عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2023   #192


الصورة الرمزية كتف ثالثه

 عضويتي » 29424
 جيت فيذا » Jun 2017
 آخر حضور » منذ 15 ساعات (01:25 AM)
آبدآعاتي » 53,505
الاعجابات المتلقاة » 1797
الاعجابات المُرسلة » 1729
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الادبي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » كتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   water
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  انا هنا

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: غير ذلك

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



بدأت تدور حول نفسها بطريقة ـ غريبة ـ وهي تُفكر كيف تبدأ كلماتها معه، كيف تُخبره دون أن يغضب؟ كيف تجعلهُ يبتسم على كل قول ستنطق به؟
إن أخبرته أنني أكذب لن يصدقني بعد ذلك ورُبما يُعايرني ويقول لي أنتِ كذبتِي قبل هذه المرَة لن استغرب أن تكذبين مرةً اخرى، وإن لم أخبره سأشعرُ بالذنب دائِمًا ورُبما يقول لعائلته عنَي ويبدأون بالسؤال ويصل الأمر لأبي، إن وصل لأبي سيفضحني بالتأكيد أمامهم ويُهزأني! ماهي الطريقة الناعمة التي لن تُضايقني مستقبلاً ولن تضايقه أيضًا؟ يارب ساعدني بفكرة أستطيعُ بها أن أقنعه.
أوقف دورانها بيديْه : أنهبلتي؟
ريم شعرت بالدوار من طريقتها بالتفكير، نظرت إليه بعد ثوانٍ طويلة : أحب أفكر كِذا
ريَان إبتسم : كل شي عندِك غريب
ريم تشابكت أصابعها : ريَان بقولك شي
ريَان جلس على الأريكَة ورفع عينيْه : قولي
ريم أخذت نفس عميق وهي تُغمض عينيْه، أردف : وهذا بعد من طقوس تفكيرك
ريم جلست بمُقابله : لا تتمصخر! بس أحاول اقولك بطريقة لطيفة ما تزعجك؟
ريَان : يعني الموضوع يزعجني؟
ريم : أسألك سؤال
ريَان : أسألي
ريم : لو عرفت شي أنقهرت منه وش تسوي؟
ريَان بكذِب أراد أن يستدرجها بالقوْل : عادِي، أنقهر ساعة وأرضى
ريم : يعني منت من النوع اللي يعصَب ويجلس أيام وهو معصَب
ريَان : أنا؟؟؟ أبدًا ماني من هالنوع
ريم : طيب . . . يعني هو موضوع صغير بس صار كبير . . تذكر لما خليتك تكلَم يوسف عشان تتأكد من المرض وكِذا؟
ريَان : إيه؟
ريم تنحنحت : أنا أكذب . . . ـ بنبرةٍ طفولية وهي تحلف ـ بس والله العظيم والله يا ريَان إنه قصدي مو الكذب، بس كنت أبيك تعطيني وجه شويَ
ريَان كان من الممكن أن يغضب ولكن أمام نبرتها وهي تشرح جعلته ينظرُ إليها بجمُود.
ريم : يعني كانت حياتنا باردة مررة فقلت وش أسوي؟ مافيه إلا شي يخليك تفكر فيني! وماجاء في بالي غير هالفكرة وصديقتي جرَبتها يعني . . جربتها مع زوجها وتقولي إنه مرة تغيَر وحمستني . . وبس جرَبتها . . بس والله العظيم إنه الهدف كان هو الخير .. ولا أنا ما أكذب! وماني راعية كذب . . يعني هو الإنسان طبيعي ماراح يصدق في كل حياته، لازم يكذب أحيانًا كذبة بيضا عشان يمشَي حياته . . وهذي تعتبر كذبة بيضا ما ضرتَك ولا ضرتني . . بالعكس خلتك دايم تدلعني
ريَان : أدلَعك؟
ريم بربكة : يعني مو تدلعني بالصيغة المتعارف عليه، أقصد صرت شويَ حنون، حتى أهلك لاحظوه وقاموا يسألوني . . والله العظيم إنه امك سألتني
ريَان مسك نفسه عن الإبتسامة أمام حلفها المتكرر، ريم بضيق : وحتى صديقتي نفسها قالت لاتقولين له وتفضحين نفسك، خليها تمشي عليه عشان مايظن فيك ظن سوء، بس أنا قلت لا! ريَان عاقل ويعرف إنه أحيانًا نتصرف حسب النوايا
ريَان بحدَة : تتبلين على نفسك؟ مجنونة أنتِ ولا صاحية؟ بكرا تمرضين وساعتها ماينفعك كلام صديقتك!!
ريم : والله العظيم يا ريـ
ريان يُقاطعها : خلاااص لا تحلفين
ريم : أدري إني غلطت وأنا آسفة وأدري إني . .
ريان يُقاطعها مرةً اخرى : سكري الموضوع
ريم وقفت لتجلس على الطاولة القريبة منه : زعلان؟ . . والله العظيم يا ريَان إني أحلم نعيش بسلام وكِذا حياة وردية وحلوة . .
ريان قفزت على شفتيْه ضحكة قصيرة، جعلت ريم تبتسم.
بتنهيدة : وإحنا مو عايشين بسلام وحياة وردية على قولتك؟
ريم : يعني الحمدلله محنا سيئين لكن ما بيننا توافق لا في الإهتمام ولا الأفكار ولا شي . . يعني بتكون الحياة حلوة لو أهتميت بإهتماماتي وأنا أهتميت بإهتماماتك، أنا حتى لمَا أسألك وش الأكلة اللي تحبها تقولي مافيه شي محدد! يعني ماتخليني أعرف عنك شي بس أنزل المطبخ تقولي أفنان ريَان يحب سلطة الزبادي . . طيب قولي أحب سلطة الزبادي خلني أسويها لك
ريان بإبتسامة : وش دخل ذي في ذيَ ؟
ريم : إلا لها دخل، يعني أنت حاط حواجز بيننا، تحسسني إني زميلك بالشغل ماتشاركني أيَ إهتمام
ريَان : لأن فعلا ماعندي إهتمامات معيَنة
ريم بقهر : بس أفنان تعرف إهتماماتك من السمَا
ريَان : طيب وش تبين تعرفين ؟
ريم لانت ملامحها بإبتسامة : قولي كل شي عشان لا قالوا ريَان كِذا وكِذا، ما أجلس مفهية مدري وش السالفة وأطلع آخر من يعلم بمعلومة عنك كأني ماني زوجتك


،

عبدالمجيد يمدَ له كأس الماء : سمَ
فارس يأخذه ويشربُ ربعه بعينٍ تذبلُ شيئًا فشيئًا، وضع رأسه على الأريكَة وأغمض عيناه، لينام بسكينة الطِفل إن أُغمي عليه من التعب، وقف عبدالمجيد وجلب له ـ فِراش ـ غطاه جيدًا وأغلق الأنوار حتى لا ينزعج من شيء.
خرج لسلطان الجالس بسيكنته الخاصَة : بترجع للرياض الليلة ولا بكرا؟
سلطان : بعد شويَ بروح المطار
عبدالمجيد : توصل بالسلامة
سلطان : تنهَد : الله يسلمك، شلونه؟
عبدالمجيد : ماهو بخير أبد بس توَ نام . . .
سلطان بضيق : ما كان لازم يموت قدام ولده! بس قدَر الله وماشاء فعل، مهما كان مجرم بس الجريمة فعلاً إنه يموت بهالصورة!!
عبدالمجيد : إن شاء ربي رحمه وإن شاء غفر له، أمره بإيد الله مانقدر نقول شي ثاني
سلطان : جيبه معك الرياض لا تتركه هنا، أصلاً ماعاد له بيت هناك بعد! لو ينفع نخليه يشتغل بأي وظيفة أتوسَط له فيها . . أنت وش رايك؟
عبدالمجيد : يبي له فترة طويلة عشان يتقبل موت أبوه
سلطان : طيب أنت قوله أيَ شي يبيه أنا مستعد أسويه له، ترى الفراغ مو زين له! بيوْسوس فيه وبيخليه ينهبل من التفكير!
عبدالمجيد : بستشيرك بشي، خلنا نكلم عبدالرحمن يخلي بنته تجي له
سلطان رفع حاجبيْه بإستغراب : نعم! ليه؟
عبدالمجيد : يعني . .
سلطان يُقاطعه : تراه زواج على ورق ومحد راضي فيه
عبدالمجيد : لا غلطان! فارس راضي فيها وهي راضية بعد
سلطان بدهشة : متى أمداه يرضى هي وياه؟ . . وش ذا الحُب الرخيص اللي من يومين حبوا بعض!!
عبدالمجيد تنهَد : سلطان ماهو وقت تمصخرك!! جد يحبون بعض ولا تسألني كيف . . يمكن هي الوحيدة اللي بتقدر تطلعه من جو هالكآبة
سلطان : مستحيل يوافق عبدالرحمن عقب اللي صار! بيحفظ بناته بعيونه ولا راح يخلي أحد يقرَب لهم
عبدالمجيد : سلطان! أنا وياك لا أتفقنا بنقدر نقنعه ونبيَن له! وبعدين فارس ماهو سيء! بالعكس رجَال والنعم فيه وماله علاقة بإسم أبوه
سلطان : يعني وش قصدِك؟ تبيهم يكملون حياتهم مثل ايَ زوجين!
عبدالمجيد : إيه
سلطان ضحك من أفكار عبدالمجيد : أنت عارف كيف الزواج تمَ؟ مستحيل يكملون مع بعض
عبدالمجيد : مو توَك تقول مستعد أسوِي له أيَ شي؟
سلطان : بس عاد ماهو على حساب بنات بو سعود
عبدالمجيد : يعني بتترك مهمة الإقناع عليَ؟
سلطان تنهَد : وش أقوله؟ أقوله معليش يا عبدالرحمن خلَ بنتك تروح له؟ كيف بيثق أصلاً ؟
عبدالمجيد : لمَا نرجع الرياض على خير إن شاء الله بيكون فارس قدام عيونه وبيثق فيه وبيتطمن على بنته
سلطان مسح وجهه بكفيَه : طيب، بس يرجعون الرياض راح أكلمه ولو إني عارف وش بتكون ردة فعله
عبدالمجيد : كلامي مع كلامك بيفيد، أنت جرَب وش بتخسر؟
سلطان وقف : طيب اللي تشوفه . . أنا ماشي تآمرني على شي
عبدالمجيد : توصل بالسلامة
سلطان : ألله يسلمك . . . . وهو يسيرُ بإتجاه الباب إلتفت عليه . . ما سألتك كيف جتِك فكرة آسلي؟
عبدالمجيد بإبتسامة : أفكار سلطان العيد الله يرحمه
سلطان رفع حاجبيْه بإندهاش : صار لنا سنتين مدري 3 سنوات نقول فيه واحد إسمه آسلي وراح يجي يوم يقابله رائد وحالتنا حالة آخر شي يطلع واحد منَا!!
عبدالمجيد : لو بتفكر بكل الأشياء اللي صارت بتكتشف إنك ماتدري عن تفاصيلها
سلطان تنهَد : خل يجي سعد ويجيب أمل معه عشان أفرغ اللي بقى في داخلي
عبدالمجيد : لا سعد خلَه عليَ وأمل بتُحاكم حالها من حالهم
سلطان : و وليد؟
عبدالمجيد : لا عاد هِنا لا يلعب فيك الشيطان، وليد ما سوَا أيَ شي خارج القانون
سلطان : أجل خلني أبشرك الشيطان على قولتك وش يقولي، ودَي أشوفه بعد وأطلع الحرَة الخاصة فيه
عبدالمجيد بجدية : سلطان! جد أترك وليد عنك، لأنه هو تصرف مثل أيَ شخص راح يكون بمكانه . . لا تدخل المشاكل العائلية بموضوعه
سلطان نظر إلى ساعته التي تُشير إلى ـ هبوط المغرب على سماء الرياض ـ : وأنت مصدَق إني بروح له ميونخ، بس في خاطري طبعًا . . . يالله سلام . . . خرج ونزل بالسلالم وهو يكتب في الواتس آب لـ " جنتِي " ( الساعة 9 طيارتي يعني بوصل تقريبًا 3 الفجر )
لم تمَر دقيقة إلا وأضاء هاتفه بإتصالها، أجابها بصوتٍ مبتهج : يا هلا
حصَة : هلابِك، بشرني عنك؟
سلطان يُشير إلى التاكسي بالوقوف : بخير الحمدلله وأموري تمام، أنتِ شلونِك؟
حصَة : الحمدلله بصحة وعافية، خلصت شغلك كله؟
سلطان : إيه الحمدلله، بلغي السوَاق عشان يجيني المطار
حصَة : أبشر . . ما قلت لك ؟
سلطان : وشو ؟
حصَة : عايشة أسلمت
سلطان : ماشاء الله، متى ؟
حصة : أمس وأحزر من اللي أنطقها الشهادة؟
سلطان : أنتِ؟ ولا العنود جايتك
حصَة : الجوهرة، هي اللي معطتها الكتب أصلاً . . لو تشوف فرحتها
سلطان بإستغراب : الجوهرة بالرياض؟؟؟
حصَة : لا، كلمناها بالجوال . . ـ بنبرةٍ تستدرجه ـ . . إذا ودَك مرة تقدر تجيبها للرياض
سلطان : هذي اللي قالت يا سلطان ماعاد بفتح الموضوع معك
حصَة : يخي وش أسوي، بس أسمع صوتك أحس لساني يركض يبي يقول الجوهرة بأيَ سالفة حتى لو أنه مافيه سالفة
سلطان غرق بضحكتِه : مالِك حل
حصَة إبتسمت : بس آخر سؤال، كلمتها من جيت باريس ولا لأ ؟ يالله جبت لك سالفة إتصل عليها وقولها عن عايشة! ومنها تتطمن عليها بدون ما تجرح كبرياء سموَك!!
سلطان بلع ريقه متنهدًا : كلمتها، وتطمنت عليها
حصَة : جد؟
سلطان : إيه والله اليوم الظهر كلمتها
حصة : وشلونها؟
سلطان بضحكة : يعني ماتدرين؟
حصة : لازم أعرف الحال من ناحيْتك
سلطان : أبد الله يسلمك تقول إنها بخير الحمدلله
حصَة : وش رايك تروح لمطار الملك فهد؟
سلطان : الطيارة بمزاجي، أقولهم نزلوني بالدمام ؟
حصَة بخبث : يعني أنت تبي الدمام؟ وعذرك الطيارة؟
سلطان : لا أنا أجاوبك على سؤالك . .
حصَة : طيب تعال خلني أشوفك وترتاح وأقرأ عليك كود الشياطين تهجد وتقولي . . ـ تقلد نبرته ـ . . والله يا حصة عندي مشوار للشرقية
سلطان : لا حول ولا قوة الا بالله . . لا تخافين بجي الشرقية
حصَة غرقت بضحكتِها : والله إني دارية
سلطان : طبيعي بجي . . بشوف أبوها بعد
حصَة : رجعها يا سلطان
سلطان بإستفزاز : عدَتها بتنتهي إن شاء الله و . .
تُقاطعه حصة بإنفعال : قل آمين . .
سلطان بضحكة : حصة بسألك سؤال جد
حصة : وشو مع إنك ما تستاهل
سلطان : الجوهرة بأيَ شهر؟
حصة ضربت صدرها بيدها : عسى السما ما تطيح علينا! مرتك يا سلطان . . تعرف وش يعني مرتك؟ مفروض عارف هي في أيَ يوم حتى؟
سلطان تنهد : تبيني أذكرك إني ماعرفت بحملها إلا متأخر وش يدريني متى حملت ؟
حصة : إيه صح . . بس ولو كان مفروض تسأل . . هي بالشهر الثالث
سلطان : باقي لها 6 شهور ؟
حصة : إيه 6 شهور إن شاء الله . . يعني على صيف 2013 بتولد بإذن الله . . . الله يسهَل عليها
سلطان : بس يولدون بالسابع؟
حصَة : سلطان معلوماتك الطبية زيرو . . فيه ناس حتى تولد بالثامن . . يعني ماهو شرط يا السابع يا التاسع . . تدري إنه فيه حريم يوصلون لبداية العاشر
سلطان : أدري بس أبي أعرف متى يكون وقت ولادتها
حصَة : يارب يارب يارب إنها تولد بالرياض
سلطان : أنا أفكر وين وأنتِ وين، أنا بس ما أبي يكون عندِي دوْرة برا أو مسافر
حصة بحدَة : طبعًا، أهم شي عندك شغلك . . ما أقول الا مالت عليك وعلى اللي متحمس! قلت يسأل متى ولادتها يعني مهتم! أثاريك تبي تنسَق عشان ماتكون مسافر


،


سحبها لصدره بقوَة، وقفت على أطرافِ أصابعها وهي تستنشقُه بلهفة، قبَل رأسها وهي تُخفضه باكيَة، بهمس : لا تبكين!
غادة أبتعدت حتى تنظرُ إليه بنظراتٍ يُضيئها الإشتياق : الحمدلله الحمدلله . . كنت راح أموت لو صار لك شي
عبدالعزيز : بسم الله عليك . . قبَل جبينها وهو يُطيلها بذكرى ـ والدتِه و والدِه و هديل ـ . . خلينا نطلع من هنا
غادة مسحت ملامحها من آثار البكاء التي تغزُوها، مسكت يدِه لتخرج من الفندق وهُم يسيران على الرصيف.
كنت أشعرُ ولوهلة أنني فقدتُ عائلتي المتمثلة بِك، أنت ليس وحدِك يا عزيز! أصبحت تقفُ بهيبة أبي وعناق أمي وضحكة هديل، إن فقدتُك! فقدتُ عائلتي مرةً أخرى وهذا مالاطاقة ليْ به، يكفيني فقدُ واحِد لا أريد للتجربة أن تتكرر! أُريدك أنت، وأن أعيش على شُرفة صوتِك وأنسى كل ما مرَ خلال هذه السنـة، أحتاجُك يا ـ أخوي ـ ولا أملكُ أيَ سدًا يمنعُ حاجتي لك، أصبحت كل شيء في حياتي، وأخافُك! والله أخافُ أن تستيقظ عيني في يومٍ ما ولا أراك، وأخافُ من هذه الوحدَة أن تُطيل بعتمتها، أرجُوك بدَد الظلام بعينيْك و أجعلنا / نعيش. فقط نعيش.
غادة : وين كنت باليومين اللي فاتوا؟ وش صار لك؟
عبدالعزيز : شغل، لكن أنتهى
غادة بتوتر عميق : وناصر معاك
عبدالعزيز إلتفت عليها وبنبرةٍ تحملُ معنى أعمق : إن شاء الله أنه معايْ
غادة : وينه؟
عبدالعزيز : راح يجي . . مخنوق من باريس و لا عاد لي نفس أمشي بشوارعها! راح نطلع من هنا لأيَ مكان غير الرياض
غادة شدَت على كفَه وهي تُسانده : المكان اللي بتروح له راح أروح له معاك
عبدالعزيز بوجَعٍ يُرجف قلبه : بس يجي ناصر راح أقوله، راح نبني حياتنا بعيد عن باريس والرياض وكل مكان فيه أحد يعرفنا، راح نبدأ من جديد
غادة التي فهمته جيدًا : وش منَه موجوع؟
عبدالعزيز صمَت وأكمل معها السيْر، وقفت غادة لتُجبره على الوقوف : قولي!
عبدالعزيز : موجوع من كل شي حولي، أبي أبعد بأقرب فرصة من باريس
غادة : و رتيل؟
عبدالعزيز أتاهُ السؤال بغتةً ليصمت.
غادة : قالوا لـك؟
عبدالعزيز : وصلني الخبر
غادة : رحت شفتها؟
عبدالعزيز : إيه كنت عندها
غادة : شلونها؟
عبدالعزيز : بخير إن شاء الله بتقوم بالسلامة بسرعة
غادة : ماراح تجلس عندها
عبدالعزيز تنهَد : غادة لا تشغلين نفسك بأموري . . خل يجي ناصر بس وارتاح
غادة : بس . .
يُقاطعها : قلت لك لا تشغلين نفسك فيني . . أشار لتاكسي بالوقوف ليركبان ويتجهان نحو شقتهما . .
إلتفت عليها عبدالعزيز : أخذي كل أغراضِك، ماراح أجلس الليلة هِنا
غادة : خلنا نروح المستشفى
عبدالعزيز : لا يا غادة . .
غادة : عبدالعزيز ما يصير . . خلنا نروح
عبدالعزيز : ليه كل هالحدَة عشانها؟ وش سوَت لك؟
غادة : ما سوَت ليْ شي بس مكسور قلبي عليها، وهي زوجتك أصلاً يعني مفروض أنت أكثر واحد توقف بصفَها الحين
عبدالعزيز تنهَد : رتـ . . أقصد غادة
غادة إبتسمت : إيوا رتيل . . عبدالعزيز روح للمستشفى
عبدالعزيز بضيق : ما نمت وواصلة معي ونفسيتي بالحضيض طبيعي بخربط، واللي يرحم والديك لا تضغطين عليَ
غادة : هذا طلب مني؟ ترَد لي طلب؟
عبدالعزيز صمت لثوانِ طويلة حتى نطق : توني كنت عندها، الله يخليك يا غادة
غادة : بسألك سؤال وجاوبني بصراحة
عبدالعزيز : عارف وش بتسألين عشان كِذا لا
غادة : وش بسأل ؟
عبدالعزيز : أثير ولا رتيل؟
غادة أبتسمت بإندهاش : لأني مصدومة منك كيف تزوجت مرتين بسنة وحدة؟ الأولى رتيل وبعدها أثير! طبيعي بسأل ليه؟
عبدالعزيز : راح أقولك كل شي بوقته
غادة : بس أنا أبي أسمع الحين، قلبي يقولي إنه قلبك مافيه الا شخص واحد وهو رتيل بس ليه أثير؟
عبدالعزيز : ومتى أكتشفتِ هالشي؟ بهالسرعة قدرتي تحللين الموضوع؟
غادة : أنا إحساسي يقول كِذا لأن عُمرك ما قلت أبي أثير! حتى كنت دايم تنزعج لمَا نذكرها عشانِك
عبدالعزيز إتسعت محاجره : تتذكرين؟
غادة عقدت حاجبيْها : إيه أتذكر
عبدالعزيز بدهشة : تتذكرين كل شي ؟
غادة بلعت ريقها برجفة : وش فيك عبدالعزيز؟ أتذكر بعض الأشياء اللي فاتت . .
عبدالعزيز تنهَد : يعني تتذكرين وش صار قبل الحادث؟
غادة : كانت ليلة عرسي . .
عبدالعزيز : إيه صح . .
وصلا إلى العمارة التي تضمَ شقتهم، نزل لينظر إلى الجسد الذي يُعطيه ظهره، بصوتٍ حاد : ناصـــر
إلتفت عليه بعد أن طال إنتظاره له، عبدالعزيز تقدَم إليه : وين كنت؟ تعبت وأنا أدوَرك؟
ناصِر : رحت أدوَر وليد . .
عبدالعزيز بغضب : طيب ليه ما قلت ليْ؟ توقعتك تحللت من النار وأنت جالس تدوَر وليد!!! وأصلاً هو ماهو فيه!!
ناصِر بضيق نظر إلى غادة الواقفة بجمُودٍ خلف أخيها، أكمل : المهم أسمعني تروح تجيب جوازك وتحضَر شنطتك وبنطلع الليلة من باريس!!
ناصر : وين بنروح ؟
عبدالعزيز بعصبية : أيَ زفت! المهم ما نجلس هنا، نروح للندن أقرب شي وبعدها نفكر بأيَ مكان ثاني . . طيب؟
ناصر : طيب . .
عبدالعزيز : روح الحين لشقتِك وجيب أغراضك وبنتظرك هنا
ناصر تنهَد : طيب . . . دخل عبدالعزيز إلى العمارة وضلَت غادة واقفة، أطالت بنظراتِها وأطال هو بتأملها.
أعرفُ هذه النظراتِ جيدًا! وأعرفُ سرَها، لم تتغيَر يا ناصر، مازلت الرجل الأسمَر المبعثِر لكل خليَة إتزان تحفَني! مازلت الرجلُ الذي اطل من النافذة كل يوم لأراه، والذي يجذبُني إليه كالمغناطيس، مازلت الرجُل الذي أحبه ومازلت أُحبه لأن فطرتِي / هي حُبه. عُدنا!
دخلت دون أن تنطق شيئًا، وقف عبدالعزيز في منتصف الدرج ينتظرها، مشت معه ناحية الشقَة، حاول أن يفتحها ولكن لاحظ أنها مُقفلة والمفتاح بها، ثوانٍ قليلة حتى تقدَمت أثير وفتحته وهي التي تنتظره من الصباح، تجمدَت عيناها برؤية غادة، أبتعدت عدَة خطوات للخلف برهبة من الذي تراه، إرتعش جسدها بأكملها وعيناها مازالت تتسعُ أكثر وأكثر بوجودِ غادة.
من رهبتها أستثار الخوف معدتها حتى شعرت بالغثيان، إتجهت نحو المغاسل لتتقيء صدمتها من الحياة التي تجيءُ بغادة.
إلتفتت على عبدالعزيز : خافت؟ ماكانت تدري عنَي صح؟
عبدالعزيز تنهَد : أدخلي أجلسي وأنا أروح أشوفها . . . إتجه إليها . . أثير
تمضمضت وأخذت المنشفة تمسحُ وجهها الذي شحَب، وبرجفة تقطعُ صوتها : هذي غادة!!
عبدالعزيز عقد حاجبيْه : إيه، قبل فترة عرفت بوجودها وشفتها
أثير بلعت ريقها بصعوبة : يعني حيَة؟
عبدالعزيز بإنفعال : وش فيك؟ أقولك حيَة وتسأليني عقبها!!
أثير : قلبي وقف حسبت إني أتوَهم ولا شي
عبدالعزيز مسح على وجهها : لا تتوهمين ولا شي
أثير : وين كنت طيب كل هالفترة؟
عبدالعزيز : شغل مقدرت أطلع منه، حتى غادة نفسها توني اليوم مرَيتها
أثير تذكرت أمرُ رتيل لتلفظ : أًصلاً انا أبغاك بموضوع
عبدالعزيز : وشو ؟
أثير : ست الحسن والدلال عارف وش سوَت فيني؟
عبدالعزيز تنهَد : أثير واللي يرحم والديك نفسيتي واصلة للحضيض ماني متحمَل أيَ شي
أثير : لا لازم تعرف، مزوَرة تحليلي الطبي ولا تسألني كيف لأني أنا مدري وش نوع الجنون اللي في مخها! ومخليتني لأيام أصدَق إني مريضة وقلبي يعاني! وآخر شي أروح المستشفى وتقولي الدكتور كل شي فيك سليم و أنه فيه وحدة كلمتنا وشرحنا لها وطبعًا مافيه وحدة بالشقة غيرها
عبدالعزيز بعدم تصديق : هي سوَت كِذا؟
أثير : أقسم لك بالله إنه هذا اللي صار، ولو تبي روح للمستشفى وكلم دكتورتي وبتعرف بنفسك إنها أتصلت وغيَرت التحليل
عبدالعزيز : طيب
أثير بإنفعال : وش طيب؟ أنا ماراح أجلس أنتظرها تطبَق جنونها عليَ وعليك، عبدالعزيز يا أنا يا هيَ
عبدالعزيز بحدَة : أثيـــر، قلت طيب يعني أنهي الموضوع . . تركها وإتجه للصالة.
أثير تمتمت : طيب وراك وراك لين تطلقها!!
غادة : كيفها الحين؟
عبدالعزيز : بخير لا تشغلين بالك،
غادة : ماراح تروح لرتيل؟
عبدالعزيز : وش قلت يا غادة؟
غادة بضيق : لأني أبي أتطمن عليها بعد، هي ما قصرت طول ما كنت معها
عبدالعزيز : غادة! يا روحي لا تزيدينها عليَ
غادة : ماني قادرة أفهمك وأفهم تصرفاتِك . . بحدَة أردفت . . لو القرار بإيدي ولو كنت مكانك ما كنت تركتها إلى الآن!! . . روح يا عبدالعزيز ما يصير كِذا
عبدالعزيز : مصدوم منك يا غادة على وقوفك الحادَ معها؟ طيب وانا وش سويت؟ رحت لها وأهلها الحين عندها.
دخلت أثير لتُقاطع حديثهم، تنحنحت كثيرًا حتى نطقت : مساء الخير غادة
غادة إبتسمت : مساء النور . . شلونِك الحين؟ عساك أحسن؟
أثير صمتت بعد أن سمعت صوتها، تحاول أن تستوعبْه لثوانٍ طويلة : بخير


،


إبتسم عبدالرحمن حتى رفعها عن مستوى الأرض بخفَة : يا رُوحي!
عبير بضيق : أشتقت لك أشتقت لك أشتقت لك أشتقت لك . . . كررتها كثيرًا حتى قاطعتها ضحكةُ والدها.
تقدَمت ضي على صوتِ ضحكاته، ببهجة : ما بغيت!!
أنزل عبير ليتقدم ناحية ضي وعانقها وهو يُغرقها بقبلاتِه، همس في إذنها : وحشتيني
" أشتقتُك، توحشتك، وحشتني " و كل مصطلحات الحنين لن تكفي لشرح وتوضيح مقدار شوْقِي لعناقِك و رائحتِك، في كل مرةٍ اتأكد بأن لا حياة أستطيع أنظر إليها وعيناك لا تُشاركني النظر، لا أستطيع العيْش بهناء وأنتَ بعيدٌ وتحملُ في قلبك هناءي! إني على الرُغم من كل شيْء يحصل ويحدثُ في حياتِنا إلا أنه سبب رئيسي يجعلني أقول دائِمًا " الحمدلله علِيك وش كثر أحبك! "
عبير : شفت رتيل؟
عبدالرحمن : توني كنت عندها، هي بخير الحمدلله . . بس تطلع بالسلامة راح نرجع على طول الرياض
عبير : طيب وش سويتوا؟ وش صار معكم؟
عبدالرحمن : كل أمورنا بخير الحمدلله، حققنا اليوم نجاح كبير لله الفضل والمنَة
ضيَ : الحمدلله، يعني أنتهى كل هذا؟
عبدالرحمن : إيه الحمدلله أنتهى كل شي هنا في باريس
عبير أرادت أن تسحبُ منه خبر عن فارس ولكن لم تستطع ان تسأل بطريقة غير مباشرة، جلست على طرف السرير : غادة طلعت قبل شويَ قالوا إنه عبدالعزيز جاء
عبدالرحمن : إيه هو سبقنا وجاكم . .
ضيَ : كلكم بخير؟
عبدالرحمن : كلنا الحمدلله
ضيَ إبتسمت : الحمدلله . . طيب خلنا نروح لرتيل ونشوفها
عبير : إيه خلنا نروح
عبدالرحمن : بس برتاح ساعتين على الأقل وبعدها بنروح كلها إن شاء الله . .
ضيَ : نوم العوافي
عبدالرحمن : الله يعافيك
عبير بتوتر جلست : وش صار مع رائد؟
عبدالرحمن : مات
عبير شهقت : وشو!!!
عبدالرحمن نظر إليها : مات الله يغفر له . . وش فيك تفاجئتي؟
عبير : آآآ . . لا بس أنصدمت شويَ . . كيف مات؟
عبدالرحمن : تعرَض لطلق نار، الله يصبَر ولده بس
عبير بللت شفتيْها بلسانِها من الربكة : ولده كان موجود هناك؟
عبدالرحمن : إيه، أكيد صعبة عليه يموت أبوه قدامه!!! . . الله لا يفجعنا بأحد ويرجَعنا الرياض سالمين
عبير همست وبدأت أفكارها تدور حول فارس : آمين . . .


،


بعد ـ شهريْن ـ


في الرياض تحديدًا، ( منزل عبدالله القايد )
تقف على أطرافِ أصابعها وهي تقرأ بضحكَة الأوراق التي كتبها فيصل : وهذي بعد . . كما لو أنكِ جئتِ حتى تبثَين بيْ الحياة. . هالله الله!
فيصل المستلقي على الأريكة وينظرُ إليها بتركيز : وش بقى ما قريتيه ؟
هيفاء : طيَحت قلبي يومها، وقمت أصيح ورحت كلمت أبوي قلت السالفة فيها إنَ بس زين ما طلعت مثل ما انا فاهمتها
فيصل وقف ليهجم عليها بضحكة وهو يأخذ منها الأوراق، عانقها من الخلف وهو يهمسُ بإذنها : ما أحب أحد يقرأ شي كتبته
هيفاء إتسعت إبتسامتها : خلاص راحت عليك! كل الأوراق قريتها وفتحت كل الكتب . .
فيصل كان سينطق شيئًا لولا حضور ريف التي تكتفت : ماما تقول أنزلوا على الغدا
هيفاء تنحنحت وهي تحكَ رقبتها من المنظر الذي دخلت عليه ريف، نزلت ومن خلفها فيصل الذي حمل بين يديْه ريف وأغلقها بقُبلاته : ثاني مرَة دقي الباب بعدها أدخلي
ريف : دقَيته بس ما سمعتوني
هيفاء إلتفتت عليها بحرجٍ كبير : فيصل خلاص
فيصل عض شفتِه حتى يُمسك ضحكته ويُنزلها، أقترب من والدتِه وقبَل رأسها، نظر إلى الطاولة المُجهَزة بأكلٍ يُغريه تمامًا : يسلم لي هالإيدين
والدته : عساه عافية . .
هيفاء جلسَت بمُقابله، أخذت نفس عميق من السعادة التي تُحيطها بوجودِ فيصل.
ظننتُ بك أول ما قرأتِ الأوراق سوءً ولكن أدركتُ تمامًا أننا أحيانًا نتصرفُ بطريقةٍ بشعة ولكن غايتنا منها / ضحكَة وفرحة، أنا ممتنة للأيام التي تجمعني معك تحت سقف واحِد وممتنة لطعم الحُب الذي تذوقتَه مِنك، وللضحكة التي بادلتني بها، أنا ممتنة لأولِ لحظة قبلتني بها وجعلتني أشعرُ بأن حياةً قضمت قلبي وليست شفاهِك، أنتَ أجملُ شيءٍ حصل بحياتي وأحلمُ بطفلٍ ينمو بين أحشائي يحملُ دماءِك، أحلمُ باللحظة التي أسمعُ بها أنني حامل، وأثق أنه سيجيء هذا اليوْم، سيجيء وأنتَ حبيبي.


،

" عبُود قام يمشي، يسلم لي قلبه "
نطقها وهو يُلاعبه، رفع عينه لوالدته : شايفة قام يمشي
والدته بإبتسامة : الله يحفظه ويخليه . .
أبو منصور : عبدالله . . . هرول عبدالله الصغير إليه حتى سقط بحُضنه، رفعه وأغرقه بقبلاته : يا زينه يا ناس
والدته : يوسف ما أتصل عليك؟
منصور : أكيد وصل حايل . . إن شاء الله ما يرجع الا معها
والدته : والله خايفة تصمم على رآيها
منصور : وبيصمَم يوسف بعد على رآيه، طول أمس أنا من جهة وعلي من جهة وحشَينا راسه عشان يروح
والدته : والله مهرة وش حليلها بس رآسها يابس! ذا عيبها
منصور إبتسم : ما تنلام بعد . . . إن شاء الله إنه نجلا ما تطوَل عشان ما تخرَب مزاجي
: هذي نجلا جتَ قبل لا يخرب مزاجك
منصور رفع عينه : ساعة أنتظرك . . المُشكلة عزيمة أمها مفروض مهتمة اكثر مني
نجلاء : شايفة خالتي ولدك وش كثر متحلطم؟
أم منصور : منصور زوَدتها
منصور وهو يقترب منها، قرص خدها : نمزح مع أم عبدالله . . ضحكت نجلاء وهي تحمل بين يديْها عبدالله الصغير : مع السلامة . . . ركبت السيارة . . . يالله منصور تذكَر اليوم وشو ؟ ولا والله بزعل
منصور ضحك وهو يلتفت عليها : يوم ميلادك مير إني ما أعترف فيه أنا آسف
نجلاء بضيق : طيب قول كل عام وأنتِ بخير لو جبر خاطر
منصور بإبتسامة : كل عام وأنتِ بخير وسعادة و فرحة و صحة وعافية و . . وش بعد تبين ؟
نجلاء إبتسمت عيناها التي تُضيء بالدمع : وكل عام وأنا أحبك . .
منصور : وكل عام وأنتِ تحبيني
نجلاء ضربت كتفه : قول وأنا أحبك؟ رومانسيتِك تحت الصفر
منصور سحبها حتى يُقبَل رأسها : أنا رومانسيتي أفعال . . حرَك سيارتِه وعينا عبدالله على الطريق والأضواء التي تُثير إنجذابه.
وأيضًا أُحبك، مرَت سنـة ونصف على زواجنـا ومازلت أشعرُ بحماسة الحُب وشغفه وكأنها أول ليلة معك، أنت النصيبُ الصالح الذي كُنا ندعو إليه وأنا قسمتُك، ممتنـة للحياة التي تجعلني أتمسكُ بك دائِمًا وأبدًا، ممتنة لعبدالله الذي وثَق حُبنا بميلادِه، وفي كل سنَة أكبرُ بها أشعرُ بأن حُبك مازال صبيًا في داخلي، لا يشيخ شيئًا عيناك تحفَه يا منصور.

،


" الصِدف أحيانًا تخلق السعادة لكن نفس الصِدف أحيانًا تكون سبب تعاسـة "
أغلقت صفحة ـ نواف ـ بتويتر وهي تقرأ آخر تغريدة له قبل شهر، وهي تتنهَد، من فرط خيالها أن تتوقع بإمكانها من الزواج من شخص لا يعرف عنها شيء، أقبلي يا أفنان بالوقع، هذا الوقع! كيف سيجيء ويتزوجني هكذا؟ منطقيًا هذا لا يحدُث، ولكن أردتُ لو صدفَة تخلقُ سعادتي، لو شيئًا يحدُث يجعله يطرق باب منزلنا، لم أشعرُ أنني أحبه بهذه الشدَة في وقتٍ سابق ولكن هو أول شيءٍ أفتح صفحته قبل أنام وعندما أستيقظ، أصبح جُزءٍ من يومي، تمنيَتُ أن يتحقق لي ولو كان خيالاً أؤمن به حتى يجيء حقيقة، ولكن لا حُب يأتِ بهذه الطريقة ولا حياة تُبنى بأساسٍ خيالي.
رفعت عينها للجوهرة التي دخلت عليها : وش فيك جالسة بالظلمة؟
أفنان تنهدَت : نسيت لا أشغَل النور
الجوهرة إبتسمت : جايبة لك خبر يعني ممكن حلو وممكن لا . . على حسب
أفنان : وشو ؟
الجوهرة : أمي قالت لي أقولك لأنها تقول محد يعرف يتفاهم مع أفنان غيرك
أفنان وقفت بربكة : إيه وشو قولي؟ خرعتيني
الجوهرة : فيه ناس أتصلوا وأطلبوك لولدهم
أفنان : مين؟
الجوهرة : ما تعرفينهم، شفتي خوال زوج هيفاء . . منهم
أفنان بضيق : طيب وش إسمه؟
الجوهرة : إسمه نايف، يشتغل بنفس المكان اللي فيه فيصل زوج هيفا . . ويعني الرجَال كويس ويقولون أخلاقه حلوة وأمي تقول إذا وافقت أفنان بلغت أبوك
أفنان جلست بخيبة لا تدري لِمَ أتاها أمل أن تسمع إسم ـ نواف ـ بآخر لحظة.
الجوهرة : وش فِيك ضقتِ؟ استخيري وشوفي! أما إذا تفكرين بنواف فأنتِ مجنونة
أفنان : ما أفكر فيه
الجوهرة : لا تكذبين!!! أفنان صدقيني بتتعبين إذا بتفكرين بشخص شفتيه بالصدفة . .
أفنان ضاقت محاجرها : طيب خلاص أرَد على امي بعدين
الجوهرة : أنتِ عارفة بقرارة نفسك إنه مافيه زواجات كِذا! شافِك يومين وقال بخطبها، يعني هي تصير بس مو دايم! وحتى أنتِ ماتعرفين عنه شي . . يمكن متزوج يمكن عنده عيال بعد . . . ويمكن اللي في داخلك مُجرد إعجاب وبينتهي . . . . أستخيري وشوفي
طلَ ريَان عليهما : أنتِ هنا وأنا أدوَرك
الجوهرة إلتفتت : ليه ؟
ريَان : سلطان تحت
الجوهرة إرتجفت أطرافها وهي تبلعُ ريقها بصعوبة : جد ؟
ريَان : إيه . . بالمجلس مع أبوي
الجوهرة : طيب بنزل له
إتجه ريَان لغرفتِه وأول ما فتح الباب رأى باقة ورد بوجهه، إبتسم : ريم؟
أبعدت ريم باقة الورد من أمام وجهها : بمُناسبة حصولك على ترقية بالشغل
ريَان : عندي حساسية من الورد
ريم بإحباط : جد عاد ؟
ريَان بضحكة أخذها : تسلمين
ريم إبتسمت : الله يسلمك . . مسكت يدِه لتذهب به إلى الغرفة الأخرى، وبمًنتصف الطاولة كيكة ناعِمة بلونِ الفانيلا.
ريم : تعبت وأنا أنتظرك بغيت أصلي ركعتين عشان تحنَ وتجي الغرفة
ريَان بإبتسامة : شكرًا
ريم : عفوًا . . طيب قول كلمة ثانية غير تسلمين و شكرًا
ريَان إلتفت عليها وبدأ الإحراج يتضح عليه : آآآآ. . شكرًا بعد
ريم غرقت بضحكتها : خلاص راضية فيها . . .
لو أنني بقيتُ على احلامي لمَا تقدمتُ لحظَة، كان لزامًا عليَ أن أُجهض أحلام الصِبا الورديَة وأتعايش مع واقعي، كان لِزامًا أن أتقبل ريَان بسلبياته، التي أصبحت بنظري الآن نوع من الإختلاف لا أكثر، تعلَمت كيف أخلقُ من هذا الواقع حلمًا ورديًا طويل الأمَد، حتى نظراتِك أصبحت بالنسبة لي شيءٌ مقدَس، أشعرُ دائِمًا أن نظراتِك معي تختلف، وهذا يُشعرني بأنني لستُ عاديَة بحياتِك، بالنسبـة لك يا ريَان / أنا أُحبك.


،


بدأت قدمِه بالإهتزاز وهو ينتظرُ حضورها إليْه، طال إنتظاره ويخشى أن لا تخرج إليْه، رُغم أنه لم يسمع صوْتها منذُ تلك الليلة ولا يدري ما تغيَر بها، حتى ملامحها أشتاقُها بشدَة.
قاطعت أفكارِه بدخولها، رفع عينه إليها تابعًا وقوفِه، طال الهدوء بينهما وهو يتأملها بلهفة الشوْق بعد أن غابت عن عينيْه لمدَة طويلة.
مُهرة : مساء الخير
حاولت أن تتجاوزه وتجلس ولكن ذراعِه قاطعت سيْرها، بشدَة سحبها إليه وعانقها، لم يستطع أن يُقاوم حضورها بعد كل هذا الغياب.
كيف أستطعتِ أن أعيش كل هذه الفترة دون صوتِك؟ و عيناكِ؟ أشتقتُ إليْك، وبلغت من شوْقي الصبَابَـة، لِمَ نبتعد من أجل هذا الكبرياء؟ كل خطوة وكل إنفصال بالحُب سببه الكبرياء الذي لو نروَضه قليلاً لقَدِرنا على العيْش بسلام.
مُهرة إرتجفت واترفعت حرارة الحُمرة بجسدِها من عناقه، همست : يوسف
أبتعد عنها لينظر إليْها : كيف تضيَعين نفسك كِذا ؟
مُهرة بضيق : يوسف الله يخليك لا توجعني
يوسف : جايَ عشان آخذك
مُهرة : تكلمنا بهالموضوع
يوسف : إيه تكلمنا! لكن لمَا يكون سبب الطلاق مقنع أبشري بوقتها لكن عشان أخوك اللي مات الله يرحمه ولا يدري عنك طبعًا لا
مُهرة أمتلأت عينيْها بالدموع : يوسف أرجوك!!
يوسف : أنتِ اللي أرجوك! . . ما يصير تهدمين كل شي عشان سبب واحد؟ وفيه مليون سبب عشان نكمَل
مُهرة ببكاء : حط نفسك مكاني، تخيَل كيف بناظر أهلك؟ والله مالي وجه
يُوسف بإنفعال : وش دخلك فيهم؟ أصلاً حتى هم قبل لا أجيك يكلموني ويقولون خلَك مصمَم عليها . . والله العظيم إنه أمي تنتظرك وتبيك
مُهرة أخفضت رأسها، أردف : مالي خاطر عندِك ؟
مُهرة بإندفاع : إلا طبعا
يوسف إبتسم : طيب؟
مُهرة : أحس أفكاري تشتت، مو قادرة أفكَر صح
يوسف : أنا أفكر عنك وأقولك جيبي أغراضِك وخلينا نمشي عشان نوصل الرياض بدري
مُهرة : يوسف
يوسف : لا يوسف ولا غيره . . بنتظرك
مُهرة : بس . .
يوسف : قلت بنتظرك
مُهرة عضَت شفتِها السفليَة بتوتر : والله أخاف من الحياة اللي بتجيني
يوسف اقترب ليُقبَل جبينها : أنا معاك . . خرج لينتظرها بالسيارة دون أن يترك لها مجال للنقاش والتفكير.
تنهدَت مُهرة تعلم أن والدتها لن تقف هذه المرَة بوجهها، خرجت لتجدها : جاء يوسف
والدتها : أدري
مُهرة بلعت ريقها : بروح معاه
والدتها : ماعاد لي شغل بحياتتس
مُهرة بضيق جلست على ركبتيْها عند أقدامها : يمه تكفين، وش أسوي أنا بدون رضاك؟
والدتها : إذا تبين رضايَ ماتركضين وراه
مُهرة : هو زوجي .. تكفين يمه طلبتك
والدتها بضيق : بكرا تتهاوشين معه وتقولين صادزة يمَه
مُهرة : لا ماني متهاوشة معه ولا قايلة صادقة يمَه، يوسف مستحيل يأذيني بشي . . تكفين
والدتها : روحي وشو له تنتظرين؟
مُهرة : ماني رايحة بدون لا ترضين عليَ . . . قبَلت ظاهر كفَها ورفعت عينيْها إليْه . . . هاا؟؟
والدتها تنهدَت بقلة حيلة : طيب روحي
مُهرة إبتسمت ووقفت لتُقبَل رأسها : يالله عساك ترضين عليه . . .
ركضت للأعلى ليأتِ صوت والدتها : شويَ شوي لا تطيحين
هذه المرَة يا يوسف أرجُو أن يكون الغياب الفائت آخرُ بُعدٍ بيننا، أنا التي كنت الطرف الظالم في هذه العلاقة ولكنني كُنت أشتاقُك في كل لحظة، ولكن كل شيء أمامي يجعلني أفكَر بأن لا بدايَة جديدة بيننا، تصوَر كل شيء يُخبرني، عندما مرَ أكثرُ من شهريْن ولم أسمع بها صوتِك أدركت أنك لا تُفكر أبدًا بأن تُعيدني لحياتِك، شعرت بالخيبة رُغم أنني أنا سببها، ولكن كنت أريد إصرارًا منك بعد أن تحدَثت مع منصور، أردتُ فعلاً أن أستيقظ على عينيْك، لا يهُم! الذي يهمني حالاً أنك بالأسفل تنتظرني.


،

في ميُونِخ، يسمعُ لمريضِه الذي يُعاني من فرط كآبـة، وفي كل كلمةٍ ينطقها يستذكرُ غادة التي كانت تُخبره بمثل هذا الحُزن وبنبرة هذا الوجَع، لم أنجح ولم أفلح أبدًا بأيَ علاقة بحياتي، مازلت موجُوع! حاولت أن أتمسَك بكل فرصةٍ أتت إليَ ولكن لم أستطع أبدًا، أنا الذي بعد الله أُساعد غيري أعجزُ عن مساعدة نفسي، أحلمُ بأن أكوَن عائلة ولكن هذه العائلة لا تُريدني، حاولت مرَة تقليديًا وحاولت ثانيةً بصورةِ حُبٍ أردته وبكلا الحالتين فشلتْ، لا نصيب لي ولا حظَ بالحُب! والآن؟ أُكمل حياتي برتابَـة، أستيقظ لأنظم مواعيدي، أحضرُ دورات وأُعطي دروس وأداوم بالعيادة، وماذا أيضًا؟ لا شيء سوى الوحدَة التي تحفَني، الوحدَة التي مهما حاولت أن أنسلخ عنها لا أقدر، هي تنمُو بدل جلِدي ومن يقدر أن ينزع هذا الجِلد؟ لا أحَد! وحيدٌ جدًا و لا أظنُ أنني أستحق هذا الكمَ من الوجَع.


،


في حلقةِ قُرآن بالمعهد، كان يحفظُ الجزء المطلوبِ منه، " ومن يعمل من الصالِحات من ذكَرٍ أو أنثى وهو مُؤمن فأولئك يدخلون الجنَة ولا يُظلمَون نقيرًا " أكمل حفظ نصف القرآن وتبقى النصف الآخر.
حلاوة حفظ القرآن لن يستشعرها سوى حافظِ الكتاب، يستشعرُ بكل المواقف في حياتِه أن هُناك آيات سكينة تُتلى في قلبِه وهُناك آيات تُذكره عند الإقدام على ذَنبٍ ما وهُناك آيات تُرتَل جمال الجنَة عندما يتعبُ من طاعته، أحاول أن أنسى الجوهرة! لا أقول أنها لا تجيئني وتخترق عقلي، مازالت بسطوةِ حضورها ولكن بدأت أنزعُ إنجذابي إليْها، أشعرُ أنني بحاجة لأعوامٍ طويلة حتى أتخلَص من حُبها، اقتربتُ من عبدالمحسن، سيُسامحني قريبًا! أنا متأكد أنه سيسامحني حين أخبره أنني ختمتُ القرآن، كنت دائِمًا أظن أن صاحب المعصية لا بُد أن تكون نهايته مروَعة وكأننا لا نملكُ ربٌ رحيم، أكتشفتُ أن صاحب المعصية له حق الإختيار إما الجنة أو النار، لا أحد يُجازى بشيء لا يُريده، جميعنا نُجازى بما نُريد، حتى لو أنكرنا ذلك! بالنهاية أنا عصيتُ الله إذن أنا راضٍ بالعقاب، لكن الحمدلله على ـ التوبة ـ ، الحمدلله على هذا الدِين الذي جعل ذنبي صغيرًا أمام رحمتِه وعظمته.


،


أغلق هاتفِه بعد أن تحدَث مع والدِه الذي مازال منذُ شهريْن يسأله نفس السؤال عن غادة " كيف لقيتها؟ " ويشرحُ له ذات الموضوع في كل مرَة.
في جُزء من الرياض جميلاً، ركن سيارته ليلتفت عليها : هذا المسجد
غادة إبتسمت : اللي بنيته ليْ؟
ناصِر : إيه . . كنت متحمس أجي الرياض عشان أوريك إياه بس الله يهدي عبدالعزيز كأن الرياض ذبحته على كُرهه لها
غادة : المُهم شفته الحين، وبعدين عزوز رضى على الرياض لا تنسى
ناصِر : وش عقبه؟ عقب ما راح صوتي وأنا أقنعه . . .
غادة إلتفتت بكامل جسدِه إليْه : جد ناصر، أنا محظوظة فيك . . يعني عقب كل اللي صار أنت هنا وقدامي
ناصِر : أنا اللي محظوظ فيك، . . ـ بضحكة من فرحته ـ أحس إني بحلم! لو تدرين كم مرَة بكيت وقلت كيف أعيش بدونها؟ حياتي مالها قيمة أبدًا بدونك
غادة : الله لا يحرمني منك ويخليك ليْ
ناصِر : اللهم آمين يارب
غادة : تدرين وش جايَ على بالي؟
ناصِر : وشو ؟
غادة : إنه أحلامنا اللي كتبناها! ما تحس إنها تحققت؟ يعني ماتحققت بالوقت اللي أنتظرناه فيه لكنها بالنهاية تحققت
ناصِر : خلَيه يجي البطل ومستعد أخليه يربيني
غادة غرفت بضحكتها وهي تضع يدها على بطنها : يوه مطوَلين، أحسب 8 شهور بالتمام
ناصِر : أنتظره سنة وسنتين واللي يبي . .
غادة : بتكمل فرحتي لو تصالح عبدالعزيز مع رتيل
ناصر : أخوك راسه مصدَي! ما يعرف يتعامل مع الأنثى
غادة تنهدَت : حرام عليك!! هو بس مايعرف يعبَر صح
ناصِر بإبتسامة : وش رايك نطبَ عليه الحين ؟
غادة : قلت بتمشَيني بالرياض ! بعدها نطبَ عليه
ناصِر بضحكة : أوديك قصر المصمك؟
غادة : تتطنَز؟
ناصر : وش فيه! حاله من حال برج إيفل! ولا هذاك على رآسه ريشة، هذا تراثنا مفروض تعتَزين فيه
غادة : ومين قال إني ماني معتَزة فيه؟ بالعكس بس يعني ودَني مكان فيه حياة
ناصر : مافيه غير الأسواق . .
غادة : طيَب خلنا نروح لأيَ سوق بديت أجوع
ناصِر حرَك سيارتِه، وعينيَ غادة تنظرُ للمسجد نظرةً أخيرة.
كيف أشكرُ الله عليك بما يليق؟ تبني لي مسجدًا؟ هذا أكبرُ طموحٍ لمْ أكن تصِل يدي إليه! مرَت سنين على معرفتي بِك ورُغم أن السعادة لم تكن تمَر هذه السنين ولكن يكفيني آخر شهريْن، أنا أسعدُ إنسانة على هذه الأرض في هذه اللحظة، مرَت أيامًا كنت أبكِيك وأنا أجهلُك، كنت أقول أن جُزءً مني فقدتـُه، ولكن لم أستطع أن أتذكَر إسمك وهيئتك، ولكن قلبك كنتُ أعرفه وهو من أشكِي له قوْلي " أشتقت "، ومرَت أيامُ أكثر حُزنًا وَ وجعًا حين حاولت أن أتذكَرك ولم أستطع، حين شعرتُ بأنني شخصيَتيْن، وأنني مُشتتة ضائعة، ولكن مرَت أيضًا، والآن أمرُ بمرحلةٍ أنا لا أعرفُك وفقط، أنا أعشقك كوداعة الخيرَة من الله في قلبي. وأنت الخِيرة التي أردتُها.


،


دخل إلى الغرفَة وأفكاره تتوتَر أكثرُ وأكثَر، نظر إلى ضي التي بدأ تعبُها يشتَد في شهورها الأخيرة : مو قلت لك لا تصعدين فوق وأجلسي بالغرفة اللي تحت؟
ضيَ : كنت بغيَر ملابسي . . بس صاير فيني خمول وأنام بأي مكان
عبدالرحمن جلس : جاني عبدالمجيد
ضيَ : إيه؟
عبدالرحمن : هو صار له شهر ويعيد عليَ نفس الحكي بس مدري! خايف أقول لا وأظلمهم وخايف أقول إيه ويظلمها
ضي : مافهمت! قصدِك فارس و عبير؟
عبدالرحمن : إيه من فيه غيرهم، فارس تعبان حيل رحت شفته وأنكسر قلبي عليه، ماعاد في حياة بوجهه ويقولي عبدالمجيد لا يآكل ولا شي! حتى يوم قاله أمش نروح لأمك رفض! متوَحد مع نفسه، بس ما أبغى أضغط على عبير! ومستبعد إنه بفترة قصيرة قدرت ترتاح له مع أنَه لما أتصلت عليها يوم كانت عند رائد قالت لي إنه يعاملها زين . .
ضيَ : تبي شوري؟
عبدالرحمن : أكيد
ضيَ : خلها تروح له، حتى عبير بنتك تحتاجه . . وبعدين أنت بنفسك تقول إنه فارس شخص غير وبعيد كل البعد عن شخصية أبوه، لا توقف بوجههم! وبعدين عبير كبرَت ماعادت بنت صغيرة!!
عبدالرحمن : بس ..
ضيَ تُقاطعه : أنا عارفة مصدر خوفك، لكن هي بتكون قدام عيونك! مابينك وبين بيته إلا شارعين، وعبير قوية ما ينخاف عليها! لو ماتبيه بتقولها بوجهك ماأبيه لكن حتى هي تستحي تجيك وتسألك عن أخباره . .
عبدالرحمن تنهَد ليقف : بروح أشوفها
ضيَ : عبدالرحمن لا توقف بوجههم
عبدالرحمن : طيب . . . صعد لغُرفتها، طرق الباب وفتحه ليجد بوجهه رتيل التي مُتزيَنة وكأنها ستذهب لحفلةٍ ما : على وين ؟
رتيل بضحكة : وش رايك فيني ؟ جميلة ولا ؟
عبدالرحمن إبتسم : جميلة ونص
رتيل : بصراحة ماني رايحة مكان، بس أجرَب مكياج عبير . . .
عبير المستلقية على السرير نظرت إلى والدها وأستعدلت بجلستها : تعرف بنتِك تضرب فيوزاتها كل فترة
رتيل : والله يبه مخي محتاج يتنكس ويتنكس ويتنكس وأتنكس معه
والدها ضحك : وش سر هالسعادة عساها دوم ؟
رتيل عقدت حاجبيْها : شفت يبه لما تسألني كِذا أتذكر الأشياء السودا في حياتي
والدها : تدرين إنه عبدالعزيز جاء الرياض؟
رتيل تغيَرت ملامحها المبتهجة : جا؟
والدها : إيه بس طبعًا ما قالي بنفسه، شايل بقلبه عليَ مرة ..
رتيل : طيب . . أنا بروح لغرفتي . .
عبدالرحمن إقترب من عبير : جايَك بموضوع وأبيك تفكرين فيه
عبير تربَعت فوق سريرها : يخص؟
عبدالرحمن : تبين الطلاق؟
عبير أندهشت من السؤال وبقيْت متجمدَة، لم يخرجُ من شفتيْها نصف جواب.
عبدالرحمن : يعني لا، طيب فارس تعبَان ومافيه أحد ممكن يكلمه غيرك، وإذا منتِ راضية من بكرا أخليه يطلقك، أنا أنتظرت كل هالفترة عشان ظروفه، لكن بعد تهمني بنتي، أنتِ انجبرتي على هالزواج لكن ماراح تنجبرين بعد بإستمراريته
عبير أخفضت رأسها والدموع تتدافع في محاجرها، نطقت بصعوبة : ماني مجبورة
عبدالرحمن : يعني مرتاحة له؟
عبير هزَت رأسها بالإيجاب دون أن تنظر لوالدها، بخفُوت : شلونه الحين؟
عبدالرحمن : قومي شوفيه بنفسك . .
عبير رفعت عينيها بدهشَة : جد ؟
عبدالرحمن : إيه والله . . قومي ألبسي وخلينا نروح له . . . اقترب وقبَل رأسها . . تمَر الدقيقة تلو الدقيقة حتى خرج والدها وأرتدت بصورة سريعة ولبست عباءتها، أخذت نفس عميق وهي التي أشتاقت بشدَة إليْه.
مرَ الوقتُ سريعًا بالطريق، أشار لها والدها بمكان فارس : من هِنا . . . ودخل هو الآخر إلى المجلس عند عبدالمجيد
عبير نزعت نقابها وفتحت باب الغرفة بهدُوء، أختنقت عينيْها بالدموع عندما رأته، كان نائِمًا وملامحه لم تعَد هي ذاتُها التي تعرفها، ذقنه المهمَل و نحولِه، أكل هذا يفعلُ به موتِ والده؟
اقتربت منه لتنظر إلى ـ رواية ـ عند رأسه، أخذتها لتفتح الصفحة الأولى وبخطَ يدِه قرأت إهداءهُ لها حتى سقطت دمعة في وسط الورقة، فتح عينيْه التي كانت غافيَة مؤقتًا : عبير؟؟ . . شعَر وكأنه يتخيَلها.
عبير جلست بجانبه وهي تضع يدَها فوق كفَه، بضياء الدمع بعينيْها : يا روحها . .
فارس أستعدَل بجلسته ليُقابلها : مين جابك ؟
عبير : أبويْ . .
فارس صُدم من رضَا والدها وهو الذي شعر طوالِ الأيام الماضية أنهُ لن يراها أبدًا : أبوك!!
عبير : هو اللي قالي أجيك . . . . شلونك ؟
فارس بذبُولِ نظراتِه : بخير
عبير : ليه كل هذا؟ . . . نحفان مرة و عيونك تعبانة
فارس بضيق مازال غير مصدَق، قفزت دمعة إلى عينيْه : أنا أتخيَلك ولا أنتِ صدق قدامي
عبير أجهشت بالبكاء وهي تُخفض رأسها : لا تقول كِذا!!!
فارس : كيف رضى أبوك ؟
عبير : رضَا وبس . . . أهم شي أنتْ
فارس بلع ريقه بصعوبة، وضع يدِه على خدَها حتى يُصدَق ما يراه : منتِ حلم؟ . . تعرفين إني أنتظرتك كثييير
عبير : مقدرت أتكلم وأقول لأحد . . . ماكان راح أحد يظن فيني ظن حسَن حتى أبوي، لكن هو اللي جا ليْ! . . وسألني إذا أبي الطلاق، بس قلت له لا . . . فارس لا تسوي في نفسك كِذا
فارس نزلت دمعَة على خدَه : مات قدامي يا عبير! ناديته وما ردَ عليَ!! فقدت أبويَ
عبير : الله يرحمه ويغفر له . . هذا قضاء وقدر . . إذا ما مات اليوم بيموت بكرا، كل شخص ويومه مكتوب ماتقدر تسوي شي
فارس بتعَب يشتَد حُزنه و وجعه، دمُوعه كانت قاسية جدًا على قلب عبير التي لم تعتاد النظر إلى دموع الرجالِ كثيرًا : فقدته . . أحس روحي بتطلع
عبير : بسم الله عليك . . بسم الله عليك من هالوجَع . . . قوم صلَ ركعتين يمكن يهدآ بالك . . . حاسَة فيك والله، تخيَل حتى عمي مقرن محد قالي إنه توفى إلا من كَم يوم، حسَيت بوقتها إن روحي بتطلع لمَا سمعت، كان أكثر شخص قريب مني، بس كلهم كانوا جمبي . . وأنا جمبك الحين
فارس بتشكِيك : أبوك رضى ؟
عبير ببكاء تقطَع صوتك : والله رضَى والله يا فارس
فارس أجهشت عيناه بالدمَع، ماذا يحدُث؟ هل عبِير هي الحسنَة التي أخرجُ بها من وفاة والدِي؟ يارب إجعلها حسَنةٌ دائِمة، يارب إني أموت من الوجَع على أبِي ولا تجلعني أذُوق وجعها، يارب يارب ساعدني حتى أصبر على فراقه.
عبير : يالله فارس قوم . . صلَ
فارس قبَل جبينها وعيناه لا تتوقفَ من البُكاء، هذا الحلم الذي كان ينتظرُه منذُ زمَن وتوقع إستحالته ولكن لا شيء يستحيل على الله : إن شاء الله . . . إتجه ناحية الحمام ليتوضأ.
عبير سحبت منديلاً حتى تمسح دمُوعها، أخطأت كثيرًا، أدركتُ خطأي ولكنني لم أواصل به، الله يعلم إنني حاولتُ وأجتهدت أن أبتعد عنه، لم أتواصل معه ولم أتقدَم خطوة إليْه، منعته عن نفسِي وحققه الله ليْ بالحلال، أفهمُ تمامًا كيف تجيء جُملة ـ من ترك شيئًا لله عوَضه ـ بلسمًا على قلبي، منذُ اللحظة التي تركتُ به هذا الطريق والله يرحمني بفارس، لو أنني واصلتُ بهذا الطريق؟ وتحدَث مع فارس دائِمًا بالخفاء؟ لو أنني لم أمتنع عنه ماذا حصَل؟ رُبما كارِثة ورُبما مصيبة ورُبما حتى حزنٌ طويل، ولكن حُزني ببعده أتى الآن فرَحْ، يالله! كيف للأشياء التي تكون بالحلال جميلة أكثر، للمرةِ الأولى أنظرُ إليه وأنا لاأشعرُ بالخوْف من ذنبٍ ومعصيَة، يالله عليك يا فارس " وش كثر أحبك ؟ ".


،


عائشَة ركضت إلى حصَة : والله ماما
حصَة : يمه يمه أعوذ بالله وش ذا الخرابيط، اليوم بشغَل قرآن في الدور الثالث وإذا فيه بسم الله بيطلعون إن شاء الله
عائشة : أنا ماراح ينام فوق . . أنا يقول حق أنتِ
حصَة : طيب نامي تحت محد ماسكِك . . خلني أشوف سلطان وش سوَى؟ يارب يصلح قلبه بس . . . حاولت أن تتصل عليه ولكن أتاها مُغلق.
في جهةٍ اخرى كان جالسٌ أمامها لوحدهما، منذُ دخلت وهو يشتت نظراته لتجيء في بطنها، كان يُريد أن ينظر ويُطيل النظر ويكتشفُ تغيَرات جسدِها.
الجوهرة تنحنحت : إيه وش الموضوع ؟
سلطان : ممكن تلبسين عبايتك وتجين معي ؟
الجوهرة إبتسمت رُغمًا عنها : كِذا تعتذر؟
سلطان وقف : أنتظرك
الجوهرة : ماراح أروح معاك يا سلطان . .
سلطان تنهَد : يعني ؟
الجُوهرة بسخرية : جيت عشان تبيَن لي كيف إني مستعبدة عندِك ومتى مابغيت أروح معك أروح ومتى ما بغيت جلست؟
سلطان : طبعًا لا، جيت عشان آخذك
الجوهرة وقفت بصعُوبة وهي تواجه بعض التعب في هذه الأيام من الحمَل : وش مطلوب مني؟ أنا إنسانة لي كرامة دامك أهنتني مرَة بتهيني مليُون مرَة . . .
سلطان بعصبية : نسيتي وش الأسباب؟ تبيني أعدد لك إياهم ؟
الجوهرة بغضب تصرخ بوجهه : وأنا ما فكرت وش أسبابي؟
سلطان يقترب منها ويُشير إليها بالسبابة : صوتِك لا يعلى!! لا أقطع لك لسانِك
الجوهرة جلست وهي تتكتف والدمعة تقترب من النزول : ماني رايحة معاك! مو طلقتني؟ خلاص ماعاد بيني وبينك شيَ
سلطان : هذا آخر كلامك عندِك ؟
الجوهرة : أنت حتى ما أعتذرت لي عشان أفكر بالموضوع ؟
سلطان : ليه أعتذر لك؟ ماشاء الله أنتِ رايتك بيضا! آخر من يعلم بموضوع حملك و لا قدَرتي إني زوجك ولا شي
الجُوهرة بإستهزاء : على أساس إنك أنت مقدَر إني زوجتك، أنواع الذل بعيونِك وساكتة أقول معليه يمكن أنا فهمي غلط لكن حتى لسانك ما سلمت منه
سلطان بسخرية بمثل نبرتها : والله عاد إذا بتحاسبيني على عيوني مشكلة . . بكرا تحاسبيني ليه أتنفس!
الجوهرة تذكرت ذلك الموقف الذي حبست به أنفاسها من أجل كلماتها التي قالتها : بالله؟
سلطان : أنتِ أعتذري لي طيَب، قولي يا سلطان أنا آسفة ما علمتك بالحمَل بدري . .
الجوهرة وقفت لتقترب منه وهي تحتَد بنبرتها : عشان تسقط الحجَة مني، أنا آسفة يا سلطان ما علَمتك بالحمل .. يالله وش سويت شي ثاني؟ ما سويت شي بس أنت سوَيت
سلطان ينظرُ إليها وهي تقتربُ إليه بقوَة لم يعتادها منه، أخذ نفس عميق : آسف
الجوهرة بشعور الإنتصار : على ؟
سلطان لا يتحمَل أن تتلاعب به الجوهرة : لا والله؟ تبيني اطلع جنوني عليك
الجوهرة إبتسمت : طيب أنا ما أعرف على وش الآسف؟ قولي آسف على الشي الفلاني والفلاني والفلاني
سلطان بغضب سحبها من ذراعها : فاهمة غلط يا روحي . .
الجوهرة رفعت حاجبها : أنا حامل! ياليت لو تحسَن أسلوبك شويَ لو مو عشاني عشان اللي في بطني
سلطان ترك ذراعها مُجبرًا ولأولِ مرةٍ يُجبر على فعل أشياءٍ كهذه. : روحي جيبي أغراضك
الجوهرة تستلذُ بتعذيبه : أنا ما بعد رضيت
سلطان بحدَة : الجوهرة!!!
الجوهرة : يعني بالغصب بتوديني؟ طيب وش يضمني إني بربي ولدي ببيئة صحية؟ ماهو بيئة أم وأبو يتهاوشون ليل نهار
سلطان : وش البيئة الصحية اللي تطلبينها حضرتك ؟
الجوهرة : ما أطلب شي، أبي حقوقي بس
سلطان بدأ الغضب يشتدَ بملامحه : إن شاء الله إني بيتي بيكون بيئة صحية يا مدام
الجوهرة تحبس ضحكته خلف إبتسامةٍ ضيَقة : صفَي قلبك ناحيتي، ليه دايم تحسسني كأني مآكلة حلالك؟
سلطان : أنتِ جالسة تستهبلين وتطلعين ألف عذر وعذر!!! يالله صبرك ورحمتك
الجوهرة : تذكر لمَا . .
سلطان يقاطعها بغضب كبير جعلها ترتجف : الجوووهرة!!!
الجوهرة بهدوء وهي تُشتت نظراتها : لا تصرخ عليَ، إذا توترت بتوتَر اللي في بطني وأنت بكيفك
سلطان مسح وجهه : طيب .. طيب يا بنت عبدالمحسن
الجوهرة إبتسمت : ليه معصَب؟ لهدرجة الإعتذار يخليك كِذا؟ ولا أنا ما أستاهل كلمة آسف؟
سلطان يضغطُ على نفسه : تستاهلين وبعد تستاهلين كفَ
الجوهرة حاولت أن تقف على أطراف أصابعها حتى تواجهه بالطول، إلتصق قدمها بقدمِه : تمَد إيدك عليَ ؟
سلطان عضَ شفتِه السفلية وبإكراه : لا
الجوهرة بإستفزاز : طيب بفكَر وأردَ لك خبر، بستخير يمكن حياتي معك . .
سلطان بغضب : حسبي الله ونعم والوكيل في العدو، شوفي أعصابي تلفت ولا تخلينها تتلف أكثر!!
الجوهرة : بسأل أبوي
سلطان : وش رايك بعد نسأل الجيران ؟
الجوهرة تنهدت : هذا أبوي
سلطان : لو أبوك ماهو موافق ما خلاني اشوفك . . ممكن تتنازلين حضرتك عشان عندنا أيام وردية بالرياض
الجُوهرة : تهددني حتى وأنت جايَ تآخذني؟ يارب أعن عبدك
سلطان : ماهددتك! قدامنا أيام وردية إن شاء الله
الجوهرة : طبعًا وردية بقاموسك وسودا بقاموسي
سلطَان : أقول تحرَكي روحي جيبي أغراضك وأنتظرك بالسيارة
الجوهرة : ماني متحركة
سلطان بإبتسامة وبدأت ملامحه تلين : أعدَ لمَا الثلاثة لو ما رحتي تحمَلي وش بيصير . . . واحد . . . إثنين . . . ثلـ
الجوهرة ضربت قدمها بالأرض ومشَت، مهما حاولت أن تُظهر قوتها إلا أنها تخاف منه، سلطان بضحكة : مجنونة!!


،

إقترب من الخادمة : نادي رتيل . .
الخادمة : اوكي
عبدالعزيز : بابا موجود ؟
الخادمة : فيه يروح ويَا ماما عبير . .
عبدالعزيز : محد موجود ؟
الخادمة : لأا
عبدالعزيز : وضيَ ؟
الخادمة : فيه يروح مستشفى
عبدالعزيز : طيب أجلسي أنا أدخل، . . . دخل منزلهم بعد أن تأكد من خلوه، صعد للأعلى وفتح الغرفة ولا أحد بها، تأكد أنها غرفة عبير، إقترب من الغرفة الأخرى التي أجزم أنها لرتيل، فتح الباب بهدوء وكأنه لصَ يحترفُ الدخول بهذه الطريقة، طلَ يمينه ويساره ولم يراها، شعَر بحركة خلف السرير، إتجه للناحية الأخرى ليجدها مستلقية على الأرض وسيقانها مثبته على طرف السرير ومُغمضة عيناها ويبدُو أنها تفكَر بجَد وجُهد.
عبدالعزيز عاد للخلف خطوتيْن، ليأخذ الزهر غير الطبيعي الذي على تسريحتها، إقترب منها وأنحنى ليضعه أمام وجهها، فتحت عينيها لتصرخ برُعبٍ شديد جعل عبدالعزيز أمام منظرها يغرق بضحكاته العاليَة : إسم الله عليك
رتيل بإنفعال لم تعد تدري ما تفعل، أخذت كل الأغراض التي أمامها وبدأت ترميها عليْه : حسبي الله . . وقَفت قلبي . . يممممه
عبدالعزيز يتأملها وهي مُتزيَنة بكامل زينتها : كنتِ زايرة أحد ؟
رتيل : كيف دخلت غرفتي؟
عبدالعزيز : محد في البيت وقلت بدخل
رتيل : إلا ضيَ موجودة
عبدالعزيز تنهَد : حتى صاحبة البيت ماتعرفين عنها! تقول الشغالة بالمستشفى . .
رتيل تكتفت لتنتبه إلى قميصها المفتوح، بغضب أخذت الكتاب ورمتهُ عليه.
عبدالعزيز بضحكة : أنا وش دخلني طيَب؟ يا أم أصفر عطينا وجه شويَ . . وش سر الأصفر معك؟ ذوقك مضروب ولا وش السالفة؟
رتيل بدأت الحُمرة ترتفع إلى وجهها وهي تُعطيه ظهرها، إلتفتت عليه بجمُودِ ملامحها : وش دخلك ؟
عبدالعزيز : تستحين تقولين لي أنا أحب الأصفر؟ تراه لون عادي!
رتيل :ها ها ها ؟ طيب وش المطلوب؟
عبدالعزيز إتسعت إبتسامته : مرَيت من عندكم وقلت أسوي الواجب وأشوفك
رتيل تشعُر وكأنها متعرية أمامه من نظراته، وبحدَة : إرفع عيونك عنَي
عبدالعزيز ينظرُ إلى عينيْها : عفوًا؟ أرفعها عن أيَ جهة بالتحديد؟
رتيل : قليل حيَا . . زين أطلع من غرفتي وروح لأبوي مالي كلام معك . .
عبدالعزيز : أصلاً كلامي كله معك . .
رتيل بضيق : جد عبدالعزيز أطلع، لا تضايقني . . إذا طلقت أثير ذيك الساعة تعال، ماتجمعني معها لو أيش!
عبدالعزيز : أثير ماراح أطلقها
رتيل بغضب : أجل روح تهنَى معها واتركني
عبدالعزيز : الشرع حلل 4
رتيل : إذا الشرع حللك أربع ترى الشرع محللَي الطلاق
عبدالعزيز تنهَد : رتيل . .
رتيل تُقاطعه : ماابغى أتناقش في هالموضوع، غايب صار لك فترة طويلة والحين ترجع عشان تقولي ماراح أطلَق أثير! أجل ليه جايَ!! والله ثم والله ما أقبل بشي هي تشاركني فيه . .
عبدالعزيز : يعني هذا كلامك؟
رتيل : أنا حلف . .
عبدالعزيز : طيب
رتيل بدأ الدمعُ يقفزُ إلى محاجرها : ماراح تطلَقها ؟
عبدالعزيز : أنا ما تزوجتها عشان أطلَقها . . هي زوجتي مثل ما أنتِ زوجتي
رتيل بصراخ : أطلع برااا . . ما ابغى أشوفك وأرسلي ورقة طلاقي بعد
عبدالعزيز : على فكرة هي زعلانة ومارضت تجي معي الرياض
رتيل بإنفعال : أبركها من ساعة! أصلا لا جت الرياض بتحترق من وجودها
عبدالعزيز تنهَد : رتيل . . أنا أبيك
رتيل : وانا ما أبيك
عبدالعزيز : حطي عينك بعيني وقوليها
رتيل إقتربت منه ونظرت إليه : نظام أفلام أبيض وأسود وإني مقدر أقولها بوجهك، لا ياحبيبي أنا أقولها في الوجه
عبدالعزيز : أستغفر الله! وش فيك حشرتيني بصراخِك!!
رتيل : ليه جيت ؟
عبدالعزيز : أشتقت لك
رتيل : والله ؟
عبدالعزيز : بالفرنسية ما يقولون إشتقت لك، يقولون فقدت نفسِي . . وأنا بقولها لك بالفرنسية فقدت نفسي والله
رتيل بضيق بدأت تلينُ ملامحها التي أنشدَت بالغضب : وأثير ؟
عبدالعزيز : أثير زوجتي
رتيل بعصبية : الله يآخذها قل آمين . . أجل يا أنا يا هي . . أختار يا عبدالعزيز
عبدالعزيز : أنتِ وأثير
رتيل : إختار ماراح أرضى لو وش ما صار! ماني أنا اللي تشاركني فيك وحدة
عبدالعزيز : قلت لك أنا ما تزوجتها عشان أطلقها، تزوجتها لأني أبيها زوجتي، ممكن تسرَعت لكن بالنهاية خلاص موضوع تم ماراح أظلمها وأطلقها بدون سبب
رتيل بدأ يخرجُ لسانها الأنثوي شديد الغيرة : يا ماشاء الله ماتبي تظلمها! بسم الله على قلبك يالعادل ياللي تخاف الله في حريمك . .
عبدالعزيز غرق بضحكتِه على إنفعلاتها : إذا أثير ماجتني وطلبت الطلاق مستحيل أطلقها، إذا أنتِ فاهمة إني تزوجتها عشان أوجعك فأنتِ غلطانة، ماهو أنا اللي أستغل أحد ولا هو أنا اللي اتزوَج عشان أطلَق! في ذاك الوقت كانت هي الوحيدة اللي أحس إني اشوف أهلي فيها، وكنت أبي أتقرف منها
رتيل : يعني تزوجتها عشان أهلك قبل يعرفونها؟
عبدالعزيز : إيه و أعزَها
رتيل : قلبك فندق ماشاء الله
عبدالعزيز إبتسم : قلبي تعرفه صاحبته
رتيل رُغمًا عنها إبتسمت، رفعت حاجبها : لا تحرجني طيَب!! عشان أعرف أفكر،
عبدالعزيز بضحكة يستفزها : ماراح تقولين لي علاقتك بالأصفر؟
رتيل ضربته على صدرِه : سُبحان الله ماتشوفني الا فيه . . . ماأحب الأصفر وصرت أكرهه الحين
عبدالعزيز : يالله أنتظر إختيارك سموَك
رتيل : ماراح أرضى، أنقهر يوم ويومين لين أنساك ولا أنقهر عُمر كامل عشانها
عبدالعزيز : تقوين تنسيني؟
رتيل : ماني أول وحدة ولا آخر وحدة، مليون حمارة زيي تحبَ وأنفصلت عن اللي تحبه
عبدالعزيز : حاشاك!
رتيل : إلا أنا حمارة يوم حبَيتك، لأنك ما بادلتني بأيَ نوع من الحُب
عبدالعزيز بغضب إقترب منها : جاحدة! أقسم بالله إنك جاحدة
رتيل إبتسمت من غضبه : دام هي ماهي راضية بجيَتك للرياض وش تبي؟ بس تبي تقهرني . . أنا أعرفها سوسة
عبدالعزيز : لا تغلطين عليها ولا تذكرينها بسوء! وأنتِ بعد مو مقصرة بالتحليل
رتيل شتت نظراتها بعد أن زاد حرجها : قهرتني ولو يرجع الزمن لورى بسوي نفس التصرف لأنها قهرتني
عبدالعزيز بعصبية : ألعبي بكل شي لكن لا تقربين من شي يتعلق بحياة أو موت، لو صدَقت وقلبها وقف من التأثير النفسي اللي تحسَه! وش برود الأعصاب اللي عليك؟
رتيل : تخاف عليها ؟
عبدالعزيز : لا حول ولا قوة الا بالله . . .
رتيل : يارب إني حمارة وكلبة . . المُشكلة لو رجع الزمن لورى بعد بحبَك بكامل خبالي، وأنت بتحبني بكامل إهاناتك
عبدالعزيز بإبتسامة : ماعاش من يهينك، أقص إيد اللي يهينك
رتيل : أنا بسبَ نفسي لين أحس حرَتي بردَت
عبدالعزيز بجديَة : رتيل . . أكلمك جدَ، خلينا ننسى اللي صار
رتيل : ترضى أروح يشاركك أحد فيني ؟
عبدالعزيز : أنتِ مجنونة ولا صاحية؟ لا تقارنين بين شيئين أصلاً الشرع محرَمهم وأنا أمشي على الشرع
رتيل بعصبية : مقطَعك الدين! . . .
عبدالعزيز تنهَد لينظر لهاتفه الذي أضاء برسالةٍ جديدة : الطيب عند ذكره، هذي أثير
رتيل : روح ردَ عليها برَا
عبدالعزيز : مسج ماهو مكالمة . . . قرأ " أبي أكلمك بموضوع ضروري " . . إتصل عليها وبعناد جلس على سريرها.
رتيل بلامُبالاة أخذت مناديل المكياج لتمسح مكياجها التي وضعتهُ من غير سبب.
أثير : وينك ؟
عبدالعزيز : وش بغيتي ؟
أثير : أنا فكرت وماوصلت الا لحاجة وحدة، إختار بيني وبينها!
عبدالعزيز : وشو ؟
أثير : ماراح أرضى فيها أبَد
عبدالعزيز : أثير . . تناقشنا بهالموضوع في باريس
أثير : طيب وأنا الحين أخيَرك
عبدالعزيز : ماراح أطلقك عشان هبالِك!!
رتيل إلتفتت تنظرُ عليه ونظرات الحقد تشَع منها.
أردَف : حطي عقلك في راسك منتِ بزر عشان تفكرين بهالطريقة
رتيل : يعني أنا بزر ؟
عبدالعزيز نظر إليها وأشار لها بالصمت، أثير : أنت عندها ؟
عبدالعزيز : إيه
أثير : طيب طلقني
عبدالعزيز : ماراح أطلقك عشان سبب سخيف زي هذا! لا صار فيه سبب صدقيني بننفصل ولمَا أحس أنه الخيرة بالإنفصال لكن عشان أسباب تافهة مثل هذي طبعًا لا
أثير : أنا ماراح أعيش بالرياض، تقدر تعيش بباريس معاي؟
عبدالعزيز : طبعًا بتجين الرياض
أثير : لا ماهو طبعًا، عبدالعزيز أفهمني ماعاد يهمني رتيل وغيره، أنا مقدر أتكيَف مع بيئتك بالرياض، أبي أعيش هنا وأبيك تكون عندِي ولي لوحدِي مو مع وحدة عايشة بالرياض وتجيها كل فترة أو حتى يمكن عايش عندها
عبدالعزيز تنهَد : أثير . . لو سمحتِ لا تحطين أسباب من مزاجك عشان ننفصل
أثير : أنا ما أحط أسباب، أنا جد أبي أعيش بالبيئة اللي تربَيت فيها، ما أبي أجي الرياض ولا أبغى زواجي يكون بهالطريقة! أنت تحبني؟
عبدالعزيز تفاجئ من السؤال : وش هالسؤال البايخ؟
أثير بضيق : شفت! حتى أبسط سؤال مقدرت تجاوب عليه . . لأني أصلاً ما أعني لك شي، خذيتني عشان ذكرى أهلك ولا أنا غلطانة ؟
عبدالعزيز : مين قالك هالحكي؟
أثير : طول الفترة اللي فاتت، كنت أفكر بدون ضغوط وأكتشفت إني فعلاً ما أعني لك شي
عبدالعزيز تنهَد : نتناقش في هالموضوع بعدين
أثير : أنا أبي جوابك الحين
عبدالعزيز نظر لرتيل الصامتَة الهادئة، و فكَر بأثير : مقدر
أثير : تبيها هي؟ . . طيب طلقني وكل واحد يشوف حياته بعيد عن الثاني
عبدالعزيز : على الأقل أستخيري، لا تخليني أندم ولا تندمين معايَ
رتيل بحلطمة : تندمون بعد!! يارب أرزقني صبر أيوب
أثير : عبدالعزيز هذا آخر حكي معك! دامِك أخترتها تهنَى فيها وأشبع منها، وأنا أمحيني من حياتِك . . . أغلقتهُ بوجهه دون أن تسمع ردَه بعد أن أعطتهُ قرارها.
رتيل : وش قالت لك ؟
عبدالعزيز : يا قُو حوبتك
رتيل : تبي الطلاق؟
عبدالعزيز : إيه . . ماشاء الله دُعاءك ضارب
رتيل إبتسمت : الله يرزق العبد على نيته
عبدالعزيز ضحك رُغم أنه لم يُريد الضحك : الله والنية اللي تعرفينها . . . بكرا الله بيحاسبني على هالطلاق! شرعًا مايجوز الطلاق بدون سبب . . وهي ما تستاهل!
رتيل بضيق : وأنا يعني أستاهل؟
عبدالعزيز : وش فيها لو الواحد تزوَج ثنتين ؟
رتيل : تقدر تعدل بيننا ؟
عبدالعزيز : إيه
رتيل : لا ما تقدر! مو يقولك لا ضرر ولا ضرار! طيب زواجك منها في ضرر لي
عبدالعزيز : تفسرين المواضيع على كيفك!!
رتيل : أختار يا عبدالعزيز . .
عبدالعزيز إقترب منها ليُحاصرها بذراعيْه وظهرها مستنَد على التسريحة : كم مرَة لازم أقولك إنه قلبي ماله إختيار معك؟ و كم مرَة لازم أقُولك إنه الحياة سببها أنتِ؟

.
.


مانشيت 16/11/2013
( ترقية عبدالعزيز بن سلطان العيد في جهاز أمن الرياض )

.
.

تمت بحمد الله وفضله.


 توقيع : كتف ثالثه

!!!

أقف على خاصرة الدهشة بثلاث نقاط...






رد مع اقتباس