هل يحق للزوجة اشتراط عدم الزواج عليها في عقد النكاح؟ حلال أم حرام؟

هل يحق للزوجة اشتراط عدم الزواج عليها في عقد النكاح؟ حلال أم حرام؟

تقف عند كاتب المشروحات على باب المحكمة، وتتلو عليه أغراضها التي تريد استعادتها من بيت الزوجية، بعد أن تركت البيت بمجرد علمها بزواج زوجها بأخرى، تاركة أطفالها لديه كإجراء عقابي ضد فعلة زوجها وكأنها تقول له "خلي الجديدة تنفعك وتربي أولادك".

تقول هذه الزوجة (21 عاماً) بكلمات كلها أسى وألم: "أنا في بيت أهلي لأن زوجي تزوج عليّ فتركت له أطفالي كي يهنأ جيداً مع زوجته الجديدة، وأنا لم أقصر به البتة ولا زلت صغيرة، فلماذا تزوج بأخرى؟ لا أريد العيش معه، وسأطلب الطلاق فأنا لا أعيش بوجود ضرة، خاصةً وأنها كانت خطيبته السابقة".

حين طرح عليها موضوع التقرير وهو حق الزوجة بشرط عدم زواج زوجها بأخرى في عقد الزواج، قالت: "ليتني كتبت هذا الشرط فأنا مع هذا الشرط قلباً وقالباً طالما أنه حلال فلماذا يترك الباب واسعاً أمام الرجل في موضوع الزواج بأخرى؟".

حالة نادرة

أما المطلقة (ن. س) وهي حالة نادرة إذ اشترطت على زوجها ألا يتزوج بأخرى، وأن يكتب هذا الشرط في عقد الزواج، فما كان من الزوج إلا أن وافق.

قالت: "تزوجت منذ أربع سنوات، وكنا أنا وهو على علاقة حب، ولذلك اشترطت عليه قبولي به بشرط ألا يتزوج بغيري فوافق، وكتب الشرط في عقد الزواج، لكن للأسف بعد الزواج حصلت الكثير من المشاكل التي انتهت بالطلاق، وأنا من طلبت الطلاق".

ماذا يقول القانون

المحامي يونس الطهراوي مدير الوحدة القانونية في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات يقول: "يجوز للزوجة أن تضع شروطاً في عقد الزواج ضمن ضوابط محددة، حتى يكون الشرط صحيحاً، وأساس هذه الشروط قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً".

ويضيف، "للزوجة أن تشترط الشرط المتعلق بألا يتزوج عليها، فالزوجة تستطيع وضع هذا الشرط في العقد، ويكون ملزماً للزوج وجائزاً من ناحية قانونية وشرعية فإذا أخل به الزوج كان للزوجةالحق في فسخ النكاح، وأخذ حقوقها كاملة، صحيح أن الزوج يجوز له الزواج بأربع نسوة، ولكنه بإلزام نفسه بهذا الشرط يكون قد أسقط حقه في التعدد".

"الزوج إذا أخل بهذا الشرط لم تطلق زوجته بمجرد ذلك، فإما أن تفسخ وإما أن تتنازل عن الشرط وترضى بما فعل الزوج، وتبقى زوجة له، وإن أرادات فسخ العقد في حال تزوج عليها فيثبت لها الحق في فسخ العقد بدعوى ترفعها للمحكمة لأن الزوج أخل بأحد شروطه، وتحصل على الطلاق وتثبت لها كافة حقوقها الشرعية" على حد قوله.

ما رأي الشرع؟

في سؤاله حول هذا الشرط كونه حلالاً أم حراماً، يقول قاضي محكمة استئناف غزة الشرعية جمال الحفني: "هذا الشرط حلال والزوجة تشترط هذا الشرط بربطه بشرط آخر يصب في مصلحتها مثل أن تشترط عليه في حال تزوج عليها أن تكون طالق أو أن يزيد في مهرها المؤجل، فإذا قبل الزوج بهذا الشرط فهو شرط جائز وملزم، ويكتب في عقد الزواج ضمن الشروط المعتد بها".

أما الدكتور حسن الجوجو، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي رئيس المحكمة العليا الشرعية، فيؤكد الحكم السابق بقوله: "المادة 24 من قانون العائلة تنص على التالي: إذا اشترطت المخطوبة على خاطبها ألا يتزوج عليها وأنه إذا تزوج كانت هي أو ضرتها طالق، صح العقد وكان الشرط معتبراً".

ويضيف الجوجو، "هذا الشرط لا يخالف الشرع مطلقاً وإلا لما وضع في قانون الأحوال الشخصية المعمول به في محاكمنا".

ولكن هل يقبل الزوج بهذا الشرط؟

يقول أحد الخاطبين (26 عاماً) الذي حضر لعقد قرانه في محكمة غزة الشرعية: "أنا لا أقبل أن تشترط خطيبتي علي هذا الشرط، وذلك لأن الشرع حلل لي أربع زوجات، وأنا رجل متدين ومع التعدد أما ذلك الشرط فهو يخالف سنة الله ورسوله".

أما الخاطب الآخر (21 عاماً)، فيقول: "أنا أيضاً لا أقبل بهذا الشرط، لكن إن صممت عليه فأنا سأذعن لرغبتها، لكن بصراحة لو فكرت بالزواج من أخرى فهذا الأمر يعود لي بالدرجة الأولى وليس لها، فلا يحق لها منعي من الزواج مرة أخرى".

يقول المأذون عبد الرحمن رستم، مُناب المحكمة في قسم الزواج في محكمة غزة الشرعية: "أنا أعمل في المحكمة منذ ثلاث سنوات، حتى الآن لم تحضر حالة تطلب هذا الطلب رغم أنه حلال، ربما لأن العرف والعادة في مجتمعنا تعتبر هذا الشرط نوعاً من العيب".

وهكذا فإن الشرط سابق الذكر هو شرط جائز وحلال طالما وافق عليه الزوج، لكن النقطة الأهم هو أن الكثير من الأزواج لا يقبلون بهكذا شرط، ويعتبرونه نوعاً من التقييد لحريتهم في تعدد الزوجات، الأمر الذي يحول الشرط إلى مجرد حبر على ورق، إلا أنه في حالة أراد الزوج الزواج بأخرى رغم وجود الشرط؛ فإن للزوجة أن تختار بين أمرين كلاهما مر: إما الطلاق، أو الاستسلام لواقع مرير.