عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2015   #4


الصورة الرمزية جنــــون

 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 4 ساعات (09:53 PM)
آبدآعاتي » 3,247,317
الاعجابات المتلقاة » 7387
الاعجابات المُرسلة » 3673
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي




بسم الله الرحمن الرحيم



الفصل الرابع : شبهات وجوابها . تدل على خلاف ذلك وإليك بيانها :

أولا : قوله تعالى في سورة الكهف } قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا { ( 55 ) وجه دلالة الآية على ذلك : أن الذين قالوا هذا القول كانوا نصارى على ماهو مذكور في كتب التفسير فيكون اتخاذ المسجد على القبر من شريعتهم وشريعة من قبلنا شرعية لنا إذا حكاها الله تعالى ولم يعقبها بما يدل على ردها كما في هذه الآية الكريمة .
ثانيا : كون قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده الشريف ولو كان ذلك لا يجوز لما دفنوه صلى الله عليه وسلم في مسجده
ثالثا : صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف مع أن فيه قبر سبعين نبيا كما قال صلى الله عليه وسلم
رابعا : ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحجر من المسجد الحرام وهو أفضل مسجد يتحرى المصلى فيه .
خامسا : بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجدا على قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في " الاستيعاب " لابن عبد البر .
سادسا : زعم بعضهم أن المنع من اتخاذ القبورمساجد إنما كان لعلة خشية الافتتان بالمقبور زالت برسوخ التوحيد في قلوب المؤمنين فزال المنع الجواب عن الشبهة الأولى :
أما الشبهة الأولى فالجواب عنها من ثلاثة وجوه :
الأول : أن الصحيح المتقرر في علم الأصول أن شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا لأدلة كثيرة ( 56 ) منها قوله صلى الله عليه وسلم : " اعطيت خمسا لم يعطهن أحدا من الأنبياء قبلي . . . ( فذكرها وآخرها ) وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة " ( 57 ) .
فإذا تبين هذا فلسنا ملزمين بالأخذ بما في الآية لو كانت تدل على أن جواز بناء المسجد على القبر كان شريعة لمن قبلنا
الثاني :
هب أن الصواب قول من قال : " شريعة من قبلنا شريعة لنا " فذلك مشروط عندهم بما إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه وهذا الشرط معدوم هنا لأن الأحاديث تواترت في النهي عن
البناء المذكور كما سبق فذلك دليل على أن ما في الآية ليس شريعة لنا .
الثالث :
لا نسلم أن الآية تفيد أن ذلك كان شريعة لمن قبلنا غاية ما فيها أن جماعة من الناس قالوا : } لنتخذن عليهم مسجدا { فليس فيها التصريح بأنهم كانوا مؤمنين وعلى التسليم فليس فيها انهم كانوا مؤمنين صالحين متمسكين بشريعة نبي مرسل بل الظاهر خلاف ذلك قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري في شرح البخاري " ( 65/280 ) من " الكواكب الدراري " ( 58 ) " حديث لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
" وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث وهو قول الله عزوجل في قصة أصحاب الكهف : } قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا { فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور وذلك يشعر بان مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المنتصر لما أنزل الله على رسله من الهدى " .
وقال الشيخ علي بن عروة في " مختصر الكوكب " ( 10/207/2 ) تبعا للحافظ ابن كثير في تفسيره ( 3/78 ) :
" حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين ( 59 ) :
أحدهما : أنهم المسلمون منهم .
والثاني : أهل الشرك منهم .
فالله أعلم والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ ولكن هم محمودون أم لا ؟ فيه نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما فعلوا وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق أمر أن يخفى عن الناس وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدها عنده فيها شئ من الملاحم وغيرها " .
إذا عرفت هذا فلا يصح الاحتجاج بالآية على وجه من الوجوه وقال العلامة المحقق الآلوسي في " روح المعاني " ( 5/31 )
" واستدل بالآية على جواز البناء على قبور العلماء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة في ذلك وممن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي وهو قول باطل عاطل فساد كاسد فقد روي . . . )
( 58 ) - مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق وهو كتاب عظيم جدا جمع نفائس نادرة من كتب العلماء المتقدمين ورسائلهم التي لم يطبع أكثرها فيما علمت وأنا الان في صدد إخراج هذه الكتب والرسائل في فهرس خاص أضعه لمجلدات هذا الكتاب الموجودة في المكتبة وفي غيرها إن وفقت لذلك . ثم تم الاستخراج المذكور من مجلدات المكتبة فعسى الله أن يوفق للإطلاع على غيرها واستخراج ما فيها من الكنوز
ثم ذكر بعض الأحاديث المتقدمة وأتبعها بكلام الهيتمي في " الزواجر " مقرا له عليه وقد نقلته فيما سبق ثم نقل عنه في كتابه " شرح المنهاج " ما نصه :
" وقد أفتى جمع بهدم كل ما بقرافة مصر من الأبنية حتى قبة الإمام الشافعي عليه
الرحمة التي بناها بعض الملوك وينبغي لكل أحد هدم ذلك ما لم يخش منه مفسدة فيتعين
الرفع للإمام آخذا من كلام ابن الرفعة في الصلح . " انتهى .
ثم قال الإمام الآلوسي :
" لا يقال : إن الآية ظاهرة في كون ما ذكر من شرائع من قبلنا وقد استدل بها فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " من نام عن صلاة أو نسيها " . ( 60 ) الحديث ثم تلا قوله تعالى } وأقم الصلاة لذكري { 2 وهو مقول لموسى عليه السلام وسياقه الاستدلال واحتج أبو يوسف على جري القود بين الذكر والأثنى بآية } وكتبنا عليهم { والكرخي على جريه بين الحر والعبد والمسلم والذمي ( 61 ) بتلك الآية الواردة في بني إسرائيل إلى غير ذلك لأنا نقول : مذهبنا في شرع من قبلنا وإن كان أنه يلزمنا على أنه شريعتنا لكن لا مطلقا بل إن قص الله تعالى علينا بلا إنكار [ فإنكار ] رسوله صلى الله عليه وسلم كإنكاره عز وجل ( 62 ) . وقد سمعت أنه عليه الصلاة والسلام لعن الذين يتخذون المساجد على القبور على أن كون ما ذكر من شرائع من قبلنا ممنوع وكيف يمكن أن يكون اتخاذ المساجد على القبور من الشرائع المتقدمة مع ما سمعت من لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أبنيائهم مساجد والآية ليست كالآيات التي ذكرنا آنفا احتجاج الأئمة بها وليس فيها أكثر من حكاية قول طائفة من الناس وعزمهم على فعل ذلك وليست خارجة مخرج المدح لهم والحض على التأسي بهم فمتى لم يثبت أن فيهم معصوما لا يدل على فعلهم عن عزمهم على مشروعية ما كانوا بصدده .
ومما يقوي قلة الوثوق بفعلهم القول بأن المراد بهم الأمراء والسلاطين كما روي عن قتادة .
وعلى هذا لقائل أن يقول : إن الطائفة الأولى كانوا مؤمنين عالمين بعدم مشروعية اتخاذ المساجد على القبور فأشاروا بالبناء على باب الكهف وسده وكف التعرض لأصحابه فلم يقبل الأمراء منهم وغاظهم ذلك حتى أقسموا على اتخاذ المسجد .
وإن أبيت إلا حسن الظن بالطائفة الثانية فلك أن تقول : إن اتخاذهم المسجد عليهم ليس على طراز اتخاذ المساجد على القبور المنهي عنه الملعون فاعله وإنما هو اتخاذ مسجد عندهم وقريبا من كهفهم وقد جاء التصريح بالعندية في رواية القصة عن السدي ووهب ومثل هذا الاتخاذ ليس محذورا إذ غاية ما يلزم على ذلك أن يكون نسبة المسجد إلى الكهف الذي فهم فيه كنسبة النبوي إلى المرقد المعظم صلى الله تعالى على من فيه وسلم ويكون قوله } لنتخذن عليهم { على هذا الشاكلة قول الطائفة ( ابنوا عليهم ) .
وإن شئت قلت : إن ذلك الاتخاذ كان على كهف فوق الجبل الذي هو فيه وفيه خبر مجاهد أن الملك تركهم في كهفهم وبنى علي كهفهم مسجدا وهذا أقرب لظاهر اللفظ كما لا يخفى وهذا كله إنما يحتاج إليه على القول بأن أصحاب الكهف ماتوا بعد الإعثار عليهم وأما على القول بأنهم ناموا كما ناموا أولا فلا يحتاج إليه على ما قيل ( 63 ) .
وبالجملة لا ينبغي لمن له أدنى رشد أن يذهب إلى خلاف ما نطقت الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة معولا على الاستدلال بهذه الآية فإن ذلك في الغواية غاية وفي قلة النهى نهاية ولقد رأيت من يبيح ما يفعله الجهلة في قبور الصالحين من إشرافها وبنائها بالجص والآجر وتعليق القناديل عليها والصلاة إليها والطواف بها واستلامها والاجتماع عندها في أوقات مخصوصة إلى غير ذلك محتجا بهذه الآية الكريمة وبما جاء في بعض روايات القصة من جعل الملك لهم في كل سنة عيدا وجعله إياهم في توابيت من ساج ومقيسا لبعض على بعض وكل ذلك محادة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وابتداع دين لم يأذن به الله عز وجل .
ويكفيك في معرفة الحق تتبع ما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسل في قبره عليه السلاة والسلام وهو أفضل قبر على وجه الأرض والوقوف على أفعالهم في زيارتهم له والسلام عليه فتتبع ذاك وتأمل ما هنا وما هناك والله سبحانه يتولى هداك " .
قلت : وقد استدل بالآية المذكورة على الجواز المزعوم بل على استحباب بناء المساجد على القبور بعض المعاصرين ( 64 ) لكن من وجه آخر مبتدع مغاير بعض الشئ لما سبق حكايته ورده فقال ما نصه "
" وعن الحسن أنه اتخذ ( يعني المسجد ) ليصلى فيه أصحاب الكهف إذا استيقظوا " .
قال الآلوسي :
" وهذا مبني على أنهم لم يموتوا بل ناموا كما ناموا أولا وإليه ذهب بعضهم بل قيل : إنهم لا يموتون حتى يظهر المهدي ويكونوا من أنصاره . ولا معول على ذلك وهو عندي أشبه شئ بالخرافات " .
" والدليل من هذه الآية إقرار الله إياهم على ما قالوا وعدم رده عليهم "
قلت هذا الاستدلال باطل من وجهين :
الأول : أنه لا يصح أن يعتبر عدم الرد عليهم إقرارا لهم إلا إذا ثبت أنهم كانوا مسلمين وصالحين متمسكين بشريعة نبيهم وليس في الآية ما يشير أدنى إشارة إلى أنهم كانوا كذلك بل يحتمل أنهم لم يكونوا كذلك وهذا هو الأقرب أنهم كانوا كفارا أو فجارا كما سبق من كلام ابن رجب وابن كثير وغيرهما وحينئذ فعدم الرد عليهم لا يعد إقرارا بل
إنكارا لأن حكاية القول عن الكفار والفجار يكفي في رده عزوه إليهم فلا يعتبر السكوت عليه إقرارا كما لا يخفى ويؤيده الوجه الآتي :
الثاني : أن الاستدلال المذكور إنما يستقيم على طريقة أهل الأهواء من الماضين والمعاصرين الذين يكتفون بالقرآن فقد دينا ولا يقيمون للسنة وزنا وأما طريقة أهل السنة والحديث الذين يؤمنون بالوحيين مصدقين بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور : " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " . وفي رواية : " ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله " . ( 65 )
فهذا الاستدلال عندهم والمستدل يزعم أنه منهم باطل ظاهر البطلان لأن الرد الذي نفاه قد وقع في السنة المتواترة كما سيق فكيف يقول : إن الله أقرهم ولم يرد عليهم مع أن الله لعنهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فأي رد أوضح وأبين من هذا ؟ .
وما مثل من يستدل بهذه الآية على خلاف الأحاديث المتقدمة إلا كمثل من يستدل على جواز صنع التماثيل والأصنام بقوله تعالى في الجن الذين كانوا مذللين لسليمان عليه السلام : } يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات { ( 66 ) يستدل بها على خلاف الأحاديث الصحيحة التي تحرم التماثيل والتصاوير وما يفعل ذلك مسلم يؤمن بحديثه صلى الله عليه وسلم .
وبهذا ينتهي الكلام عن الشبهة الأولى وهي الاستدلال بآية الكهف ( 67 ) والجواب عنها وعن ما تفرع منها .
الجواب عن الشبهة الثانية :
وأما الشبهة الثانية وهي أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده كما هو مشاهد اليوم ولو كان ذلك حراما لم يدفن فيه
والجواب : أن هذا وإن كان هو المشاهد اليوم فإنه لم يكن كذلك في عهد الصحابة رضي الله عنهم فإنهم لما مات النبي صلى الله عليه وسلم دفنوه في حجرته في التي كانت بجانب مسجده وكان يفصل بينهما جدار فيه باب كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منه إلى المسجد وهذا أمر معروف مقطوع به عند العلماء ولا خلاف في ذلك بينهم والصحابة رضي الله عنهم حينما دفنوه صلى الله عليه وسلم في الحجرة إنما فعلوا ذلك كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجدا كما سبق بيانه في حديث عائشة وغيره ( ص 910 ) ولكن وقع بعدهم ما لم يكن في حسبانهم ذلك أن الوليد بن عبدالملك أمر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه سولم إليه فأدخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة فصار القبر بذلك في المسجد ( 68 ) ولم يكن في المدينة أحد من الصحابة حينذاك خلافا لم توهم بعضهم قال العلامة الحافظ محمد ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 136 ) :
" وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبدالملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة وكان آخرهم موتا جابر بن عبدالله وتوفي في خلافة عبدالملك فإنه توفي سنة ثمان وسبعين والوليد تولى سنة ست وثمانين وتوفي سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك ( 69 ) وقد ذكر أبو زيد عمر بن
شبة النميري في " كتاب أخبار المدينة " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياخه
عمن حدثوا عنه أن ابن عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة بالساج وماء الذهب وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأدخل القبر فيه " .

وخلاصة القول أنه ليس لدينا نص تقوم به الحجة على أن أحدا من الصحابة كان في عهد عملية التغيير هذه فمن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل فما جاء في شريح مسلم " ( 5/1314 ) أن ذلك كان في عهد الصحابة لعل مستنده تلك الرواية المعضلة أو المرسلة وبمثلها لا تقوم حجة على أنها أخص من الدعوى فإنها لو صحت إنما تثبت وجود واحد من الصحابة حينذاك لا ( الصحابة ) .
وأما قول بعض من كتب في هذه المسألة بغير علم :
" فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم منذ وسعه عثمان رضي الله عنه وأدخل في المسجد ما لم يكن منه فصارت القبور الثلاثة محاطة بالمسجد لم ينكر أحد من السلف ذلك " .
فمن جهالاتهم التي لا حدود لها ولا أريد أن أقول : إنها من افتراءاتهم فإن أحدا من العلماء لم يقل إن إدخال القبور الثلاثة كان في عهد عثمان رضي الله عنه بل اتفقوا على أن ذلك كان في عهد الوليد بن عبد الملك كما سبق أي بعد عثمان بنحو نصف قرن ولكنهم يهرفون بما لا يعرفون ذلك لأن عثمان رضي الله عنه فعل خلاف ما نسبوا إليه فإنه لما وسع المسجد النبوي الشريف احترز من الوقوع في مخالفة الأحاديث المشار إليها فلم يوسع المسجد من جهة الحجرات ولم يدخلها فيه وهذا عين ما صنعه سلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا بل أشار هذا إلى أن التوسيع من الجهة المشار إليها فيه المحذور المذكور في الأحاديث المتقدمة كما سيأتي ذلك عنه قريبا .

وأما قولهم : " ولم ينكر أحد من السلف ذلك " .
فنقول : وما أدراكم بذلك ؟ فإن من أصعب الأشياء على العقلاء إثبات نفي شئ يمكن أن يقع ولم يعلم كما هو معروف عند العلماء لأن ذلك يستلزم الإستقراء التام والإحاطة بكل ما جرى وما قيل حول الحادثة التي يتعلق بها الأمر المراد نفيه عنها وأنى لمثل هذا البعض المشار إليه أن يفعلوا ذلك لو استطاعوا ولو أنهم راجعوا بعض الكتب لهذه المسألة لما وقعوا في تلك الجهالة الفاضحة
ولو جدوا ما يحملهم على أن لا ينكروا ما لم يحيطوا بعلمه فقد قال الحافظ ابن كثير في تاريخه ( 75 ج 9 ) بعد أن ساق قصة إدخال القبر النبوي في المسجد :
" ويحكي أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجدا " .
وأنا لا يهمني كثيرا صحة هذه الرواية أو عدم صحتها لأننا لا نبني عليها حكما شرعيا لكن الظن بسعيد بن المسيب وغيره من العلماء الذين أدركوا ذلك التغيير أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار لمنافاته تلك الأحاديث المتقدمة منافاة بينة وخاصة منها رواية عائشة التي تقول : " فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا "
فما خشي الصحابة رضي الله عنهم قد وقع مع الأسف الشديد بإدخال القبر في المسجد إذ لافارق بين أن يكونوا دفنوه صلى الله عليه وسلم حين مات في المسجد وحاشاهم عن ذلك وبين ما فعله الذين بعدهم من إدخال قبره في المسجد بتوسيعه فالمحذور حاصل على كل حال كما تقدم عن الحافظ العراقي وشيخ الإسلام ابن تيمية ويؤيد هذا الظن أن سعيد بن المسيب أحد رواة الحديث الثاني كما سبق فهل اللائق بمن يعترف بعلمه وفضله وجرأته في الحق أن يظن به أنه أنكر على من خالف الحديث الذي هو رواته أم أن ينسب إليه عدم إنكاره ذلك كما زعم هؤلاء المشار إليهم حين قالوا " لم ينكر أحد من السلف ذلك "

والحقيقة أن قولهم هذا يتضمن طعنا ظاهرا لو كانوا يعلمون في جميع السلف لأن إدخال القبر إلى المسجد منكر ظاهر عند كل من علم بتلك الأحاديث المتقدمة وبمعانيها ومن المحال أن ننسب إلى جميع السلف جهلهم بذلك فهم أو على الأقل بعضهم يعلم ذلك يقينا وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من القول بأنهم أنكروا ذلك ولو لم نقف فيه على نص لأن التاريخ لم يحفظ لنا كل ما وقع فكيف يقال : إنهم لم ينكروا ذلك ؟ اللهم غفرا .
ومن جهالتهم قولهم عطفا على قولهم السابق :
وكذا مسجد بني أمته دخل المسلمون دمشق من الصحابة وغيرهم والقبر ضمن المسجد لمن ينكر أحد ذلك "
إن منطق هؤلاء عجيب غريب إنهم ليتوهمون أن كل ما يشاهدونه الآن في مسجد بني أمية كان موجودا في عهد منشئه الأول الوليد بن عبد الملك ن فهل يقول بهذا عاقل ؟ كلا لا يقول ذلك غير هؤلاء ونحن نقطع ببطلان قولهم وأن أحدا من الصحابة والتابعين لم ير قبرا ظاهرا في مسجد بني أمية أو غيره بل غاية ما جاء فيه بعض الروايات عن زيد بن أرقم بن واقد أنهم في أثناء العمليات وجدوا مغارة فيها صندوق فيه سفط ( وعاء كامل ) وفي السفط رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام مكتوب عليه : هذا رأي يحيى عليه السلام فأمر به الوليد فرد إلى المكان وقال : اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا من الأعمدة فجعل عليه عمود مسبك بسفط الرأس . رواه أبو الحسن الربعي في فضائل الشام ( 33 ) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه ( ج 2 ق 9 /10 ) وإسناده ضعيف جدا فيه إبراهيم بن هشام الغساني كذبه أبو حاتم وأبو زرعة وقال الذهبي " متروك " . ومع هذا فإننا نقطع أنه لم يكن في المسجد صورة قبر حتى أواخر القرن الثاني لما أخرجه الربعي وبن عساكر عن الوليد بن مسلم أنه سئل أين بلغك رأس يحى بن زكريا ؟ قال : بلغني أنه ثم وأشار بيده إلى العمود المسفط الرابع من الركن الشرقي فهذا يدل على أنه لم يكن هناك قبر في عهد الوليد بن مسلم وقد توفي سنة أربع وتسعين ومائة .

وأما كون ذلك الرأس هو رأس يحى عليه السلام فلا يمكن أن إثباته ولذلك اختلف المؤرخون اختلافا كثيرا وجمهورهم على أن رأس يحيى عليه السلام مدفون في مسجد حلب ليس في مسجد دمشق كما حققه شيخنا في الإجازة العلامة محمد راغب الطباخ في بحث له نشره في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ( ج 1 ص 41 1482 ) تحت عنوان " رأس يحيى ورأس زكريا " فليراجعه من شاء .
ونحن لا يهمنا من الوجهة الشرعية ثبوت هذا أو ذاك سواء عندنا أكان الرأس الكريم في هذا المسجد أو ذاك بل لو تقينا عدم وجوده في كل من المسجدين فوجود صورة القبر فيهما كاف في المخالفة لأن أحكام الشريعة المطهرة إنما تبنى عل الظاهر لا الباطن كما هو معروف وسيأتي ما يشهد لهذا من كلام بعض العلماء وأشد ما تكون المخالفة إذا كان القبر في قبلة المسجد كما هو الحال في مسجد حلب ولا منكر لذلك من علمائها .
واعلم أنه لا يجدي في رفع المخالفة أن القبر في المسجد ضمن مقصورة كما زعم مؤلفوا الرسالة لأنه على كل حال ظاهر ومقصود من العامة وأشباههم من الخاصة بما لا يقصد به إلا الله تعالى من التوجه إليه والاستغاثة به من دون الله تبارك وتعالى فظهور القبر هو سبب المحذور كما سيأتي عن النووي رحمه الله .
وخلاصة الكلام أن قول من أشرنا إليهم أن قبر يحيى عليه السلام كان ضمن المسجد الأموي منذ دخل دمشق الصحابة وغيرهم لم ينكر ذلك أحد منهم إن هو إلا محض اختلاق .

يتبين لنا مما أوردناه أن القبر الشريف إنما إدخل إلى المسجد النبوي حين لم يكن في المدينة أحد من الصحابة وإن ذلك كان على خلاف غرضهم الذي رموا إليه حين دفنوه في حجرته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لمسلم بعد أن عرف هذه الحقيقة أن يحتج بما وقع بعد الصحابة لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة وما فهم الصحابة والأئمة منها كما سبق بيانه وهو مخالف أيضا لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه ولئن كان مضطرا إلى توسيع المسجد فإنه كان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الأخرى دون أن يتعرض للحجرة الشريفة وقد أشار عمر بن الخطاب إلى هذا النوع من الخطأ حين قام هو رضي الله عنه بتوسيع المسجد من الجهات الأخرى ولم يتعرض للحجرة بل قال " إنه لا سبيل إليها " ( 70 ) فأشار رضي الله عنه إلى المحذور الذي يترقب من جراء هدمها وضمها إلى المسجد .
ومع هذه المخالفة الصريحة للأحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين فإن المخالفين لما أدخلوا القبر النبوي في المسجد الشريف احتاطوا للأمر شيئا ما فحاولوا تقليل المخالفة ما أمكنهم قال النووي في " شرح مسلم " ( 5/14 ) :
" ولما احتاجت الصحابة ( 71 ) والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد ( 72 ) فيصلي إليه العوام ويؤدي إلى المحذور ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى يتمكن أحد من استقبال القبر " .
ونقل الحافظ ابن رجب في " الفتح " نحوه عن القرطبي كما في " الكوكب " ( 65/91/1 ) وذكر ابن تيمية في " الجواب الباهر " ( ق 9/2 ) :
" أن الحجرة لما أدخلت إلى المسجد سد بابها وبني عليها حائط آخر صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيدا وقبره وثنا " .

قلت : ومما يؤسف له أن هذا البناء قد بني عليه منذ قرون إن لم يكن قد أزيل تلك القبة الخضراء العالية وأحيط القبر الشريف بالنوافذ النحاسية والزخارف والسجف وغير ذلك مما لا يرضاه صاحب القبر نفسه صلى الله عليه وسلم بل قد رأيت حين زرت المسجد النبوي الكريم وتشرفت بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 1368 ه رأيت في أسفل حائط القبر الشمالي محرابا صغيرا ووراءه سدة مرتفعة عن أرض المسجد قليلا إشارة إلى أن هذا المكان خاص للصلاة وراء القبر فعجبت حينئذ كيف ضلت هذه الظاهرة الوثنية قائمة في عهد دولة التوحيد أقول هذا مع الاعتراف بأنني لم أر أحدا يأتي ذلك المكان للصلاة فيه لشدة المراقبة من قبل الحرس الموكلين على منع الناس من يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف فهذا مما تشكر عليه الدولة السعودية ولكن هذا لا يكفي ولا يشفي وقد كنت قلت منذ ثلاث سنوات في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها " ( 208 من أصلي ) :
" فالواجب الرجوع بالمسجد النبوي إلى عهده السابق وذلك بالفصل بينه وبين القبر النبوي بحائط يمتد من الشمال إلى الجنوب بحيث أن الداخل إلى المسجد لا يرى فيه أي محالفة لا ترضى مؤسسه صلى الله عليه وسلم اعتقد أن هذا من الواجب على الدولة السعودية إذا كانت تريد أن تكون حامية التوحيد حقا وقد سمعنا أنها أمرت بتوسيع المسجد مجددا فلعلها تتبنى اقتراحنا هذا وتجعل الزيادة من الجهة الغربية وغيرها وتسد بذلك النقص الذي سيصيبه سعة المسجد إذا نفذ الاقتراح أرجو أن يحقق الله ذلك على يدها ومن أولى بذلك منها ؟ )
ولكن المسجد وسع منذ سنتين تقريبا دون إرجاعه إلى ما كان عليه في عهد الصحابة والله المستعان .
الجواب عن الشبهة الثالثة
وأما الشبهة الثالثة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبيا

فالجواب : أننا لا نشك في صلاته صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد ولكننا نقول : إن ما ذكر في الشبهة من أنه دفن فيه سبعون نبيا لا حجة فيه من وجهين :
الأول : أننا لا نسلم صحة الحديث المشار إليه لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح ولا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه فإن في إسناده من يروي الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به قال الطبراني في " معجمه الكبير " ( 3/204/2 ) : حدثنا عبدان بن أحمد نا عيسى بن شاذان نا أبو همام الدلال نا إبراهيم بن طمهان عن منصور عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا " .
وأورده الهيثمي " المجمع " ( 3/298 ) بلفظ :
" . . . قبر سبعون نبيا " وقال : " رواه البزار ورجاله ثقات " .
وهذا قصور منه في التخريج فقد أخرجه الطبراني أيضا كما رأيت .
قلت : ورجال الطبراني ثقات أيضا غير عبدان بن أحمد وهو الأهوازي كما ذكر الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 136 ) ولم أجد له ترجمة وهو غير عبدان بن محمد المروزي وهو من شيوخ الطبراني أيضا في " الصغير " ( ص 136 ) وغيره وهو ثقة حافظ له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 11/135 ) و" تذكرة الحفاظ " ( 2/230 ) وغيرها .
لكن في رجال هذا الإسناد من يروي الغرائب مثل عيسى بن شاذان قال فيه ابن حبان في " الثقات " : " يغرب " .
وإبراهيم بن طمهان قال فيه ابن عمار الموصلي : ضعيف الحديث مضطرب الحديث " .
وهذا على إطلاقه وإن كان مردودا على ابن عمار فهو يدل على أن في حديث
ابن طهمان شيئا ويؤيده قول ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " ( 2/1 ) :
" أمره مشتبه له مدخل في الثقات ومدخل في الضعفاء وقد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات وقد تفر عن الثقات بأشياء معضلان سنذكره إن شاء
الله في كتاب الفصل بين النقلة إن قضى الله سبحانه ذلك وكذلك كل شئ توقفنا في أمره
ممن له مدخل في الثقات " .
ولذلك قال فيه الحافظ ابن حجر في " التقريب " : " ثقة يغرب " وشيخ منصور
وهو ابن المعتمر ثقة وقد روى له ابن طهمان حديثا آخر في مشيخته ( 244/ 2 ) ( 73 ) فالحديث من غرائبه أو من غرائب ابن شاذان ( 74 ) .
وأنا أخشى أن يكون الحديث تحرف على أحدهما فقال : " قبر " بدل " صلى " لأن هذا اللفظ الثاني هو المشهور في الحديث فقد أخرج الطبراني في " الكبير ( 3/1551 ) بإسناد رجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا :
" صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا . . . ) الحديث وكذلك رواه الطبراني في
" الأوسط " ( 1/119/2زوائده ) ( 75 ) وعنه المقدسي في " المختارة " ( 249/2 ) والمخلص في "
الثالث من السادس من المخلصيات " ( 70/1 ) وأبو محمد بن شيبان العدل في " الفوائد " ( 2/222/2 ) وقال المنذري ( 2/116 ) :
" رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن " .
ولا شك في حسن الحديث عندي فقد وجدت له طريقا اخرى عن ابن عباس
رواه الأزرقي في " أخبار مكة " ( ص 35 ) عنه موقوفا عليه وإسناده يصلح للإستشهاد به كما بينته في كتابي الكبير " حجة الوداع " ( ولم ينجز بعد ) .
ثم رواه الأزرقي ( ص 38 ) من طريق محمد بن إسحاق قال : حدثني من لا أتهم عن عبدالله بن عباس به موقوفا . فهذا هو المعروف في هذا الحديث والله أعلم .
وجملة القول أن الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لصحته فإن صح فالجواب عنه
( 73 ) - مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق .
( 75 ) - مخطوط ناقص الأول والآخر محفوظ في المكتبة الظاهرية ومنه نسخة كاملة في مكتبة الحرم المكي .
( 74 ) - ثم رأيته قد توبع فقد وقفت على إسناد البزار للحديث في " زوائده " ( ص 123 مصورة المكتب الإسلامي ) فإذا هو يقول : حدثنا إبراهيم عن المستمر العروقي ثنا محمد ثنا إبراهيم بن طهمان به وقال البزار " تفرد به إبراهيم عن منصور ولا نعلمه عن ابن عمر باحسن من هذا إسنادا " . وهذه متابعة لا بأس بها العروقي بالقاف صدوق يغرب كما في التقريب " . فالعهدة في الحديث على ابن طهمان وجرى الهيثمي على ظاهر إسناده فقال في " زوائد البزار " : " قلت : هو إسناد صحيح " . ولعل قوله السابق " ورجاله ثقات " أدق لما ذكرنا من الغرابة ذلك لأن مثل هذه الكلمة لا تقتضي الصحة كما لا يخفى على من مارس هذه الصناعة لأن عدالة الر واة وثقتهم شرط واحد من شروط الصحة الكثيرة بل إن العالم لا يلجأ إلى هذه الكلمة معرضا عن التصريح بالصحة إلا لأنه يعلم أن في السند مع ثقة رجاله علةى تمنع من القول بصحته أو على الأقل لم يعلم تحقق الشروط الأخرى فيه فلذلك لم يصرح بصحته وهذه مسألة مهمة طالما غفل عنها المبتدئون في هذا العلم الشريف وغيرهم ولذلك نبهت عليها في مقدمة " تمام المنة على فقه السنة للسيد سابق "
هذا ولو كنت متحتجا بما ليس صوابا عندي لا حتججت على تصحيح بعض المعاصرين المقلدين للحديث بأن السيوطي ضعفه بالرمز إليه بالضعف في " الجامع الصغير " وقع ذلك في النسخة المطبوعة بمطبعة بولاق بمصر وفي النسخة التي عليها شرح المناوي وفي نسخة خطية في المكتبة الظاهرية ( 2329 عام ) وغيرها ولكن لا أثق برموز ( الجامع الصغير ) لأسباب ذكرتها في المقدمة المذكورة آنفا ثم في مقدمته كتابي " صحيح الجامع الغير وزياداته " و" وضعيف الجامع الصغير وزياداته " ( وقد تم طبعهما في المكتب الإسلامي ولكن على الرغم من ذلك فالتضعيف وارد عليهم لأنهم لا تحقيق عندهم بل هم مقلدون في كل شئ باعترافهم فغالب الظن أنهم يعتدون بتلك الرموز وعليه فالتضعيف المذكور حجة عليهم إن أنصفوا " .
من الوجه الآتي وهو :
الثاني : أن الحديث ليس فيه أن القبور ظاهرة في مسجد الخيف وقد عقد
الأزرقي في تاريخ مكة ( 406 410 ) عدة فصول في وصف مسجد الخيف فلم يذكر أن فيه قبورا بارزة ومن المعلوم أن الشريعة إنما تبنى أحكامها على الظاهر فإذا ليس في المسجد المذكور قبور ظاهرة فلا محظور في الصلاة فيه البتة لأن القبور مندرسة ولا يعرفها أحد بل لولا هذا الخبر الذي عرفت ضعفه لم يخطر في بال أحد أن في أرضه
سبعين قبرا ولذلك لا يقع فيه تلك المفسدة التي تقع عادة في المساجد المبنية على القبور
الظاهرة والمشرفة .
الجواب عن الشبهة الرابعة
وأما ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحجر من المسجد
الحرام وهو أفضل مسجد يتحرى فيه فالجواب :
لا شك أن المسجد الحرام أفضل المساجد والصلاة فيه بمائة ألف صلاة ( 76 ) ولكن هذه الفضيلة أصلية فيه منذ رفع قواعده إبراهيم مع ابنه اسماعيل عليهما السلام ولم تطرأ هذه الفضيلة عليه بدفن إسماعيل عليه السلام فيه لو صح أنه دفن فيه ن ومن زعم خلاف ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا وجاء بما لم يقله أحد من السلف الصالح رضي الله عنهم ولا جاء به حديث تقوم الحجة به .
فإن قيل : لا شك فيما ذكرت ودفن إسماعيل فيه لا يخالف ذلك ولكن ألا يدل هذا على الأقل على عدم كراهية الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ؟

فالجواب : كلا ثم كلا وهاك البيان من وجوه :
الأول : أنه لم يثبت في حديث مرفوع أن اسماعيل عليه السلام أو غيره من الأنبياء الكرام دفنوا في المسجد الحرام ولم يرد شئ من ذلك في كتاب من كتب السنة المعتمدة كالكتب السنة ومسند أحمد ومعاجم الطبراني الثلاثة وغيرها ضعيفا بل موضوعا عند بعض المحققين ( 77 ) وغاية ما وري في ذلك من آثار معضلات بأسانيد واهيات موقوفات أخرجها الأزرقي في " أخبار مكة " ( ص 39 و219 و220 ) فلا يلتفت إليها وإن ساقها بعض المبتدعة مساق المسلمات ( 78 ) . ونحو ذلك ما أورد السيوطي في " الجامع " من رواية الحاكم في " الكنى " عن عائشة مرفوعا بلفظ :
" إن قبر إسماعيل في الحجر " .
الوجه الثاني : أن القبور المزعوم وجودها في المسجد الحرام غير ظاهرة ولا بارزة ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى فلا ضرر من وجودها في بطن أرض المسجد فلا يصح حينئذ الاستدلال بهذه الآثار على جواز اتخاذ المساجد على قبور مرتفعة على وجه الأرض لظهور الفرق بين الصورتين وبهذا أجاب الشيخ على القاري رحمه الله الله تعالى فقال في " مرقاة المفاتيح " ( 1/456 ) بعد أن حكى قول المفسر الذي أشرت إليه في التعليق :
" وذكر غيره أن صورة قبر إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن في الحطيم بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا " .
قال القاري :
" وفيه أن صورة قبر إسماعيل عليه السلام وغيره مندرسة فلا يصلح
الاستدلال " .
وهذا جواب عالم نحرير وفقيه خريت وفيه الإشارة إلى ما ذكرناه آنفا وهو أن العبرة في هذه المسألة بالقبور الظاهرة وأن ما في بطن الأرض من القبور فلا يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر بل الشريعة تنزه عن مثل هذا الحكم لأننا نعلم بالضرورة والمشاهدة أن الأرض كلها مقبرة الأحياء كما قال تعالى : } ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا { . قال الشعبي :
" بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم " ( 79 )

قلت : وقولهن " الملعون فاعله " يشير إلى حديث ابن عباس الذي بينت ضعفه فيما سبق ( ص 43 ) فتنبه .
ومنه قول الشاعر :
صاح هذي قبورنا تملأ الرحب
فأين القبور من عهد عاد ؟
خفف الوطأ ما أظن اديم
الأرض إلا من هذه الأجساد
سر إن استطعت في الهواء رويدا
لا اختيالا على رفات العباد
</b></i>



 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون



رد مع اقتباس