سيرة التابعي الجليل/عطاء بن ابي رباح

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

عطاء بن ابي رباحولد بالجَندَ (بلدة باليمن) وكان مولده سنة سبع وعشرين أثناء خلافة عثمان بن عفان، ولما سُئِل عن موعد مولده قال: لعامين خَلَوا من خلافة عثمان، وكان أسود أعور أشل أعرج، ثم عمي في آخر عمره، وكان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً لم يكن له فراش إلا المسجد الحرام إلى أن مات.

الصحابة الذين تعلم على يديهمتلقى العلم على يد ثُلة من الصحابة منهم عبد الله بن عباس حبر الأمة، وتعلم على يد عبد الله بن عمر، وسمع منأبي هريرة، ونهل من علم السيدة عائشة رضي الله عنها.

أهم ملامح شخصيتهحرصه على مصالح الناس وجرأته في طلب الحقدخل على هشام بن عبد الملك، فرحب به وقال: ما حاجتك يا أبا محمد؟ وكان عنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا،فذكره عطاء بأرزاق أهل الحرمين وأُعطياتهم..فقال: نعم؛ يا غلام اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاء أرزاقهم، ثم قال: يا أبا محمد هل من حاجة غيرها؟ فقال: نعم، فذكره بأهل الحجاز وأهل نجد وأهل الثغور،ففعل مثل ذلك، حتى ذكره بأهل الذمة أن لا يكلفوا ما لا يطيقون، فأجابه إلى ذلك، ثم قال له في آخر ذلك: هل من حاجة غيرها؟قال: نعم يا أمير المؤمنين، اتق الله في نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، لا والله ما معك ممن ترى أحد..
قال: فأكب هشام يبكى، وقام فلما كان عند الباب إذا رجل قال تبعه بكيس ما ندرى ما فيه، أدراهم أم دنانير؟ وقال: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بهذا، فقال عطاء: {ما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين} ثم خرج ولا والله ما شرب عندهم حسوة ماء فما فوقها.
علمهبلغ عطاء درجة عالية من العلم، فكان يجلس للفتيا في مكة بعد وفاة حبر الأمة عبد الله بن عباس، ولما قدم ابن عمر مكةفسألوه فقال: أتجمعون لي يا أهل مكة المسائل وفيكم عطاء وكان يعرف عنه أنه لا يريد بعلمه جاهًا أو سلطانًًا، ولم يكنطالبًا بعلمه يومًا مالاً أو شيئًا من متاع الدنيا، بل كان يريد وجه الله، يقول سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدًا يريد بهذا العلم وجه الله غير هؤلاء الثلاثة عطاوطاووس ومجاهد. يقول أسلم المنقري: جاء أعرابي فسأل فأشاروا إلى سعيد بنجبير فجعل الأعرابي يقول: أين أبو محمد؟ فقال سعيد بن جبير: ما لنا ها هنا معه شيء.

التواضعقال ابن أبي ليلى: دخلت عليه فجعل يسألني، فكأن أصحابه أنكروا ذلك، وقالوا: تسأله؟ قال: ما تنكرون؟ هو أعلم مني. قلت:هذا هو التواضع ومعرفة الفضل لأهله.

خوفه وخشيتهقال عبد العزيز بن رفيع: سُئل عطاء عن شيء، فقال: لا أدري،قيل: ألا تقول برأيك، قال: إني أستحيي من الله أن يدان فيالأرض برأيي.وعن الأوزاعي قال: ما رأيت أحدا أخشع لله من (...)ولا أطول حزنًا من يحيى ابن أبي كثير.
الزهدقال عمر بن ذر: ما رأيت مثله ما رأيت عليه قميصًا قط ولا رأيت عليه ثوبًا يساوي خمسة دراهم.
عبادتهعن ابن جريج قال: كان بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آية من البقرة وهو قائم ما يزول منه شيء ولا يتحرك وعن ابن عيينة قال قلت لابن جريج ما رأيت مصليًا مثلك قال لو رأيتعطاء

من كلماتهقال إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضوله ما عدا كتاب الله أن تقرأه، وتأمر بمعروف أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك في معيشك التي لا بد لك منها أتنكرون أن عليكم حافظين كرامًا كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟ أما يستحيى أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أمل صدر نهاره فإن أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.

الوفاةلم يكن له فراش إلا المسجد الحرام إلى أن مات سنة أربع عشرة ومائة وقد قيل إنه مات سنة خمس عشرة ومائة.

أنــــه التابع الجليل : ـ عطاء بن ابى رباح يرحمه الله و يجزيه خير الجزاء و أجمعنا اللهم بهم فى الجنة