شوقي
نائِحَ الطَلحِ أَشباهٌ عَوادينا
نَشجى لِواديكَ أَم نَأسى لِوادينا
ماذا تَقُصُّ عَلَينا غَيرَ أَنَّ يَداً
قَصَّت جَناحَكَ جالَت في حَواشينا
رَمى بِنا البَينُ أَيكاً غَيرَ سامِرِنا
أَخا الغَريبِ وَظِلّاً غَيرَ نادينا
كُلٌّ رَمَتهُ النَوى ريشَ الفِراقُ لَنا
سَهماً وَسُلَّ عَلَيكَ البَينُ سِكّينا
إِذا دَعا الشَوقُ لَم نَبرَح بِمُنصَدِعٍ
مِنَ الجَناحَينِ عَيٍّ لا يُلَبّينا
فَإِن يَكُ الجِنسُ يا اِبنَ الطَلحِ فَرَّقَنا
إِنَّ المَصائِبَ يَجمَعنَ المُصابينا
لَم تَألُ ماءَكَ تَحناناً وَلا ظَمَأً
وَلا اِدِّكاراً وَلا شَجوا أَفانينا
تَجُرُّ مِن فَنَنٍ ساقاً إِلى فَنَنٍ
وَتَسحَبُ الذَيلَ تَرتادُ المُؤاسينا
أُساةُ جِسمِكَ شَتّى حينَ تَطلُبُهُم
فَمَن لِروحِكَ بِالنُطسِ المُداوينا
آها لَنا نازِحي أَيكٍ بِأَندَلُسٍ
وَإِن حَلَلنا رَفيقاً مِن رَوابينا
رَسمٌ وَقَفنا عَلى رَسمِ الوَفاءِ لَهُ
نَجيشُ بِالدَمعِ وَالإِجلالِ يَثنينا
لِفِتيَةٍ لا تَنالُ الأَرضُ أَدمُعَهُم
وَلا مَفارِقَهُم إِلّا مُصَلّينا
لَو لَم يَسودوا بِدينٍ فيهِ مَنبَهَةٌ
لِلناسِ كانَت لَهُم أَخلاقُهُم دينا
لَم نَسرِ مِن حَرَمٍ إِلّا إِلى حَرَمٍ
كَالخَمرِ مِن بابِلٍ سارَت لِدارينا
لَمّا نَبا الخُلدُ نابَت عَنهُ نُسخَتُهُ
تَماثُلَ الوَردِ خِيرِيّاً وَنَسرينا
نَسقي ثَراهُم ثَناءً كُلَّما نُثِرَت
دُموعُنا نُظِمَت مِنها مَراثينا
كادَت عُيونُ قَوافينا تُحَرِّكُهُ
وَكِدنَ يوقِظنَ في التُربِ السَلاطينا
لَكِنَّ مِصرَ وَإِن أَغضَت عَلى مِقَةٍ
عَينٌ مِنَ الخُلدِ بِالكافورِ تَسقينا
عَلى جَوانِبِها رَفَّت تَمائِمُنا
|