أخرج الشيخان عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة". فقلت: من الرجال؟ فقال: "أبوها"..
وهكذا يصرح صلى الله عليه وسلم بحبه، حتى انتشر ذلك بين الصحابة.
قال ابن القيم: وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا هويتْ شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عَرْقًا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حجرها.
إنها صورة الحب في كمالها الإنساني، ترسمها أفعاله وتصرفاته صلى الله عليه وسلم، أحببنا أن نسوقها مختصرة لأولئك الذين باتوا يرون في ذكر شيء من ذلك عيبًا ومنقصة.
وفعله صلى الله عليه وسلم هو الكمال والجمال والخير والصواب بشهادته سبحانه وتعالى له بقوله: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾[3] فمن رأى غير ذلك فليراجع حساب إيمانه[4].
وإذا كنا نتحدث عن حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة، فلا يعني ذلك أنه لم يكن يحب بقية زوجاته، ولكنهن لم يكن لهن الجرأة الأدبية التي كانت تمتع بها عائشة، فلم ينقلن لنا تصرفه معهن كما فعلت.. "إنها ابنة أبي بكر" كما قال صلى الله عليه وسلم.