الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصــــــايـــد ليـــــــل 】✿.. > …»●[دواويــن الشعــراء والشاعرات المقرؤهـ المسموعهــ]●«…
 

…»●[دواويــن الشعــراء والشاعرات المقرؤهـ المسموعهــ]●«… { .. كل ماهو جديد للشعراء والشاعرات من مقروء و مسموع وتمنع الردود .. }

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 07-26-2011
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
لوني المفضل Azure
 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 13 ساعات (03:26 PM)
آبدآعاتي » 3,247,766
الاعجابات المتلقاة » 7408
الاعجابات المُرسلة » 3680
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
جبران خليل جبران



صفحات من حياة
جبران خليل جبران

هناك لغز اسمه جبران. منذ أن ظهرت رائعته "النبي"، عام 1923، واسمه موضع تبجيل في أرجاء العام. في عام 1996، بيعت من هذا الكتاب الرائع، في الولايات المتحدة وحدها، تسعة ملايين نسخة. وما فتئ هذا العمل، الذي ترجم إلى أكثر من أربعين لغة، يأخذ بمجامع قلوب شريحة واسعة جداً من الناس. وفي الستينيات، كانت الحركات الطلابية والهيبية قد تبنت هذا المؤلف الذي يعلن بلا مواربة: "أولادكم ليسوا أولاداً لكم، إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها...". وفي خطبة شهرية له، كرر "جون فيتزجرالد كندي" سؤال جبران: "هل أنت سياسي يسال نفسه ماذا يمكن أن يفعله بلده له [...]. أم أنك ذاك السياسي الهمام والمتحمس [...] الذي يسأل نفسه ماذا يمكن أن يفعله من أجل بلده؟". وفضلاً عن الأوابد التي كرست للفنان في وطنه الأم (متحف جبران، وساحة جبران التي دشنت في وسط بيروت عام 2000)، هنالك مواقع، وتماثيل، ولوحات تذكارية تكرم ذكراه: في الولايات المتحدة نصبان تذكاريان لجبران، أحدهما في بوسطن، والآخر في واشنطن. ويضم عدد من أشهر المتاحف الأمريكية العديد من لوحات جبران. وكانت الجالية اللبنانية في البرازيل قد دشنت أيضاً مركزاً ثقافياً سمي "جبران".

مع ذلك، ما يزال جبران غائباً عن معظم المعاجم والمؤلفات الغربية التي تعنى بتاريخ الأدب. لماذا؟ قد يكون تفسير هذا الإبعاد ـ حسب أمين معلوف ـ في أن "النبي" مثلاً كتاب يتعذر تصنيفه، فلا هو رواية، ولا مقال، ولا قصيدة... لا يدخل في أي جنس محدد، مثلما هو متعذر تصنيف مؤلفه: كاتب عربي يكتب بالإنكليزية، ولد في لبنان وعاش في الولايات المتحدة، منتصباً على صهوة جواده بين الشرق والغرب، جبران تائه....

بشرِّي

بجوار واد كثيف الضباب، يتصاعد كأنه ينبعث من مبخرة، فيتسلق الصخور ويتغلغل بين أشجار البلوط والأرز، حتّى يحاصر البيوت التي تعممت بالقرميد البرتقالي، تقع بشري، التي ولد فيها جبران خليل جبران في 6 كانون الثاني عام 1883. كانت بشري تبدو في تلك الأيام قرية جاهمة في وسط مشهد مضطرب. وتبين بعض الصور القديمة الضيعةَ عالقةً بين السماء والأرض، وبيوتها ململمة بعضها على بعض لتكوين جبهة ضد الغازي المشترك، أكان الشتاء أم العثماني. وغير بعيد عن المكان، وادي قاديشا المقدس، الذي تنتشر في قاعه، وعلى منحدراته أو في داخل الصخور المحفورة، كنائس، ومصليات، وأديرة وصوامع.

كان والده، خليل سعد جبران، الذي ينحدر من أسرة سورية الأصل، يمضي أوقاته في الشرب ولعب الورق. "كان صاحب مزاج متغطرس، ولم يكن شخصاً محباً"، كما يتذكر جبران، الذي عانى من إغاظاته وعدم تفهمه. وكانت والدته "كامله رحمة"، من أسرة شهيرة في المنطقة. تزوجت بخليل بعد وفاة زوجها الأول وإبطال زواجها الثاني. كانت شديدة السمرة، ورقيقة، وصاحبة صوت جميل ورثته عن أبيها.

بفضل أمه، تعلم الصغير جبران العربية، وتدرب على الرسم والموسيقى. ولما لاحظت ميل الرسم لديه،زودته بألبوم صور لـ "ليوناردو دفنشي"، الذي بقي معجباً به بصمت. بعد وقت طويل، كتب يقول: "لم أر قط عملاً لليوناردو دفنشي إلاّ وانتاب أعماقي شعور بأن جزءاً من روحه تتسلل إلى روحي...".

تركت أمه بصمات عميقة في شخصيته، ولم يفته أن يشيد بها في "الأجنحة المتكسرة": "إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة "الأم"، وأجمل مناداة هي "يا أمي". كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه...".

سنواته الأولى أمضاها جبران لا مبالياً، رغم الشجارات بين والديه والسقوط من فوق ذلك المنحدر الذي ترك فيه التواء في الكتف. تتلمذ في العربية والسريانية على يد الأب "جرمانوس". وعلمه الأب "سمعان" القراءة والكتابة في مدرسة بشري الابتدائية. ويروي صديقه الكاتب "ميخائيل نعيمة" أن الصغير جبران كان يستخدم قطعة فحم ليخط بها رسومه الأولى على الجدران. ويحكى أنه طمر يوماً، وكان عمره أربع سنوات، ورقة في التراب وانتظر أن تنبت.

كبر جبران إذن في جو محافظ. وسرعان ما تميز بلياقاته الفنية الكبيرة وخياله الجامح الذي أثار سخرية رفاقه الذين عاملوه على أنه "حالم".... كان هذا الخيال الخصب ميزة عند جبران الكاتب وغرابة عند جبران الإنسان، على فرض أن بالإمكان الفصل بين الكاتب والإنسان. وكبعض الفنانين، كان جبران نرجسياً، وميالاً بشكل طبيعي كالكثير من الشرقيين إلى خيالية رواية الواقع: لم يتردد، حسب الظروف، وبلا سبب أحياناً، بصدد أحداث حياته، في تمويه الحقائق، زاعماً مثلاً أنه ولد في بومباي في الهند، وأن البلاّدات (قصائد معقدة فرنسية الأصل) الرومانسية التي كتبها في طفولته أضحت شعبية في سوريا ومصر، وأنه تعرض في باريس لمحاولة اغتيال دبرها الأتراك... ولكن، كيف نصمه بالكذب وكثير من الكتاب يخترعون لأنفسهم حيوات أخرى، كما فعل "همنغواي" و"مالرو" و"سويفت".. إنها ليست سوى نوع من الكذبة البيضاء كما يقولون في الشرق.

أحب جبران العواصف، التي كانت تجتاح المنطقة شتاء، وقد ألهمته رسم لوحة بعنوان "عاصفة" وعنوان كتاب "العواصف" والعديد من النصوص. وفي رسالة إلى "مي زيادة"، كتب يقول: "عندنا اليوم عاصفة ثلجية رهيبة. تعرفين كم أحب العواصف، لاسيما العواصف الثلجية!".

في العام 1891، انقلب كل شيء: أوقفت قوى الأمن والد جبران لسوء إدارته الضرائب التي كان يجيبها. أدين، وجرد من كل ثرواته. أربك ذلك والدة جبران تماماً. كيف ستطعم أولادها الأربعة ولا تملك أي شيء. فكرت بالهجرة. ولكن، أين ستجد نفقات السفر.. باعت ما تبقى لها من تركة والدها. والتمست تدخل أحد الأساقفة للحصول على إذن السفر من السلطات الأمريكية. ورحلت الأسرة بحراً عام 1895 إلى العالم الجديد، إلى بوسطن.

العالم الجديد

حطت الأسرة الرحال في "إليس إيسلاند"، نيويورك، في 17 حزيران 1895. كان عمر جبران اثنتي عشرة سنة. بعد ذلك بوقت قصير، تابعت إلى بوسطن، المدينة التي ترتبط بها قضايا التاريخ الأمريكي الكبيرة: الثورة، والاستقلال، وإلغاء العبودية، وتحرير النساء... . ونزلت في ضيافة أقارب كانوا قد جاءوا من بشري قبل سنوات قليلة، ثم انتقلت لتقيم في كوخ مظلم تفوح من جواره روائح مقززة ويزوره الذباب والكلاب الشاردة. لا يهم، كان عليها أن تعيش. وكان الوالد، الذي بقي في الوطن، يرسل بعض المال، الذي أخذ يقل مرة بعد أخرى.

راح الأخ البكر غير الشقيق بطرس يبحث عن عمل. ووجده في محل للمنسوجات. وكان على الأم كامله أن تحمل على ظهرها بالة صغيرة من الشراشف والأغطية والحريريات السورية وتنتقل بها من بيت إلى بيت لبيعها. ثم عملت في الخياطة، بمساعدة ابنتيها سلطانة وماريانا، اللتين انتهى الأمر بهما في العمل بائعتين في محل بطرس.

بدأ جبران يتردد إلى مدرسة بلدة كينسي، في الحي السوري من المدينة، التي كانت تضم تلاميذ عرباً وصينيين وأوربيين شرقيين. علموه قراءة الإنكليزية وكتابتها. لاحظت معلمته ميوله الأدبية، وراحت تشجعه على قراءة القصص، والرسم، وقدمته إلى فنان محلي وعده بمستقبل لامع. وعلمته أن يوقع باسم خليل جبران، بدلاً من جبران خليل جبران (بهذا الاسم الكامل كان يوقع على أعماله بالعربية فقط). وهكذا عرف في أمريكا.

أشفقت كامله على بطرس وهي تراه يكد لإعالة الأسرة، بينما كان يمضي جبران وقته في القراءة والرسم والاستغراق في الأحلام. وطلبت منه مساعدة أخيه. لكنه رفض صراحة، معلناً إن إصبع رسام صغيرة لتساوي ألف تاجر ـ ما عدا بطرس؛ وإن صفحة من الشعر لتساوي كل أنسجة مخازن العالم!. في الواقع، أخذ جبران يواظب على التردد إلى مؤسسة خيرية تعطي دروساً في الرسم اسمها "دنسيون هاوس"،حيث لفتت موهبته انتباه مساعدة اجتماعية نافذة جداً اسمها "جسي"، التي عرّفته من خلال صديق لها إلى المصور الشهير "فرد هولاند داي"، الذي كان يدير داراً للنشر في بوسطن. كان داي بحاجة لموديلات شرقية لصوره. وقد راقه جبران بوجهه المسفوع، وشعره الأسود، ونظراته التأملية. ألبسه راعيه إياه ثياباً جديدة، وأولمه، وعرّفه إلى عالم الرسام والشاعر "وليم بليك"، الذي اكتشف فيه جبران عالماً أسطورياً وتنبؤياً، وبهره تنوع الينابيع التي أثرت مفرداته الشعرية، وتأثر بخصوبة أعماله الرمزية الموسومة بالجدل الروحي بين الخير والشر والجنة والجحيم... . لم يكن بعد، لصغر سنه، بمستوى الارتقاء إلى فكر "بليك" كله، غير أنه تمثل بعض أفكاره كنقد المجتمع والدولة، وفضيلة الرغبة الخلاقة، ووحدة الكائن، وراح يخط رسوماً مشحونة بالرموز مستوحاة من رسوم الفنان والشاعر اللندني الشهير...

من خلال احتكاكه بالمصور "داي"، اكتشف الفتى اللبناني أيضاً الشعراء "سوينبورن"، و"وايتمان"، و"كيتس"، والفيلسوف "إيمرسون" والكتاب الرومانسيين. وقرأ الأديب البلجيك "موريس ماترلينك"، حامل جائزة نوبل في الآداب لعام 1911، وكان كاتبَه المفضل في سن 14 إلى 18 من حياته ولكن، بقي لفن البورتريه، مصدر متعة الراعي الفنان "داي"، تأثير كبير على جبران الذي أعجب كثيراً بهذا الفن، فمارسه، وانتقل منه إلى تزيين الكتب بالرسوم، كديوان الشاعر الكندي "دونكان كامبل سكوت" وكتاب حول عالم الفلك والشاعر الفارسي "عمر الخيام".

أثار تردد جبران المتزايد إلى أوساط "داي"، الذي لم تكن سمعته تدعو للارتياح، قلق الأسرة. وازدادت الأمور سوءاً بعد أن وقع في شراك زوجة تاجر في الثلاثين من عمرها، وغيابه المتكرر عن البيت ليلاً. وكان قد فتن قبلها بامرأة أخرى... وفكرت كامله بإعادة ابنها المراهق إلى لبنان. ولم يعترض جبران.

العودة إلى الجذور

رحل إلى بيروت في 30 آب 1898. كان بين أمتعته الأناجيل وكتاب لـ "توماس بلفنيتش" في الميثولوجيا اكتشف فيه الفنان الناشئ جبران دراما "بروميثيوس"، وأسطورة "أورفيوس"، والنبي الفارسي "زرادشت"، والفلسفة الفيثاغورسية، والأساطير الهندية...

هرع جبران فوراً إلى بشري، وحضن أبيه، وتوافد الأقارب والأصدقاء لرؤية "الأمريكي". كان بينهم أستاذه الشاعر والطبيب "سليم الضاهر"، الذي نصحه بمتابعة دروسه في "كوليج دو لا ساجيس"، التي بقي فيها زهاء ثلاث سنوات. ورغم تأخره في العربية الفصحى، "طلب" الفتى قبوله في صف أعلى وعدم سؤاله قبل ثلاثة أشهر. وقبل القيمون "شروط" جبران، الذي أعجبتهم جرأته وقوة شخصيته. كان من بين أساتذته الأب "يوسف حداد"، الشاعر والكاتب المسرحي الذي اكتشف برفقته كنوز اللغة العربية، وابن خلدون، والمتنبي، وابن سينا، والشعراء الصوفيين. وبدأ يجيد التعبير عن أفكاره بلغته الأم، وكتب أولى نصوصه بالعربية. وتعلم الفرنسية وأخذ يقرأ آدابها. ويتذكر جبران أن تلك المدرسة كانت صارمة؛ وأنه لم يكن يمتثل لمعلميه؛ وأنه كان أقل تعرضاً للعقاب من بقية التلاميذ، لأنه كان يدرس كثيراً. كان في الصف يسرح في فكره دائماً، ويرسم، ويغطي كتبه ودفاتره برسوم كاريكاتورية لأساتذته. كان جبران في نظر رفاق الصف غريباً، بشعره الطويل الذي يرفض قصه، ومواقفه غير المألوفة.

في بداية العام 1900، مع مطلع القرن الوليد، قرر جبران، مع صديقه "يوسف حويك"، إصدار مجلة عنوانها "المنارة، الحقيقة، النهضة". ونشر فيها جبران نصوصه، مرفقة برسوم. ويتذكر الصديق أنه لما كان يتعذر عليهما النوم، يجلسان على شرفة، ويأخذ جبران يحدثه عن القبة الزرقاء والدوائر السماوية والكون اللامتناهي، قائلاً إن الأرض ليست سوى ذرة غبار على فوهة بركان كبير، وإن الإنسان شبيه بسلم لا منتهي قدماه في الأرض ورأسه في السماوات...

كان والده يريده محامياً، لا رساماً ولا أديباً. ولما أضجرته ملاحظات الوالد، ذهب ليقيم في كهف بيت ريفي أو عند عمته ليلى. كان يمضي ساعات في القراءة نهاراً، وحدث له أن نام ليلاً في الهواء الطلق. واستغل فترة التعطل هذه للعودة للاتصال بالدكتور "سليم ضاهر"، الذي كان يلقي على مسامعه قصائد ويروي له حكايات كان يسجلها في دفتره.

في المدرسة، كان يتقدم. وفي عام 1901، اختيرت إحدى قصائده لنيل الجائزة التقديرية. وكان يتوق بحماس لنيل هذه الجائزة، لأن التلميذ الممتاز في هذه المدرسة هو الأكثر موهبة في الشعر، كما قال.

في هذه الأثناء، قرر "داي" أن يصفي دار نشره ليحقق حلمه: رحلة إلى الشرق. هل التقى بجبران خلالها؟ لا شيء يؤكد ذلك. ولكن، هناك رسالة مؤرخة في 5 نيسان 1901 يخبر فيها جبران بأنه ينوي القيام بجولة في سوريا وفلسطين وبلاد النيل، برفقة أسرة أمريكية. وفي رسالة إلى "مي زيادة" يقول جبران إنه كان يمضي ساعات جالساً على الرمال الذهبية وعيناه مشدودتان إلى الأهرامات وأبي الهول، وأن روحه كانت ترتعش أمام هذه الظواهر الفنية مثلما يرتعش العشب تحت الريح.

ولما رجع، راح يتهيأ للعودة إلى أمريكا، بعد أن أنهى تعليمه، واشتاقت إليه أسرته. وكانوا قد أخبروه إن أخته "سلطانة" مريضة. ركب البحر في نيسان 1902، وراوده شعور أنه لن يعود، وأن أغاني لبنان لن تداعب مسامعه بعد الآن أبداً إلاّ في الحلم... .

مآس

في طريق العودة، عرج على باريس، حيث علم بوفاة شقيقته "سلطانة"، الأكثر شبهاً به جسماً وطباعاً. كان عمرها أربع عشرة سنة. وقد أذهله النبأ. كانت مريضة بالسل. تابع طريقه إلى بوسطن، التي وصلها في 13 نيسان، حيث استقبلته الأسرة باكية حزينة. والتزماً بالتقاليد، وتعبيراً عن حزنه، قص شعره وارتدى لباس الحداد.

في تلك الأثناء، ذكر الفتى أمام أمه أنه بصدد الإعداد لكتاب بدأت أفكاره تراوده في لبنان، بعنوان "كي يكون العالم طيباً"، نواة كتابه بالإنكليزية "النبي". ونصحته أمه بأن يدعه يتخمر مع الوقت. وانتظر بعد ذلك عشرين سنة حتّى نضجت أفكاره.

بعد فترة من الوقت، كتب إلى صديقته "جوزفين" يعلمها بمجيئه. وكانت قد نشرت في غيابه كتابين ومسرحية. والتقيا مراراً، وحضرا حفلات معاً. وتبادلا الرسائل. كانت مفتونة بهذا الفتى "المختلف"، بأفكاره ورسومه، دون أن تقع في غرامه فعلاً. كانت "جوزفين" ـ التي وجدها جبران مغرورة بجمالها ـ مقتنعة بأنها تغذي موهبة الفنان، ومؤمنة بحتميتها لتوازن الشاب وإبداعه. إلا أن الأمور ساءت عام 1903. تغير موقف جبرن منها، ومزقت في لحظة غضب بعض رسائله، غير أنهما استمرا يلتقيان، إلى أن أدركا أخيراً أن علاقتهما مبنية على سوء تفاهم: هو يحبها، وهي تحب أن يحبها وعلى سبيل القطيعة، أهداها خاتماً عتيقاً من الفضة كان قد تلقاه من جده لأمه لمناسبة عماده. ورسم لها صورة وأرفقها بسطرين بالإنكليزية يبوحان بما كانته مشاعره نحوها: "أحببتك بثقة، والآن أحبك بتخوف. أحببتك كما لم أحب من قبل قط، غير أني خائف منك". في العام 1906، تزوجت "جوزفين" من أستاذ في جامعة هارفارد، ولم يحضر جبران زفافها، رغم دعوتها له.

في هذه الأثناء، أصيب "بطرس" بالسل، الذي عاث فتكاً في بوسطن، ورحل إلى كوبا، وسرعان ما عاد بعد أن أضناه المرض، وأصيبت الأم بالسرطان. وبقيت "ماريانا" تعمل وحدها. حزن جبران حزناً شديداً. واضطر للعمل في محل الأسرة للوفاء بمتطلباتها من الغذاء والدواء.

في 12 آذار 1903، أسلم "بطرس" الروح بعمر 26 سنة. في 28 حزيران التالي، توفيت كاملة. لما رأى جبران أمه قد فارقت الحياة، أغمي عليه، وأخذ ينزف من فمه وأنفه. ولما علم خليل الأب بموت ابنه وزوجته، غرق في الحزن، وترك بيته للدائنين، ورحل ليقيم في كهف متعفن. أما جبران، فقد اضطر لبيع موجودات المحل ليسدد الديون، متخلصاً بذلك من هذا العبء. هكذا أضحى حراً، واستطاع العودة إلى عمله الفني، ملتفتاً مرة أخرى إلى "فرد هولاند داي".
يتبع . . . .



 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
خليل, جبران


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لماذا يلجأ المهموم للبحر بدلاً من البر .. بينما .. يلجأ العاشق للسماء ؟ البرق النجدي …»●[الاختلاف في الرأي لايفسدللود قضيه]●«… 3 03-16-2009 11:58 PM
خليل مطران a7med …»●[دواويــن الشعــراء والشاعرات المقرؤهـ المسموعهــ]●«… 0 02-26-2009 08:18 PM
كلام ممنوع ……… الا انه جميل..! غربة الروح …»●[الاختلاف في الرأي لايفسدللود قضيه]●«… 12 02-09-2009 07:45 AM
جبران خليل جبران a7med …»●[دواويــن الشعــراء والشاعرات المقرؤهـ المسموعهــ]●«… 0 02-08-2009 01:08 PM
برنامج دليل الطب البديل لأول مره في المواقع العربيه‏ لهيب الشوق …»●[لكل داء دواء ولبــدنكـ عليكـ حق]●«… 5 01-26-2009 06:40 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية