بسم الله الرحمن الرحيم
مشكاة الرحمة
الأشْهُـرُ الحُرم تَهيْب بالرّكابِ أن أعِدّو العدّة
تَجَمّـعُوا , و شدّوا الأحزمـة , فـ الطريقة طويلة
,
ويؤذن مؤذّن ": أنّ الله يأمُركم قَصْد بيتـه "
فـ يسْرعون , وقوافلِهم يمْلأها إيْمان , وصِدق نيّـة
,
وتسييييْر القوافل , وتغيْبٌ شمْس آخرِ ذي القعدة
عشرةُ أيامِ , ما أخيَرُ منهنّ تجتَمِع أمهات العبادات , الصلاة , والصوْم , والحج !
وأي شيءِ أعظمْ ؟
,
البياض يكسوْ الأماكنْ
في الطرقات و على الأرصفـة و في كل كلّ مكان "
أي عظمـة يا الله , تلك التي يحملونها تجاهكْ ؟
تجعلهم خاضعين , ذليلين ,
وأيّ عدْلٍ ذاك الذي يجْعل الغنيّ والفقيْر , العزيز والذليل يقفون كـ عبدِ واحدْ !
" لبيك اللهم لبيك , لبيك لاشريك لك لبيك , إن الحمد والنعمة لك والملك , لا شريك لك "
و أهازيجُ الدعوات لا تنقطـع و الدموع لا تكاد تجفْ .
و القلوب تلك واجفة ترجو رحمتك يا الله !
,
هذه ملامِح عشر ذي الحجّـة , تلك التي نرقبِها , وكلّنا أمل بـ القبول والغفران
هذه العشْر التي أقسم بها الرب " وليال عشر "
,
هذه التي يتنافس عليها المتنافسون
وهذه التي يطْمَحُ ذاك المذنب بـ مغفرة تنتشله من سراديب ظلمة المعصية , إلى نور جنّة عرضها السماوات والأرض . .
اغتـنموها , فلا نعْلم , أنعوْد حينما تعوْد !
{ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } ......... بصوت عدة قراء ,
]
بآي شيء نستقبل عشر ذي الحجة ؟
1 . التوبة الصادقة :
على المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات بالتوبة الصادقة , و العزم الأكيد على الرجوع
الى الله , فـ ثقوا أن في التوبة فلاح لنا دين و دنيآ و في الأخرة نجاح و كسب جنة الخلد
يقول تعالى ( و توبوا إلىَ الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) . [ النور 31 ]
2 . العزم الجاد على إغتنام هذه الأيام :
يجب علينا أن نحسن التفكير في هذه الأيام و نقوم بإغتنامها على أكمل وجه , لـ أن هذه
الأيام يحبها المولى و يضاعف الأجور فيها , و من عزم على شيء أعانه المولى و سدده
فـ أعزموا النية لـ يهيأ لكم سبحانه الأسباب ,
قال تعالى ( و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )
3 . البعد عن المعاصي :
جميعنا يعلم أن الحسنات سبب للقرب من الله تعالى , فكذلك ي أحبه المعاصي هي سبب للبعد عن الله , و سبب للطرد من رحمته و تفويت أجور عظيمة في مثل هذه الايام ,
اذا كنتم طامعين في رضاه و في ايام فضيلة مثل هذه الأيام فـ إبتعدوا عن المعاصي ليزيدكم قرباً إليه . . قيل : من عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل !
فضائل عشر ذي الحجة :
أيام أقسم المولى بها , و الله سبحانه إن أقسم فلا يقسم إلا بعظيم ,
قال تعالى ( و الفجر * و ليال عشر )
أيام معلومات شرع الله فيها ذكره , قال تعالى ( و يذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام ) . [ الحج 28 ]
أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم , بأنها أفضل و اعظم أيام الدنيا
قال الرسول صلى الله عليه و سلم " أفضل أيام الدنيا أيام العشر – يعني عشر ذي الحجة –
قيل : و لا مثلهن في سبيل الله ؟ قال : و لا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب "
أيام فيها يوم عرفة :
يوم الحج الأكبر , و يوم مغفرة الذنوب و يوم العتق من النيران و القرب للجنان , و لو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً و تشريفاً ,
أيام فيها يوم النحر :
أفضل أيام السنة عند بعض العلماء , قال الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ أعظم الأيام عند
الله يوم النحر , ثم القر "
أيام تجتمع فيها أمهات العبادة :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " والذي يظهر ان السبب في إمتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه , و هي الصلاة و الصيام و الصدقة و الحج , و لا يتأتي ذلك في غيره "
فضل العمل في عشر ذي الحجة :
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام
قالوا : ي رسول الله و لا الجهاد في سبيل الله , قال : و لا الجهاد في سبيل الله , إلا رجل خرج بنفسه و ماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء "
يدل ذلك على أن كل عمل صالح يقع في عشر ذي الحجة , أحب و أقرب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غير هذه الأيام , و إذا كان العمل فيهن أحب الى الله فهو أفضل عنده ,
و جميع الأعمال في هذه العشر تضاعف و أجورها في إزدياد لعظم مكانة هذه الأيام لدى الرب سبحانه .
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة :
عندما يتضح لنا فضل العمل في هذه الأيام العشر على غيرها من الأيام , و أنها مواسم نعمة و فضل من الله على عباده و فرصة عظيمة يجب إغتنامها , فإذا تبين لنا ذلك فيجب لنا أن نعطيها إهتمام و عناية أكبر و أفضل و أن نحرص فيها على مجادهة النفس و نكثر من الطاعات , و أن نكثر من أوجه الخير فـ أبواب الخير مفتوحة ,
و يستحب للمسلم في هذه الأيام :
أداء مناسك الحج و العمرة , فهما أفضل ما يؤدى في عشر ذي الحجة و من يسر الله له حج بيت الله أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤة الجنة , لقول الحبيب عليه أتم الصلوات و التسليم - " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , و الحج المبرور ليسله جزاء إلا الجنة "
و الحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم , الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعه أو رفث أو فسوق , المحفوف بالصالحات و الخيرات .
الصيام : يدخل من ضمن أحب الأعمال الصالحة , بل قد يكون افضلها , و قد أضافة الله لنفسه لعظم شأنه و علو قدره , فقال سبحانه في
الحديث القدسي " كل عمل آبن ادم له إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به "
و قد خص النبي صلى الله عليه سلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية و بفضلية كبيرة , فقال " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها و التي بعده "
و من السنة أن يصوم تسع ذي الحجة , لان النبي صلوات الله و سلامه عليه , حث على العمل الصالح فيها , و قد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي , وقال : صيامها مستحب استحباباً شديداً ً .
الصلاة : من اجل الأعمال و أعظمها و أكثرها فضلاً , و يجب علينا المحافظة عليها بوقتها مع الجماعه , و عليه يكثر من النوافل في هذه الأيام , فإنها أفضل القربات و قال النبي "فيا يرويه عن ربه " و ما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه "
التكبير و التحميد و التهليل و الذكر :
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم , " ما من أيام أعظم عند الله و لا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيها من التهليل و التكبير
و التحميد "