عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2011   #17


الصورة الرمزية جنــــون

 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (03:19 PM)
آبدآعاتي » 3,247,568
الاعجابات المتلقاة » 7396
الاعجابات المُرسلة » 3675
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



كل هذه مسائل خليقة أن تدرس، وأن يزال عنها الحجاب.
ولكن ذلك ليس بالشيء اليسير الآن على أقل تقدير، فلنكتف بعرضها ولننتظر"(10).
قال أبو عبدالرحمن: ما ذكره العميد هو عين الصواب من ناحية أن وزن الشعر في الأصل قائم على الغناء.
وهو عين الصواب في رد دعوى أن العرب توهموا بحوراً ينظمون عليها، لأن البحور لا قيمة لها وزنية إلا لكونها تستنبط قياس شعر مغني ملحن.
وليس بصحيح غض الدكتور النظر عن حركات الإبل، لأن ذلك ممكن فإذا صح نقله تاريخياً أصبح متعيناً.
ودعوى حركات الإبل في تفسير نشأة الشعر ليست كدعوى تخيل الأعاريض.. ذلك أن التفاعيل وزن ميت لا ينشأ شعراً، أما حركات الإبل ليست تفسيراً لنشأة الشعر، بل تفسير لنشأة نوع من الغناء هو الحداء.
وإذا وجد الغناء وُزن به الشعر، وإذا وزن الشعر بالغناء استنبط النظر من الشعر الموزون بالغناء أسباباً وأوتاداً وفواصل وتفاعيل وبحوراً.
قال أبو عبدالرحمن: والأوزان العروضية التي أحصاها العلماء نشأت عن شعر مروي عن عرب الجاهلية الأولى.. بعضه عرف وزنه من لحن غنائي لا يزال محفوظاً وقت التدوين، إذ من المحال أن ينسى وقت التدوين كلُّ غناءٍ يغني في الجاهلية.
ومنه ما نسي لحنه الغنائي فعرف وزنه إما بتلحينه بلحن غنائي جديد وإما بتقطيعه عروضياً.
وكل إشكال عروضي إنما ينشأ عن التلحين الجديد أو التقطيع النظري.
فأما التقطيع النظري فلا عبرة به إلا أن يكون قياسياً مباشراً للحن غنائي حاضر موجود.
وأما التلحين الجديد فيضبط الشعر وفقاً للحن الجديد وزناً ولفظاً، وليس من الضروري أن يضبطه وفقاً للحن القديم لفظاً ولإن ضبطه وزناً.
وشاهدنا من شعرناالعامي الراهن الذي يمارس العوام نظمه إلى هذه اللحظة بداهة بالغناء والترنم.
فقد يكون للقصيدة ذات الوزن الواحد عدة ألحان غنائية، ولكن ليس كل لفظ يستقيم به اللحن، بل يصلح للحن من ذلك الوزن ما لا يصلح للحن الآخر من نفس ذلك الوزن.
وقد يتسائل متسائل ويقول: ما حاجتنا للغناء ما دام العروض الخليلي يزن الشعر كما ينطق وفق تفعيلاته؟!.
قال أبو عبدالرحمن: والجواب على هذا من جهتين:
أولاهما: أن الغرض بيان واقع الحال كما هو عندما كان العرب ينظمون شعرهم قبل وجود بحور الخليل.
وثانيهما: أن الأذن المدربة قد تغفل عن خلل الوزن فيبقى الغناء المحك النهائي، لأنه المحك أولاً عند ولادة القصيدة.
ولهذا ندفع التساؤل بتساؤل آخر، فنقول: هل كان الشاعر قبل أن يقول شعره يستحضر أوزاناً يقطع عليها كلماته ويعايرها بها حروفاً وكلماتٍ حتى تستقيم التفعيلة تلو التفعيلة، ثم يستقيم بعد ذلك البيت؟.
لو صح هذا التساؤل لما كان اكتشاف الخليل بن أحمد لعلم العروض إبداعاً علمياً محيراً مثيراً للعجب، لأنه حينئذ كان يتعاطى شيئاً يتعاطاه الشاعر من قبله.
وإنني ارى بقاء هذا التساؤل كما هو قائماً مفتوحاً لمحاولة التقصي لكل الاحتمالات التي يظن أن الشاعر يعاير عليها شعره.
ونقدم كل احتمال أكثر رجحاناً على ما هو دونه، ثم نمحص هل ذلك الاحتمال هو الوحيد في كل حالة أم هناك مرجحاته أن الشاعر قبل أن يقول شعره يتخذُ له ميزاناً مسبقاً من لحن يتغنى به ثم يزن ألفاظ الشعر بأصوات اللحن.
وهذا أمر بينه ومثل أبو علي الحسن ابن رشيق، فقال وهو بصدد الحديث عن طريقة جماعة من الشعراء في النظم :"وقيل مقود الشعر الغناء به، وذكر عن أبي الطيب أن متشرفاً تشرف عليه وهو يصنع قصيدته التي أولها:
جللاً كما بي فيك التبريح * * * أَغذاءُ ذا الرشاٍ الأغنِّ الشيحُ؟
وهو يتغنى ويصنع، فإذا توقف بعض التوقف رجع بالإنشاد من أول القصيدة إلى حيث انتهى منها" (11).
قال أبو عبدالرحمن : وهذه الطريقة وصى بها الشاعر حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه في قوله:
تغن بالشعر إما كنت قائله * * * إن الغناء لهذا الشعر مضمار (12).
قال الأستاذ محمود كامل :"وكان الشعر هو مادة الغناء في جميع العصور، فالشعر والغناء صنوان ينبعان من نبع واحد، إذ أن الغناء تعبير موسيقي، والشعر تعبير لفظي" (13).
قال أبو عبدالرحمن: قد يكون التعبير الموسيقي بغير كلمات مفهومة، والشعر لا يكون إلا بكلام مفهوم، ولا يكون إلا وفق تعبير موسيقي يستقيم به وزنه .. إذن الغناء ميزان الشعر ابتداء.
وربما أشكلت كليمتان: أولاهما لأبي علي الحسن ابن رشيق عندما قال :"وزعم صاحب الموسيقى أن ألذ الملاذ كلها اللحن.. ونحن نعلم أن الأوزان قواعد الألحان، والأشعار معايير الأوتار لا محالة" (14).
وأخراهما لعبد الرحمن ابن خلدون عندما قال عن صناعة الغناء :"هذه الصناعة هي تلحين الأشعار الموزونة بتقطيع الأصوات على نسب منتظمة معروفة" (15).
قال أبو عبدالرحمن : فيفهم من الكليمتين أن الوزن المجرد من الغناء يوجد أولاً ثم يؤخذ منه اللحن الذي هو الغناء.
والصواب أن الغناء هو الأصل ومنه يؤخذ الوزن .. إلا أن الوزن الواحد يقبل أكثر من لحن، فإذا أريد إحداث لحن جديد لوزن ذي لحن قديم فإن الوزن حينئذ يكون أساساً للحن الجديد، وليس أساساً للحن بإطلاق، بل ما وجد الوزن إلا عن لحن.
ولا تكون القصيدة الموزونة قاعدة للحن بكامل المعنى الذي أراده ابن رشيق، ولا تقبل القصيدة تقطيع الأصوات بإطلاق كما قال ابن خلدون، بل قد يقتضي الجديد تغييراً في الكلمات مع بقاء الوزن.
إن الشعر مادة الغناء في جميع العصور كما مر من كلام الأستاذ محمود كامل، وتلك الملاحظة ظاهرة تتبَّعها الأستاذ الدكتور شوقي ضيف فقال :"لا نأتي بجديد حين نزعم أن شعرنا العربي نشأ نشأة غنائية كغيره من أنواع الشعر الأخرى، فمن المعروف أن الموسيقى كانت ترتبط بالشعر منذ نشاته ..
نرى ذلك عند اليونان القدماء، فهو ميروس كان يغني شعره على أداة موسيقية خاصة، ونرى ذلك عند الغربيين المحدثين، فقد كانت توجد في العصور الوسطى جماعات تؤلف الشعر وتغنيه وهي المعروفة باسم تروبادور، وكان عندنا في مصر إلى عهد قريب جماعات (الأدباتية) وهي جماعات تؤلف الشعر وتنشده على بعض الآلات الموسيقية، ولا يزال الشاعر معروفاً في الريف وهو يلقي أشعار أبي زيد الهلالي وعنترة وغيرهما مضيفاً إلى إنشاده الضرب على أداته الموسيقية المعروفة باسم الربابة" (16).
قال أبو عبدالرحمن: وحسبنا من الشعر العالمي شعرنا العربي نجد الشواهد على أنه نشأ غنائياً لنقيم الدليل على أن الشاعر ينظم شعره بالغناء وعايره به.
فمن الشواهد نقول ونصوص دلت على أن شعراء كانوا يغنون شعرهم .. من أولئك امرؤ القيس قال عن إعجاب بعض النسوة بصوته:
يُرِعْن إلى صوتي إذا ما سمعنه * * * كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا
ويشهد أبو النجم بأن امرأ القيس وعمرو بن قميئة كانا يغنيان بشعرهما،
فيقول يخاطب قينة:
تَغَنَّي فإن اليوم يوم من الصبي * * * ببعض الذي غنى امرؤ القيس أو عمرو
بل جُعل الشعر ذاته مرادفاً للغناء .. قال عمر بن الخطاب للنابغة الجعدي رضي الله عنهما: أسمعني بعض ما عفا الله لك عنه من غنائك .. يريد من شعرك. وسمى بنو كليب شعر غسان السليطي في هجائهم غناء، وقال جرير في ذلك:
غضبتم علينا أم تغنيتم بنا * * * أن اخضر من بطن التلاع غميرها
ويذكر بعض الشعراء أن الشعر للغناء .. قال مزرد بن ضرار:
زعيم لمن قاذفته بأوابد * * * يغني بها الساري وتُحدى الرواحل
وقال عنترة: هل غادر الشعراء من مترنم- وذلك في بعض الروايات-.
وقال ذو الرمة:
أحب المكان القفر من أجل أنني * * * به أتغنى باسمها غير معجم
ونص المترجمون على شعراء غنوا بشعرهم فذكروا علقمة الفحل بن عبدة يغني ملوك الغساسنة أشعاره.
وذكر أبو الفرج الأصفهاني أن السليك بن سلكة غنى بقوله:
يا صاحبي ألا لاحي بالوادي * * * سوى عبيد وأم بين أذواد
وكان المهلهل يغني شعره كقوله:
طفلة ما ابنة المحلل بيضاء * * * (م) لعوب لذيذة في العناق
ولقب الأعشى بصناجة العرب لاحتمال أنه كان يوقع غناءه على الآلة الموسيقية المعروفة باسم الصنج (17).
وتلذذ الشاعر الجاهلي بالأصوات الجميلة وذكر القيان ومجالس الطرب وآلاته كما تجد في استعراض الأستاذ محمود كامل في كتابه "تذوق الموسيقى العربية"، والدكتور الأستاذ شوقي ضيف بأول كتابه "الفن ومذاهبه في الشعر العربي" .. قال الأستاذ محمود كامل :"كان الغناء في العصر الجاهلي منتشراً بسبب كثرة القيان في هذا العصر بدرجة ملحوظة، ولو أنه لم يكن مزدهراً، إذ كان محصوراً في مجموعة من الأراجيز تؤدي على وتيرة واحدة في مساحة صوتية محدودة لا تتعدى ست درجات" (18).
وقال في موضع آخر :"وكان للعرب مجالس للطرب تغني فيها الجواري والقيان، ويصف طرفه بن العبد في معلقته قينة وهي تشدو، وذلك بقوله:
نداماي بيض كالنجوم وقينة * * * تروح علينا بين برد ومجسد (19)
إذا نحن قلنا أسمعينا ابرت لنا * * * على رسلها مطروفة لم تشدد (20)
إذا رجَّعت في صوتها خلت صوتها * * * تجاوب أظآر على ربع ردي (21)
ثم استعرض مسيرة الغناء بعد العصر الجاهلي إلى عام 1925م (22)، وذكر هناك وجود الملحن والمطرب إضافة إلى الشاعر كهذه الأبيات لقيس بن الخطيم:
أجدَّ بعمرة غنيانها * * * فتهجر أم شأننا شانها
وعمرة من سروات النساء * * * تنفح بالمسك أرادنها
فقد كان التلحين لطويس والغناء لعزة الميلاء (23).
وقال عن غناء العرب :"وكان المغنون العرب يغنون بغير آلة موسيقية تصاحب أصواتهم، بل كانوا يستخدمون قضيباً يضربون به الأرض لوزن الغناء، ولما رأى سائب خثر نشيطاً يستخدم العود استعمله هو أيضاً، فكان أول من غنى بالمدينة بالعربية مستخدماً العود" (24).
قال أبو عبدالرحمن: إذن فقد صح أن شعراء يتغنون قبل ميلاد البيت وحال ولادته كأبي الطيب المتنبي، وصح أن شعراء أوصوا بذلك كحسان بن ثابت، وصح أن الشعر مادة الغناء لأن العرب إنما تغني بالشعر، فإذا غنت بتعبير موسيقي بكلام غير مفهوم أو غير مقصود المعنى فإنما غرضها الوصول إلى الغناء بكلام مفهوم مقصود المعنى وذلك هو الكلام الموزون (الشعر).
وقد يوجد كلام ذو معنى ولكن السامع لا يفهم منه شيئاً، وإنما يحس به جمالياً كما ورد في الشعر العربي من استعذاب اللحن لكلام لم يفهم معناه.
قال النويري :"حكي أن بعض المحدثين سمع غناء بخراسان بالفارسية، فلم يدر ما هو غير أنه شوَّقه لشجاه وحسنه، فقال في ذلك (وقيل إنه لأبي تمام):
حمدتك ليلة شرفت وطابت * * * أقام سهادها ومضى كراها
سمعت بها غناء كان أولى * * * بأن يقتاد نفسي من عناها
ومسمعة يحار السمع فيها * * * ولم تصممه لا يُصمم صداها
مرت أوتارها فشفت وشاقت * * * فلو يستطيع حاسدها فداها
ولم أفهم معانيها ولكن * * * ورت كبدي فلم أجهل شجاها
فكنت كأنني أعمى معنى * * * بحب الغانيات وما رآها" (25)
وقال محمد بن بشير:
"وما أفهم ما يعني * * * مغنيه إذا غنى
ولكن من حبي * * * له أستحسن المعنى" (26)
قال أبو عبدالرحمن: وصح أن شعراء يغنون شعرهم بعد قولهم له، فهم يسترجعون الألحان الغنائية التي هدتهم إلى شعر موزون.
فإن وجد شاعر يبدع لحناً آخر لقصيدة قد قالها فلا يعني ذلك أن الشعر ولد قبل اللحن، لأن اللحن أبو المعايير، وكل معيار لوزن الكلام فمآله إذا اضطربت الأسماع إلى الغناء.
وصح أن الشعر يطلق مرادفاً للغناء، لأن الشعر يقال من أجل الغناء به.
وصح أن وجود الغناء بمجالسه وآلاته وقوانينه من البدهيات التاريخية في حياة الجاهلين.
قال ابن عبدربه :"قال أبو المنذر هشام ابن الكلبي: الغناء على ثلاثة أوجه: النصب، والسناد، والهزج.
فأما النصب فغناء الركبان والقينات، وأما السناد فالثقيل الترجيع الكثير النغمات، وأما الهزج فالخفيف كله، وهو الذي يثير القلوب ويهيج الحليم.
وإنما كان أصل الغناء ومعدنه في أمهات القرى من بلاد العرب ظاهراً فاشياً وهي: المدينة، والطائف، وخيبر، ووادي القرى، ودومة الجندل، واليمامة، وهذه القرى مجامع أسواق العرب" (27).
وزاد ابن رشيق تفصيلاً فقال :"وغناء العرب قديماً على ثلاثة أوجه: النصب، والسناد، والهزج.
فأما النصب فغناء الركبان والفتيان .. قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: وهو الذي يقال له المرائي، وهو الغناء الجنابي استقه رجل من كلب يقال له جناب بن عبدالله بن هبل، فنسب إليه، ومنه كان أصل الحداء كله، وكله يخرج من أصل الطويل في العروض.
وأما السناد فالثقيل ذو الترجيع، الكثير النغمات والنبرات، وهو على ست طرائق: الثقيل الأول وخفيفه، والثقيل الثاني وخفيفه، والرمل وخفيفه.
وأما الهزج فالخفيف الذي يرقص عليه، ويُمشي بالدف والمزمار فيطرِب، ويستخف الحليم.
قال إسحاق: هذا كان غناء العرب حتى جاء الله بالإسلام، وفتحت العراق، وجلب للغناء الرقيقُ من فارس والروم، فغنوا الغناء المجزأ المؤلف بالفارسية والرومية، وغنوا جميعاً بالعيدان والطنابير والمعازب والمزامير.
قال الجاحظ: العرب تقطع الألحان الموزونة على الأشعار الموزونة، والعجم تمطط الألفاظ فتقبض وتبسط حتى تدخل في وزن اللحن، فتضع موزوناً على غير موزون.
ويقال: إن أول من أخذ في ترجيعه الحداء مضر بن نزار، فإنه سقط عن جمل فانكسرت يده فحملوه وهو يقول: وايداه وايداه .. وكان أحسن خلق الله جرماً وصوتاً، فأصغت الإبل وجدَّت في السير، فجعلت العرب مثالاً لقوله هايدا يحدون به الإبل .. حكى ذلك عبدالكريم في كتابه" (28).
وتحدث ابن خلدون عن الشعر العامي لبني هلال وغيره (29) وقال خلال ذلك عن الشعراء العوام ورواة الشعر العامي :"وربما يلحنون فيه ألحاناً بسيطة، ويسمون الغناء به باسم الحوراني نسبة إلى حوران من أطراف العراق والشام، وهي من منازل العرب البادية ومساكنهم إلى هذا العهد" (30).
قال أبو عبدالرحمن: هذا هو واقع التعامل مع الشعر العامي في نجد، ولا يكاد يصحبه من الآلة غير الربابة أو الطبل في بعض الأحيان.
وهكذا كان العرب الفصحاء الأقحاح في جاهليتهم.. قال السيد محمود شكري الآلوسي موجزاً تدرجهم من الغناء الساذج إلى الصنعة الموسيقية:
"وصبيانهم يلعبون أنواعاً من الملاعب قد استوفاها صاحب القاموس، ويزمرون بالدفوف والمزاهر ونحو ذلك مع التغني بأراجيز وأبيات من الشعر أنشدوها في أيامهم كيوم بعاث.
وكان لهم أولاً فن الشعر يؤلفون فيه الكلام أجزاء متساوية على تناسب بينها في عدة حروفها المتحركة والساكنة، ويفصلون الكلام في تلك الأجزاء تفصيلاً (يكون كل جزء منها مستقلاً بالإفادة لا ينعطف على الآخر، ويسمونه البيت) فتلائم الطبع بالتجزية أولاً، ثم يتناسب الأجزاء في المقاطع والمبادئ، ثم بتأدية المعنى المقصود وتطبيق الكلام عليها. فلهجوا به فامتاز من بين الكلام بحظ من الشرف ليس غيره، لأجل اختصاصه بهذا التناسب، وجعلوه ديواناً لأخبارهم وحكمهم وشرفهم ومحكاً لقرائحهم في إصابة المعاني وإجادة الأساليب واستمروا على ذلك.
وهذا التناسب الذي من أجل الأجزاء والمتحرك والساكن من الحروف قطرة من بحر من تناسب الأصوات كما هو معروف في كتب الموسيقى.. إلا أنهم لم يشعروا بما سواه لأنهم حينئذ لم ينتحلوا علماً ولا عرفوا صناعة وكانت البداوة أغلب نحلهم.
ثم تغنى الحداة منهم في حداء إبلهم، والفتيان في فضاء خلواتهم، فرجَّعوا الأصوات وترنموا .. ولم يزل هذا شأن العرب في بداوتهم وجاهليتهم، فلما جاء الإسلام، واستولوا على ممالك الدنيا، وحازوا سلطان العجم وغلبوهم عليه (وكانوا من البداوة والغضاضة على الحال التي عرفت لهم .. مع غضارة الدين وشدته في ترك أحوال الفراغ وما ليس بنافع في دين ولا معاش): فهجروا ذلك شيئاً ما، ولم يكن الملذوذ عندهم إلا ترجيع القراءة والترنم بالشعر الذي هو دينهم ومذهبهم(31).
فلما جاءهم الترف، وغلب عليهم الرفه، بما حصل لهم من غنائم الأمم: صاروا إلى نضارة العيش ورقة الحاشية واستحلاء الفراغ، وافترق المغنون من الفرس والروم، فوقعوا إلى الحجاز، وصاروا موالي للعرب، وغنوا جميعاً بالعيدان والطنابير والمعازف والمزامير، وسمع العرب تلحينهم للأصوات، خاثر مولى عبيدالله بن جعفر فسمعوا شعر العرب ولحنوه وأجادوا فيه وطار لهم ذكر، ثم أحذ عنهم معبد وطبقته وابن سريج وأنظاره.


 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون