05-31-2017
|
|
هلت أنوارك ياخير الشهور رمضان
.
هلت أنوارك ياخير الشهور رمضان
الحمد لله رب العالمين ، موفق العاملين ، ومثيب الطائعين ، من عمل له جازاه ، ومن قصده حماه ، ومن توكل عليه كفاه ، أنعم به من رب عظيم ، من تقرب إليه شبرا تقرب إليه ذراعا ، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب إليه باعا ، يرضى من عبده بالعمل ، وأن يفزع إليه بالرغبة والأمل ، ولله في كمال ذلك العمل أجل ، قضاء قضاه وعلينا الطاعة ، ورزق وفاناه فلا نتأخر عنه ولا نستقدم ساعة ، فإليه المفزع في كل حين ، وعليه التوكل وبه اليقين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ....
فقد ارتبط شهر رمضان في أذهاننا بعدد من الوقائع الفاصلة في تاريخ الإسلام ، وكان أولها موقعة بدر الكبرى التي قهر فيها المشركون ، وفتح مكة الذي أعز الله به الإسلام ، وحطين التي قهر فيها الصليبيون وأخرجوا من فلسطين ، وعين جالوت التي قهر فيها التتار، وحرب رمضان المعاصرة التي تراجع فيها اليهود وقهروا ، وغيرها .
ولذلك فإن قدومه يعيد تلك الدروس البليغة إلى الذاكرة الإسلامية ؛ ليقول لها : إنك أمة خلقت لتبقى ، وهيئت لتقود البشرية إلى دين السعادة ، والنصر معقود بنواصي خيلها أينما صهلت بإذن الله ، ولكن النصر له شروط ، يجريه الله على أيدي من يحب ، ممن قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا ، قال تعالى
{ وكان حقا علينا نصر المؤمنين }، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم مدعوة لطي حصير اليأس ، وركوب صهوة التفاؤل ، مهما بلغ منها أعداؤها من إثخان الجراح ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا )) . فإن أمة موعودة بكل هذا قبيح أن يوجد فيها من يعشش اليأس في قلبه .
حقا .. يؤلمنا ما يجري اليوم على تراب أمتنا الطاهر ، ومايحاك لحاضرها ومستقبلها من شراك الهلاك ، وضروب الفتن ، وها نحن أولاء نرى أشباح الجرائم المترقبة تخطو في الظلام الدامس ؛ لتباغتها عند انبلاج كل صباح ، في عدد من ديار الإسلام نهارا جهارا أمام سمع العالم ونظره ، وهذه الملاجيء والمهاجر كأنها لم تعرف في البشرية إلا لتكون مأوى الأسر المسلمة المطرودة من ديارها ؛ لأنها تقول ربي الله ، والمخططات الماسونية المحكمة تنفذ بكل دقة لصرف الشباب المسلم عن دينه بأصناف الملهيات والمغريات بل والأمراض الفتاكة والمخدرات ...
لكن قلبي لم يزل يا أمتي متعلقا بإلهـه مستبـشرا
نعم مهما ادلهمت الخطوب وتتابعت النكبات وترادفت الهزائم في شتى الجبهات فلن نتحدث حديث اليائسين وإن تألمنا ، ولن ننشغل بدموع الأحزان وإن بكينا وانتحبنا ، ولن نروي أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة بقصد الإيحاء بأن الكفر في إقبال والإسلام في إدبار ، وأن الشر ينتصر والخير ينهزم ، ونردد مع المهزومة نفوسهم : أن لا أمل في إصلاح ولا نصر ، فما من يوم إلا والذي بعده شر منه ..
معاذ الله أن نقول ذلك أو بعضه ، فنكون ممن قال فيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
{ من قال هلك المسلمون فهو أهلكهم } ، ولا شك أنه خطأ جسيم ، وسوء فهم للنصوص الجزئية ، وإغفال للمبشرات الكثيرة الناصعة القاطعة بأن المستقبل للإسلام ، وأن هذا الدين سيظهره الله على جميع الملل والأديان ولوكره الكافرون ، كيف وقد جاءت هذه المبشرات في كتاب الله الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وكان التاريخ والواقع شاهدي عدل على وقوع بعضها ، وسوف يشهد المستقبل بإذن الله تحقق بقيتها ولو كره المجرمون . { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون } .{يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون } ، وهل يشك مؤمن في وعد الله لعباه المؤمنين بالنصر والتمكين ، حاشا وكلا ولكن ذلك مشروط بالإيمان والعمل الصالح وعبادة الله وحده لا شريك له ، فإذا تخلف هذا الوعد فإما لعدم وجود المشروط ، وإما لحكمة لا نعلمها ؛ فإن الله سبحانه لا يعجل بعجلة أحدنا ، وكل شيء عنده بمقدار وأجل مسمى . فالنصر يأتي أحوج ما يكون المؤمنون إليه ، وأرغب ما يكونون في وصوله. وإن أحلك سويعات الليل هي التي تسبق الفجر.
|
. |
كن كالصحابة في زهد وفي ورع *** القوم ما لهم في الأرض أشباه
عباد ليل إذا حل الظلام بهم *** كم عابد دمعه في الخد أجراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم *** هبوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً *** يشيدون لنا مجداً أضعناه
|