![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… { .. كل مايختص بأمور ديننا ودنيانا و يتعلق بأمور الدين الحنيف لأهل السنة و الجماعة فقط .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
لا صغيرة مع الإصرار
أما بعد: فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النساء: 131]. أيها المسلمون، من طبيعة الإنسان التي لا ينفك عنها، أنه يخطئ ويزِلُّ ويجانب الصواب، ويقترف الذنوب والسيئات، ويقع في المعاصي والمخالفات، ويظلم نفسه بين حين وآخر؛ بترك ما أمر به، والوقوع فيما نُهي عنه، فأما الموفَّق ومن أراد الله به خيرًا، فإنه يسرع بالتوبة، ويعجل بالأوبة، وأما من وُكل إلى نفسه، وخُلِّيَ بينه وبينها وتُرك لضعفها، فإنه يبقى على ما تشتهيه وتهواه ويتبعها في ترديها، ويتمادى في غيِّه، ويستمر في ضلاله وهبوطه. وإن من رحمة الله إذ دعا عباده إلى المسارعة إلى مغفرته وجنته، أنْ بيَّن لهم أنَّ مِن صفات مَن يستحق ذلك من المتقين، أنهم يتذكرون ربهم ويستغفرون، ولا يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون، أجل أيها المسلمون، لم يُوصفِ المتقون المستحقون لمغفرة الذنوب ودخول الجنة بأنهم لا يُخطئون؛ لأن الخطأ من طبيعة الإنسان وجِبْلَتِه، ولا بد له منه لنقصه وضعفه، ولكنهم مُدحوا بأنهم وإن كانوا يخطئون ويذنبون، ويجانبون الطريق المستقيم وعنه ينحرفون، فإنهم سرعان ما يرجعون للصواب ويعودون للجادة، ويصححون الخطأ ويعدلون المسار، ويأوون إلى ربهم بعد الذنب بتوبة نصوح، تجُبُّ ما قبلها وتُزيل أثره وتمحوه، متذكرين أن خير الخطائين هم التوابون، وأن رحمة الله واسعة، وفضله عظيم، وعفوه عميم، وأنه إذا تاب على عبده محا عنه سيئاته، بل بدَّلها حسناتٍ كرمًا منه وجُودًا وإحسانًا؛ قال سبحانه في وصف عباده: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70]، فأيُّ عبدٍ بعد هذا يبقى على ذنبه، ويصر على خطئه؟ إنه والله لا يفعل ذلك إلا من انتكس قلبه، وغفل أو تغافل عن مصيره، وجهل أو تجاهل عاقبته ومآله، ونسِيَ أو تناسى أن الموت يطلبه، وأن القبر سيكون منزله ومسكنه، وأنه سيصير يومًا إلى ربه فيحاسبه، ألَا فما أجدرنا - أيها المسلمون - أن نحاسب أنفسنا ونتدارك أمرنا! إنه والله ما منا مِن أحدٍ قد أصرَّ على ذنب أو داوم على خطأ، إلا وهو في الغالب يعلم ما زلَّت به فيه القدم، ويصيبه بين حين وحين من ذلك ضيق وحسرة وندم، فإلى متى التغافل والتجاهل؟! إلى متى التمادي والتهاون؟! هذا الذي يصر منا على ترك صلاة الفجر مع الجماعة أيامًا وأسابيعَ وشهورًا، وذاك الذي يتأخر عن الجمعة ويتباطأ في الذهاب إليها، ولا يكاد يدرك خطبتها، والذي يهجر المساجد ولا يهتم بإدراك الجماعات، ومن تمضي عليه الأيام وهو عاقٌّ لوالديه، أو قاطع لأرحامه، أو مصارم لإخوانه، ومن يأكل المال الحرام بغشٍّ أو خداع أو تطفيف في الكيل، ومن يماطل الناس ويتأخر في إعطائهم حقوقَهم، من يظلم زوجاته ولا يعدل بينهن، ومن يقصر في حق بنيه وبناته، من يجلس على كراسي المسؤولية والأمانة فيتكبر بها على عباد الله، ولا يعطيهم ما لهم ولا يعدل في توزيع الحقوق بينهم، هؤلاء وغيرهم ممن يقع فيما يُنهى عنه ويترك ما هو مأمور به، لماذا لا يسارعون بالرجوع إلى ربهم؟ لماذا لا يبادرون بترك ذنوبهم والتخلص من عيوبهم؟ لماذا لا يتطهرون من أوزارهم، ويتداركون ما بقي من أعمارهم؟ لماذا لا يجانبون المعاصي وينبذون المخالفات؟ أعند أحد منا عهد أنه سيبقى في عافية إلى أن يقضِيَ وطره من معاصيه، وترجع نفسه عن هواها؟ أفي ثقة نحن أن الموت بعيد وأن الأجل طويل؟ أو ليس هذا الموت يأخذ الأقارب من بيننا؟ أو ليس يلتقط الجيران من حولنا؟ أو ليس ينتهب الخلَّان من عن أيماننا وشمائلنا؟ أو ليس ذلك هو قطار المودعين إلى الدار الآخرة لا يتوقف ولا يتعطل؟ ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8]، ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 26 - 36]. إن المصرَّ على الذنب أيها المسلمون لفي عقوبات متوالية، ونتائج وخيمة متتابعة، تصيبه وتحيط به؛ أعظمها أن يُطمَس على قلبه، وأن ينتكس فؤاده، فلا يعرف بعد ذلك معروفًا ولا ينكر منكرًا، ويصبح عبدًا لهواه، منقادًا لشهوة نفسه؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((تُعرَض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نُكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيضَ مثلِ الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادًّا كالكوز مُجخِّيًا، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرب من هواه))؛ [رواه مسلم]، ألا فاتقوا الله أيها المسلمون؛ ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136]. الخطبة الثانية أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ولا تعصوه، وإياكم والإصرار على المعاصي أو البقاء عليها والمجاهرة بها، والحذر الحذرَ من استصغار الذنوب، أو احتقارها، قولًا أو فعلًا، ولا ينظرنَّ أحدنا إلى صغر المعصية فيتساهل بها، ولينظر إلى عظمة من عصاه، وخالف أمره، ووقع فيما نهاه عنه؛ فإن الإصرار على الصغيرة يجعلها كالكبيرة، والمحقَّرات إذا اجتمعت على العبد أهلكته وأوبقته، ومتى استصغر الناسُ الذنوبَ، وتساهلوا بها إلى أن يعلنوها ويجاهروا بها، دون خجل ولا حياء، فقد أخرجوا أنفسهم من معافاة الله إلى عقوبته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي معافًى إلا المجاهرين))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وإن الإصرار على المعصية، والاستمرار على فعلها دون حياء من الله ولا من خلقه، لَهُوَ نوع من المجاهرة بها، وإلا فإن المؤمن الرقيق القلب المرهف الإحساس، ليستحيي من ربه، ويخجل ممن حوله أن يَرَوه مقيمًا على المعاصي غير متراجع عنها، ولا تائب منها، يقتدي به فيها الصغير، ويتقوى عليها بسببه ضعيف الإيمان، فيتحمل ذنوبهم مع ذنوبه، ويثقل ميزانه بأوزارهم مع أوزاره، ألَا فاتقوا الله رحمكم الله، واستحيوا من ربكم ومن ملائكته الحافظين؛ ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12] ![]() ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]()
قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء لروحك الجوري
|
|
![]() ![]() ![]() ![]()
|