من كان في الوجع يحتمي بك , الآن يجترُ خيبته على ظهره و يعُود للجسد الذي هرب منه , ذاك هُو قلبي , تجرد مني ليلحق بك , ليكفُر بصمتي و يتحدثُ إليك رُغماً عني , ليقول لك أن المطر المُنسكب على رأسي فجر بيدي قصيدةٌ تبدأ بك
بعد المغيب بعام , كُنت قد تحررتُ من صوتك , من وجهك , من شحوب عيناك في كُل الفصول , كُنت قد بنيتُ لك في عقلي مُعتقلُ سلامٍ لكُل الذكريات , كنتُ قد بدأت في شُرب أنواعٍ جديدة من القهوة , تركتُ الداكِنة عند بابك , سكبتُ عاداتٌ أخذتها منك في نفاية السنين , بترتُ القصة الناقصة منا و اخترت شتاءٍ خالي منك .
اخترت أن لا يكون هذا شتاءٍ حزن , سيكون شتاء أُشعل به فتيل الذكرى لنلتقي هُناك في الأماكن الغائِبة عنا , في الأوقات التي أبت أن تجمعُنا , ثم اخترتُ عينيك لتسهر معي , و ابتسامة وجهك لأتحدثُ معها .
ما بالُ الحنين لا يمضي , كأنك تتشكل في كُل الوجه , ما إن أُلقي النظر إليهم حتى , أتبعثر وأشتُم الضُعف في قلبي لأعود في محاولة نسيانك مرة أخرى , كأنك تشتهي بعثرة الشعُور , تخلطُ الأجواء بصوتك و تهربُ إلى حزنك القديم , تختبئ عن أعينهُم ثم تُحلق في صدر الصباح كطائِرٍ جريح .
أتذكرك في المساء , أتذكر غزير حُسنك في الجفاء , كُنت تزداد وسامةٌ في كُل لحظةٍ تجعلُك تقترب من الكبرياء , رُبما لأن ظلك كان يشعُرني بأن العظمة تكمُن عند رجُلٍ مثلك .
كنت طفلتُك الضائِعة منك في مهب الريح , بحثتُ عنك بعد أن مللت البحث عني , كِلانا يسلكُ طريقهُ الضال لئلا نلتقي ننامُ على أرصفة اللقاء , نحلم أن ننسى ولا ننسى .
قُل لي أ كان في صوتُك تعويذةٌ تُصهر الغضب في قلبي ليتلاشى بمجيئك . , أم كانت عيناك تُشغلني بتأملٍ طويل يُنسيني الحديث معك , قُل لي أن هذا البُعد لا يليقُ بنا لنُجدد وثاق الحياة بحُبٍ جديد ..
تعلم : ما إن خالط البؤس أحلامي حتى أصبحتُ أُفتش عنك في كل بقعةٍ قد تصلُني إليك , و أعلمُ أني إن وصلتُك لن أتحدث معك بالشكل الذي يليقُ بي لكِني أفتقدك بحجم الأشياء الجميلة المنسكبة في حياتي و لا أشعُر بها , أفتقدُ معك رائِحة العطور , الزهور , المطر و الأرض
مُؤسفٌ أن الحُزن قادرٌ على أن يُطوق قلبه المتهرئ , مُؤسفٌ أن تقفُ الدهشة في عيني ولا أتحدث إليك و الشوق يكاد يأكُل يدي لأُعانقك
لكَ أن ترى مدى ضُعف الذكرى منذُ أن وطأها الغياب تكاد أن تُطفئ ضياء تفاصيلك منها ليكتمل الغياب بأبهى صورةٍ و أصابُ أنا بنوبة يأسٍ لا أستفيقُ منها .
_أُحبك تبقى مالحةٍ في فمي , تُزرع صمت و تصُم أذني عن الأغنيات القديمة .