![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
الفصل السادس
______ قبل عشر سنوات .. لم يتمكن عايض من تحمل الأمر أكثر , كل ما اضطر للذهاب إلى عمه لسبب أو آخر , قابلها بالصدفة . كانت تبدوا مختلفة كل مرة . البريق في عينيها , اختفى تماما . ليحلّ محله غموض لم يتمكن من فهمه إطلاقا . حتى النور غاب عن وجهها . بعد أن كانت تقابله بابتسامة واسعة , صارت لا تبتسم إلا قليلا . من فتاة تحب التحدث كثيرا , والبوح عما تشعر به . صارت فتاة انطوائية , صامتة . تشغل نفسها بأعمال المنزل . بالرغم من كونها طفلة ! أصبح عاجزا , وبين نارين . لا يستطيع أن يمنحها المزيد من الاهتمام , كي لا تتعلق به . فهو لم يقتنع يوما , بفكرة الزواج بها .. أبدا . ولا يستطيع أيضا أن يتجاهل هذا الحزن العميق بعينيها . لذا .. قرر أن يبتعد . عنها , وعن المشاعر المضطربة التي تراوده كل ما لمح ظلها . ليستقر في المدينة . بعد أن كان يذهب إليها يوميا ويعود منها , من أجل الجامعة . لم يخبر يمنى بالأمر , ولم يكن لديها أي معرفة . حتى غاب أسبوعا كاملا , ولم يمر من أجل مساعد حتى . استغربت ذلك , وظلت مرتبكة . حتى أتت نجد ذات يوم , وسألتها عنه لتجيبها وهي مستغربة / تمزحين يُمنى ؟ عايض له أكثر من أسبوع راح للمدينة ولا رجع , استقر هناك خلاص , ما راح يرجع إلا بعد ما يتخرج إن شاء الله . نظرت إليها يُمنى بذهول , بعينين متسعتين , لتزدرد نجد ريقها بخوف من هذه الملامح / لا صدق ما تعرفين ؟ هزت يُمنى رأسها نفيا , وأكملت ما بيدها بصمت , حيث كانت تصنع شيئا ما بالصوف . دون أن تعلق على ما سمعت . تنهدت نجد بضيق وأمسكت بكف يُمنى / معليش يمنى , هو أساسا راح مستعجل , وما قرر إلا قبل لا يروح بكم ساعة , تدرين الطريق من المدينة للديرة قد إيش يخوف ومو ممهد أبد , يعني صعب يجي و …… قاطعتها يُمنى / طيب خلاص يسوي اللي يبيه بكفيه , ليش قاعدة تبررين نجد ؟ نجد باستغراب / يعني مو زعلانة ؟ هزت كتفيها بلا مبالاة / لا . نجد براحة / كويس أجل . ساد الصمت لفترة , قبل أن تسأل يُمنى بهدوء . بعد أن حاولت أن ترغم نفسها على السكوت ولم تتمكن / ما راح يجي حتى بالإجازات ؟ نجد / إلا أكيد راح يجي . ابتلعت يُمنى الغصة الحارقة بحلقها , وأرغمت نفسها على التحمل . ولا تبكي . نجحت في ذلك . لدرجة أنها فقدت القدرة على الشعور بأي ألم . الصدمات بسنها الصغير , كانت كافية لجعلها تفهم الأمور بوعي أكثر . وتصبح أكثر نضجا من عمرها الحقيقي . حتى أنها كلما قدِم عايض من المدينة , تختفي تماما . تحبس نفسها في حجرتها , ولا تنزل منها أبدا . حتى تسمع عن مغادرته . لم يكن ذلك الشيء جيدا بالنسبة لعايض بالتأكيد , كان يبحث عنها دائما ولا يجدها . حتى أصبح يتضايق من ذلك الشيء . إلا أنه لم يسأل عنها أبدا . يُمنى كانت أكثر قوة منه , لم تفكر يوما بالنظر إليه ولو من بعيد . لم تكن تلك المصيبة العظمى بالنسبة لعايض . بل معرفته بحقيقة أحرقته قهرا وغيظا . لم تكن تلك الحقيقة سوى تكرار سلمان الذهاب إلى منزل عمه , وعلى الدوام . حتى أنه يلازمهم لأوقات وساعات طويلة .. ويُمنى بالتأكيد , تأمن جانبه ! فهو بطلها , ومنقذها من مصيبتها العظمى ! _______ الآن .. استيقظت يُمنى من نومها منزعجة من صوت شيء قوي . ربطت شعرها بمطاط , لتتجه إلى الخارج . فتحت الباب , لتتسع عيناها باستغراب وهي ترى هذه الفوضى . ألواح خشبية في كل مكان , وحسناء هناك تجلس متربعة , تنظر إلى ورقة على الأرض . بيدها مسمار ومفك , بجانبها مطرقة ! اتجهت إليها متسائلة / وش قاعدة تسوين ؟ حسناء / يا أهلا صباح الخير , أبد شوفة عينك , قاعدة أحاول أركب هالطاولة . يُمنى / بهالوقت ؟ ما دام اليوم إجازتك ريحي شوي ونامي بدال هالشغلات , بعدين ليش ما خليتي اللي جابوا يركبون ؟ حسناء وهي تحاول التركيز على ما بالورقة / هذي طلبية والمندوب جابها , تخيلي أدخله عشان يركبها . اقتربت يُمنى لتنظر إلى الكرتون / يا ويلي هذي طاولة كبيرة المفروض إنه شغل رجال , سيبيه وخلي مساعد يركبها إذا جا . حسناء / لا والله ما طلبتها بسرعة عشان أنتظر مساعد , بموت وأشوف الطاولة كاملة . ابتسمت يُمنى وهي تجلس / بساعدك . حسناء تصطنع الصدمة / إيه صدق ؟ لو مو الطاولة هي اللي تركبك ! يُمنى بغضب / يا الله يا حسناء , خلاص لا عاد تحسسيني طفلة . وضعت حسناء كتيب التعليمات جانبا ثم أمسكت بالمفك مجددا / تمام مانتي طفلة , يلا وريني إيش تقدرين تسوين . نظرت إليها يُمنى بحنق , لتمسك بأحد أعمدة الطاولة . مر وقت طويل , قبل أن تتكتف وتنظر إلى الطاولة . بينما يُمنى تكاد تموت من الضحك على الأرض وهي تمسك ببطنها , تقول بصعوبة / يا الله مو قادرة أوقف , كيف صارت العواميد فوق ؟ ههههههههه وتقولين أنا ما أعرف ؟ إنتي سويتي كذا ؟ صرخت حسناء بغيظ , وجلست على الأرض بتعب / والله بموت ظهري انكسر في الأخير يطلع الشغل كله غلط . يُمنى بعد أن هدأت / مو مشكلة حسناء , خلاص انتي الحين مضطرة تنتظرين مساعد . استلقت في مكانها بوهن , وأخرجت هاتفها من جيب بنطالها , وضعته على اذنها بعد اتصلت به / هلا مساعد , متى بتجي هنا ؟ … طيب . تأففت وهي تقفل الخط / ما راح يجي قريب , وبشرى بيوصلها أبوي هالأسبوع , وانتي تدرين مستحيل أخلي أبوي يسويها , أنا مصرة أتعشى على هالطاولة في أقرب وقت . ابتسمت يُمنى وهي تقف وتمد يدها حتى تنهض / تمام نشوف عامل يسويها , قومي خلينا نسوي الفطور مع بعض . نهضت حسناء بمساعدتها وهي تتنهد . دخلتا إلى المطبخ وبدأتا بإحضار الفطور . وعلى السفرة , قالت حسناء بتردد / يُمنى , أبي أسألك سؤال وجاوبيني بصراحة , إجابة طالعة من قلبك مو كذب , مافي غيرنا هنا أنا وانتي وربي شاهد علينا لذك قولي الصدق , وأنا أوعدك بيكون هالكلام بيننا . نظرت إليها يُمنى باستغراب / خوفتيني وش هالمقدمة ؟ إيه اسألي وإن شاء الله أقول الصدق . حسناء بهدوء / أبد ما عندك نية ترجعين لعايض ؟ لو رجع وطلب يدك ؟ رفعت يُمنى عيناها إليها بذهول , وبعد صمت قصير / ليش تسألين ؟ تأففت حسناء / يووه يا يُمنى , أنا أكثر شيء أكرهه لما أحد يجاوب على سؤالي بسؤال , بس بكون أحسن منك وبجاوب .. لأني سمعت شيء عن عايض , وتضايقت حيل .. حابة أعرف رأيك . يُمنى بشيء من الضيق / إيش سمعتي يا حسنا ؟ عضت حسناء شفتها بإنزعاج / عمك راشد يبيه يتزوج , وفي أقرب وقت . شعرت يُمنى بقلبها يهوي ويسقط على الأرض من هول الصدمة . ولم تجب على سؤال الأخرى . نظرت إليها حسناء بحزن / إيش اللي يخليك تأذين نفسك وتأذينه يا يُمنى ؟ ما دام تحبينه ومجرد ما تسمعين أو تفكرين إنه ممكن يرتبط بغيرك تنزعجين لهالدرجة ؟ صارحيني . أكملت يُمنى تناول ما بيدها بصمت . وظلت حسناء ترقب إجابتها . إلا أنها استغربت حين رأت الأخرى تقف وتدخل إلى حجرتها , لتغلق الباب خلفها بهدوء . صرخت حسناء بغيظ / والله يا يُمنى بعلمك كيف تحترمين الكبار ولا تعطيهم ظهرك وهم يكلموك . بداخل الحجرة .. جلست يُمنى على السرير بغير تصديق . هل حقا , سيتزوج غيرها ؟ ألم يقُل سابقا أنه إن طلقها , فسيكون ذلك رغما عنه , وأنها سيحاول إعادتها إليه يوما ما , فقط . لتنسى ما حصل , وليشفى من جراحها ولو القليل , حينها سيعود لأخذها بالتأكيد . صحيح .. لم تنسَ ما حصل , ولم يشفى جراحها أبدا . إلا أنها تمنت عودته دائما , في كل لحظة وكل حين . لكَم أوجعها غيابه طيلة الخمس سنوات ! نعم طلبت الطلاق , ورغبت بالإنفصال بشدة إلا أنها كانت أيضا ترغب ببقائه بالقرب منها يا له من قاسِ . ألم تأتِ إلى المدينة ؟ ألم تنسى ( القليل ) ..! لذا تمكنت من مواصلة حياتها . تحدث إليها مرتين , لم يقل في أيّ من تلك المرات أنها يريد أن يعيدها إليه . فقط أخبرها أنه مشتاق , وأنه لا زال يحبها .. ثم لامها وعاتبها. أين وعودك يا عايض ؟ أنا لا زلت أنتظر . قلبي الملتاع ينتظر منك كلمة واحدة فقط ( عودي ) . وعمي راشد , ما باله هو الآخر ؟ ألا يعرف غير هذا الأسلوب لتزويج عايض ؟ أرغمه بالزواج منها , فاضطر الآخر أن يتقبل الأمر رغما عنه . ليجرحها , دن وعي وقصد ربما , أو متعمد ! لا يهم , طالما كانت تلك الكلمات خارجة من فاه عايض . فهي أشد وقعا من السهم على قلبها . ظلت عبارة عايض تتردد بأذنها على حين غرة ( هالعقد تم غصبا عني وأنا مو راضي , يعني لا تتوقعين إني بتزوجك بيوم من الأيام , وافقت غصبا عني عشان أبوي وأبوك اللي خايف عليك من بعد اللي صار العام الماضي , بس ينسون السالفة بتركك , فاهمة ؟ ) أغمضت عيناها بألم , لتنحدر على وجنتها دمعة يتيمة . أوجعت قلبها بشدة . ثم ما لبثت أن صارت تشهق وتبكي بقوة , وهي تتدثر ببطانيتها . ![]() ![]() |
![]() |
#2 |
![]() |
![]()
خرجت نوف من حجرتها , ونزلت إلى الأسفل بصعوبة .
للمرة الأولى بعد ما حصل . حتى وصلت إلى حجرة أمها , لتجد عمر يستلقي على الأريكة الطويلة , يتحدث إلى والدته التي تجلس على أريكة أخرى . يبدوا متعبا وواهنا . لا بد من أنه عاد من العمل للتو . ابتسمت وهي تلقي السلام . ردت عليها أمها , وجلس عمر عاقدا حاجبيه باستغراب / ليش نزلتي ؟ نوف وهي تقترب من والدتها / اختنقت بالغرفة , صباح الخير أمي . أمها وهي تمسح على ذراعها بحنان / صباح النور يا قرة عيني , تعشيتي ؟ هزت رأسها نفيا / لا , ما لي نفس . جلست بجانبها , ورفعت نظرها إلى عمر بتردد , وكأنها لا تعرف شيئا عن فكرة الإنفصال / عمر , هيفاء متى راح ترجع , صار لها أسبوعين في بيت أهلها . ابتسم / ما ادري , بس خليها متى بغت ترجع تكلمني وأروح أخذها . استغربت نوف من إجابته , ونظرت إلى أمها بغرابة , ثم إليه . لتبتلع ريقها وتسأل بارتباك / بس أنا … كأني سمعت إنها , تبي تتطلق . اتسعت عينا عمر بصدمة / مين قال لك ؟ هزت كتفيها / أنا سمعت ذاك اليوم , لما طاح عليّ الشاي . فغر عمر فاهه بذهول , ثم تنهد بضيق . ولم يرد . لتخفض نوف بصرها بحزن / أنا آسفة عمر , كل اللي قاعد يصير لك بسببي . وقف عمر وابتسم رغما عنه / ما صار ولا راح يصير إلا اللي ربي كاتبه , تصبحون على خير . قالها وابتعد خارجا من غرفة والدته . لتعض نوف شفتها تمنع خروج تنهيدة الضيق من أجل أمها . إلا أن الأخرى شعرت بها , لتمسح على ذراعها بحنان وتقول / لا تقولين إنه بسببك يا نوف , كل شيء مكتوب ومقدر , وعمر ربي يعوضه خير . أومأت برأسها موافقة , وعلى محياها إبتسامة باهتة . لتقف / يلا بطلع , صار وقت نومك أساسا , تصبحين على خير . قالته وقبلت يدها وجبينها , ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها . لتصعد بصعوبة كما نزلت . حين استقرت داخل غرفتها , وأغلقت الباب بالمفتاح . جلست على السرير وصدرها ضائق بشدة . عمر أصبح شخص غير مباليا بعلاقته مع هيفاء , سابقا تمسك بها بشدة . وهي أيضا فعلت المثل . تمسكت به رغم عيبه , وبعد أن علمت أن فرصتهما في الإنجاب ضعيفة للغاية . والآن .. يتخليان عن بعضهما بهذه السهولة ؟ إذا لا بد أن الشعور بعد فقد رند أبدا غير عاديا أو معقولا . بالتأكيد , مؤلم إلى حد لا حد له . عضّت شفتها بقوة , وهي تتذكر منظر عمر مجددا . يبدوا أنها عليها أن تتحمل ذنب موت رند إلى الآبد . عليها أن تحمل ذلك الذنب على عاتقها حتى تموت . ستتحمل ذلك , نعم . أخطأت , عليها التحمل . ولكن رؤية عمر بذلك المنظر , لا يرضيها أبدا . سقطت عيناها على هاتفها , لتواتيها فكرة غريبة على حين غرة . مدت يدها نحوه بتردد , لتأخذه وهي تبتلع ريقها . صار قلبها يخفق بشدة , وهي تدخل إلى قائمة الأسماء وتكتب إسم هيفاء . أغمضت عيناها من الإرتباك , ثم فتحتهما .. لتسحب إلى رئتيها هواء عميقا , وتضع الهاتف على أذنها بعد ان طلبت رقمها . رنّ لبعض الوقت , قبل أن يصلها صوت هيفاء الهاديء / مرحبا . ارتبكت نوف أكثر , كأنها غريبة عنها / السلام عليكم . هيفاء / وعليكم السلام . نوف / شخبارك هيفاء ؟ هيفاء / بخير الحمدلله , إيش اللي ذكرك فيني وخلاكِ تتصلين بهالوقت . نوف / بس كذا .. حبيت أتطمن عليك . هيفاء بسخرية / والله ! ويوم كنتي تحبسين نفسك في غرفتك أربع وعشرين ساعة , ولا تعرفين عني ولا عن عمتي ولا عمر . تنهدت نوف بضيق / ما كنت أبي أضايق أمي , ولا أضايقكم .. قلتوا إنه وجهي يذكركم برند . هيفاء / ما كنا محتاجين نشوف وجهك عشان نتذكر رند , لأنها في بالنا على طول يا نوف . عضت شفتها بألم / ما قدرت أتحمل نظراتكم , اللي تخليني أفكر إني كنت متعمدة أسوي الحادث , وإنها ما ماتت منه وأنا قتلتها . صرخت هيفاء بغيظ / كان لا زم تتحملين , تتحملين وتسكتين لأنك إيه , حتى لو متعمدة إنتي السبب في إني فقدت البنت الوحيدة اللي انتظرناها أنا وعمر عشر سنين . بكت نوف / وأنا بعد انتظرتها مثلكم , أنا أتوجع أكثر منكم , لأني السبب زي ما تقولين , بس إيش بيدي أسوي يا هيفاء ؟ إيش أقدر أسوي لكم عشان تسامحوني وتريحوني شوي من هالذنب . لم تجب هيفاء إلا بعد عدة دقائق , يبدوا أنها هي أيضا بكت / رجعي لي بنتي , هالشيء الوحيد اللي راح يخليني أسامحك . نوف / إيش هالكلام يا هيفاء ؟ هيفاء / أقصد بكلامي إنه مثل ما رجعتها للحياة مستحيل , مسامحتي لك بعد مستحيلة . تأوهت نوف بألم / هيفاء تكفين , بسوي أي شيء عشانك والله أي شيء , بس تكفين .. ارجعي , عمر ما هو عمر من دونك , لا تتطلقين منه . ضحكت هيفاء بسخرية / أنانية يا نوف , تبين أسامحك عشان ترتاحين من الذنب , وتبين أرجع لأخوك بعد عشان ترتاحين ؟ وأنا ؟ ما فكرتي فيني صح ؟ لا أنا ولا أخوك .. إذا رجعت له عمري ما راح أرجع أصير أم , وما راح أحضن أي طفل غير رند ينسيني الوجع , يعني عادي أنا لوحدي أبقى الخسرانة في هالعلاقة ؟ نوف / لا والله يا هيفاء ما فكرت بهالطريقة أبد . هيفاء بقهر / أجل اسمعيني يا نوف , إذا كنتي فعلا تبين تشوفين أخوك مبسوط , وتبيني أرجع له , سوي اللي أقول لك عليه . نوف بلهفة / وشوو ؟ صعقت بعد ذلك تماما , وهي تستمع إلى طلب هيفاء الغريب والصادم . لتقفل الخط بعد أن ودعتها بكلمات قصيرة مقتضبة . وأنزلت الهاتف من أذنها بصدمة . _____ دخل إلى صفحته على أحد مواقع التواصل . بعد أن تركها لفترة طويلة جدا , بعد أن حصل ذلك الحادث . ليجد كمّا هائلا من الرسائل , والتعليقات المطالبة بعودته . والسؤال عن سبب غيابه بالطبع . حيث غاب ما يقارب السنة ! أخذ يقرأ بعضها , ويتجاهل الكثير . إلا أن تلك الرسائل حركت فيه شيئا . ليتنهد بضيق , ويغمض عيناه بألم . كيف له أن يعود بهذه السهولة ؟ كيف سيتمكن من نسيانه . من كان السبب في شهرته أصلا ؟ صديقه العزيز , والذي مات قبل سنة . بسبب حادثة حريق حصلت داخل الإستراحة التي كانوا يتجمعون بها . كان صديقه المقرب , والذي لا يفارقه إلا قليلا . حين دعاه ذات مرة , هو وباقي أصدقائه . وسبقهم جميعا , ليعد لهم ما يحبونه من الطعام . ومن المفترض أيضا أن يذهب عاطف برفقته ليساعده , إلا أن الآخر نام ولم يستيقظ , إلا بعد مرور نصف ساعة على ذهاب صديقه ( فايز ) . والذي اتصل به مرارا وتكرارا , ولكن عاطف نومه ثقيل جدا . فلم ينتبه إلى هاتفه . حتى أيقظته إحدى شقيقاته بعد أن ظلّ الهاتف يرن دون توقف . تأفف وهو يقوم بسرعة , ويبدل ملابسه وينزل . ليركب سيارته ويتجه إلى الإستراحة , يحاول الإتصال بفايز . ليعتذر على التأخير . إلا أنه لم يرد . كان مستغربا بذات الوقت من اتصال أصدقائه الآخرين , ولكنه لم يعاود الإتصال بهم حتى يصل بسرعة . رمى عاطف الهاتف على المقعد الآخر متذمرا . خشية أن يكون فايز قد غضب منه ! ولكنه ما إن اقترب من الإستراحة , استغرب من التجمهر بالقرب من منطقة الإستراحات . اتسعت عيناه بخوف ودهشة , وهو يرى بعض الدخان يتصاعد من جهة إستراحتهم . أسرع بسيارته حتى تمكن من إيقافها على بعد عدة أمتار من المبنى . ترجل بسرعة , ليركض ناحيتها . وجد جميع أصدقائه هناك . مذعورين وخائفين , على أوجههم الهم والضيق الشديد . أحدهم كان يبكي بالفعل . ورجال الإطفاء يدخلون ويحاولون إطفاء النيران . ابتلع ريقه وهو يقترب من أصدقائه , ويبحث بعينيه عنه . عن فايز . شعر بقلبه يهوي ويسقط على الأرض , حين لم يجده ! وقف أمام واحد منهم , وسأل بهلع / وين فايز ؟ ظلوا صامتين وهم ينظرون إليه بحزن , ليصرخ بهم مرة أخرى / قلت لكم وين فايز . هز أحدهم رأسه بأسى / سمعنا صوته داخل . اتسعت عيناه أقصى اتساع . وصار قلبه يخفق بشدة . ليرفع كفه ويمسك برأسه من هول الصدمة . قبل أن يلتفت عنهم , ويركض ناحية المدخل . أوقفوه بقوة , وهو يصرخ بهم ويشتمهم بغضب . منهارا بشدة , لا يعرف الفرق بين الخطأ والصواب . إلا حين ضربه أحد أصدقائه على كفه بقوة , وهدر فيه / يعني الحين لو دخلت بتقدر تنقذه ؟ جوة في ناس يحاولون يا عاطف , لا تتهور وتصير إنت الثاني بمصيبة . أعادته تلك الضربة إلى وعيه فعلا . لينهار على الأرض جالسا . عيناه على مدخل الإستراحة . ينتظر خروج صديقه وأخ قلبه . متأكد أنه بخير , وأنه لم يصبه أي أذى . نعم بالتأكيد سيكون بخير . انتظروا لبعض الوقت , قبل أن يروا صديقهم محمل على النقالة . وقف عاطف بلهفة , وهرع ناحيتهم . ليقف بذهول , هو والآخرين . تسمرت أعينهم على هذا المنظر الذي لم يتخيلوه ولم يتمنوه أبدا . لم يكن ذلك صديقهم فايز , بل ( جثة ) محترقة . عاطف الذي كاد أن يفقد وعيه من الصدمة , أمسكوا به بسرعة . ثم ساعدوه ليركب معهم , ويلحقوا بسيارة الإسعاف . فهو بالتأكيد لن يتمكن من القيادة بحاله هذا . وصلوا إلى المستشفى , الجميع يدعوا له ويتمنى أن يكون بخير . ولكن للأسف , ما إن وصلوا حتى أفجعهم خبر وفاته , في طريقهم إلى المستشفى ! وكان سبب الوفاة الأساسي , استنشاقه الغاز , وتضرر جهازه التنفسي بشدة . والحروق بجميع أجزاء جسده , لم تكن سوى ( أسباب ثانوية ) ! ما حصل بداخل الإستراحة , أنه ما إن بدأ فايز بالطبخ , اكتشف أن اسطوانة الغاز كانت خالية . لذا اتصل بأحد العمال ليأتي بأخرى . لم يكن المحل بعيدا , لذا وصل الآخر سريعا . وركبها ثم ذهب . دون أن يكتشف أن هناك تسرب , بسبب ربط الخرطوم بقوة . مما أدى إلى تلفه , فبالتالي تسرب الغاز . واستمر فايز بالعمل , لتنفجر الإسطوانة .. وهو قريب من الموقد ! اشتعلت النار به , فلم يتمكن من التصرف . منذ ذلك اليوم , أصبح عاطف شخصا آخر . غير الذي عرفه أصدقائه وعائلته . منطويا داخل حجرته , صامتا على الدوام . أخذ إجازة طويلة , حتى تمكن من الوقوف على رجليه مجددا . ونسيان القليل من ألمه على صديقه . يلوم نفسه على تأخيره في الذهاب إليه . يعني لو أنه ذهب في الوقت المحدد , لم يكن فايز ليتألم بمفرده . ولم يمت لوحده أيضا . اللهم لا إعتراض على حكمك . تنهد بضيق وهو يمسح وجهه بقوة . قبل أن تقوده أشواقه إلى حساب ( فايز ) . ابتلع ريقه وهو يضغط على ملفه الشخصي . كانت هناك صور مليئة لفايز برفقة أصدقائه , أكثرها برفقته هو بالطبع . ومقاطع فيديو قصيرة , لإنشاد عاطف ! كون فايز الممنتج والمصور له . أي وجع ذلك الذي شعر به وهو يتذكر كل تلك المواقف التي جمعتهما ! لم يشعر إلا بضحى تجلس بجانبه بقوة . ليلتفت إليها عاقدا حاجبيه بتساؤل . ضحى / ممكن أسألك سؤال ؟ لفتت نظرها الصفحة على هاتفه , وصمتت بحزن . تنحنح عاطف وهو يغلق الشاشة ويضع الهاتف على الطاولة أمامه / إسألي . زمت ضحى شفتيها , الوقت غير مناسب / خلاص ولا شيء , بسألك بعدين . عاطف بابتسامة / لا عادي اسألي . سرعان ما عاد إليها حماسها وهي تلتفت إليه بكامل جسدها / الحين انت ليش تحب نوف ؟ اتسعت عيناه بغرابة / نعم ؟ ضحى بمكر / أهاا بتحاول تلف وتدور وتقول لا ما أحبها ومن هالكلام , تقدر تخدع الكل إلا أنا , تعرف ولا لا . ضحك عاطف / إلا أعرف . تكتفت ضحى تحرك حاجبها / هيا جاوب , ليش تحبها ؟ ابتسم عاطف / يعني لازم يكون في سبب يا ضحى ؟ الحب يجي من الله . ضحى / أهاا ؟ يعني صراحة مستغربة منك , نوف صح جميلة وكذا ومعروف عنها هادية وطيبة , بس والله يا ما تحت السواهي والدواهي يا عاطف . عقد حاجبيه باستغراب / وش قصدك ؟ تنهدت ضحى / شوف يا حبيبي ياخوي والله إني ما أبي أخرب عليك , بس .. يعني , والله ما تناسبك . وضع عاطف قبضته تحت ذقنه يمثل التركيز / أهاا وليش ؟ ضحى / شوف أنا بكون صريحة , انت إنسان طيب جدا ودايم عسل وذوق مع الناس , لكن نوف عكسك تماما , جريئة وما تعرف تجامل وتعطي في الوجه من دون ما تفكر . عاطف / إيه عادي , ليش تشوفين هالشيء مشكلة ؟ بالعكس أحب الإنسان الواضح والصريح أنا . ضحى بغيظ / حتى لو كانت هالصراحة تجرح الناس ؟ هز عاطف رأسه نفيا / ما أتوقع نوف صريحة لهالدرجة ؟ تكتفت ضحى / والله ؟ وإنت من متى تعرفها يا عاطف ؟ أقصد متى آخر مرة شفتها ولا تعاملت معاها ؟ أكيد قبل لا تتغطى عنك , تدري حتى وهي تعبانة وبتموت أطلقت السم الزعاف على يُمنى أمس , وذكرتها بموت عمتي , وانت تعرف قد إيش الموضوع حساس بالنسبة ليُمنى . اتسعت عينا عاطف بصدمة / لا مو من جدك , كيف يعني ؟ وش قالت لها ؟ تنهدت ضحى بضيق , لا تحب أن تنقل كلام أحدهم إلى آخر . ولم تكن لتتحدث عن نوف بالسوء أبدا . ولكن لمعرفتها أن عاطف يحبها بصدق , وأنه سيصرّ على الإرتباط بها دون معرفة شخصيتها الحقيقية أجبرتها على ذلك . لا تريد من أخيها ( الغيمة ) أن ينجرح من فتاة مثل نوف . عضت شفتها لتخبره بالحرف , عما قالته نوف . فغر الآخر فمه بذهول وغير تصديق . لم تكن نوف هكذا . نعم عهدها صريحة وواضحة منذ الصغر . إلا أنها لم تجرح يوما أحدا قط . هل تغيرت إلى هذه الدرجة بعد أن كبرت ؟ كيف استكطاعت أن تؤذي تلك النسمة الرقيقة ( يُمنى ) ! وقفت ضحى بعد أن رأت تلك الملامح على وجهه / عاطف يا حبيبي والله إني أحبك أكثر مما تتخيل , وأتمنى لك الخير , صح يمكن تشوفني أصغر من إني أقدم مثل هالنصيحة , بس صدق .. ما ودي قلبك ينكسر ومن البنت الوحيدة اللي حبيتها بحياتك , عشان كذا رجاء حاول تفكر أكثر قبل لا تقرر تخطبها مثلا . غادرت بعد أن أنهت عبارتها , وتركت خلفها عاطف حائرا . نعم .. ضحى أصغر من أن تقدم مثل هذه النصيحة . إلا أنها محقة بالفعل ولو لم يكن عليه أن يحكم على نوف من مجرد كلام . أو بسبب خطأ واحد . إلا أن شعوره لا يوصف , وهو يتخيلها تنطق بمثل تلك العبارات الجارحة , والقاتلة لإبنة عمه يُمنى . |
![]() |
![]() |
#3 |
![]() |
![]()
عضّت شفتها بقوة وقهر , وهي تنظر إلى شريط إختبار الحمل .
وتأوهت بيأس وحزن وهي تجد خطا واحدا فقط . قبل أن ترميه بقسوة داخل حاوية النفايات . أمسكت حافتي المغسلة الصغيرة بداخل الحمام , وقبضت عليهما بقوة . مغمضة عينيها , رأسها إلى الأسفل . حتى شعرت بملوحة دموعها بداخل فمها . غطت فمها بكفها بقوة , حتى تكتم شهقاتها , ولا يسمعها زوجها إن أتى من الخارج فجأة . رفعت شعرها بيديها بعدة عدة دقائق , وغسلت وجهها بقوة . حتى لا تتضح آثار البكاء . لتخرج من دورة المياه , وتتجه إلى سريرها . تستلقِ وتتدثر بغطاءها بحزن . في صدرها ضيق لا يعلمه إلا الله . هي ليست معترضة أبدا على قضاءه , بل راضية تماما . ولكن أحيانا , تمر بها حالات يأس وضيق . لا تتمكن حينها من السيطرة على نفسها . فمدة زواجها بسعود قد طالت فعلا , ويبدوا أنه لا توجد أي فرصة للإنجاب بالفعل ! ولكن لا , لن تيأس أبدا . تعرضت للكثير من الإنتقادات , وكثير من الطعن بشرفها حين تزوجت ابن خالتها سعود , الذي يكبرها بكثير . حين تزوجته كانت في السابعة والعشرون تقريبا , وهو في الخامسة والأربعون . أرمل , لديه من الأبناء ثلاثة .. من زوجته الأولى . حسناء البالغة 22 سنة , مساعد 20 سنة , أما هديل فكانت تبلغ 9 سنوات . تشبث يُمنى الشديد بها بعد حادثة التحرش , جعلها تقضي أكثر أوقاتها في منزل خالتها . مما جعل الناس تتحدث عنها بالسوء . تحسنت يُمنى قليلا , وصارت حالتها النفسية أفضل . إلا أن صدمتها من عايض , جعلها تتنكس مرة أخرى . حزنت على الصغيرة كثيرا . تجاهلت أحاديث الناس , وصارت تتردد إلى بيت خالتها على الدوام . فعادت الناس تتحدث مرة أخرى , لأن سعود الأرمل وأبناءه يسكنون في منزل والده . يعني .. ما الذي يجعل فتاة عزباء , متأخرة في الزواج , ( عانس ) في نظر الجاهلين , تتردد إلى منزل به رجل أرمل ! بالطبع , ليست لديهم أي معرفة بالظروف داخل المنزل . لذا لم يتوقفوا يوما عن الخوض في عرضها , حتى وصلت تلك الأحاديث والأقاويل إلى أسماع أهلها . فغضبوا بشدة , وحاولوا منعها من الذهاب . يُمنى كانت أنانية , أو ربما لا تفهم تلك الأشياء . يهمها فقط أن يكون لديها أحدا بجانبها يساندها ويساعدها , ويبعد أعين والدتها القوية عنها . لذا كانت تغضب كثيرا إن غابت بشرى يوما أو تأخرت عليها . فلم يكن من سعود إلا أن يرشح لنفسه هذه الفتاة , الطيبة والجميلة والمثقفة بذات الآن . لم يكن متأكدا من رأيها تجاهه , إلا أنه حاول . لتوافق بشرى منذ المرة الأولى . ويتم الزواج . لم تندم أبدا . رغم معارضة الكثيرون , ورغم الأقاويل والإشاعات التي تعمقت أكثر وأكثر , حتى وصلت إلى الطعن في شرفها , قائلين أنها ربما كانت على علاقة مع حمود ! وإلا لماذا قد تتزوج شابة عزباء برجل أرمل لديه ابنة لا تصغرها إلا بعدة سنوات ! يا للعجب , كانت عزباء عانس , والآن أصبحت شابة عزباء فقط ؟ صبرت على ذلك الأذى , حتى نسيَ الناس ما حصل . كانت العائلة بأكملها سعيدة بهذا الزواج . إلا حسناء التي لم ترغب أبدا أن يتزوج والدها بأخرى غير أمها . كيف إن كانت شابة وجميلة وملفتة للنظر مثل بشرى ! أرغمت نفسها على تقبلها , وسرعان ما انتقلت من الديرة إلى المدينة , واستقرت في سكن الطالبات . حتى لا يحزن والدها على معارضتها للأمر . ولا تجبر نفسها على تقبل بشرى . مرت الأيام والسنين , أصبحت فيها أم وأكثر .. ليُمنى وهديل الصغيرة . وأخت كبرى لمساعد .. زوجة صالحة لسعود . وكنة مطيعة لخالتها وزوجها , حتى توفيا . بيدَ أنها لم تتمكن يوما من كسب ودّ حسناء . وهذا ما يجعلها تحزن كثيرا , ويشعرها بشيء من الذنب . سعود حملها على كفوف الراحة , جعل منها إنسانة سعيدة . رغم فارق العمر بينهما . إلا أنها لم تشعر بذلك أبدا . ولكن مع مرور السنوات بعدم حملها طوال تلك الفترة , أصبحت تتضايق شيئا فشيئا . خاصة حين تسمع نغزات من حولها بين الحين والآخر . حتى سعود يحاول معها , ولكن دون جدوى . تحزن كثيرا نعم , ولكن الأمر كله بيد الله . إن كتب لها الحمل ستحمل بالتأكيد , والقلب يحزن .. الأمر ليس بيد البشر ! تنتظر قدوم مولود هديل بفارغ الصبر , لن يكون ابن هديل فقط . سيكون إبنها هي أيضا . متشوقة جدا لرؤيته . تنهدت وهي تجلس , بعد أن اكتفت من الإستلقاء . لتجمع شعرها فوق رأسها . ثم تخرج . صادف خروجها دخول مساعد , وهو يحمل بيده أكياسا بها عصيرات وبعض الشوكولاتات , ضحكت بشرى / باين مبسوط بزيادة يا مساعد , أمس واليوم جايب لنا شوكولاتات . ضحك مساعد وهو يضع الأكياس على الطاولة / إيه والله يا بشرى , أحس إني حبيتها من أول نظرة . بشرى / الله يسعدك ويوفقك يارب . مساعد / بالله كلمي نجد مرة ثانية , شوفي البنت صدق موافقة ولا لا . استغربت بشرى / هذي المرة الرابعة اللي تخليني أتصل فيها عشان أسأل , فيك شيء ؟ تنهد مساعد / ما فيني شيء , بس مدري ليش خايف تكون مغصوبة مثلا ؟ بشرى بضحكة / مين هالمجنونة اللي تلقى مساعد وما توافق ؟ مغصوبة ؟ هههههههههه . ابتسم / يمكن الناس ما تشوفني مثل ما تشوفوني إنتوا . بشرى / صدقني البنت محظوظة كثير , لو دارت الدنيا ما لقت واحد زيك , وين أبوك ؟ مساعد / برة الحين يدخل , يتكلم مع واحد من الجيران , بس تكفين بشرى خليها تسأل , أبي أتطمن . أومأت له بشرة بإيجاب / أبشر بسألها إن شاء الله بعد ما أحط لكم العشا . دخلت إلى المطبخ وهي تدعوا الله من قلبها أن يوفق ويسعد ابن زوجها المحبوب . الذي يبر بها كما لو أنه ليس قريبا من عمرها أبدا . يحترمها ويقدرها كثيرا . بالرغم من عيشه خارج منزل والده حتى لا يضايق بشرى , إلا أنه يمر عليها دائما ويسألها إن كانت بحاجة إلى شيء , هي أو والده . حقا , الفتاة ( طيف ) ستكون محظوظة جدا إن تمّ هذا الزواج . مساعد شخص نادر بالفعل . ______ استيقظت من نومها على صوت المطرقة على الخشب مثل الأمس . الساعة تشير إلى الحادية عشر إلا ربع مساء , وهي تحب أن تنام مبكرا . خاصة وأن الغد أحد . تجاهلت الأمر لعدة دقائق , إلا أنها لم تتمكن من التحمل أكثر من 5 دقائق . لتقوم من سريرها بغضب , تضرب الأرض برجلها بغيظ , وهي تتجه ناحية الباب . لتفتحه بشعرها الأشعث , وتصرخ بغيظ / حسون وبعدين معك , أنا توني ……… تطايرت باقي الكلمات من لسانها , وهي تراه واقفا أمامها . بعد أن كان منحنيا يعمل على الطاولة الخاصة بحسناء . وقف بعينين متسعتين مذهولتين . شعرها الطويل من الجانبين , يغطي معظم جسدها . ووجهها المحمر من الغضب , وعيناها المصدومتين منه . استطاع أن يلمح كل تلك الأشياء خلال الدقيقة التي وقفت فيها تنظر إليه متفاجئة . قبل أن تختفي وراء الباب وتغلقه بقوة . أغمضت عيناها تستند بظهرها على الباب , تضع يدها فوق قلبها الذي يخفق بقوة . ثم تعض شفتها بحرج . فتحت الأنوار لتركض ناحية المرآة , تنظر إلى نفسها . تعلم أنها إن نامت تتحرك كثيرا , ويصبح مظهرها في فوضى تامة . تأوهت بإحراج , وهي ترفع كفيها وتلطم خديها بقوة , تقفز في مكانها ووجهها يحمر أكثر في أكثر / يارب ليش شافني ليش ؟ لا وكمان وأنا توني قايمة من النوم , مالت عليك يا حسناء مالت عليك وعليه . أطفأت الأنوار لتتجه إلى السرير وتسقط جسدها عليه , ثم تغطي وجهها بالمخدة وتصرخ من الإحراج . في الخارج .. كان عايض لا زال واقفا في مكانه مذهولا , عيناه على الباب حيث اختفت يُمنى قبل قليل . هذه الفتاة , يبدوا أنها لا تكبر إطلاقا . بقيت كما تركها قبل خمس سنوات ! لم يتغير بها أي شيء ’ سوى شعرها الذي طال أكثر بالطبع . وبدت أكثر جمالا وفتنة . ابتسم وهو يتذكر ملامحها مجددا , قبل أن تفاجئه نجد من الخلف / عايض . التفت إليها / هااه . نجد / وش هااه ؟ إيش فيك تناظر هناك ؟ لحظة .. أنا كأني سمعت صوت صراخ من شوي , لا تقول يُمنى خرجت وشفتها . ابتسم عايض وهو يضع يده على قلبه / إيه شفتها . اتسعت عيناها بصدمة , قبل أن تضربه على كتفه / لا ومبسوط كمان يا قليل الحيا ؟ عايض بضحكة / اللي يسمعك يقول أنا دخلت عندها مو هي اللي طلعت لي . نجد / يا فشلتي , اسكت يا عايض اسكت . ابتسم عايض أكثر , وهو يرفع صوته مغنيا بأبيات فصيحة : وَبَديعِ الحُسنِ قَد فاقَ الرَشا حُسناً وَلينا تَحسَبُ الوَردَ بِخَدَّيهِ يُناغي الياسَمينا كُلَّما اِزدَدتُ إِلَيهِ نَظَراً زِدتُ جُنونا عضّت نجد شفتها تمنع نفسها من الضحك وهي تهز رأسها بأسى , ثم مدت له كأس العصير الذي أتت به / خذ أشغلتني حتى نسيت أعطيك إياه , والله يعين قلبك . ضحك وهو يشرب من العصير , ثم يكمل عمله ومزاجه عالِ جدا . يغني بين اللحظة والأخرى . ويُمنى تستمتع إليه من الداخل , تضحك حينا .. وتعبس حينا آخر . وقلبها يؤلمها . لم لا يقولها ؟ لم لا يطلب منها العودة ؟ حقا هذا ما يشغل بالها , وتريد أن تعرف الإجابة حتى ترتاح . نعم قالت له تلك المرة حين أتاها وهي في سيارة حسناء أن ينساها لأنه يستحق من هي أفضل منها . كانت تقصد ذلك بالفعل , إلا أنها تتمنى وبشدة .. أن تعود إليه . ياااه .. ما هذا التناقض يُمنى . في غرفة حسناء .. حين كانت تتحدث حسناء إلى نجد في وقت مبكر من مساء اليوم , وأخبرتها بأمر الطاولة . اقترحت نجد أن تأتي إليها برفقة عايض لكي يساعدها . بما أن لديهما الكثير من الأحاديث . جلست نجد أمام حسناء بعد أن عادت من عند عايض وهي تضحك , لتسأل / ما سألتيها يا حسنا ؟ تنهدت حسناء وهي تعتدل بجلستها / مو أنا من حاولت أفتح الموضوع تركتني ودخلت الغرفة , خرجت سوت لها أكل ودخلت مرة ثانية . نجد / إيش قلتي لها بالضبط ؟ حسناء / قلت لها ما عندك نية ترجعين لعايض أبد لو طلب يدك . اتسعت عينا نجد / يا حمارة وش هالسؤال الغبي ؟ يعني بتقول إلا خليه يجي ؟ أنا قلت لك تسأليها إذا في شيء ثاني صار ذاك الوقت ولا إيش اللي مخليها تتغير لهالدرجة ؟ هزت كتفيها / كنت أعتقد إني أقدر أستدرجها بالكلام لين نوصل للنقطة اللي ذكرتيها . تأففت نجد / آآآخ منك يا غبية , المفروض يكون هو آخر سؤال . حسناء / والله ما الغبي غيرك , يعني لو في شيء مخبيته من خمس سنين بتجي تقوله لي باردة مبردة وبسهولة ماشاء الله . نجد بيأس / شكله أصلا ما في أمل , حاولت أفهم هالشيء لعايض وعصب عليّ , الولد مصر يرجعها والله . حسناء بلا مبالاة / الكلام لوحده مو كافي , وأنا بالنسبة لي بعد ما شفت ردود أفعال يُمنى على الموضوع , أحس تبي ترجع له . تفاجئت نجد / صدق ! والله يا ليت , محزنني هالعايض حيل وكاسر خاطري , يارب أسألك في هالوقت الفضيل إنك ترجعهم لبعض وتوفقهم وتسعدهم يارب . حسناء / آمين . أخذت نجد هاتفها حين وصلتها رسالة بشرى , لتتذمر / أخوك إنسان غريب صراحة , الحين هذي المرة الرابعة اللي يخليني فيها أسأل طيف إذا صدق موافقة ولا لا . ضحكت حسناء / لا تلوميه , الولد سامع قصص غريبة من أصحابه عن الزواج , وشاف نماذج حقيقية قدام عيونه , صار يخاف على نفسه من الصدمة . زمت نجد شفتيها , وهي تكتب لطيف / طيف يا بنت إنتي موفقة على مساعد ؟ يعني مرتاحة تماما ولا ؟ أرسلتها لتقول /بتحظرني البنت بعد شوي بتشوفين . ____ انتهى الفصل |
![]() |
![]() |
#4 |
![]() ![]() |
![]()
يعطيك الف عافيه
سلمت يداك ع النقل ١٠٠ |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
#6 |
![]() |
![]()
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
![]() ![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]()
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد |
![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |