عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-17-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 2 يوم (06:13 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11618
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي ذات مقيدة حول عنق إمرأة /43



بسم الله الرحمن الرحيم



الجزء الثَّالث و الأرْبعون

الفَصْل الاوَّل

أَتى اتّصاله بعد ساعة تماماً،مثلما وَعَده..انْزَوى بَعيداً عن مُوَظَّفيه ليَتَحَدَّث دُون أن تَمْرق كلماته مَسْمَع أحَدهم..تَسَاءَل مع انْحشار يَده في جَيْب بنطاله،:هل قابلت رَجُلاً اسْمهُ عَزيز في بَرْلين؟
هُو الذي كان يَجُوب طُرقات بَرْلين أَجاب بلَحْن تَفْكير،:أَزيــز..أَزيز..أعْتَقَد أنَّ هذا الإسم الغريب تَعَرَّفت عليه من قَبْل
وَضَّحَ،:عَزيز..أو عَبد العَزيز
تَوَقَّفَت خطواته لثوانٍ و هو يَصْرخ بحَماس،:آآه تَذَكَّرت..ذلك الإسْم الصَّعْب الذي إلى الآن لا أسْتطيع نُطْقه صَحيحاً بالكامل
تَساءَل ليَتَأَكَّد،:إذاً تعرف رَجُل بهذا الإسْم ؟
وَاصَلَ مَشْيه مُؤكّداً،:نعم أعرفه جيّداً..إنَّهُ يَعْمل مع والدي..في المَرْكَز
سُؤال آخر بهِ يَعْقِد خُيوط تَفْكيره،:أَمُحَققٌ هُو ؟
،:نعم مُحَقق بـــاارع..فالمُجرمين اللذين يبعثك والدي للإطاحة بهم و إدانتهم بأدِلَّة قاطِعة،هُو الذي يكتشفهم أوَّلاً
نَطَق ببديهيَّة،:إذاً أنا مُكَمّل لعَمَله
،:أَجَل
غادرت يده جَيْبه لتستقر على خِصْره باسْتنكار،:و لماذا لا أعرفه ؟
حَرَّك كتفيه،:لا أدري..ظننتك كُنتَ تَعْرفه
هَمَسَ بابْتسامة مائِلة،:والدُكَ خَبيث..لهُ نَظْرة ثاقِبة تَتَطَلَّع للمُسْتَقْبَل
تَساءل بعدم فهم،:ماذا تقصد ؟
،:لا عَلَيك..ليس مُهِمَّاً "أَرْدَفَ مُسْتَعِدَّاً لإنهاء المُكالمة" شُكْراً لكَ هاينز..أَفَدَتَّني جداً
تَباطَأت خُطواته بعدم اسْتيعاب ليتساءَل،:هذا كُل شيء ؟ هذه الخدمة فقط ؟
بهُدوء أجاب،:نعم هذا كُل شيء
و الغَيْظ يَمْلأ صَوْته،:لقد تَرْكت حبيبتي و خرجت..ظننته شيء أكثر من مُجرد سؤال
ببرود عَقَّبَ،:لم أطْلب منك الخُروج هاينز
عَبَّر عن قَهره بكلماته،:أَيَّها الــ...
بعدم اهتمام،:إلى اللَّقاء عَزيزي..عُد لحبيبتك،لم ينتهِ اليوم بَعْد
أخْفَضَ الهاتف بعد أن قَطَع الإتّصال و هاينز لم تَنْقَطِع شتائمه..رَفَعَ عَيْنيه عن الشَّاشة يَنْظُر لأَطْيافٍ خَلَت..تَحْمل بين جَنَباتها قَضايا مُعَقَّدة تَشابَكت بخَيْطٍ خَفي..الآن يَتَّضِح لهُ أنَّ مَقْتَل عَمَّار تَمَّ على نفس الأيْدي التي قَتَلَت والد مَلاك..كما السَّابقون..عَجُوز موسكو التي قيل أنَّها انْتَحَرت في سُجون مُوسكو إثْر اليَأس الذي ابْتَلَعها..انْتَحَرت عن طريق قَطْع شَرْيانها العضدي..كما والد ملاك،عَمَّار و آخَرون..،تَحَرَّك بخطوات هادئة ناحِية إحْدى السَّيارات..اسْتَلْقى على الصَّفيحة ذات العَجَلات بعد أن تناول بضع معدّاته..ثَبَّتَ قَدَميه على الأرْض و بخفَّة حَرَّكهما لتَسْري الصَّفيحة بهِ حتَّى أَسْفَل المَرْكَبة..ليَنْسَلِخ عن الضَّوْضاء المُحيطة به..،شَرَعَ في عَمَله و الأفْكار تَبْني عُشَشها فَوْق تَفَرُّعات أَغْصان شُكوكه النامية من لُب عَقْله..،والد إيلي لُقِي مُنْتَحِراً قَبْل جَلْسة اعْترافه بساعات..عَجوز موسكو كذلك..قَبْل أن تعترف انْقَطَعَ أو على حد قَوْلهم هي قَطَعَت شِرْيانها مُفَضّلة الإنْتحار على الإعْتراف..و والد ملاك..زَمَّ شَفَتيه و غَبَشُ عَيْناه يَتَضاعف مع تَفَجُّر أَفْكاره..أَكَّدَ لهُ آستور أنَّها قضية انْتحار مثل القضايا السَّابقة..لكن السَّابقون كانوا عُملاء لدى العِصابة المَجْهولة..زادت سُرْعة حَرَكَة أصابعه الرَّشيقة و كأنَّ بها يَعْقِد ظُنونه..أَيُعْقَل أنَّهُ هو الآخر عَميل لَدَيهم ! و عَمَّار..لم يُحَوَّر القَتْل إلى انْتحار..بل أُغْلِقَ المَلَف على أنَّهُ حادث سَيْر طَبيعي..تَوَقَّفَت أًصابعه لثوانٍ و عَدَستاه تَتَخَبَّطان على المَجال أمامه..اسْتَأنَف عَمَله و حَديثُ عَقْله لم يَصْمت..عَمَّار يتشارك معهم في سبب المَوْت..انْقطاع الشريان العضدي..لكن الإخْتلاف في مُسَبّب الإنْقطاع..لم يَنْتَحِر..بل كان حادِث لم تتدخَّل فيه يَد خَفِيَّة مثلما أرادوا أن يقنعون الجَميع..أُولئك قُتِلوا قَبْل الإعْتراف..إذاً عَمَّار أيْضاً قُتِل قَبْلَ الإعْتراف..فالبتَّالي جَمَعيهم يَعْلَمون ما لا تُريد العِصابة انْكشافه..،

،,

تَساءَلت بهمسٍ مُتَرَدّد و عَيْناه سَفينَتان تُبْصِران أَمْواجاً تُلَوّح من مُقْلَتي رَفيقتها،:و إنتِ ؟
شَدَّت شَفَتيها تَرْسِم ابْتسامة كاذِبة،نالَ منها الإرْتعاش..و ببحَّة تَكالَبت عليها الغَصَّات،:أنـا شنو ؟
رَمَشَت و هي تُزيح عَدَستيها عنها لتَلْتَقِط أيُّ جَماد..أَيُّ ذَرَّة هَواء بها تُتَرْجِم ما تَعْنيه..نَطَقَت و هي تُحَرّك يَدها في الهواء بتَيْه،:أَقْصد يعني بينكم طِفْلة..ما تفكرون إنَّ ترجعون لبعض عشانها؟ "أَغْمَضَت للحظات قَبْل أن تُرْدِف بهمس اقْتَرَبَ من اعْتلاء قِمَّة اليَأس" ولَّا خَلاص..ما في أمل لرجعتكم ؟!
ازْدَرَدَت لَوْعاتها قَبْلَ أن تَتَنَشَّق بصعوبة،مُطالبة ذَّرات الأكْسجين بعَونٍ لنُطْق كلماتها..أجابت تَنْحَر أمَلَ نَدى بعد أن صَلَّى اليأسُ على جُثَّة أمَلِها،:خـ ـلاص ندى..هو اختار شريكة حياته..أنا فصل و انتهى من حياته
اسْتَفْسَرت و هي تُقَرّب جَسَدها من المَكْتَب،:يدري إنش تطلقتين ؟
عُقْدة بانت بين حاجبيها لتَبوح لها،:تصدقين راح عن بالي إنه يدري بزواجي "بَلَّلَت شفتيها مُرْدِفة" بس ما أعتقد يدري إنّي تطلقت..من بيقول له ؟
أَجابت بتلقائية،:إنت قولي له
اتَّسَعت حَدَقتيها باسْتنكار هاتِفةً،:نَدى شتبيــــن ! أرجوش لا تصيرين نفس أهلي..تبوني أرمي روحي عليه
اتَّكأت بمرْفقها على ذراع المَقْعَد و هي تَرْفَع كَتِفَها مُوَضّحة،:مو إنَّ ترمين نفسش عليه "رَفَعت كَتِفها و هي تُلْبس ملامحها الإسْتعطاف مُرْدِفة" بس يعني عشان جَنى
فَرَّت منها تَنْهيدة مُرْهَقة مع تَراجُع ظَهرها مُسْتَنِدة للمَقْعَد..و بنَبْرة حَوَت حُب مَحْزون،:عشانها بسوي المُستحيل إلا إنّي أرمي نفسي عليه..رجعتنا يمكن تضرها نَدى "بَعَثَت لها نَظْرة عَقَفها الإنْكسار..و باخْتناق" أنا خايـ ـنة في نظره..شلون تبينه يعيش مع خاينة !
نَطَقَت بَحْرقة و هي تَراها كيف تَمْسَح دُموع ظَليمتها بظاهر كَفَّيها،:بس ما يصير تنتهي قصَّتكم و هو مقتنع إنّش خاينة ! لازم يتخلَّى عن غروره شوي و يسمعش
تناولت منديل تمسح به أنْفَها الذي احْمَرَّ و هي تُعَقّب بصوْت أَغْرَقتهُ الدُّموع،:خـلاص ما يهمني يسمعني أو لا..خلَّه متمسّك بغروره و ظالمني..لكن إنّي ألحق وراه من غير كرامة مُستحيل..أنا و فيصل انتهينا خلاص
تَساءلت نَدى و خاطِرٌ حَلَّقَ حَوْل عَقْلها،:متى تنتهي عدَّتش ؟
أَسْدَلت جِفْنيها مُفَكّرة لثوانٍ..قَبْلَ أن تُجيب بخُفوت،:نص رمضان يمكن
نَطَقت مُفْصِحة عن سُؤالها،:و عادي ترتبطين مرة ثانية ؟
بسرعة هَزَّت رأسها تنفي هذه الفِكْرة و ملامحها تَنْكَمش بنفور،:مُستحيـــل ندى..مُستحيل ارْتبط للمرَّة الثالثة..ابي أعيش لبنتي و لنفسي
عَقَّبت مُزيحة السِتار عن حقيقة قد تُجَسَّد،:حتى لو دخل حياتش رَجُل قدر ينَسّيش حُب فيصل ؟
أَطْبَقَت شَفَتيها كما بَكْماء زاغت عنها الحُروف..تَصَلَّب فِكّها،و عَضَلة مَصْدومة انْقَبَضَت وَسَط قَلْبها..أَيُعْقَل أنَّ هُنالك رَجُل يَسْتَطيع جَرْف حُب فيصل عن فؤادها ؟ يُقْبِل عليها بحُب جَديد و مشاعر نَقِيَّة..يَقْتَلع النَّبَضات المُتَيّمة بذاك المَغْرور ليَغْرِس أُخْرى لا تَنْبض إلا من أَجْله..أَيُعْقَل أن تَصْحو دون أن تُباغت ذِكْراه صَبَاحها ؟ أن تَتَنَفَّس و الهَواء حُرٌّ من اسْمه.. رُوحها تصبح أَقوى،تَتَجَلَّد بقُرْب رَجُلٍ يَثِق بها..بعد أن أمْسَت كَيانٌ مُهْتَرئ من فِراق..أَيُعْقَل أنَّ الجَوى لغير فَيْصَل يَحِن ! هَمَسَت تُجيبها بضياع اضَّجَع حَوْل ملامحها،:مــادري...مادري !

،,

انْطَوى فَوْقَ مَقْعَدِ مَكْتَبه و العَرَقَ يَجْري على ناصِية وَجْهه مَطَراً عَكِر..يَشْعُر بهِ يُلَوّث جَسَدهُ المُرْتَجِف..أَنْفاسه لها صَرير أَنَّات مَنْحورة..هُو بالكَاد يَسْتَطيع أن يَسْتَنْشِق الهَواء..و كأنَّ يَداً ضَخْمة تَبْتَلِع ذرَّات الأُكْسجين ليُمْسي مَيّتاً من اخْتناق..،كان يَجْلس على المَقْعد بجُلوسٍ مُسْتَلْقي..ظَهْرهُ مُلْقى للخَلْف بلا قُدْرة..و صَدْره يَرْتَفِع و يَنْخَفِض برتم مُتَخَبّط..و كأنَّ رُعوداً تَسْتَعِر في جَوْفه..،الدُّوار لم يُغادر رأسه مُعيداً إحْياء خَيالات مَريرة..تُلَوّن بَصَره بكآبة يمقتها..دماء..صُراخ..يُتْمٍ و ضَياع..و تلك المُوسيقى..تَلَفَّت بهَلَع و لُهاثه يَمْرق السُّكون المُتَوَشّح بهِ المَكْتَب..نعم إنَّها المُوسيقى ذاتها..ها هي تَصْدَح بإزْعاج مثل تلك الليْلة..أَتُبَشّر بدماء جَديدة ! تَقَلَّبت عَدَستاه على السَّقَف تُنَبّشان عن حَبْلِ نَجاة رُبَّما تَدَلَّى من اللاشيء..اضَّطَرَب جَسَدهُ و هو يُحاول النُّهوض ليَنْجو بنفسه..لكنَّ الأرْضَ تعاضَدَت مع الأيْدي المُبْهَمة لتَجُرّه بجاذبيتها القاسِية..سَقَط جَسَدهُ على البلاط الأمْلَس بإعْياء..لا يستطيع الإتّزان،عضلاته تُؤلمه و بشدَّة..و كأنَّ سكّين تَسْلخها بلا رَحْمة..و عظامه تَنْقَرها غِربان مُتَوَحّشة كالتي تَحوم حَوْل حَياته..،بَسَطَ كَفّيه على الأًرْض يُحاول أن يَرْفَع جَسَده المُنْهَك..مَرَّة..اثْنتان و ثَلاث..و في الرَّابعة نَجَح و بسُرْعة تَمَسَّكَ بطرف المَكْتَب القَريب..حَرَّك يده على سَطْحه يَبْحَث ببعْثَرة عن هاتفه..تَلَقَّفه بعد ثوانٍ و بصعوبة اسْتطاع أن يَفْتحه و يختار الرَّقْم الذي سينقذه..لم يَنْتَظِر كَثيراً،ليأتيه صَوْتها من بين رياح الشُّؤم الخانِقة،:هلا يُوسف
نَطَقَ بتأتأة و أنفاسه اللَّاهِثة تَوَسَّطت كلماته،:أنــ ـا..تعــ ـالي فــــ فـ ـي.....الشـ ـ..ـركــ ـة

،,

تَتَأمَّلها مُذ غادرَ و الإنْكسار يَنوحُ فَوْق جِفْنيه..تَطوف بعَيْنيها على هَيْكَلِها الصَّغير المُحْتَضِنَتهُ بكلتا يَدَيها..اسْمها المُخاط على طَرَفِ شراعها الأَبْيض انْعَقَد بخُطوط كَفّها إثْر مَسَّها المُتَكَرّر لحُروفه..،تَخَلَّت عن نَوْمٍ أَراد أن يَحْتَكِر حَواسها،ليَهْرُب بها لعالم الأحْلام البَهي..رَفَضَت إغْرائه المُداعب أَهْدابها..و تَجاهلت أَنْفاسها الثَّقِيلة المُطالبة بغيابٍ عن رائحة وَجَعه المَحْشورة بين طَيَّات الغُرْفة..فَضَّلت أن تَغُوص في مُحيط الفِراق الذي وَجَّهت بَوْصلتها ناحيته..تُريد أن يَمْتَلئ جَوْفها بمياه مالِحة،تُذَر على جِراحه التي تَوَسَّعت في رُوحه..هي سَمَّمَت عُروقها قبْل أن تُسَمّم قَلْبه..و طَعَنَت طُفولتها قَبْل أن تَطْعن رُجولته..هي و إن تَراكم البُعْد بينهما سَتَظَل تَئِن لوَجَعه..و دماء جِراحه ستَسْتَفْرغها من جِلْدها المُتَجَمّد..فدفئ الحياة ضِحْكته البَريئة و جُنونه المُسَيّر أمْواج بَحْره الحَزين..،رَنين هاتفها قَطَع سَيْل هَواجسها المُنْحَدِر من علو شاهِق..عُلو تَقِف على حافَّته أُمْنياتها الخائفة..المُتَحَيّرة بين انْتحار أو عَوْدة لوَطَنٍ تُهَدّده الحَرْب..،أمْسَكت بهاتفها القَريب..كان والدها..اسْتدارت لتَسْتَلقي على ظَهرها بعد أن كانت مُضَّجِعة على يسارها..رفعت الهاتف لأُذْنها مُجيبةً بصَوْت لا يَحْوي مَشاعر،:هلا بابا
جاءَتها نَبْرته الحَبيبة..الخاصَّة بها،:صباح الخير نور عيوني
ابْتَسَمت شَفتاها الصَّغيرتان نصف ابْتسامة و هي تَهْمِس،:صباح النّور حبيبي
اسْتَفْسَر،:يُبـه متى يبدي دوامش ؟
حَرَّكَت بَصَرها للسَّاعة المُعَلَّقة ثُمَّ أجابت،:بعد ساعتين تقريباً
برِقَّة لَطيفة،:زين حبيبي يصير نتمشى أنا و إنتِ و نسولف شوي ؟
أجابت و هي تَنْتَشِل جَسدها من بين سَريرٍ و غطاء لم يَسْتقبلان نَومها،:أكيـد بابا..بس عطني ربع ساعة عشان أجهز
بموافقة،:تمام..انا انتظرش تحت
أَغْلَقَت الهاتف و مُباشرة اتَّجَهت لحقيبتها تَلْتَقِط لها ملابس..اسْتَحَمَّت في دقائق و عَقْلها يَحُوم حَوْل الحَديث الذي قَد يَدور بينهما..بالطَّبْع سيكون محوره طَلال..أَغْمَضَت عينيها حينما باغتتها ارْتعاشة لذكر اسْمه..حَرَّكَت رأسها تَطْرد الغَوْغاء عنها لبعض الوَقَت حتى تتجَهَّز دون تأخير..،كانت السَّاعة قد تَجاوزت الثَّامنة صَباحاً عندما الْتَقَت بوالدها في ردْهة الفُنْدق..تَباَطَأت خُطواتها مُسْتَعِدَّة للوقوف..لكنَّ يده أشارت بهدوء للباب و ابْتسامة تَعْلو شَفَتيه..تَقَدَّمتهُ للخارج لتَسْتَقْبلها سَماء مُلْتَحِفة بغيوم لها لَوْن كما الزُّبْدة..تَراصَّت بثَبات مانِعة الشَّمْس عن مُمارسة عَمَلِها بحُريَّة..كان الجَوُّ أَقْرَب للبرودة الرَّطِبة..و التي سُرْعان ما صَبَغَت طَرف أنْفها باحْمرار باهت..،تَساءل والدها و هو يَمْشي بجانبها،:شلونش حبيبتي ؟
و هي تَحْشِر كَفّيها في جَيبا معطفها القَمْحِي،:الحمدلله زينــه
كَرَّرَ بُوضوح،:شلونش من اللي صار الفجر ؟
ازْدَرَدت ريقها و نَبْضة لا زالت فَزِعة شَهَقَت وَسَط قَلْبها..رَفَعت كَتِفها ببرود لتُجيب و هي تُشيح وَجهها عنه،:عـــــادي
أَفْصَح عن مَكْنونه،:كنتِ قاسية..واجد قسيتين عليه
انْقَبَضَ جَواها المُعْتَل من قَسْوة أَشْعَلتها صَياخيد بين جَنبات رُوحه الفاقِدة..هَمَسَت بصَوْت يَتَعَثَّر،:عشان يتخـ ـلَّى عن جنونه
بلُطْف قال ناصِحاً،:بس يُبه مو بهالطريقة..إنتِ جَرحتينه،و هو يعزّش..أبداً ما توقع بيجي يوم و بيسمع هالكلام منش
تَوَقَّفَت لتُقابله بوَجْهٍ ذَوت منهُ ألْوان الحَياة..و احْتَكَرَهُ صَبيب عَيْنان عَكِر..يُسْقم الأنْفاس و الرُّوح..،نَطَقَت بصَوْت نالت منهُ بَحَّة مُرْهَقة..،:بــاباا شسوي ! ما اقدر ارْتبط فيه..انفصالي عن عبدالله يمنع ارتباطنا "احْتَضَنت وَجْنتيها بكَفّيها المُرْتَعشتين مُرْدِفة بقلّة حيلة" و هو مو مقتنع يُبه..صدّقني ما كنت ابي اجرحه..و لا عمري فكَّرت اجرحه بــس"أَخْفَضَت يديها مع ارْتفاع كَتِفها بضياع" بس ما عندي حل غيره..يمكن إذا جرحته يكرهـ ـني...و ينساني
اقْتَرَب منها مثل نَسيم دافئ يُداعب وُجودها المُهْتَرئ..أَرْخى يديه في جَيب معطفه البُنّي،قَبْلَ أن يهمس بابْتسامة مائلة أَسْبَرت أغْوار رُوحها،:و إنت..شلون بتكرهينه..و بتنسينه !
ثَغْرة نَفَذت منها أَنْفاس الصَّدْمة تَوَسَّطَت شَفَتيها،و عَيْناها مَعْقُودتَان بعيني الثّقة التي يُناظرها بهما والدها..تَصافَقَت أهدابها و الإرْتباك اسْتَحْوَذَ على حواسها...أَطْبَقَت شفتيها للحظات قَبْلَ أن تُمَرّر لسانها عليهما وهي تخفض رأسها للأرْض..تبحث بين مخادعها عن كلمة بها تَنْفي اعْتقاده..اعْتقاده الصَحيح قَطْعاً..،عاد هَمْسه يُثير شَعْب قَلْبها،:نور بسألش سُؤال
رَفَعت عَيْنيها إليه تَنْظر لهُ بتَرَقُّب،قَلْبُها تَكاد حجراته أن تَنْفَصِل من طَرْق نَبْضاتها..و عَقْلها سَقَطَ صَريعاً بعد أن فَشَل في تَنَبؤ سُؤاله..،نَطَقَ بنَبْرة جِديَّة تعاضَدت مع سؤاله الغير مُتَوَقَّع لتُرْسلان قَشْعَريرة مُؤلمة لجانب جَسَدها الأيْمن..،:لو تقدّم لش طَلال في نفس الفترة التي تَقَدّم فيها عبدالله..كنتِ بتوافقين على من ؟
أَسْبَلَت جِفْنَيها و الإرْتعاشات تَغْزو روحها و جسدها المُنْهَك..تَصَدَّعت ملامحها بأَسى و خَيالُها يَرْسِم لها حُلْمها الأزلي في صَفَحات ماضٍ خانَ مَشاعرها..لو أتاها خَبَر خِطْبته ساعتها ! إلهــى لا تتخيَّل السَّعادة التي سَتَنْمو في أَحْشائها..هي قَد تُضيء عُتْمة الليالي بسنا فَرْحتها..ستَكُون طَيْراً يُحَلّق بانْتشاء وَسَط سَماء صفاؤها كنهرٍ عَذَب.. ستكون طَيْراً سَعيد يُحَيّي العالم أَجْمَع بجناحَيْه المُبْتَسِمَيْن..و يُخْبر بتغريده كُل كائنٍ في الوُجود..أن العُشَّ أَخيراً سَيَلْتقي مع غُصْنه..،صَوْته تَداخلَ مع تُرهات أحْلامها قائلاً بإصرار،:قولي لي يُبه..قولي لي من كنتِ بتختارين
تَقَوَّسَ فَمَها بارْتعاشة و من مُقْلَتيها فَرَّت الدُّموع بإسْهاب مُشَوَّشة رؤيتها..أجابت ببصر يَنْظر للوَهْم،:كنـ ـ..كنت بسوي روحي مستحيـ ـة "ضَحَكَت ببحَّة و هي تَمْسَح بَوْح عَيْنيها بظاهر يديها..أَرْدَفَت بابْتسامة مَريرة" وو بقول لك بفكـ ـر..لكن جوابي جاهز من سنيــ ـن..لو ما الخَجَل منّك يُبه قلت لك في لحظتها ابيـــ ـه "خَبَّأت حُطام أَحْلامها بكَفّيَها ناطِقةً بلَوْعة" كنت ما بلتفت لعبدالله و بقول ابي طَـ ـلال
كَفَّيها حَجَبَتا قَوافل الأسف التي طَأطأت رؤوسها وَسَط عَيْني والدها..أَحاطتها ذراعه و داخلهُ يَبْكي..نَعم يَبْكي..على ذَنْبٍ اقْتَرَفَهُ قَبْل أعوامٍ خَلَت..تَسَتَّرَ على خَطيئته،و ظَلَّ يُقْنِع ذَّاته بأنَّ الطَّريق الذي وَجَّهَ صَغيرته إليه هُو الصَّحيح..و رَفَضَ أن يَسْتَمِع لوَشْوَشات ضَميره المُريد مَنْعه عن فِعْلته..شَدَّ جَسَدها المُرْتَعِش كَعْصفور إلى صَدْره..احْتَضَنها مُتَمَنّياً أن تَسْتنشق اعْتذراه بين جَنَباته..عُذْراً صَغيرتي..عُذْراً لأن لساني قَطَعَ مَسير حُلْمك من خِلاف..،

،

أَخْبَرتهُ الخادِمة أنَّ طَلال يَنْتظرهُ في المَجْلس منذ عشر دقائق..كان مُتَعَجّباً من طَلَبه للقائه..هُو حادَثَهُ هاتفياً عدّة مَرَّات ليُذَكّره بقُدومه الليْلة إلى منزله..حاوَل أن يَعْرف سبب اللقاء لكن طَلال أصَرَّ على الإفْصاح وَجْهاً لوَجْه..،دَلَف للمَجْلَس و هو يُرَحّب به بابْتسامة،:هلا طَلال شَرَّفت
وَقَفَ طَلال الذي كان مُتَأنّقاً ببساطة أَجَّجَت من اسْتغراب ناصِر..كان يَرْتَدي و على غَيْر العادة قَميص رَمادي أنيق،أَضْفى سِحْراً مُميزاً للوْن عَينيه المُرْمَد،و بنطال أَسْود قماشي تَناسق معه..لم يَغِب عن بال ناصر أنَّ هذه الأناقة من اخْتيار رائد..هُو مُتَيَقّن أيْضاً أنَّ أزْرار قَميصه هو الذي اعْتنى بها..فكلاهما يَعْلم بعُقْدته الغَريبة..،أَوْمأ لهُ طَلال بابْتسامة يُداعبها خَجل نادِراً ما يَطَأ حَواسه..و بهمس،:هلا فيـك
قال ناصِر بضحكة و هو يَجْلس أمامه،:بعد مدلعينك..جايبين لك جاي و قهوة و كيك..ما كأنّك كل يوم في بيتنا
شاركهُ الضِحْكة ليُعَقّب و هو يَمَس أنْفه بظاهر سَبَّابته،:يمكن لأن هالمرّة ماخذ مَوْعد لمقابلتك
عَلَّقَ وهو يَرْفَع ذراعه ليُرْخيها فَوْق الأريكة،:ايـــه..صراحة استغربت إنّك ماخذ موْعِد "اسْتَفْسَر باطْمئنان"محتاج شي طَلال..تبيني اساعدك في شي ؟
هَزَّ رأسه بالنَّفي،:لا لا مو محتاج شي و لا ابي مساعدة "فَرْقَع أَصابع يديه ليُرْدِف بتَرَدّد و بَصَر مُنْخَفِض" بــس ابــي
ضَمَّ شَفَتيه يَبْتَلِع كلماته الفاقِدة للثِقَّة..زَفَرَ بغيظ من نفسه و هو يمسح فَوق حاجبه..رفع عَيْنيه لناصر الذي قال بتَشْجيع..،:ايــه طلال قول شنو تبي..لا تستحي
اسْتَنْشَق عَبَق ثِقَةً لا تَهْوى المُكوث بين تَهَشُّمات ذَّاته..لكنَّهُ قَبَضَ عليها مُسْتَفيداً من اهْتمام ناصر الواضح..بَلَّل شَفَتيه قَبْلَ أن تَتَلَقَّفهما ابْتسامة جَذَّابة زادت من وسامته..و بنَبْرة تَدَرَّب على كلماتها لأعوام،:أنا جاي اخطب بنتك..نور
لم يَخْفَ عليه الجُمود المُوْحِش الذي تَنَاثَر على حَواس ناصِر فَجْأة..بالتَّأكيد انْصَدَم من طَلَبه..رُبَّما كان يَظِنَّه طائِشاً لا يُفَكّر بالزَّواج و الإسْتقرار..،ابْتَلَع ريقه بتَوَجُّس من الصَّمْت الذي طال..فَتَحَ فَمَه يُريد أن يَنْطق لكن سُؤال ناصر فاجَأه..،:ما فهمت شتبي ؟
اعْتلاء مُسْتَنْكِر نال من حاجبيه..تَخَبَّطَت عَدَستاه على المَجال حَوْله قَبْل أن تَسْتَقِرَّان عليه ليُجيب بتوضيح لا داعٍ له،:يعني ابيها زوجتي..حليلتي و شريكة حياتي "فَرَّت منهُ ضِحْكة مَبْحوحة و قَصيرة بقُصْر الدَّقائق التي تفصله عن مَوْت حُلْمه قَبْلَ أن يُرْدِف " ادري إنّك مستغرب،يعني تقول هذا من وين له يتزوج..بس أنا الشغل اللي اشتغلته طول هالسنين كان عشان أَجمّع مهرها..و انا مخطط لكل شي..لحفلة الزواج و لشهر العسل و للسكّــ
قاطَعهُ بحدَّة انْغَرَسَت سَهْماً في البُؤرة التي يَسْتنِشق منها الحُلم الحَياة،:إنت شلون تخطط و ترسم من غير ما تتأكَّد إذا البنت تبيك و لا لا ؟ اسمح لي بس هذا اسميه غبـــاء
تَصافَقَت أَهْدابه إثْر وَخْزٍ مؤلم باغَتَ عَيْنيه..وَخْزٌ يُشْبِه لَسَعات دَمْعٍ آسِن..تَكَوَّمَت الغَصَّة في حَلْقه و هو يَسْمع حَديثه الذي يَنْكَأ جراحه،:بنتي عندها قَناعة إنَّ شَريك حياتها يكون في نفس مكانتها العلمية..صاحب شهادة و عمل ..له هويَّته الخاصَّة "أزاح ذراعه عن الأريكة مُتَقَدّماً بجسده للأمام و هو يُرْدف بكلمات دَقَّت ناقوس ذَّات طلال المَثْلومة" و أعتقد يا طلال إنت عارف مكانتك
اقْتَلَع صَوْته من حُصْن ثِقته المُشَوَّهة ليَقول ببحَّة و نظراته تنعقد بقوَّة بنظرات ناصر الحَادَّة،:ايــه أنا عارف مكانتي و ما طالعت فوق..و الشَّهادة إنت أكثر واحد تدري إنَّ فقدانها ما كان بسببي..و الشغل الحمد لله البحر معيّشني
صَفَعَ بساطته ببروده النَّاحِر طَيْر أُمْنياته،:بس ما بعيّش بنتي
فَزَّ واقِفاً و هو يَشْعُر أنَّ جَسَده يَكْتوي قَهَراً و كلماته الحَديديَّة تُكَبّل أَطرافه الرَّاجفة بخَوْف..خَوْفٌ من فقدان نُور ذَّاته..،ألْبَسَ لسانه الحِدَّة ناطِقاً،:إنت صَحيح ولي أمرها..بس مو من حقك ترفض من غير ما تسألها..اسألها..قول لها طلال يبيش
وَقَفَ يُواجهه و ملامحه تَكاد أن تَخْتَفي من سَيْطرة الجَليد،:أنا رفضت من غير لا اسألها خوفاً على مشاعرك..ادري فيك تعزّها و اذا رفضتك و هي عارفتك بتزعل منها
رَفَع كَتِفَيه مُحَرّكاً رأسه بتَيْه يُنَبّش بحواسه المَشْلولة عن جَواب يدحض الحقيقة المُتَجَلّية بقَسْوة..الْتَقَطَ لسانه الكلمات ليتساءَل بتهدُّج،:يــعـ..يعني شنوو !
رَماه برصاصة القَدَر الذي هو بريءٌ من اختياره،:يعني بنتي ما تبي واحد مثلك "أَكْمَل ناهِباً الأزْهار التي أنَبَتتها نُور في يَباب ذَّاته المَنَسيَّة" بنتي ماهي لك..انساها..انسى نُور و الله يرزقك ببنت الحلال
أَشاحَ بَصَرهُ عن السُّؤال اليَتيم الذي ناحَ من عَيْنيه المَصَدومتين..لماذا ؟ يسألهُ لماذا و يسأل الحياة..السَّماء و الأرْض و قَمَرٌ شَهِدَ على كُلّ خَساراته..لماذا لا تَبيعونني الفَرح ؟ لا أريد شيء..أقَسِم أنَّني لا أَرْجو من الدُّنيا شَيئاً عَصِيَّا..كُلُّ الذي تَمَنَّتهُ ذَّاتي سعادة يَنْشَغِل بها يُتْمي لكي لا يُنَبّش عن ابْتسامة أمّي..حُضْنُ أمّي و هَمْسُها..،أَسْبَل جِفْنيه..كما رِجْلين أَسْبَلَهما انْتزاع الرُّوح..طَأطأ رأسه يُواري دَمْعاً حائِراً سَكَن مُقْلَتيه..قَلْبه يُؤلمه بشدَّة،و كأنَّ يَداً تَعْتَصِرَهُ بقَبْضتها..و الآه مَسْجونة بين أَضْلُعه..يَخْشى أن تَفُر منه فتلطمهُ أَيْدي حاقِدة..و يَزْعَقُ صَوْتٌ بكُره أن لا تبكي..كُن أَبْكَماً و أَصْمِت بَوْحَ قَلْبِك..و كأنَّ لسان حالهم يَقول مُت بين أَوْجاعك يا طَلال..فاليَد التي تَحْنو عَلَيك بَترها المَوْت..،تَحَرَّكَت قَدماه بانْهِزام مُغادراً المَجْلِس، و مُغادِراً أَرْضُ الأَحْلام التي لا تَسْتَقْبِل ذَّات مُشَوَّهة كذاته..هُو ناقِص في كُل شيء..فوُجوده يَأبى الإنْعقاد مع الكَمال..،الْتَقَى بَصَره المُغَيَّم بوَجْهٍ ابْتَلَعَتهُ الصَّدْمة..حَدَقتاها مُتَّسِعَتان و يداها اسْتَقَرَّتا فَوْقَ فَمِها تُكْبحان لِجام شَهْقة هَلِعة..هَمَسَ و في عَيْنه لَمَحت الدَّمع يَخْتَنِق،:لا تقولين لأي أحد..أرجــوش جــود..أثق فيش
تَجاوَزَها ليَتْركها تُعاين صَدْمَتها وَحْدها..كانت قَد عَلِمَت بمَجيئه اللَّيْلة..و لانْشغال نُور في دراستها قَرَّرت كعادتها أن تَتَلَصَّص على جُلوسه مع والدها لتَسْتَمِع لحَديثه و تنقله لنُور المُتَلَهّفة عليه دَوْماً..لكن الذي سَمِعَته ! انْخَفَضت يَدها ببطىء إلى صَدْرها،و هُناك عند المَوْضع الذي بَكى عَطْفاً على شَقيقتها ضَغَطَت و من بين شَفَتيها فَرَّ هَمْسٌ نائح،:نُـــور
،:جُــود !
ارْتَجَفت من سَوط زَمْجَرته التي باغتتها..رَفَعت عَيْنيها لوَجْهه المَزْمومة شَفتاه بغَضَب..بَعَثَت إليه فَوْجاً من نَظرات مُعاتِبة تَجاهَلها،طَمَسَ حَنان قَلْبه و تَقَدَّم منها مُلْتَقِطاً أُذنها هامِساً،:شكنتِ تسوين ؟
أَغْمَضَت بألم و هي تُجيبه بصَوْت التهمتهُ الغَصَّة،:يُبـه سمعتكم
شَدَّ أكثر على أُذنها يطويها بتَوبيخ و من بين أسنانه نَطَق،:متى يعني بتكبرين ؟ ألف مرة محذرنش من التنصت على الغير بس مافي فايدة
عَقَدت بَصرها المُبَلَّل ببصره الغاضِب لتَهْمِس بحَرْقة و الدُّموع تَرْتَطِم بوجْنتيها،:يُبه نور تحبَّـ ـه
حَرَّر أُذنها ليْعود إلى شَرْنَقة جُموده..و بنَبْرة حَمَلت الخواء و لا غَيْره،:ما بيفيدها الحُب..طلال ياالله شايل نفسه..شلون إذا كانت وياه نُور ؟ بعدين اذا انصدمت من سُوء حياته بتسب الحُب و طوايفه

،

دَفَنَ رأسها في صَدْره مع احْتكار الإغْماض لعَيْنيه..هُو من أَتى بالسُّوء..هُو الرّيح الخانقة التي نَثَرت رمالها الشَّائبة على هاتين الرُّوحين..هُو المُذْنِب الأوَّل في هذا العَذاب..ليس طَلال الذي ساعَد بَلْقيس على انْتقامها..بل هُو نَفْسه..أَزاحَ عن طَريقها العَقَبات و أَهْداها ابْنَته على طَبَقٍ من ذَهب..مُعْتَقِداً أنَّ الزَّمَن قَد يَكون رَشَّحَ ذَّاتها من حِقْدها الدَّفين..حِقْد تلك اللَّيْلة المَشْؤومة..،أَبْعَدَ رأسها بخفَّة،ليَتَسَنَّى لهُ النَّظَر للبؤس النَّاحت رَماديته الكَئيبة على وَجْهها النَّاعم..مَسَح بإبهاميه على خَدَّيها الرَّطبين ناطِقاً و كلماته تَتَمنَّى لو يَنْبَجس من مُقْلَتيها نَبْعُ أمل لا شَلَّال دُموع،:حبيبتي اسْمعيني "شَدَّ بمَلَق على وَجْنتيها مُرْدِفاً بهَمْس مُحَفّز" سعادتش أهم من أي أَحَد في هالدّنيا..اسألي قلبش..اعرفي منه وين يبي يستقر..وين السَّعادة بالنسبة له و وين أحلامه..لا تهتمين لأي أحد..ارمي كل شي ورا ظَهْرش و ركزي كل حواسش على شي واحد..سعادتش....حاربي عشان سَعادتش
السَّماء من فَوْقِهما تُنْصِت و السُّحب قد انْزاحت شَيْئاً فَشيء ليَتراقص شُعاع شَمْسٍ من بين شِقٍ تَوَسَّط الغُيوم..مثل بَريقٍ يُناديها لتَلِج إلى أَرْض اللّقاء..،بفَم مُطْبَق و عَدَستان مُتَخَبّطتان كانت تُناظر والدها..و من بين كَلِماته لاحَ لها طَيْفُ قاربٍ صَغير مَسْلوب الشّراع..تَلْطمهُ بلا رَحْمة أمْواجٌ عَشِقها..تاهت فيه..و تاهَ فيها..،

،,

اقْتَرَحت عَليها والدتها و حُور أن تُشاركهما الطَّبْخ أَفْضَل من أن تَخْتَنِق بين جُدْران غُرْفتها التي لم تُبْصِر سُوى ظُلْمة حُزْن سَرْمَديَّة..اخْتارَت أن تُقَطّع السَّلَطة فَوْقَ الطَّاوِلة الصَّغيرة..مُسافِرة بسَمْعها عن حَديثهما لتَنْصُت للهَمَسَات التي لم تَتَوَقَّف ذَّاتها عن ولادَتها..،ليس لدَيْها شيء لتَخْسَرهُ بَعْد..و الطَّريق أَمامها مُمَهَّد،فهي لا زالت تَتَذَكَّر ما قَرأتهُ عَيْناها بتكرار لسَاعات..كُل شيء لصالحها..يَجِب أن لا تَجْعل التَّرَدّد يَلْتَهِم فُتات شَجاعتها..لا زال والدُها في أَعْيُن النَّاس ذاكَ الرّجُل المُنْتَحِر..الخائن للوَطَن و صاحب الأعْمال المَشْبوهة..ستُعيد إحْياء ذِكْراه بزَهْرٍ أَبْيَض،بنَسيم حَسَنات و بوَدَق رَحَمات تتناثر على تُرْبة قَبْره..،هي الآن مَحْشورة وَسَط دائِرة مُجَوَّفة لها بابٌ فَريد..يَسوقها لخَلاصٍ واحد لا ثاني له..،رَمَشَت بخفَّة إثْر الصَّوت الذي تَدَاخل مع خُططها..كان هاتف حُور و يُوسف المُتَّصِل..عُقْدة اسْتغراب بانت بين حاجبيها و هي تَرى الوُجوم الذي اصْطَبَغ ملامح حُور..رَجْفة يَدَها و تَصافق أَهْدابها السَّريع..أَغْلَقَت الهاتف بعد ثوانٍ و هي تَقول مُحادِثة والدتها بارْتباك،:عمتي يوسف يقول سيَّارته فيها مشكلة..بروح اخذه من الشَّركة
لم تَنْتَظِر جَواباً..فهي هَرْوَلت مُغادِرة المَطْبخ بلا الْتفاتة و صَوْت والدتها يُلاحقها،:حاسبي يُمَّه في الشَّارع
تَصَلَّبَت يَدي مَلاك لثوانٍ مُطْرِقة رأسها بتَفْكير..مُشْكلة السَّيارة لم يَجْتَرعها عَقْلَها أَبَداً..يُوسف و عَصْفٌ بالملامح..بالتَّأكيد شَيءٌ ما قد حَدَث..،زَفَرت بتَعَب..الرَّاحة في حياتهم قد حُكِم عليها بالسّجن المُؤبَّد..لم تُعْدَم..بل اخْتَنَقَت خَلْفَ قُضْبان لتُبْصِرها ذَواتهم بقَهَر..تَمْتَمَت بتَنْهيدة تَطَيَّبَت بالصَّبْر،:الحمد لله على كل حال "اسْتَأنَفَت تَقْطيعها و هي تُنادي" يُمَّــه
الْتَفَت لها والدتها بلَهْفة لصَوْتها الذي تَشَرَّبَ النَّوْحُ شَبابه..بحُب لا يُدْركه إنْسٌ و لا جان،:عيون أمش و روحها..آمري حبيبتي
حاولت أن تَبْتَسِم للطْفها و هي تَقول،:يُمَّه باجر الصَّبح بداوم..لا تخافين إذا ما شفتيني في البيت
بَرَقَت نُجوم سَعادة في عَيْنيها،و حَوْلَ وَجْنَتيها أَزْهَرت أَكاليل أَنْعَشَت أُمومتها التي شابَت كَمَداً على صَغيرتها..نَطَقَت مُؤيّدة و هي تَقْتَرب منها،:حبيبتي روحي الله يوفقش..و أنا بقعد من الصّبح بسوي لش الرَّيوق اللي يحبَّه قلبش "مَسَّت كَتِفها شادَّةً بحَنو و هي تَهْمِس"روحي يُمَّه..روحي و ارجعي لحياتش..ربي ويّاش بيحميش



يتبع



 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس