عابر سبيل
سَأُلَمْلِم حَظّي الْعَاثِر
وسَأحضُن ذِكْرَى جَعَلْتَنِي شَاهــقـــًا ..
حَاوَلْت تَطْبِيب الْجُرْح
رَغْم إِن بُكَائِي هُو صَمِيْم الْأَلَم .. !
آَه .. يَا حُلْم عَلَى يَقَظَتِه تَسَاقَطَت أَوْرَاق الْخَرِيف
فَقَد بُحِثَت عَن الْدِّفْء بَيْن أَكْوَام الْثَّلْج ..
فَنَفَح زَمْهَرِيْر الْشِّتَاء فَتَح الْجُرُوح مِن جَدِيْد
يَا وَجَعـــًا يَبْحَث عَن بِسْمِه مِن بَيْن شِفَاه الْأَطْفَال ..
أَنَا مِن ضَاعِت مِن بَيْنَه الْعَنَاوِيْن ..!
أُحَاوِل إِشْعَال نُوْر الْأَمَل مِن بَيْن الْظَّلَام
لَكِن تَاهَت أَقْدَامِي عَن نُوْر الْطَّرِيْق
فَحَمَلَت عَلَى أَّكَتّافِي أَرْطَال مِن الْهُمُوم ..
وَمِن بَيْن أَكَوَامِهَا ضَاقَت ذَرَعـــًا مِن ضِيْق الْمَكَان
بِدَاخِلِي تَصْرُخ مِن الْأَعْمَاق تُرِيْد الْخُرُوْج
فَلَم أَعْرِف مِن الْفَرَح سِوَى أَسْمُه
حَتَّى الْوَجْد لَم يُعَانِقُنِي مِنْه سِوَى الْشَّقَاء ..
فَقَد رَّسْمَنِي الْسَّوَاد فِي ظَلَام الْلَّيْل
فَاخْتَفَت الْنُّجُوْم وادَلف الْقَمَر إِلَى الْزَّوَال ..
فَأَشْعَلَت نَارِي عَلَى ذِكْرَى الْسُّنِّيِّين
حَتَّى زُلْزِلَت الْهُمُوْم أَهْدَاب الْمَسَاء ..
فَسَقَطَت كَهُطُول الْمَطَر تُسْأَل عَن تِلْك الْأَيَّام
كَعَابِر سَبِيِل اقْتَطَعَهَا أَقْدَار الْزَّمَان ..
وَعَلَى خَيَالَهَا يَعْزِف الْحَنِيْن أوَتَارًا
لَا يَسْمَعُهَا سِوَى أَنَّا وَنَارِي وَالْظَّلام ..
أُخْاطِبْهَا وَأَمَد كِلْتَا يَدَاي لَهَا بِالْعِنَاق
تُنَادِيْنِي بِصَدّى صَوْتَهَا الْمِبَحُوُح ..
تَعَال يَا رُوْح ٍشنقته مِشْنَقَة الْحِرْمَان
وَقَسَا عَلَيْه الْزَّمَن بِسُهَاد الْلَّيْل ..
وَطَعَنَه حَظَّه الْعَاثِر
فَرُسِم الْحَزَن بَيْن نَاظِرَيْه ..
حَتَّى اخْتَنَقَت الْحُرُوْف بَيْن الْشِفَاه
فَتَلَعْثَم الْلِّسَان يُعَزِّي عَابِر سَبِيِل عَن الْبِعَاد ..
وَتَبُوح لَه ذِكْرَى الْأَيَّام وَالْلَّيَالِي بِجَوَى
وَستَرْسْم الْوَحْدَة عَلَى كُفْوَف الْبَلَابِل ...
طلال الفقير