عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-15-2017
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Pink
 عضويتي » 28327
 جيت فيذا » May 2015
 آخر حضور » 03-12-2024 (05:41 AM)
آبدآعاتي » 442,833
الاعجابات المتلقاة » 5765
الاعجابات المُرسلة » 4205
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » لا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond repute
مشروبك   cola
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  مبسوطه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي خطوات الدعوة والوعظ




قلنا فيما مضى: إن اللين والشدة سلاحان لا بد منهما لكلِّ داعٍ إلى الله، غير أن حقًّا عليه أن يبدأ باللين والرفق والحلم والأناة، حتى إذا أخفق لينه، ولم يغنِ حلمه شيئًا أخذ بالشدة والعنف، وربما عاد إلى الملاينة مرة أخرى، كما يفعل الأب الرحيم بولده؛ يُحاسنه تارة، ويُخاشنه تارة أخرى؛ أملًا في صلاحه وطمَعًا في علاجه، يدل على هذا قصص الأنبياء، وتاريخ الدعاة إلى الله عز وجل، يسيل أحدهم رقة ولينًا وتواضعًا وحلمًا، حتى إذا جد الجد فهو أسد الله سطوة وبأسًا، لا يبالي في سبيل الله ما يصنع به.

انظرْ إلى شيخ المرسلين نوح عليه السلام، لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، يُبشر ويُنذِر، ويسعى ويُذكِّر بلين، ويشتد حتى إذا أعيته الحيل دعا عليهم غير آسفٍ، فقال: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ [نوح: 26، 27].

ثم انظر إلى خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم بدأ دعوته بلين ورحمة، ثم صدع بها في قوة وحكمة، ثم اشتد في الحق لا يحيد عنه ولو هلك دونه، حتى آذوه وأخرجوه، ثم كان جهاد وقتال، بعده فتح مبين، ونصر عزيز، وهنا تعترض القارئ شبهة لا بد لنا أن نُزيحها عنه؛ حتى يسفر له وجه الحق:

روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا فلْيُغَيِّره بيده، فإنْ لم يستطعْ فبلسانه، فإنْ لم يستطعْ فبقَلْبِه، وذلك أضعفُ الإيمان)).



فدلَّ الحديث على أنَّ تغيير المنكر باليد يُقدَّم على النهي بالقول، وأن القول باللسان مُقدَّم على الإنكار بالقلب، وأن المراتب ثلاث:

الأولى: أعلاها، والأخيرة: أدناها، والوسطى بين بين.

قال العلماء: إن هذا كله في المتمادي في غيِّه، المسرف في بطالته، على شريطة ألا يؤدي التغيير باليد واللسان إلى فتنة أشد، أو منكر أفظع، وإلا كان الداعي كمَن يغسل البول بالدم، ويكفيه غلبة الظن، أمَّا الجاهل فحق على الواعظ أن يَتَرَفَّق في دعوته ما استطاع، أما الظالم فهذا أجدر بالرفق فيه[1].

ولقد شاهدنا مِن جهلة الدعاة من انقلبتْ دعوته منكرًا، وكانتْ ذريعة إلى إثمٍ كبيرٍ، وشرٍّ مستطير.

ومِن هؤلاء من يتصدون للغضبان بالموعظة، وقد انتفختْ أوداجه، واحمرتْ عيناه، وضل عنه رشادُه، وربما أمره أحدهم بتوحيد الله، أو الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فتكون إجابته كفرًا، أو ما يقرب منه، والعياذ بالله تعالى.



ولعل هذا هو المراد باتقاء الفتنة، واشتراط الحذر منها في الدعوة، أما الأمن على النفس والمال؛ فقد جَعَلَهُ جَمْعٌ مِن العلماء شرطًا في وجوب الدعوة، وقالوا: إنْ خاف على نفسه أو ماله سقطتْ عنه، غيرَ أنَّ ما جرى عليه الأنبياءُ والمرسلون والسلف من هذه الأمة يردُّ هذا الشرط، فقد تصدوا لنصح الأمراء الظلمة، وأوذوا في أنفسهم وأموالهم، ولم يكن ذلك ليمنعهم مِن تبليغ كلمة الله وإعلاء دينه، وقد روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، أو أمير جائر))، على أن مَن دعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ كان أقرب إلى الإجابة، وأبعد عن الأذى[2].



ومعنى: ضعف الإيمان في الحديث: ضعف الأثر والثمرة، وقلة الثواب والفضل، وجلي أنَّ مَن احتمل شدة تغييره للمنكر بِيَدِه، وعرَّض نفسه للأذى في سبيل الله، أنه كان أكثر ثوابًا، وأجلّ فضلًا ممن اكتفى بمجرد القول باللسان أو الإنكار بالقلب.



وقد فَصَّل الإمام الغزالي عليه رحمة الله درجات الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، في مراحلَ عدةٍ؛ فارجعْ إليها في أواخر الجزء الثاني من الإحياء إن شئتَ، وقانا الله الزلل، وأعاذنا مِن القول بلا عمل، وجَعَلَنا مِن عباده الذين يستمعون القول فيَتَّبِعون أحسنه.

مجلة الإسلام: السنة 11 العدد 6 - 12 صفر 1361هـ، 27 فبراير 1942م


[1] انظر: باب النهي عن المنكر من كتاب الإيمان في شرح صحيح الإمام مسلم.

[2] انظر تفسير المنار في قوله تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾ [آل عمران: 104] الآية.





 توقيع : لا أشبه احد ّ!




رد مع اقتباس