![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
الفصل الثالث
____ لم تغب الشمس بعد .. الجميع مستمتع بالهواء فوق الجبل . إلا يُمنى التي زادت ارتعاشتها , حتى آلمت ذراع بشرى من شدة ضغطها وغرس أظافرها الطويلة عليه . دفنت وجهها بصدر بشرى , تقول بصوت مرتجف / أبي أرجع البيت , تكفين أبي أرجع . ربتت بشرى على ظهرها / طيب حبيبتي الحين بنرجع , بس انتي اهدأي . آلمها قلبها على الصغيرة يُمنى .. وتذكرت ما سمعته قبل 10 سنوات . حين كانت في كنف أبيها وأمها ذلك الوقت , وكانت تبلغ السادسة والعشرون من عمرها . وما إن سمعت بالأمر حتى هرولت إلى منزل خالتها والدة يُمنى , بما إنها كانت أيام العطلة الصيفية , فلك تكن منشغلة بالتدريس مثلا . لتجد الأمور في فوضى تامة . انصدمت .. بل صُعِقت وهي ترى ما يحصل أمامها . كانت خالتها تخرج من المطبخ , بوجه مبلل بالدموع .. وتحمل بيدها سكين , متحولة إلى الأسود . أسرعت نحوها ووقفت أمامها بدهشة / خالتي وش قاعدة تسوين ؟ أبعدتها خالتها ودفعتها جانبا , لتصعد إلى حجرة يُمنى بخطوات سريعة . وتركض هي خلفها وقلبها يخفق خلف ضلوعها بعنف . حين اقتربت من حجرة يُمنى , كانت صوت شهقاتها العالية تصل إليها . تبكي بصوتها العالي , بكاء يقطع أنياط القلب . وحين دخلت خالتها , صرخت يُمنى بقوة .. حتى ظنت أن البيت سيُهدم عليهم من قوة صرختها . كان زوج خالتها في الداخل , يقف بجانب يُمنى , يحاول تهدئتها . ولكن من أين لها ذلك ؟ وقد رأت هذه السكين على يد أمها ؟ ليصبح وجهها شاحبا كالأموات , وتسكن شهقاتها وتتسع عيناها تماما , وهي تضم ركبتيها إلى صدرها , وتحشر نفسها في الركن أكثر وأكثر . شهقت بشرى حين رأت خالتها تقترب من ابنتها أكثر , لتقف أمامها / خالتي اصحي وش ناوية تسوين ؟ صرخت بها بغضب / بعدي عني بشرى ولا بحرق وجهك انتي . فغرت فمها بذهول , وهي لا تصدق ما تسمع . هل تنوي حرق وجه ابنتها ؟ تفاجأت بنفسها على الأرض , حين دفعتها خالتها مرة أخرى حتى سقطت . تعالت صرخات يُمنى مرة أخرى , بل وصرخات بشرى أيضا , وهي تحاول إيقاف خالتها بقوة . إلا أنها كانت كالمغيبة عن الوعي تماما . ولا تستوعب ما حولها , وهي تصرخ بقهر / قلت لك ما تطلعين من البيت لوحدك , ولا تبعدين عنه , بس ما سمعتي كلامك لين صار اللي صار , لو ما لحقك ولد عمك إيش كان بيصير . يُمنى بنبرة تستنجد بها أمها وترجوها أن لا تفعل ما تنوي فعله / آخر مرة والله آخر مرة , خلاص ما عاد بخرج من البيت , ولا بروح أي مكان , حتى بين عمي راشد ما بروح له , تكفين لا تسوينها الله يخليك يمه لا تسوينها أبوس رجولك . كل رجاءاتها صار في مهب الريح , ووالدتها تحاول إبعاد كفيها عن وجه يمنى الذي غطته . وبشرى تصرخ من خلفها , وانصدمت وهي ترى زوج خالتها ساكن الجسد ولا يفعل شيئا . لتقترب هي منه دون شعور , وتمسك بذراعه وهي تترجاه وتبكي / خالي سو شيء , وقفها تكفى لا تموت البنت . أبعد ذراعها بلطف , وهو يهز رأسها بأسى .. ليزداد نحيبها , وتركض نحو سعود الذي دخل للتو / سعود تكفى سو شيء وقفها , بتحرق وجه يمنى .. تكفى . أسرع سعود نحو والدته / يمه تكفين لا ……….. اختفت باقي الأحرف داخل فمه , مع علو صوت صراخ يُمنى العالي جدا , والذي آلم آذانهم من قوتها . توقفت دموع بشرى عن النزول من الصدمة . وسعود توقف في المنتصف من شدة دهشته وذهوله , حتى مساعد , سقط جالسا على ركبتيه . وهو يرى يُمنى تتلوى من الألم . وجدته تبتعد , لتضع السكين على المنضدة , وتأخذ السكين من عليها . أما جده فولاهم جانبه , وهو يمسح دموعه . استوعبت بشرى من صدمتها , وهي ترى خالتها تقترب من يمنى مرة أخرى بالسكين , وتمسك بشعرها الطويل . ركضت حوها مرة أخرى وأمسكت بكفيها برجاء / خلاص يا خالتي تكفين , كذا كافي والله كافي , الرجال ما قدر يعتدي عليها ولا قدر يغتصبها , ليش مكبرة الموضوع لها الدرجة , بتعقدين الصغيرة يكفي . أبعدتها خالتها وهي تبكي بحرقة / مو أول مرة يا بشرى مو أول مرة , لو ما لحق عليها سلمان كان بيسويها , بنتي كانت بتضيع مني , أكثر من واحد كان بيغتصبها يا بشرى وكل مرة تسلم بفضل ربي , ما أبي هالشيء يتكرر . بشرى برجاء / ما راح يتكرر خالتي أوعدك ما راح يتكرر , أساسا هي قربت تتغطى لا تعقديها تكفين , لو صار شيء مرة ثانية أنا بتحمل المسؤولية , بس خلاص يكفي . تركت خالتها المقص , ليسقط على الأرض . ثم غادرت وهي تبكي من القهر على ابنتها . فعلا , يُمنى كانت طفلة فاتنة منذ الصغر . كيف وقد بلغت الثانية عشر من عمرها , وبدأت علامات النضوج تظهر على جسدها . حيث لم تسلم من التحرشات اللفظية أو الجسدية على حد سواء . قبل فترة قصيرة , تحرش بها سائق يُمنى الذي كان يوصلها إلى مدرستها , بما أن جميع اخوتها في أماكن بعيدة , غير سعود المنشغل بالتأكيد بأبنائه , خاصة بعد وفاة زوجته قبل سنة . واضطر والد يُمنى أن يجلب لها سائق خاص , لينصدما ذات يوم بيمنى تدخل وهي تبكي , قائلة أن السائق تحرش بها . حينها بلغ والدها عنه إلى الشرطة , وعاد سعود يقلها ويذهب بها إلى مدرستها . خرج الجميع من الحجرة كما طلبت بشرى , لتخلع حجابها الذي كتمها أخيرا . وجلست أمام يُمنى , وجذبتها إليها . لتبكي الصغيرة بقدر ما تريد . ثم أبعدتها بلطف , لتشهق شهقة مريعة . وهي ترى وجه يُمنى مشوه تماما . ندبة على شكل السكين , من تحت عينها حتى فكها . تحول الجلد من الأبيض الصافي , إلى البني المحمر . نزلت دموعها حزنا على الصغيرة . خاصة حين قالت يُمنى بصوت مبحوح / يحرق مرة يا بشرى والله مرة يحرق . لتمسح بشرى على شعرها , ثم تقف / لحظة بخليهم يجيبون ثلج . وقفت بالقرب من الباب , وفتحته قليلا وهي تصرخ بمساعد . الذي كان يذرع الصالة أمام حجرة يُمنى جيئة وذهابا , قلقا عليها . وما إن فتحت بشرى الباب حتى هرع إليها / نعم . بشرى / انزل وجيب لي ثلج , وروح مع ابوك جيبوا مرهم حرق من الصيدلية , بسرعة قبل لا ينكمش جلدها أكثر ويتشوه وجهها . مساعد / أبوي راح يجيب المرهم , الحين بجيب لك الثلج . وخلال نصف ساعة , كانت يُمنى تنام بعد نوبة بكاء عنيف . وبعد أن ساعدتها بشرى وجعلتها تستحم بماء دافيء . ثم جففت شعرها , وظفرته لها . ووصل سعود في الوقت المناسب , لتضع لها المرهم بعد أن استلقت وغطتها جيدا . ثم نامت معها , وبقيت معاها أياما طويلة . كانت يُمنى تخاف من أمها , وغضبها الناري . لذا تعلقت ببشرى تماما , ولم تسمح لها بالمغادرة . _______ الآن .. رفعت بشرى صوتها عاليا , منادية بإسم مساعد . الذي أتى إليها مستغربا . واصابته الدهشة وهو يرى يُمنى في حضنها / خير عسى ما شر . أشارت بشرى بعينيها تجاه المنزل , ثم إلى يُمنى / خلينا ننزل . نظر مساعد ناحية المنزل , لتتسع حدقتيه بصدمة . كيف سمح لها بالمجيء وهو يعرف تأثير ذكريات الماضي عليها . ازدرد ريقه وهو ينحني , ويمسك بذراع يُمنى بلطف / يلا حبيبتي ننزل ؟ وقفت بمساعدته هو وبشرى . نزل قليلا , وهو يسند جسد يُمنى الصغير عليه . ثم التفت حين ناداه عاطف / مساعد على وين , لسه بدري تونا جايين . مساعد / أنا بسبقكم , وانتوا بعد لا تطولون , انزلوا قبل تظلم الدنيا . قالها وأكملوا طريقهم إلى الأسفل بحذر . بشرى تساندها من اليمين , ومساعد من اليسار . بينما الجميع بالأعلى مشغولون , إما بالتصوير أو بالحديث مع الآخرين . إلا عائض .. الذي يراقبهم بقلق , منذ أن نادت بشرى باسم مساعد , شعر بشيء من القلق على يُمنى . خاف أن يكون بها شيئا . وتأكد من شعوره حين رآى مساعد يساعدها على الوقوف , ثم ينزلون ويُمنى مستندة على الاثنين . ظل يراقبهم , حتى اختفوا عن ناظريه . ليقف ويكتب رسالة سريعة لنجد / نجد أول ما نرجع روحي شوفي يُمنى وش فيها , وليش نزلت قبل الكل . ![]() ![]() |
![]() |
#2 |
![]() |
![]()
في المدينة ..
كانت تجلس على جهازها في أمان الله , حين تفاجأت بصوته يصل إليها في حجرة ابنة خالتها . لتقف بذعر , وتقفل الجهاز . اقتربت من الباب , وقربت أذنه حتى تسمع ما يقوله . إلا أنها تفاجأت به يفتح الباب بقوة , فعادت إلى الخلف تلقائيا .. بعينين متسعتين . نظر إليها بغضب , وعينان تتقدان شرا / لا والله برافوا , صايرة تطلعين من البيت وتأخذين راحتك وتروحين من بيت لبيت من دون ما احد يدري . ازدردت نوف ريقها وهي تقول بهدوء عكس الخوف بداخلها / ليش ما احد يدري أنا علمت أمي . اقترب منها / وتشوفين اللي تسوينه عادي ؟ تروحين لبيوت فيها رجال شباب ؟ يلا الحين قدامي , البسي عبايتك وجيبي أغراضك . هزت نوف رأسها / تكفى عمر , أنا تعبت في البيت والله خلني أقعد بس كم يوم . أغمض عمر عيناه بقلة صبر / نوف ما أبي أتكلم أكثر مرة , الحين تلبسين عبايتك وتنزلين لي , مفهوم ؟ ما أبي أنتظر كثير . نظرت نوف إلى خالتها تستنجد بها , إلا أن الأخرى خيبت ظنها وجرحتها كثيرا , حين قالت وهي تدعي الإحراج / آسفة نوف حبيبتي والله بيتنا مفتوح لك دايما وودي لو تقعدين على طول مو بس كم يوم , بس تعرفين عندي أولاد ما يقدرون راحتهم وفي غريبة في بيتهم , سامحيني حبيبتي . شعرت بقلبها ينشق إلى شطرين , وهي تسمع هذا الكلام اللطيف من الخارج , والمدسوس بالسم من الداخل . لتقع عينيها على عيني عمر المحمرتين من حديث خالته أيضا . لتهز رأسها وتبتسم غصبا عنها / مو مشكلة , وآسفة يا خالتي إذا أزعجتك خلال الأربع وعشرين اللي حبست نفسي فيها بهالغرفة . هذه المرة انحرجت سعاد بشدة , لتبتسم بقهر وتغادر . التفتت نوف عن عمر سريعا , وهي تمسح دمعتها اليتيمة وتقول / بنزل الحين , اسبقني . جلس عمر على أحد الكراسي / ما راح أسبقك , أعرف سعاد ما راح تسمح لك تخرجين قبل لا ترمي عليك كلمة ثانية , عجلي . نظرت إليه تدّعي الصدمة وهي تلف وشاحها حول رأسها / غريبة خايف عليّ من لسانها , بس انتم يا أهلي ماحد فيكم راعى خاطري . نظر إليها بحدة , واكتفى بالسكوت . كيف يشرح لها ويفهمها أن الأمر ليس ما بيده ؟ وأن تلك النظرات المعاتبة التي ينظر بها إليها تصدر عن غير إرادة ؟ لم تتأخر نوف , بل لم تستغرق حتى خمس دقائق . حين وقفت أمامه تحمل حقيبة جهازها , وحقيبة كتفها الصغيرة جدا . أخذ عمر حقيبة الملابس وخرج . حين استقرت على المقعد الخلفي للسيارة , نظر إليها عمر باستغراب / تعالي قدام ماني سواقك . تظاهرت بعدم السماع , وهي تنظر إلى الخارج من خلال النافذة . التفتت إليه حين قال بحدة / نوف قلت تعالي قدام . ردت بخفوت / ما أبي عمر , تكفى . زفر بقلة صبر / بتجين قدام ولا لا . ترجلت رغما عنها , لتجلس بجانبه . حين ابتعدت السيارة عن منزل خالتهم , نظر إليها بطرف عينه . كانت يدها ترتجف من التوتر . لم يسبق لها وأن جلست في المقعد الأمامي منذ أن حصل ما حصل . حين نظر إلى وجهها , وجدها تسند رأسها خلفها على المقعد , وتغمض عينيها بقوة , ليقول لا إراديا / كان لازم تفكرين مليون مرة قبل لا تخرجين , عشان لا توصلين لهالحالة . فتحت عيناها بدهشة / يعني الحين مخليني أجلس قدام عشان تقول هالكلام ؟ تنهد عمر ولم يرد عليها . لتندفع هي نحوه بقهر , وهي تبكي / عمر تحسب اللي صار هين عليّ ؟ تحسبوني نسيت بسهولة يعني ؟ حتى أنا قاعدة أعاني , يمكن أكثر منكم , بس ماحد فيكم حاس فيني , وأنا بعد ساكتة ومتحملة نظراتكم وكلامكم لأني عارفة إني غلطانة , بس خلاص يكفي .. إلى هنا وبس يا عمر , تدرون إني مو متعمدة ليش تتعمدون انتوا انكم تجرحوني ؟ صرخ عمر بغضب أجفلها / لأنها بنتي الوحيدة , واللي جات بعد سنين من العلاج والمعاناة , والروحة والجية لأكثر من 100 مستشفى , جات أخيرا بعد 10 سنين حرمان , ما مدانا نفرح إلا وحرمتينا منها مرة ثانية , كيف ما تبينا نلومك ولا نعاتبك ؟ واحنا أساسا منعناك من الخروج ذاك اليوم بس ما سمعتِ كلام أحد . صرخت نوف من صوت صرير كفرات السيارة العالية , إثر إيقاف عمر للسيارة بقوة , مما جعلها تتقدم إلى الأمام بقوة , ويضرب رأسها بما أمامها , بما أنها لم تربط حزام الأمان . عادت إلى الخلف بذعر , وهي تضع يدها على قلبها المتسارع نبضاته . حتى توقفت دموعها عن النزول . وهي تبدأ بتذكر الحادث البائس الذي أفقدها الصغيرة , بياض الثلج ! ولكن ما جعلها تجفل حقا , هو صوت نحيب عمر العالي .. والذي قطع قلبها حقا هذه المرة , وجعلها تندم على كل حرف تفوهت به . بكت هي معه بصمت . حتى توقف بعد عدة دقائق , ومسح وجهه بمنديل . ثم قال بهدوء / لو إيش ما صار يا نوف , إحنا اهلك .. لو طلعتي من بيت أهلك اعرفي انك ما راح تبقين عزيزة في أي بيت , وأقرب دليل اللي قالته سعاد من شوي . هزت رأسها بصمت , وهي تقول بصمت / أنا آسفة . رمقها بنظرة غريبة بعينيه المحمرتين , ثم أكمل القيادة . بينما انقبض قلبها من شدة الألم والوجع . عمر صادق .. لن تبقى عزيزة خارج منزل والدها . عائلتها يمكنهم لومها وعتابها طالما كانت مخطئة ( وإن ارتكبت الخطأ عن غير عمد ) . ولكن من هم من خارج عائلتها , لا يمكنها تحمل أي كلمة غير جيدة منهم . مثلما فعلت سعاد , وقالت عنها ( غريبة ) . أو حتى نظرة غير مرغوبة , كما فعل ( عائض ) حين كانت تتأمله طوال الوقت , وسقطت عيناه بعينيها عدة مرات .. لتجده ينظر إليها بحدة . لا تعلم سببه . عادت ترتجف مرة أخرى , حين اقتربت السيارة من حيهم . وأغمضت عيناها بقوة , فتحتهما حين سأل عمر بهدوء / كل أدويتك موجودة ؟ ردت بخفوت / إيه . عادت لتشعر بتأنيب الضمير . عمر يحدثها حينا بحنية العالم , وبقسوة في حين آخر , هل يتألم إلى هذه الدرجة ؟ ليتناقض في الساعة ألف مرة ؟ يا إلهي سامحني . لست قادرة على التحمل أكثر من ذلك . توترت بشدة , وارتبكت .. حين توقفت السيارة أمام الباب . كيف ستتمكن من مواجهة هيفاء مجددا ؟ دخلت إلى المنزل , واتجهت إلى مجلس النساء .. حيث وصلها صوت والدتها التي تقرأ القرآن بصوت خاشع . ألقت السلام / السلام عليكم أمي . رفعت والدتها رأسها عن القرآن , وأغلقته .. وأدمعت عيناها لا إراديا , ثم ردت / وعليكم السلام . خلعت نوف حذائها عند الباب , ثم اقتربت منها . لتنحني وتقبل رأسها , ثم تجلس على الأرض وتعانقها / اشتقت لك يمه . مسحت والدتها على شعرها بحنان , ثم قالت / أجل لا تتركيني مرة ثانية وتروحين لخالاتك . ردت بغضة / إن شاء الله يمه . سألت بتردد / هيفاء وين ؟ والدتها / هيفاء راحت عند أهلها . تنهدت نوف براحة , ثم خلعت عباءتها ووضعتها على الأريكة . لتستلقي على الأرض , وتضع رأسها بحجر أمها / تعبانة يمه اقرأي لي قرآن . نظرت إليها والدتها بحزن , لتبدأ بالقراءة بصوتها المعروف بجماله . وهي تمسح على شعر ابنتها الصغيرة , بل الطفلة التي لن تكبر بعينها أبدا إلا أنها هذه الأيام تبدوا كإمرأة وصلت إلى أرذل العمر , بعد أن ماتت الصغيرة , حفيدتها الغالية ( رند ) . والتي كانت بمثابة الغيث على أرض أصابها الجفاف منذ سنوات طويلة , ففرحت بشدة , من فرحة ابنها . كانت متلهفة بشدة على قدوم أي مولود , ذكر أو أنثى .. ليفرح ابنها البار بها جدا ( عمر ) . إلا أن ذلك الغيث , كان قصير الأمد .. ولم يروي الأرض القاحلة كما تمنت . ولعل في الأمر خير |
![]() |
![]() |
#3 |
![]() |
![]()
في العيادة ..
كانت غاضبة حقا , طوال اليوم . لم يمر عليها مريض إلا وتحدثت إليه بحدة . كانت متوترة وخائفة , أن يفوتها الموعد مثل الأمس .. فلا تتمكن من الذهاب إلى الديرة . ولا تتمكن من اللحاق بالاجتماع الأخير في هذه العطلة . بعد أن يخرج المريض , تجلس في مكانها وتحدث نفسها بغضب ( أصلا إيش اللي يستاهل هالعصبية يا حمارة ؟ يعني الديرة بتطير ؟ ولا بموت إذا ما شفت البزر هديل هي وبطنها الكبير ؟ ولا إذا ما شفت بُشرى مالت عليها ؟ ) . فتضطر الممرضة المساعدة لكتم ضحكتها . حتى لا يطول غضب حسناء ويصلها هي إن ضحكت .. انتهت من العمل أخيرا , لترتدي عباءتها .. وتخرج من العيادة مسرعة . قبل أن يصيدها طبيب أحمق غير ناصر , ويجعلها تعالج مريضا آخر . بعد ساعتين .. كانت قد وصلت إلى الديرة أخيرا , بعد أن أظلمت الدنيا تماما . لتترجل من السيارة والسعادة تملؤها . استقبلها والدها بالقرب من الباب , والذي ظل يراقبها من برنامج الموقع طوال الوقت , خوفا عليها من الضياع أو ما شابه . تقدمت منه بمرح , حتى وقفت أمامه وقبلت جبينه بحب .. وتعانقه / اشتقت لك يا عجوزي . ضحك سعود وهو يربت على ظهرها / أفاا يا حسناء الحين أنا صرت عجوز ؟ حسناء بمكر / لو مانت عجوز كنا شفنا بزارين بشرى مالين بيتك . ضحك سعود / قولي الله يرزقها . مثلت حسناء الحزن / ودي أقول يا يبه بس حرام يعني بنتك الصغيرة بتجيب بيبي مو حلو انت بعد تجيب . ضربها سعود على كتفها وهو يصطنع الغضب / صدق انك ما تستحين . ضحكت حسناء وهي تقبل كفه / أمزح يا يبه إن شاء الله يرزق بشرى الذرية الصالحة ويفرح قلبها . سعود / آمين يارب , وانتِ مو ناوية ترجعين البيت ؟ حسناء وهي تهز رأسها بالنفي / آسفة يبه بس صدقني عمري ما راح أتفق مع بشرى إذا قعدنا بنفس البيت , احنا كذا حلوين . تنهد سعود بقلة حيلة , ثم ابتسم / يلا ادخلي أكيد تعبتِ من الطريق . حسناء بضجر / آآه يا يبه مو من الطريق , من الشغل والله , عن اذنك حبيبي . دخلت إلى الداخل , لتجد الجميع يجلسون في الصالة . وأصواتهم عالية جدا . حتى أنهم بالكاد سمعوها حين رفعت صوتها عاليا وألقت السلام / سلام عليكم يا قوم , أنا جيت . صرخن بعض الفتيات متفاجئات من قدومها الغيرمتوقع , ووقفن ليتجهن نحوها يسلمن عليها بمرح مثلما تفعل هي . كانت حسناء محبوبة الجميع , كبيرهم وصغيرهم . أكثر من يضحكهم , وهي أيضا من تضيف جو المرح كل مرة بالفعاليات التي لا أحد يدري من أين تأتي بها . حين اقتربت أخيرا من بشرى , وقفت الأخيرة ببطء .. وسلمت عليها بهدوء . بينما حسناء ضغطت على كفها .. وأخذت تسلم على خديها بقوة , تقول من بين اسنانها / اشتقت لك يا مرت أبوي . بادلتها بشرى الضغط والسلام بقوة / وأنا أكثر يا بنت زوجي . دفعتها حسناء بخفة حتى جلست على الأريكة , ثم رفعت صوتها / وين أختي الخبلة وينها اللي بتصير أم بعد كم يوم . بشرى بابتسامة / بديتي تغارين يا حسناء ؟ التفتت إليها حسناء بنظرات نارية , وهي تغصب نفسها على الإبتسام / والله ما أدري من اللي يغار الحين أنا ولا انتِ ؟ على الأقل أنا اخترت إني اشتغل بدال لا أتزوج شخص ما يناسبني ثم أنتظر طفل . نظرت إليها بشرى بصدمة , لم تتوقع منها هذا الهجوم , إلا أنها تظاهرت بالهدوء , بما أن أعين الجميع أصبحت عليهما / الأرزاق بيد الله يا حسناء ما يصير تعايريني بهالشيء . صمتت حسناء ولم ترد عليها , حين شعرت من لمعة عيني بشرى أنها تجاوزت حدودها , وقالت ما لا ينبغي عليها قوله . وأنقذتها هديل حين أتت وعانقتها من خلفها / وحشتيني حسون . التفتت إليها حسناء وأخذت تتأملها وقامتها القصيرة , وجسدها النحيل الذي بالكاد يتحمل الطفل بداخلها صاحب الــ7 أشهر / آآه يا هدول مدري إيش اللي خلاك تشقين نفسك وانتِ بهالعمر , طمنيني عليك كيف صحتك ؟ ابتسمت هديل وهي تقبلها / أنا بخير , حسناء ترى ما يصير تغيبين عنا بالشهور وكأننا مو أهلك . حسناء / الحين انتِ عندك زوج زيادة عن أبوي ومساعد , ليش ما تجيني انتِ ؟ هديل بإحراج / والله متعبني الحمل صراحة , وبالقوة جيت أشوف يمنى . حسناء / إيه على طاري يُمنى , وينها ؟ هديل / جالسة مع مساعد عند باب المطبخ الخلفي , تقولين ما عاد في مكان داخل .. إيه صحيح مساعد يبيك . خرجت إليهما حسناء بعد أن خلعت عباءتها وأعطتها لهديل . جلست برفقتهما عدة دقائق , قبل أن تصيح مستنكرة / لا والله هذا الناقص . ابتسمت يُمنى بإحراج وهي تنظر إلى مساعد , الذي قال / ليش وش فيها يعني ؟ انسانة زي النملة بتزعجك يعني ؟ اتسعت عينا يُمنى من هذا التشبيه الغريب , لتقرص يده / إيه أنا نملة .. نملة . تأوه مساعد , ثم ضحك لينظر إلى حسناء / هااه ؟ حسناء / هذي النملة تربية بشرى , وأنا ما طلعت من مكان فيه بشرى عشان تجيني بنتها . ضربها مساعد على كتفها / وش فيها بشرى عشان تقولين مثل هالكلام عنها ؟ عمرها ضرتك أو آذتك ؟ صمتت حسناء ولم تقل شيء , ولكنها تفاجأت حين رأت ملامح يُمنى المتجهمة . والتي التفتت إلى مساعد لتقول بهدوء / خلاص مساعد مافي داعي , تقدر تدبر لي سواق , وأروح وأجي مع سمية كل يوم , ما أبي أكون ثقيلة على أحد . بالرغم من محاولتها في ادعاء القوة وهي تقول هذه العبارة , إلا أن الرجفة بصوتها كانت واضحة جدا . لينظر مساعد إلى اخته بلوم . حسناء بابتسامة / شوفي يُمنى أنا مو اني ما ودي انك تجين , بس أنا انسانة جدا مزعجة وما أحب أحد يشاركني السكن , هذا كل اللي في الموضوع , ما في داعي تزعلين . ابتسمت يُمنى / عادي ما زعلت , بيتك وانتِ حرة . حسناء بعد تفكير قصير / طيب ليش ما تاخذين لك شقة صغيرة ؟ اتسعت عيناها بخوف , وكأنه واقع وليس مجرد اقتراح . لتهز رأسها نفيا عدة مرات . نظرت إليها حسناء بحدة / يُمنى إلى متى بتتركين هالعقدة تتحكم فيك ؟ ليش ما تعطين لنفسك فرصة عشان تتغيرين ؟ ليش ما تصيرين أقوى ؟ ترى خلاص مر على السالفة دهر . مساعد بنبرة معاتبة وهو يرى ملامح يُمنى التي تتغير / حسناء . رفعت كفها لتوقفه / أصص يا مساعد , حركاتكم هذي ومراعاتكم الزايدة عن حدها هي اللي خلتها ضعيفة لهالدرجة , الواحد لما يطيح يقوم ويكمل حياته , مو زيها .. من 10 سنين وهي مثل ماهي , وتسألني إيش فيها تربية بشرى ؟ هذي هي ؟ هذي تربية بشرى اللي خلتها تقعد في مكانها ولا تتحرك , كل ما بكت طبطبت عليها وقالت معليش , لين ثبتتها على مكان واحد طول عشر سنين , عاجبكم هالشيء ؟ عاجبكم إنها مو قادرة توقف على رجولها من جديد ؟ ولا قادرة تتقدم في حياتها ؟ صمتت تلهث من التعب , ثم أكملت / طالع في وجهها , هذي الندبة لو انها عالجتها من بدري ما كانت بتختفي ؟ ياخي حتى التجميل تركته ورضت تبقى مشوهة طول العمر . عمّ الهدوء أرجاء المكان أخيرا , لتمسح حسناء دمعة خرجت من عينها رغما عنها . وهي ترى بكاء يُمنى الصامت . وقفت حسناء , لتمسك بذراع يُمنى بقوة وتوقفها / باخذها معي يا مساعد , وبربيها من جديد عشان تعرف تتصرف صح , ولا تظل جبانة طول عمرها . فتحت باب المطبخ بقوة , لتتأوه من كانت تقف خلفه . تفاجأت وهي ترى الجمع . نساء وفتيات , صرخت بهن بغضب / لا لو جبتوا كاميرا عشان تصورون وتفضحونا مو أحسن ؟ تالله العظيم . دخلت إلى الداخل بخطوات واسعة , وهي تسحب يُمنى خلفها . تحت أنظار الجميع المندهشة من تصرفها الغريب . حتى استقرت بداخل حجرة يُمنى , وأقفلت الباب خلفها . لتسحب يُمنى كفها , وتقول بقهر / تحسبين اللي صار فيني هين ؟ ولا أنا راضية بشخصيتي الضعيفة هذي ؟ انتِ ما تدرين شيء , ما تعرفين شيء , لا تقولين بشرى السبب .. لو ما كانت جنبي طول الوقت كنت انتحرت وانتهيت من الدنيا . وقفت حسناء أمامها وضغطت على كتفيها / لأني عارفة إنه اللي صار مو هين يا يُمنى , ولأني عارفة إنك مو راضية عن نفسك .. أبيك تصحين وتشوفين الدنيا , أبي أشوفك تتقدمين بحياتك ولا توقفين على أسوأ نقطة مريتِ فيها , إنتِ لسه صغيرة يا عمتي , وانتِ تستحقين الأفضل . عضت يُمنى شفتها السفلية بقلة حيلة , وهزت رأسها بيأس . لتجلس على طرف السرير وتكمل بكاءها الحزين . تكتفت حسناء ونظرت إليها بقلة صبر , ثم اتجهت نحو الخزانة , لتقف على أطراف أصابعها وتنزل حقيبة الملابس الكبيرة , ولم يصعب عليها الأمر , بما أن قامتها طويلة / هذي آخر مرة أشوفك تبكين فيها مفهوم ؟ ما أسمح للأطفال يدخلون بيتي . رفعت يُمنى رأسها وصرخت / ماني رايحة معك . حسناء بصوتٍ أعلى / بتروحين . يُمنى / مو رايحة . حسناء / بتجين وغصبا عنك . يُمنى / مو جاية . حسناء / قلت بتجين . وظلتا على هذا الحال دقيقة كاملة , لتقاطعهما طرقات الباب العالية . أجفلت حسناء , واتجهت نحو الباب بخطوات غاضبة بعد أن وضعت الحقيبة على الأرض , تضرب الأرض برجلها متذمرة / مين اللي تجرأ وخوفني , مين اللي ما عنده ذوق عشان يدق الباب بهالطريقة , بذبحك .. صدقيني بموتك . فتحت الباب لتجد نجد , تنظر إليها بعينين واسعتين من ملامحها الغاضبة والمخيفة / بسم الله . أمسكت حسناء بشعرها وجذبتها إلى الداخل , لتقفل الباب مرة أخرى / اللي ما تخاف ربها , في أحد يدق الباب بهالطريقة ؟ تأوهت نجد وهي تسحب شعرها بلطف من يد حسناء / آآي اتركيني يا حمارة , خفت تبطشين بالمسكينة , خوفني صوتك العالي تقولين غوريلا . صاحت يُمنى فجأة / أنا ماني مسكينة , وانتم الثنتين اخرجوا من غرفتي الحين , يلا . نظرتا إلى بعضهما بغير تصديق , لتمسك نجد بكف حسناء وتضعها على جبينها / شوفي حرارتي مرتفعة ولا لا . حسناء / شكله حتى حرارتي مرتفعة . أخذت يُمنى مخدة صغيرة من سريرها , لترميها عليهما / يا السامجات , يلا برة . اتجهت حسناء ناحية حقيبة يُمنى / بتروحين معي يا يُمنى وأص ما أبي أسمع أي كلمة , بمشي بعد صلاة الفجر على طول عشان كذا نامي بدري , من الحين لو تبين . نظرت إليهما نجد بفضول / وين بتوديها ؟ حسناء / بتسكن معي . جلست يُمنى على الأرض باستسلام / تكفين حسناء والله ترى مو غصب . اقتربت نجد من حسناء بحماس / الله وأخيرا بتسكن معك وحدة ثانية عشان يمدينا نجي نسهر عندك , يعني لو تنامين من بدري زي الدجاج نسهر مع يُمنى . ضربتها حسناء على قدمها بقوة / كأني بفتح لكم الباب يعني . ضحكت نجد وهي تساعدها في توضيب أغراض يُمنى المهمة . وهما يتحدثان ويضحكان بصوتٍ عالِ . ويُمنى تراقبها بصمت . ثم وقفت لتتجه نحو النافذة , تقف عنده تنظر إلى الخارج بحزن . وقد أثر بها حديث حسناء بقوة . حقا , حتى متى عليها أن تتوقف عند أسوأ نقطة مرت بها في حياتها ..! حتى لو كان الأمر صعبا , يجب عليها أن تتحمل قليلا . وتنسى أو تتناسى , لتعيش . على الأقل لتصبح ناجحة مثل حسناء . لن تصبح مثلها أبدا , إلا أنها عليها أن تتحلى بالقوة لمواجهة ما سيأتيها مستقبلا . لفتها اسم عايض , الذي يتحدثون عنه .. حين ردت نجد بخفوت , إجابة على سؤال حسناء /الحين عايض مو ناوي يكمل حياته هو الثاني ؟ نجد بصوت منخفض / والله مدري , هالولد مو قادر يتجاوز يُمنى .. ادعي له ينساها أو يجمعهم ببعض مرة ثانية . نغزها قلبها بقوة وهي تسمع الخيار الأول ( ينساها ) إلا أنها لم تتمكن من التأمين على الثانية ( يجمعهم ببعض ) . اتسعت عينا حسناء بصدمة / قصدك إنه ما نساها إلى الآن ؟ هزت نجد رأسها نفيا . لتقول حسناء بحسرة / والله من قاطعنا ولا عاد جانا حسبته خلاص بينساها , طيب شوفوا له وحدة مناسبة تنسيه يُمنى وطوايفها , هذي يبي لها دهر على ما تصير انسانة مناسبة لعايض مرة ثانية يا حليله . عقدت يُمنى حاجبيها بغيظ , ولكنها لم تتمكن من فعل شيء .. بما أنها تتظاهر بعدم سماعهما منذ البداية . إلا أن نجد خافت من أن تسمعهما , لتضرب برجلها فخذ حسناء تنبهها . رفعت حسناء صوتها / خليه يتزوجني وش زيني والله وعندي وظيفة حلوة , يعني مال وجمال وين بيلقى أحسن مني , وأنا وين بلقى أحسن من عايض , وسيم وطيب وما يتفوت والله . لم تتمكن يُمنى من التحكم بنفسها هذه المرة , لتقول بغضب / تخسين تقربين منه شبر يا العجوز . اتعست عيناها بغير تصديق , وهي تلتفت إليها ببطء .. وتنظر إليها فاغرة فمها بذهول . بينما يُمنى أخذت تضحك من المفاجأة والسعادة , هذا يعني أنه ربما يوجد بعض الأمل ..! أخرجت هاتفها من جيبها سريعا , لتدخل إلى المحادثة بينها وبين مساعد , وتسجل ملاحظة صوتية ( عايض اسمع يُمنى وش تقول , شكله في أمل يا عايض ) . أرسلتها سريعا بعد أن فشلت في إكمال التسجيل . رغم محاولات يُمنى القوية في أن لا تفعل . لتصرخ وهي توشك على البكاء , ثم تجلس وتبدأ بضرب نجد بكل ما أوتيت من قوة / راح أذبحك , والله بذبحك يا نجدو ما بتطلعين من تحت يدي سالمة . تشجعها حسناء من الخلف وتصفق , ونجد تضحك بقوة وهي مستلقية على ظهرها وكأن يُمنى تدغدغها وليست تضربها . نجد / ضرباتك رقيقة ما تعور . حاولت يُمنى بعد ذلك أخذ الهاتف , حتى تمكنت .. لتتسع عيناها بصدمة حين وجدته متصلا , وقد استقبل الملاحظة الصوتية الحمقاء لنجد . ربما يستمع إلى ما أرسلته نجد للتو . رمت الهاتف جانبا وهي تهوي على نجد مرة أخرى بنبرة باكية وتضربها / ما أسامحك يا السامجة ما راح أسامحك . |
![]() |
![]() |
#4 |
![]() |
![]()
في الخارج ..
ما لم تعرفه حسناء , أن صوتها كان عاليا للغاية .. وصل إلى بعض الجالسين في المجلس الخارجي للرجال . منهم عائض الذي كان قريبا من الباب , وقلق بشدة وهو يسمح كلمات حسناء بوضوح . عكس الأخرين الذين لم يسمعوا إلا صوتها وهي تصرخ , وتعرفوا على صوتها . ليضحكوا ويقولون أنها من ( جلدتهم ) جميعا وهم صغار . فحسناء قوية بأس , وقوية شخصية .. لا تسكت عن حقها وحق من تحب , منذ الصغر . حتى أن والدها لم يتمكن من منعها من مغادرة المنزل والسكن بمفردها , لأنها أقوى منه حجة ..! خرج عائض إلى الخارج , وعيناه إلى تلك الجهة . ليرى مساعد الآتِ من هناك , عيناه إلى الأرض ... ملامحه مقتضبة , وشبح ابتسامة على شفاهه اقترب منه بقلق / إيش فيها اختك إيش اللي خلاها تشب هالنار . ضحك مساعد / ما أدري , هي دايم كذا عاد باستغرب الحين ؟ قلت لها تخلي يُمنى تسكن معاها أيام دراستها , وولعت البنت ورفضت , فجأة لما شافت يُمنى تضايقت عصبت وخاصمتها ثم مسكتها من يدها وقالت أنا باخذها وبربيها من جديد . ضحك عايض , ثم قال بهدوء / أخاف يُمنى تزعل , تعرفها تتضايق من أي شيء . مساعد / لا تخاف هذي حسناء أعرفها , تجرح وتداوي ههههههههه . اكتفى عايض بابتسامة , وهو قلِق .. يفكر بيُمنى .. هي بالتأكيد تأذت من حديث حسناء . ولو كان عاديا بنظره , إلا أنه متأكد أنه سيجرحها بشدة . تلك الرقيقة كالورد بل أرق . يخاف عليها حتى من النسمة . كيف بصوت حسناء الجهوري , الذي أخافه حتى وهو في المجلس بعيدا عن المطبخ . ثم إن تلك الحسناء ليست حسناء بأفعالها , بل قوتها أٌقرب إلى قوة الرجال . استأذنه مساعد , وتركه في مكانه في الساحة الخارجية للمنزل . جالسا على عتبة عالية نوعا ما . وذهب إلى والده الذي يناديه . ظل عايض ينظر إلى هاتفه بشرود .. ليدخل إلى محادثته هو ونجد . حين أمرها أن تنظر إلى حالة يُمنى بعد العودة إلى المنزل بالأمس , فردت بعد العودة فورا ( ما قدرت أدخل وأشوفها بُشرى ما خلتني تقول يُمنى أصرت تأخذ منوم وتنام ) ( تقول إنه حرارتها ارتفعت فجأة , من شافت هذاك البيت اللي حاول الحيوان بائع الايسكريم انه يغتصبها فيه ) فعلا , إذا عُرف السبب بطل العجب . يعلم جيدا تأثير ذلك الحادث عليها . لو علم أن البيت يُرى من وضوح من فوق الجبل , لما سمح لها بالذهاب إلى هناك , ولا تمنى رؤيتها ..! يتذكر ذلك اليوم .. حين سمع بما حصل بصغيرته . كان يبلغ التاسعة عشر . وكانوا يعيشون بالقرب من منزل عمه , أو بعد عدة منزل . حين دخل والده إلى المنزل في وقت متأخر , بوجه مسود من الهم . لتسأله والدته هنادي عن السبب . فأخبرها بما حصل بقهر شديد . ونادى بناته , نجد البالغة من العمر ( 15 ) ولينا ( 10 ) ضحى كانت صغيرة جدا , تبلغ ( 3 ) سنوات .. إلا أنه لم يستثنيها من التحذير شديد اللهجة , أن لا يخرجن من المنزل أبدا إلا برفقته هو , وأخويهم ( عايض وعاطف ) وإلا سيقطع أرجلهم دون تردد . أمرهن بالرحيل , ليلتفت إليه هو وعاطف .. ويأمرهم بالإنتباه إلى الفتيات . حين نام والده , خرج من المنزل بالخفاء .. وركض إلى منزل عمه . فتحت له سمية الباب , بعينين محمرتين ومنتفختين . فزاد خوفه وقلقه على الصغيرة . ليسأل سمية بلهفة , إن تمكن ذلك الحقير من لمسها أو فعل شيء بها , حتى ينهارون بهذا الشكل . لتوبخه بغضب وحدة , وتقول أنه كان على وشك فعل شيء .. وأنه لولا فضل الله ثم سلمان لما تمكنت يُمنى من النجاة . سألها عن حال يُمنى , أخبرته بكل ما حصل , وأن والدتها أحرقت وجهها وشوهته . ليهوي قلبه ساقطا على الأرض . صغيرته المسكينة .. كانت تلعب برفقته هو وأخواته في الصباح , تضحك وتمرح .. تجري في كل مكان , وتحوم حوله كالفراشة . حركاتها الطفولية , والتي تجعلها تبدوا وكأنها في السادسة أو السابعة , لا فتاة في الـ 12 من عمرها وعلى وشك البلوغ . أكان ثمن مرحها وخفة ظلها , هو ذلك ..! هل أذوها بشدة ..! لم يتمكن من النوم تلك الليلة . كان يريد وبشدة , أن يطمئن عليها بعينيه . بالرغم من أنه لم يحب سلمان ذات يوم , وكان يكرهه .. إلا أنه كان ممتنا له كثيرا . بعد صلاة الفجر , وحين قابله على الطريق . شكره وأظهر له امتنانه , لإنقاذه ( أخته ) يُمنى . نعم .. لم يكن ينظر إلى يُمنى إلا بصفتها أخت . مثلها مثل نجد ولينا وضحى . ثم يستيقظ ذات صباح , وتشرق شمس يوم يُحرم فيه من يُمنى , دون سابق إنذار .. ليكتشف أنه يحبها , بل لا يستطيع العيش دونها ..! كم كان أحمقا , حين لم يتمكن من معرفة حقيقة مشاعره تجاه الصغيرة ..! لم يتوقع يوما أن يحبها , ويكن لها هذه الكمية من الحب والعشق . _____ انتهى الفصل |
![]() |
![]() |
#5 |
![]() |
![]()
امتناني وشكري لك على هذا الطرح
محتواه جميل ونال الاستحسان وهذا دليل ذائقه راقيه جدا أدت لظهوره بهذا الشكل لك كل احترامي وتقديري اخوك محمد الحريري |
![]() ![]() مهم جدآ قرار بخصوص احتساب المشاركات وتوضيح مفصل بالاضافة لشروط استخدام الخاص وصندوق المحادثات تفضلوا بالدخول طريقة احتساب المشاركات وكيف تحصل على مشاركات اضافيه بنجاح - منتديات قصايد ليل قوانين استخدام الشات والرسائل الخاصة - منتديات قصايد ليل ![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]()
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
![]() ![]() |
![]() |
#9 |
![]() |
![]()
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد |
![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
آغلط, الثالث, رواية, سوق, إليك, نبى, قلبي/البارت |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |