَ بِهِ خَشْيَةً مِمَّا بِهِ بَأْسٌ ».

تاسعًا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي مُلْكِهِ
مُلْكُ الخَلْقِ سَبَبيٌّ وَمُلْكُ الله ذَاتِيٌّ:
فَإِنَّ الخَلْقَ لَا يَكُونُونَ مُلُوكًا إِلَّا بِأَسْبَابِ المُلْكِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَمْلَكَةٍ يِمْلِكُهَا أْوْ نَاسٍ يَحْكُمُهُم، وَلَا بُدَّ لَهُ كَذَلِكَ مِنْ أَعْوَانٍ عَلَى مُلْكِهِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بِطَانَةٍ تَحْمِيهِ، وَزَرَاءَ يُشَاوِرُهُمْ، وَجُنُودٍ يُنفِّذُونَ أَمْرَهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ، فَمُلُوكُ الخَلْقِ يَحْتَاجُونَ إِلَى مُلْكِهِمْ.

أَمَّا اللهُ تعالى فَإِنَّ مُلْكَهُ ذَاتِيٌّ لَا يَحْتَاجُ سَمَاوَاتٍ وَلَا أَرْضَ وَلَا عَرْضَ وَلَا شَيْئًا أَبَدًا، فَهُوَ المَلِكُ قَبْلَ الخَلْقِ، وَهُوَ المَلِكُ بَعْدَ الخَلْقِ، وَهُوَ المَلِكُ بِدُونِ الخَلْقِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لله وَزِيرٌ وَلَا نَظِيرٌ وَلَا بِطَانَةٌ، حَتَّى جُنُودَ الله فَإِنَّهُمْ لَا يَحْمُونَهُ وَلَا يَمْلِكُونَ لَهُ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، إِنَّمَا هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ وَحْدَهُ وَبِيَدِهِ المُلْكُ وَحْدَهُ، وَالخَلْقُ كُلُّهُمْ لله وَبِالله وَيَحْتَاجُونَ إِلَى الله وَلَا يَحْتَاجُ هُوَ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ.

مُلْكُ الخَلْقِ فَانٍ، وَمُلْكٍ الله بَاقٍ:
فَإِنَّ الفَنَاءَ قَدْ كُتِبَ عَلَى المَخْلُوقَاتِ، فَإِمَّا أَنْ يَفْنَى المُلْكُ بِضَيَاعِهِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ فَتُسْلَبُ المَمْلَكَةُ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ يَزُولُ المَلُوكُ أَنْفُسُهُمْ عَنْ مَمَالِكِهِم بِالمَرَضِ، أَوْ يَجُورُ عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنَ المُلُوكِ، أَوْ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ.

أَمَّا اللهُ تعالى فَإِنَّهُ الحَيُّ القَيُّومُ، مُلْكُهُ ثَابِتٌ، لَا يَتَغَيَّرُ، بَاقٍ لَا يَفْنَى، دَائِمٌ لَا يَزُولُ، فَلَا يُفَارِقُهُ مُلْكُهُ، وَلَا يَزُولُ عَنْهُ بِجَوْرِ جَائِرٍ وَلَا بِظُلْمِ ظَالِمٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾ [الأنعام: 14]، ﴿ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ﴾ [المؤمنون: 88]، فَهُوَ صَاحِبُ القُوَّةِ والعَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاِء؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾ [البقرة: 165].

وَكَذَلِكَ لَا يُفَارِقُ مُلْكَهُ بِالغِيَابِ أَوِ المَوتِ؛ لِذَلِكَ انْظُرْ إِلَى الحَسْرَةِ وَالأَلَمِ الَّذِي يَحْدُثُ لِلْمُلُوكِ عِنْدَ تَرْكِهِم المُلْكَ بَلْ وَالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

فَقَدْ حُكِيَ عَنْ هَارُونَ الرَّشِيدِ أَنَّهُ انْتَقَى أَكْفانَهُ بِيَدِهِ عِنْدَ المَوْتِ، وَكَانَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَقُولُ: ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ [الحاقة: 28، 29].

وَرُوِيَ عَنْ المَأْمُونِ أَنَّهُ افْتَرَشَ رَمَادًا وَاضَّجَعَ عَليْهِ وَقَالَ: « يَا مَنْ لَا يَزُولُ مُلْكُهُ، ارْحَمْ مَنْ زَالَ مُلْكُهُ، وَيَا مَنْ لَا يَمُوتُ ارْحَمْ مَنْ يَمُوتُ ».

هَذَا مَا يُسَاوِيهِ المُلْكُ فِي الدُّنْيَا:
سَأَلَ هَارُونُ الرَّشِيدُ بَعْضَ العُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِذَا عَطَشْتَ وَحُبِسَ عَنْكَ المَاءُ فَكَمْ تُسَاوِي شَرْبَةُ المَاءِ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ هَارُونُ الرَّشِيدِ: نِصْفَ مُلْكِي، فَقَالَ لَهُ: وَإِذَا شَرِبْتَهَا وَحُبِسَتْ فِي جَسَدِكَ فَكَمْ يُسَاوِي إِخْرَاجُهَا؟ قَالَ: النِّصْفُ الآَخَرُ مِنْ مُلْكِي. قَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اتَّقِ اللهَ فِي مُلكٍ نِصْفُهُ شَرْبَةُ مَاءٍ وَالنِّصْفُ الآَخَرُ إِخْرَاجُهَا. فَبَكَى هَارُونُ الرَّشِيدُ.

عاشرًا: دُعَاءُ الله بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ الكَرِيمَةِ
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الُملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عِدْلُ عَشْرِ رِقَابٍ [48] وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سِيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِى وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ » [49].

2- وَعَنْ أَبِي أَيُّوبِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» [50].

3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَينِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي »، وَقَالَ مَرَّةً: « فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي » [51].

[1] رَوَى مسلمٌ عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: « ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بيتٍ مِنْ بِيوتِ الله، يَتْلُونَ كِتابَ الله ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نزلتْ عَليهم السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُم الملائكةُ، وَذَكَرَهُم اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
[2] َروَى الإمامُ أَحمدُ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (5507) عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَا اجْتَمَعَ قَومٌ عَلَى ذِكْرٍ، فَتَفَرَّقُوا عنه إلا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم »، ومَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ المجالسُ التي تُذَكِّرُ بِالله وبآياتهِ وأحكامِ شرعهِ ونحو ذلك.
[3] في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ غَدَا إلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ » .
وفي صحيح مُسْلِمٍ عَنْه أيضًا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ تَطَهَّرَ في بيتهِ ثُمَّ مَضَى إلى بيتٍ مِنْ بيوتِ الله لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله كانتْ خُطُواتُه: إِحدَاها تَحطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرَى تَرْفَعُ دَرجةً » .
[4] رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصلاةُ تَحْبِسُه، لا يَمْنَعُه أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أهلهِ إلا الصلاةُ » .
ورَوَى البُخَاريُّ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « الملائكةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكم مَا دامَ فِي مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ ارْحَمْه » .
[5]، (4) رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي بنِ أبي طالبٍ: « فوالله لأنْ يَهْدِي اللهُ بك رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ » .
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ دَعَا إلى هُدَى كَانَ لَه مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهم شيئًا » .
[6] رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ عن أبي أمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « إنَّ اللهَ وملائكتَه، حتى النملةَ فِي جُحْرِها، وحتى الحوتَ في البحرِ لَيُصَلُّون عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ »، وَصلاةُ الملائكةِ الاسْتِغْفَارُ.
[7] النهاية (4/ 358)، اللسان (6/ 4266)، غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 329)، المفردات للراغب (ص: 472)، والنهج الأسمى (1/ 95).
[8] النهج الأسمى (1/ 96-98) .
[9] تفسير أسماء الله الحسنى (ص: 30) .
[10] شأن الدعاء (ص: 40) .
[11] اللسان (6/ 4266) .
[12] جامع البيان (28/ 36) .
[13] تفسير ابن كثير (4/ 343) .
[14] أسماء الله الحسنى للزجاج (ص: 30) .
[15] فتح القدير (1/ 22) .
[16] النهج الأسمى (1/ 106-107) .
[17] التفسير الكبير للرازي (1/ 239) .
[18] اشتقاق أسماء الله للزجاج (ص: 43)، ولسان العرب لابن منظور (10/ 491)، وكتاب السبعة في القراءات بكر البغدادي (ص: 104).
[19] البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا مواتًا (2/ 823).
[20] السابق (2/ 823).
[21] البخاري في كتاب التوحيد، باب {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} [الإسراء: 110]، (6/ 2699) (6982).
[22] بدائع الفوائد (4/ 972) .
[23] النور الأسنى (1/ 71-81) .
[24] رواه مسلم (2143) .
[25] بدائع الفوائد (4/ 165) .
[26]أخرجه الترمذي (4/ 2495)، وأحمد (5/ 77-154)، وابن ماجه نحوهما (2/ 4257).
[27] أخرجه الحاكم (1/ 27) وقال: « تفسير الصحابي عند الشيخين مسند » .
[28] صحيح: رواه أحمد في المسند، والترمذي عن عمر بن مرة، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5685)، والصحيحة (630) .
[29] صحيح: لأبي داود، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك عن أبي مريم الأزدي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6471)، والصحيحة (629).
[30] صحيح: رواه مسلم، والنسائي عن أبي هريرة.
[31] حسن: رواه أحمد في مسنده عن أبي أمامة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5594)، والصحيحة (348).
[32] حسن: الطبراني في الكبير عن أبي أمامة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3692)، والصحيحة (470).
[33] صحيح: رواه البخاري، ومسلم عن معقل بن يسار؛ أي لا يدخل الجنة التي أعدها الله للأمناء، أو حرمه الله عليه الجنة ابتداء حتى يعذب بذنوبه، هكذا أجمع العلماء بين أحاديث الوعيد والنصوص التي تقضي بأن لا يخلد في النار موحد.
[34] صحيح: رواه ابن عساكر عن معقل بن يسار، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2713)، والصحيحة (1754).
[35] حسن: رواه أبو يعلى في مسنده، والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1021).
[36] حسن لغيره: أخرجه أبو يعلى كما في كنز العمال (6/ 14769).
[37] رواه البخاري (13/ 372) الرقاق، ومسلم (17/ 134) صفة القيامة واللفظ له، والعلم: أي ليس بها علامة سكنى أو بناء ولا أثر.
[38] أخرجه البخاري (4812-6519)، ومسلم (17/ 131) صفة القيامة.
[39]شعر لأبي البقاء الرندي الأندلسي من قصيدته في رثاء الأندلسي، وقد حذفت البيت الرابع والخامس حتى لا أطيل على القارئ وهما:
يمزق الدهر حتمًا كل سابعة=إذا نبت مشرفيات وخرصان
وتنتقي كل سيف للفناء ولو=كان ابن ذي يزن والغمد غمدان

[40] رواه البخاري (10/ 6205-6206)، ومسلم (1243/ 21).
[41] فتح الباري (10/ 590) باختصار، بأي لسان: أي بأي لغة .
[42] المصدر السابق .
[43] أخرجه أحمد (2/ 492) .
[44] رواه مسلم
[45] صحيح: أخرجه أحمد (2/ 231) .
[46] صحيح لغيره: أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي (610)، والبغوي (13/ 39689) .
[47] متفق عليه، وبقيته: « ... ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب » .
[48] أي في ثواب عتقها.
[49] متفق عليه.
[50] متفق عليه.
[51] صحيح: أخرجه مسلم (1-الصلاة 38)، وأحمد (13 / ح 7289)، والحميدي (2/ ح 973)، والبيهقي (2/ 38)، والترمذي (5 / ح 2953)، وابن ماجه (2 / ح 3784).



 توقيع : ضامية الشوق




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اللَّطِيفُ جل جلاله وتقدست أسماؤه روح الندى …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 10 07-24-2024 09:32 PM
المهيمن جل جلاله، وتقدست أسماؤه ضامية الشوق …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 22 05-13-2024 02:16 PM
العزيز جل جلاله، وتقدست أسماؤه ضامية الشوق …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 20 11-19-2023 01:15 PM
الستير جل جلاله، وتقدست أسماؤه إرتواء نبض …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 9 11-18-2023 08:27 PM
معاني أسماء الله الحسنى (العظيم، الملك، المالك، المليك، مالك الملك) جنــــون …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 9 01-31-2023 09:06 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية