الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… > الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
 

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-02-2022   #1
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي تأملات تربوية في سورة العصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
سورة العصر مكية، وقد جاءت في غاية الإيجاز والبيان، وفي نفس الوقت غاية الشمول والتكامل
والترابط، لتوضيح سبب سعادة الإنسان أو شقائه، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره.
في هذه السورة الصغيرة ذات الآيات الثلاث، يتضح منهج الله الذي وضعه للحياة البشرية
إنها تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار، وتصف الأمة المسلمة: حقيقتها ووظيفتها.
لذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله‏:‏ لو لم ينزل الله سوى هذه السورة لكفَّت الناس‏.‏
فقد بدأت السورة بقسم الله بالعصر لأهمية ما في هذه السورة، الله بجلاله يقسم
لنا، هل نقدر ذلك، وندرك خطورة موضوع السورة؟!
وجاءت الآية الثانية بالصفة السلبية ﴿ لَفِي خُسْرٍ ﴾، ولم تأت بالصفة الإيجابية؛ كالقول:
(إن الإنسان في فلاح إذا فعل كذا وكذا)، لتوحي بواقع الإنسان على مرِّ العصور
هذا الواقع هو كثرة الخاسرين من الناس وخروجهم عن منهج الله، وعن دعوة الرسل
وهذا ما تؤكده الآيات: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ
مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ
وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ
اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 26، 27].
كما يدل على ذلك أيضًا ما جاء في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ
وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَمْ أُخْرِجُ ؟ فَيَقُولُ: أَخْرِجْ
مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ
فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا؟ قَالَ: إِنَّ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ)؛ (البخاري).
كما أنها جاءت هذه الصورة السلبية؛ لتكون أكثر تأثيرًا في النفس
وإيقاظًا للمشاعر، وتحذيرًا من الوقوع في هذا الخسران.
وجاءت الآية الثالثة في صورة أفعال أربعة تمثل الشروط الضرورية لعدم خسران الإنسان:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ لتأكيد أن حساب
الله للإنسان سيكون على أعماله، كما هو واضح في قول الله عز وجل: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ
أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 6 - 8].
كما جاءت هذه الأفعال في صورة الماضي لتأكيد أن خاتمة حياة غير الخاسرين شاملة لهذه
الأفعال جميعها، غير منقوصة بأيٍّ منها، والعبرة بالخواتيم، ففي صحيح البخاري من حديث سهل
بن سعد رضِي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليعمَل عمل أهل النار وإنه
من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم).
إن الآية الثالثة التي تمثِّل الشروط الأربعة التي تجعل الإنسان من غير الخاسرين، هي:
1- آمنوا.
2- عملوا الصالحات.
3- تواصوا بالحق.
4- تواصوا بالصبر.
وكل شرط مِن هذه الشروط ضروري في ذاته مع باقي الشروط؛ حتى يكون الإنسان
من غير الخاسرين، وعدم توفُّر أيٍّ منها يعني أن الإنسان من الخاسرين؛ قال تعالى:
﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].
من المعلوم أن الدين كلُّ، لا يقبل أن يتجزَّأ من جهة القبول به والإذعان له، وأن من رفض حكمًا
من أحكام الله سبحانه وتعالى، وكفَر به، واعتقد أنه لا يصلح لهذا الزمان، وأن تطبيقه يجب أن
يُعرضَ على العقل، أو على التصويت، فإن وافَق ذلك أحكام الله سبحانه وتعالى، كان بها
ونِعمت، وإن لم يوافق أحكام الله سبحانه وتعالى، تركنا ما أنزل الله سبحانه وتعالى وراء ظهورنا
واتَّبعنا عقولنا ونتيجة التصويت، من زعم ذلك فهو كافرٌ مشرك بالله تعالى.
وتطبيق شرع الله واجب بإجماع المسلمين، وهو امتثال أمره في كتابه:
﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [المائدة: 49].
فمثلًا عدم تواصي الإنسان بالحق يجعله من الخاسرين؛ عن أبي سفيان عن جابر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوحى الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام أن أقلب مدينة
كذا وكذا بأهلها، قال: فقال يا رب إن فيهم عبدك فلانًا لم يَعصك طرفة عينٍ، قال: فقال:
اقلِبها عليهم فإن وجْهه لم يتمعَّر فيَّ ساعةً قطُّ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخُذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابٍ منه )
رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.
وقد روى الإمام أحمد من حديث حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله
أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لَتَدْعُنَّهُ فلا يُستجيب لكم).
فهذا منهجُ الله، فاز وأفلَح مَن أخذه وطبَّقه مَرضاةً لله، وخسِر مَن أعرَض عنه
وأخذَ بهوى نفسه، وما أكثرَ الخاسرين!

أ. د. فؤاد محمد موسى



الموضوع الأصلي : تأملات تربوية في سورة العصر || الكاتب : ضامية الشوق || المصدر : منتديات قصايد ليل

 

التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب


التعديل الأخير تم بواسطة ضامية الشوق ; 02-02-2022 الساعة 12:39 PM.
  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2022   #2
 
الصورة الرمزية أبو إبتهال
 

افتراضي

بيض الله وجهك على اختيارك
للطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد



التوقيع:




  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2022   #3
https://www.arabsharing.com/do.php?img=332637
 
الصورة الرمزية دلع
 

افتراضي

كـــ العادة إبـداع رائـع
وطرح يـسـتـحـق المتـابـعـة
بـــــ انتظار الجديد القادم


:
مع التحية والتقدير ..


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2022   #4
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجنون قصايد مشاهدة المشاركة
بيض الله وجهك على اختيارك
للطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

يسلمو على المرور


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2022   #5
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دلع مشاهدة المشاركة
كـــ العادة إبـداع رائـع
وطرح يـسـتـحـق المتـابـعـة
بـــــ انتظار الجديد القادم


:
مع التحية والتقدير ..
يسلمو على المرور


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2022   #6
 
الصورة الرمزية ملكة الجوري
 

افتراضي

جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان


التوقيع:



  رد مع اقتباس
قديم 02-03-2022   #7
 
الصورة الرمزية نجم أبو أحمد
 

افتراضي

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 02-03-2022   #8
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملكة الجوري مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان
يسلمو على المرور


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 02-03-2022   #9
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجم الجدي مشاهدة المشاركة
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي
يسلمو على المرور


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 02-03-2022   #10
 
الصورة الرمزية طهر الغيم
 

افتراضي

قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري


التوقيع:
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة آل عمران ( 19 \ 60 ) ضامية الشوق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 24 07-15-2021 02:43 AM
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة آل عمران ( 18 \ 60 ) ضامية الشوق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 23 07-15-2021 12:04 AM
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة البقرة ( 2 \ 95 ) ضامية الشوق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 14 06-08-2021 10:20 AM
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة البقرة ( 1 \ 95 ) ضامية الشوق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 10 06-02-2021 01:01 AM
د.محمد راتب النابلسي - تفسير سورة البقرة ( 39 \ 95 ) ضامية الشوق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 17 03-03-2021 12:04 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية