![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
الفصل الخامس
____ عادت يُمنى إلى الواقع , حين جلست بجانبها الفتاة نفسها ( لمياء ) . لتضع الشوكولاتة بحجرها , وتلتفت إليها . لمياء / انتي وش مجلسك هنا من زمان أدور عليك . يُمنى / ليش تبين مني شيء ؟ لمياء بإحراج / لا يعني بس كنت ابى أجلس معك , لو ما عندك مانع . ابتسمت لها يُمنى / خذي راحتك . نظرت إليها بصمت لعدة ثوانِ , قبل أن تمد يدها وتبعد الخصلة عن وجه يُمنى . استغربت يُمنى وارتبكت . ابتسمت لمياء / كذا أحلى , لا تخبينها لأنها ميزتك يا يُمنى . يُمنى / بس من دخلت المدرسة والكل يطالع فيني ويهمس , هالشيء مضايقني . لمياء / يعني بيسكتون لو غطيتيها ؟ ما عليك خذي راحتك وخلي اللي يتكلم يتكلم . أومأت يُمنى بصمت . لتتحدث لمياء مرة أخرى , وتسأل / من إيش هالندبة ؟ يُمنى بابتسامة مقتضبة / ضروري أجاوب ؟ استغربت لمياء / لا عادي , براحتك . أسندت يُمنى ظهرها على الحائط , وتكتفت بصمت. انتهى اليوم الدراسي أخيرا . بالرغم من خلوه من الحصص الدراسية إلا القليل فقط , إلا أنها كانت متعبة بشدة . ربما لأنها لم تحضر أي حصة منذ 10 سنوات . كانت منهكة القوى حين نزلت إلى الأسفل . وجلست على أحد المقاعد الخارجية , تنتظر قدوم حسناء . تحاول تجاهل الفتيات من حولها , وتجاهل تلك النظرات . رفعت رأسها حين وقفت أمامها احداهن , كانت بشرى / انتظري شوي بجيب عبايتي وأجيك . حدقت إليها يُمنى باستغراب وهي , ماذا تقصد بشرى ؟ ارتدت عباءتها ووقفت تنتظر بشرى حتى أتت إليها / بشرى شالسالفة بتروحين معي ؟ بشرى / انتي بتروحين معي , مساعد اتفق مع حسناء , هو بيرجعك كل يوم . تنهدت يُمنى بضيق , وهي تركب بجانب مساعد . الذي حياها وبارك لها للمرة المليون . قبل أن تعيد هي مقعدها إلى الخلف قليلا وتريح ظهرها / شكلك تعبتي ؟ كيف كان أول يوم دراسة ؟ يُمنى / عادي .. حسيت نفسي بوسط بزران والله , كل ما شفت المعلمات حسيت بالإنتماء هههههههههه . بشرى / عادي يمكن لأنه أول يوم , بتتعودين مع الأيام . يُمنى / أتعود على إيش يا شيخة ؟ كل ما مشيت قدام أحد طالع فيني وهمس بشيء , يا عشان حجمي لأني صايرة قد البقرة , أو عشان هالندبة اللي خلتني نجمة ساطعة ملفتة للانتباه يا حليلي . تضايق مساعد من أجلها , وهو يعلم كم تتحسس من موضوع الندبة , مع ذلك ترفض إجراء أي تجميل . أكملت يُمنى بعد صمت قصير / ماحد قرب مني غير بنت وحدة من ثالث , وإيش اللي يخليهم يقربون مني أصلا ؟ واضح من الحين بكون وحيدة لين أتخرج . بشرى / خليك إيجابية يُمنى إيش هالكلام ؟ لو مانتي قادرة تنسجمين مع البزران على قولك بعرفك على المعلمات الصغيرات اللي توهم متعينين ولا تفكرين تكونين وحيدة . التفتت إليها تصطنع الغضب / إيش قصدك ؟ قصدك إني كبرت وفاتني القطار واللي قدي الحين معلمات مو طالبات في المتوسط صح ؟ نظرت إليها بشرى بدهشة , قبل أن تضربها على رأسها بخفة / إيوا هذا قصدي . نظرت إليها يُمنى بحنق وعادت تريح ظهرها مرة أخرى . حتى أغمضت عيناها وغفت دون أن تشعر . انتبه إليها مساعد , وزاد برودة التكييف . حتى توقفت السيارة , وانتبهت هي . اعتدلت بجلستها لتسأل باستغراب / ليش وقفت هنا ؟ مساعد / حاب أغديكم اليوم على حسابي , بمناسبة رجوعك لمقاعد الدراسة . نظرت إليه بصمت , قبل أن تقول بضيق وهدوء / مساعد اسمعني , كفاية قاطع مشوار ساعتين للمدرسة , وكفاية بعد إنه بشرى نقلت عشاني , يعني كل يوم بتتعبون ساعتين جية وساعتين روحة وكلها بسببي , ليش تكلف على نفسك وتجيبني هنا ؟ مساعد / وش فيها إذا جبتك هنا ؟ ولا قطعت مشوار ساعتين عشان أوصلك البيت ؟ صرخت على حين غرة / موعاجبني هالشيء , موعااجبني إنكم قاعدين تتعبون عشاني وتراعون خاطري لهالدرجة يا مساعد , خلاص إلى هنا وكفاية . ظل مساعد ينظر إليها بذهول وغير تصديق , بشرى فعلت المثل , قبل أن تقول / مسرع يا يُمنى بان عليك تأثير حسناء . التفتت إليها بقوة , وعيناها محمرتان من الغضب / هذا ما هو تأثير يُمنى , بس أنا وأخيرا حسيت على نفسي وبديت أستحي على وجهي , وأبيكم توقفون هالشفقة . أنهت عبارتها وصدرها يعلو ويهبط من الانفعال . ابتسم مساعد من الدهشة / شفقة ؟ يعني بعينك كل شيء صار حتى الآن وكل شيء قدمناه كان بداعي الشفقة ؟ يُمنى / إيه , لو ما صار معي كل اللي صار , وما واجهتني هالظروف كنتوا بتسوون كل اللي سويتوه إلى الآن ؟ ردت بشرى / طبعا يا يُمنى ليش لا ؟ يُمنى بغيظ / طيب خلاص مثل ما قلت إلى هنا وكفاية , مساعد لا عاد تجي عشان ترجعني البيت , يا تجيني حسناء أو أشوف لي سواق , أما إنك تجي بس عشان توصلني أنا ما أبي هالشيء لو سمحت , وانتي بعد يا بشرى يا ترجعين لمدرستك أو تمسكين سواق وما تتعبين مساعد . عمّ الهدوء بداخل السيارة . قبل أن يطفيء مساعد المحرك بصمت ويخرج . وتتبعه بشرى . دون أن يتفوه أي منهما بحرف واحد . أجفلت يُمنى مما فعلاه , وازدردت ريقها بخوف . هل غضبا ؟ هل كانت قاسية ؟ ____________ مرّ الأسبوع بطيئا على الجميع .. مع عودة الروتين الممل بالنسبة للطالبات . خاصة يُمنى التي لم تتمكن من التأقلم إطلاقا . ولا الإنسجام مع طالبات الصف . بالرغم من أنهن بدأن بالإنسجام معها . فهي حقا , كبيرة جدا لتتأقلم مع فتيات بعمرهن . لمياء الوحيدة التي استطاعت أن تتقرب منها شيئا فشيئا ودون أن تشعر . ذلك الأسبوع كان الأثقل على قلب عايض أيضا . أصبح موضوع الزواج الذي يريد أن يجبره والده عليه يشغله على الدوام . وصار يحاول الإبتعاد عن والده حتى لا يفتح الموضوع مرة أخرى . حالة نوف النفسية زادت سوءا , وهي عاجزة عن التحرك بحرية . أحضر عمر إلى المنزل عاملة , تساعدها وتساعد والدتهما . إلا أن ذلك لم يكن كافيا لنوف على الإطلاق , فعائلتها لم يسبق لها وأن أحضرت أي عاملة تساعدهم من الخارج . ولم يكن بيدها أي حيلة , بما أنها عاجزة . _______ في الاستديو الخاص بعايض .. أنزل السماعة من رأسه بعد أن أنهى من تسجيل زفة خاصة . والتي طلبتها احداهن . فهو أيضا مثل أخيه , يمتلك صوتا جميلا . وينفذ الطلبات الخاصة , دون أن يغني أمام الناس . جلس على المقعد بتعب بجانب صديقه , الذي يعمل لديه / حاول تخلصها بسرعة عرس البنت بعد أسبوع . طراد / أبشر بحاول أخلص في أقرب وقت . ترك ما بيده والتفت إلى عايض , يتفحص ملامحه . نظر إليه عايض بتساؤل / إيش فيك ؟ طراد / إنت اللي إيش فيك , لك أسبوع مانت على بعضك وكله سرحان , عسى ماشر ؟ عايض / ما فيني شيء . وكزه طراد بخفة على جنبه / عليّ يا عايض ؟ لعلمك ترى آدائك كان ماش , أبد ما في لا إحساس ولا شيء , كنت بقول لك عيد بس شايفك مشغول ومتضايق , علمني يا عايض . وقف عايض / صدق ؟ خلاص باعيد من جديد . أمسكه طراد من ذراعه وأجلسه بقوة / ما بتعيد إلا بعد ما تعلمني . تنهد عايض بهم وضيق , قبل أن يمسح وجهه بقوة / أبوي يبي يزوجني غصبا عني . نظر إليه طراد لبعض الوقت , قبل أن يضحك بصوت عالِ . رفع عايض قدمه ودفع بها كرسي طراد ذات العجلات ليبتعد الآخر ويقف بسرعة قبل أن يرتطم بالجدار / آسف آسف بس صدق ضحكتني , كيف يعني يبي يزوجك غصبا عنك , مانت بنت عشان يجبرك . عايض بقهر / بالضبط ماني بنت , ما أدري ليش يباني أتزوج غصب والحين بالذات . جلس طراد مرة أخرى بعد أن أعاد الكرسي إلى مكانه / طيب وانت يا سيدي ليش ما تبى تتزوج ؟ والحين ؟ قربت تصك الثلاثين . عايض / لا يا شيخ توني ما دخلته بعد , وما أبي أتزوج لأني أبي أرجع طليقتي . نظر إليه طراد بصدمة وغير تصديق , فاغرا فمه . حتى التفت إليه عايض يرى تأثير الصدمة , وضحك . طراد / إنت مطلق ؟ متى تزوجت ومتى طلقت ؟ أعرفك من 5 سنين , ما عرفت انك تزوجت وطلقت بعد . تنهد عايض , وبدأ يسرد عليه قصته البائسة هو ويُمنى . فهو حقا غير قادر على تحمل الأمر أكثر . يفضفض على الأقل ويبوح بهمه , عله يرتاح قليلا . إلا أنه لم يذكر سبب طلاقه . طراد / وأنا مو قادر أفهمك لا انت ولا أبوك , هو أجبرك قبل , وانت رفضت , وبيجبرك الحين وانت بترفض بعد , وش فيكم ؟ عايض / قلت لك يا طراد هذيك المرة أجبرني عشان بنت عمي , رفضت لأني كنت توني طالب وصغير على الزواج , الحين بعد الظاهر قاعد يجبرني عشانها , وأنا رافض لأني أبي أرجعها لذمتي . طراد / كيف يعني عشانها ؟ عايض / طلقتها قبل خمس سنين , وطول هالسنين كنت أنا هنا في المدينة وهي بالديرة , نقلت قريب , أبوي خايف أفكر فيها من جديد عشان كذا يبي يزوجني بسرعة . طراد بعد صمت قصير / والله قصتك قصة يا عايض , ما عمري توقعت إنك كنت متزوج لا ومطلق بعد , الله يعينك .. بس ما قلت لي وش سبب الطلاق . شرد عايض لثانيتين , قبل أن يرسم ابتسامة واسعة ويقف , ثم يتجه إلى المايكروفون / يلا نعيد التسجيل , عاد هالمرة بكون مليان إحساس ومشاعر . ضحك طراد / هههههههه أكيد الحين بتقول هالحمار بدال ما يعطيني حل للمشكلة وأنا فاتح له قلبي قاعد يتلقف ويسأل أسئلة ما لها داعي , آسف ياخي , يلا نعيد التسجيل وش ورانا . أنهيا التجسيل للمرة الثانية , ودخل عاطف في الوقت المناسب . حاملا بيده أكياس طعام . عايض / ياخي مين قال لك تكلف على نفسك وتجيب أكل ؟ أنا راجع البيت الحين . طراد بعد أن أخذ الطعام من عاطف / انت بترجع البيت بس في عبد فقير غير هنا بيشتغل لليل , تسلم عطوف . جلس عاطف بجانبه / لا تناديني عطوف ولا والله بهالريموت على وجهك . ضحك طراد / آسف , اليوم صدق مزاجكم سيء خفوا عليّ ياخي , وانت بعد إيش فيك ؟ عايض بعد أن جلس أمامها / شغال طبيب نفسي الأخ ؟ كل ما شفت أحد قلت له إيش فيك ليش متضايق , كل وانت ساكت . مثّل طراد الصدمة / الحين أنا وش قلت عشان تاكلني بقشوري ؟ ياخي إن شاء الله تتزوج البنت اللي أبوك رشحها لك . اتسعت عينا عاطف , ليمسك بعنق طراد / استغفر الحين , استغفر . أبعد طراد وهو يسعل / بسم الله إيش فيك ؟ أستغفر الله . ضحك عايض / البنت حبيبته . انصدم طراد / أف آسف ياخي آسف , ما كنت أدري . بدأو يأكلون بصمت , وكل واحد منهم يفكر بشيء . ليسأل طراد / وانت مو ناوي ترجع للساحة ؟ تدري قد إيش في طلبات بصوتك ؟ ابتلع عاطف لقمته , ليرد بهدوء / خل عايض ينفذ الطلبات , مو راجع . طراد بعد أن نظر إلى وجه عاطف / أنا مو فاهم إيش علاقة الحادث بصوتك , يمديك تسوي مثل عايض بس تسجل من دون تصوير . وضع عاطف ما بيده ووقف غاضبا / ياخي ما ابي خلاص افهمني . قالها وخرج من الغرفة بخطوات واسعة , ليلتفت طراد إلى عايض بتعجب . ثم وقف ولحق بعاطف / عاطف ياخي ما أقصد تعال , أنا آسف والله صدق مو قصدي أزعجك , ببخلص يومي وأنا أعتذر لا إله إلا الله . ضحك عايض وأكمل طعامه . عليه أن يعود إلى المنزل بعد قليل . سيواجه والده ربما . وهذا ما لا يريده . هرب منه أسبوعا كاملا . هل سيتمكن من فعل الشيء ذاته أكثر ؟ ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]()
بالكاد تمكنت نوف من تجهيز نفسها , وترتيب غرفتها .
بمساعدة العاملة بالطبع . جلست على السرير بتعب . وأنظارها على المرآة , تتأمل مظهرها . نعم جسدها وراء هذه الملابس الأنيقة , مشوه . ولكنها من الخارج .. جميلة للغاية , متأكدة من هذا . ارتدت فستانا طويلا ضيقا باللون الأحمر القرمزي , أبرز لون بشرتها . وضعت مكياجا خفيفا . وظلت تردد بداخلها ألف مرة , أنها بالتأكيد , أجمل من ( يُمنى ) . دعت لينا وإخوتها للسهر معها . وأخبرتها لينا أنها ستحضر حسناء أيضا , ويُمنى برفقتها بالطبع . لا تدري لمَ توترت فجأة وعلى حين غرة ! وظلت تفكر منذ المغرب , ماذا سترتدي , وكيف ستكون . وأنها عليها أن تكون أفضل من يُمنى . أساسا هي أفضل منها بالتأكيد من جميع النواحي , فهي متعلمة .. بنت المدينة . إلا أنها تجهل من الأفضل من ناحية الجمال . لم ترَ يُمنى في حياتها قط . دائما تسمع عنها من بنات خالتها , وتتمنى رؤيتها . خاصة بعد أن سمعت عن طلاقها هي وعايض . التفت ناحية الباب حين فتحته لينا . ابتسمت لها . اقتربت منها لينا وعانقتها / سوري تأخرنا , دخلنا السوبر ماركت تدرين السهرة ما راح تكتمل إلا بالخرابيط . نوف بعتاب / أمانة مين قال لكم تكلفون على نفسكم عمر جاب كل شيء . لينا وهي تخلع عباءتها / والله شوفي عطوف قال على حسابه واحنا ما قصرنا هههههههه . دخلت ضحى ودفعت الباب قوة حتى فُتِح عن آخره / أنا جيت . نوف بغضب حين ارتطم الباب بالجدار بقوة / ليتك ما جيتي . ضحى / أفاا , خلاص برجع البيت أنا وصدقات عطيف . اتسعت عينا نوف / صدقات ؟ إيه أجل شيليها معك لأنها للفقراء والمساكين أمثالك . ضحكت ضحى وهي تضع الأكياس على الأرض وتقترب منها / أمزح أمزح , شخبارك يا مرت أخوي إن شاء الله أحسن . توردت وجنتا نوف وتفاجأت بذات الوقت , فهذه المرة الأولى التي تسمع بها هذه الكلمة من فم احدى شقيقات عايض , لتؤمّن في قلبها . بينما لينا ونجد التي تقف بقرب الباب اتسعت أعينهما . قرصت لينا ذراع ضحى دون أن ترى الأخرى . تأوهت ضحى بصوت عالِ , وانحرجت لينا . فهمت ضحى قصدها , لتضحك بصوت عالِ وهي تحاول إدراك ما قالته / قصدي يعني بزوجها عاطف والله انه مزيون وطيب يناسبك يا نوف . عبست نوف / ومين قال لك إني بتزوج عاطف ؟ تدرين أحيانا أحسه طفل من كثر ما هو طيب وساذج . احمرّ وجه نجد من الغيظ , إلا أنها تجاهلت مشاعرها وهي تسلم على نوف وتصافحها بصمت . تكتفت ضحى , وقالت بحدة / لا ماشاء الله الواحد إذا صار طيب مو معناته إنه ساذج تمام ؟ وبعدين إذا عاطف نوى يتزوجك والله بيكون كثير عليك لعلمك . نظرت إليها نوف بذهول , ونجد ولينا تأففتا من لسان هذه الفتاة التي لا تكف عن ارتكاب الحماقات . نوف بابتسامة / إيه طبعا بيكون كثير على بنت جسمها مشوه وعندها رجل مبتورة . ارتبكت ضحى / لا لحظة والله ما أقصد إيش فيك صايرة حساسة نوف ؟ إيه وين القهوة ؟ مرت نصف ساعة على إتيانهم , والجو متوتر قليلا بين نوف وضحى . الأولى تحاول أن لا تلتفت إلى ضحى أبدا , ولا التحدث إليها . أما الثانية فتحاول جاهدا أن تنسيها ما قالته وما حدث . وفي خاطرها تظن أنها لم تخطيء أبدا . بل نوف المخطئة . بالطبع هي المخطئة , وعاطف أكبر مخطيء بما أنه فكر بهذه المغرورة وأحبها . التفتن جميعا حين فتحت العاملة الباب وغادرت , بعد أن دخلت حسناء .. ووراءها فتاة طويلة نحيلة . اقتربن منهما , ووقفن يسلمن عليهما . إلا نوف التي لا زالت تتأثر من أي حركة . ظلت شاخصة أبصارها على يُمنى . وقلبها يؤلمها . كانت أجمل منها بكثير . طولها الفارع , ولون بشرتها الساحر . لم تكن بيضاء تماما مثل نوف , بل بياضها يميل إلى الأحمر .. وذلك الوجه الصغير , بجبين صغير , وحاجبين مرسومين ومرتبين , عينان متوسطتان برموش طويلة وكثيفة , أم كانت ماسكارا ..! لا يهم .. فعينيها حقا جميلتين للغاية ! فكيها محددين مثل ما تفعل المشهورات هذه الأيام . وأنف صغير , شفتين صغيرتين مزمومتين , بدت فاتنة للغاية بهذا اللون الوردي الذي صبغت به شفاهها . بدت أجمل بكثير , حين خلعت عباءتها . ورأت قوامها الممشوق , وجسدها المتناسق جدا . يبدوا أنها حقا تحافظ على جسدها حتى الآن بالتمارين الرياضية ! الثوب الأصفر الطويل , زادها جمالا . شعرها الأسود الطويل حتى نصف فخذها , رفعته بتسريحة ذيل حصان . حتى شعرها جميلا وناعما , بل انه يلمع ! لا يهم إن كان بفعل جهاز تلميس الشعر أم كان طبيعيا . المهم أنها حقا , رائعة ومثالية جدا . كيف لبشرية مثلها أن تكون مثالية إلى هذه الدرجة ؟ رائعة إلى هذا الحد . مهلا .. لم تكن يُمنى مثالية , هناك ندبة تشوه وجهها الجميل . على الأقل , تشوهاتها هي غير مرئية , عكس يُمنى . التي لم تبذل أي جهد في إخفاء هذه الندبة ! جلست يُمنى بجانب ضحى , يعني بالقرب منها تقريبا . حيث تجلس ضحى على يمينها . يا إلهي حتى رائحة عطرها مميزة ! أم أنها بسبب غيرتها الشديدة لاحظت كل تلك الأشياء . انتبهت إليها يُمنى , لترتبك وهي تلتفت إليها وتبتسم / ما تشوفين شر نوف , سمعت عن اللي صار لك من البنات . حسناء / إيه وكنا بنجيك والله , بس تدرين عندي دوام بالعيادة وأنا انسانة مشهورة , يعني .. هذه حياة المشاهير والله يعين . ضحكن جميعا , لتعلق نجد قاصدة إغاظة نوف / بحياتي ما شفت مشهور غليظ ومغرور مثلك مالت عليك , أحس كل المشاهير ضروري يأخذون دروس من عاطف يا حليله , مشهور أكثر منك وما عمره شاف نفسه على أحد , بالعكس متواضع مرة . حسناء / خلاص خليه يجيني من بكرة يعطيني دروس في التواضع , لأني بزيادة حاسة نفسي مشهورة وتعبت والله من شعور المسؤولية . ضحكن مرة أخرى , قبل أن تسكب نجد القهوة للفتاتين . حسناء بالفعل كانت طبيبة مشهورة نوعا ما . بعد أن دفعت إدارة المستشفى لإحدى المشهورات لتعلن للعيادة . ومدحت الأخرى عمل حسناء التي نظفت أسنانها وفعلت المطلوب . فتوافد المرضى إليها , وزاد أكثر عن السابق . عندها هي أكثر من غيرها من الأطباء الأخرين . عاطف أيضا , مشهور جدا بصوته الجميل العذب . فهو ينشد مقاطع قصيرة , وينشرها بعد أن يخرجها بطريقة راقية وملفتة . حتى أصبحت لديه قاعدة جماهيرية كبيرة نوعا ما . ولكنه ابتعد عن كل شيء , بعد أن صارت تلك الحادثة التي غيرت حياته تماما . باغتت حسناء نوف / نوف ما بتسوين تجميل لرجلك ؟ ظلت تنظر إليها متفاجئة لبعض الوقت , قبل أن تهز رأسها نفيا وتقول بهدوء / لا .. تعبت أهلي كفاية بالمصاريف بعد الحادث , ما بتعبهم عشان هالحرق بعد . نظرت إليها بحزن , قبل أن تقول حسناء / ما أظن هالعملية بتكلف كثير يا نوف لو الحرق بسيط . نوف / من بداية فخذي لتحت ركبتي , مو بسيط .. مين قال لك ما تكلف كثير بالعكس , سألت من كم عيادة , غير إنه عمر عليه ديون من تكاليف الحادث ما سددها لسه . لينا بحزن / ياخي هالعمر ليش كل شيء عليه وين اخوانك الباقيين ليش ما يساعدونه ؟ هزت كتفيها بلا مبالاة , والحزن على أخيها المسكين يعود إليها . التفتت فجأة إلى يُمنى / إذا العملية ما تكلف كثير زي ما تقولين يا حسناء ليش يُمنى ما تسويها ؟ حرقها بسيط . رفعت يُمنى يدها إلى خدها تلقائيا , وابتسمت بارتباك / هذي ذكرى من أمي . ابتسمت نوف بسخرية / إيه ذكرى , تدرين يُمنى أنا استغربت كثير من اللي سوته أمك وانتي صغيرة , لكن المرة الثانية كنتي كبيرة وعاقلة , وما سوت لك شيء . نظرن إليها الجميع بذهول وغير تصديق . يُمنى أيضا أجفلت من كلامها , ولم تعرف بماذا ترد . حركت ضحى ركبتها ووكزت بها رجل نوف بقوة حتى تأوهت / إيش فيك أنا ما قلت إلا الصدق . ابتسمت يُمنى بألم والدموع تتجمع بمحاجرها / سوت يا نوف , ماتت من الصدمة وتركتني . اختنقت أنفاس نوف , وهي تتذكر للتو .. أن والدة يُمنى توفت بعد الحادثة مباشرة . ولكن لم يخطر على بالها أنها قد توفت نتيجة الصدمة . أو بالأصح , نسيت ذلك ! فــ لينا تخبرها بكل شيء , تفاصيل التفاصيل . فركت يديها بتوتر من الأجواء المربكة , بسبب نظرات البنات لها . ثم بكاء يُمنى الصامت , والتي مسحت دموعها سريعا / آسفة يُمنى مو قصدي . ضحى بحنق / إيه مو قصدك وانتي تقولين ما قلت إلا الصدق . يُمنى / مو مشكلة . لا تدرِ نوف , كيف أكملت سهرتها معهن بقية الوقت . كانت متوترة ومرتبكة بشدة . كيف أعمتها غيرتها حتى آلمت البنت هكذا ؟ ما ذنبها هي إن كان عايض يحبها دونها هي ! ألم تكن زوجته سابقا ؟ ألم تكن مقربة منه ؟ إذا ما ذنبها حتى تحاولين إيلامها بهذا الشكل يا نوف ؟ تبا لك . لديك بالفعل ما يشغل خاطرك . هل كان عليك إختلاق هذا الوضع ؟ ______ خرجت بشرى إلى الصالة تحمل بيدها المبخرة , واقتربت من مساعد وهي مبتسمة , ومدت له المبخرة / خذ بخر نفسك عشان تكتمل الأناقة . ضحك مساعد وهو يأخذ المبخرة ويتبخر . بشرى بابتسامة / مين كان يتخيل إني بصير حماة بهالعمر ههههههههه. أتت هديل من الخلف تحمل عباءتها / يعني كأنك توك بتصيرين ؟ من زمان وانتي حماة حمود , قولي ما تخيلتي تصيرين جدة . ضحك الجميع , لتجلس هديل بتعب وترتدي عباءتها ببطء . بشرى / صدق ما أدري كيف نسيت , خليتوني أصير عجوز من بدري الله يسامحكم . مساعد / صرتي حماة وجدة من قبل لا تتزوج هديل ولا نسيتي . تنهدت بشرى بضيق على تلك الذكرى / ما نسيت , إيه وينهم حسناء ويُمنى ما كلمتهم ؟ بنتأخر على الناس . مساعد / إلا قربوا , ويُمنى تقول إلى الآن متوترة من اللي صار بداية الأسبوع , ولا عارفة وين تودي وجهها . ضحكت بشرى / تستاهل ماحد قال لها تفلت لسانها وتقول كلام ما ينقال . هديل / خفوا عليها عاد ترى ما أرضى عليها . التفت إليها مساعد / إيه وين زوجك يا الفيل ؟ وصيته يشتري بعض الأغراض وإلى الآن ما بيّن . تأففت هديل / وأنا إيش دخلني كلمه وشوف . استغرب مساعد من مزاجها السيء , ثم اتجه إلى الباب بعد أن سمع رنين الجرس . فتح الباب وابتسم من حسناء / يا ويلي الحين انت رايح تخطب ولا هم جايين يخطبونك يا مساعد , قسم بالله مزيون مزيون .. راح توقف قلب البنت . ضحك مساعد وهو يعانقها . لتقع عيناه بعيني يُمنى التي تنظر إلى كل شيء إلا وجهه . ابتعد عن حسناء , ليبتسم ليُمنى / هلا عمتي تفضلي . رفعت عيناها بعتاب / لا تقول عمتي . كانت نبرتها توحي بأنها على وشك البكاء , كانت متوترة فعلا وقلبها مليء بالهم . إن دعاها مساعد بـ ( عمتي ) فهذا يعني أنه غاضب منها . ضحك / تمام يا عمتي ادخلي . دخلت يُمنى وخلعت نقابها , والعبرة تخنقها . سبقتها حسناء إلى الداخل , بينما هي ظلت في مكانها . وأمسكت بذراع مساعد / مساعد . التفت إليها متسائلا / أرجوك يا مساعد خلاص انسوا السالفة إنت وبشرى , ما صارت والله , لكم اسبوع زعلانين مني وأنا بموت والله من هالشيء . تنهد مساعد وهو يتكتف / معناته إنك موافقة أوصلك كل يوم ؟ هزت رأسها نفيا بقوة / لا تكفى , الحين بالذات أنا مصرة أكثر على الرفض , بعد ما شفت الطريق وقد إيش هو طويل . ضحك مساعد / يا حياتي يا بنت الديرة , تراه بالنسبة لنا ولا شيء وأبدا ما يأخذ وقت , إنتي مفجوعة لأنك مو متعودة . هزت كتفيها بلا مبالاة . ليتنهد مساعد / تمام انتي ادخلي الحين وارتاحي , وأنا بفكر أسامحك ولا لا , على حسب العروس , إذا حلوة وأعجبتني بسامحك . نظرت إليه بحنق , لتضربه على صدره بقوة / يالخسيس , على فكرة أنا مو رايحة معاكم , تعبت من الطريق , بشرى وحسناء وهديل يكفون وزيادة . اتسعت عيناه / يا سلام ومع مين بتقعدين هنا إن شاء الله . يُمنى / مع العاملة . وابتعدت دون أن تترك له فرصة للإعتراض . خرج الجميع خلال نصف ساعة , وعمّ الهدوء أرجاء المكان . خرجت يُمنى من المطبخ تحمل بيدها صينية , وضعت عليها أنواع المكسرات . وابريق شاي معدّ للتو . دعت العاملة لتجلس برفقتها وتشرب معها . تحدثت معها لبعض الوقت , قبل أن تغادر العاملة لتكمل عملها . استلقت في مكانها بوهن . حتى الآن صارت تتعب من السيارة . كيف إن تنقلت من مدينة إلى أخرى . لا , ومع هذا يغضب مساعد لأنها رفضت مساعدتها لإيصالها إلى بيت حسناء ! ذلك اليوم , وبعد أن تبعتهما إلى الداخل . وطلب لهما مساعد الطعام . أخذوا يأكلون بصمت . وحين انتهوا رفعت عيناها إليهما تقول بهدوء / لا تزعلون مني . نظرا إليهما بصمت دون أن يجيبا . أكملت وهي على وشك البكاء / لا تسوون فيني كذا , يعني أنا غلطت لما ما أبيكم تتعبون ؟ لم يجيبا أيضا , حتى وقفوا للمغادرة . حينها قالت بشرى / ما كملتي أسبوع عند حسناء , بس ماشاء الله تأثرتِ بسرعة , وصرتِ تقطين الكلام من دون ما تفكرين مو مثل قبل . يُمنى بغضب / قلت لك إنه مو تأثير حسناء , أنا قلت اللي في قلبي ولا تبون أجامل وأكذب عليكم ؟ بشرى / تمام أجل . ولكن لم يكن هناك شيء اسمه ( تمام ) ! بشرى ظلت غاضبة . إن رأتها في المدرسة لا تتحدث إليها . بل تغير طريقها وتبتعد عنها على الفور . حتى هذا اليوم , ظلوا غاضبين ! لم تتمكن من النوم جيدا بسبب تفكيرها بهما , أغلى اثنين على قلبها غاضبين منها , أنّى لها أن تنام مرتاحة ؟ هل هذا ما يحصل إن كان الإنسان صريحا ؟ وقال ما في قلبه ؟ حسنا هذا لا يهم , برؤيتها لوجهيهما للتو , اطمأنت قليلا . ملامح الغضب تلاشت منهما تقريبا . فلتكن العروس ( طيف ) صديقة نجد جميلة يارب , حتى يسامحها مساعد. ضحكت وهي تفكر بذلك , لو لم يسامحها فعلا لما تفوه بتلك السخافة . ومنذ أسبوع أيضا , كانت حسناء تخرج وقت استراحة الغداء لتعيدها إلى المنزل , ثم تعود هي إلى عملها , تتناول شطيرة في طريقها . فلا تحصل على وقت كافي لتناول وجبة غداء كاملة . حقا .. باتت مزعجة , ثقيلة , عبء على الجميع !
|
|
![]()
|