رسم الإسلام الطريقة الصحيحة لمعرفة الله وذلك بالنظر إلى دلائل قدرته وإبداع صنعته في الآفاق المحيطة بنا وفي الأنفس أي في أجسامنا وذلك في قول الله تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ** فصلت53
فالعبادة العظيمة التى لا تعدلها عبادة في الإسلام هى التفكر في خلق الله تعالى ، ولذلك نجد القرآن غاصاً بالآيات التى تدعو إلى ذلك كقوله تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190** الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{191** آل عمران
ويحث سبحانه وتعالى على النظر إلى الكائنات فيقول تعالى {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ** يونس101
{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ{24** أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً{25** ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً{26** فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً{27** وَعِنَباً وَقَضْباً{28** وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً{29** وَحَدَائِقَ غُلْباً{30** وَفَاكِهَةً وَأَبّاً{31** مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ{32** عبس
{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ{5** خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ{6** يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ{7** الطارق
ويعاتب الذين لا يعتبرون ولا يتفكرون عندما ينظرون فيقول تعالى {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ** يوسف105
ويقول أيضا {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ{17** وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ{18** وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ{19** وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{20** الغاشية
غير أن الإسلام جعل الفكر يدور في دائرة محددة يستطيعها الإنسان ونهاه عن التفكر فيما يجاوز قدرته فقال صلى الله عليه وسلم {تَفَكَّرُوا فِي كُل شَيْءٍ وَلاَ تَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى**[1]
وقال صلى الله عليه وسلم {تَفَكَّرُوا فِي آلاَءِ اللَّهِ وَلاَ تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ**[2]
فجعل الفكر في كتاب مقروء وهو القرآن ، وكتاب منظور مفصل وكبير وهو الكون من العرش إلى الأرض ، وكتاب مختصر وموجز وصغير وهو الإنسان ، فالإنسان كون صغير ، والكون إنسان كبير ، وما وراء ذلك ليس في إمكان الإنسان الإحاطة به أو الوصول إلى كنهه فعليه أن يتوقف عن البحث فيه