![]() |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
تفسير سورة الأنعام الآيات (75: 78)
﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ ﴾ [سورة الأنعام:75]. ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ ﴾ أي: وَكَمَا أَرَيْناهُ ضَلَالَ أَبِيهِ وقَوْمِهِ فِي عِبَادَتِهِمَا لِلأَصْنَامِ[1] أَرَيْناهُ ﴿ مَلَكُوتَ ﴾ أَيْ: مُلْكَ[2] ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ﴾ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الْعَظِيمَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالْجِباَلِ وَالشَّجَرِ وَالدَّوَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ[3]، وَدَلَالَةُ ذَلِكَ عَلَى رُبُوبيَّةِ اللهِ وَأُلُوهيَّتِهِ، وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ للعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ[4]. ﴿ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ ﴾ بِهَا، وَالْمُوقِنُ هُوَ الْعَالِمُ بِالشيءِ عِلْمًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَطرَأَ لَهُ فِيهِ شَكٌّ[5]. قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: "الْيَقِينُ هُوَ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ، وَاسْتِقْرَارُ الْعِلْمِ فِيهِ،... وَضِدُّ الْيَقِينِ الرَّيْبُ، وَهْوَ نَوْعٌ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالِاضْطِرَابِ"[6]. وَلليَقِينِ مَنْزِلَةٌ عَظْيمَةٌ فِي إِيْمَانِ الْعَبْدِ وَقُرْبِهِ مِنَ اللهِ وَسَعَادتِهِ فِي الدَّارَينِ. يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "وَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ مَنْزِلَةُ الرُّوحِ مِنَ الْجَسَدِ، وبِهِ تَفَاضَلَ الْعَارِفُونَ، وفِيهِ تَنَافَسَ الْمُتَنَافِسُونَ، وإِلَيْهِ شَمَّرَ الْعَامِلُونَ"[7]. وَثَمَرَتُهُ وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ طُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ وَسَلَامَتَهُ مِنَ الْاضْطِرَابَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، لَنْ تَكُونَ إِلَّا بِبُلُوغِ مَنْزِلَةِ الْيَقِينِ، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى بُلُوغِهَا، والْوُصُولِ إِلَيْهَا يَكُونُ بالتَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ فِي مَلْكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ. وَفِي الْآيَةِأَنَّ اللهَ رَفَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْعِلْمِ وَالْيَقِينِ وَقُوَّةِ الْحُجَجِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ ﴾ [سورة الأنعام:75]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖمَّننَّشَآءُۗإِنَّرَبَّكَحَكِيمٌعَلِيمٞ ﴾ [سورة الأنعام:83][8]. *** ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ رَءَا كَوۡكَبٗاۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَآ أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ ﴾ [سورة الأنعام:76]. ﴿ فَلَمَّا جَنَّ ﴾ أَظْلَمَ[9] ﴿ عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ رَءَا كَوۡكَبٗاۖ ﴾ أَيْ: نَجْمًا[10] ﴿ قَالَ ﴾ لِقَوْمِهِ تَنَزُّلًا وَكَانُوا نَجَّامِينَ: ﴿ هَٰذَا رَبِّيۖ ﴾ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بَصَرَهُ يَنْظُرُ إِلَى هَذَا الكَوْكَبِ[11]. ﴿ فَلَمَّآ أَفَلَ ﴾ غَابَ[12] وَاخْتَفَى ﴿ لَآ أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ ﴾ أي: لَا أُحِبُّ الْإِلَهَ الذي يَغِيبُ وَيَخْتفِي[13]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَعْمَلَ عَقْلَهُ وَعِلْمَهُ، إِذِ الْآفِلُ لَا يَنْبغِي أَنْ يَعْبُدَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ تَعَالَى. *** ﴿ فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغٗا قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمۡ يَهۡدِنِيرَبِّيلَأَكُونَنَّمِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّآلِّينَ ﴾ [سورة الأنعام:77]. ﴿ فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغٗا ﴾ طَالِعًا[14] ﴿ قَالَ ﴾ لَهُمْ: ﴿ هَٰذَا رَبِّيۖ ﴾. ﴿ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ ﴾ مُفْتَقِرًا وَمُحْتَاجًا إِلَى هِدَايَةِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ لَئِن لَّمۡ يَهۡدِنِي رَبِّي ﴾ يُرْشِدْنِي رَبِّي وَيُوفَّقْنِي إِلَى تَوْحِيدِهِ وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ[15] ﴿ لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّآلِّينَ ﴾، وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ لِأَبيهِ وَقَوْمِهِ بِأَنَّهُمْ عَلى ضَلَالٍ[16]. *** ﴿ فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةٗقَالَهَٰذَارَبِّيهَٰذَآأَكۡبَرُۖفَلَمَّآأ َفَلَتۡقَالَيَٰقَوۡمِإِنِّيبَرِيٓءٞمِّمَّاتُشۡرِكُ ونَ ﴾ [سورة الأنعام:78]. ﴿ فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةٗقَالَهَٰذَا ﴾ الطَّالِعُ ﴿ رَبِّي هَٰذَآ أَكۡبَرُۖ ﴾ مِنَ الكَوْكَبِ وَالْقَمَرِ وَأَعْظَمُ[17]. ﴿ فَلَمَّآ أَفَلَتۡ ﴾ أي: فَلَمَّا غَابتْ ظَهَرَ الْحَقُّ، وَثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّ هَذِهِ الكَواكِبَ لَا تَصْلُحُ لِلرُّبُوبِيَّةِ والإلَهِيَّةِ، تَبَرَّأ مِنَ الشِّرْكِ[18]، وَ﴿ قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي بَرِيٓءٞمِّمَّاتُشۡرِكُونَ ﴾ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنامِ وَالْكَوَاكِبِ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالَى[19]. [1] ينظر: تفسير الجلالين (ص174). [2] ينظر: تفسير القرطبي (7/ 23)، تفسير الجلالين (ص174). [3] ينظر: تفسير الماوردي (2/ 135). [4] ينظر: تفسير الزمخشري (2/ 40)، تفسير البيضاوي (2/ 169). [5] ينظر: تفسير الثعالبي (2/ 485). [6] مجموع الفتاوى (3/ 329). [7] مدارج السالكين (5/ 395). [8] ينظر: تيسير اللطيف المنان (ص210). [9] ينظر: تفسير النسفي (1/ 516)، تفسير الجلالين (ص174). [10] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 291). [11] ينظر: تفسير الطبري (9/ 356)، تفسير البغوي (3/ 160). [12] ينظر: تفسير الماوردي (2/ 137)، تفسير ابن كثير (3/ 291). [13] ينظر: تفسير السعدي (ص262). [14] ينظر: تفسير الطبري (9/ 361)، تفسير الماوردي (2/ 137). [15] ينظر: تفسير الطبري (9/ 361). [16] ينظر: تفسير الجلالين (ص174). [17] ينظر: تفسير الطبري (9/ 362)، تفسير البغوي (3/ 163). [18] ينظر: تفسير الرازي (13/ 47). [19] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 292)، تفسير الجلالين (ص175). ![]() ![]() |
![]() |
#3 |
![]() ![]() |
![]()
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ وُدِيِّ ![]() |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
#4 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 |
![]() |
![]()
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك |
![]() ![]() ![]() اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥ اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره ![]() ![]() |
![]() |
#7 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفسير سورة الأنعام الآيات (72: 74) | ضامية الشوق | الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية | 16 | 05-09-2024 01:25 PM |
تفسير سورة الأنعام الآيات (60: 61) | ضامية الشوق | الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية | 16 | 04-29-2024 06:18 PM |
تفسير سورة الأنعام الآيات (28: 31) | ضامية الشوق | الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية | 18 | 02-19-2024 05:46 PM |
تفسير سورة الأنعام الآيات (20: 23) | ضامية الشوق | الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية | 16 | 02-18-2024 12:05 PM |
تفسير سورة الأنعام الآيات ( 52 - 58 ) | روح الندى | الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية | 10 | 09-11-2022 10:31 PM |
![]() |