عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-19-2019
Saudi Arabia    
SMS ~
العائلة
الصوت
الحقيقي
للحياة والحُب
لوني المفضل Antiquewhite
 عضويتي » 28680
 جيت فيذا » Nov 2015
 آخر حضور » 09-27-2020 (05:42 AM)
آبدآعاتي » 22,034
الاعجابات المتلقاة » 16
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » بيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond reputeبيلسان has a reputation beyond repute
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي لله أشد فرحا بتوبة عبده




حديث: "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته.."

يا عبدَ الله، وهل أعظم رحمةً وأجلُّ رأفة من أن يفرَح بتوبتك خالِقُك وسيِّدك مع غناه عنك وفقرك إليه؟
صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
((لَلهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلَته بأرضٍ فَلَاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجَعَ في ظلِّها قد أيس من راحِلَته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمةً عنده، فأخذ بخِطامها، ثمَّ قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شِدَّة الفَرح))
[1].

إنَّ هذا الحديث لَهو من أعظم ما يبيِّن رحمة الله بعباده، ولا يظن ظانٌّ أنَّ هذا الفرح فرح حاجةٍ وافتِقار؛ فالله تعالى له الغِنى المطلق، وهو الصَّمد القيُّوم الذي يقوم غيرُه به وهو القائم بنفسه سبحانه: ((يا عبادي إنَّكم تُخطئون بالليل والنَّهار وأنا أغفِر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفِرْ لكم، يا عبادي إنَّكم لن تَبلغوا ضَرِّي فتضرُّوني، ولن تبلغوا نَفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجِنَّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسان مسألتَه ما نقص ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يَنقُص المِخْيَطُ إذا أُدخِل البَحر))
[2].

وإنَّما هذا الفرح فرح بِرٍّ وإحسان ورحمة، قال ابن القيم: "وهذه فَرحة إحسانٍ وبرٍّ ولُطف لا فرحة محتاجٍ إلى توبة
عبده منتفعٍ بها، وكذلك موالاته لعبده إحسانًا إليه ومحبَّة له وبِرًّا به؛ لا يتكثَّر به من قلة، ولا يتعزَّز به من ذلَّة، ولا يَنتصر به من غلبة، ولا يعدُّه لنائبة، ولا يستعين به في أمر؛ ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا
﴾ [الإسراء: 111]، فنَفى أن يكون له وليٌّ من الذلِّ"[3].

وإنَّ القلب ليقِف محبًّا معظِّمًا أمام هذا الفرح الإلهي، بل إنَّ العبارة لتعجز عن وصفٍ أو بيان؛ ولذا يطلِق ابن القيم على هذا الفرح: "السر الأعظم الذي لا تقتحمه العِبارةُ، ولا تجسر عليه الإشارة، ولا ينادي عليه منادي الإيمان على رؤوس الأشهاد؛ بل شهدَتْه قلوبُ خواص العباد، فازدادَتْ به معرفةً لربِّها ومَحبَّة له وطُمأنينة به وشوقًا
إليه
ولهجًا بذكره، وشهودًا لبِرِّه ولطفه، وكرمِه وإحسانه، ومطالعة لسرِّ العبودية، وإشرافًا على حقيقة الإلهية"[4].

ومن رحمته أن وعد المسيءَ بتبديل سيِّئاته حسنات، قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
﴾ [الفرقان: 70].

ومن رحمته أنَّه لا يؤاخِذك بمعاصيك؛ بل يكلؤك ويَرعاك ويعفو عنك ويمهل أمرَك، فأيُّ رحمة أعظم من ذلك؟ مَرَّ ذو النون المصري على شاطئ غَديرٍ، فنَظر فإذا عقرب عظيمة واقِفة على شاطِئ الغدير، إذ جاءت ضفدعٌ من الغِدير، فركبَتها العقرب فسبحَت بها حتى عبرَتِ الغدير، فتبعها ذو النون، فإذا رجل نائم سكران وإذا حيَّة صعدتْ من ناحية سُرَّته إلى صدره وهي تطلب أُذنَه فاستحكمَتِ العقربُ من الحيَّة فضربتها ثمَّ رجعتِ العقربُ إلى الغدير، فجاءت الضفدعُ فأعادتها إلى مكانها، فحرَّك ذو النون الرَّجلَ ففتح عينيه، فقال:
يا فتى انظر ممَّا نجاك الله، هذه العقرب جاءت فقتلَتْ هذه الحية التي أرادتك، ثمَّ قال:
يا غافلًا والجليل يَحرسه
من كلِّ سوء يدبُّ في الظُّلَم

كيف تنام العيونُ عن مَلِك
تأتيه منه فوائد النِّعم



فنهض الفتى، وقال: إلهي، هذا فِعلك بمَن عصاك، فكيف رِفقك بمن يطيعك، ثمَّ تاب وتعبَّد[5].
وما حال العبد مع خالقه إلَّا كما قال ابنُ القيم: "دعاه إلى بابه فما وقف عليه ولا طرَقه، ثمَّ فتحه له فما عرَّج عليه ولا ولجه، أرسل
إليه
رسولَه يدعوه إلى دار كرامتِه، فعصى الرَّسولَ، وقال: لا أبيع ناجزًا بغائبٍ ونقدًا بنسيئة، ولا أترك ما أراه لشيء سمعتُ به ويقول:



خذ ما رأيتَ ودَعْ شيئًا سمعتَ به ♦♦♦ في طلعةِ الشَّمس ما يغنيكَ عن زُحَلِ
فإن وافق حظَّه طاعةُ الرسول أطاعه لنيل حظِّه لا لرِضى مرسِله، لم يزل يتمقَّتُ إليه بمعاصيه حتى أعرض عنه وأغلق البابَ في وجهه، ومع هذا فلم يؤيِّسه من رحمته؛ بل قال: متى جئتني قبِلتُك؛ إن أتيتني ليلًا قَبِلتُك، وإن أتيتنى نهارًا قبلتُك، وإن تقرَّبتَ منِّي شبرًا تقربتُ منك ذِراعًا، وإن تقرَّبتَ مني ذراعًا تقربتُ منك باعًا، وإن مشيتَ إليَّ هرولتُ إليك، ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثمَّ لقيتني لا تشرك بي شيئًا أتيتُك بقرابها مغفرةً، ولو بلغَت ذنوبك عنانَ السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك، ومَن أعظَمُ مني جودًا وكرمًا؟ عبادي يبارزونني بالعظائم وأنا أَكْلؤهم على فرشهم، إنِّي والجن والإنس في نبأ عظيم؛ أَخلُق ويُعبَد غيري، وأَرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد نازِل وشرُّهم إليَّ صاعد، أتحبُّب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغَّضون إليَّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليَّ، مَن أقبل إليَّ تلقَّيتُه من بعيد، ومن أعرض عنِّي ناديتُه من قريب، ومن ترك لأجلي أعطيتُه فوق المزيد، ومن أراد رضاي أردتُ ما يريد، ومن تصرَّف بحولي وقوَّتي ألَنتُ له الحديد، أهلُ ذِكري أهل مُجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل مَعصيتي لا أقنِّطهم من رحمتي؛ إن تابوا إليَّ فأنا حبيبهم؛ فإنِّي أُحبُّ التوَّابين وأحب المتطهِّرين، وإن لم يتوبوا إليَّ فأنا طبيبهم؛ أبتليهم بالمصائب لأطهِّرهم من المعايب، مَن آثرني على سواي آثرتُه على سواه، الحسنة عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضِعف إلى أضعاف كثيرة، والسيِّئة عندي بواحدة فإن نَدِم عليها واستغفرني غفرتُها له، أشكر اليسيرَ من العمل وأغفر الكثيرَ من الزَّلَل، رحمتي سبقَت غضبي، وحِلمي سبق مؤاخذتي، وعفوي سبق عقوبتي"[6].

فما أعظمَ رحمة الله! وحقًّا إنَّ اسم الله الرحمن رسالة الله إلى كلِّ مذنِبٍ ومبتعد أنْ أقبِل إلى مَن هو أرحم بك من والدتك بل ومن نفسك.

[1] رواه البخاري (6308)، ومسلم (2747) واللفظ له.

[2] رواه مسلم (2577).

[3] "مدارج السالكين" (1 / 216، 217)، وانظر: مفتاح دار السعادة (1 / 286).

[4] "مدارج السالكين" (1 / 230، 231).

[5] قصص التوابين (226، 227).

[6] "مدارج السالكين" (1 / 215، 216).








رد مع اقتباس