عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2019   #2


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 15 ساعات (02:48 AM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11593
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



أسنان فرشاة الشعر تنحشِر وسط خصلاتها المُبَلَّلة بقسوة ابتاعتها من يدها المُحتَكِرة بُضاعة القَهر المُهلَكة في خزينة ماضيها المنتَهية صلاحية مكنونها..تلك الخبيــثة بنظراتها الماكرة، ابتسامتها المُنطَلِقة من فوق مُنحَدر التَشَفّي و حروفها المعقودة نقاطها بعلقم سَمَّم حُجرات قلبها المَضني من حقيقة لا زالت مُستَمِرة في شرخ ثقتها..،أخفضت الفرشاة لتتراءى لها بضع خصلات سقطت مُنقَطِعة الحياة من همجيتها المُناقضة نعومتها الفطرية..ألقتها على المنضدة بإهمال و زفـرة مُحَمَّلة بجَلبة مشاعر فَرَّت من فَوَّهة شفتيها المُتَشققتين من فرط تعذيبها المُقاد بحملة أسنانها المتوترة..،من الذي أخبرها ؟! قَبَضت يدها برجفة و صوت تلك بنشاز ثَقَب مسامعها

،:البلد صغيرة الخبر ينتشر في ثواني

هَمَست بكُره تَمَكَّن من صوتها،:حقيــرة
تَعلم أنَّها ستتخذ هذا السر المدفون في جوف روحها ذريعة تطلقها من مدفعها المُستَهدِف زواجهما..مُتَيَقّنة مثلما أنَّها مُتَيَّقنة بعُمق جراحها أن و لا واحدة منهن تُريد لهذا الزواج التَكَلُّل بتاج الاكتمال و الحياة البَهِيَّة..هي و يا للغرابة شريكة لَهُن في هذه الإرادة..و لكن ليس بشرخٍ جـديد..تُريد أن ينفك العَقد القارن اسميهما برضا هي واثقة من قُدرتها على تمثيله..و لكن هُو..ذاك الذي في شهر قَرأت في عينيه ألفُ مُعَلَّقة تستهل أبياتها بغَزَلٍ مُصَفَّى لها هي وحدها..غَزلٌ لو كان مَودوعاً في جوى أُنثى غيرها لشَكَّتهُ قِلادة تَفخَر بارتداءها حَوْل عُنُقِها،تَتَباهى بصبابته النَقِيَّة أمام الناس..،ابتسمت بمَرارة و هي ترى انعكاس صورته في المرآة،كيف في شَهر نما الربيع في قلبك ؟! هل الحُب صَيداً سَهلاً على قنَّاصك ؟!
تَبِعَتهُ عينيها و هو يتوجه للسرير بعد أن أنهى استحمامه و ارتدى ملابس نومه..التقطت أسنانها العلوية زاوية شفتها من الأعلى و أصابعها سَيَّرها التَوَتر داعكةً باطن يدها..هذه المُشاركة لا تُحَبذها..فجلدها فَقَد قدرته على التَجدد و بات صريعاً بين يدي أنفاسه النائمة في مهد الطفولة البريئة..أرجعت خصلاتها خلف أذنها و هي تقف مُتجاهلة طيف ملامحه المُلتَبسة كَسل النوم بإغراء،واصلت مُتابعتها له..يرفع الغطاء عن السرير برأس مُنخَفض لهاتفه،جلس بساق مثنية و الأخرى ممدودة باسترخاء..اقتربت و التردد حذاءها،أصابعها تُحيكان بتشابك خيوط يغزلها الارتباك..رفع رأسه بعد أن وضع هاتفه على المنضدة قُرب السرير..تساءل و هو يرى استقرار مُقلتيها عليه،:تبين شي ؟
ارتفعت ذراعها لتستكين راحة يدها خَلفَ عُنُقِها تُتَرجم ما تراكم بين حواسها..ببحة نَطَقت،:لا بس مافيني النوم قلت بطلع برا اسهر اذا ما كان يضايقك
ابتسامة جانبية أمالت شفتيه و أمالت عضلة في فكَّها استشعرت استهزازاً مُستَفَز..ببرود أجابها و هو يضجع مُرخِياً ذراعه على عينيه،:اخذي راحتش،تصبحين على خير
انتظر منها جواب لكن لم يصله سوى صوت الخواء المُبتلع الغرفة..رفع ذراعه قليلاً مُمَيّلاً رأسه بخفة يستفسر عدم ردَّها..اصطدمت جوارحه بأضلُع القَهر المرسومة على ملامحها،يبدو أن نَبرته مَسَّت عِرق الكبرياء الأبي..ادَّعى عدم الاهتمام و هو يتساءل بهمس،:في شي ثاني ؟
نَفَثت نفس ارتطم ثقله بصدره قاصداً قلبه ليُوزع تأنيباً بين شرايينه..لكنهُ تَصَدَّى له بما تَبَقَّى لهُ من طاقة لم تستنزفها بحار أنوثتها اللُجيَّة..تابعتها عيناه و هي تخرج من الغرفة غالقةً الباب بقوَّة تَعبيراً عن ضيقها..هو لم يَتبعها و عقله رَشَّح نفسه من إرضاء يُطَبطب بهِ على قهرها..أشاح وجهه عن الباب مُضَجِعاً على يمينه بتجاهل غَلَب طَبعه هذه المرة..فعَصَبهُ الشَمي استنشق مقادير وصفتها الماكرة و تذوق حتى لُذِع منها..،

،

هي تَلَبَّسها القَهر غارساً أشواكه في البؤرة التي يُدَر منها كِبرياءها القاسم ظهر شخصيتها المُتوازنة،فهي لولا نَزعة الكبرياء هذه لقَصَدَ الزواج مَعبَراً آخر،أكثر إشراقاً و ثَمَرهُ أشهى..،يدها بحَرارة تُمَرَّر على ذراعها لدرجة أنَّ إحمراراً بدأ ينتشر فيها من شدَّة دعكها..أنفاسها لم تَتَحَرَّر من أثقالها و العين تَعيش فَصل تصافق الأهداب،شفتها السُفلية تَشَقَّقَ رداءها من سكاكين أسنانها..ألقت بجسدها على الأريكة بعد أن تناولت جهاز التَحَكُم،فتحت التلفاز و عينيها يُغَلفهما غشاء ابتسامته تلك..و كأنهُ عالِماً بما يدور في رأسها..ضَغَطت على الجهاز تُفرِغ عَرق حَنَقِها..تكره استفزازه و تكره قدرته الخيالية على فك رموزها..و كأن أفكارها عارية أمامه..يستطيع التلصص عليها بأريحية حتى من خلف قضبان الصَد التي تَشن حربها على روحه..،زَفَرت حيرتها من رَجُل قضى عُمره يدرس أسرار حَضارتها الساقطة على يد النُكران..يدها ارتفعت ليستقر جانب رأسها في راحتها و عيناها النُصف مُغلقتان بلا استيعاب تُناظران ما ينقله التلفاز..لم يستغرق الأمر دقائق حتى مال جسدها بخفة يُجاري ثقل النَوم الذي تَمَكَّن منها على أريكة غُرفة الجلوس..مثلما أرادت هي و مثلما تَيَقَّن بَسَّـــام...،



السَهرُ كان رَفيقه و الليلُ بات في قُعر قلبه..ظَلامٌ يرتدي عباءة فَقدٌ جَديـد أشَدُّ قَسوَّة مما سبقه يَراهُ يقترب من شاطئه الخاوي على سطحِ سفينة شراعها يقصد القاع و لا غيره و يُناشد غَرقاً يستل معهُ روحه المَضنيَّة..ابتلع الصمت الذي نحا حنجرته مُنذ أن أطلق عليه آستور برصاصته المُختَرِقة جواه المَسعَر..زواج..هذه الكلمة التي خَطَّها لسانه تاركاً الصفحة فارغة من تفاصيل تُقَطّعه إرباً إربا بلا رَحمة..،اجتذبت راحتاه رأسه الذي لو وُضِعَ في كَفَّة الميزان لَهَوت من زُحام أفكاره المُلتاعة..أيُّ الحُروب تنتظره و أيُّ قَلبٍ سيُكسَر ؟! ألم يَحن موعد النضوب و الجفاف من ظُلمٍ أسفاً أصبح شُربةَ ماءٍ تستلذ به حواسه التي زَرَعها آستور غَصباً في أرضه..مال رأسه و يَمينه انخفضت ماسةً بأطراف أصابعها المَلف المُوصَد،المسجون داخله مَساوئ مُتَلَهّفة لعربدتها الطامسة ضوء حياته..،الخَوف تَرَبَّص منه واقفاً أسفل عقارب الفجيعة ينتظر الساعة التي سيبدأ عندها الفَقد..أزاحَ كَفّه عن الملف بنفور أجَّجَهُ تَوتره..غير قادر على استقبال مكنونه،لا يدري أيُّ الوجوه سَيَرى و أيُّ القضيا ستُكَبّلهُ..عيناه عَبرتا طريق مشواره المُتَسيدَتَهُ عدالة آستور المُتَصَدّعة..و هو فقيرُ الحيلة المفتاح لرفع راية تلك العدالة المُرمَدة من نيران صَديقة..و قف لتُشارك قدماه العبور نَفسه الذي غَرِقت فيه مُقلتيه..تَوَقَّف أمام اللَّوحة الحاملة فوق جناحها ما قَطَفهُ من مُجرمين..العشرون تقترب من مُعانقة الرَقم السابع الذي ستُشارك صورة صاحبه وجوه ضحاياه المدفونة في ورق..،تُرى من هو ذاك ؟ أو تلك !
،:كُنتَ شُجاع
استدار لصوته..لم ينتبه لدخوله المكتب..اقترب منه و ابتسامة تسبح في الماضي اعتلت شفتيه..واصل حديثه،:كنتَ شُجاع على الرغم من غُربتك و الخَطر القريب منك،استطعت ببراعة أن تخدع هانكس حتى تم القبض عليه بالجُرم المشهود
تَوَقَّف بجانبه ثُمَّ رفع يد مُستَقِرَّاً بسبَّابته على إحدى الصور هامساً،:والد إيـلي،انتهت قضيته بسرعة كبيرة "وَجَّه لهُ نظرة مُبَطَّنة مُردِفاً" و الفضلُ يعود لابنته
هو عَقد نَظراته بنظرات هاينز الذي أدار جَسده ليُواجهه..ابتسم و فوق جفنيه اصطفَّ جيشٌ من طيور واعية لبَوح صمت صديقه..ارتفعت يده إلى كتفه تُمارس شَداً مُعيناً و هو يهمس،:خائف من كَسر قلب آخر،أليسَ كذلك ؟
تجاهل سؤاله مُستفسِراً،:هل لكَ علم بما في الملف ؟
حَرَّكَ رأسه بالنفي،:لا لم يُخبرني والدي،أعرف فقط أن القضية تحتاج إلى زواج مثلما قال لك
زاوية فمه ارتفعت بسُخرية،:إنهُ يُمَثّل دور والدي في مسلسل قضاياه،يختار شريكة حياتي بنفسه !
أفصحَ عن مافي قلبه،:لقد اعترضت و أبديت لهُ رفضي الشديد،لكنه قال لي أنني اذا رأيت مافي الملف سوف أُغَيّر رأيي
عُقدة استقرَّت بين حاجبيه و هو يتسائل بصوت محشو بنبرة استغراب،:و لماذا ؟
أرفعت الحيرة من كتفه و شفتاه تميلان للأسفل،:لا أدري،لم أفهم مقصده
زَفَر وهو يعود بأنظاره للملف المُتَوَسّد مكتبه برهبة..وصلهُ همس هاينز المُتسائل،:متى ستفتحه
أجاب بضعف تَمَكَّن من ذاته،:لا طاقــة ليَ الآن



وَاضِعاً ساق على الأخرى بجلسة إسترخــاء تمازج هدوءها مع سُكون الفَجر الأثيري..أشعل سيجارته يستنشق منها رماد أفكاره و خُطَطِه المُتَسَتّرة بثوب الطيبة و التواضع المُصطنعان..السماء من فوقهِ سَقفٌ مُرَصَّع بنجومٍ تَكاد تذوي عن رِفعتها من دناءة روح هذا المُلَوّث بأنفاسه نقاء الليل..مَسبح واســع يمتد على يساره و مُحيطه أمتارٍ من زرعٍ يانع يُسلِب من العين انبهارها..و من خلفه "فيلته" ذات الطوابق الأربعة المُهَندَسَّة بخطوط مَكرٍ و دهاء..،ارتشف من كأس الشيطان مع انفتاح البَوَّابة البعيدة نسبياً عن مكان جلوسه..ابتسامة التوت منها شفتيه و حاجبه يرتفع بمُتعة وهو يراها تقترب منه بمشيتها المُتَغَنّجة..،دقيقة و كانت تجلس على الطاولة الخشبية أمامه بشعرها الأشقر المُمَوج بنعومة بــالغة..هَمَست لهُ بخبث،:كانت البداية مُوَفَّقة
أزاح ظهره عن المقعد مُقَرّباً رأسهُ منها هامساً بذات الخبث،:أتمنى أن تكون النهاية مُوَفَّقة
حَرَّكت شعرها بثقة مُنقطعة النظيرة و هي تقول،:لا تخف ما دمت أنا المسؤولة
أنهت جُملتها ثُمَّ التصقت به مُستَقِرَّة بشفتيها على المنطقة اليُمنى قُرب شفتيه..استمَرَّت قُبلتها ثوانٍ قبل أن تبتعد هامسةً بدلع سقيم،:انتظرك في الداخل
ازدرد ريقه بعقل لَعقته أنوثتها و عيناه تَتبع ابتعادها المُناديه..من يجتمع في روحها الجمال و الدهاء ليست امْرَأة،بل مَكيدة غارقة في العسل !



ثَقُلَت روحه من مُعاينة أجساد اجتذبت جليد الأسِرَّة المُحتضنة آلامها،حُقنة في الوريد ليتها تستل من القلب عَذابه..جهاز تَنَفُس و ضماداً بُلِيَ من استفراغ دماء..بعد سنوات من عَمله اكتشف أن مهنته تكون عند الأسى عامِلاً مُساعِداً على زيادة عُمق الجِراح..فأُذنه تُصَم من آهات وَجع و عروقه تلتهب من ارتعاشات أجساد اختُزِلت قواها على يد وابلٌ من الأسقام..أو أن حُزنه المُحتَكِر دُنياه بَصَق رمادية على بصره منعته من التَمَتُع بجمالية هذه المهنة ؟!
حَرَّك رأسه ناثراً غُبار هذه الأفكار الخالية من منطق..يبدو أن النُعاس اجترع رزانة عقله ! رفع يده المحشور بين سَبَّابتها و الوسطى قلمٌ أزرق داعكاً عينه برسغه و هو يتثاءب،أخفضها بعد أن حَفَر تجاعيد حول جفنيه..رَمَش بتَعب يُحاول التركيز في الملف الذي بين يده،لحظات و أبعد عدستيه لساعة معصمه ينظر للوقت..تأفأف بضجر فلقد مَرَّت دقيقتان فقط مُنذ آخر مرَّة تابع فيها الوقت !
تَبَقَّى ساعاتان على انتهاء عَمله..يتمنى أن لا يحدث أمر طارئ يَضطرهُ للمكوث لوقت أطول..أعاد قراءتِهِ للملف للمرة العشرون و لا زال عقله غير قادر على استقبال المعلومات،يشعر و كأنهُ يقرأ طلاسم..لذلك تَركَه على المنضدة المُتَوسطة جناح أمراض القلب،تناول كوب قهوته مُرتشفاً ما بقي منه،أخرج هاتفه من جيب سرواله الأزرق يعبث به مع جلوس أحد زُملائه بجانبه..،:ها عبــود هدوء اليوم الجناح
وضع هاتفه قُرب الملف وهو يُعَقّب،:صل على النبي لا تحسدنا خلنا نرجع البيت و ننام احسن مما نقعد للظهر
ضحك وهو و ينظر لساعته،:باقي ربع ساعة و تصير ست متى يخلص دوامك ؟
أجاب و عيناه انحرفت لليسار،:ثمان
صمت عند هذه الكلمة و عيناه تلتقيان بعدستان من الزُمرد تُوزِعان عليه فيض من نظرات أثارت جُرءتِها اشمئزازه..أخفض بصره و هو يستغفر في سِرّه مُعيداً عبثه في هاتفه..شعر بوقوف صاحبة الزُمرد عند إحدى الغُرف و زميلتها مُواصلة حديثها الذي يبدو أنها لم تستمع لكلمة واحدة منه من فرط تحديقها الدقيق فيه و الذي أشعرهُ بارتباك مُقيت..أمشطوبٌ الخَجل من ذاتها ؟! كيف لأُنثى أن تنظر لرَجُل غريـب بأريحية تامة نظرات أقل ما يُقال عنها وَقِحة ! عَضّ شفتيه بحنق و هو يُثَبّت قدميه على الأرض مانعاً نفسه من الذهاب لها مُوقفاً هذا السيل المُفتقر للحياء و الأدب..،

،:صبــاح الخير يا شباب

التفت للصوت..كانت الاستشارية سُعاد،من أكبر الاستشاريين سِناً في المُستشفى و أقدمهم،حاول أن يبتسم لها مُجيباً بهمس على عكس زميله الذي أجاب بعُلو مَرِح،:صباح الخير
ارتشفت من كوبها قبل ان تقول بابتسامة واسعة،:الله يعطيكم العافية
استدارت للجهة التي تقف فيها تلك الوقحة و زميلتها..اتسعت عيناه وهو يسمعها تُنادي عليهما..بسرعة تناول ملفه تاركاً المقعد،فلن يتحمل سهامها عن قُرب فرُبما تحدث فضيحة،:أنا استأذن
منعته سُعاد،:لحظة لحظة انتظر شوي
ضَمَّ شفتيه بتحامُل و قدمه تصطدم بالأرض برتم مُتَوتر حاول به كَبح رغبته في شتم تلك التي اقتربت حتى اتضحت لهُ ملامحها،أبعد عينيه بنفور واضح لسُعاد التي قالت مُوَجّهة الحديث لها
،:دكتورة مروة هذا هو دكتور عبد الله اللي سألتيني عنه



شَعَرت بوخز خفيف على إثره باغتت حنجرتها آه مُتَألّمة،:آآه يحرق
والدتها التي كانت تمسح خَدَّها بخفة و خلاياها تعيش ضُعف ألم ابنتها،:ماعليه ماما تحملي شوي"أكملت بتَعَجب" انا ابي اعرف شلون ما شفتي الباب و دعمتين فيه ؟!
ضَحَكت بخفَّة مُبَرّرة كذبتها،:تعرفيني ماما أنا عجولة ما انتبهت له"أمسكت رسغها مُردِفة" ماما عطيني انا بحط لي المرهم
ضَربَت يدها،:لاا،ادري لو اعتمدت عليش بتنسينه مثل اذا مرضتين تنسين تشربين الدوا و ابتلش فيش
مالت شفتيها بزَعل مُصطنع و جفنيها ينخفضان،:افا ماما صرت بلشة
و هي تضع المرهم في عُلبته،:اي بلشة "قَرصت خدها الصاحي و هي تُكمل بابتسامة حنونة" بس بلشة احبها و ما اقدر استغني عنها
بادلتها الابتسامة بحلاوة،:حبيبتي ماما
استدارت تجمع حاجيتها في حقيبتها تستعد للذهاب للمدرسة و هي تسمع سؤالها،:شنو تبين غدا اليوم ؟
أجابت و هي تتناول عباءتها،:على راحتش اي شي باكله
يدها أحاطت ذقنها بتفكير،:شرايش اكلم حور و يوسف يجون يتغدون عندنا عن بروحنا ؟
توقفت عن لف حجابها و رجفة تلك الساعة تعود لها..ازدردت ريقها قبل أن تُجيب،:لا ماما تدرين أيام الدوام اكون تعبانة مابي اقابلهم بنفس ضايقة،خليها للجمعة
هَزَّت رأسها بموافقة قبل أن تخرج من الغرفة،:ان شاء الله
انفلتت تنهيدتها بعد أن خَلت الغرفة من والدتها..منذ الحادثة و هي تُمارس الكذب معها،بالطبع لن تُخبرها بما رأته،فلا داعٍ لإيداع كَمَدٌ جديد في قلبها المُرتَع على الأسى..فهي لن تَتَحمل حقيقة ان يكون ابنها هاوٍ للذبح ! و اللهُ العالم إن كانت غريزته الشاذَّة تطال أرواح البشر أم اقتصرت على الكائنات الضعيفة فقط..،استقبلت عينيها التَورم القابع أسفل جفنها الأيسر،حيث إخضرار مُزرق طَبعته كف أخيها،حتماً ستُثير أسئلة في نفوس زميلاتها،بعضهن سيُشفق،و بعضهن سيشمت و أوَّلهن ريم تلك،و أُخريات لن يُعيرانها رُبع اهتمام..،
رَشَّت عطرها البارد،ثَبَّتت حقيبتها على كتفها و خرجت من الغرفة تُودع والدتها قبل أن تُغادر الشِقَّة،ارتفع صوت هاتفها و هي على السُلَّم،أخرجته ليتضح لها وصول "إيميل"..فتحته لتتراءى أمامها قائمة الطالبات المُشاركات في المُسابقة..فتحت باب السيَّارة و عينيها تلتهمان الأسماء تبحث عن ضالَّتها..ثوانٍ و ابتسامة ثِقة تَربَّعت على شفتيها الكرزيتين..فإسم سُميَّة يتوسَّط القائمة...،



،:يُقال أن الذَّات تُرَبَّى..فهي تتغذى على ما يعيشه المَرء من مواقف و ما يَقرَأهُ من كُتب،و هي أيضاً تُعاقَب عند تَسويفها و اعتلائها صهوة الذنوب..سواء ذَنبٌ ديني أم دَنيوي..هُناك في التاريخ من اقتُلِعت ذاته من جذوره لأسباب سياسية أضحت تَبَلُّدَاً شَرِساً في النَفس،ماري انطوانيت،ذات أنثوية اقتاتت على التَرف و البَذخ..أنستها القُصور و الأسقف المُذَهَّبة واجباتها كَمَلِكة،ذاتها تَشَوَّهت من سُكَريات ما تناولته،فمعدتها اتخمت شادَّة الخناق على قلبها داثِرةً عناوين الرَحمَّة و الشفقة..فهي و بالفم المليان نَهَبت رغيف الخُبز من فم الفًقراء ليلذع لسانها حُجرات قلوبهم الواهنة بجُملتها الشهيرة "إذا لم يكن هناك خُبز للفقراء دعهم يأكلون كَعكاً " !
رُبما البعض يُقول أن لا لوم عليها لما كانت تُعانيه فرنسا من تَخَبط في تلك الفترة..و لكن أليس التغيير ينبعث من الذَّات ؟ فإن كانت الذَّات بؤرة الفساد و النَفس الأمَّارة بالسوء فاغرة محاجرها طوال الوقت فكيف سيحدث التغيير ؟!
يُحكى أن ذات زَمن كان هنالك رَجُل أعزب لا زوجة و لا أولاد،فقط والدان عجوزان،كان يعمل في إحدى المزارع،يستيقظ كُل يَوم قبل طلوع الشمس..يستحم و يرتدي ملابس المرزعة و يخرج من كوخه بعد أن يتناول كأس حليبه الدافئ مع والديه..و هُناك بين التُربة و الحبوب يقضي يومه بأكمله و لا يَعود إلا بعد الغروب..كان لهُ جار في مثل سِنّه يعمل في المزرعة ذاتها،و صُدفةً كانا يُحبان ابنة الحي ذاتها..تلك الفاتنة السمراء،كان يكره ذلك الجار،فهو دائماً ما يُحاول جذب أنظار صاحب المزرعة،في كُل عطلة يشد رحاله إلى الأحياء القريبة ليأتي ببذور لثمار غريبة عن أرضهم و يزرعها لينفخ صدره فخراً وهو يستمع لكلمات المديح من رئيسهما..و ما يُزيد كُرهه له أنهُ كان على الدوام جليساً للكُتب..أي فُرصة ينالها يستغرقها في تأمل الصَفحات و هو الذي على عكسه لا يعرف سوى قراءة اسمه و اسمي والديه..بعد مَضي عَشر سنوات،كان بطل قصتنا يخرج من منزله قبل طلوع الشمس و مذاق الحليب لا زال بين تشققات لسانه،إلا أنَّهُ في الطريق لم يُقابل جاره،فذاك انتقل لمنزل في الحَي المُجاور بعد أن تزوج الفاتنة و اشترى مزرعة صغيرة مما ادخره من أموال بيع الثمار الغريبة !

أنهت جُملتها و هي تسند ظهرها بطرف المكتب القابع في بداية الفصل..أحاطت قدم بالأخرى و يديها من خلفها تستقران ببطانهما على خشب المكتب..بابتسامة قالت و أنظارها تتوزع على وجوههم المُندمجة،:اعتقد المغزى واضح من القصة،على الرغم إن القصتين بينهم فوارق إلا انهم يحملون المغزى نفسه..بالتحديد يتكملون عن الذَّات و مشاكلها
تَحَرَّرت من استنادها و استدارت للوحة البيضاء المُثَبَّتة في الجدار..كتبت بضع كلمات بخط واضح و هي تقول،:هذا الواجب ابيه المحاضرة الجايَّة،اي قصة حتى لو كانت من خيالكم تتكلمون فيها عن مشكلة في الذات،و طبعاً لازم تناقشونها أمام زملاءكم "نظرت لساعتها الجلدية المُحيطة معصمها الناعم و هي تُردف بابتسامة" ماشاء الله على الوقت انتهينا "و بضحكة" اتوقع ان راسكم يألمكم من هذرتي
تفارقت الأصوات ناكرين ما قالته،أحدهما بصوت عالي،:بالعكس دكتورة أحلى مُحاضرة
ابتسمت له و رأسها يميل برقة،:شُكــراً على الإطراء"أشارت للباب" تقدرون تتفضلون
بدأت بتجميع حاجياتها أثناء خروجهم..طالبتان اقتربتا منها وهما تحتضنان كُتبهم،إحداهن بخجل تساءلت،:دكتورة تدرسين مادة غير هذي ؟
خلعت نظارتها ذات الإطار المُربعي الأسود و بابتسامة تَلَونت بأحمر شفاه صباحي،:والله حالياً الجامعة ما عطوني الا هالمادة،يمكن يصير تغيير الكورس الجاي
برجاء قالت الثانية،:عاد دكتورة خبرينا عشان اذا المادة موجودة في خطتنا ننزلها عندش
رافقتهما للخارج مُجيبةً بضحكة،:لا تحاتون بعلق على باب مكتبي ورقة عشان كل من يشوفها
بادلاها الضحكة ثُمَّ افترقتا عنها إلى محاضرتهما..و هي في طريقها للمكتب تقابلت مع ثلاث من المُحاضِرات..إحداهن قالت،:فاتن تعالي ويانا بنروح نتريق
قَطَّبت جبينها و يدها ترتفع لصدغها،:اووه للأسف ما اقدر عندي تصحيح،ان شاء الله مرة ثانية
ابتسمت لها بعدم اقتناع،:اهــا اوكي على راحتش
فَور ابتعادها استدارت لزميلاتها و هي تقول بنبرة مُتَشَكّكة،:ما تلاحظون انها تتهرب و على طول تتعذر ؟! هذي ثالث مرة ترفض القعدة ويانا !
زميلتها نَطَقت بحسن نيَّة،:يمكن صدق مشغولة
الأخرى قالت بحاجبان أرفعهما الاستنكار،:عاد كل مرة ! كلنا في نفس وضعها بس عندنا وقت ليش هي غير !
تأفأفت،:زيــن كيفها المرة مالنا دخل فيها،امشوا لا نتأخر



حبيبتي ! و رُبما عُمري و حياتي،قُبلة هُنا و قُبلة هُناك..احتضان و امتزاج..يا إلهـــي..،حديث أخته البارحة أشعل ما خَمَد لفترة في صدره..ظَلَّ طوال الليل يتقَلَّب على شوك فقط من كلمة حبيبتي تلك التي قَرأتها..و صورتهما في المكتب بداية عودته،و هما بذلك الاقتراب الحَميمي بَصَقت حُمَمَهَا عليه حتى بدأت مسامات جلده تستفرغ عَرَقاً برائحة الغيرة..عندما كان هارباً في لُندن،كان التهابه أخف وطأة،فهناك تخترق فكره الخيالات اليتيمة من صِحَّة و التداعيات التي تُوَسوس لهُ بها نفسه المُشتاقة..و الآن عندما أنهى فصل الاغتراب بدأ يعيش الاحتراق حقيقةً،ينام و يصحو فوق غَيمة من كوابيس زواجهما..كيف نَسِيَ جَسدها رائحة جسده الرجولية و تَلَبَّست رائحة رَجُل آخر ؟! هَمساته التي ضَعَّفت من بَحَّة صوته لا زال يَذكُر حروفها التي أودعها في أُذنها المُزَيَّنة بقِرط ألماسي أهداهُ لها ذات فَجر..تُرى ألا زال يَسكن أُذنيها ؟ أم أن النسيان حُكِمَ عليه هُو أيضاً ؟دفئ لمساته و خطوط البَوح المُنتعشة بخَمر جسدها..أفي الخاطر أم بين نُفايات الجحود ؟! أغمضَ عينيه و هَمسُها ذاك جَنَّد فُرسان اقتطعوا شرايين قلبه..

،:تدري ان لمستك دفا روحي ؟

مَرارة ارتخت منها شفتيه..فالروح يبدو أنّها وَجَدت دِفئاً أحن..،

،:اقول لش طردت العميلة من المكتب،لو ما تمسكَّت بالجدار يمكن طاحت و تعورت
رفع رأسه للصوت القريب و عُقدة استغراب بانت بين حاجبيه من هذا الحديث،رَكَّز جَيّداً على الصوت الذي كان قادماً من المَمر المؤدي إلى المصاعد
،:مو معقولة شهالقلة الأدب ؟!
،:ايــي و شكلها تفشلت من اللي سوته و ما داومت اليوم اللي بعده لأن الخبر انتشر في البنك و كل من مستنكر تصرفها حتى ندى صديقتها تعرفينها صح ؟!
،:ايي اعرفها،استغفر الله عيــب
زمَّ شفتيه حابساً نَفساً مُدَمّراً بين رئتيه..انحرف للممر ليراهما تنتظران أمام المصعد..أطلق النَفَس و بعده أطلق لسانه سؤاله ليتأكد قبل أن يقصد مكتبها،:من هذي اللي تتكلمون عنها ؟
تلك التي كانت تتكلم عَضَّت على شفتها بخوف من النظرة المُرعبة التي حَفرت عدستيه..تساءل بحدَّة أرجفتها،:من هذي تكلمي ؟
ازدردت ريقها بصعوبة قبل أن تُجيب برَبكة،:جنـــان



 توقيع : إرتواء نبض




رد مع اقتباس