الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«…
 

…»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… { .. لنصره حبيبنا محمد عليه أفضل الصلاه وأتم التسليم .. }

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-22-2020
http://www.tra-sh.com/up/uploads/1648853127783.gif
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
جـميلة
محيا وسمحة خلق ،
ودقيقة عود
غزالن تقود البـيض
ماهيب تنقادي


لوني المفضل Darkkhaki
 رقم العضوية : 29073
 تاريخ التسجيل : Sep 2016
 فترة الأقامة : 3148 يوم
 أخر زيارة : 02-27-2025 (04:14 PM)
 الإقامة : نجمه في السمــآآء
 المشاركات : 637,607 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : ملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
s5 الرسول وأخلاق ما بعد النصر (2)




المطلب الثالث: إعادة زعماء الأعداء إلى مناصبهم بعد نصر المسلمين!
وهذا –والله- خُلُقٌ عجيب ونادر!!
لقد أَلِفْنا الزعماء المنتصرين يقمعون زعماء أعدائهم بل يقتلونهم، فإذا وصل الأمر إلى عفوٍ عن زعماء الأعداء فإننا نعد ذلك عملاً نبيلاً نادرًا، لكن أن يُعيد القائدُ المنتصرُ زعماءَ أعداءه إلى مناصبهم مرة أخرى فهذا ما لا يخطر لأحدٍ على بال! وعند النظر إلى سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم فإننا نجد أن هذا أمر مشاهَدٌ فيها، بل هو متكرر إلى الدرجة التي يُعد فيها أصلاً من الأصول المتَّبَعة في التعامل مع زعماء الأعداء!
ولعل مثالاً واحدًا مبهرًا كموقفه مع مالك بن عوف زعيم هوازن يكون كافيًا ومُغْنيًا عن بقية الأمثلة..
لقد كان موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا الزعيم الكبير موقفًا أعجب من أن يُستوعَب!!
كان مالك بن عوف زعيمًا خطيرًا من زعماء العرب، وقد استطاع أن يجمع جيشًا رهيبًا من قبائل هوازن وأعوانها من قبائل ثقيف وغيرها، بلغ قوامه خمسة وعشرين ألف مقاتل، وهو أكبر الجيوش العربية مطلقًا، وحفَّزهم تحفيزًا كبيرًا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم لدرجة أنهم قبلوا أن يأخذوا معهم إلى أرض القتال نساءهم وأولادهم وأنعامهم وأموالهم كحافزٍ لهم على عدم الفرار..!! وهم بذلك يُضَحُّون بكلِّ ما يملكون من أجل قتال المسلمين..
لقد كان الهدف واضحًا في ذهن مالك بن عوف، وهو استئصال المسلمين من جذورهم، وخطَّط لذلك تخطيطًا مُحْكَمًا، والتقي مع المسلمين في صدام مروِّع بالقرب من وادي حنين، وكادت خطته أن تُفْلِح، حتى زُلْزِلَ المسلمون زلزالاً شديدًا، وتعرضوا لأشد أزمة في تاريخهم مطلقًا، وكاد الوجود الإسلامي أن ينتهي، وكاد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُقْتَلَ..!! إنها أزمة الأزمات حقًّا!
ولكن شاء الله تعالى بعد هذا الصدام المروِّع أن ينتصر المسلمون، وأن تَفِرَّ هوازن وثقيف أمام الجيش الإسلامي، وكان مالك بن عوف من الذين فرُّوا، وانضموا إلى أهل ثقيف في حصون الطائف..!!
وفي ذات الوقت الذي فرَّ فيه مالك بن عوف، فكرت قبيلة هوازن -كما مر بنا- في الإسلام، وكان الدافع الرئيسي لها في أول إسلامها هو استرداد النساء والأنعام التي أخذها المسلمون سبيًا وغنيمةً، ووجد مالك بن عوف نفسه وحيدًا شريدًا بعد أن كان قائدًا مُمَكَّنًا.. لقد وجدَ نفسه بلا مالٍ ولا ثروةٍ، وكذلك بلا قبيلةٍ ولا عُزْوَةٍ، وفوق ذلك فهو لاجئ عند قبيلة أخرى - قبيلة ثقيف - لا يأمَنُها على نفسه..!!
لقد كان في أشدِّ حالات الانكسار التي من الممكن أن يتعرض لها قائد.
وبينما هو في هذه الحالة المؤسفة المخزية.. كان هناك من يفكر في أمره!!
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم..!!
لقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مالك بن عوف، وإلى أيِّ شيءٍ صار، فقال قومه: إنه في الطائف في حصون منيعة يخشى على نفسه.. فقال صلى الله عليه وسلم في روعته المعهودة: «أخبروا مالكًا إن أتاني مسلمًا رددت عليه أهله وماله، وأعطيته مائة من الإبل» !!
هل يمكن أن يتخيل ذلك أحد..؟!
أهذا هو التعامل المتوَقَّع من قائد منتصر مع زعيم الجيش المعادي له، المهزوم أمامه؟!
إن عموم القادة في العالم ليتلذذون ويستمتعون بمحاكمة ومعاقبة وإذلال زعماء أعدائهم.. أما أن يَرْفُقَ الزعيم المنتصر بزعيم معادٍ له، ويرقُّ له، ويبذل له، ويعطيه بسخاء.. فهذا ما لا يَسْتَوْعِبُ فهمَه قادةُ العالم!!
ووجد مالك بن عوف في كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنقاذ له من أزمته، فأسرع مُقبلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلن إسلامه بين يديه، فَقَبِلَهُ صلى الله عليه وسلم، دون قيد ولا شرط، ولم يُعَنِّفْهُ، ولم يَلُمْهُ.. ولم يستفسر منه عن شيء!!
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ما هو أعظم من ذلك وأرقى..!! لقد أعاد مالك بن عوف زعيمًا مرة أخرى على هوازن، ولم يقل إن هذا القائد صاحب الإمكانيات الجبارة قد يُجمِّع الناس من جديد لحربي، وقد يُظهر إسلامًا لفترة ثم ينقلب عليَّ وعلى المسلمين.. إنه لم يفكِّر بعقلية القائد الذي لا يريد منافِسًا إلى جواره، ولكن فكَّر بعقلية الداعية الذي يريد الخير للناس أجمعين! لقد احترم رسول الله صلى الله عليه وسلم إمكانيات مالك القيادية، وحفظ له سمعته ومكانته وقيمته، ولم يهدرها كما أُهْدِرَتْ آلاف وملايين الطاقات نتيجة عنجهية وتكبُّر بعض القادة.. ونسي هذا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ماضي مالك بن عوف في لحظة واحدة، وعامله معاملة القواد المحترمين، وحوَّل جهده من الإفساد في الأرض إلى إصلاحها..
فأيُّ خيرٍ عادَ على المسلمين.. وأيُّ خيرٍ عادَ على هوازن.. وأي خير عاد على مالك بن عوف..؟!!
هل نجد -بعد كل هذا- من يتَّهِمُ المسلمين بأنهم لا يعترفون بغيرهم أو يحترمون وجودهم؟ وهل في تاريخ غيرنا ما يشابه - ولو من بعيد - مواقف ذلكم النبي العظيم صلى الله عليه وسلم؟!
إن الحقيقة ظاهرة، وإنّ الأمر واضح، ولكن أكثر الناس لا يعلمون!
ثم إن هذا لم يكن أمرًا نادرًا في حياته صلى الله عليه وسلم، بل كان كثيرًا ما يُعيد زعماء القبائل إلى مناصبهم مهما كان عداؤهم شرسًا للمسلمين، فقد أعاد عيينة بن حصن إلى زعامة بني فزارة، مع العلم أنه كان من المحاصِرين للمدينة المنورة أيام الأحزاب، وذلك تحت راية غطفان، وأعاد كذلك العباس بن مرداس إلى زعامة بني سليم، وأعاد الأقرع بن حابس إلى زعامة بني تميم، وأعاد جيفر وعبَّاد إلى زعامة عُمَان، وأعاد باذان إلى زعامة اليمن، وأعاد المنذر بن ساوى إلى زعامة البحرين، وغيرهم وغيرهم، وحصر ذلك يصعب لشدة تكراره! فما أعظم هذه من سُنَّة، وما أروعها من طريقة!!
المطلب الرابع: الكرم وسخاء العطاء
اعتدنا كثيرًا أن نرى القواد المنتصرين يأخذون ولا يعطون، بل إن الهدف الرئيسي من الحرب قد يكون حب الأخذ والاستغلال، وهو الهدف البارز الذي رأيناه في الحملات الاستعمارية الشرسة التي عانى منها عالمنا الإسلامي، سواء في القديم أو في الحديث، أما أن نرى القائد المنتصر يحرص على العطاء، بل ويُفَضِّل الناس على نفسه فهذا لا يكون إلا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم!
ولْنستمتع سويًا به صلى الله عليه وسلم وهو يتعامل مع الثروات الهائلة التي جُمعت بعد غزوة حنين، ولْنرى كيف وزَّعها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
لقد كان أول لقاء في ذلك اليوم العجيب مع أبي سفيان زعيم مكة الأول الذي ظل يحكم مكة ست سنوات متصلة من غزوة بدر، إلى فتح مكة، وهو من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة في مكة، ومع ذلك فعندما رأى -كما رأى الجميع- الغنائم الهائلة التي لا يحلم بها عربي، قال في لهفة: يا رسول الله، أصبحت أكثر قريش مالاً. فهو يُلَمِّح للرسول بوجود المال الكثير، وكأنه يطلب منه! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم، فلما رأى أبو سفيان أن التلميح غير مجدٍ، قال مُصرِّحًا: أعطني يا رسول الله من هذا المال!
ونحن لا نتعجب من كلام أبي سفيان وتصريحه للرسول بطلبه للمال هكذا تصريحًا، لأن هذه أموال هائلة، وسوف تُوزَّع، فلعله إن لم يُصرِّح وُزِعَت على غيره، وعندها لا ينفع الندم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في يسر وسهولة: «يَا بِلَالُ زِنْ لَأَبِي سُفْيَانَ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنَ الْفِضَّةِ، وَأَعْطُوهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ»! فنظر أبو سفيان إلى العطايا وهو لا يصدق نفسه لكثرة الإبل والفضة، فقال دون أن يفكر كثيرًا: ابني يزيد يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في منتهى البساطة: «زِنْ لَهُ يَا بِلَالُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَأَعْطُوهْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ». فقال أبو سفيان: يا رسول الله، ابني معاوية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زِنْ لَهُ يَا بِلَالُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَأَعْطُوهْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ».
ذُهِل أبو سفيان، وقال في صدق: إنك الكريم، فداك أبي وأمي، ولقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرًا.
ونشعر بالصدق في كلمات أبي سفيان، ما الذي غيَّره؟ وكيف تغير من رجل يشك في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل مؤمن به مادح له؟ وما الذي ثبَّته بعد تردد؟ وما الذي أسعده بعد حزن؟
إنه المال، ولكن ماذا تمثل هذه الأموال إلى جوار هداية إنسان؟ وما هذه الأموال إلى جوار استقرار الدولة الإسلامية؟ وما هذه الأموال إلى جوار تأليف قلوب بني أمية؟ وما هذه الأموال إلى جوار ثبات أهل مكة؟!
نعم إن المال حلو ونضر، ولكنه يتصاغر جدًّا إلى جوار هذه المعاني.
وهذه كانت نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ويعطي وكأن المال لا ينتهي.
ولم يكن أبو سفيان الآخذ الوحيد في ذلك اليوم..
جاء حكيم بن حزام، وهو أيضا من مسلمي الفتح، ودار بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حوار عجيب!
يقول حكيم بن حزام: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاني مائة من الإبل، ثم سألته، فأعطاني مائة ثانية، ثم سألته، فأعطاني مائة ثالثة!
لقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة من الإبل، ثم قال له بعد أن رآه يريد المزيد: «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ -يعنى بغير شرط ولا إلحاح- بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ، وَتَشَوُّفٍ لَمْ يُبَارَكُ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يِأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
وسمع حكيم بن حزام هذا الدرس، وفَقِهَ مرادَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسرع برد المائة الثانية، والثالثة، وأخذ المائة الأولى فقط، ثم قال في صدق: يا رسول الله والذي بعثك بالحق، لا أرزأ أحد من بعدك يا رسول الله، حتى أموت.
وسبحان الله! كان حكيم بن حزام صادقًا في قسمه، فما كان يأخذ من أحد شيئًا أبدًا، حتى أنه كان يرفض العطاء الذي يستحقه من أبي بكر، ثم عمر بعد ذلك!
وكما وزَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم على هؤلاء وزَّع على غيرهم، فأعطى سهيل بن عمرو، وأعطى الحارث بن هشام أخا أبي جهل, وأعطى النضير بن الحارث، وأعطى غيرهم من زعماء مكة. ثم تجاوز رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة إلى غيرها، فأعطى عيينة بن حصن زعيم قبيلة بني فزارة مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس زعيم بني تميم مائة من الإبل، وكذلك أعطى عباس بن مرداس زعيم قبيلة سُليم خمسين ناقة ثم زاده إِلَى مِائَةٍ.
وإذا كان كل هذا العطاء في كفَّة، فعطاؤه لصفوان بن أمية في كفَّة وحده!!
وموقفه صلى الله عليه وسلم مع صفوان يحتاج إلى وقفة وتحليل.
لقد مرَّ بنا في هذا البحث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد عفا عن صفوان بن أمية -وهو كما ذكرنا من كبار زعماء مكة، وكان من أشد الناس حربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم- وأعطى له مهلة أربعة شهور للتفكير في أمر الإسلام، وفي أثناء هذه المهلة، وكان صفوان ما زال مشركًا، قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج لملاقاة التجمع الكبير لهوازن في حُنَيْن، واحتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض الدروع للقتال، وكان صفوان من كبار تجار السلاح في مكة ويملك عددًا وفيرًا منها، ومع أنه كان مهزومًا مقهورًا في ذلك الوقت، ومع أنه كان لا يزال على شركه، ومع أن تاريخه شديد السواد مع المسلمين، ومع أن وجود السلاح في يده يُمثِّل خطورة على الجيش المسلم، مع كل هذه الاعتبارات إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب منه هذه الدروع على سبيل الاستعارة! حتى أن صفوان دهش من استعارته للدروع وهو منتصر متمكن، فسأله ليستفسر: أغَصْبٌ يا محمد؟ فقال: «لَا بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ». لقد أخذها منه على سبيل الاستعارة، وبالثمن، ثم هو يضمن إن فُقِدَت أو تلف منها شيء أن يعوضه عنها!! ولم يستغل ضعفه، وقِلَّةَ أعوانه، وإسلام مكة كلها تقريبًا إلا هو! ولم يصادر سلاحه تشككًا في نياته!!
ولابد أن نتساءل: هل في تاريخ الأمم مثل هذه المواقف؟!
وخرج صفوان مع المسلمين إلى حنين ليرعى أسلحته، وانتصر المسلمون انتصارًا مجيدًا، ووزَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم كما رأينا، وأعطى عطاءً نادرًا، وكل هؤلاء الذين أخذوا الأموال الغزيرة كانوا كفارًا منذ أيام، وكانوا جميعًا أصدقاء ومقربين إلى صفوان، ولكنهم أسلموا فعاد عليهم إسلامهم بهذه الثروة الهائلة، ومن بعيد وقف صفوان بن أمية متحسِّرًا، فهو ما يزال من المشركين، وليس له إلا إيجار السلاح.. ولكنْ حَدَثَ في لحظةٍ ما أذهل صفوان، وأذهل المشاهدين للموقف والسامعين عنه، وسيظلُّ مذهلاً للناس إلى يوم القيامة!!
لقد نادى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صفوانَ بن أمية، وأعطاه مائة من الإبل، كما أعطى زعماء مكة المسلمين!!
أيتوقع إنسان - أيا كان كرمه أو سخاؤه - أن يحدث منه مثل هذا..؟!
إن صفوان ما زال مشركًا لا يعترف بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم !!
ولم تكن ذلك نهاية الموقف!
لقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صفوان ما زال واقفًا، ينظر إلى شِعْبٍ من شِعاب حُنين، قد مُلِئ إبلاً وشياه، وقد بَدَتْ عليه علامات الانبهار والتعجب من كثرة الأنعام، فقال له صلى الله عليه وسلم في رِقَّة: «أَبَا وَهْبٍ، يُعْجِبُكَ هَذَا الشِّعْب؟».. قال صفوان في صراحة شديدة: نَعَمْ.
إنه لا يستطيع أن يترفع وينكر.. إن المنظر مبهر حقًّا!!
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في بساطة وكأنه يتنازل عن جمل أو جملين: «هُوَ لَكَ وَمَا فِيهِ» !! وفي رواية مسلم أنه أعطاه مائَةً مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً !!
أذهلت المفاجأة صفوان، ووضحت أمام عينيه الحقيقة التي ظلت غائبة عنه سنين طويلة، ولم يجد نفسه إلا قائلا: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله!!
وأسلم صفوان في مكانه!!
يقول صفوان بن أمية: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاني، وإنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني، حتى صار أحبَّ الناس إليّ !!
أيُّ خير أصاب صفوان..!! وأيُّ خير تحقق لقبيلة بني جُمَح عندما أسلم زعيمها..!! وأيُّ خير تحقق لمكة..!! بل وأيُّ خير تحقق للمسلمين، وقد أضيفت إليهم قوة الزعيم المكي المشهور صفوان بن أمية، والذي حسن إسلامه بعد ذلك، وصار من المجاهدين في سبيل الله..؟!
إن كل هذا الخير قد تحقق بوادٍ من الإبل والشياه!
وما هي قيمة هذه الإبل والشياه؟!
إن الدنيا بكاملها -وليست الإبل والشياه فقط- تفنى وتزول، ولكن الذي لا يزول هو نعيم الجنة، وكم من البشر سيُخلَّد في الجنة؛ لأنه أُعْطي ذات يوم مجموعة من الإبل والشياه!
أليس هذا فهمًا راقيًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة وحقيقة الغنائم وحقيقة البشر؟
أليس هذا تقديرًا صائبًا من الرسول الحكيم صلى الله عليه وسلم في هذه المقارنة السريعة التي عقدها؟!
الأغنام في مقابل الإسلام..!! والدنيا في مقابل الآخرة!
لقد وجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأغنام -مهما كثرت- ثمن زهيد جدًا للإسلام، فهانت عليه، بل هانت عليه الدنيا بكاملها، فأعطاها دون تردد، فالدنيا عنده لا تعدل جناح بعوضة، والدنيا عنده قطرة في يَمٍّ واسع، والدنيا عنده أهون من جَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، ولم يكن هذا كلاما نظريًا فلسفيًا، وإنما كان حقيقة رآها كل المعاصرين له صلى الله عليه وسلم بعيونهم، كان واقعًا في حياته، وحياة الصحابة -رضي الله عنهم-، وحياة من عاملهم من المسلمين وغير المسلمين..
ولم يتبق في يده شيء لنفسه صلى الله عليه وسلم !!
لم يتبق ما يُعَوِّضُ به فقر السنين، وانقضاء العمر، وقد بلغ الستين من عمره بل تجاوزها!
لم يحتفظ لنفسه بشيء، ورأى الناس منه ما جعل عقولهم تطيش، وأفئدتهم تضطرب، فانطلق الأعرابُ يزدحمون عليه صلى الله عليه وسلم يطلبون المال والأنعام لأنفسهم قبل أن تنفد، حتى اضطروه صلى الله عليه وسلم -وهو الزعيم المنتصر، والقائد الأعلى- أن يلجأ إلى شجرة، وانتزع الأعراب رداءه، فقال في أدبٍ ورفقٍ، ولينٍ يليق به كنبي، ويجدر به كمُعَلِّم: «أَيُّهَا النَّاسُ، رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ لَكُمْ عِنْدِي عَدَدَ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَّمْتُهُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلاً، وَلا جَبَانًا، وَلا كَذَّابًا».
وصدق صلى الله عليه وسلم.. فما كان بخيلاً، ولا جبانًا، ولا كذابًا..



 توقيع : ملكة الجوري






رد مع اقتباس
قديم 06-22-2020   #2


الصورة الرمزية نبضها حربي

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28286
 تاريخ التسجيل :  Apr 2015
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (10:44 PM)
 المشاركات : 68,361 [ + ]
 التقييم :  1397481073
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



جزاك الله خير


 
 توقيع : نبضها حربي



رد مع اقتباس
قديم 06-22-2020   #3


الصورة الرمزية بيلسان

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28680
 تاريخ التسجيل :  Nov 2015
 أخر زيارة : 09-27-2020 (05:42 AM)
 المشاركات : 22,034 [ + ]
 التقييم :  123194893
 الدولهـ
Saudi Arabia
 SMS ~
العائلة
الصوت
الحقيقي
للحياة والحُب
لوني المفضل : Antiquewhite
افتراضي



اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


طرح قيم
بارك الله فيك
وجزاك الله خير


 

رد مع اقتباس
قديم 06-23-2020   #4


الصورة الرمزية محـمــــود

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28576
 تاريخ التسجيل :  Sep 2015
 أخر زيارة : 03-31-2021 (01:08 AM)
 المشاركات : 20,601 [ + ]
 التقييم :  1657658867
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Dodgerblue
افتراضي



أحسنت بهذا الإنتقاء الرائع

سلمت يمناك ودام عطاؤك

أزكى التحايا




 
 توقيع : محـمــــود










رد مع اقتباس
قديم 06-23-2020   #5


الصورة الرمزية نجم الجدي

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 134
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : منذ 11 ساعات (09:18 AM)
 المشاركات : 355,915 [ + ]
 التقييم :  1911757231
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkgray
افتراضي



طرح رائع يحمل الفائدة بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
ولك احترامي وتقديري

نجم


 
 توقيع : نجم الجدي








رد مع اقتباس
قديم 06-23-2020   #6


الصورة الرمزية مجنون قصايد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27626
 تاريخ التسجيل :  Jul 2014
 أخر زيارة : منذ 3 ساعات (06:03 PM)
 المشاركات : 326,327 [ + ]
 التقييم :  2089095625
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Tan
افتراضي



عافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد


 
 توقيع : مجنون قصايد









رد مع اقتباس
قديم 06-23-2020   #7


الصورة الرمزية عازفة القيثار

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27946
 تاريخ التسجيل :  Nov 2014
 أخر زيارة : 03-07-2025 (01:37 AM)
 المشاركات : 1,021,419 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
أبكي عليها كثر ماشالتني..وكثر الحنين اللي أختلط بغناها..
أبكي عليها من القهر يادنيا..من لي أنا..من لي عقب فرقاها..
لوني المفضل : Silver
افتراضي



جَزآكــ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،
جَعَلَ يومَكــ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَك


 
 توقيع : عازفة القيثار





رد مع اقتباس
قديم 06-23-2020   #8


الصورة الرمزية سمارا

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29665
 تاريخ التسجيل :  Mar 2018
 أخر زيارة : 11-07-2020 (11:17 AM)
 المشاركات : 1,497 [ + ]
 التقييم :  18726
 الدولهـ
Algeria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Gainsboro
افتراضي




بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا



 
 توقيع : سمارا



رد مع اقتباس
قديم 06-24-2020   #9


الصورة الرمزية لا أشبه احد ّ!

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28327
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (12:23 PM)
 المشاركات : 442,833 [ + ]
 التقييم :  2347158
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Pink
افتراضي








آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك


 
 توقيع : لا أشبه احد ّ!





رد مع اقتباس
قديم 06-24-2020   #10


الصورة الرمزية فزولهآ

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27940
 تاريخ التسجيل :  Nov 2014
 أخر زيارة : منذ 9 ساعات (12:09 PM)
 المشاركات : 978,959 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Aliceblue
افتراضي



جزاك الله خير


 
 توقيع : فزولهآ





احُب كل شي كان رحمه لي من الله




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرسول وأخلاق ما بعد النصر (1) ملكة الجوري …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 29 07-11-2020 09:47 PM
50 معلومة عن الرسول صل الله عليه وسلم ريآن …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 11 06-16-2019 05:58 AM
أخبار نادي النصر ضامية الشوق …»●[الروح الرياضيــهـ والتنافس الشريــف ]●«… 28 08-29-2017 04:56 PM
أخبار النصر فى الصحافة اليوم الاحد 22 / 11 / 1436هـ 6 سبتمبر 2015 زفيرالحرف …»●[الروح الرياضيــهـ والتنافس الشريــف ]●«… 13 09-10-2015 05:02 PM
سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله جنــــون …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 23 04-22-2015 09:31 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية