![]() |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
معنى "التكاثر" وبلاغته (في ضوء كلام العرب)
د. أورنك زيب الأعظمي[1] في القرآن الكريم سمّيت سورة بهذه الكلمة ألا وهي سورة التكاثر فقد جاء فيها:﴿ أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ * كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ * كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيۡنَ ٱلۡيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسَۡٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [سورة التكاثر: 1، 8].يظهر من قراءة هذه السورة أنّ الأشياء التي كانوا يتكاثرون هي النعم التي سيسألون عنها في الآخرة. وعلى هذا فقد عرّف القرآن الكريم حال هؤلاء الناس في سورة الحديد وقال:﴿ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ ﴾ [سورة الحديد: 20].وفي هذه الآية فصّل مفهوم النعم ألا وهي الأموال والأولاد. وبهذه لم يزل ولا يزال ناس يتفاخرون ويلعبون.ولنر العرب الذين كانوا أول مخاطبيه ماذا فهموا من هذه الكلمة وما هي محتوياتها لديهم. فالتكاثر التفاعل من الكثرة، والفرق بين التفاعل والمفاعلة: أنّ الأول يشترك فيه الاثنان بنفس الحركة والحماس بينما الثاني لا يقوم بالفعل إلا الواحد. وكذا أنّ التفاعل من خصائصه المبالغة في العمل. قال شاعر حماسي: كاثرْ بسعدٍ إنّ سعدًا كثيرة ♦♦♦ ولا تبغِ من سعدٍ وفاءً ولا نصرا[2] وقال الحطيئة:وكلّفتَني مجدَ امرئ لن تناله وما قدّمتْ آباؤه ومآثره توانيت حتى كنت من غِبِّ أمره على مَعجَزٍ إنْ قمت يومًا تفاخره فدعْ آلَ شمّاس بن لأي فإنهم مواليك أو كاثرْ بهم من تكاثره[3] وقال منصور بن مِسجاح الضبّيّ: فإنْ نلقَ من سعدٍ هَنَاتٍ فإننا ♦♦♦ نُكاثرُ أقوامًا بهم ونفاخر[4] فكما ظهر من هذه الشواهد أنّ المفاعلة لا يقوم فيها بالعمل إلا أحد الفاعلين فكذلك ظهر منها أنّ إكثار الشيء أو إقلاله يتبعه الفخر.وأما التكاثر فهو جمع كثرة كاثرة من الشيء فقال لبيد بن أبي ربيعة العامري: تَكاثَرَ قُرزُلٌ والجَونُ فيها ♦♦♦ وتَحْجُلُ والنعامةُ والخبالُ[5] وقال القطامي: وكأسٍ تمشّى في العظام سبيئةٍ ♦♦♦ من الراح تعلو الماءَ حتى تكاثره[6] وقال الفرزدق:تكاثر يربوعٌ عليك ومالكٌ على آلِ يربوعٍ فما لك مَسرَح إذا اقتسم الناسُ الفعالَ وجدتنا لنا مِقدحا مجدٍ وللناس مِقدَح[7] وقال الفرزدق أيضًا: وبالله لولا أن تقولوا: تكاثرتْ علينا تميمٌ ظالمين، وأسرفوا لما تُرِكتْ كفٌّ تشير بأصبع ولا تُرِكتْ عينٌ على الأرض تطرِف لنا العزة الغلباءُ والعدد الذي عليه إذا عُدّ الحصى يُتَحَلَّف[8] وقال الكميت الأسدي: وقفتُ على أطلالها وتكاثرتْ ♦♦♦ عليّ همومي فهي تشبه عُذّالي[9] وقال عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي: وإني لمفجوعٌ به إذ تكاثرتْ ♦♦♦ عُداتي ولم أهتِفْ سواه بناصر[10] فالتكاثر ما يفوق العدّ ولا يقصره الحصى.وأما الأشياء التي افتخر العرب بها فهي كثرة عدد الأفراد التي كانت تساعدهم في القتال. قال المرقّش الأكبر: ولنحن أكثرُها إذا عُدَّ الحصى ♦♦♦ ولنا فواضلُها ومجدُ لوائها[11] وقال أوس بن حجر: وخِندِفُ أقربْ بأنسابهم ♦♦♦ ولكننا أهلُ بيتٍ كُثُر[12] وقال الفرزدق:ومن يلقَنا من شانئ يلقَه لنا على الناس معروفٌ كثيرٌ ومنكر وقد علِم الناس، الذين أبوهم لحوّاء، أنّا من حصى التُرْبِ أكثر[13] ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]()
وقال الفرزدق أيضًا:
لنا عددٌ يُربي على عدد الحصى ♦♦♦ ويُضعِف أضعافًا كثيرًا عزيرُها[14] وقال الفرزدق يشير إلى كثرة عدد بني سعد: تزيد بنو سعدٍ على عدد الحصى ♦♦♦ وأثقلُ من وزن الجبال حلومُها[15] وقال عبد الله بن رواحة مفتخرًا: إذا نُدعى لسيبٍ أو لجارٍ ♦♦♦ فنحن الأكثرون بها عديدا[16] وقال الحطيئة: وتفرّعَ الحسبَ الجسيمَ ♦♦♦ إذا يُفاخر أو يكاثر[17] وقال الفرزدق مبالغًا في هذا الأمر: لنا الجنُّ قد دانتْ وكلُ قبيلة ♦♦♦ يدين مُصَلُّوها لنا، وكَفُورُها[18] وإلى هذا أشارت الآيات التالية:ï´؟ وَمَاظ“ أَرغ،سَلغ،نَا فِي قَرغ،يَةظ– مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتغ،رَفُوهَاظ“ إِنَّا بِمَاظ“ أُرغ،سِلغ،تُم بِهِغ¦ كَظ°فِرُونَ * وَقَالُواْ نَحغ،نُ أَكغ،ثَرُ أَمغ،وَظ°لظ—ا وَأَوغ،لَظ°دظ—ا وَمَا نَحغ،نُ بِمُعَذَّبِينَ * قُلغ، إِنَّ رَبِّي يَبغ،سُطُ ظ±لرِّزغ،قَ لِمَن يَشَاظ“ءُ وَيَقغ،دِرُ وَلَظ°كِنَّ أَكغ،ثَرَ ظ±لنَّاسِ لَا يَعغ،لَمُونَ * وَمَاظ“ أَمغ،وَظ°لُكُمغ، وَلَاظ“ أَوغ،لَظ°دُكُم بِظ±لَّتِي تُقَرِّبُكُمغ، عِندَنَا زُلغ،فَىظ°ظ“ إِلَّا مَنغ، ءَامَنَ وَعَمِلَ صَظ°لِحظ—ا فَأُوْلَظ°ظ“ئِكَ لَهُمغ، جَزَاظ“ءُ ظ±لضِّعغ،فِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمغ، فِي ظ±لغ،غُرُفَظ°تِ ءَامِنُونَ ï´¾ [سورة سبأ: 34، 37].ويبدو من قراءة الأبيات القادمة أنّ العرب أيضًا اشتغلوا في جمع الأموال كما كان فيهم من كان يفضّل الجود على الجمع فقال النابغة الذبياني مشيرًا إلى ما يمكن تثميره من المال والولد: مهلَا، فداءٌ لك الأقوامُ كلّهم ♦♦♦ وما أثمّر من مالٍ ومن ولد[19] وقال الحارث بن حلزة اليشكري: ولقد رأيتُ معاشرًا ♦♦♦ قد جمّعوا مالًا وولدا[20] وقال الأعشى الكبير: وما زلتُ أبغي المالَ مذ أنا يافعٌ ♦♦♦ وليدًا وكهلًا، حين شِبتُ وأمردا[21] وقالت الخنساء، والمال هو الإبل وما شابهها من الأموال،:لو كان يُفدَى لكان الأهلُ كلّهم وما أثمِّرُ من مالٍ وأوراق لكن سهامُ المنايا من تصبه به لا يشفِه رفقُ ذي طبّ ولا راقِ[22] وقال لبيد بن أبي ربيعة العامري:فلو أني ثمَّرتُ مالي ونسلَه وأمسكتُ إمساكًا كبخلِ منيع رضيتِ بأدنى عيشنا وحمِدتِنا إذا صدرتْ عن قارص ونقيع[23] وقال عمرو بن معديكرب الزبيدي: أمرتُك الخيرَ فافعل ما أمِرْتَ به ♦♦♦ فقد تركتُك ذا مالٍ وذا نشب[24] وقال حسان بن ثابت الأنصاري يخاطب ولده عبد الرحمن:أبلغْ عبيدًا بأني قد تركت له من خير ما تترك الآباء للولد الدار واسعة والنخل شارعة والبيض يرفلن في القسّي كالبرد[25] وقال سالم بن قُحفان العنبري: فلم أرَ مثلَ الإبْل مالًا لمُقتنٍ ♦♦♦ ولا مثلَ أيامِ الحقوق لها سبلا[26] وقد جمع روبة بن العجاج كل ما يتمناه المرء فقال: هرجُ الأماني وطولُ التعواذ وليلةَ يحفِزها يومٌ حساد إلى مَغواة[27] الفتى بالمرصاد[28] وانتقد القرآن هذا الجانب السيء من الناس فقال في سورة النجم:ï´؟ أَفَرَءَيغ،تَ ظ±لَّذِي تَوَلَّىظ° * وَأَعغ،طَىظ° قَلِيلظ—ا وَأَكغ،دَىظ°ظ“ * أَعِندَهُغ¥ عِلغ،مُ ظ±لغ،غَيغ،بِ فَهُوَ يَرَىظ°ظ“ * أَمغ، لَمغ، يُنَبَّأغ، بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىظ° * وَإِبغ،رَظ°هِيمَ ظ±لَّذِي وَفَّىظ°ظ“ * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةظ وِزغ،رَ أُخغ،رَىظ° * وَأَن لَّيغ،سَ لِلغ،إِنسَظ°نِ إِلَّا مَا سَعَىظ° * وَأَنَّ سَعغ،يَهُغ¥ سَوغ،فَ يُرَىظ° * ثُمَّ يُجغ،زَىظ°هُ ظ±لغ،جَزَاظ“ءَ ظ±لغ،أَوغ،فَىظ° * وَأَنَّ إِلَىظ° رَبِّكَ ظ±لغ،مُنتَهَىظ° * وَأَنَّهُغ¥ هُوَ أَضغ،حَكَ وَأَبغ،كَىظ° * وَأَنَّهُغ¥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحغ،يَا * وَأَنَّهُغ¥ خَلَقَ ظ±لزَّوغ،جَيغ،نِ ظ±لذَّكَرَ وَظ±لغ،أُنثَىظ° * مِن نُّطغ،فَةٍ إِذَا تُمغ،نَىظ° * وَأَنَّ عَلَيغ،هِ ظ±لنَّشغ،أَةَ ظ±لغ،أُخغ،رَىظ° * وَأَنَّهُغ¥ هُوَ أَغغ،نَىظ° وَأَقغ،نَىظ° * وَأَنَّهُغ¥ هُوَ رَبُّ ظ±لشِّعغ،رَىظ° ï´¾. [النجم: 33، 49].وكذا أولى أهمية كبرى للإنفاق كما فعل بعض العرب.ونظرًا لأهمية جمع الأموال كرّمت العرب الغني المثري فقال حاتم الطائي: إذا كنتَ ذا مالٍ كثير موجَّهًا تُدّقُّ لك الأفحاء[29] في كل منزل فإنّ نزيعَ الجفر يُذهِب عيمتي وأبلغ بالمخشوب غير المُفّلْفَل [30]
|
|
![]()
|