الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«…
 

…»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… { .. كل مايختص بأمور ديننا ودنيانا و يتعلق بأمور الدين الحنيف لأهل السنة و الجماعة فقط .. }

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 07-06-2022
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Aliceblue
 رقم العضوية : 28440
 تاريخ التسجيل : Jul 2015
 فترة الأقامة : 3586 يوم
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (04:40 AM)
 الإقامة : يســــآر صــــدره
 المشاركات : 379,380 [ + ]
 التقييم : 214754188
 معدل التقييم : كـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي السَّكِينة (2)



الحمدُ للهِ وفَّقَ مَنْ شَاءَ لِمَكارِم الأخلاقِ، وهدَاهم لِما فيهِ فلاحُهم يَومَ التَّلاقي، أَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، المَلِكُ الخَلَّاق، وأَشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ أَفضَل الْبَشَرِ على الإطلاقِ، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِه ومن تبعهم بإحسانٍ، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن من نعيم المؤمنين تنزيل السكينة في قلوبهم، فتطمئن أرواحهم، ويزادد إيمانهم.

وأصل السكينة الطُّمَأْنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات؛ ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب؛ كيوم الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رؤوسهم لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما، وكيوم حُنَيْن حين ولَّوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد، وكيوم الحُدِيبية حين اضطربت قلوبهم من تحكُّم الكفار عليهم ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها وهو عمر حتى ثبَّته الله بالصِّدِّيق رضي الله عنه.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة إلا التي في سورة البقرة"، وفي الصحيحينِ عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينقل من تراب الخَنْدق حتى وارى التراب جِلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبدالله بن رواحة رضي الله عنه:
"لاهُمَّ لولا أنت ما اهتدينا
ولا تَصدَّقْنا ولا صَلَّينا
فأنزِلَنْ سكينةً علينا
وثبِّت الأقْدامَ إنْ لاقينا
إنَّ الأُولَى قد بَغَوا علينا
وإنْ أرادُوا فَتْنةً أبَيْنا"

قال: ثم يمدُّ صوته بآخرها"[1].[2]

ومن سكن قلبه سكنت جوارحه في صلاته، قال شيخ الإسلام: "فمن المعلوم أن الخشوع المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] لا بد أن يتضمن الخشوع في الصلاة، فإنه لو كان المراد الخشوع خارج الصلاة لفسد المعنى، وإذا كان الخشوع في الصلاة واجبًا فالخشوع يتضمن السكينة والتواضع جميعًا، ومنه حديث عمر رضي الله عنه حيث رأى رجلًا يعبث في صلاته فقال: "لو خشَع قلبُ هذا لخَشَعَتْ جوارِحُه"؛ أي: لسكنت وخضعت"[3]،"فإذا كان منهيًّا عن السرعة والعجلة في المشي مأمورًا بالسكينة وإن فاته بعض الصلاة مع الإمام حتى يصلّي قاضيًا له؛ فأولى أن يكون مأمورًا بالسكينة فيها، ويدل على ذلك أن الله عز وجل أمر في كتابه بالسكينة والقصد في الحركة والمشي مطلقًا فقال: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ﴾ [لقمان: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، قال الحسن وغيره: "بسكينة ووقار"، فأخبر أن عباد الرحمن هم هؤلاء.

فإذا كان مأمورًا بالسكينة والوقار في الأفعال العادية التي هي من جنس الحركة؛ فكيف بالأفعال العبادية؟ ثم كيف بما هو فيها من جنس السكون كالركوع والسجود والانتقال؟"[4].

والسكينة للمؤمن حاضرة حتى في مواطن الزحام والضيق والتدافُع وإسراع الناس كالحجِّ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم وراءه زجرًا شديدًا وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ؛ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ))[5].

والسكينة ظاهرة على المسلمين حيثما كانوا، و"كان الميت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج به الرجال يحملونه إلى المقبرة، لا يُسرِعون، ولا يُبطِئون بل عليهم السكينة، لا نساء معهم، ولا يرفعون أصواتهم، لا بقراءة ولا غيرها، وهذه هي السنة باتفاق المسلمين"[6].

والسكينة في القلب هي محض فضل المولى تبارك وتعالى، "فليس كل ما فَضُلَ به الفاضل يكون مقدورًا لمن دونه، فكذلك من حقائق الإيمان ما لا يقدر عليه كثيرٌ من الناس، بل ولا أكثرهم، فهؤلاء يدخلون الجنة وإن لم يكونوا ممن تحققوا بحقائق الإيمان التي فضّل الله بها غيرَهم، ولا تركوا واجبًا عليهم وإن كان واجبًا على غيرهم.

ولهذا كان من الإيمان ما هو من المواهب والفضل من الله، فإنه من جنس العلم والإسلام الظاهر من جنس العمل؛ وقد قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17] وقال: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ﴾ [مريم: 76] وقال: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، ومثل هذه السكينة قد لا تكون مقدورة؛ ولكن الله يجعل ذلك في قلبه فضلًا منه وجزاء على عمل سابق، كما قال: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 - 68] وكما قال: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ﴾ [الحديد: 28]، وكما قال: ﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾ [المجادلة: 22]، ولهذا قيل: من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم"[7].

والسكينة التي يجدها المؤمن في قلبه هي من ثمرات التوحيد، والناس كلهم لا تسكن نفوسهم إلا به، و"لا يجوز أن يصلح حالهم إلا بأن يكون الله إلههم ومعبودهم، وتكون حركاتهم لأجله عبادة له تجمع كمالَ محبته وكمالَ الذلّ له، فإن العبادة تجمع كمال الحب وكمال الذلّ، وهذا شأن المراد لذاته المقصود لذاته، وكلّ ما سواه فمفتقر إلى هذا المراد المحبوب المعبود لذاته، فلا يكون هو مرادًا محبوبًا لذاته، فإن محبته مستلزمة محبة محبوبه ومعبوده الذي هو أكمل منه، بل هو معبود له، والفساد أن يكون كل من الشيئين محبوبًا، والتابع لغيره محبوب لذاته، والمتبوع محبوب لغيره[8]![9]

والمؤمن أمَّار بالسكينة داعٍ لها، يحبها للناس كيما تسعد أرواحهم وتطيب نفوسهم في دنيا الكَبَد، قال صلى الله عليه وسلم: ((يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، وسَكِّنُوا ولا تُنفِّروا))[10].

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: سكينة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أخص مراتب السكينة وأعلى أقسامها؛ كالسكينة التي حصلت لإبراهيم الخليل، وقد أُلقي في المنجنيق مسافرًا إلى ما أضرم له أعداء الله من النار، فلله تلك السكينة التي كانت في قلبه حين ذلك السفر!

وكذلك السكينة التي حصلت لموسى وقد غشيه فرعون وجنوده من ورائهم والبحر أمامهم، وقد استغاث بنو إسرائيل: يا موسى، إلى أين تذهب بنا؟! هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون خلفنا، وكذلك السكينة التي حصلت له وقت تكليم اللَّه له نداءً وإيحاءً كلامًا حقيقة سمعه حقيقة بأذنه، وكذلك السكينة التي حصلت له وقد رأى العصا ثعبانًا مبينًا، وكذلك السكينة التي نزلت عليه، وقد رأى حِبالَ القوم وَعِصِيَّهُمْ كأنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة.

وكذلك السكينة التي حصلت لنبيناصلى الله عليه وسلم وقد أشرف عليه وعلى صاحبه عدوُّهما وهما في الغار، فلو نظر أحدهم إلى تحت قدميه لرآهما، وكذلك السكينة التي نزلت عليه في مواقفه العظيمة وأعداء اللَّه قد أحاطوا به؛ كيوم بدر، ويوم حنين، ويوم الخندق، وغيره.

فهذه السكينة أمر فوق عقول البشر، وهي من أعظم معجزاته عند أرباب البصائر، فإن الكذب -ولا سيما على اللَّه تعالى- أقلق ما يكون وأخوف ما يكون وأشده اضطرابًا في مثل هذه المواطن، فلو لم يكن للرسل صلوات اللَّه وسلامه عليهم من الآيات إلا هذه وحدها لكفتهم.

عباد الرحمن، وأما السكينة الخاصة فتكون لأتباع الرسل بحسب متابعتهم، وهي سكينة الإيمان، وهي سكينة تسكن القلوب عن الريب والشك؛ ولهذا أنزلها اللَّه تعالى على المؤمنين في أصعب المواطن أحوج ما كانوا إليها ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح: 4]، فذكر نعمته عليهم بالجنود الخارجة عنهم والجنود الداخلة فيهم وهي السكينة عند القلق والاضطراب الذي لم يصبر عليه مثل عمر بن الخطاب، وذلك يوم الحديبية، قال اللَّه سبحانه وتعالى يذكر نعمته عليهم بإنزالها أحوج ما كانوا إليها: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18] لمّا علم اللَّه سبحانه وتعالى ما في قلوبهم من القلق والاضطراب لمّا منعهم كفار قريش من دخول بيت اللَّه، وحبسوا الهدي عن محلِّه، واشترطوا عليهم تلك الشروط الجائرة الظالمة، فاضطربت قلوبهم وقلقت، ولم تُطِق الصبر؛ فعلم تعالى ما فيها، فثبتها بالسكينة رحمةً منه ورأفة ولطفًا، وهو اللطيف الخبير.

وثمرة هذه السكينة الطُّمَأْنينة للخبر تصديقًا وإيقانًا، وللأمر تسليمًا وإذعانًا، فلا تدع شبهة تعارض الخبر، ولا إرادة تعارض الأمر، فلا تمر معارضات السوء بالقلب إلا وهي مجتازة من مرور الوساوس الشيطانية التي يُبتلى بها العبد ليقوى إيمانه، ويعلو عند اللَّه ميزانه، بمدافعتها وردّها وعدم السكون إليها، فلا يظن المؤمن أنها لنقص درجته عند اللَّه تعالى.

ومنها السكينة عند القيام بوظائف العبودية، وهي التي تورث الخضوع والخشوع وغض الطرف وجمعية القلب على اللَّه تعالى، بحيث يؤدي عبوديته بقلبه وبدنه، والخشوع نتيجة هذه السكينة وثمرتها، وخشوع الجوارح نتيجة خشوع القلب.

عباد الله، وللسكينة أسباب؛ فسببها استيلاء مراقبة العبد لربه عز وجل حتى كأنه يراه، وكلما اشتدت هذه المراقبة أوجبت له من الحياء والسكينة والمحبة والخضوع والخشوع والخوف والرجاء ما لا يحصل بدونها، فالمراقبةُ أساسُ الأعمال القلبية كلها وعمودها الذي قيامها به، ولقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم أصول أعمال القلب وفروعها كلها في كلمة واحدة، وهي قوله في الإحسان: ((أنْ تعبُدَ اللَّهَ كأنَّكَ تراه))[11]، فتأمل كل مقام من مقامات الدين وكل عمل من أعمال القلوب، كيف تجد هذا أصله ومنبعه؟

والمقصود أن العبد محتاج إلى السكينة عند الوساوس المعترضة في أصل الإيمان ليثبت قلبه ولا يَزيغ، وعند الوساوس والخَطَرات القادحة في أعمال الإيمان لئلا تقوى وتصير همومًا وغمومًا وإرادات ينقص بها إيمانه، وعند أسباب المخاوف على اختلافها ليثبت قلبه ويسكن جأشه، وعند أسباب الفرح لئلا يطمح به مركبُه، فيجاوز الحد الذي لا يعبر فينقلب تَرَحًا وحزنًا، وكم ممن أنعم اللَّه عليه بما يُفرحه فجمح به مركب الفرح وتجاوز الحد، فانقلب تَرَحًا عاجلًا، ولو أُعِين بسكينة تُعَدِّل فرحَه لأُريد به الخير، وعند هجوم الأسباب المؤلمة على اختلافها الظاهرة والباطنة، فما أحوجَه إلى السكينة حينئذٍ! وما أنفعها له وأجداها عليه وأحسن عاقبتها! والسكينة في هذه المواطن علامة على الظفر وحصول المحبوب، واندفاع المكروه، وفقدها علامة على ضد ذلك، لا يخطئ هذا، ولا هذا، واللَّه المستعان"[12]، وقال رحمه الله: "السكينة إذا نزلت على القلب اطمأنَّ بها، وسكنت إليها الجوارح وخشعت واكتسبت الوقار، وأنطقت اللسان بالصواب والحكمة، وحالت بينه وبين قول الخنا والفحش واللغو والهُجْر وكل باطل"[13].

بارك الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا -رحمني الله وإياكم- أن السكينة هي من السَّمْت الحسن الذي جاء وصفه بأنه جزء من النبوّة، فقد روى الترمذي رحمه الله في سننه[14] عن عبدالله بن سرجس المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السَّمْتُ الْحَسَنُ، وَالتُّؤَدَةُ وَالِاقْتِصَادُ، جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ))، والسَّمْتُ الحسن هو السيرة المرضية والطريقة المستحسنة، والتُّؤَدَة: التأني في جميع الأمور، والاقتصاد: التوسُّط في الأحوال، والتحرُّز عن طرفي الإفراط والتفريط.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ))؛ أي: من أجزائها، قال الخطابي: يريد أن هذه الخصال من شمائل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم فيها، وتابعوهم عليها، وليس معناها أن النبوة تتجزَّأ، ولا أن من جمع هذه الخِصال كان نبيًّا، فإن النبوة غير مكتسبة، وإنما هي كرامة يخصُّ اللهُ بها من يشاء من عباده، والله أعلم حيث يجعل رسالته، ويحتمل أن يكون معناه أن هذه الخلال مما جاءت به النبوة ودعا إليها الأنبياء"[15].

هذا، ومن فروع السكينة يا عباد الله الطُّمَأْنينة، فالمؤمن بربِّه مطمئنُّ النفس، هادئ البال، رخيُّ الفؤاد، حنيف الوجه لربه عما يقلقل قلوب عبّاد الدنيا، قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال تعالى: ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30]، قال ابن القيم رحمه الله: "الطُّمَأْنينة: سكون القلب إلى الشيء وعدم اضطرابه وقلقه، ومنه الأثر المعروف: ((الصدق طُمَأْنينة، والكذب ريبة))[16]؛ أي: الصدق يطمئن إليه قلب السامع، ويجد عنده سكونًا إليه، والكذب يوجب له اضطرابًا وارتيابًا، ومنه قوله: ((البرُّ ما اطْمأنَّ إليه القلب))[17]؛ أي: سكن إليه وزال عنه اضطرابه وقلقه"[18].

اللهم صلِّ على محمد.

[1] البخاري (4106) واللفظ له، ومسلم (5/ 187).

[2] مدارج السالكين (2/ 502، 503)، وانظر: المستدرك على مجموع الفتاوى (1 / 183).

[3] القواعد النورانية الفقهية (1 / 42).

[4] كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه (22 / 565).

[5] البخاري 2/ 201 ( 1671 ) ، ومسلم 4/ 70 ( 1282 ) ( 268 ) والبر: الطاعة، والإيضاع: الإسراع.

[6] المستدرك على مجموع الفتاوى (3 / 146).

[7] مجموع الفتاوى (7 / 338).

[8] وأنت حين يضيق صدرك تجد نفسك تبادر بالإهلال بالتوحيد فتجأر بصوتك: "لا إله إلا الله"؛ فتسكن نفسك وتأمن وتطمئن.

[9] جامع المسائل لابن تيمية (6 / 122).

[10] البخاري (6125) ومسلم (1734)، وفي رواية عند مسلم (1732): ((بَشِّروا ولا تُنفِّروا، ويَسِّروا ولا تُعَسِّروا)).

[11] البخاري (٥٥)، ومسلم (٨).

[12] إعلام الموقعين (6 ‏/ 107/ 111) باختصار.

[13] مدارج السالكين (2 / 506).

[14] الترمذي (2010) وصححه الألباني.

[15] تحفة الأحوذي (6 / 127).

[16] الترمذي ( 2518 ) وقال: حديث حسن صحيح، عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبك؛ فإن الصدق طُمَأْنينة، والكذب ريبة))، وصححه الألباني.

[17] أحمد (18001) وضعَّفه محققوه.

[18] مدارج السالكين (2 / 512).



 توقيع : كـــآدي






القلب يميل لـ من يجتهد في احتضانـه
واستيعابـه ، واحتـواءه ، يميل لمن يصارع
العالـم لأجلـه ، من يشتاقه بلا سـبب
ويأتيـه بلا سـبب ، من يبقى بجواره للأبد

رد مع اقتباس
قديم 07-06-2022   #2


الصورة الرمزية شموخ

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28080
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (09:29 AM)
 المشاركات : 223,395 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
♔شموخ ♔
لوني المفضل : White
افتراضي



سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك


 
 توقيع : شموخ






اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥

اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره



رد مع اقتباس
قديم 07-06-2022   #3


الصورة الرمزية عازفة القيثار

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27946
 تاريخ التسجيل :  Nov 2014
 أخر زيارة : 03-07-2025 (01:37 AM)
 المشاركات : 1,021,419 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
أبكي عليها كثر ماشالتني..وكثر الحنين اللي أختلط بغناها..
أبكي عليها من القهر يادنيا..من لي أنا..من لي عقب فرقاها..
لوني المفضل : Silver
افتراضي



جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن


 
 توقيع : عازفة القيثار





رد مع اقتباس
قديم 07-07-2022   #4


الصورة الرمزية نجم الجدي

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 134
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (09:18 AM)
 المشاركات : 355,915 [ + ]
 التقييم :  1911757231
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkgray
افتراضي



الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي


 
 توقيع : نجم الجدي








رد مع اقتباس
قديم 07-07-2022   #5


الصورة الرمزية مجنون قصايد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27626
 تاريخ التسجيل :  Jul 2014
 أخر زيارة : منذ 55 دقيقة (09:48 AM)
 المشاركات : 326,331 [ + ]
 التقييم :  2089095625
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Tan
افتراضي



بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد



 
 توقيع : مجنون قصايد









رد مع اقتباس
قديم 07-07-2022   #6


الصورة الرمزية المهرة

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29910
 تاريخ التسجيل :  Jun 2020
 أخر زيارة : منذ 3 ساعات (06:46 AM)
 المشاركات : 44,826 [ + ]
 التقييم :  32375
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : #Cadetblue
s19







بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير

















































































 

رد مع اقتباس
قديم 07-07-2022   #7
http://www.tra-sh.com/up/uploads/1648853127783.gif


الصورة الرمزية ملكة الجوري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29073
 تاريخ التسجيل :  Sep 2016
 أخر زيارة : 02-27-2025 (04:14 PM)
 المشاركات : 637,607 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
جـميلة
محيا وسمحة خلق ،
ودقيقة عود
غزالن تقود البـيض
ماهيب تنقادي


لوني المفضل : Darkkhaki
افتراضي



جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان


 
 توقيع : ملكة الجوري







رد مع اقتباس
قديم 07-11-2022   #8


الصورة الرمزية جنــــون

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 752
 تاريخ التسجيل :  Feb 2010
 أخر زيارة : منذ 20 ساعات (01:47 PM)
 المشاركات : 3,303,263 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
لوني المفضل : Azure
افتراضي



لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ



 
 توقيع : جنــــون




مواضيع : جنــــون



رد مع اقتباس
قديم 07-12-2022   #9


الصورة الرمزية إرتواء نبض

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27920
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 08-10-2024 (08:26 PM)
 المشاركات : 1,384,760 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل : Aliceblue
افتراضي



قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري


 
 توقيع : إرتواء نبض




رد مع اقتباس
قديم 07-12-2022   #10


الصورة الرمزية لا أشبه احد ّ!

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28327
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (12:23 PM)
 المشاركات : 442,833 [ + ]
 التقييم :  2347158
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Pink
افتراضي



:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ


 
 توقيع : لا أشبه احد ّ!





رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السَّكِينة (1) كـــآدي …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 25 08-03-2022 04:11 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية