![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
الفصل الرابع ..
إن شاء الله تستمتعون , وما تلهيكم الرواية عن العبادة .. _____ انتبه من شروده , على صوت نغمة هاتفه . حين وصلته ملاحظة صوتية من شقيقته الشقية .. نجد . فتحها على الفور , ليتفاجأ تماما مما سمع . واحترق شوقا لمعرفة ما قالته يُمنى . أرسل رسالة قصيرة فحواها ( وش قالت يا نجد ؟ ) . ظل ينتظر ردها بفارغ الصبر , وعيناه كانتا متسعتان باستغراب . وهو يراها متصلة , ولكنها لا ترد . هل هو مقلب ؟ أرسل المزيد من الرسائل يسألها فيها عما تقصد , إلا أنها لم تجيب . تأفف يهم بالعودة إلى الداخل , وهو يتوعد بنجد . ولكنه توقف حين وصلته ملاحظة صوتية أخرى . فتحها بلهفة , ليعقد حاجبيه ويخفض الصوت بسرعة .. وهو يستمع إلى صرخات يُمنى التي تصرخ بنجد , مع ضحكات نجد , وتشجيع حسناء المضحك ليُمنى . ملاحظة أخرى لنجد وهي تتنفس بصعوبة ( آسفة عايض بس كان في عنف أسري هنا بغت تقتلني هاليُمنى , أنا آسفة أسحب كلامي ما أقدر أتقبلها كفرد من عايلتنا بان الوجه الحقيقي ليُمنى ) . هز رأسه باستياء وعاد إلى الداخل وهو يضحك , ويشعر بالانتعاش لسماعه صوت يُمنى . حين جلس .. سقطت عيناه على الضيف الجديد الذي لم يأتِ باكرا , بل للتو وهو يهمون بالمغادرة صباح الغد . كان حمود , زوج شقيقة مساعد الصغيرة . وهو أيضا , الشقيق الأصغر .. لــ سلمان ! تنهد عايض بضيق , ولف وجهه عنه حتى دون أن يسلم عليه . كان حمود منشغلا بالحديث مع البقية , حين سقطت عيناه على عايض فجأة , شعر بالحرج هو الآخر . لم يقابله أو يره منذ خمس سنوات . لمَ ظهر فجأة على حين غرة ؟ أخبرته هديل عن اتيانه , إلا أنه لم يتوقع أن يشعر بالضيق هكذا إن رآه أمامه . وقف واتجه ناحيته / عاش من شافك يا عايض . رفع عايض رأسه ونظر إليه بجمود , ثم وقف ليصافحه وهو يوميء برأسه دون أن يقول شيء . عاد حمود إلى مكانه سريعا . هو أيضا لا يريد أن يتبادل معه الحديث , إطلاقا ! ____ في الصباح الباكر .. كان الجميع جاهزا للمغادرة , الا بعض اخوة يُمنى الغير مستعجلين أبدا . فلقاءاتهم تصبح قليلة جدا في أيام المدارس والعمل . حتى أنهم حاولوا أن يجعلوا يُمنى تؤجل ذهابها إلى المدينة , إلا أن حسناء لم تسمح لها .. فلديها عمل في الصباح الباكر . ويُمنى أيضا عليها أن تجهز أغراض المدرسة , بما أنه لم يبقى الكثير على بدء الدوامات . نامت يُمنى باكرا كما أمرتها حسناء , ثم استيقظت في وقت مبكر وقبل الفجر تجهز حقيبتها وأغراضها المهمة . وهي في غاية التوتر والارتباك , خاصة حين أدركت أنها ستكون في نفس المدينة التي بها ( عايض ) وعائلته . كانت جاهزة تماما , ترتدي عباءتها وتلف وشاحها .. حين نزلت تحاول أن تسحب الحقيبة الكبيرة خلفها . نظرت إلى الأسفل وهي تسمع صوت حسناء / خلي الشنطة عندك , مساعد روح نزلها . صعد مساعد سريعا وحمل الحقيبة عنها . لتهبط هي برقتها المعتادة . تأففت حسناء تنظر إليها بغيظ / هذي الرقة والنعومة ما تمشي معي يا يُمنى , ما تنزلين من الدرج بهالطريقة . نظرت إليها يُمنى باستغراب , حين صعدت حسناء السلم بخطوات واسعة , لتقف في الأعلى / اعتبري هذا أول درس يا سندريلا . وبدأت تنزل بخطوات واسعة , تترك سلما وتهبط على الآخر .. حتى وصلت إلى الأسفل في لحظات خاطفة . مساعد بضحكة / أبو الشباب , حتى أنا ما أنزل بهالطريقة هههههههههه . حسناء بحدة / اسكت انت وحط الشنط في سيارتي ما ودي أسرع وأسوي حادث , يلا يُمنى . أكملت النزول بخطوات واسعة تحاول أن تقلد حسناء , إلا أنها ضحكت عاليا حين لم تتمكن . تأففت حسناء وهزت رأسها بأسى . لتلف وشاحها وتتلثم به . وقفت يُمنى أمام سمية , والتي امتلأت محاجرها بالدموع , وهي تعانق يُمنى بحنان / هتوحشيني يا بنتي . ابتسمت يُمنى من بين دموعها وبكاءها الصامت / وانتي أكثر حبيبتي , انتبهي على نفسك وزوريني على طول , تمام ؟ هزت سمية رأسها / وانتي كمان ديري بالك على نفسك , وكلي كويس . أومأت يُمنى برأسها بإيجاب , وهي تقبل جبينها بكل احترام ومودة . فقد قامت سمية بالاعتناء بها منذ الصغر , واهتمت بها وربتها كما لو أنها ابنتها الحقيقية . تعدتها يُمنى لتسلم على بشرى . عانقتها / الحين يمديك تزوريني على طول صح ؟ ضحكت بشرى / ترى نفس المسافة من بيتي للديرة , ومن بيتي لبيت حسناء بعد . حسناء من خلفهم / أحسن . تنهدت بشرى بضيق وتجاهلتها وهي تمسح على شعر يُمنى بحنان / متى ما احتجتيني كلميني , لا تترددي أبد . قبلت وجنتيها وهي تستودعها الله . وخرجت يُمنى بعد نوبة من البكاء الصامت , وهي تحمل بيدها كيس كبير . به علب طعام , طبخته سمية من أجلها هي وحسناء للغداء . ركبت بجانب حسناء , بعد أن سلمت على مساعد . ربطت حزام الأمان وهي تلتفت إلى حسناء بتوتر / تعرفين تسوقين كويس ؟ حسناء / إيه أسوق كويس , بس صراحة ما نمت زين أمس تعرفين من زمان ما سهرت مع البنات , لذلك .. أنا ما أضمن نفسي صراحة , ممكن أغفل لحظة وتقلب السيارة ونروح فيها سوا . اتسعت عينا يُمنى بخوف / وقفي أجل وقفي , والله ما بروح معك إذا صدق بيصير هالشيء , بخلي مساعد يوديني , قلت لك وقفي . ضحكت حسناء بمكر وهي تسرع أكثر , متجاهلة صرخات الاستنجاد يُمنى . حتى بكت الأخرى وذرفت الدمع , أبطأت السرعة لتلتفت إليها بتعجب / يا هالبزر , يعني تتوقعي إني بحط حياتي في خطر وأسوق وأنا مو واثقة من نفسي ؟ لا امسحي دموعك يا الخوافة . مسحت يُمنى دموعها من وراء النقاب / تكفين حسناء إذا صدق تعبانة ولا ما نمتي زين خلي مساعد يوصلنا والله ما أبي أموت . ضحكت حسناء / تدرين , كوب قهوة ممكن ينبهني ويخليني مصحصحة لين الليل , إذا تبين نوصل للسلامة .. شربيني وحدة على حسابك . فتحت يُمنى حقيبتها الصغيرة بسرعة / اشتري لك كوبين , ثلاثة لو تبين بس تكفين خليك منتبهة . نظرت إليها حسناء بغير رضى , لتقول بهدوء / يُمنى .. لما طلعتي من البيت كنتي متوقعة هالشيء ؟ إنه ممكن يصير لك حادث وتموتين ؟ هزت رأسها نفيا . حسناء / أجل وش اللي كان مخوفك من البداية ؟ قبل لا أشغلك بكلامي عن الحادث ؟ ارتجفت يدي يُمنى , لتقبضهما بقوة , وهي تجيب بنبرة مرتجفة / يصير اللي صار ألف مرة , ويعتدي عليّ أحد . تنهدت حسناء بضيق / يُمنى , لا تسمحين لأحد يكوّن لك أي مفهوم في مخك غير اللي انتي تبين تفهمينه , مثلا قبل عشر سنين كنتِ تخرجين عادي وتلعبين حتى بعد ما منعتك جدتي الله يرحمها , لكن بعد اللي صار قالوا إذا طلعتي ممكن أحد يتحرش فيك , وصار وحبستي نفسك في البيت خمس سنين , بعد كذا رجعتي أخذتي راحتك وصرتي تخرجين وتروحين عند أعمامك برجولك حتى في وقت متأخر بالليل بعد ما قال لك سلمان انك خلاص كبرتي وماحد يقدر يسوي لك شيء , ثم رجعتي صرتي انطوائية بعد ما قالوا لك إنه أصلا خروجك من البيت غلط .. وصرتي تصدقين هالشيء إلى اليوم , ضعيتي عمرك و10 سنين من حياتك بس عشانهم قالوا كلام صدقتيه على طول , والحين مزحت معك وصدقتيني بعد , حتى اذكارك اللي أكيد قريتيها نسيتي تأثيرها عليك وانها بتحميك بإذن الله , ليش يا يُمنى ؟ ليش انتي ضعيفة لهالدرجة ؟ ليش تسمحي لهم يسيطروا عليك ؟ ليش تخليهم يتحكمون بحياتك ويفرضون عليك اللي يعجبهم هم ؟ وليش انتي تستسلمين بسهولة ؟ شهقت يُمنى وهي تحاول إيقاف بكاءها , لتتنهد حسناء بأسى وتمد لها علبة المناديل / لا حول ولا قوة إلا بالله , يلا امسحي دموعك لأني مثل ما قلت ما استقبل ناس بكاية في بيتي . نظرت إليها يُمنى بحنق / ذليتيني يا حسناء هذا وأنا لسه ما دخلت بيتك , وش بتسوين إذا صدق قعدت عندك ؟ حسناء وهي تفكر / مدري والله وش بسوي لكن أكيد بلاقي لي كم حيلة تخليك تكرهي اليوم اللي فكرتي فيه انك تسكنين معي . نظرت إليها يُمنى بغيظ وهي تمسح دموعها , وتسند رأسها على النافذة . تفكر مجددا في ما قالته حسناء , فهي رغم كونها قاسية ولسانها لا يُحتمل .. صادقة دوما . ولا تتمكن من الرد عليها بالطريقة المثلى إطلاقا . ضحكت فجأة حين تذكرت مقطع لأحد الممثلين الكوميديين وهو يقول ( والله الست دي بتتكلم كلام زي الفل ) . نظرت إليها حسناء باستغراب وهي توقف سيارتها بجانب كشك بيع القهوة / دوم إن شاء الله , مرحبا محمد .. عطني موكا باردة مليانة ثلج وخليها مُرّة , وسكر قليل , وانتِ إيش تبين يا ستي ؟ يُمنى / ما أشرب قهوة . بعد أن دفعت يُمنى , أوقفت حسناء السيارة بجانب المتجر . ونزلت بعد أن سألت يُمنى إن كانت تريد شيئا , فأخبرتها يُمنى أنها لا ترغب بشيء . بعد أن نزلت حسناء , أقفلت يُمنى جميع الأزرار الخاصة بالأبواب والنوافذ . وضمت نفسها وهي تترقب عودة حسناء بسرعة . رنّ هاتفها منبها بوصول رسالة . انشغلت بقراءتها والرد على صاحبتها . فزعت بشدة وصرخت بخوف , حين سمعت صوت طرقات على النافذة من جهتها . لتتسع عيناها بصدمة وغرابة وهي تنظر إليه . ![]() ![]() |
![]() |
#2 |
![]() |
![]()
كان ذلك عايض ..
الذي توقف هو الآخر في المحطة . حين اضطر للعودة باكرا من أجل عاطف , دون والديه وإخوته الذين سيلحقون بهم فيما بعد . فعاطف مدرس , ومن المفترض أن يذهب إلى عمله منذ الأحد .. واليوم ثلاثاء . كان بداخل المتجر , حين لفتت انتباهه سيارة حسناء التي أوقفتها ونزلت . حدثته نفسه أن يستغل الفرصة , ويتحدث إليها لبضع ثوانِ على الأقل . ليرى إن كان هناك بعض الأمل حقا , كما قالت نجد . لم يستغرب ردة فعلها أبدا حين طرق على النافذة بخفة . أسرته تلك العينان الواسعتان , حين اتسعت أكثر ونظرتا إليه بخوف . ابتسم لها بهدوء , وأشار لها أن تنزل النافذة . علم أنها مترددة جدا . وخائفة أيضا . ما جعله يغضب من هذا الشيء . لمَ تخاف منه ..! ظل يطرق على النافذة وهي تهز رأسها بالنفي , حتى قال بغضب / بسرعة هي كم كلمة أبي أقولها قبل لا تجي حسناء . فتحتها أخيرا على مضض , بعد أن ازدردت ريقها . وأخفضت رأسها بخجل . رفعته مرة أخرى متفاجئة , حين سقط عليها كيسا صغيرا , به بعض الشوكولاتات على ما يبدوا . تنهد عايض ليسأل / متى ناوية تنسين وتكملين حياتك ؟ أجابت بعد عدة ثوانٍ / قاعدة أكمل حياتي الحين , هذي أنا رجعت للمدرسة . عايض بهدوء / وأنا يا يُمنى ؟ إلى متى المفروض أنتظر ؟ رفعت عيناها إليه بصدمة , وارتبكت وهي ترى ملامحه التي لطالما فتنتها , لتبتلع ريقها وتقول بنبرة مرتجفة / لا تنتظرني عايض , انت تستاهل انسانة احسن مني بميلون مرة , وأنا ما ودي أجرحك أكثر . ابتسم عايض بسخرية / انتي تجرحين يا يُمنى ؟ صدقيني كل شيء يجي منك أنا راضي فيه , أنا ماني زعلان أبدا على اللي صار , أنا راضي , إيش تبين أكثر من كذا ؟ تجمعت الدموع بمحاجرها , وشعرت بقلبها ينقبض من الألم / سامحني يا عايض , بس صدق .. لو ما قدرت تنساني , حاول أكثر من اليوم , لأني لو فكرت فيك حتى مجرد تفكير أتمنى لو اني اموت ولا أحس بالاحساس الفظيع اللي يجيني وقتها . غضب عايض / قايل لك أنا راضي , ليش مانتي راضية تفهمين ؟ إيش فيك انتي ؟ يُمنى بنبرة مبحوحة من البكاء / ما فيني شيء يا عايض بس أنا مو قادرة أسامح نفسي والله مو قادرة , عايض أرجوك . النبرة التي نطقت بها ( أرجوك ) .. طعنته بشدة . ما الذي تريده هذه المخلوقة بالضبط ؟ من أي شيء صنعت ! أغمض عيناه بقهر / مو قادرة تسامحين نفسك على إيش بالضبط ؟ انك خليتيني أطلقك غصبا عني ؟ أغمضت عيناها بقوة , وضغطت على كفها حتى ابيضت مفاصلها , حين خرجت نبرتها وكأنها على وشك الانهيار / على كل شيء يا عايض , على كل شيء . عض عايض شفته بقلة حيلة , ليقول بنبرة قاسية / لو تبين ترتاحين صدق , سامحي نفسك على هالشيء بس , إنك خليتيني أطلقك . نوى عايض أن يوبخها أكثر وينبهها , علها تستيقظ على الواقع وحتى الحقيقة من حولها , وتنسى الماضي . إلا أن صوت عاطف العالي منعه / عايض إيش عندك يلا مشينا . نظر إليها نظرة أخيرة , عميقة .. مليئة بالشوق والغضب والعتاب . هي أيضا رفعت عيناها المحمرتان والمليئتان بالدموع . لتلتقي أعينهما , في حديث صامت .. موجع لكليهما . كل منهما يهمس لنفسه بشيء , ويود لو أن الآخر يسمعه فيستجيب . يُمنى ترجوه أن يسامحها . وعايض يرجوها أن تنسى وتعود إليه . فالشوق حقا , قد أعلّ قلبه ! اقترب من السيارة , ليفتح الباب من جهة عاطف / سوق انت . نظر عاطف إلى ملامحه المتجهمة والمتعبة , لينزل ويجلس بمكان السائق ويلتفت إليه / لو كنت عارف إنك بترجع كذا ما خليتك حتى تكلمها . أسند عايض رأسه على المقعد , بعد أن أعاده إلى الخلف ليغمض عيناه / اسكت يا عاطف . نظر إليه عاطف بحزن , وشغل المحرك ليبتعد وفكره مشغول باثنين , شقيقه ونوف . قبل خروجه جعل لينا تسأله إن كانت تريد العودة , فأخبرتها أنها عادت إلى المنزل بالأمس فعلا , برفقة عمر . عمر الذي تحول إلى شخص يملك قنبلة موقوتة بداخله بعد فقدانه لابنته بسبب خطأ غير مقصود . ينفجر فجأة , ويعود إلى طبيعته بذات السرعة . قلِقَ عليها بشدة . تلك الضعيفة , التي تتأُثر سريعا وتتأذى من أي كلمة مهما كانت صغيرة وقد لا تؤثر على أي شخص عادي . في نفس الوقت .. تتظاهر بالقوة , وتدعي أنها لا تتأثر بشيء .. إطلاقا . إلا أنه يشعر بها دائما . وصلوا إلى المنزل أخيرا .. لينزل عايض , ويتجه عاطف إلى العمل . دخل إلى حجرته , وبدل ملابسه سريعا . واستلقى على سريره . أغمض عيناه بتعب , والذكريات تعصف بعقله . تتعبه بشدة . ذلك اليوم , حين استدعاه والده إلى منزل عمه . بعد سنة مما حصل بيُمنى . حين دخل إلى مجلس عمه , ليجده ووالده . جلس بجانب والده مرتبكا , يمرر عيناه عليهما . حين أخبره عمه بالصاعقة .. واتسعت عيناه بصدمة . هل حقا .. يريد منه أن يتزوج يُمنى ؟ نطق بصدمة / بس ليش يا عمي ؟ ليش تبي تزوجها بهالسرعة ؟ هي لسه صغيرة , وأنا بعد توي دخلت العشرين . عمه بهدوء / بس ملكة يا عايض , أبيك بس تملك عليها والزواج بعد ما تخلص دراستك إن شاء الله . ظلّ عايض ينظر إليهما بصدمة وغير تصديق . ليقول وهو يضحك / بس ليش يعني ؟ ليش تبي تزوجها بهالسرعة . ابتسم له عمه / أنا أيامي معدودة يا ولدي , وما أدري متى بموت وأترك هالضعيفة لوحدها , عمتك بعد صارت تضعف وما تقدر تنتبه عليها أكثر . ضحك عايض مرة أخرى بغير تصديق / طيب ليش أنا ؟ ليش مو أحد غيري من أولاد عمي ؟ أكمل بعد صمت قصير / انت أكيد خايف عليها من بعد اللي صار العام , واللي أنقذها ذاك اليوم كان سلمان , ليش ما تزوجها إياه . رد والده بحدة / إنت تعرفه يا عايض زين , عمك لو كان يثق فيه ومرتاح له ما كلمك , انت شخصيا تكره حركاته . تأفف عايض بداخله , نعم يكره سلمان .. ويكره صفات سلمان الغير سوية . ولكن فكرة زواجه من يُمنى غير معقولة إطلاقا . تلك الطفلة .. التي غابت عن عيناه منذ عام واحد فقط . لا زال يشعر وكأنها مثل شقيقاته ! سأل عمه / انت ليش ما تبيها يا عايض ؟ ارتبك عايض / مو لشيء يا عمي , بس أنا ما أشوفها إلا كأخت لي , وهي صغيرة وأنا بعد صغير , حتى لو الزواج بعدين مو قادر أستوعب الموضوع . رفض بشدة , واعترض ألف مرة . قبل أن يجد نفسه جالسا في مجلس عمه الواسع مرة أخرى , بحضور الجميع .. أعمامه واشقاء يُمنى .. ووالده الذي أرغمه على فعل ما لا يريد . ويجد نفسه ينطق بالموافقة . لتصبح يُمنى زوجته بين ليلة وضحاها . كالحلم كان ذلك الأمر ! ______ نوف .. كانت منشرحة الصدر , مرتاحة الخاطر . حين استيقظت وتذكرت أن هيفاء ليست موجودة . اغتسلت وارتدت لباسا مريحا , ووضعت مكياجا خفيفا . لتنزل وهي تغني بصوت منخفض . حتى وصلت إلى الأسفل . واتجهت إلى المطبخ , فتحت الأنوار .. وبدأت تعد الإفطار وهي مرتاحة البال تماما . حين انتهت جهزت الطعام على الصينية , وحملتها حتى غرفة والدتها . فتحت الباب على مهلها بعد أن وضعت الصينية على الأرض . وجدت أمها تجلس على سجادتها على الأرض , وتقرأ القرآن . اقتربت منها وقبلت رأسها / تقبل الله يا أمي . أغلقت المصحف ووضعته على المنضدة / منا ومنك حبيبتي , وش هالصباح الحلو يا نوف ؟ من متى ما نزلتي لي في الصباح . ابتسمت نوف وهي تجلس أمامها / معليش يمه سامحيني , وهذا فطورك . بدآ بتناول الطعام وهما يتحدثان ويضحكان . كما لو أنهما لم يجلسا مع بعضهما منذ فترة طويلة , وهذه حقيقة ! حتى وقف عمر بجانب الباب , ينظر إليهما بصمت , ثم قال بابتسامة / ما عزمتيني على الفطور يا نوف . رفعت نوف رأسها متفاجئة , لتقول بارتباك / تعال تونا جالسين . اقترب منهما عمر , وقبل رأس والدته . التفت إلى والدته حين سألت / وين هيفاء ما رجعت معك أمس ؟ أجابها عمر وهو يمضغ لقمته بامتعاض / ما رضت ترجع , ودها تقعد كم يوم بعد . ضايقت نوف النبرة التي تحدث بها عمر . إلا أنها ابتسمت رغما عنها وهي تقف / بروح أجيب الشاي . أسرعت نحو المطبخ , وقلبها يخفق بعنف . لقد كان يقصد أن تشعر بالذنب مرة أخرى . تنفست بعمق , وأغمضت عيناها حتى لا تبكي . عادت إلى غرفة أمها بيدها صينية الشاي الذي أعادت تسخينه والأكواب الصغيرة . انصدمت واتسعت عيناها بدهشة وهي تسمع ما يقوله عمر لأمه / حاولت أقنعها كثير يا يمه , بس والله ما هي راضية ترجع , تقول مستحيل تقعد أكثر في بيت فيه نوف , وأنا ما ألومها يا يمه تحملتني كثير والعيب مني , ويوم جبنا هالبنت بصعوبة راحت منها قبل لا تفرح فيها زين , وحاليا فرصة الإنجاب معدومة بالنسبة لي . توقف قليلا قبل أن يكمل بصعوبة وهو يبتلع ريقه بمرارة / أنا مضطر أطلقها مثل ما تبي يا أمي , ما عندي خيار ثاني . شهقت نوف بصدمة , وأسقطت الصينية دون أن تشعر . ليسقط الشاي الساخن على فخذها الأيمن , مرورا على قدمها . الغير مصابة ! سقط قلب أمها وهي تسمع صراخها العالي . وركض عمر نحو الباب , عيناه متسعتان بصدمة . لينحني ويجلس بجانب رجلها التي تضعها يدها عليها وتتلوى . سرعان ما ابتل وجهها بالدموع . وصراخها يعلو ويعلو بنحيب حزين . أسرع عمر نحو المطبخ , بينما قامت أمهما بصعوبة من مكانها . وشهقت وهي ترى ابنتها تتلوى بفعل الشاي الساخن والذي أنزلته نوف من الموقد للتو . بكت على الفور , وهي تجلس بجانبها . وليس بيدها أي حيلة . سوى اللجوء إلى الله أولا بالدعاء . ثم الاتصال بالإسعاف بيد مرتجفة . عاد عمر من المطبخ يحمل بيده سطل ماء بارد . وسكبه على فخذ نوف التي تعالت صرخاتها أكثر , قبل أن تتمكن الأم من منعه ! رفع يديه إلى رأسه , وهو لا يعرف ماذا عليه أن يفعل . وترته صرخاتها وأربكته . صعد إلى حجرتها , لينزل وهو يحمل عباءتها .. وقميص طويل وجده معلقا على المشجب . أعطاهما لوالدته الجالسة بجانب نوف تحاول تهدأتها / لبسيها يمه بانتظر برة . وصل الإسعاف في الوقت المناسب , بعد ان انتهت الأم من تبديل ملابس نوف , وارتدائها بالعباءة وهي منهارة تماما . ليس فقط بسبب ألم الحرق . بل أيضا بسبب ما سمعته . كانت سبب فقدان أخيها للطفلة , الآن لا تريد أن تكون السبب في فقدانها لزوجته ومحبوبته أيضا . |
![]() |
![]() |
#3 |
![]() |
![]()
السادسة مساء ..
فتحت يُمنى عيناها على صوت الهاتف , لتأخذه وترد على المتصلة . حسناء التي أخبرتها أنها تنتظرها بالأسفل , حتى تذهبان إلى السوق . تجهزت يُمنى على وجه السرعة , وتوضأت قبل الخروج . كانت متحمسة جدا لشراء المستلزمات . إلا أن فكرة الاختلاط بالناس في الخارج , تخيفها جدا . لذا بعد أن ارتدت عباءتها وحذاءها , وحملت حقيبتها والنقاب .. جلس فجأة بالقرب من الباب . ترتجف مغمضة عينيها . حتى أتاها اتصال آخر من حسناء , أجفلها وجعلها تعود إلى الواقع , لتجيب وتقول / حسناء تكفين تعالي خذيني من عند الباب , أخاف أنزل لوحدي . حسناء بدهشة / شوفوا البزر , ترى كلها خطوتين وتوصلين المصعد .. تضغطين على g وبس تخرجين من المصعد الباب قدامك , خايفة من إيش ؟ وقفت يُمنى تسند يدها على الحائط / تكفين حسناء , أخاف يكون في أحد في المصعد . تنهدت حسناء / تعالي من السلم أجل , والله ما فيني حيل أطلع لك , تكفين يُمنى والله تعبانة من الدوام وما نمت زين من أمس . هزت يُمنى رأسها بإيجاب / طيب يلا ثوانِ بس . أغلقت الخط , ومسحت وجهها بقوة بعد أن أدخلت الهاتف داخل الحقيبة . ارتدت نقابها .. وخرجت بخطوات مترددة , بعد أن نظرت إلى الممر ولم تجد أحدا . أقفلت الباب خلفها واتجهت ناحية السلم , وهي تذكر الله ألف مرة , وتدعوه أن لا تقابل أحدا أمامها . هذه الحمقاء حسناء .. ما الذي جعلها تترك منزل عائلتها وتسكن في العمارة الخاصة بموظفي العيادة ..! حين وصلت إلى المنتصف بالضبط .. توقفت في مكانها , وهي ترى شابا يصعد نفس السلم . ارتجفت عيناها وهي تنظر إليه بخوف , ثم تلتصق بالحائط . استغرب الشاب من حركتها . إلا أنه تجاهلها وصعد بخطوات واسعة . أغمضت عيناها براحة , وجلست في مكانها . بعد أن شعرت بصداع خفيف . نعم يُمنى .. ليس كل الشباب أو الرجال سواسية . يوجد الكثير مثل هذا الذي تجاهلك للتو ومر من جانبك دون أن ينظر إليك . ويوجد الكثير مثل مساعد المراعِ جدا لخاطر الجميع . ويوجد أيضا الكثير مثل عايض , الذي لم يتغير ولم يفكر في فتاة أخرى سواها هي , من كانت زوجته ذات يوم . ذكرت الله وهي تقف مرة أخرى . وتعدل حجابها وتكمل النزول , مخفضة رأسها . حتى وصلت أخيرا إلى سيارة حسناء . ركبت وألقت السلام , ثم نظرت إليها متعجبة / بسم الله حسناء شوفي عيونك كيف محمرة , ليش ما نروح بكرة ؟ حركت حسناء السيارة / عادي يا روحي , انتي مو متحمسة ؟ يُمنى بضحكة / الا بموت من الحماس وربي , بس عاد ما أبيك تتعبين كذا وتحملين نفسك فوق طاقتك . ابتسمت لها حسناء / كل شيء يهون لعيون حرم عايض . اتسعت عينا يُمنى بدهشة , لتضربها على ذراعها بقبضتها / حسناء والله بزعل منك وش هالكلام ؟ مثلت حسناء الصدمة / ما عرفناك لك ياخي , زعلتِ يوم قلت إني باخذه , وتزعلين لو نبيك تأخذيه بعد , وش فيك ؟ يُمنى بحدة / ما فيني شيء اسكتي . ضحكت حسناء وهي تنظر إليها بطرف عينها . لتكبر الله بصوت عالِ حين ارتفعت أصوات المؤذنين لصلاة المغرب في الخارج . أوقفت السيارة أمام متجر كبير .. للتجها ناحية مصلى النساء أولا . بعد ساعة .. وبعد أن انتهوا من شراء الرداء الخاص بالمرحلة المتوسطة , والحذاء والحقيبة . اتجهوا إلى المكتبة الكبيرة الموجودة في نفس المتجر . كانت يُمنى تمسك بيد حسناء طوال الوقت , بل وتشد عليها بقوة . حين يمر من جانبهم أحد ما .. التصقت بحسناء واقتربت منها أكثر . كانت حسناء تتفهمها , ولم تغضب أبدا . فيُمنى لم تخرج من المنزل منذ عشر سنوات إلا إلى الأماكن القريبة جدا . كيف وهم بسوق مليء بأنواع من البشر المختلفين . وفي هذا الوقت من السنة , حيث يخرج الجميع يتقضون من أجل المدرسة أو الجامعة . تأففت حسناء وهي ترى هذا الجميع الكبير بجانب الدفاتر والأقلام والأدوات المدرسية المهمة والمعروفة . أمسكت بذراع يُمنى جيدا , وجذبتها معها حتى ابتعدتا عن ذلك الازدحام إلى بقعة أقل ازدحاما , حيث الأجهزة الالكترونية . حسناء / وتقول نأجل الطلعة , لو جيتِ بكرة ولا بعد بكرة كانوا بيسحقونك ولا يهتمون , يلا اختاري لك جهاز لا بتوب , ولا أقول لحظة بشوف لك المواصفات . يُمنى / ما احتاج لابتوب , وماأعرف له أساسا . حسناء وهي تمشي ببطء وتقرأ مواصفات الأجهزة المعروضة / بتحتاجين الحين الدراسة مش مثل قبل , بيكون عليك بحوثات وواجبات ونشاطات منزلية ما راح يمديك تسوينها بسهولة بالجوال , وأنا بعلمك لا تشيلين هم . وقفت يُمنى في مكانها تنظر إليها بملل . لقد تعبت جدا . ألم تتعب حسناء بعد ؟ شهقت وهي ترى حسناء تصطدم بأحدهم كان قادما من الجهة الأخرى . ولم تنتبه إليه حيث كانت تمشي وهي تنظر إلى الأجهزة . بينما الآخر ينظر إلى هاتفه , ويحمل بيده الأخرى كوب قهوة مليئة . لذا حين اصطدما وقعت القهوة على الأرض , بعد أن سقط بعضا منها على عباءة حسناء . وبالطبع .. على الشخص المتأنق جدا . بثوبه الأبيض الناصع , وغترته المرتبة والمكوية جيدا . ظل الاثنان ينظران إلى الأرض بصدمة , وغضب .. إلا أن الاشتعال المبدئي كان من جهة حسناء بالطبع , التي أطلقت لسانها بغضب / ماشاء الله تبارك الرحمن , لا أبد ما عندك عيون , ما تشوف , ولا ايش رايك تمشي وانت مغمض ؟ هااا ؟ رد الآخر بنفس نبرتها / انتي العميا مو أنا , في أحد يمشي على جنبه وما يطالع الطريق ؟ تكتفت حسناء / لا والله ؟ وليش حاطين الأجهزة كذا بحيث ما نشوفها إلا من الجنب ؟ يا موظف ؟ تنحنح وهو يمسك ببطاقته , قبل أن يكمل / بس برضوا المفروض تكونين منتبهة , تدرين المدير قد إيش معصب من غيابي , واليوم جاي متكشخ عساه يرضى , عاجبك منظري الحين . صمتت حسناء بدهشة , قبل أن تمد يدها نحوه بسرعة خاطفة وأمسكت بالشريط الحامل للبطاقة وسحبتها حتى صارت البطاقة بيدها وشهقت . قذفت عليه بطاقته التعريفية مرة أخرى , لتنحني وتأخذ كوب القهوة الذي فيه القليل منها , ورفعتها وتسكب الباقي عليه / صدق انك ما تستحي , ذاك اليوم عطلتني عن الروحة للديرة , واليوم قاعد تسوي لي مشاكل عشان القهوة ؟ يعني لا سن صاحي ولا عيون ؟ أجفل بدر من حركتها أولا , ومن معرفتها ثانية . ظلّ ينظر إليها بدهشة وذهول , ثم ضحك بغير تصديق / آسف آسف , أنا ما أدري شلون ما عرفتك يا أم عيون حلوة يا دكتورتي يا جميلة , يا منقذتي يا ……… كانت حسناء تنظر إليه بعينين متسعتين , قبل أن تلتقط الكوب مرة أخرى وتقذفه عليه , ليبتعد إلى الوراء وهو يضحك / يا جليل الحيا . بدر / آسف والله آسف خلاص أنا الغلطان , ولو كنتي انتي غلطانة بعديها لأنك انقذتيني . التفتت حسناء إلى من أمسكت بذارعها من الخلف / هاااه ؟ وش تبين انتي بعد ترى أعصابي رايحة فيها . تفاجأت يُمنى من ردة فعلها , لتقول بنبرة منخفضة / خلينا نخلص بسرعة ونروح , مو قادرة أتحمل أكثر , بعدين إيش فيكم انتوا ؟ تعرفينه ؟ نظرت إليه بغضب / أعرفك ؟ إيه أعرفه خلعت ضرسه , وبما إنك موظف هنا سو فينا خير وهات جهاز مواصفاته عالية وتناسب المبتدئين . شهقت يُمنى من نبرة حسناء الغير مقبولة بالنسبة إلى شخص غريب . ولكن ردة فعل بدر كانت أغرب / ابشري ثوانِ بس , إذا تعبانين يا دكتورة تقدرون ترتاحون هناك عند الطاولات حقت الكتب . قالها ونوى الابتعاد , إلا أن حسناء أوقفته مرة أخرى بنبرة آمرة / لو سمحت , جيب لنا مرة وحدة كل الأغراض اللي ممكن تحتاجها بنت في أول متوسط . يُمنى بنبرة مستنكرة / حسنا ! خلاص ياختي أنا بدور وش هالوقاحة مع الموظف ؟ حسناء / مريضي هذا يدري لو ما سمع كلامي ما ارح أعالجه زين في المراجعة . ضحك بدر / مو مشكلة يا دكتورة ارتاحوا هناك بجيب لكم كل شيء . تنحنحت حسناء وهي تمشي بكبرياء وخطوات واثقة . مر بعض الوقت , قبل أن يأتيهم بدر حاملا معه سلة بها جميع الأدوات المدرسية , ويُمنى تنظر إليه بذهول / وهذي كل الأغراض اللازمة , وبالتوفيق لأختك في دراستها . حسناء / مو اختي , بنت اخوي . نظرت إليها يُمنى بدهشة / مين بنت أخوك ؟ حسناء / انتي , لا قصدي انا عمتك , لا لحظة .. انتي عمتي وانا بنت اخوك . هزت يُمنى رأسها بملل / الله يعين لو كنتِ صدق تعالجين مرضى , يلا نمشي ؟ وقفت حسناء تحت أنظار بدر المذهولة / الحين هذي عمتك وانتي بنت أخوها ؟ اللي يشوفكم من بعيد بيقول أم وبنتها . ابتسمت يُمنى على ردة فعل حسناء حين شهقت / ايش قصدك أنا لهالدرجة كبيرة ؟ بدر بابتسامة / آسف آسف , ولكم خصم خاص مني . حسناء بدهشة / من جد ؟ كم بتخصم مثلا ؟ وكيف يعني وش دخلك ؟ انحرج بدر كونه أخبرها سابقا أنه معاقب من المدير / محل أبوي . صفقت حسناء بمرح / يا ليت كل مرضاي عندهم محلات والله يمديني أشتري أشياء كثيرة بأقل الأسعار . ضحك بدر وحمل الأشياء ليسير أمامهم . ويُمنى تنظر إلى الاثنين بذهول وغير تصديق . أمسكت بذراع حسناء وقرصتها / والله انك صدق ما تستحين على وجهك , لا تقولين انك عادية كذا مع الكل ! يعني مو عشان أبوك سمح لك تسكنين لوحدك وبعيدة عنه تأخذين راحتك كذا ؟ حسناء بغيظ / لحظة وش الغلط اللي سويته ؟ وإيه أنا كذا مع الكل , بعدين هو أصغر مني بكثير لو كان أكبر مني كنت احترمته واسكتي يا بزر . تنهدت يُمنى بضيق . لم يعجبها الوضع إطلاقا . أصبحت كمن يرى الدنيا ويخرج إلى الخارج لأول مرة ! وسنوات سجنها كانت منذ بداية عمرها وليست عشر سنوات فقط . ______ نزل من حجرته منهك القوى بسبب نومه الطويل , منذ الثانية مساء وحتى الآن .. والساعة تشير إلى الثامنة . فالجميع كان نومهم قليلا في الديرة , ثم الأجواء الحارة تجعل الواحد متعبا بحق . جلس على احدى الآرائك في الصالة , ينادي العاملة ويطلب منها أن تحضر له بعض الطعام . حين رنّ الهاتف الأرضي , أخذ السماعة ليرد بهدوء / هلا . خفق قلبه بعنف وهو يسمع هذا الصوت / السلام عليكم . اعتدل بجلسته وكأنها تراه ,ورد بارتباك / وعليكم السلام يا هلا , نوف ؟ نوف بنبرة باكية / إيه نوف , مين إنت ؟ ابتسم بألم , هل حقا حتى الآن لا تعرف أن تميز صوته من صوت أخيه / عاطف . كأنه سمع صوت تنهيدة ضيق , حين قالت / طيب وين لينا ؟ أدق عليها من الصبح ولا ترد . عاطف / مدري وينها أنا دوبي صحيت , نوف فيك شيء ؟ بكت نوف فجأة / تكفى عاطف جيبها عندي أنا احتاجها , الله يخليك عاطف . عقد عاطف حاجبيه , وقلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه خوفا عليها / عسى ماشر نوف وش فيك ؟ شرحت له نوف ما حصل اليوم في الصباح الباكر . وهي تشهق وتبكي , أنهت حديثها بـ / الحين عندي رجل صناعية والثانية مشوهة . لتضحك بسخرية وألم . أغمض عاطف عيناه بضيق , متألما عليها / ما عليه نوف , أكيد بتتعالجين وتطيبين . نوف / طيب بتجيب لينا ؟ عاطف / وينك انتي الحين ؟ في البيت ولا المستشفى . نوف / لا رجعوني البيت , الحرق كان سطحي والمسعفين وصلوا بسرعة , لو ما كب علي عمر الموية يمكن ما تشوه جلدي . عاطف / يلا ربع ساعة وتكون عندك لينا . وضع عاطف السماعة في مكانها , ليركض إلى الأعلى .. ويدخل غرفة لينا وضحى , بعد أن طرق الباب وأذنت له ضحى . حيث كانت تجلس على جهازها وأمامها الكثير من الأكلات الخفيفة , نظرت إليه بتساؤل / بسم الله عطوف وشفيه وجهك كأنك خايف عسى ماشر ؟ تجاهلها عاطف ليتجه نحو لينا النائمة . سحب منها البطانية , وأمسك بيدها ليوقفها وهي نائمة / قومي بسرعة قومي . فتحت لينا عيناها بصدمة ودفعته وهي تجلس / وش فيك يالهمجي ليش تصحيني كذا ؟ أوقفها عاطف مرة أخرى / نوف من متى تتصل وما تردين عليها ؟ يلا البسي عبايتك وانزلي لي , يلا . لينا بلهفة / ليه وش فيها نوف ؟ عاطف / تعبانة وتبيك الحين , يلا . خرج بسرعة كما دخل , ليتجه إلى غرفته ويبدل ملابسه . تبادلت ضحى النظرات مع لينا المتعجبة . ابتسمت الصغيرة بمكر , ملامح عاطف لم تكن عادية . بينما لينا أسرعت لتبدل ملابسها وترتدي عباءتها . توقف عاطف أمام محل ورود , ثم محل شوكولاتة . ولينا متعجبة منه ومن استعجاله في التحرك . حتى وصلا أخيرا إلى منزل الخالة بعد نصف ساعة . حين طرقا الباب , فتح لهما عمر واستغرب , ليرحب بعاطف ويدخله إلى المجلس . بعد أن أخبر لينا أن نوف في غرفة والدته . أسرعت إلى الغرفة , واندفعت ناحيتها لتجلس أمامها بخوف / نوف حبيبتي إنتي بخير ؟ فتحت نوف عيناها بوهن , لتقول بعتاب / ليش ما رديتي علي ؟ لينا / آسفة يا نوف والله كنت نايمة والجوال مو جنبي . جلست نوف بصعوبة / مو مشكلة , اهم شيء جيتي , عاطف جابك ولا ؟ لينا / إيه هو , كيف حاسة الحين ؟ نوف / والله بموت يا لينا , تعبانة مرة .. مو من الحرق , قلبي يعورني على عمر . لينا / وش صاير ؟ نوف بغصة / تخيلي يفكر يطلق هيفاء ؟ والسبب أنا . نظرت إليها لينا بذهول , لتبتلع ريقها وتكتفي بالصمت . ليس لديها أي رد . ابتسمت نوف بسخرية من ردة فعلها , لتسند ظهرها على المخدة . والهم في قلبها يزيد أكثر . |
![]() |
![]() |
#4 |
![]() |
![]()
صباح الأحد ..
يوم عودة الجميع إلى أعمالهم ودراستهم . تجمع الجميع حول الطاولة أخيرا , بعد أن أصبحت الأمور فوضوية في الإجازة . إلا أنه لم يكن أحدا منهم متيقظا . بل يأكل الطعام غصبا . حين قال والدهم , ما جعلهم ينتبهون جيدا , وتتسع أعينهم بغير تصديق / متى بتتزوج يا عايض ؟ نظر عايض إلى والده بذهول , ليرد / وش جاب الطاري الحين ؟ لم ينظر إليه والده بل أبقى نظره على الطعام / ولازم يكون في مناسبة عشان أفتح الموضوع ؟ أمك بتبدأ من اليوم تدور لك بنت الحلال اللي تناسبك إن شاء الله . ترك عايض ما بيده , وعيناه متسعتان بدهشة / يبه من جدك ؟ أنا ما قلت إني موافق أو بتزوج الحين . والده بصرامة / ليش وإيش اللي يمنعك ؟ مر على سالفتك انت ويُمنى خمس سنين ليش للحين مو راضي تتزوج وحدة ثانية وتكمل حياتك ؟ عايض / أنا قاعد أكمل حياتي يبه ومو شرط تكون معي زوجة , وبعدين انت اللي أجبرتني أتزوج يمنى وانت أجبرتني أطلقها , معقولة بتعيد نفس الشيء وتخليني أظلم بنت الناس . نظر إليه والده بحدة / احترم نفسك يا عايض , ما أجبرتك على شيء , عمك كان يبي يأمن بنته على يدك لكن ما كنت كفو لين ضيعتها وندمت , والطلاق يمنى اللي كانت مصرة عليه مب أنا . ضحك عايض بألم وسخرية , وهو يسمع من والده الحقيقة المؤلمة . التي تجعله يعض أصابع الندم كل ليلة , حين يتذكر أنه لم يكن لها الملجأ الآمن الذي تمناه والدها لها . رد بعد تنهيدة ضيق صادرة من أعماق قلبه / اللي صار صار يا يبه , وأنا بقول لك الصراحة , ماني مستعد أتزوج حاليا , إلا إذا كانت هالزوجة يُمنى طبعا . عمّ الصمت أرجاء الصالة , وظل الجميع ينظر إلى عايض بغير تصديق . تسارعت دقات قلوبهم خوفا من غضب والدهم الذي لا يحمد عقباه . ولكنه فاجأهم بنبرته الهادئة / انسى يُمنى يا عايض , وتزوج وحدة ثانية من أقارب أمك أحسن لك , ما تجي الصيفية الجاية إلا وزوجتك في بيتك . اختنقت أنفاس عايض , ولم يتمكن من الرد على والده بسبب الصداع الذي داهمه . لن يجادله أكثر . فهو يكره أن يعارض والده , فلا يدري أي عبارة قد تكون بمثابة الحرفين ( أف ) الذي نهى عنهما الله . ولكن الأمر صعب . كيف سيتقبل ذلك ؟ كيف سيرضى بفتاة أخرى غير يُمنى تكون زوجة له ؟ ولمَ والده مصر على الموضوع بهذا الشكل ..! وفجأة ؟ هل حصل شيء ؟ وقف بهدوء وغادر دون أن يتفوه بأي حرف آخر . لينظر اخوته إلى بعضهم . وهنادي تتناول طعامها بصمت دون أن تبدي أي ردة فعل . فهي أيضا لا تريد أن يتزوج ابنها بهذه الطريقة . رغما عنه . وإن كانت لا ترغب بأن تعود يُمنى إلى عايض بعد كل ما حصل . راشد / تعرفون أحد من أقاربكم يا بنات ؟ بنت بعمر زواج . رفعت هنادي عيناها إليه بغيظ . هل هو جاد ؟ هل يريد أن تكون تلك الفتاة التي سيظلمها عايض من جهتها هي , ضربت الطاولة بيدها بخفة / مافي أحد يا راشد الولد ما يبي يتزوج حتى لو تزوج يشوف له وحدة غير بنات خواتي مفهوم ؟ تجاهلها راشد والتفت إلى بناته / ها يا بنات ؟ تبادلن النظرات , لترفع لينا يدها وكأنها تشارك في حصة دراسية , تقول بهدوء / في نوف . رفع عاطف رأسه بصدمة , وارتجف كأنه أصابه مس . انتبهت إليه ضحى , لترفع صوتها / لا وين نوف مو مناسبة لعايض , أبدا مو مناسبة . ظل عاطف يترقب ردود أفعالهم , وقلبه يخفق بعنف . اتسعت عيناه أكثر وهو يسمع ما يقوله والده / لا بالعكس أنا أشوفها مناسبة , شاوري عايض يا هنادي واخطبيها . وقفت نجد الصامتة منذ البداية , الوضع لم يعجبها إطلاقا , ووقف معها عاطف ليغادر بعد أن سلم عليهم . وصعدت نجد إلى حجرتها لتكمل نومها , فهي لا تدرس ولا تعمل . حين ركب عاطف سيارته وهو يشعر بجسده ساخنا من انفعاله المكبوت . يشعر بقهر العالمين في قلبه . التفت ناحية سيارة عايض حين أنزل نافذته / نعم . عايض بابتسامة / بسم الله وش فيه وجهك كذا ؟ لا تقول بيجبرك انت بعد ؟ نزل عاطف من سيارته وركب بجانب أخيه بعد أن أطفأ محرك سيارته / ياخي هذي اللينا صدقني بذبحها وبشرب من دمها . عقد عايض حاجبيه باستغراب / ليش وش صار ؟ التفت إليه فجأة , وأمسك بمقدمة قميصه بقوة / والله يا عايض لو وافقت تتزوج نوف إني بذبحك فاهم ؟ ضحك عايض وهو يدفعه إلى الخلف / مجنون انت وش يخليني أتزوجها ؟ صمت بصدمة وكأنه استوعب للتو / لحظة , لا تقول لينا رشحت نوف لي ؟ وأبوي موافق ؟ صرخ عاطف / إيه موافق . عايض بابتسامة جانبية / شفت أبوي كيف عصب من رفضت الزواج , تعتقد بيسمعني لو قلت ما ابي نوف ؟ اتسعت عينا عاطف بصدمة / هيي لحظة وش قصدك ؟ لا تقول انك بتوافق ؟ تنحنح عايض / ما عندي مانع , نوف بنت حلوة ومؤدبة وراقية . ضربه عاطف على كتفه بقوة / والله يا عايض اذا تزوجتها اني بقطع علاقتي فيك . عايض / أفااا , بنت تفرقنا يا عاطف ؟ عاطف الذي احمر وجهه بشدة , هدأ قليلا / تكفى ياخوي لا تصدمني , قول انك تمزح , انت الوحيد اللي عارف إني احبها لا تجرحني ياخي . عايض / طبعا أمزح يا مجنون مدري وشلون صدقت , شكلها من جد ماخذة عقلك . أسند عاطف ظهره على المقعد براحة / الحمدلله , بغيت انجلط صدق , لا تعيدها لو سمحت . شغل عايض المحرك / خلاص قوم روح . عاطف / نزلني في طريقك , أدري وأنا بهالحالة يمكن أسوي حادث وأموت من القهر . عايض وهو يحرك السيارة / آآآخ أنا اللي بموت مب انت , الله يسامحك يا يُمنى يوم تركتيني كذا . عمّ الصمت في السيارة . عاطف يشعر بالحزن على أخيه , والهم على نفسه . لا يريد أن يخسر الشيء الوحيد الذي تمناه في حياته . نوف .. أحبها منذ الصغر . بينما هي منشغلة عنه تماما , ولا تعرف شيئا مما في قلبه لها . عايض أيضا .. يفكر في أمر الزواج . هل حقا سيضطر يوما أن يرتبط بأخرى غير يُمنى محبوبة قلبه ؟ عاطف هذا المسكين .. ربما لا يعرف عن نوف شيئا , أنها معجبة به . لم تصرح هي بهذا الشيء . ولكنه يفهمها جيدا . نظراتها له غير عادية . وإلا هي فتاة جيدة وطيبة من جميع النواحي . لو أنه لم يعرف شيئا عن مشاعرها تجاهه , لتمنى التوفيق لأخيه معها بالتأكيد . ولكن الآن , الوضع ليس على ما يرام , مطلقا ! محتار جدا . هل عليه أن يصارح عاطف بما يجول بخاطره ؟ ويكسر قلبه منذ البداية ! أم يجعله يستمر في حبها , حتى ينالها ربما . حين يكتشف الأمر ذلك الوقت , سينصدم أكثر بالتأكيد . إذا عليه أن يخبره الآن . ولكن .. ربما يكون ذلك مجرد شك , لا أساس له من الصحة . يعني , إن كان مخطئا . سيفسد الأمور , ويجرح قلب أخيه من أجل اللاشيء ! ويسيء إلى نوف , ويشوه صورتها بأعين عاطف . رحمتك يارب . _____ توقفت السيارة أمام مبنى المدرسة المتوسطة . لتلتفت يُمنى إلى حسناء بخوف , نظرت إليها الأخرى بتشجيع / لا تخافين يُمنى , انتي قدها . أغمضت يُمنى عيناها وتنفست بعمق , لتهز رأسها وتنزل . دخلت من الباب .. وتوقفت بالقرب منه . تنظر إلى هذا المنظر الجميل للمدرسة . الطالبات في كل مكان , صديقة مع صديقتها . أو عدة فتيات مع بعضهن . وبعضهن يجلسن بمفردهن . بعض المعلمات أيضا منتشرات في الأنحاء . تقدمت بخطوات بطيئة , وهي تشعر بالتوتر والارتباك .. وتشعر بأن جميع الأنظار عليها . دخلت إلى الساحة الداخلية الأقل ازدحاما من الخارجية . لتخلع عباءتها وتجلس على الأرض بجانب الحائط , بعيدا عن الجميع . امسكت بكفيها وهي تتأمل المكان والفتيات . الفتيات في صفها سيكونون في الثانية عشر بالتأكيد , وهي أكبرهن . كيف تشعر بروحها أصغر منهن ! يا إلهي هذا محرج جدا ! سيلاحظون كبر سنها بالتأكيد . فزعت فجأة حين جلست بجانبها احداهن . نظرت إليها بوجل , إلا أن الأخرى ابتسمت لها / شكلك جديدة . يُمنى بعد صمت قصير / إيه . مدت الفتاة يدها تصافحها / أنا كمان جديدة , اسمي لمياء . ابتسمت يُمنى بتردد وهي تصافحها / وأنا يُمنى . لمياء / تشرفت فيك يُمنى , صف ثالث ؟ ضحكت يُمنى رغما عنها , لو كان هناك صف آخر أعلى لما ترددت هذه الفتاة في وضعها به , هزت رأسها نفيا / لا , أول . اندهشت الفتاة , إلا أنها ضحكت تتدارك الوضع / معليش حسبتك مثلي لأنك قدي تقريبا بس انتي أطول . اكتفت يُمنى بابتسامة , سأواجه الكثير مثلها بالتأكيد . من سينصدمون من كوني طالبة في الصف الأول . يا إلهي , كان من المفترض أن أكون طالبة منتسبة . لو لم يتدخل مساعد وأتى بواسطة تسمح لها بالدراسة المنتظمة لكانت منتسبة بالفعل . رنّ الجرس أخيرا .. لتدخل جميع الطالبات , ويقفن في الطابور . حين خرجن من المعلمات , اتسعت عينا يُمنى بدهشة وفرح في آن واحد . وهي ترى بُشرى . ظلت تنظر إليها وتبتسم , حتى انتهت كلمة المديرة .. وبدأت الطالبات بالصعود إلى فصولهن . اتجهت هي ناحية بشرى . ضحكت الأخرى وفتحت ذراعيها . عانقتها يُمنى بسعادة / إيش تسوين هنا بشرى / كيف المفاجأة بس ؟ طلبت نقل لهالمدرسة عشانك بس . يمنى / يا حبيبتي , أنا صدق كنت خايفة ومرتبكة لوحدي , كويس جيتي . مرت الساعات على يُمنى ثقيلة وبطيئة .. وهي تجلس بمفردها في آخر الصف في الخلف. كل من دخل إلى الفصل الذي هي به . نظر إليها بتعجب واستغراب . فهي حقا , تبدوا كبيرة نوعا ما .. طولها لم يكن المشكلة , فأغلب الفتيات في الثانية عشر , أطول منها ربما . ولكن ملامحها تجعلها تبدوا ناضجة , وأنها بالفعل شابة وليست مراهقة . ثم تلك الندبة ..! بالتأكيد هي سر نظراتهم . لم يمثل تجنب الفتيات لها مشكلة . فهي أساسا لا ترغب في تكوين أي صداقات مع أي فتاة . وهي غير اجتماعية الآن . حين رن جرس الفسحة , ونزلن جميع الفتيات . كانت تنوي البقاء في الفصل بمفردها . إلا أن فتيات النظام لم يسمحن لها بذلك . لتتجه إلى دورات المياه , وتفتح شعرها الطويلة المظفر , تخرج منها خصلة طويلة . وتضعها على وجهها تحاول اخفاء الندبة . وربطت شعرها الخلفي مرة أخرى . لم تفيدها تلك الحيلة . حيث جعلت الخصلة شكلها أغرب . تضايقت بشدة . وهي تسمع الهمسات حولها , والنظرات الغريبة . لتجلس في أحد الأركان بمفردها . وتخرج من جيبها لوح الشوكولاتة التي اشتراها لها عايض بالأمس . ابتسمت وهي تنظر إليها . تتذكر كم كانت تحبها منذ الصغر . حين يذهب عايض , أو أي أحد إلى المركز البعيد والذي يجدون فيه كل شيء بعكس متاجر الديرة الصغيرة , يسأل عن طلباتها هي والأخريات . ولا تمل هي من طلب نفس الشيء دائما . حتى أصبح هو معتادا على طلبها . فيحضرها لها دون أن يسأل . لم ينسَ بعد . لم ينسَ ما تحب . قبل 9 سنوات .. بعد أن مرت على حادثة التحرش تلك سنة كاملة , وأصبحت فتاة بالغة . تلازم المنزل طوال اليوم . أصبحت ممنوعة عن المدرسة . وليست الدراسة , فمساعد أصبح مدرسها منذ الآن . يحضر لها بعض الكتب , والأشرطة وأقراص الفيديو . حتى لا تقضي يومها بملل . كانت تساعد أمها في الأعمال المنزلية . لم تمر سوى فترة بسيطة , حتى تمكنت من تعلم كل الأمور من والدتها . فلم يكن هناك أي شيء يشغلها سوى دروس مساعد بالتأكيد . حتى الآن لم تتمكن من تذكر كيف تعب والدها أو مرض , أو متى بالضبط . بيدَ أنها لم تنساه حين دخل إليها وهي تجلس مع والدتها , بيده دفتر غريب . وضعه أمامها , لتنظرهي إليه بتساؤل . أخفض بصره قليلا , كأنه يشعر بالذنب . قبل أن يقول بهدوء / وقعي هنا . وأشر على مكان التوقيع . نظرت إلى الورقة , واتسعت عيناها بغرابة وهي ترى هذه الوثيقة الغريبة , المكتوب عليها ( وثيقة عقد زواج ) , سألت بتعجب / يبه بتزوجني ؟ هز رأسه بإيجاب دون أن ينظر إليها . لتقول / بس يبه أنا لسه صغيرة ليش تزوجني ؟ نظر إليها هذه المرة بصرامة / بس عقد قران ما راح تتزوجين الحين . شعرت بشعور غريب , وخوف لم تتمكن من تحديد سببه . وهي تلتفت إلى أمها , لتجد في عينيها نظرة حادة . جعلتها ترتجف . أعادت أنظارها إلى الوثيقة , لتقع عيناها على إسم عايض وتوقيعه . حينها تنفست براحة . إذ لم يكن من ينوون تزويجها شخصا غريبا , بل أكثر من ترتاح إليه . أمسكت بالقلم بيد مرتجفة , ووقعت بإسمها . لا تذكر أيضا كم يوم مر , بعد أن ذهب والدها من أمامها بذلك الدفتر , وأصبحت زوجة رسمية لعايض . حين خرجت إلى حوش المنزل . ورأت عايض يجلس مع مساعد . ابتسمت بخجل وهي تتذكر ما حصل , وأنها أصبحت زوجته . اتجهت ناحيتهم مخفضة رأسها بخجل , حين وقفت أمامهم رفعت رأسها ببطء وهي تقول بصوت بالكاد سمعه مساعد / مساعد أمي تبيك , عشان تروح المركز تجيب لها أغراض . وقف مساعد ودخل . وظلت هي واقفة في مكانها , تنظر إلى عايض الذي صد إلى الجهة الأخرى وقطبا جبينه بانزعاج . استغربت ذلك , توقعت أن يكون سعيدا مثلها , تحدثت أخيرا / كيف حالك يا عايض ؟ أجابها دون أن ينظر إليها / بخير الحمد لله . تأملته لعدة ثوانِ , قبل أن تسأل بتردد / عايض إيش فيك ؟ ليش ما تطالع فيني ؟ عادي ما أتغطى عنك الحين لأنك صرت زوجي صح ؟ شد عايض قبضته تحت أنظارها , وتغضنت جبينه أكثر . ولم يرد . سألت مرة أخرى بتردد أكبر / عايض إنت معصب مني ؟ وقف فجأة لترتد إلى الخلف بتلقائية . لتنصدم بعينيه المحمرتين , وملامحه الغاضبة . حين أمسك بعضدها بقوة / اسمعي يا يُمنى , أدري انك بزر وما انتي فاهمة إيش قاعد يصير , بس حطي هالكلام في بالك , هالعقد تم غصبا عني وأنا مو راضي , يعني لا تتوقعين إني بتزوجك بيوم من الأيام , وافقت غصبا عني عشان أبوي وأبوك اللي خايف عليك من بعد اللي صار العام الماضي , بس ينسون السالفة بتركك , فاهمة ؟ يعني لا تجين قدامي مرة ثانية وتقولين انك زوجتي أو تجيبين طاري الزواج , فاهمة ولا لا ! حدقت إليه يُمنى بذهول وغير تصديق . هذه المرة الأولى التي يصرخ بها عايض , ويغضب عليها . كان دائما ما يوبخ شقيقاته إن اخطأوا بشيء . إلا هي .. هل هو حقا غاضب إلى تلك الدرجة ؟ أم أنه يكرهها . ظلت على وضعها , تنظر إليه بخوف وذهول ودهشة . دون أن تشعر بالدمعة التي نزلت من عينها , ومرت بتلك الندبة البشعة . حتى ترك عايض يدها , وكأنه أصابه التماس . وعاد إلى الخلف , ليتنهد بضيق / امسحي دموعك لا تسوين سالفة , ما كان قصدي أعصب عليك . نظرت إليه بلوم وعتاب . وركضت إلى الداخل . تشعر بقلبها تحطم تماما . بعد أن بنت الكثير من الأحلام . وتخيلت حياة وردية , برفقة من أصبح زوجها فجأة . _____ انتهى الفصل |
![]() |
![]() |
#6 |
![]() |
![]()
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
![]() ![]() |
![]() |
#10 |
![]() |
![]()
سلمت أناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك |
![]() ![]() ![]() اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥ اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره ![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |