![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
الفصل السابع
____ لم يكف عايض عن الضحك منذ الأمس . ينشغل قليلا , ثم ما إن يتذكر ما حصل ليلة الأمس , يعاود الضحك . يشعر بروحه ترفرف من شدة السعادة . كيف لا , وهو قد رآها بالأمس ولو لعدة دقائق قليلة . وسمع صوتها . يشعر أنه أسعد إنسان في الكون . دخل إلى الاستديو بعد أن فتح الباب بمفتاحه , شغّل الأنوار وجلس على المقعد . فتح جهاز الحاسب , يبحث عن أبيات تليق بيُمنى , ليلحنها ويغنيها لها . بالأمس وقبل أن ينتهي تماما من تركيب الطاولة , واستمر بالغناء . أتاه صوت صراخ يُمنى من الداخل وهي تقول بغضب ( بنام يا ببغاء اسكت ) . انفجر ضاحكا هو ونجد وحتى حسناء اللاتي وصل صوتها إليهن . رفع هو صوته ( ابشري خلاص ما عاد بغني , بعتزل الغناء ) . أتاه ردها ( أحسن , تريح البشر وكل الكائنات الحية من صوتك الخايس ) . رفع رأسه حين دخل طراد ونظر إليه بإستغراب / مع مين تضحك . عايض بابتسامة / الناس تسلم أول . طراد / مو أنا كنت بسلم أصلا , انفجعت من شفتك تضحك لوحدك . وقف عايض واقترب منه وهو يضحك ويعانقه / حبيبي يا طراد , عندنا تسجيل بس شيء خاص مو طلب . أبعده طراد بقوة / لا والله انقلع , انت حتى من فلوس الطلبات يا الله يا الله تعطيني حقي . أمسك بكفه / تكفى يا طراد يا صديقي الحنون والله بعطيك أكثر من حق الطلبات , بس سجل . استغرب طراد أكثر , ليرفع كفه ويلمس جبين عايض / انت بخير ؟ اليوم مزاجك عال العال ما شاء الله , غير طول الأسبوع كنت كأنك عانس . عايض بابتسامة / أف لا تقول , صار اللي نساني كل الهموم , يلا عاد سجل لا تخيليني أترجاك كأنك انت مديري وأنا موظف عندك . طراد بمكر / تعلمني إيش صار وخلاك مبسوط لهالدرجة ؟ أسجل لك ببلاش . ضربه عايض بحنق / من متى ياخي صاير كذا ؟ خلاص ما أبي . طراد / أنا صديقك ليش تخبي عني ؟ ولا خايف أحسدك . عايض بغيظ / خلاص بعلمك , شفت حبيبتي أمس بالصدفة . ضحك طراد / ههههههههه وهذا اللي مطيرك من الفرح ؟ طبعا مو أبوك يبي يزوجك بالغصب عشانها ؟ خلاص بسجل . اقترب من الكرسي ليجلس , إلا أنه عاد والتفت مرة أخرى / لحظة تحب وحدة ثانية غير طليقتك ؟ ضربه عايض على كتفه مرة أخرى / ياخي بلاه هالتسجيل لو يخليني أقول لك أسراري كلها , لا يا ملقوف ما عندي وحدة ثانية , هي نفسها . عقد طراد حاجبيه / ومتأكد إنها بترجع لك مثلا ؟ عشان تقعد تحبها إلى الآن ؟ تغير مزاج عايض تماما , واسودّ وجهه عند هذا السؤال . هل ستقبل بالعودة ؟ تنهد بضيق / ما أدري , بس خليني أنبسط بهاللحظة على الأقل , وما راح يصير غير اللي كاتبه ربي . _____ خلف كتاب الرياضيات , تكتب هنا وهناك وبلا توقف . منذ أن دخلت المعلمة . لم تتمكن من التركيز معها أبدا . بل ذهنها شارد تماما . يوم الأمس بطوله كان مختلفا تماما , عن أي يوم آخر . في بدايته بعثرت حسناء كيانها بسؤالها , ثم إلقاء الخبر الصادم عليها . في نهايته شعرت بالحياة فجأة , حين أبصرت عيناها عايض دون سابق إنذار , ثم سماع صوته العذب وهو يغني لها . ضحكت فجأة وهي تتذكر الموقف , وخروجها إليه بمظهرها المضحك . لتبصر بطرف عينها رداء أحمر , تركت القلم وأقفلت الكتاب سريعا بارتباك وهي ترفع عيناها إلى المعلمة . التي نظرت إليها بحدة , ثم سحبت منها الكتاب رغم محاولات يُمنى في ألّا تستطيع أخذه . لتجلس أخيرا باستسلام ودقات قلبها تتسارع بارتباك . رفعت المعلمة صوتها بحدة / ماشاء الله إنتي جاية تدرسين ولا تلعبين ؟ أنا هنا قاعدة أشرح وانتي ماشاء الله تكتبين غراميات وعايض ومدري وشو ؟ وضعت الكتاب على الطاولة بقوة حتى انتفضت يُمنى عائدة إلى الخلف / أصلا من زمان وأنا عارفة إنه مكانك غلط في المدرسة , ولازم تدرسين منازل , لكن الحمد لله الحين لقيت لي حجة أحتج بها في الإدارة , يلا قدامي . ازدردت يُمنى ريقها بارتباك / ليش ؟ تكتفت المعلمة وصوتها يعلوا أكثر / ليش ؟ وتسأل ليش كمان ماشاء الله , يلا . وقفت يُمنى وعيناها على الأرض , تسير خلف المعلمة . حتى خرجتا وتوجهتا إلى مكتب المديرة , هناك أطلقت المعلمة لسانها , وأخبرتها بكل شيء . لتهز المديرة رأسها بإيجاب وتأمرها بالعودة إلى الصف . بينما تقف يُمنى بالقرب من الباب , تنظر إلى الأسفل . تفرك يديها بتوتر . تدعوا الله أن لا تفتح المديرة الكتاب , فتُفضَح أمامها أيضا . نظرت إلى المديرة حين قالت / تعالي يا يُمنى اجلسي . أومأت بإيجاب وهي تسير نحوها ببطء وتجلس على الكرسي أمامها . استغربت حين ابتسمت المديرة وهي تقرأ إسمها / إنتي صديقة لميا صح ؟ هزت يُمنى رأسها دون أن تجيب . لتكمل المديرة / لمياء بنتي , اللي ما عندها سالفة في البيت غير يُمنى , يُمنى سوّت ويُمنى قالت ويُمنى لبست . يُمنى بذهول / صدق ؟ لمياء بنتك ؟ ما قالت لي إنه المديرة أمها . ضحكت المديرة / هي حتى أنا منعتني وقالت لي لا أعلّم أحد , تقول تخاف أحد يعتقد إني أميزها عن غيرها من الطالبات . ابتسمت يُمنى / الله يحفظها لك يارب . المديرة / وانتي كمان تقربين لعايض بن راشد الــ ….. على ما أعتقد . نظرت إليها متفاجئة , وخفق قلبها بشكل مختلف بمجرد سماعها إسمه / كيف تعرفينه ؟ المديرة / عايض معروف , والصراحة ولدي يشتغل عند في الاستوديو , ولد طيب ومحبوب ماشاء الله . احمرت وجنتي يُمنى بلا سبب , واكتفت بإبتسامة . لتكمل المديرة بإرتباك / وو بخصوص شكوى المدرّسة , صراحة يا يُمنى .. ما كانت الأولى . نظرت إليها يُمنى بضيق . ولم تنفِ ما قالته , هي أكثر من يعرف نفسها بالتأكيد . تعلم جيدا أنها تكون شاردة كثيرا , وفي أغلب الحصص . تجدها جميعها مملة . كونها تعلمت هذه الأشياء سابقا على يد مساعد . لا تشدها سوى المواد الدينية . التي مهما درستها من قبل وحفظتها , إلا أنها تنتبه إليها بكل حواسها . خاصة وأن معلمة المواد الدينية جيدة جدا . المديرة / في أكثر من مدرّسة اشتكت لي , قالوا لي إنك ما تكوني منتبهة معاهم في شيء شاغل بالك يا بنتي ؟ هزت يُمنى رأسها نفيا بصمت . المديرة / أو مثل ما توقعت , موعاجبك الوضع صحيح ؟ وانتي تدرسين مع بنات أصغر منك بكثير ؟ تنهدت يُمنى بضيق / بالضبط , حاولت أتقبل الموضوع كثير وأرضى بالواقع , بس أبد ما ني قادرة يا أستاذة . هزت المديرة رأسها بتفهم / طيب ليش ما تدرسين منازل , هالشيء اللي المفروض تسوينه من البداية . يُمنى / فكرت , بس أحس ما يصير , أبي أدرس وأتعب وأنجح مثلي مثل باقي الطالبات , لو درست منازل بكون نايمة طول السنة , وآخر الترم أجي أختبر بس ؟ والواجبات اليومية والمشاريع والملفات , ليش هم يسوونها وأنا لا . ابتسمت المديرة / يا يُمنى ترى بنات المنازل مو بس يختبرون , يسوون كل شيء تسويه الطالبة المنتظمة عندنا , بس أقل منها أكيد بما إنه مدة دوامها أقل من أنه يسمح لها تسوي كل شيء . سكتت يُمنى بحيرة . المديرة بهدوء / أنا ما راح أضغط عليك أبد ولا راح أجبرك تسوين شيء ما يعجبك , عندك الوقت فكري وقرري وسوي اللي يريحك , إنتي من حقك تدرسين وتكملين تعليم بالطريقة اللي تبينها , لكن إذا قررتي تكملين منتظمة , إنتي واجب عليك تكوني مركزة مع الكل , حتى لو الوضع مو عاجبك , وإذا قررتي تدرسين منازل , أبد كلنا بنساعدك يا يُمنى . ابتسمت يُمنى بامتنان / شكرا , بفكر وأرد عليك . خرجت بخاطر ضائق وقلب مهموم . لقد أرادت الهروب , من واقعها المؤلم بعد أن غُيّبت عن الوعي خمس سنوات . وصارت الذكرى تؤلمها في كل حين . قررت أن تفعل شيئا يسمح لها بالنسيان قليلا . ولكن هيهات .. صار ذهنها أكثر إنشغالا عن السابق , بما إنها في المدينة , تقطن بجانب عايض . على بعدة عدة أحياء . جلست على عتبة أحد السلالم , وأسندت رأسها على الحاجز الحديدي . ابتسمت حين رأت بضع قطرات من المطر تسقط وتستقر على الأرض أمامها . مدت يدها لتسقط عليها المطر , وهي تتذكر ذلك الموقف . بعد أن غابت عن أعين عايض 3 سنوات كاملات . لا تدري كيف أطاعها قلبها في فعل ذلك . وكيف تمكنت طوال هذا الوقت من عدم الظهور أمامه . بلغت حينها الرابعة عشر من عمرها , العام الذي اشتد به مرض والدها بسبب الكبر . كان ذلك في الإجازة ما بين الفصلين , بعد الإختبارات النهائية . حيث قرر جميع إخوتها الإتيان , لزيارة والدهم . استيقظت باكرا , هي ووالدتها وبُشرى وسمية , ليبدأوا بالتجهيز . هطل المطر فجأة , لتترك ما بيدها من أعمال . وتركض إلى الساحة الخلفية للمنزل . وضعت وشاحها جانبا , وفتحت شعرها الطويل . لتقف تحت المطر الغزير وهي تضحك وتركض هنا وهناك . بما أنها المرة التي ينزل بها المطر بعد شهور طويلة من الأجواء الحارة والشمس الحارقة . كان هناك عايض , الذي يقف جانبا . ينظر إليها بذهول وإعجاب . كعادته فور إتيانه إلى المدينة , بعد أن يسلم على والديه وإخوته . يسير إلى منازل أعمامه واحدا تلو الآخر , يبدأ بمنزل والد يُمنى بالتأكيد . فهو أكبرهم , ثم إنه ربما يبصرها بالصدفة . الآن وقد تخرج من الجامعة , ومرت ثلاث سنوات . كانت لهفته أشد من قبل . وشوقه لها فاق كل الحدود . الجو الجميل منذ الصباح , جعله يشعر أن شيئا ما ( جميلا ) سيحدث بالتأكيد . كان ظنه صحيحا , لأنه ما إن دخل إلى المنزل , سمع صرخاتها الآتية من خلف المنزل . سأل مساعد الذي استقبله بالقرب من الباب , وأراد أن يدخله إلى الداخل بسرعة حتى لا يبلله المطر / في أحد ورى البيت ؟ مساعد , مثله مثل غيره .. لا يعرف شيئا عن خلافه هو ويُمنى . ولا يعرف أنها تتوارى عن أنظاره منذ ثلاث سنوات / لا بس يُمنى اللي انجنت من نزل المطر . ابتسم عايض / طيب بروح هناك أول . مساعد / وين ياخي راح تتبلل . تجاهله عايض ليركض حيث يُمنى . التي أغمضت عيناها , وفتحت يديها تدور حول نفسها . يدور حولها فستانها الوردي القصير , والذي وصل إلى نصف ساقها . بتصميم كلاسيكي راقي , وأكمام قصيرة إلى الكوع . وشعرها الطويل أيضا , يدور حولها . سرعان ما تبلل الفستان , والشعر . وبدت يُمنى غاية في الجمال . حتى أنه لم يشعر بنفسها وهو يقترب منها , وتطرب أسماعه بضحكاتها . كلما اقترب كلما ذُهِل أكثر من جمالها . بدت أكثر نضجا , أكثر جمالا , أكثر أنوثة . نطق وهو شبه مغيّب عما حوله / يُمنى . صرخت يُمنى بفزع متفاجئة من الصوت الذي أتى فجأة بعد سكون المكان سوى من صوت المطر , والتوى كاحلها حين توقفت عن الدوران فجأة . ليصيبها الدوار وهي تسقط على الأرض . اتسعت عينا عايض وهو يجلس على ركبتيه ينظر إليها / بسم الله عليك صار لك شيء ؟ تعورتي ؟ أخفضت يُمنى رأسها حتى غطى شعرها المبلل وجهها من الجانبين , تمسك بكاحلها بقوة , بيد مرتجفة .. وقلبها يخفق بشدة . تسارعت دقات قلبه هو الآخر , حين مدّ يده , ليزيح شعرها عن وجهها . حتى بان له جانب وجهها المحمرّ من الإحراج . وضع كفها تحت ذقنها , ليرفع وجهها إليه . فتنظر هي إليه بعينين دامعتين . لم يتمكن من التركيز جيدا , ولم يعرف هل هي دموع فعلا . أم ماء المطر ! عضّ شفته بقلة حيلة , وهو يرى هذه الملامح الفاتنة تحت المطر , والضيق المرتسم عليها آلم قلبه بشدة . ليبعد شعرها كله , ويحاوط وجهها الصغير بالنسبة لكفيه الضخمتين , ويقبل جبينها . ثم يضمها إليه . تحت ذهولها وصدمتها , وعدم إستيعابها للأمر . تأكد من أن ما كان بعينيها دموع , حين تأوهت وشهقت وهي تبكي . ليبعدها عن حضنه بلطف , وينظر إليها بخوف . حينها نظرت هي إلى رجلها / تعورني . ابتعد قليلا لينظر إلى رجلها / عورتك يوم طحتي . أومأت برأسها بإيجاب / إيه التوت , تعورني حيل . قبل أن يقول هو شيء آخر , أتاهم صوت والدة يُمنى / يُمنى يا بنت خلاص ادخلي بتمرضين . ارتفع صوت بكاءها الطفولي أكثر / يمه . وقف عايض ويده على خصره , ينظر إليها بحيرة . حتى وقفت والدة يُمنى بالقرب من الباب / إيش فيك ليش تبكين ؟ عايض من متى جيت ؟ عمك يدور عليك . عايض بارتباك / توني جاي , بروح البيت أبدل ثم أرجع له . التفت إلى يُمنى التي لا زالت تبكي / يُمنى كيف حاسة بالضبط ؟ أوديك المستشفى ؟ هزت رأسها نفيا وهي تغطي وجهها بكفيها . سألت والدتها بخوف / وش صار لها يا عايض ليش تبكي ؟ عايض بارتباك / طاحت والتوَت رجلها . شهقت والدتها / تعالي يا يُمنى ادخلي خليني أشوفها . حاولت يُمنى أن تقف بمساعدة عايض , إلا أنها لم تتمكن . خاصة وأن المطر لا زال يهطل , وصار أقوى من قبل . لم يتردد عايض لحظة واحدة قبل أن ينحني ويحملها بين يديه . ثم يدخل ويضعها على أقرب أريكة في الصالة . أسرعت والدة يُمنى إلى الداخل , لتعود ومعها دهان رجل . تصرخ بمساعد , الذي أتاها مهرولا . ليندهش من هذا المنظر . عايض يقف على جانب الصالة , مبلل بالكامل . ويُمنى مستلقية على الأريكة , هي الأخرى مبللة من أقصاها إلى أخمص قدميها . تغطي وجهها بكفيها وتبكي / بسم الله وش صاير ؟ أمرته جدته بإحضار غطاء ومنشفة . ليحضرها بأقصى سرعة . غطت جسد يُمنى بالبطانية جيدا , ورأسها بالمنشفة . ثم أخذت رجلها , لتضع عليها بعض الدهان وتمسدها بقوة . فتعلوا صرخات يُمنى وتأوهاتها . ويعض عايض شفته بحيرة وقلة حيلة . لم يبرح مكانه من منزل عمه , إلا بعد أن انتهت زوجة عمه من تطبيب رجل يُمنى التي أساسا لم يصبها شيء سوى التواء بسيط غير مضر . وبعد أن نامت هي في مكانها وهي تبكي . عادت يُمنى إلى واقعها حين سمعت صوت جرس إنتهاء الحصة . لتقف وهي تبتسم على واحدة من أجمل ذكرياتها . ![]() ![]() |
![]() |
#2 |
![]() |
![]()
التوتر لازمها طوال اليوم , منذ إستيقاظها في الصباح الباكر .
حين أخبرتها والدتها أن هيفاء ستعود ..! وأنها استغربت حين أخبرها عمر بذلك , وهو بنفسه استغرب . لا يعرفون سبب تغيير قرارها فجأة . هي بمفردها , أو هي وهيفاء فقط من تعلمان السبب . بعد أن أرسلت لها رسالة تقول أنها موافقة على شرطها . المهم أن تعود إلى عمر ! قرأت بعض الأذكار ونفثت على نفسها , علّها تخفف من توترها وارتباكها . كأنها ستقابل هيفاء للمرة الأولى منذ زمن طويل . نعم مضت فترة ليست بسيطة على عدم رؤيتها , ولكنها متوترة أكثر من اللازم . خرجت من حجرتها , ونزلت إلى الأسفل . وهي تسمع ترحيب والدتها الحار بهيفاء , بعباراتها المعتادة ( نور البيت – قرة عيون عمر – بنتي الغالية ) .. وعبارات أخرى من لسان أمها الجميل . شعرت بقلبها تتسارع دقاته , وهي تجلس في منتصف السلم , تغالب دمعتها , وتشعر بكرامتها تُهدَر . ولكنها تستحق , تستحق أكثر من هذا . لم تكن رند الصغيرة تستحق مثل هذه الموتة الشنيعة . نعم ما حصل كان قضاء وقدر , ولكنها السبب . لولا تهورها لما حصل ما حصل . سابقا كانت تتضايق بشدة إن رأت نظراتهم اللائمة تجاهها , وكانت تظن أو تؤكد لنفسها أنهم لا يملكون الحق في لومها أبدا . ولكن كلما مرّ يوم , وكلما كبر فيها شعور فقد رند . كلما شعرت أكثر بالذنب . وكلما رأت عمر وملامحه , وحزنه الذي صار يحاول إخفائه منذ خروجها من منزلهم , كلما شعرت أنها بالفعل قاتلة . مسحت دمعتها اليتيمة , لتنهض من السلم . وتكمل النزول . لتتجه إلى غرفة والدتها . المكان المفضل للجميع . خطت خطواتها نحوها بتردد , حتى وقفت بالقرب من الباب . وألقت السلام بصوت منخفض . لتتجه الأنظار إليها . وتسقط عيناها هي إلى هيفاء . ظلّت واقفة في مكانها , تنظر إليها بصمت . حتى وقفت الأخرى واقتربت منها ببشاشة / نوف يا حبيبتي اشتقت لك . ارتجفت أطرافها من الإرتباك , وهي تبتسم .. وتتسع عيناها حين عانقتها هيفاء / شخبارك ؟ وكيف رجلك الحين ؟ ردت باقتضاب / أحسن الحمدلله . همست لها هيفاء / لا تكوني مصدومة كذا عشان لا يحسون إنه في شيء غريب يا نوف , هذا مو أكثر من تمثيل . أومأت بإيجاب . وجلست بجانب أمها , وهي تسمع ما يقوله عمر بابتسامة واسعة / خلاص هيفاء رجعت الحين يا نوف , أبيكم ترجعون نفس قبل , مثل الأخوات وأكثر . ابتسمت نوف وهي ترى ملامح عمر الناطقة بسعادته . والتي تغيرت 180 درجة عن الأمس ! هزت رأسها بإيجاب وهي تضحك تلقائيا / أكيد , إن شاء الله . بعد نصف ساعة من الأحاديث التي دارت بين الثلاثة , والدتها وعمر وهيفاء . وكانت هي تستمع إليهم بصمت , تشارك ببعض التعليقات القصيرة . وهي تراقب وتتأمل هيفاء . اتجهتا الإثنتان إلى المطبخ , لتسألها هيفاء بعفوية / ليش ما بدايتي تداومين ؟ نوف بهدوء / ما راح أدرس هالترم , رجلي الصناعية لسه ما ثبتت وما أقدر أمشي مسافات طويلة . مررت هيفاء أنظارها عليها بشيء من الضيق , ثم تنهدت وهي تلتفت عنها وتقول / لا تعتقدي إنه مجرد الكلام بينفع يا نوف , أبيك من الحين تتصرفين , قدامك سنة وحدة بس , سنة ونص بالكثير , بعدها صدقيني ما بقعد دقيقة وحدة في هالبيت . عضت نوف شفتها بضيق , وهي تقترب من هيفاء وتقول / أنا كنت صادقة بكلامي يا هيفاء وبنفذ اللي قلتيه صدقيني ما راح أتهرب , بس الموضوع مو بهالسهولة , ما أقدر أسوي هالشيء بنفسي تمام ؟ بس يصير صدقيني راح أوفي بوعدي , يعني لا تحطين مدة معينة . نظرت إليها هيفاء بحدة / يعني إلى متى تبين قلبي يحترق على بنتي يا نوف ؟ بعد صمت قصير / ما أظن في شيء راح يطفي هالنار اللي بصدرك مثل ما تقولين . تركت هيفاء ما بيدها بقوة / بالضبط , عشان كذا حددت الوقت يا نوف , وأنا مالي شغل ولا لي دخل باللي راح تضطري تسوينه عشان توفين بوعدك . نظرت نوف إلى عينيها / يعني عمر ما عاد له خاطر عندك ؟ ما يصير تقعدين عشانه ؟ ضحكت هيفاء بسخرية ووجهها يحمر من الغيظ / لو ما حبيت عمر ما صبرت على علته عشر سنين , لكن الحين حتى هو حس إن السالفة طولت , وهو بنفسه اقترح الإنفصال عشان أشوف حياتي مع غيره وأصير أم . ارتجفت شفتي نوف , واغرورقت عيناها بالدموع . ثم هزت رأسها بإيجاب / تمام , بشوف إيش أقدر أسوي . أمسكت هيفاء بعضدها بقوة / ما أبي أسمع مثل هالكلام يا نوف , بشوف ! معناته ما عندك نية تسوينها في وقت قريب صحيح ؟ هزت نوف رأسها نفيا , لتكمل هيفاء بحدة / أنا كنت عارفة إني بس أرجع راح تكوني متطمنة وترتاحين من الهم , عشان كذا فكرت أساعدك . نوف بدهشة / إيش قصدك ؟ تركت هيفاء يدها / خليك متجهزة بكرة وكاشخة , بتعرفين إيش قصدي . قبل أن ترد نوف بشيء , أتاهم صوت عمر / إيش تسوون ؟ مسحت نوف دموعها بسرعة وتظاهرت بالإنشغال بما أمامها . لتلتفت هيفاء إلى عمر بإبتسامة واسعة / ولا شيء حبيبي , قاعدين نجهز العشا . ابتسم لها عمر وغادر المطبخ , وهو يشعر أن هناك شيء غريب يحصل بين زوجته وأخته . تغيير هيفاء رأيها فجأة , ثم استعجالها للعودة إلى منزلها بعد رفضها الصريح , ثم الآن تغيير معاملتها مع نوف ! حتى قبل أن تموت رند , لم تبتسم هيفاء بهذه الطريقة لنوف . حقا .. هناك شيء غريب بالتأكيد . __________ في غرفة شقيقتيها .. تجلس بالقرب من النافذة , على الأريكة الصوفية الكبيرة . رجليها على الطاولة الصغيرة أمامها . وفي يدها قلم رصاص , وكراسة رسم . تضع السماعات على أذنيها . بينما لينا تجلس على الأرض بالقرب من خزانتها الخاصة . أمامها جهازها الحاسوب , وكومة من الأوراق والكتب الجامعية . فهي مجدّة ومجتهدة جدا , ونادرا ما تنقص القليل فقط من الدرجات التي تصيبها بالإنهيار . تحلم أن تصبح طبيبة . عكس نجد التي لم تهتم كثيرا بدراستها . لذا درست اللغة الإنجليزية , ثم جلست - ترتاح - في المنزل لأكثر من أربع سنوات . تحب أن تصمم الأزياء , لذا صممت الكثير خلال سنوات حياتها . وأملأت خزائنها بالكراسات التي رسمت فيها تصاميم بسيطة في البدايات , ثم تطورت وأصبحت تصمم أزياء غاية في الروعة . غير أنها لم تفكر يوما في عرضها على الناس . ولا يعرف أحد سبب ذلك . أما ضحى .. فكانت كالعادة , تجلس على سريرها بكل راحة . وبحضنها جهازها الآيباد . تتفرج على مسلسل ( أنمي ) . تستيقظ وتبدأ بالمشاهدة , تنام وهي تشاهد , تتنفس الأنمي .. تعيش مع الأنمي . هذه حياتها بإختصار . قاطع تركيز نجد على رسمها صوت رنين الهاتف , لتنزل السماعات وتجيب / هلا بشرى … لا والله , سألتها أمس وما ردت إلى الآن , شكلها طفشت وانتي مساعد طفشك … حاضر بحاول أكلمها , بس ياخي أخاف تزعل ما صارت كل شوي أسألها , يعني كفاية أبوها رد عليكم وقال إنها موافقة , إيش فيه مساعد ليش موسوس كذا ؟ تنهدت وهي تقول / طيب طيب ما يصير خاطره إلا طيب , لو ماردت بروح لها البيت , يلا مع السلامة . أقفلت وهي تتذمر / هذا إيش فيه ؟ إذا ما يثق ببنت الناس قد كذا ليش يبي يتزوج ؟ لينا / والله ما ألومه صراحة , بعدين طيف أنا ما أحبها . عقدت نجد حاجبيها / ليش ؟ هزت لينا كتفيها بلا مبالاة / مدري , ما ارتحت لها يوم جات عندنا , يعني مجرد إحساس يمكن يكون غلط , يجوز مساعد بعد ما ارتاح ولا ما أزعجك لهالدرجة . سكتت نجد بحيرة . ما الذي جلعها لا ترتاح لطيف ؟ تعرفت عليها في آخر سنة جامعية لها . كانت جيدة , ولو أنها لم تكن قريبة منها أبدا . بل كانت مجرد زميلة , ظلت على تواصل معاها حتى الآن . تلفت النظر بجمالها , وأناقتها . وما إن سمعت بأن مساعد ينوي الزواج , أتت في عقلها هذه الفتاة . فمساعد يستحق فتاة جملة وأنيقة مثلها , غير أنها سألت عنها من زميلاتها , فلم تسمع شيئا سيئا . ولكن من يدري عما في الصدور سوى الله ! تنهدت بحيرة وهي تأخذ أغراضها وتنهض , لتخرج من غرفة شقيقتيها وتعود إلى غرفتها . وقفت بالقرب من النافذة , أزاحت الستارة قليلا . تتأمل منظر الغروب , والهاتف بأذنها . تحاول الإتصال بطيف . مرة , مرتين , ثلاث ! لا رد . عضت شفتها بحيرة , ما بالها هذه الفتاة ؟ هل غضبت ؟ أم مالذي يحصل معها لكي تتجاهلها هكذا ؟ اتجهت أنظارها إلى الأسفل , أمام منزلهم . لتجد سيارة مساعد ! كما يقولون ( الطيب عند ذكره ) . يقف أمام السيارة , بجانبه عايض . يتحدثان ويضحكان . لم ترَ يوما أجمل من صداقة هذين الإثنين . بالرغم من أن عايض قاطعه هو الآخر خمس سنوات , إلا أنه من إن ذهب إلى الديرة , حتى عادا مثلما كانا سابقا , بل أفضل ربما . ظلّت تنظر إلى مساعد وتتأمله دون أن تشعر , حتى انتبهت على صوت آذان المغرب , لينتهي هذا التأمل بآهة صادرة من أعماق قلبها . ثم استغفرت وهي تبتعد عن النافذة وتمسح وجهها , قبل أن تردد مع المؤذن . صلّت فرضها , وتجهزت على وجه السرعة . ارتدت عبائتها ونزلت إلى الأسفل . لتقابل عاطف في طريقها / جابك الله يا عاطف , تعال وصلني بيت صديقتي . عاطف العائد من الخارج للتو / مو وقتك يا نجد , والله تعبان وأبي أرتاح , تراني برة من الصباح . زمت شفتيها بعدم رضى / عايض موجود ولا راح . عاطف / عايض عنده ضيف , روحي مع السواق . أومأت بإيجاب , لتركض إلى الأعلى مرة أخرى . وتدخل إلى غرفة البنات . كانتا تصليان , انتظرت حتى انتهت ضحى / ضحى تجين معي ؟ خلعت رداء الصلاة وارتدت عبائتها في غضون دقيقة واحدة . ونجد تنظر إليها بذهول . لتقف ضحى أمامها وهي تضع الحقيبة على كتفها / يلا . نجد بدهشة / على وين ؟ ضحى بدهشة أكبر / ما أدري , إنتي قلتي لي أروح معك . نجد / إيه بس ما سألتيني حتى وين بروح , المهم يلا مشينا . قبل أن يخرجا من الغرفة , أوقفتهما لينا بعد أن سلمت من صلاتها / لحظة وين بتروحون خذوني معاكم . ضحى / شوفوا اللي خلصت صلاتها بسرعة عشان تجي . نجد / مو زيك غمضت عيوني وفتحتها لقيتك واقفة قدامي بعبايتك . لينا / نجد خذيني تكفين . نجد / ادرسي أحسن لك , بكرة بتنقصين نص من درجة وتجيني تبكين تقولين انتي السبب . لينا برجاء / لا ما بقول تكفين انخنقت . ترددت نجد , كيف تأخذ جميع اخواتها وهي ذاهبة للتحدث مع طيف في حديث مهم هكذا ؟ حسنا لا توجد مشكلة , جميعهم يعرفون ما تعرفه هي . نجد / يلا طيب بسرعة . خلال نصف ساعة , كانت السيارة تقف أمام منزل طيف . توترت نجد فجأة , ولكنها تجاهلت شعورها وهي تنزل وتتجه نحو الباب . وشقيقاتها ينتظرون بداخل السيارة . قائلين أنهم لم يضعوا شيئا من المكياج على وجوههم ! ولم يتأنقن . ترجلت من السيارة بإرتباك , لم تأتِ إليها أبدا قبل هذه المرة . ولم تزرها قط , حتى الآن لم تخبرها بأمر مجيئها . رفعت يدها بتوتر , لتضغط على الجرس . فتح لها شاب , يبدوا أنه شقيق طيف . كان منظره غريبا , بشعره الطويل والغير مرتب . ولباسه الذي تعجبت منه , بنطال مشقوق من عدة جوانب , وقميص واسع , ضاع بداخله ..! يضع على عنقه عدة سلاسل , بيده علبة مشروب غازي , تكتف على جانب الباب , ليمرر أنظاره عليها بطريقة مقززة / مين الحلوة ؟ عقدت حاجبها بصدمة , وقلبها يخفق من التوتر والخوف / طيف موجودة ؟ ظل صامتا يتأمل عيناها , قبل أن يقول / إيه موجودة , ادخلي . هزت رأسها بسرعة / لا لا بس بقول لها كم كلمة وأمشي , لو تعلمها إني هنا وتجيني هي . أومأ بإيجاب / حاضر . اختفى من أمامها لتتنهد براحة وهي تضع يدها على قلبها , كادت تصاب بالإغماء من شدة الخوف . لم يسبق وأن وقفت بمفردها أمام شاب غريب ومخيف مثل هذا ! هل يعقل أن يكون شقيق طيف ؟ انتظرت لعدة دقائق قبل أن تخرج إليها طيف وهي ترتدي عبائتها وتتلثم بطرحتها , سألتها بإستغراب / نجد ؟ وش جابك هنا ؟ نجد / أنا كم صار لي أدق عليك وأرسل لك ليش ما تردين ؟ طيف / تعالي ادخلي نتكلم جوة . نجد / لا تكفين أنا مستعجلة بمشي , بس جاية أسألك ليش ما تردين خفت والله يكون صاير فيك شيء . تكتفت طيف بغيظ / اسمعي نجد أنا صراحة استغربت , ليش تسألين أكثر من مرة ؟ ليش مو مصدقة إني موافقة ؟ حركت نجد كتفيها / هو العريس يبي يتأكد ما لي دخل . تنهدت طيف بغيظ / لو مرة ثانية أرسلتي أو سألتي هالسؤال صدقيني راح تندمين , قلت موافقة خلاص . استغربت نجد من نبرتها الغير مبالية , وسألتها بشك وهي تمسك بذراعها / طيب ليش عصبتي ؟ وانتي صدق موافقة ؟ صرخت طيف / إيه يا نجد وش قاعد يصير ؟ إذا ما تبوني قولوها بصراحة , يعني ما في بالدنيا غير مساعد مثلا وبموت إذا ما أخذني ؟ والله مو مصدقة إنك قاطعة كل هالمشوار عشان تسألين هالسؤال السخيف يا نجد . سحبت ذراعها من نجد بغضب , ودخلت لتغلق الباب بقوة . حتى أن نجد خافت من صوته . عادت إلى السيارة مذهولة , سألتها لينا / بسم الله وش صار صوت صراخها وصل لهنا . نجد / مدري والله , أنا انصدمت منها .. بس حسيت في شيء غريب تصدقين ؟ ضحى / شيء غريب مثل إيش ؟ هزت نجد رأسها تنفض الأفكار من رأسها / مدري مدري , يلا نمشي يا حسين . حرك السائق السيارة , ليتجه إلى المطعم الذي أخبرته نجد بإسمه .وظلت طوال الوقت شاردة الذهن . تفكر في طيف , ومساعد . لا تشعر بالراحة مطلقا . |
![]() |
![]() |
#3 |
![]() |
![]()
في مجلس منزل راشد ..
كان مساعد لا زال موجودا , إذ أصرّ عليه عايض أن يبقى حتى يتناول العشاء لديهم . دخل إليهما عاطف المستيقظ من النوم لتوه , ليجدهما يلعبان البلايستيشن بكل حماس . جلس بجانبهم بعد أن سلم , ليقول لعايض / عايض وين البنات لسه ما رجعوا ؟ أمي قاعدة تطبخ لوحدها . عايض ينظر إلى ساعته / مو معقولة , الحين تسعة متى بيجون ؟ كلم نجد وشوف وينهم . اتصل عاطف بنجد , ليقفل بعد لحظات وهو يقول / تقول قربوا خلاص , وين كانوا أصلا ؟ ضحك عايض وهو ينظر إلى مساعد / هذا الولد خطب وما صدق إنه لقى بنت حلوة , تقول نجد بشرى كل شوي ترسل لها تبيها تسأل البنت صدق موافقة ولا لا . ضحك عاطف / طيب وش دخل خرجتهم بالموضوع . عايض / شكلها البنت طفشت من كثر ما تسألها نجد , صار لها يوم ما ترد لا على الرسايل ولا على الإتصالات , راحت لبيتها مرة وحدة . اعتدل مساعد بجلسته متفاجئا , ووضع ما بيده على الأرض / مو من جدك عايض . عايض / إلا من جدي . تأفف مساعد / والله لو كنت ادري ما خليتهم , أقصد ما خليت بشرى تسأل . سأل عايض بإهتمام / بس صدق يا مساعد إنت إيش فيك موسوس كذا ؟ مساعد بضيق / كأنك ما تدري ؟ اللي حواليني كلهم مارين بتجارب زواج فاشلة , صرت كل ما فكرت بالزواج أخاف ما أتوفق وأظلم بنت الناس , أو تطلع هي غير عن اللي أبيها وتصدمني . ابتسم عايض/ ما ألومك يا مساعد إنت زي الغيمة وتستاهل بنت طاهرة وشريفة , إن شاء الله ما راح يصير إلا كل خير . ضحك مساعد من إطرائه المبالغ فيه / إن شاء الله . نهض عايض واتجه إلى المطبخ , ليساعد والدته في إعداد الطعام . على الأقل حتى عودة الفتيات . ذلك اليوم .. وبعد أن ذهب إلى المنزل , ثم عاد مع والده . حين توقف المطر وبدّل هو ملابسه . تفاجأ بسلمان في مجلس عمه . نظر إليه بحدة قبل أن يصافحه رغما عنه . فهو حتى الآن لا يعرف سبب إتيانه إلى منزل عمه كثيرا . وحين جلس بالقرب منه , همس له الآخر بخبث / عايض دامك مو ناوي تتزوج يُمنى , ليش معلق البنت فيك على الفاضي ؟ التفت إليه بقوة , ونظراته تكاد تحرق سلمان / نعم ؟ وش قصدك ؟ سلمان يدّعي البراءة / ما أقصد شيء , بس يعني زي ما انت شايف عمي مريض وعلى فراش الموت , وأكيد إنه شايل هم بنته ووده يأمنها على أحد يثق فيه . عايض بهمس غاضب / ولأنه وثق فيني زوجني إياها , إنت وش دخلك بالموضوع ؟ حرك سلمان كتفيه / أبد يا عايض , بس أنا حاس إنك قاعد تحاول تتهرب من الموضوع , يعني .. أذكر يُمنى قالت لي إنك متزوجها غصبا عنك , غير إنك بعد ما ملكت عليها استقريت في المدينة , يعني واضح إنك من جد ما تبيها . اتسعت عينا عايض واحمرت , وهو يمسك بذراع سلمان بقوة / ويُمني ليش تقول لك هالكلام ؟ اسمعني يا سلمان , إياك تقرب من زوجتي ولا تطيح قدامها حتى بالصدفة مفهوم ؟ وموضوع زواجنا ما يخصك , لذلك مرة ثانية لا تتدخل . سحب سلمان ذراعه وهو يضحك بسخرية / يُمنى ليش تقول لي هالكلام ؟ نسيت إني أنقذتها هذاك اليوم ؟ يعني إنها تثق فيني أكثر منك إنت ياللي عصبت عليها من دون سبب وقلت اللي قلت , وصارت تكرهك . شعر عايض بدمه يفور من شدة الغيظ والقهر / اسكت يا سلمان . سلمان بنبرة مستفزة أكثر عن سابقتها / ياخي عايض إيش فيك ؟ ليش معصب عليّ لهالدرجة ؟ ما قلت شيء غلط , غير إني والله حاس فيك , عشان كذا عندي اقتراح , إيش رايك تفك نفسك منها وترتاح , وتخليها لي . لم يستوعب سلمان بعد ذلك شيئا , حين انقضّ عليه عايض فجأة . وصار يضربه على وجهه بقبضته ويلكمه . حتى اقترب منه أعمامه متفاجئين ومصدومين منه . بالكاد تمكنوا من إبعاده عن سلمان . ضربه والده على خده بقوة / إيش فيك إيش هذا اللي قاعد تسويه في ولد عمك ؟ صرخ عايض بغضب / خلوه يبعد عن زوجتي , ولا الله إني ما راح أرتاح إلا بعد ما أشرب من دمه . ابتعد عنهم حتى خرج من المجلس وهو يرتجف من شدة القهر . ليصطدم بمساعد الآت من الداخل حين سمع الأصوات . أمسكه عايض من يده / وين يُمنى . استغرب مساعد غضبه / في غرفتها , ليش تسأل ؟ عايض / أبي أشوفها الحين . مساعد / البنت سخنت من المطر ورجلها , إيش تبي منها ؟ عايض بقلة صبر / أبي أشوفها وبس ولا مو من حقي ؟ شوف لي طريق لو سمحت . هز مساعد رأسه مستغربا , ثم ذهب وعاد ليقود عايض إلى حجرة يُمنى . وقف بالقرب من الباب بتردد / يعني ضروري يا عايض ؟ والله انها تعبانة ونايمة خلها , كلمها بعدين . هدأ عايض قليلا / بس شوي يا مساعد ما بطول . تركه مساعد , ليدخل عايض إلى غرفة يُمنى . هاله الهدوء والسكون في الغرفة . وتسارعت دقات قلبه وهو يرى هيئتها الضعيفة من خلال نور المصباح الصغير بجانبها . اقترب ليرى وجهها الملائكي النائم بهدوء . والتعب باديا عليه بشدة . آلمه قلبه عليها , وهو يتذكر سقوطها بسبب مفاجأتها من صوته . جلس على طرف السرير , ومدّ يده إلى رأسها بتردد . ليلمس شعرها الناعم . ودون أن يشعر صار يمررها عليه مستمتعا برؤية ملامحها التي اشتاق إليها كثيرا , وملمس شعرها الساحر . تفاجأ حين فتحت يُمنى عيناها , ونظرت إليه بعينين متسعتين . كأنها تحاول إستيعاب ما ترى . ثم حاولت أن تجلس بسرعة , ليمنعها عايض / خليك لا تقومين . استلقت مرة أخرى , وهي تنظر إليه بخجل وخوف . ارتجفت أطرافها وهي تشد على طرف البطانية . وتبعد عيناها عنه . ليقول هو بهدوء / أنا آسف إني خوفتك , وكنت السبب في طيحتك يُمنى . لم تجيب يُمنى , وهي تشعر بقلبها يرتجف . أكمل عايض بابتسامة / بس صدق اشتقت لك , كبرتي واحلويتي كثير يا يُمنى . نظرت إليه نظرة خاطفة , ثم أبعدت عيناها مرة أخرى . عايض / ليش غبتي عن عيوني كل هالسنين يا يُمنى ؟ تكلمت أخيرا بنبرة هادئة جدا / انت ما تبي تشوفني , عشان كذا استقريت في المدينة , يعني كفاية تزوجتني غصب , قلت أريحك من شوفتي على الأقل , بما إنه أهلي إلى الآن ما نسوا سالفة التحرش , يعني الظاهر بتطول السالفة . أدهشته يُمنى بحق , ليقول بتعجب / إنتي من وين جايبة كل هالحساسية يُمنى ؟ وهالكلام ؟ يُمنى / يعني كنت متوقع إني ما بنجرح من كلامك مثلا ؟ أو ما أحس ؟ ارتبك عايض , ليقول بعد ان ازدرد ريقه / هذا كان قبل , أنا كنت متأكد إنه في شيء راح يتغير أكيد , وغيابك عني كان له أثر كبير فيني تعرفين ؟ نظرت إليه يُمنى / كيف يعني ؟ ابتسم لها عايض / ما أدري كيف , بس إني من استقريت في المدينة وانتي دايم في بالي , صدقيني لو ما شفتك هالمرة كنت بموت . ابتسمت هي الأخرى بألم / بس مستحيل تحبني بيوم من الأيام , أو تتقبلني كزوجة , هذا اللي قلته لي قبل لا تروح . ألجمته الصدمة , وهو يتذكر ما نسيَه . هل جرح هذه النسمة إلى هذا الحد ؟ إلى حد أنها حفظت ما قاله قبل 3 سنوات ؟ دون أن تنسى شيء ! سأل دون أن يشعر / تروحين قدام سلمان ؟ أجابته بعفوية / إيه . اتسعت عيناه بغير تصديق / ليش ؟ يُمنى / ليش يعني ؟ إيش فيها ؟ عايض بحدة / ما يصير يا يُمنى , سلمان ما يحرم لك . يُمنى / ما أروح قدامه بدون غطا . عايض / حتى بغطا ما تروحين يا يُمنى . خافت يُمنى ما تكراره لإسمها بذات النبرة الحادة , لتقول بارتباك / بس يعني , هو مثل اخواني بالضبط . عايض بسخرية / يعني تقولين لأخوانك عن اللي قلته ؟ مو أنا قايل لك الكلام اللي بيننا ما يسمعه أحد ؟ ليش تقولين لسلمان ؟ ازدردت ريقها بتوتر من نبرته / انت ليش معصب كذا ؟ قلت لك إنه مثل اخواني . عايض / بس هو ما يشوفك مثل أخته . يُمنى بحيرة / إيش قصدك مو فاهمة عليك ؟ عض عايض شفته بقوة , ثم قال / مو مهم يا يُمنى , بس اسمعي اللي بقوله , لا تروحين قدامه مرة ثانية , من اليوم ورايح ما تطلعين له حتى بحجابك الكامل , مفهوم ؟ يُمنى بعناد / لا مو بكيفك , انت قلت لي إني ما أتصرف معاك كزوجة , معناته مو من حقك تمنعني أكلم أو أروح قدام أحد , وسلمان أنا أحبه زي أخواني وأثق فيه ومتعودة عليه , عشان كذا بروح قدامه متى ما أبي . نظر إليها بذهول وصمت لعدة دقائق . وسيطر على غضبه بأعجوبة , وهو يبتسم لها بهدوء / يُمنى أنا كنت غلطان قبل وأعتذر منك , عادي خليك زعلانة مني ولا تكلميني أبد , بس سلمان بعد , لا تثقين فيه ولا تروحين قدامه لو إيش ما صار يا يُمنى . تجاهلته يُمنى وهي تبعد أنظارها عنه بعناد . ليتنهد عايض بقلة حيلة وهو يقف . ويهز رأسه بأسى وغير تصديق . أخطأ خطأ لم يحسب حسابه . كان عليه أن يتصرف في وقت أبكر . قبل أن تتعلق يُمنى بسلمان إلى هذا الحد . بما أنه علم عن إتيانه الدائم إلى منزل عمه . والآن قد فات الفوت فعلا , ويُمنى .. لم تعد يُمنى . غادر غرفتها نادما وخائفا . لم يعد إلى مجلس عمه . خشية أن يبطش بسلمان دون أن يشعر . يبدوا أن يُمنى غاضبة منه بحق . ولن تستمتع إليه . لذا عليه أن يراقبها على الأقل . ولكن كيف وهو ينوي أن يتوظف ويستقر في المدينة مرة أخرى ! _____ انتهى البارت |
![]() |
![]() |
#4 |
![]() |
![]()
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
![]() ![]() |
![]() |
#6 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7 |
![]() ![]() |
![]()
يعطيك الف عافيه
سلمت يداك ع النقل ١٠٠ |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#9 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#10 |
http://www.tra-sh.com/up/uploads/1648853127783.gif
|
![]()
سلم ذوقك واختيارك
ربي يعطيك العافيه وما ننحرم من جمال طرحك لروحك الجوري |
![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |