![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
الفصل الثاني
____ في الصباح الباكر عمّ الهدوء أرجاء المنزل , بعد أن سهروا الليل بطوله . صلوا الفجر وذهبوا للنوم . إلا هي . نامت بوجه مبلل من الدموع , واستيقظت برأس مصاب بالدوار الشديد . ابتلعت حبة مسكنة , ثم توضأت لتصلي الفجر , وتقرأ وردها اليومي . بعدها ارتدت لباسا رياضيا . واتجهت إلى الصالة الصغيرة , التي اعدتها لتمارس الرياضة . بها بعض الأجهزة الغالية الثمن . والديها لم يبخلا عليها بشيء , طوال سنوات مكوثها داخل سجنها المنزلي . لذا استطاعت أن تحافظ على رشاقتها , ووزنها . مارست الرياضة على مختلف أنواع الأجهزة , لمدة نصف ساعة . ثم استحمت وارتدت قميصا واسعا طويلا , باللون الكحلي كالعادة . أجمعت شعرها بعشوائية دون أن تجففه . لتهبط إلى الدور السفلي , وهي متأكدة تماما بأن الجميع نيام . دخلت إلى المطبخ , كان نظيفا تماما . يبدوا أنهم نظفوا كل شيء قبل أن يناموا . فتحت الثلاجة لتخرج البيض والزيتون . إلا أن الصوت الغريب الذي أتاها من ناحية الباب الخارجي للمطبخ , أجفلها .. ليسقط من يدها كل شيء / صباح الخير يُمنى . ارتجفت وهي تغلق باب الثلاجة ببطء , وتعود إلى الخلف بتلقائية حتى ارتطم ظهرها بالخزانة . ليصلها صوته الهاديء / لا تخافين يُمنى , ما راح أدخل ولا بسوي لك شيء . ابتعلت ريقها بارتباك وخوف , ولم تقل شيء . مرة أخرى تحدث بخفوت / حبيت أتطمن عليك , إن شاء الله إنك بخير ؟ زمت شفتيها بقوة , وعيناها ترمشان بسرعة , وعلى وشك أن تذرف الدموع . تشد على قميصها بقوة , حتى ابيضت مفاصل يدها . سأل / يُمنى ؟ إنتي موجودة ؟ تنهدت , تستجمع قوتها لتخرج هذه العبارة القصيرة / روح يا عايض . أغمض عيناه , حين أتاه صوتها أخيرا / الحمدلله إنك بخير , بس تدرين .. عيونك أمس , كانت تقول لي العكس , كانت تترجاني أبقى . أمسكت نفسها بقوة , لكي لا تبكي وتنهار / لا تكذب , ما شفت عيوني من بعيد . ضحك / كنتت أعرف اللي فيك وأنا في المدينة , تعتقدين ما بعرف وما بيني وبينك إلا الشباك ؟ تنفست مرة أخرى بعمق / روح يا عايض . صدمها بما قاله / أحبك . لترفع عيناها بدهشة وذهول , وتبصر كتفه من النافذة . تنهدت بوجع , وعيناها تذرفان الدمع أخيرا . كم تمنت لو استطاعت أن تلمس ذلك الكتف , أو تبكي عليه . مشتاقة إليه بشدة . ولكن , لا تستطيع . لن تعود إليه أبدا مهما حصل . إتيانه أوجعها أكثر مما أسعدها . لم ينبغي عليه أن يأتي , إطلاقا . أو على الأقل , لم يكن عليه أن يأتي ويتحدث إليها . ضحك عائض / صدمتك ؟ ترى سهرت الليل كله عشانك , لأني عارف إنك نمتي بدري , وبتصحين الفجر , تتريضين نص ساعة بعد الصلاة وتنزلين عشان تفطرين , ما تغير جدولك , ظل ثابت مثل ما هو . عضت شفتها بقوة , وهي تحاول أن توقف بكاءها . كانت تود أن تعاتبه , أن تسأله عن سبب ابتعاده . إلا أن صوت خطوات آتية من داخل الصالة , جعلها تتحدث بسرعة / روح يا عايض , في احد جاي . قالتها ومسحت دموعها سريعا . ثم أسرعت نحو المغسلة لتغسل وجهها بقوة . التفتت حين سمعت صوت مساعد / صباح الخير . ردت بهدوء وهي تجفف وجهها بالمنديل / صباح النور , ما نمت ؟ هز رأسه نفيا وهو يجلس على أحد الكراسي حول الطاولة / لا , انتظرتك تنزلين عشان أتطمن عليك , ايش فيه جوالك مقفل ؟ ردت وهي تنظف الفوضى بجانب الثلاجة , وتحاول أن يكون صوتها ثابتا بقدر الإمكان / نسيت أشحنه . صمت قليلا , يحاول أن يعرف ما بها من خلال ملامحها / إنتي بخير ؟ هزت رأسها بإيجاب / إيه أكيد بخير , وش بيكون فيني يعني ؟ تأملها لبعض الوقت , قبل أن يقول / أقصد عشان , عايض جا بعد فترة طويلة . ضحكت وهي تقف بعد أن انتهت من التنظيف / وش دخلني فيه ؟ عقد حاجبيه / سمعتي عن جيته صح ؟ أومأت بإيجاب / إيه سمعت يا مساعد , وخلاص تكفى الله يسعدك قفل الموضوع , أنا وعايض انتهينا من زمان . زم شفتيه بعدم رضى على ما قالته . ارتجافها الشديد وهي تمسك بالمنظف , ثم الرجفة في صوتها .. يأكدان ويثبتان له العكس . وأنها لم تنسى عائض يوما . فاجأها بما قاله بهدوء / ما له ذنب . لتنظر إليه بدهشة / هااه ؟ أكمل / عايض ما له ذنب باللي صار . زمت شفتيها لترد باقتضاب / عشان ما له ذنب يا مساعد , تركته . مساعد باصرار / بس هو راضي يا يُمنى , عارف وراضي بكل شيء , حتى قبل خمس سنين لما طلبتي منه يتركك حاول وبقوة انه يرفض طلبك بس كنتِ مصرة , وإلى الآن ما نساكِ يا يُمنى , لسه يبيك , عرفت هالشيء من شفته أمس , ليش ما تعـــ ……. قاطعته بحدة وغضب وهي تضع الصحن الزجاجي على الطاولة بقوة / بس يا مساعد , عايض طلب منك تقنعني ؟ هز رأسه نفيا وهو يتأمل عيناها وملامحها / لا . شعرت بالخيبة بالرغم من أنها كانت تنتظر عكس هذا الجواب , لترد بهدوء / أجل خلاص , قفل الموضوع . تنهد بضيق , وعيناه محمرتان من شدة النعاس . قبل أن يقول شيء آخر , التفت على صراخ وصوت سقط احداهن . تركت يُمنى ما بيدها , لتركض نحو الباب . انحنت تتفقد الساقطة على وجهها , حتى تعرفت على الفتاة من شعرها / نجد , انتي بخير . جلست نجد بصعوبة وهي تأوه وتأن / آآه انكسر خشمي . أخفضت رأسها لتعرف سبب سقوطها , ليعلو صوتها بغضب / مين حاط هالأكياس الشفافة هنا اللي ما شفتها بسبب الظلام . اتسعت عينا مساعد , وعض شفته يمنع نفسه عن الضحك . إلا أنه لم يتمكن . فارتفع صوته عاليا . لتصرخ نجد بغيظ / مساعد يالحمار . أخفضت صوتها تشتمه وتسبه , ثم صرخت مرة أخرى / دم دم . مساعد / سلامات يا دكتورة . نجد بغضب / انطم يا حمار , ليش حاط الأكياس على الأرض ؟ مساعد بابتسامة / كنت بشيلها وانا طالع , جايبها بعد نظفت وصخ اخوانك وقذارتهم . نجد / والله ما الوصخ غيرك . وقف مساعد ليهم بالخروج وهو لا زال يضحك , ولكنه توقف قليلا / أبشرك يا نجد , خطبت زميلتك اللي كلمتيني عنها , وان شاء الله بس ترجع بشرى للمدينة بنروح نشوفها . نجد التي وقفت بمساعدة يُمنى , صرخت بدهشة / احلف , ياخي الحمدلله , قلت لك طيف بنت ما تتعوض , الله يوفقكم يارب . يُمنى كالضائعة بينهما / لحظة , مين طيف وتخطب إيش فهموني . ابتسم لها مساعد / خليها تشرح لك , بروح أنام . خرج من الباب الخلفي . لتساعد يُمنى نجد , حتى أجلستها على الكرسي . وأسرعت نحو الثلاجة لتخرج بعض مكعبات الثلج . جلست بجانبها وأخذت تمرر الكعب على الجبين وعظام الخد الأيمن المحمرين , وهي تحاول أن تتمالك نفسها بقوة كي لا تضحك على خيالها الذي يرسم طريقة سقوط نجد . تذمرت الأخرى من ارتجاف يد يُمنى , لتنزل قطعة القماش من أنفها , والمتحولة من الأبيض إلى الأحمر / اضحكي وفكيني . ضحكت يمنى بصوت عالٍ / كيف طحتي على وجهك مو قادرة أتخيل . ابتسمت نجد وأخذت تتأمل يُمنى , لتصدر تنهيدة ضيق دون شعور . اختفت ابتسامة يُمنى بعد سماعها تلك التنهيدة , لتقف وتضع الثلج / سوي بنفسك أنا ميتة جوع بسوي لي فطور , مزعجين انتي ومساعد , وش منزلك بهالوقت ؟ ليش ما نمتي ؟ أخذت نجد قطعة ثلج وابتسمت , هذا ليس اسلوب يُمنى , واضح أنها تريد السيطرة على نفسها / ما تعشيت زين , سوي لي معاكِ . يُمنى وهي توليها ظهرها وتحضر إفطارها على الصينية / ما في غير النواشف , أنا اتبع حمية . نجد / هههههههههههه من يومك تتبعين حمية يا يُمنى , راح استغرب اذا ما شفتك هيكل بعد كم يوم . عمّ صمت قصير لعدة ثوانِ , قبل أن تقول / صحيح , جايبة لك هدية . التفتت إليها يُمنى / بمناسبة ؟ ابتسمت نجد / انك رجعتي للدراسة , مبروك يا يُمنى وربي يوفقك . أومأت لها بإيجاب , وردت بهدوء / شكرا . عمّ الصمت مرة أخرى . لتقطعه يُمنى بتأوه . ركضت نجد نحوها / وش فيك . شهقت وهي ترى اصبع يُمنى المجروح , والدم ينزف بغزارة / وين شنطة الاسعافات ؟ أمسكت يمُنى باصبعها وأغمضت عيناها تكتم صرخة الوجع , لتقول بصوت منخفض من الألم / الدولاب الصغير جنب الدرج . أمسكتها نجد من ذراعها , وأجلستها على الكرسي / تمام اجلسي , بجيك الحين . حين عادت نجد بالحقيبة . تفاجأت بيُمنى وهي تجهش بالبكاء , وبصوت عالِ نوعا ما . أسرعت نحوها لتبدأ بتضميد جرحها الكبير نسبيا . بينما يُمنى تصرخ وتتأوه , قائلة / مو قادرة أتحمل يا نجد , والله كذا كثير علي . عضت نجد شفتها السفلية بحزن . لترفع عيناها إلى ملامح يُمنى الناطقة عن وجع كتمته منذ مدة طويلة , ولم يعد بإمكانها كتمه وتحمله . تعلم جيدا , أنها لا تقصد ألم جرح الأصبع .. بل ألم جرح القلب . وأنها لا تبكي بسبب اصبعها أيضا , بل بسبب وجع قلبها . لتقول بهدوء / هوني على نفسك يا يُمنى , وانسي .. عشان تنبسطين انتي وينسبط غيرك . هزت يُمنى رأسها عدة مرات , قبل أن تضع رأسها على كتف نجد باستسلام تام / ما أقدر يا نجد , والله ما أقدر , تكفين قولي له يسامحني . _______ في المدينة .. جافاها النوم ليلة الأمس أيضا , كما هو الحال منذ شهرين . كيف وقد تغير مكان نومها فجأة ..! تجلس على السرير , تضم ركبتيها إلى صدرها . في حجرة ابنة خالتها الصغرى سعاد , الفتاة التي تبلغ من العمر 12 سنة . اضطرت أن تنام في حجرتها . لا بأس .. إن كان ذلك يبعد عن أعين عائلتها المعاتبة , حتى ولو كان لمدة قصيرة . المهم أن تبتعد . صحيح أن الهروب ليس الحل , إلا أنها متعبة بشدة . كلما خرجت من حجرتها , ووقعت أمام أحدهم .. نظر إليها بغضب وقهر , حتى تشعر بجسدها يرتجف اثر تلك النظرات . أخيها عمر , وزوجته هيفاء .. بل حتى والديها . كأنها كانت متعمدة , كأنها أرادت أن تقتل ابنة أخيها بنفسها . تلك الصغيرة , بياض الثلج الحقيقية في هذا العالم . الطفلة ذات الثلاث سنوات , رَند .. يا إلهي كم تشتاق إليها . قبل شهرين , كانت عائدة من الجامعة منهكة تماما , فهي على وشك التخرج , وعليها أن تبذل ما بوسعها لتتخرج بمعدل جيد . لتجد باستقبالها الصغيرة رَند , والتي تنتظرها كل يوم . بل تنتظر الحلويات التي تحضرها نوف . ركضت نحوها الصغيرة , وحاوطت ساقي نوف بذارعيها الصغيرتين , وتسأل بنبرتها الغير مفهومة .. إن أحضرت لها الحلويات أم لا . لتشهق نوف وتجلس على ركبتيها أمام الصغيرة بحزن / يووه نسيت والله إيش أسوي الحين . غضبت الصغيرة وأخذت تبكي , حتى حزنت نوف على حزن الصغيرة . لتلتفت إلى من دخل وراءها , والد رند / عمر تكفى روح جيب لها شي من البقالة , اليوم أنا نسيت اشتري وزعلت . أجابها عمر بوهن / والله مالي نفس أطلع بهالحر , دولابها مليان حلويات أعطيها من هناك . نوف / ما تبي إلا من برة الحين , تكفى . ابتعد عمر وهو يهز رأسه بالنفي , ودخل إلى المطبخ . ركضت خلفه / طيب أنا بروح وباخذها معي . عقد حاجبيه / نعم ؟ أقرب بقالة بعد شارعين , خلاص هديها بأي شيء . هزت رأسها لتركض نحوه / بروح بسيارتك , تكفى عطني مفتاحك تدري اني اعرف أسوق انت بنفسك علمتني , تكفى تكفى تكفى . وأخذت تصر عليه وتتدلل رغم رفضه الشديد ورفض والدتها وهيفاء . إلا أنه استسلم أخيرا , لتقفز بفرح .. وتحمل الصغيرة وتخرج . وجدت نفسها على سرير المستشفى , بعد اسبوع من خروجها من المنزل برفقة الصغيرة . لم تستوعب بعد ما حدث , حتى تفاجأت بهيفاء تهاجمها وتضربها وتصرخ بها بغضب عاصف . كانت منهارة تماما , وعمر يحاول تهدئتها .. إلا أنه فشل , ليهاجمها هو الآخر , ويتهمها بقتل الصغيرة . حينها اصيبت بنوبة من الصدمة وعدم الإستيعاب . لم تصدق أبدا ما سمعته , حين تركاها بمفردها في حيرة تامة .. وخرجا . لتدخل الممرضة بعد ذلك , وتتفحصها .. سألتها نوف عما حصل . فأخبرتها أن الصغيرة قد فارقت الحياة , في الحادث المروري الذي تعرضت له برفقتها . أجهشت بالبكاء وهي تسب نفسها وتشتم مرارا وتكرار , حتى شعرت بالتعب ونامت . عادت إلى الواقع , وهي تشهق وتبكي بصمت . تغطي فمها بيديها لتكتم صوت بكاءها . منذ شهرين , أصبحت وحيدة تماما . بلا رند .. بعد وفاتها هجرها الجميع , تركوها بمفردها . كل فترة والأخرى يذكرونها بما حصل , ويلومونها . لا تلومهم أبدا . فقدانهم لابنتهم فجأة ومن دون سابق انذار , صادم جدا وموجع . حرقة قلبهم هي من تجعلهم يتصرفون بهذه الطريقة , ولكن هي .. لم تتعمد , انحرف مسارها فجأة ودون أن تشعر . لم ترغب بقتل الصغيرة ..هي أيضا تعاني . لم تفقد رند فقط , بل فقدت ساقها اليمنى . لتركب أخرى صناعية , حتى تواصل حياتها بطريقة طبيعية . الأمر صعب , صعب جدا . وعليها أن تتحمل حتى تفارق الحياة هي الأخرى .. الجميع قد تغير عليها بالفعل . إلا خالتها هنادي , وبناتها . لذلك تلجأ إليهم دائما . وحين قررت الابتعاد عن عائلتها لفترة , لم تجد سوى منزل هنادي . ولو انها علمت عن نيتهم بالذهاب إلى الديرة , لما خرجت من المنزل أساسا . فحتى سعاد باتت تعاملها بجفاء . رحمتك يارب ولطفك .. _______ ![]() ![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
آغلط, الثاني, رواية, سوق, إليك, نبى, قلبي/البارت |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |