الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… > الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
 

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-19-2023   #1
 
الصورة الرمزية جنــــون
 

افتراضي ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾

﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم.



في اللحظات الأولى لدخول شهر رمضان، وبعد المغرب مباشرة، أوقفت ختمة كنت فيها لأبدأ مع اللحظة الأولى لرمضان أخرى تناسبه، وكان أول كلمات قرأتها بعد الفاتحة، هي قول الله -تعالى-: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، كانت هذه المقدمة، وكانت مقدمة مغرية بالتوقف، فوقفت معها لبعض الوقت، ولم أستطعِ المواصلة، إنها تأسرني أَسْرَ من لم يرها منذ سنين، وكأن أذني وعيني وقلبي كانوا محجوبين بحجاب واقٍ، أو كأن طول التعوُّد يمنع القرآن من التأثير.



في هذه الآية معنى عجيب؛ فالله - سبحانه وتعالى - يبين أن كتابه لا ريب فيه ولا شك، بما يتحمله نفي الريب والشك عن القرآن من كونه يحمل الحقائق المطلقة التي لا شك فيها، والنص جازم بها، موضح لها غير مضطرب ولا ملتبس، ولا ريب فيه أيضًا بمعنى أنه لا يشُكُّ ذو عقل وعلم وإيمان ولب، في أنه من عند الله لم يتغير ولم يتبدل، ولم يتدخل فيه البشر أي نوع تدخل؛ ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 46].



ولا ريب فيه؛ لأنه يخاطب المرتابين المفترضين: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23]؛ إنها أعلى درجات التَّحدي من ناحية، وأسهلها من ناحية أخرى.



فكون التحدِّي على مستوى اللفظ، والقرآن من جنس اللغة التي يتكلم بها العرب، ولم يخرج في الغالب الأعم عن أساليبِهم، ولا عن طرائقِهم في التعبير، وهم في تلك الفترة في أوان عنفوان شباب لغتِهم، واعتزازهم بالتمكُّن من ناصيتها، يتحدون بالإتيان بمثلِ كلام قتَلوا معانيَه، وأساليبه، كيف يكون هذا التَّحدي السهل البسيط القريب؟!



سؤال قد يتجاوزه مَن أرجَع البصر كرتين، أو كرات، فوجد العجزَ باديًا، والخصم منهزمًا، والقرآن لم يحاكَ ولم ينسجْ منذ نزوله على منواله، بل يجد مَن أرجع البصر هذا العجز أبينَ وأوضح حين جاء التحدي بلغة أبين في التحدي، ليست على وجه الطرح والأمر، وإنما على وجه الخبرِ؛ ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، إنه التَّحدي الواضح الصريح الأمري، وليس الإخباري.



لكن التحدي يظلُّ خفيفًا وعاديًّا، إن تُحدِّيَ بالإتيان بمثلِ كلامٍ متكوِّنٍ من حروف محدودة العدد، معروفة التراكيب، مفهومة العبارات، إنه في غاية البساطة إذا ما قورن بتحديات أخرى من قبيل:

• الحديث عن المغيبات الماضية التي لا يعلمها هؤلاء؛ إن القرآن الذي ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ يُحدِّث عن أخبار الأولين، وقصص الماضين، يقصها كما وقعت، كما هي، كما يعلمها من شاهدها وحضرها، فليست فيه أساطير الأولين، وما فيه من أخبار الماضين أوسع مما حفظته الروايات الشفوية أو الكتابية، وبالتالي فصاحب القرآن لم يكتتب شيئًا عن أحد، وما عنده من أخبار ماضية ليست بدقتها وصحتها عند أحد، ومن لم يفهم التَّحدي فليأتِ بالأخبار، وليقُصَّها، ثم ليقارن العقل بين ما قص، وبين ما يمكن أن يقع، فسيجد المقارن فيما ليس من عند الله اختلافًا كثيرًا.



ذاك تحدٍّ، ليس الأوحد، بل هناك آخر، قد يكون هذا بسيطًا في جنبه:

• إن الحديث عن الغيب اللاحق، عما سيقع، فهذا الكتاب الذي لا ريب فيه، يتحدث عن أشياء ستقع في المستقبل، بشقَّيه الدنيوي والأخروي، والمستقبل بامتداداته العمرية، التي تطول أعمار الأفراد، وأعمار الأجيال، وأعمار الأمم، بل وتمتد إلى ما شاء ربك، وحديث القرآن عما سيقع؛ كحديثه عما وقع، أو حديثه عما ينبغي أن يقع "الأمر التشريعي"، كل ذلك متشابه، محكم، لا اختلاف فيه، ولا عوج، ولا أَمْتَ، فأي مكذب للقرآن مرتاب فيه يستطيع أن يتحدث بهذه القوة والقدرة، والسلاقة والوضوح عما سيأتي، وعما سيقع، بهذا التفصيل في محله، والإجمال في محله.. إنه تحدٍّ غاية في العظمة والصعوبة، لولا أنه ليس كل التحدي، فهناك مجالات أخرى للتحدي تفوق الحصر.



• فهناك تحدِّي الحديث عن السموات والأرض، وخصائصهما والنباتات والجبال والبحار، وتقسيم إنشائها على الزمن في خطة مكتوبة واضحة محددة؛ ﴿ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [فصلت: 9]، ﴿ جَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا ﴾ [فصلت: 10]، ﴿ وَبَارَكَ فِيهَا ﴾ [فصلت: 10]، ﴿ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ﴾ [فصلت: 10]، ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [فصلت: 12].



• وهناك التَّحدث عن المخلوقات في حد ذاتها عن خصائصها ومنافعها.



• وهناك الحديث عن المباح والجائز والحرام والمكروه، وغيره مما لا يمكن للعقل البشري وحده الاستقلال بمعرفته، ولا الإحاطة بغرضه.



فهو إذًا في كل الاحتمالات، وفي كل أبواب التحدي: ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 2].



وأيضًا إنه الكتاب المحلَّى بالألف واللام، فهو وحده الكتاب الذي لا ريب في كونه يستحق هذا الاسم، ويحظى بهذا الوصف، إنه الذي يثبت جدارته بين الكتب، بأن تكون مقدمته خالية من أي اعتذار عن تقصير قد يقع، أو اختيارات قد لا توفَّق، أو انحياز إلى منهج، أو إكراهات وقت أو جهد، أو... إنه الكتاب الوحيد المحلى بالألف واللام الذي صدر بهذه العبارة الإخبارية الجازمة الصريحة: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 2]... فسبحان مَن أنزَله نورًا وهدًى، وسبحان مَن صرف عنه العيون العمي، والآذان الصم، والقلوب الغلف.



إنه الكتاب الذي لا ريب فيه، رغم أن العارفين باللغة تجاهلوه، وتصامموا وتعاموا وتحامقوا عنه، فقالوا: ﴿ قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصلت: 5]، لكنهم لم يستطيعوا وصف الكتاب الذي لا ريب فيه بأي وصف تحقير؛ لأنه أعلى صوته بالتحدي، وأصغى لِيتَه للدَّهرِ ينتظر الرَّدَّ، فما هو إلا التسليم أو الصَّغار والتواري.



والآن وقد مضت أربع وثلاثون وأربعمائة وألف سنة على هذا التَّحدي، وما زال يقرأُ ليل نهار يُعيد نفسه على من يحبون سماعه، وعلى من يمرُّون عليه دون وعي، وعلى من يخزيهم هذا التعبير، ويردهم على أدبارهم صاغرين، ما زال هذا التعبير كما هو، ثابتًا لفظه كثبات معناه، لا يعرف التبدل ولا التَّغيير، فكيف نمر عليه للحظة دون أن نشعر، فتقشعر الجلود، ثم تلين وتلين القلوب من خشية الله؟!



الموضوع الأصلي : ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ || الكاتب : جنــــون || المصدر : منتديات قصايد ليل

 

التوقيع:



  رد مع اقتباس
قديم 05-19-2023   #2
 
الصورة الرمزية أبو إبتهال
 

افتراضي

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد


التوقيع:




  رد مع اقتباس
قديم 05-19-2023   #3
 
الصورة الرمزية عـــودالليل
 

افتراضي

قيمه جيده لمحتها من خلال هذا
الجلب المميز في
محتواه
ونال الاستحسان
والاعجاب التام والرضى

وكل هذا
دليل ذائقه راقيه جدا أدت
لظهور هذا الطرح بهذا الشكل

اتمنى تقديم المزيد والاستمرار عل
نفس المنوال


و
لك كل احترامي وتقديري
واسعدك المولى


محمد الحريري


التوقيع:
مهم جدآ
قرار بخصوص احتساب المشاركات وتوضيح مفصل
بالاضافة لشروط استخدام الخاص وصندوق المحادثات

تفضلوا بالدخول

طريقة احتساب المشاركات وكيف تحصل على مشاركات اضافيه بنجاح - منتديات قصايد ليل

قوانين استخدام الشات والرسائل الخاصة - منتديات قصايد ليل
  رد مع اقتباس
قديم 05-20-2023   #4
 
الصورة الرمزية كـــآدي
 

افتراضي

طرح جميل
يعطيك العافية


التوقيع:




القلب يميل لـ من يجتهد في احتضانـه
واستيعابـه ، واحتـواءه ، يميل لمن يصارع
العالـم لأجلـه ، من يشتاقه بلا سـبب
ويأتيـه بلا سـبب ، من يبقى بجواره للأبد
  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2023   #5
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

جزاك الله خيرا


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2023   #6
 
الصورة الرمزية شموخ
 

افتراضي

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك


التوقيع:




اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥

اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره

  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2023   #7
 
الصورة الرمزية طهر الغيم
 

افتراضي

يعطيك العآفيـه
على الموضوع الروعـه
شكراً لك من القلب على هذآ المجهُود ,
ماأنحرم من عطـآءك المميز يَارب !
حفظك الله ورعآيته .
لِـ روحك باقات الورد


التوقيع:
  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2023   #8
 
الصورة الرمزية اناقه جنوبيه
 

افتراضي

موضوع رااائع

وجهود أروع

ننتظر مزيدكم

بشوووق


التوقيع:
  رد مع اقتباس
قديم 05-23-2023   #9
 
الصورة الرمزية نجم أبو أحمد
 

افتراضي

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 05-30-2023   #10
 
الصورة الرمزية نظرة الحب
 

افتراضي

سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك


التوقيع:
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
﴿ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ﴾ جنــــون الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 11 04-16-2023 11:30 PM
سورة البقرة الآية (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) لا أشبه احد ّ! الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 23 10-27-2020 07:37 AM
الآية: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾. كـــآدي الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 20 02-21-2019 05:49 AM
{25} فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ طهر الغيم الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 16 12-28-2017 01:06 AM
تدبر: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ ضامية الشوق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 22 08-02-2016 01:17 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية