07-09-2024
|
|
ثَمَرَاتُ الإيمَانِ بهذا الاسْمِ
ثَمَرَاتُ الإيمَانِ بهذا الاسْمِ
1- إِنَّ اللهَ ـ لَا يَفُوتُهُ مِنَ العِلْمِ شَيْءٌ وَإِنْ دَقَّ وَصَغُرَ، أَوْ خَفِيَ َوكَانَ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].
وَجَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ لُقْمَانَ: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16][18].
فاللهُ لَا يَخْفَى عَلْيهِ شَيْءٌ، وَلَا الخَرْدَلَةُ وَهِي الحَبَّةُ الصَّغِيرَةُ التي لا وَزْنَ لها، فَإِنها وَلَوْ كَانَتْ فِي صَخْرَةٍ فِي بَاطِنِ الأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّ اللهَ يَسْتَخْرِجُها وَيَأْتِي بِهَا؛ لأَنَّه اللَّطِيفُ الخَبِيرُ.
2- وَإِذَا عَلِمَ العَبْدُ أَنَّ رَبَّهُ مُتَّصِفٌ بِدِقَّةِ العِلْمِ، وَإِحَاطَتِهِ بِكُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، حَاسَبَ نَفْسَهُ عَلَى أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ، فَإِنَّه فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ بَيْنَ يَدي اللَّطِيفِ الخَبِيرِ: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
واللهُ سُبْحَانَهُ يُجَازِي النَّاسَ عَلَى أَفْعَالِهم يَوْمَ الدِّينِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيرٌ، وَإِنْ شرًّا فَشَرٌّ، لَا يَفُوتُهُ مِنْ أَعْمَالِهمْ شَيْءٌ، فَلَا الُمحْسِنُ يَضِيعُ مِنْ إِحْسَانِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، وَلَا الُمسِيءُ يَضِيعُ مِنْ سِيِّئَاتِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].
وَقَالَ: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذلك يَزِيدُ أُجُورَ الصَّالِحينَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ مَا يَشَاءُ، وَيَعْفُو وَيَتَجَاوزُ عَنْ ذُنُوبِ مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِلُطْفِهِ وَعَفْوِهِ وَيُعَذِّبُ بِالذُّنُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِعَدْلِهِ، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا.
4- اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ، أَيْ كَثِيرُ اللُّطْفِ بِهِم بَالِغُ الرَّأْفَةِ لَهُمْ.
قَالَ الحُلَيْمِيُّ[19] فِي مَعْنَى ( اللَّطِيفِ ): « وَهُوَ الذي يُرِيدُ بِعِبَادِهِ الخَيْرَ واليُسْرَ، ويُقَيِّضُ لَهُمْ أَسْبَابَ الصَّلَاحِ وَالبِرِّ »[20].
وَمِنْ لُطْفِهِ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ يَسُوقُ إِلَيْهِمْ أَرْزَاقَهم وما يَحْتَاجُونَه في مَعَاشِهِم.
قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ الآيةِ السَّابِقَةِ: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16]: «وَهَذَا القَوْلُ مِنْ لُقْمَانَ إِنَّمَا قَصَدَ به إِعْلَامَ ابْنِهِ بِقَدْرِ قُدْرَةِ الله تَعَالَى، وَهَذِهِ الغَايَةُ التي أَمْكَنَه أَنْ يُفْهِمَهُ؛ لأَنَّ الخَرْدَلَةَ يُقَالُ: إِنَّ الحِسَّ لا يُدْرِكُ لها ثِقَلًا؛ إذْ لا تُرَجِّحُ مِيزَانًا.
أَيْ: لَوْ كَانَ للإِنْسَانِ رِزْقٌ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ فِي هَذِهِ الَمَوَاضِعِ جَاءَ اللهُ بِهَا حَتَّى يَسُوقَها إلى مَنْ هِي رِزْقُهُ، أَيْ: لَا تَهْتَمَّ للرِّزْقِ حتى تَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ أَدَاءِ الفَرَائِضِ وعنِ اتِّبَاعِ سَبِيلِ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ » اهـ [21].
|
|
|
|