عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-30-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
لوني المفضل Azure
 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 12 ساعات (11:40 PM)
آبدآعاتي » 3,247,509
الاعجابات المتلقاة » 7394
الاعجابات المُرسلة » 3674
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي لطالما كان الإنسان يصارع عقله وقلبه .



الجُـزء الـعُـشـرون


"ظَـل يخَـشـى أن يكُـون
تَحــت الأزهـارِ أفـعَـى."
-دوستويفسكي.


السَاعـة العَاشِـرة صًباحـاً
تَقدمَـا نحَوهـم

الطَبيبـان المُشرفان عَلى حالتها

وجوههَم شَاحبـة

مازَالوا يتهامسُون

توقفا عِندهم
إبتَلع الطَبيب مُحمد ريقه : بالنسبة لحالة أختكم غـادة

الحَمدلله هِي صَحت ... هِي بخِير لَكن مِثل ماقلت لَكم جَسدهـا ضَعيف وإنتحَارها " نَظر للطَبيب سَامي وكأنه خائف مِن أن يقع في الخَطأ فِي كَلامـه" زاد تعبهَـا سُـوءًا
لذَلك ماتكَلمت معانا ونامَت ..

حَمدوا الله وشَكروه ..
قَيـس بخَوف: رجـاءًا إذا فيها شيء خَبرونا ولا تخُفوا أسرار عنها
تَوقفوا عَن الكَــلام.. نَظروا إليه وقَد إعتراهِم الشَك والخَوف
الطَبيب سَامي بتفَحص: هِي بخير بس نامت لا تخَاف
قَيس: وهَل راح تصحَى مِن نومها هذا ؟
الطَبيب سَامي: نوم عادي بس لأنها تعبانة لا تخَاف
قَيس: وهَل راح تصَحى طَبيعية؟
الطَبيب سَامي بتفَحص: وش تقَصد بطبيعَيـة بالضبط؟
قَيس : هل بتُكون طبيعية جسدياً بعد ماتصحَى ؟
ونَظر نَحو الطَبيب مُحمد مُنتظراً إجابة مِنه..

أشَار لهُ الطَبيب سَامي بأنهُ هُو مَن سيقَوم بالتَحدث
:الآنسـة غـادة بخِير .. لَكن أنا مِحتار بصَراحـة بشيء هَل أقوله أو لا لكم لأني مابي هالخَبر يوصَل لغادة اللحين
رَيان بخوف: وشو هو؟!
الطَبيب سَامي : أنا راحَ أكُون صًريـح معاكُـم .. لَكن أبيكم توعدُوني إنكم ماتقولون لها حَتى أنا أقول لها بنفَسي ..وأتمنى إن ماتعاتبونَها ولا تُذكرون الموضوع الي راح أقوله لكم اللحين .. أهم شيء الآن نفسيتها ... حَالتها النفسية مُهمة جِداً.
هَزوا رؤوسهم بالمَوافقة والخَوف يعتريهم..
أردَف: إذاً... الآنسة غـادة لِمـا جَرحـت فخذهـا
كَان هَدفهـا الشِريـان .. وأصابتـه
لَكن ... الأعصًاب قَريبة مِن الشريـان ..وأصًابتهم أيضاً
ممِا يعَني .. إنها ممكن ماتمشي مؤقتاَ عليها ... أو دائماً.

تضايقوا...عَانق الحُزن قلوبهم .. وكَان ذلك واضحاً عليهم جداً.

أردَف: بصَراحـة .. أنا مابِي أعطيكُم أمَل زائف أو أوعِدكم بشيء.. لَكن غَالبـاً الأعصاب تتعافى بنفسهَا ومَع العِـلاج الطَبـيـعي .. لَكن إذا كَان الجُرح والضرر شَديد ممُكن يؤدي للإعاقة الدائمة .. وهَذا غالباً يكُون في الحَوادث الشديدة ولَيس مِثل حالة الآنسة غَـادة
لَكن أحَنـا ماراح نعرف حَتى تصحى الآنـسـة غــادة ونبدأ معها كُورسات العلاج الطَبيعي ونحاول معهـا.. لكـن رجـاءًا لِما أخَبرهـا بحَالتهـا أتمنى منكم تتفائلوا وتبثوا فيها التفاؤل وتحثوهـا وتشجعوهـا وتدعمونها على العِـلاج الطَبـيعـي وبإذن الله تقدر تمشي وترجع لحالتها الجسدية والنفسية الطبيعية.

رَيـان : ومتى نقدر نشوفها؟
الطَبيب سَامي: تقدروا تدخلون لها بالتناوب .. لَكن رجاءًا شخص واحد فقط يُكون متواجد فِي غرفتها حالياً.. ومثل ماقِلت لَكم ممنوع تكون وحيدة فمعاهـا مُمرضـة مُشرفة دائماً
قَيس بتردد : و...
نَظر لهُ الطَبـيب سَـامي ليسَتمع لمَا سَيقولـه
قَيس أكمَل : وهَل .. بتعطونـها أدويـة؟
صَمت الطَبيب سَامي وهَو ينظر لقَيـس..
قَيس موضحـاً سؤالـه: أقصد.. أدوية لنفسيتها ؟
الطَبيب سَامي : للأســف غالباً نعم .. لَكن للأن ماحددت شيء لأني ماجَلست معاهـا وشخصت حَالتهـا بالضبط .. لَكن غالباً نعم بتكون من خطة علاجهـا.
وضَح عَلى وجـه قَيـس الضيـق ..
:مو الأدويـة أضرارهـا أكثر من محاسِنها ؟
الطَبيب سَامي : فاهِم وجهة نظرك .. لَكن إستخدامهم مو شيء قَطعي .. مثل ماقلت لك لازم أشخصها أولاً.. لَكن قلت غالباً راح أستخدمها لأن الآنسة غادة حالتها شديدة
لكن غالباً لا تفَيد التأكيـد.
هَز رأسـهُ وهَو ينظرُ للأسفل بقلق.. رَفع رأسـه لينظُر للطَبيبـان :مُمكـن أدخِل لها ؟
الطَبيب مُحمد هَز رأسَه بالإيجاب ونطق الطَبيب سَامي بذلـك..

##

دَخـل بخطُوات هادئـة .. نَظر لتلك المُمرضـة الجالسـة على كُرسي لا تُبارحـه حَتى يكُون هناك غيرها
ثُم إنتقَلت نظراتـه لهَـا..
مُمـدة عَلى سَريرهـا الأبيض خاليِة مِن الحَيـاة..

تَوقف عِندهـا ..تأمَل وجههَـا المُتعب.. أبَعد خصلات شعرهَـا عَن وجههـا
الممُرضـة وقد وقفَت مِن على الكُرسي .. باللغة الإنجليزية : أي طَبيب أنت؟!!!
قَيـس نَظر لهَـا ..ثُم نَظر لملابسَـه ليستوعَب سَبب سؤالهـا : لست طَبيبـاً ..
الممُرضـة بُسرعة : إذاً مَن أنت ؟!
قَيس: أخيهـا
صَمتت وعَاودت جُلوسـهـا عَلى كُرسيها
نَظر لها بحذر وهي تجَلس .. يبدو عليها الصًرامـة

عَـاود النَظر لغادة .. أخـذً نفسـاً عميقـاً
إستعـاد رباطـة جأشـه ..
أبعَد الغِطـاء مِن قدمهـا حَتى وصًـل لفخذِهـا ..
كَـان يخَشـى أن يراهُ مايزال مُغطى بالدِمـاء..
لَكن كان مُضمداً بضِمـاد أبيضاً نظيف ..

زمَ شفتيـه بضيِق وهَو يرى طُول الضِمـاد .. لأي مّدى جَرحتـي نفسكٍ بتلك الأداة غـادة ؟
##

عَبـرت داخِـل الممَر .. نَظرت إلى وجوهَهـم
ثُم إلى قَيـس الذَي كان يشرب القهَوة بشرود ..
جَلست بجانبه وهَي تزيل حقيبتها عَن ظهرهـا : صًار شيء؟
قَطعت شروده .. نَظر إليهـا : صَحت ..
إبتسمت فأسَرع بإخبراهـا بانها مازالت مُتعبـة
عَلقت الإبتسـامة على وجههـا .. لَم تعرف .. هل يجب عليها أن تفرح أم تحزن .. لَم تستطع فهم شعور قَيس أيضاً .. كَان وجهه جامداً
لِين بتردد : طَيب أكيـد بتكون تعبانة بعد الي صار
قَيــس وهَو ينظر لسطح قهوته السَوداء : إحتمـال ماتمشي
ليـن نَظرت لقيس بصدمة دُون أن تتكلم
قَيس نَظر لليـن .. بضيق وبصوت منخفض حتى لا يسمعهما أحد : كِيف بتتحسن نفسيتها إذا عَرفت إنها ممكن ماتقدر تمشي للأبد ؟!
وش بتكون خطتهم العلاجيـة في هالحالة ؟! حبــوب؟! الحبوب كَان أبوي يستخدمها يفرح يومين ويكتئب شهر إذا تركهـا ..هَل بنعرضها لإكتئاب أحَد من إكتئابها بَس عشان حالتها شديدة ؟! هل بنعرضها لهالشيء وأحَنا شفنا تأثيره السيء على أبوي ؟
لِين بجديـة وهي تنظر نَحو عَينين قَيـس القلقتين : قَيـس إنتَ طَبـيـب ؟
نَظر لهـا ..لَم يفهـم ماتعنيـه : وشو تقصدين ؟
لِيـن : أقصد ليه تحمل هَم مو هَمك ؟!
قيس رفع حاجبه بإعتراض : هم مو همي ؟!
لِين : طبعاً هَـم مو هَمـك .. إنتَ مُو طَبيب عَشـان تجلس قلق بالخُطة العلاجيـة الي بتتطبق وهُم حتى تشخيص ماشخصوهـا .. هو طبيب دارس متمرس أكَيد ماراح يتخذ قرار عبط .. مايحتاج تحمل هُموم ناس فاهمين لهالهموم
قَيـس بإعتراض: ليـه تتكلمين بجدية كذا وكأنك تهزأيني ؟!
لِين : لأنك ماتسمع نفسك ولا تشوف نفسك .. قَيس وجهك شَاحـب وتعبان بطريقة مو طَبيعية
خاف على نفسك في النهايـة إنتَ وغـادة تتشاركون نفس الهَـم
قَيس بإستغراب : نفس الهم !؟
لِين : إيـه أكيد أثَر عليها إنها أول من شافت أبوك بتلك الحالـة الله يرحمه وإنتَ بعد من حمله بين ذراعيه في تلك الليلة
سكتت وهي تنظر له ..صامت وعلامـات الإستغراب واضحـة على وجهـه
لِيـن بهدوء: فهمت قصدي صح ؟ يعني لا تحمل هم زيادة على همك ، نفسية الكل مهمة
نَظرت لوجهه .. كَان مُتصنماً وكأن ثَلجـاً قَد ألقي عَليـه
أخَرج حروفه من فَمه ببطئ : وإنتِ كيف تعرفين إني من حمله في ذيك الليلة ؟!
إبتلعَت ريقهـا .. إتسعت عَينيهـا وهَي تنظُر له بتَوتـر
نَظر لها مُنتظراً إجابتهـا ..
لَكنهـا لَم ترد ..
أخَرج ضحكة إستهزاء غَير مُصدقاً وهَو ينظر لها : قرأتي الدفتر ؟!
لِين هَزت رأسها بالنفي بسرعة : لا لا
هَز هو رأسه بالإيجاب : بلى ... قرأتيه
لِين : أي دفتر تقصد أصلا ؟!
قَيس رفع حاجبيه بعدم تصديق: أي دفتر؟!
لِين : لا يكون تقصد دفترك الجلدي الكحلي البايخ ذا مستحيل أقرأه..
قَيس أبعد وجهه للأمـام بضيق : يا الله ليـن !!
لِيـن : شفيك مـا قرأته ..
قَيس نَظر إليها : لا تكذبين لأنك فاشلة في الكَذب ولا شعرفك أي دفتر كِنت أقصَده ..
سكتت وهَي تنظُر لهُ بندم..
قَيس صَك على أسنانه هامساً بُمعاتبة: أنا ماتدخلت في خصُوصياتك أبد لين كِيف تسمحين لنفسك تفتشيِن فِي أغَراضي ؟
لِين بغضَب: أوه اللحَين صًار بينا " كيف تسمحين؟!" خليني أسألك أنا بالأول كيف سَمحت لنفَسك إنك تزوجني وإنت تحب غيري ؟ ولا خليني أسألك كيف تطلع مع غيري وإنت متزوجني ؟!!
قَيس : لا تقلبين الطاولة عَلي وإنتِ غلطـانة
لِين : إيه صًحيح أنا غلطـانة .. بس مستحيـل أعادلـك بغلطـك
تقارَن فتحي لدفترك الغَبي بخيانتك المُستمـرة
نَظر إليها مُتسـع الحَدقتيـن : اللحَيــن صرتي تهتميـن يعني ولا شسالفتك!!
لِيـن بتقرف: لا طبعاً ما أهتم بك .. بَس أكَيد بهتم بمشاعري ..
قَيس: ليـ..
لِين قاطعـته قاطبتاً جبينها : ليه نتهاوش اللحين وأحنـا ندري إن ماباقي شيء وراح ننفصل ؟!
وَفـر علينــا هواش المتزوجيـن ذا الي مالـه داعِ.
ما كأننـا نحب بعض ولا زواجنـا طَبيعي عشان نوجع روسنا
نَظـر لها بصدمـة بينَما هِي وقفت مُتجهة لأم فهد..

###


إبتلعَت رِيقهـا مُحاولة كَتم دُموعها العالقة في وسَط عَينيها وهَي تنظر لغَـادة
إقَتربت يديهـا بتردد ناحيِة الغطَـاء .. ناحية قَدميهـا
لتَزيـل من عليها الغطاء ببطء ورِفق..

مَسكت برجِلهَـا السَليمة ..
حَركتها برفق وكأنهَا تُحرك زُجاجـاً..
كَانت تُحاول تذَكر ما كَان يفعلهُ أخصائي العِلاج الطَبيعي لها حِينما
كُسرت ساقِهـا .. كَان كُل تفكِيرهـا بكَيف سًوف تستطيع صَديقتها
وإبنة عَمتهـا السَيـر بطريـقـة طَبيعية مُجدداً
كَانت تُحاول تحريكها حتى لا يُصيبها الضُمور والضُعف ، ليسهَل عَليها الحَركة
لتحَمي قَدمهـا
: مالذي تفعلينه ؟
نَظرت غَـلا للوراء لترى وجـه المُمرضـة مُتجهم ..
أجَابت باللغة الإنجليزية : أحُرك ساقيها حَتى تسهل عَليها الحَركة حِينما تستيقَظ
المُمرضة بجدية : أخصائي العلاج الطبيعي يتكفل بهذا كُل يوم
أدارت رأسها مُجدداً لتنظر لقدَم غَـادة المَجروحـة ..
أردَفت الممُرضة : دَعي هذا الأمر للأخصائي رجاءًا .. الآن .

وَضعت قَدم غَـادة على السرير مرة أخُرى بحذر وهدوء .. وضَيق.

وضَعت عليها الغِطـاء مُجدداً
وقَبلت جَبينهـا.
###

العَصر..

إقَترب لهَـا بحَذر.. لا يـعَـلـم لِمـا هُدوئها يُخيفـه إلى هذا الحَـد
تَوقف عِندهـا .. جَالسـة عَلى الكُرسي دُون أن تتحَدث مع أي أحَـد.. بيديهَا كأس شَاي لم ينتهي

إبتسًم وهَو يشير لَهـا : ما بتدخلين لغـادة ؟!
رفعَت عدستيهَا بتثاقَل شديد لتنظر إليه ببرود واقفاً أمامهـا: لا
يعقوب بإبتسامة أشَار : بتخلصين الشاهي حقك وبتدخلين ؟
مَرام ببرود : لا
يعقوب بإستغراب: ليه؟
مَرام : بشَوفها لما تصحى
يعقوب: ليش مو اللحين إذا سَمحوا لنا نشوفها ؟!
مَرام ببرود : لأني مابي
يعقوب بإستنكار رافعاً حاجبه : ليه؟!
مَرام بجدية : يعقوب مالي خلق روح واسِي أمي أنا أبي أجَلس أشرب الشاي بهدوء وبلحالي
إستَغرب نبرتهـا ... إستغرب كَيف إنها رَفضت وجوده بجانبها لأول مَرة
إعَتـاد منها حُب الجُلوس معه.. وإعتاد هُو بدوره إبـعـادهـا..
وجَد سبباً لذلك ..
عّذرهـا..
رُغـم إنهُ شَعر بشعور إنكسار لَم يعلم أي غَباء قد سبب له الشعور بذلك ..

رُبما مَن تعتـاد منه المعاملـة الطَيبة والحَنـان .. إذا صابهُ الجفاء حَتى لَو كَان رَغماً عنه
سيجعلُكَ ذلك تشعَر بالألـم .

خَرج مِن عندهـا رَيـان مُنكسراً ..
إنهُ حَي بجسده لا بُروحـه .. فروحـه قد إرتبطت معهـا
جَلس في أقَرب كُرسي خَالـي وكأنهُ يحاول أن يسند نفسه على شيئاً
قَبل أن يتدمر كُل مافيـه .

إسَتغَـل عَدم دُخـول أحَـد إليها في هذا الوَقـت ..
سَحب نفسهُ من مكانه بينهم في ذلك الممَر الكئيب ..
مُقرراً أن يدخل ما هَو أكثر كئابـة ..

فَتح بابهَـا ..
نَظرت إلِيـه المُمرضـة: أريد الذهاب إلى دَورة المياه من الجيد أن هناك واحد منكم قد جاء إلى هنا الآن
إجلس هنا ولا تخرج حتى يأتي أحد غيرك .. وفقاً للقانون
أومـأ برأسـه وهَو ينظر لكُرسي الممُرضـة المَوضوع بجانب الباب ..

خطـا خُطوتـه الأولـى ..
وقَلبهُ يتَمزق إلى أشَلاء
مالذَي فعلتِه بنفسكِ غـادة ؟ أقطعَتي شِريانك أم قَطعتي فؤادي..

وقَف عِند جسدهَـا الذَي قَـد تغَلب عَليه إنتحَارهـا .. الذَي قَد أُنهك وإنتهك تماماً عَلى يديها
أزَال الغطاء من عَلى يدَهـا ..
نَظر لذراعِهـا الضَعيف ..
خَط أطَراف أصابعهُ الدافِئـة عَلى جُروح ذِراعَها البَاردة
كَان كُل جُرِح يرَسمُه .. يؤلمه كالطَعنة فِي قَلبـه
تّذكر حِينما رأى جُروحها لأول مَرة ..
ولَكنهُ لَم يرى جُروح قلبهـا .

تنهَد وهَو ينظر لجروحها .. أعَاد الغطـاء على ذراعها مُجدداً
إبَتعـد عَنهـا .. إستندَ على الجدار متكتفاً ينظُر إليهَا بضِيق وإستيـاء
تَنهـد مَرةً أُخرى.. يَحس بثقل فِي رُوحـه .. يَود لَو كَانت تنهيداتهُ تبعد هّذا الثُقل

أحَس بالسَواد فِي نَفسِه ، أحسَ بالكئابِـة
إبتعَد عَن الجِدار مُقرراً الخُروج ومُنـاداة الممُرضـة



سَمـع صَوت نفسـاً طويـلاً ..

إستدار

نَظر لهَـا ..

عَينيهَـا العسليتـان مفتوحتَين بإرهـاق..
تنَظر للسَقف دُون تَركيـز..
تأخّــذ نفسـاً عميقـاً مِن فَمهـا... وكأن القُنيـة الأنـفَـية لا تُزودهـا بالأُكسجين الكَافي
وكأنها تعَود للحَيــاة.

تَجمدت عَينيـهُ عَليـهـا ..
تَجمد دَمهُ فِي عُروقِـه..

رَفعَت يديها ببُطئ .. صَوب عينيهَا
تشَوشَت رؤيتها فِي البدايـة..
حَتى إتضحت صُورة يدها الموصَلة بالمُغذي وسِوار المستشفى عَلى معصمها أمَامهـا..
إرتجَفت .. إخَذت نفساً عميقاً من فَمهـا مُجدداً
أسقطت يدهـا المَرفوعة عَلى غطائِها ..
تأخَـذ أنفاسـاً ممُتتالية وكأنها تَمنع نفسهـا مِن البُكـاء..
سَمعت صَوت حِذاء عَلى الأرضيـة ..
حَاولت أن تُهـدأ صَوت أنفاسها..
حَاولت أن تثحرك باقي جسدهَـا لكنها مُتعبـة ..

وقفَ بجَانب سَريرهـا .. وقَد إجَتمعـت الدُموع فِي عَينيـه الحَادتين
نَظرت إلِيه بتعَب وبُرود..
ينَظُر لها كطُفل قَد لقَى الأمـان بَعد أن فقَده ..
كطُفل قَد لقى مــلاذهُ بعَد الضِيـاع ..
أتفهَمون شُعور أوَل لِقـاء ..
شُعور النَظر لعَينين مَن كُنتم تَظنون إنكم قّد فقدتموه ..مَفتوحتَين
سَمـاع صَوت أنفـاســه .. تتخلل أُذنيكَم
وكَأن رُوحكم قَد عَادت لأجسادكم ..
خَوف قلوبكم قَد عانقه السَلام ..
والسَـلام بَعد الَحرب .. أشَد لِذة.

كَانت تَنظُر لهُ بجُمود ..
وهَو ينظُر لها بُحرقـة..

خُط خطاً تحت شفَتيها السُفليـة ..
إمتدَت شفتيها للأسَفل ..وإرتجَفت.
إجَتمعت الدُموع فِي عَينيهَـا ..

بَينماً هُو قد تتابعَت أنفاساً صغيرة إلى رئتيه وراء بعضهَا ..
وكأن هاهُنا روحه تعود إلِيه .. وكَأن هاهُنا يشَعر ببرودة قَلبِه تتلاشَى

ينَظران لبعضَهِما بألَم .. بعَينان قَد إحتضنتهما الدُموع
يكُتمان حُزنهَما .. يمَنعان دُموعهم مِن الإنسِياب عَلى خَدهم
الغَصة يحَتدُ ألمهَـا ..

سَقطت الدموع مِن عَينيهَـا ..
رَفعت ذراعَهـا بُسرعة لتغطَي عَينيهـا بِهَـا
جسدهَـا يرتجف بِشدة .. شهقَاتُها تُحاول كُتمانهَا لَكنها لا تستطيع

إقَترب لهَا ..
مَد يدهُ نَحو ذِراعِها..

دَخل الطَبيب سَامي مَع المُمرضـة
توقف الطَبيب سَامي مُتفاجئاً بإستيقاظها..

إبتعَد عَنهـا..بَينمَا إقَتربا الطَبيب والممُرضة لَها
لَم تتلامسَ يدهُ مع ذراعها حَتى ..
لَم يتبادلاَ الحَديث..

فقَـط نَظرا لبعضِهمـا لدقائِق بسيطَة ..
فقَط إستطَاع الشُعور بدفء في قلبِه لرؤيتَهـا..
دُون أن يستطيع الجُلوس بجَانبها .. دُون أن يتبادلا الأحاديث
دُون أن يواسِيها... دُون أن يمسَح دُموعها عَن خديهَا الرقيقين

رأى ضُعفهـا... كَان أول وجِـه تعَرفـه تَراه ..بَعد مُحاولتها لقَتل نفسَها

كَانت مُمدة عَلى سَرير بَارد .. تَحيطُ بهَا أنابيبُ صَغيرة مِن كُل جانب
كَف الضغَط لا تُفارق ذِراعها.. القُنية الأنفيَة لا تُفارق أنفهَا .. وعَديد من الأنابيب قَد إتصلت بجسدهَـا لَم تستطع مُلاحظتهم جيداً بعد
تشَعر بألـم فظيع فِي جسدهـا .. ألَم روحها أعَظم

قَد فعَلتهـا... قَـد حَـاولت قَتــل نَفـسهـا .. قد أذت نفسهـا
قَد قطعَت شِريانهَـا .. فِي مَنزل عَائلتها .. بيدَهـا .. كَانت قَاتـلـة نَـفَـسهـا
كَانـت هِي مَن تَريـد مَوتهـا .. لَيس لها قَاتِـل سُوى نفسَهـا

كَانـت هِـي المُـجـرِم .. وهَـي الضَـحَيـة.

فَهمَـت إنهَا عادت للحَياة حِينما رأت يدَها الموصولة بالمُغذي وسِوار المشفى على معصمها
لَكنها تَذكَرت .. إنهَا لَم تُحاول.. لَم تدعُو ربها .. لَم تُطالب بالنجَاة .. لأنهَا هِي مَن غَرس الأداة الحـادة فِي فَخذهِــا.
وإنَ ... كُل عائِلتهَـا .. وجَراح ..قَد فَهموا كُل شيء
قَد حَملوهـا بيَن ذِراعيهم .. مُغطَيـة بدمائِهـا
دُموعهم تتساقط... أصَواتهم تتَعالى ...قُلوبهم تَفزع
غَـادة إنتَحرت!

سُرهـا الذَي غَطتهُ بَين كُل تفصَيل من تفاصِيل جسَدهـا ورُوحها ..
لسنين عَديـدة... أُكتشف بعَد تنفَيذهَـا لُخطتَهـا الفَاشِلـة..
للخَـلاص مِن الحَيــاة.

###

خَـرج مِن غُرفَتهـا تائِهَـا ..
كَان رَيـان واقِف أمَامـه ببطَانيـة لغَـادة ..
تلاقَت أعَينهَـم ..
أحَس بالرَهبـة .. بإحـسَـاس غَريـب وهَو ينَظر لعَينين صَديقه
فضهَم إن هُنـاك شيئاً قد حَدث..

مـسَـك ثِياب جَراح بَوهن .. ناظِراً نَحو عَينيـه الحَادتين..
: ياربَ .. قُولي صَحت ما ماتت..

هَز رأسهُ إيجاباً : الحَمدلله
أخَرج رَيـان زفيرُ عَميق .. مُبعداً يدهُ عن ذِراع صَديقه
إرتسَمت البسَمة عَلى وجهه.. بعَد أن كَان الحُزن الذي قَد خط كُل تقاسيم وجهه
###

يقُول د. رِنك فِي إحَدى أبحَاثِه ، إن شابـاً قَد قَـال بَعد نجَاتِـه مِن مُحـاولة إنتحار:
" إن الشَيء الوَحيـد الذَي أسَتطِيع أَن أتذَكره، ذَلك اللون الرَمـادِي، كَما لَو أنَني كُنت فِي مَـاء
رَمـادي أو شيء مَـا، فِي الوَاقع لَم أكُن أرَى شيئـاً ما ولَم أسَتطع رُؤية نَفسِي أيضاً كَان الحَال كَما لَو كَان ذهني هُناك فَقط ، مِن دُون جَسد."


كَـان جالساَ عَلى كُرسي بجَانبها.. واضعاً قَدم عَلى قَدم وبيدهُ مَلفها
إبتسَم الطَبيب سَامي وهَو ينَظر لغَـادة التي قد جعلها مُستندة عَلى ظهر السَرير
: وش الي رَاح يريحك أكَثر؟ إن يدخلون لِك أهلك جَميع ولا يدخلون لك على دفعات؟
: إنك تطلع من هنا
نَظر لهَا بصَمت .. عَينيهَا تنظُر لهُ بِحدة .. غَير مُستسيغة لوجُوده

الطَبيب سَامي : لِيه ؟
غَـادة بنظَرات حَادة وبُرود في نبرة صَوتها: لأن مَالي خلق أي مُحاضرات نفسَية ..
نَظر لهَا قاطباً جَبينه ..
فأشَارت بعَينيهَا لُبطاقتـه المُعلقـة عَلى صَدره ..

إبتَسم لدهَائها مُمسكاً بُطاقته ليقُلبها وهَو ينظَر لها
غادة : فَات الأوان قَريت تخصصك ، كان مفروض تقلبها قبل
إبتسم: السُموحة منك

واللحَيـن مُمكن تعطيني جَوابك على سؤالـي؟

نَظَـرت إلِيه .. نَظرة مُريبـة .. كأنهَا جُثة مفتوحَة العَينين .. بُبرود أجَابت :
مايهَمني شَيء
ولا عِندي جَواب لشيء.
الطَبيب سَامي بهُدوء: وش تبين تسَوين اللحين ؟

غَـادة بنفس الحالة:
أبَي أنـام ..

هَـز رأسـهُ إيجـاباً وهَو ينظَر لهَا ..

:كُلهم يَبـون يدخلون لِك ويشوفونك .. راح أدخلهم لك على دُفعتين

نَظرت لهُ ببرود بَينما هُو خَرج ..

شَدت قَبضتها عَلى غِطائَهـا .. وكانها تُحاول أن تلَم شتاتهُا

دَخلوا أربعَة ..

تسَارعت خُطواتهم نَحوهـا بينما أخفضت نظراتها نَحو الأسفل
هَل العَـار هُو شُعوري.. أم العَار هُو مافعَلتـه.. أم العَـار هُو مَرضي.

جَلست والدَتها على السَريـر لتحَتضنها بُسرعة إلى حُضنها وبشِــدة..

بَينمَـا وَضع توأمَهـا يده عَلى رأسـهـا .. حَتى تبتعد أمه ويُعانقهـا ويخُبأها بروحِــه.
حَالما إبتعَدت وَالدته إحتضَنهـا ..

أغَلقت غَـادة عَينيها بشدة حِينما عَانقهـا رَيـان ..
كَـان جَسدهُ دافِئـاً جِداً على عَكس جسدهَـا ..
كَانت تشعُر وكأنهَا تختبأ بَين صَدره وذِراعَيـه ..
كَانت تشعُر وكأنهـا تُعانـق رُوحـهـا ..

أخَفضَت رأسَهـا نَحو صَدره أكَثـر... تُخبأ نفسَهـا بِه أكَثـر
أحَـس بذَلـك .. وضَع يدهُ اليُمنى على رأسهَـا وكأنه يُغطيهـا

هُو أيضـاً شَعر وكأنُه يُعـانق رُوحـه ..
كَـانت بُرودة جسدها ولأول مَرة.. برودة لقَلبـه لا خَوف .

سَمعت صَوت فهد : الحَمدلله على السَلامة
وكَأنه يُنبه رَيـان بُحصته بالسَلام والإطمئنان عَلى أخُته ..
وإلا مالذَي سيقطع عِناقهما ..

غاصَت برأسها فِي صَدره أكثَـر .. بينمَـا هُو إبتعَــد عَن توأمـه تدريجيـاً

حَتـى إبتعَــد صَدره عَن رأسـهـا ..
أخفضَت رأسـهـا ..
أمسكَت بقبضتهـا رداء رَيـان الذَي عَلى صَدره .. تشبثت بِه بكُل قُوتها

وضَع يـدهُ عَلى قَبضتها ليزيلهـا عَن رداءه ..
ويحَتضنهـا بَيـن يديـه ..
مُفسحـاً المَجـال لفهـد ..
الذَي أعَـاد ترتيب وضَع قنيـة أنفهـا التي تباعدت قليلاً بعد إحتضان والدته وريَـان لَها
وهَو يسألهـا عَن حَالهـا : طَمنينـي عَليك وسَمعيني صُوتـك
هَزت رأسها بتثاقل بالإيجـاب ..
رَفع وجههَـا بوضعه ليدهَ أسفل ذقنهـا ينظر نَحو عينيهـا
نَظر لهُ بإرهـاق : أنا مَوجودة

نَظر لهـا بإستيـاء ..
هَل تَظن إخبارهُم بوجودها مُطمئنناً حقاً ؟ .. أوجود جسَدهـا كَافــي؟
إذاَ أين تُوجـد رُوحهـا .. بَل أين تُوجد سعادتها ؟

يعَقوب أشَار لهَـا مُبستماً: الحَمدلله على السلامة غـادة.. الله يخليكِ لنا
نَظرت له غـادة .. مَثلت الإبتسـام... وكَان ذلك مُنهكاً لروحها بشدة : الله يسلمك

غطتهـا والدتهـا بالغطـاء الذي كان ريان يحمله حين دخولهم ..
تأكدت بيدهـا بوصوله لجميع أنحـاء جسد غـادة بينما كانت هي تشعر بإحساس غَريب..كَريه

نَظرت والدتها لوجههـا مٌبتسمة.. يدهـا على خد غـادة بحَنــان
: إنتِ تدرين إني أحبك وأموت فيكِ حتى لو ماقلت لك صح؟ خَوفتيني عَليك..
فَهد قاطع والدته فوراً بعد سماعه لآخر جُملة بصرامة: يُمـه
كَان يُطبق كلام الطَبيب حَرفيـاً..
كُل كَلمة تَخرج من أفواههم حالياً .. تُحسَب على حالتها النَفسية
أم فهد : يلا حَبيبتي أحنا بنطلع عشان الباق يدخلون يشوفونك
تبين شيء؟

غـادة : أبـي رَيـان يظـل

قَالتها ومازال رَيـان يحتضن يدهـا بَين يدَيـه
: من عيوني

فهد : لا ماينفع لازم يطلع معانا
رَيان رفع حاجبه: ليه ماتسمع طلبها و
فهد قطب جبينه : رَيان اللحين بتدخل غلا مايحتاج تقول أشياء غبية قدامها .. إطلع وسهل الأمور
نَظرت غـادة لفهد بُسرعـة : غـلا هنا؟
فَهد بهدوء: إيه

"غلا هنا"... كَـان ذَلك كالنُور البسيط فِي قَلبها ..
لَم تتركهَـا الآن .. كَان ذَلك شُعوراً لطيفاً..

تأفـف رَيـان مُعترضـاً
نَظر له يعقوب لينظر له هو بدوره ..
نَظر لغـادة بعَينيه مُشيراً إليها ..
أي أُنظر لتغير ملامح غـادة بعد سماعها لإسم غَـلا
نَظر لوجههـا.. تنهد

قَبل يدهـا التي إحتضنها ..
: إهَتمي بنفسك

###

أشترتَ باقة روز أحَمر من محَلِ بجانب المشَفى .. حَالمـا أخَبروهم بالدُخول لهَـا
إبتسَمت وهَي تستنشق رائحتهِا العَبِقـة قَبل أن تدخُل وتسَلمهَـا إيَاهَـا..

أوقفَهـا مُمرض على الباب ، نَظرت لهُ بتساؤل
أجَـاب: مَمنوع الورد
نَظرت إلى قَيس بإستغَراب
فَنظر لهَـا بمعَنى أن تُنفذ كَلامـه
لَم تفَهم.. ماعِلاقـة الورَد بالمَمنوعات

أنا أمَرت بإزالـة أي شيء حاد مَوجود في غرفتهـا .. حَتى لو صحت ..
ممَنوع لها إن تبقى بوحدهـا .. مَمنوع لها مسك أي آلة حادة ممكن تضرهـا
ممَنوع لأي أحَد منكم زيارتهـا بوجود شيء حاد عنده ممُكن تاخذه وتضر فيه نفسهـا
إذّا صًحـت .. بإذن الرَحمـن .. رَاح تتعالج عندي علاج مكثف

إلَى أيَ مدى هُو خائِف .. إلى أي مَدى الحَالة النفَسية مُعقدة ومُخيفـة

نَظرت لهُ لِين بجدية :يَـلا ندخل
تَركت غَـلا الباقـة بجَانب الباب ..
ليدخَلوا جَميعاً..

حَالمـا فَتح البـاب قَيـٍس..
إرتَسمت الإبتسَامة عَلى وجهه تدريجياً وهو يَنظر لغَـادة التي كَانت مُستندة على ظهَر السَرير ..كَانت تنظر للمُمرضة التي تُراقبها طُوال الوقَت بحِدة
أبعَدت حَدقتيها لتنُظر لِمن فَتح البَاب ..
لتبتسَم تدريجيـاً هي الأُخرى

حُب الأخت للأخ .. وحُب الأخ للأُخت .. لَطيف جِداً ..
العِلاقـة الأخَويـة .. رِبـاط مَتين .. سَميـك .. لا يُقطعَ حَتى لَو تلف
أكَثر أشَخاص يَشبهُونك فِي هَذا العَـالم ..
هُم أشقـائَـك .
يَمتلكُون نَفس العَائِلة .. نَفس اللقَب..

نفس الَدم.

لذلـك .. حِينما يتأذى شخص يتأذى الشقيق أيضاً .


إجَتمعت الدُموع فِي عَينيهـا ليقترب بُسرعة نَحوها ويقبل خدها
: الحَمدلله على سلامتك.. الحمدلله إنك هنا

نَظرت نَحو عَينيـه المُرهقتين بُحَب
تَحركت عَدستيها لِمن تبعوه لداخل الغُرفـة

غَلا .. لِين .. مرام .. جراح

وقَفت غـلا أمام سرير غـادة مٌبتسمة والدموع تجتمع في عينيها .. بَينما سَلمت لِين على غـادة وعانقتها
لِين: الحمدلله على السلامة
إبتسمت غادة : الله يسلمك حبيبتي

حَركت عدستيها نَحو غَـلا ..مُبتسمتاً
مَدت يديهَـا ..تريد مُعانقتها
إقتربت نَحوها غلا لتعانقها بشدة ..

:آسفة..آسـفـة..آسـفـة .. ماراح أتخَلى عنك أبَد
إبتسمت غَـادة بإستيـاء..
هِي تريد التخَلي عَن نَفسـهـا..

إبتعدت عَنها غَـلأ
حَركت عدستيها نَحو جَراح
الذَي كَان يَنظر لهَا بجُمود.. وضيق
يحَاول كَتمـهُ... لَكنهُ واضح

بهُدوء..
وأخيراً سَمعت صَوتـه : كيف حالك ...غـادة؟
نَظرت إلِيـه .. إبتَسمت إبتسَامـة صَفراء ..عَبس .. إعَتـاد إبتسامتها المُرهقة هَذه
إشتاق لإبتسَامتها الحقيقيـة .. إشتاق لرؤيتها سَعيدة حقاً.. وقدَ مَل من تزييفها للإبتسامة.

تسأل عَن الحَال وأنتَ أدرى .. بأنَي نفسي لا أعلَم عن حالي.

وضَع قَيس يده عَلى كتف غـادة ، مُبتسمـاً: غَـلا جابت لك ورَد بَس مايسمحون بدخوله يخافون من الحسَاسية
إبتسَمت غـادة..
نَظرت لهُ غـلا بإستغراب..
نَظـر لها نظرة لَم تفهمهـا.. هَل هِي مُسامحة أم عِتاب؟ هَل هي غُفران أم ضيق؟
لَيست مُتوقعة رِدات فعل قَيس.. لا تعَلم كَيف يكُون غاضباً جداً... ثُم يتحَول لتمام اللُطف
كَيف يكُون صَبورا مُتفهمـاً.. ويتضايق فجـأة
كَيـف يستطيع كُتمـان مشاعره لهَذه الحَـد ..
وتزييفهـا.

لَم تعَـلـم حَـقـاً .. هَل غفر لهَـا أم مازال مُتضايقاً..

تَحدثـوا بجَانبهـا.. بَينمـا عَيناهــ هِي كَـانت مُعلقـة ... وتركيزهـا كَان مُنصب
على شيء آخـر تمامـاً..

كَانت تتمثَل الإبتسامة لأحَاديثهم ..
بينَما عَينيهـا على أختهـا الصَغيـرة التَي كَانت هادئـة جِداً..
التَي لَم تنبس ببنة شَفة منذ أن دَخلت..
التَي لَم تُعانقهـا... لَم تمسهـا... ولم تُحدثهـا.

نَطقت وإيتسَامتها المُزيفة مازالت على وجهها : وإنتِ ؟ ... ماراح تسَلمين عَلـي؟

نَظرت لهَـا مَرام .. بوجِه شَاحــب تمامــاً

نَظر لهَـا جَراح .. مُتذكراً ماقالته عِند آلة القهوة

"
نَظرت إليـه ببُرود قاتِـل

:عِشت هالحَـــالة مَرتيـن .. كِيف تَبي يكُون حَـالي؟
صَمتَ وهثو ينَظر إليَها ..
أبعَدت نَظرها عَنه ببرود لترفع الهاتف ناحية إذنها
:صًدقني أصَعب شيء إنَك تصِير في مَوقف مَرتين.. المَرة الثانيـة ماتتوقع إلا الأسَوء
لأن المَرة الأولى ما إنتهَت بخِيـر.
ومو عَارفـة كِيف بتوقع الخِير فِي حَياتي .. بعَد كِل الي صًار."


قَيـس نَظر لمَرام : تعالي سلمي على أختك

هَزت رأسَهـا نفياً ببطء

نَظرت لهَـا غـادة بإستغراب مومازالت إبتسامتها عالقة على شفتيها: ليه؟ ... ماوحشتك؟
قيس صَك على أسنانه : يلا مرام تعالي
لِين إبتعدت عن مكانها : أخذنا عنك المكان ..تعالي بجنب أختك
غلا: إجلسي على السرير معاها

مَرام بهُدوء قاطعتهم :
لِيـه مُصريـن.. لِيه تًبونـي أسَـلـم عَلى جُثـة مانَدري متى ميعاد رحيلها كل فترة .. بين فترة وفترة ترحل

كَـان كَـلامـاً قوياً .. كَان كلامها قوياً جداً لدَرجـة إتساع حدقاتهِم جميعاً نحَوهـا
وعُبوس وجه غـادة وهَي تنظر لوجـه مَرام البَـارد .. المُتضايق

قَيـس بهدُوء.. لكن بنبرة غاضبة : مرام
تجاهلته

أمسَك بيدهـا ليُقربها نَحو غـادة لَنها أفلتت يدهـا بُسرعة
بغَبنـة :
مابِـي... تعبت أسَلم .. وأسَلم .. وعُمرهـا ما أحَيت السَـلام فِيني
إلى متى هي بتهرب وبتتركنا...

غـادة إبتلعَت ريقها.. مُحاولـة كَتم دموعها التي إجتمعت في عَينيهـا

قَيس :مرام أختك تعبانة اللحين

مرام : طَيب أنا بعد تعبت ... تعبت إنـي الي لازم أكُـون الأقـوى
ترا أنا الي أصغر منهـا
وهِي الي دايماً تختـار البُعـد عَنـي.

سَقطت دَمعتهـا وهَي تنظر لمَرام ..
إقرارهـا بصَحة كلامهَـا كَان كحِد السكين على عُنق الذَبيح..

تَحرك قَيـس من مكانها ساحبـاً مرام من ذِراعهـا بلُطف بقدر الإمكـان ليخرج من غُرفـة غادة

ويتوقف عِند البَاب
بهَمس: مَرام وش فيك؟!! نسيتي وصايا الدكتور ولا وشو ؟!!.. لِيه تعاتبينها وماتسلمين عليها ؟!! تدرين إن نفسيتها هي الي حَطتها على هذا السرير فليه تزودينها عليها

ليه ماتسَلمين وخلاص ..

مَرام بغَضب وحُزن في الآن نفسـه : لأنَــي أخــاف!
عَبسـت ..: صِرت أخـاف قَيــٍس... إن أفَرح .. إن يصيبني الأمَل .. ونرجع لنفس النُقطة اليائسة في حَياتنـا ..
صِرت أخاف أتوقع الأفضل .. لأني إنتركت أكثر من مرة .. أبوي .. وأختي الوحيدة ألف مرة تركتني .. أخاف إني أتأمل .. لأني تأملت بإن أبوي راح يُشفى من الإكتئاب .. تأملت إنه بيصحى بعد إنتحاره .. تأملت إن غادة بترجع من سفرتها .. بترد على إتصالاتنا على الأقل.. بتحضر عُرس فهد... بتتغيـر... وبتتغير علاقتـنا .. ووو
وأحس قلبي إنكسر لدرجـة إني ما قدر أصلحه أكثر وأتأمل إنها ماتقتل نفسها مرة ثانية .

إرتَخـت يدهُ عَـن سَاعدهـا وهَو ينظُر لعَينيـن أخته الصُغـرى ..
مَتى أصَبحت تٌفكر بهذه السَوداويـة .. ومَتى كَبـر هَمهـا قَبل أن تَكبـر هِي
صحيح عُمرهـا ثمانية عَشـر..
لَكنهـا تلقَت الألم مُنذ أن كَانت في التاسعِة تقريباً ..
مُنـذ أن رأت والدهـا مُصـاب بالإكتئـاب ..



 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون


رد مع اقتباس