عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-10-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (07:49 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11618
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي ذات مقيدة حول عنق إمرأة /41 الجزء الثاني



بسم الله الرحمن الرحيم

تَوَكلتُ على الله

لجزء الحَادي و الأَرْبَعون

الفَصْل الثَّاني

النَّهْرُ أَمامهما مرآة..يَعْكِس بصَفائِه و عُذُوبَته أشْجَان روحيهما..حتى و إن صَيَّروه نَهْراً آسِن لا يُسْتسَاغ مَذاقُه..فَهْو من أَجْلِ أن تُشْفَى عُلَلَهما اخْتارَ أن يَرْتَدي صِفَة البَحْر..لعَلَّهُ يُجابِه سِعَة صَدْره فيَعْشَقوه..،قُرابة الخَمْسُ دقائق مَرَّت و هُما يَعْبُران الطَّبيعة بقافِلة أَعْيُنهما،بصَمْتٍ أَخْفَى بَوْحَ القُلوب ليَشْدو اسْترخاء يُذيب ما تَكَتَّل من قَلَقٍ و تَوَتُّر فوق عُرُوقِهما..بانْعِقاد أنْفاسَهما مع رائِحة الطَّبيعة هُما يُرَشّحان ذَاتيهما من سُموم صالت وجَالت حتى خَثَّرت الدّماء..ليُسْتَعْصى على النَّبضات أن تَهْتُف بأمَل،ذاك الأَمَلُ المُسْتَسْلِم لقَبْضة الشُّؤم المُحَرَّضة من قِبَل تلك الليلة الغامِضة..،ضَغَطَت على السُّور بيديها تُفْرِغ ما بدأ يَنْمو حَديثاً من سَلْبيات في جَوْفِها..ارْتَفَعَ صَدْرها مُسْتَنْشِقة كُومة نَقيَّة تُعينها على طَرْد أَتْرِبة الضّيق المُزَعْزِعة سُكون رُوحها..زَفَرت بوُضوح،و هُو كان مُتابِعاً بدِقَّة لفِعْلها هذا..هُو أساساً كان يَبْعَثُ نَظرات عينيه إليها..هي نَهْرُه العَذْب..يتأَمَّلها يُعيد تَلْوين الرَّمادية التي بُصِقَت على الماضي البَهي..بعَيْنَيه يَطُوف مَدائنها الرَّقيقة،يُحَيّي طُفولتها المَنْحوتة بين طَيَّات ملامحها الأُنْثَويَّة..يُسافر فوق جِنْحي جِفْنَيها ليَرْسو و الشَّوقُ سَفينته عند مَرْفأ اَهْدابها المُلْتَوية..،اعْتَدَل في وُقُوفِه تاركاً السُّور ليَسْتَدير يساراً مُواجِهاً جَسَدَها باسْتِقامة..كَفَّاه مَحْشُورَتان وَسَط دفئ جَيْبيه،مَخْبأه ليُخفي بهِ الرَّجْفة التي قَد تُباغت عَضَلاته..،بِبَحَّة انْحَرَت مَوْتَ الصَّوْت لتُحْيي هَمْساً حَلَّقَ من حَنْجَرته المَشْروخة بغصَّة و عَشْرة..،:ليش رفضتيني ؟
تَقَدَّمَت للأمام مُلْصِقة أَسْفَل بَطْنِها بالسُّور المُصَيّرَتهُ حَواسَها دِرْع حِماية لها،يَصْطَد لثَوْرات المَشاعر المُحاول بَثَّها بحُضوره،قُرْبه،صَوْته و كلماته..زَمَّت شَفَتَيْها تُتَرْجم لعَيْنَيْه ضِيقها الذي تَكالبَ عَليها من سُؤاله..لكنَّهُ تَجَاهل رسالتها المُطالِبة بصَمْته،إشاحة وَجْهها و زَفَراتها الباردة المُغادِرة صَدْرَها بثِقْل يَحْكي حَجْم صَبْرها عليه..،خَطَى مُقْتَرِباً،مُقَلّصاً المسافة بينهما سامِحاً لعطْره أن يَسْكُن أَحْشاءَها و يتَشَعَّب بين أَزِقَّة روحها الصَدِئة من كابَوس أَسْود مُشَوَّش الملامح..نَطَق يُحَذّرها عالمِاً بما تُحيكه نَواياها،:نُور لا تتهربين..لا تخليني اتصرف بطريقة تضايقش و تضايقني
هَمَسَت و بَصَرُها يُعانِق لَوْحة الإبْداع الرَّاقِصة بزَهْو أمامها،:غَيّر المَوْضوع اذا ماتبي تضايقني
عَقَّبَ بسُرْعة يُعارِضها،:بس نُــو
غَادرَ الرَّجَاءُ حَنْجَرتها باتِراً كلماته،:الله يخليك غيّر الموضوع
ضَمَّ شَفَتيه يُكْبِح لِجام الأسْئِلة النابِتة في جَوْفِه،تَمْتَمَ،:على راحتش
لا زال جَسَده يُواجِهُها،لكنَّ رأسه اسْتَدار يَميناً مُنْضَمَّاً للقافِلة من جَديد و كفَّاه تَتَقَلْقَلان وسط جَيْبه تُنَبّشان عن الصَّبْر..أَوْزَع على المَجال بضع نَظَرات عَشْوائية قَبْلَ أن تَسْتَريح عَدَستيه على جانب وجْهها..تَراجع خُطْوة للخلف و هو يُواجه النَّهْر بظَهْره لتَتَّضِح مَعالم وجْهها بالكامل..اسْتَنَدَ على السُّور مُتسائِلاً،:لين متى بتظلين تتأملين..بس خلاص ملل !
نَطَقَت باسْتنكار هادئ دون أن تُحَرّك عَدَستيها إليه،:شلون ملل و إنت تحب البَحَر !
أَجاب مُوَضِّحاً،:هذا نَهَر مو بَحَر
بذات الهُدوء المُسْتَرْخي،:نَفْــس الشي..اثنينهم ماي
اعْتَدَل في وُقُوفه مُتَقَلّداً بالجديَّة..فالأَمْر يَعْني حَبيبه البَحر..عَقَّب يُصَحّح لها،:لا مو نفس الشي..البحر مالح و هذا حلو..البحر أوسع،أقوى و أخْطر..البحر أصلاً شـ
قاطَعته و هي تَسْتَدير بنصف جَسَدها إليه و بتلَّات ضِحْكة أَزْهَرَت حَوْل وَجْهها،:خَلاااص آسفـــة "اتَّسَعت ابْتسامتها و هي تُرْدِف و عَيْناها قد حَطَّ جِنْحَيْهما فوق أرْض عَيْنيه" تعَدّيت على حبيبك الغالي
فَغَر فَمَه مع تَعَلُّق وَعْيه بسَنابِك ابْتسامتها الغائبة عنه لعامين..تَجَمَّدت حَواسه عند رَبيعها،اسْتَنْشَقَ الحياة فيها و تَهَدْهَدَت روحه المَضْنية على مَيلانها اليانع،الضَّاج بسَعادة يَسْمَعُها تُناديه..بمَلَقٍ تَهْمِس إليه أن أَقْبِل،فبين مدائن هذه الأُنْثى أغْفو أنا..سَعادتك..،أَطْبَقَ شَفَتيه بانْتباه عندما اسْتدارت عنه عائِدة للنَّهْر و الإبتسامة لا زالت تُزَيّن شَفَتيها الصَّغيرَتين..ارْتَفَعَ صَدْرَهُ بشَهيق خافِت ليَنْخَفِض بخفَّة كاشِفاً عن قَشْعَريرة وُلِدت من رَحْم قَلْبٍ قد هَوى نَبْضه في هواها عَشْرا..هي تَبْتَسِم فتَلِدهُ الحياة مُجَدَّداً،رَجُلٌ بقلبٍ لا يَعْشَق سواها..،تَنَحْنَح يُرَشّح صَوْته من التَّيْه ناطِقاً بخُفوت داَعَب مَسْمَعيها،:ترى تهينين البَحر بهالمُقارنة
عَقَّبت دون أن تنظر إليه،:قلت آســفة
بجِديَّة لا يَحْتاجها المَوضوع في وجهة نظر نُور،:تمام قَبلت اعتذارش "أَرْدَف مع مُغادرة يُمناه جيبه داعِكاً بأصابعها صدْغه" انا يوعان..ما تريقت و لا تغديت
و لا هي..مَعدَتها جَرْداء،لم تَطأها و لو لُقْمَة مُذ حاصَرتها رياح الخَبر التي شَنَّها على روحها والدها..أَغْمَضَت لوَهْلة تَطْرد نَفَثات الكآبة عن حَواسِها،لا تُريد أن يَنْعَقِد فِكْرها بالأمْر..تُريد النِسْيان و لا غيره،على الأقل حتى نهاية هذا اليُوم..راحة البال و صَفاء الرُّوح أُمْنية بالنسبة لها في هذه اللحظة،لو كَلَّفها الأَمْر أَصْعَب التنازلات و بَيْع الثَّمين لَقَبِلت من أجْل أن تَفوز بسُويعاتٍ من الرَّاحة..،أخيراً تَرَكت يداها السُّور لتُواجهه بجَسَدها و هي تَقول،:انا بعد مو ماكله شي "تَساءلت و عيناها تَطوفان على جانب المَدينة" شتبي تاكل ؟
أَجاب بنفاذ صَبْر،:أي شـــي..لو خبز خالي المُهم أسد جوعي
إلهي الرَّحمة..عادت و بَعْثَرت نَبْضه،للمرَّة الثانية تَبْتَسِم اليوم عاصِفة بذاته..و كأنَّها تَبْصُم على وَثيقة اسْتسلام كَيان رُجولته إليها..،أَخْرَجت هاتِفَها مُعَقّبة بمُزاح،:زيـــن لا تصيح،كأنك طفل جوعان "رفعته لأُذنها مُرْدِفة" بكلم ابوي اذا يجي ويانا "نَظَرت إليه للثوانٍ مُتسائِلة" ما تدري وينه ؟
حَرَّك كَتِفيه مُقَوّساً فمه دلالة على عَدم مَعْرِفته..بانت لهُ عُقْدة بين حاجبيها مع تَراجع الهاتف عن أُذنها لتَقول باسْتنكار و هي تنظر للشاشة،:قطع الإتصال !
عَقَّبَ،:يمكن عنده شغل
تَمْتَمت بخُفوت و هي تُعيده لجيبها،:يمكن "أَرْدفت قَبْل أن تَتَقَدَّمه" زين تعال نشوف اذا في مطعم قَريب أكله حَلال
لَحِقَها بعد أن أَنْبَتت وَسط روحه ابْتسامات شَتَّى،كانت غَيْثاً كَريماً أرْوى عَطَشَهُ بعد عامين من الغياب..نعم عامين..سَيَنْسى الفَتْرة التي امْتلكها فيها ابن أُخْته،سَيُحاول أن يُمْحي آثارها السَّوداء من ذاكرته،و سَيَقْتَلِع شُؤمَها المُتَعَلّق بأَذْيال نَبْضه بعد أن يَسْد ما خَلَّفته من تَصَدُّعات بين جَنَبات روحه..تلك الرُّوح التي هامِت في طِفْلة،و رَبَت مع سِنينها حتى اسْتوَت رُوح رَجُل عاشِق لهذه الأنْثى..أُنْثى سعادته و العَيْن التي يُبْصِر بها جَمال الحياة..،هي كذلك ابْتاعت النِسيان في هذه السَّاعة..انْسَلَخَت عن ذّاتها المُتَوَشّحة بالبؤس،جَفَّفت عينيها عن الدُّموع و رَشَّحت حنجرتها من غَصَّات تَلْتوي مُفْرِجة عن أنَّة تُوْجِع قَلْبُها المُعْتَل من ماضي مُبْهَم..تَناست نُور التي عَشِقت طَلال.. تناست نور التي مات عِشْقها بانْعِقاد أُنوثتها بعبْدالله..و تناست أَلَماً أَضْرَمتهُ أَحْقاد لتُزَعْزع عَيْشها..جَمَعت كُل مُنَغّص و ألْقَتهُ في النَّهر بلا دَعَوة لأن يُرَد إليها..خَطَت معه و هو طَلال رَفيق طُفولتها..و لا شيء آخر..،

،

كان يُرافق طَلال لمُقابلة ابْنته..كلاهما يَعْبُران الطَريق نَفْسه للوُصول إليها،لكن طَريق الوُصول لحُزْنها اخْتَلَف عند كُل واحد منهما..، الأَرْضُ من أَسْفَلِهما تَتَلَصَّص على الحَديث الجَدّي الحائم بينهما..كان ناصر يُطْلِق أَوامره بحدَّة حاوَل طَلال أن يُعارِضها و يُبَيّن لهُ مَساوئ خُطَّته لكنهُ لم يُعير تَحْذيراته أَدْنى اهتمام..صَبَرَ كَثيراً للحد الذي جَعَلَهُ يَنْكأ جِراح قَلْبه المَوْجوع على ابْنته بصَمْت،يَتَوَجَّع و يَسْري بين دمائهِ الألَم سُمَّاً لكنَّه يَبْقى صامِتاً،يَتَحامل و لا يُفْرِج عن آه تَصَدَّعت قَهَراً على طِفْلته..الحياة باتت مُرَّة في لسانها..و الدَّمْعُ قد اتَّخَذّ مُقْلَتيها مَخْدَعاً له..نَحُل جِسْمُها و اللَّون أَصْبَح يَتراجع عن أَرْض وجهها الباذِخة..حتى بات جِلْدها يَتَشَرَّب اصْفرار الهَم الشَّاحِب..هَمَّها يَقْتات على ماضٍ مُبْهَم عَقْلها المَضْني غير قادر على فَك شيفراته المُعَقّدة..كانت بين الوَعي و اللاوعي،لا تدري أيُّ أرْض تَتَلَقَّف عَرْضَها المَهْتُوك من أَسْفَلِها،و لا أيُّ سَماء تُظَلّل مُصيبتها من فوقها..الفَجْرُ بضوئه المُتلاشي المُغازِل الظَّلام الدَّامس صَيَّرَ نَفْسِه سُتْراً للفَضيحة التي رُفِعَت أَعْلامها..،هُو لو كان بيده لقَتَل طَلال و قَتَلها،تِلكَ التي بحقْدها و شَيْطانها أَعادت ذاكرته لليلة التي كان فيها رَجُلٌ خائن طَعَن ظَهْر صاحب اليَد التي امْتَدَّت إليه..،زَفَرَ هَواجسه الشائب شَعْره من حِمْلها و هو يَمْسح جانب وَجْهه،يُزيح التَّعَب المَحْشور بين طَيَّات ملامحه..هَمَس بكلمات ارْتَدَت وِشاح القَهَر،:كله انتقــام..كله عشان تنتقم مني..تبي ترد اعتبارها
نَطَقَ طَلال مُسْتَنْكِراً،:مقهورة منك خل تنتقم منك مو من بنتك !
صَحَّحَ لهُ بأسَى قَيَّد أَضْلاعه و عَيْناه تَبُثَّان حُزْنَهما للأَرَض الصَّامتة،:تنتقم مني في بنتي..هي أم و تعرف إنَّ وجع الضَّنى ينغرس في القلب أضْعاف "أرْدَفَ و بَصَرَهُ يُعاتِبه،يُعاتِب الرُّوح التي صُقِلت أمام ناظريه"و إنت ساعدتها يا طَلال..سَهَّلت عليها انتقامها
أَسْبَلَ جِفْنيه يَحْمي بَصَره من صُوَر تُباغِت سُكونه لتُزَعْزعه..صُوَر لها أَنْصال سِهام مَسْمومة تَمْرق الجِلْد لتَسْتَقِر وَسَط قَلبٍ يُدْمى من فَرْط نَدَمِه..أَفْرَغ تَعَبَ روحه من صَدْره قَبْل أن يُعَقّب برجاء،:خلاص لا تلومني،خَلَّصت أعذاري..لا تخليني أكْره نفسي زيادة
بتَنْهيدة تَجانَست مع نَسيم دُبْلُن البارد،:للأسَف ما يفيد النَّدَم..ما يَرَجّع كل شي لأصله،ما يرَجّع راحة بنتي و سعادتها
عَقّب بابتسامة مالت بحَسْرة مَقْهورة و عَدَستاه تَتَقَلَّبان بِضَياع،:و واحد مثلي سعادته ناقصة بيقدر يرجّع لها سعادتها !
رَنا إليه بِطَرف عَيْنه قائلاً،:مو تقول تحبها ! اعتقد هذا السبب كفيل في إنّه يساعدك على إسْعادها
صَمَت مُرْهِفاً سَمْعَ قَلْبه للكلمة التي نَطَقَ بها "تحبها" هل هو يُحِبَّها فعلاً ؟ لا يَذْكُر أنَّ التَّاريخ خَلَّدَ مُحِبَّاً ضَرَّ حَبيبته..أهانها و اقْتَلَع زُهور النَّقاء من أَرْض أُنوثتها البَريئة،لم يَرْتَعِد خَوْفاً من خالِقه كَسَحابة تُفْرِغ ثِقْلَها للأرَض..هُو بجَريرته النَّكْراء نَحَر ابْتسامة ابْن أُخْته،عَبْدالله ذو الضّحْكة السَّمْحة..خَسِئتَ طَلال،لا غُفْران لك..لا غُفْران لخَطيئتك المُخْتَبِئة خلف أَسْوار الكُتْمان..،
،:عَمـي..عَمــي ناصر
الْتَفَت للصَّوت و قَدماه تُخَفّفان مَشْيَهما بتلقائية..ناصر كذلك تَوَقَّف مُسْتَديراً للجهة التي تَرْتَفِع منها المُناداة..،زَمَّ شَفَتيه بضيقٍ تَكالبَ عليه إثْر اجْتراع بَصَره لوَجْه هذا الرَّجُل..يَكْرهه و يَكْره جُرْءأَته في تبيان اهتمامه لنُور..نَظَر لناصر الذي نَطَق و الإسْتغراب مُنْعَقِد بين حاجبيه بعد أن وَقَف ذاك أمامه ،:خيـر شتبي !
أَرْفَع بُرود سَاخِر حاجب طَلال و هو يَرى كَيْف انْتَقلَت عَدَستاه بينه و بين ناصِر،نَطَق بنَبْرة غَلَّفتها السُّخْرية،:نَعم دكتور فَهَد..شعندك ؟
لم يُجِبه على الرَّغم من تَعَجّبه لمَعرفة هذا الرَّجُل به..أَشَاحَ وَجْهه عنه عاقِداً بصره بعَيْني ناصِر و هو يَقول بجديَّة انْسَكَبت على حَواسه قَبْل صَوْته،:عَمي ابي اكلمك في مَوْضوع "أرْدَف بسرعة قَبْل أن يَعْترض ناصر" أرْجوك عمي عطني فرصة و خلني اتكلم
ببرود حاوَل أن يُمْزجه بعَدَم الإهتمام،:يستاهل هاللي تبي تكلمني فيه إنّي اسْمعه ؟
هَزَّ رأسه مَرَّات مُتتالية مُؤكّداً،:ايـه ايــه صدقني عمي يستاهل..إنت بس عطني فرصة و لا تظلمني
بهُدوء،:زيــن بنعطيك فرصة "وَجَّه نظراته لطلال الواقف بجانبه و هو يَقول آمِراً" إنت روح،احسن بعد تروح بروحك "رَفَع يده مُلَوّحاً بسَبَّابته كَسَيْف تَحْذير" مثل ما اتفقنا،إن حاولت تقول شي غير تعرف شنو بيصير
زَفَر بضيق قَبْل أن يَهْمُس و عَيْناه تَلْطُمان وَجْه فَهْد بنظراتهما الحارِقة،:زيــن
تَرَاجع خُطْوتان للخلف ثُمَّ اسْتدار مُبْتَعِداً عن مَوْضِع وُقوفهما بعد أن أَلْقى آخر سَهم من مُقْليته على فَهْد الغير عالم بهَوية هذا الرَّجُل الواضِح و جداًحقده عليه ! أشار ناصِر لأحد المقاهي المُطِلَّة على الشارع المُقابل و هو يَقول،:تعال نشرب شي و نتكلم

،

فَوْقَ مَعْقَدان من خَشَبِ الخَيْزَران كانا يَجْلُسان،ها هُو ناصِر يُقابِل فَهْد الذي قَبْلَ أيَّام نَفَثَ بِضْع كَلِمات حادَّة مَسَّت رُجُولته..و ها هُو فَهْد اليَوم آتٍ لرد اعْتبار رُجولته من خلال تَوْضيح بَسيط و غَير مُعَقَّد ابْتَدأه بكَلِمة واحِدة و هو يُشْبِك أًصابع يَدَيه فوق الطاولة الزُجاجية،:آســف
ارْتِفاع مُتَعَجّب طال حاجبيه و هو يُعَقّب باسْتفسار،:عَلى ؟
ضَغَطَ بأَصابعه على ظاهر يَديه مُجيباً و عَدَستاه تَتَخَبَّطَان على انْعِكاس السَّماء في الزُّجاج،:على تَصرفاتي مع بنتك..اعتذر لأني ضايقتك و ضايقتها "رَفَع عَيْنيه ليَجْتَرِع ناصِر نَهْر الصّدق العابرهما و هو يُرْدِف"بس والله ما كان قَصْدي شي سيء،و لا تعمَّدت أنزّل من قيمة بنتك..يمكن كان غلطي إني توقعتها ما عندها مُشكلة إنّي أزيح الرَّسْمية اللي بينا "كَرَّرَ مُؤَكّداً" أعْتذر منّك و وصل لها اعْتذاري
رَفَع ظَهْره مُتَخَلّصِاً من اسْتناده مُقَرّباً جَسَده من الطاوِلة..أَخْفَضَ بَصَره لكوب القَهْوة الأبْيَض و بُهدوء رَفَعه ليَرْتَشف..ثوانٍ و أعاده لمَكانه مع ولادة ابْتسامة مائِلة على شَفَتيه..عَقَد نَظَراته القَويَّة بنظرات فَهْد المُنَبّشة عن ردَّة فعل تُنْقِذه من ثِقْل تأنيب الضَّمير،و بصوته الجَهُور نَطَق،:صَراحة صَدَمتني..ما توقعت إنّك تِعْتذر
وَضَّح و عُقْدة يَديه تُحَل كَمَن فُرِجت عِلّته،:عرفت إنّي غلطان،و أنا من طبعي اذا غلطت لازم اعتذر عشان ارتاح
اتَّسَعت ابْتسامته قَبْلَ أن يُعَقّب،:و أنا قبلت اعتذارك..ارْتاح يُبــه
بانت ضِحْكة على وَجْهه و بين حَدَقَتيه لاحت أطْيافُ سَعادة وَشْوَشَت لدَهاء ناصِر بأنَّ هُنالِكَ شَيئاً آخر..لم يُطِل في التَفْكير فَفَهْد نَطَق مُباشَرة و كأنَّهُ تَشَجَّع من غُفْران ناصِر و ابْتسامته السَّمْحة..،:عَمي..ما أخفي عليك،أنا صار لي فَتْرة أفكّر في الموضوع بس كنت متردد في طرحه..و اتوقع اللحين صار الوقت المُناسب " وبثقة" أنا ابي بنتك زوجة لي على سنَّة الله و رَسُوله
لم يَصْدُمه الطَلَّب كما صَدَمهُ الإعْتراف..رُبَّما لأنَّه تَوَقَّع أن يَسْمعه الآن أو بعد فَتْرة،فطَلال أَعْلَمَهُ جَيّداً عن مَدى اهْتمام الطَبيب فَهْد الخاص بابْنَته نُور..عاد إلى اسْتناده عاقِداً ذِراعيه على صَدْره،عَبَرَ بَصَرُه المَجال حَوْله يُراقِب انْحشار الصَّخب في المَكان مع اقْتراب الغُروب..بطَرف سَبَّابته دَعَكَ صِدْغه قَبْل أن يَمْسَح على شَعْر ذِقْنه بتَفْكير..تَحَمْحَم بعد أن أحَلَّ عُقدَة ذراعيه و هو يَقْتَرِب من الطاولة ليَقُول،:أعْتقد إنّك تدري إنها منفصلة
هَزَّ رأسه بالإيجاب،:ايـه ادري..و ما عندي أي مُشْكلة في إنها تكون منفصلة..لأن هالشي ما يعيبها
نَطَق بجِديَّة بانت في صَوْته،:بكون صَريح معاك..سَبَق و خَطبها مني شخص ثاني قبل جم يوم..لذلك أنا بعطيها خَبَر عنكم انتوا الأثنين و بترك لها الإختيار
تَسَاءَل بشَك،:اللي كان معاك قبل شوي هو اللي خَطَبْها
صَمَت للحظات ثُمَّ أجاب دون تَرَدُّد،:ايــه
هَزَّ رأسه بتَفَهُّم و هو يُحاول أن يَتَحَلَّى بابتسامة يُخْفي بها خَوْفه من فقدانها لذاك الرَّجُل..تناول كُوبه يُبَدّد قَلَقه بحَلاوة القَهْوة كما اعْتاد أن يَطْلبها و أُذْنه الْتَقَطت كلمات ناصِر بانْتباه،:اليُوم بكلمها..و بعطيك خَبَر عن رَدها
غادَرت صَدْره تَنْهيدة مُتَوَجّسة قَبْلَ أن يُعَقّب،:ان شـاء الله



أَنْعَشَ جَسَدَهُ المُنْهَك بثَمان ساعات مُتواصِلة من النَّوم الهادئ..حاوَل و بصعوبة اسْتطاع أن يُخَلّص عَقْله من قُيود الأٌفكار حتى لا تَقِف سَدَّاً مَنيعاً بينه و بين الرَّاحة،و هو يَعْلم لو أنَّه اسْتَسْلَم لها سيَقَع في قَبْضة الأَرق و الصُّداع المُزَلْزِل الرَّأس..صَلَّى،تَناول غَدائه..جالَسَ والديه،غَيْداء و طفليها اللذان يَسْتَمْتِع وجِدّاً في اللعب مَعهما.. و من ثُمَّ اسْتَحم و ها هُو يَرْتَدي مَلابسه مُسْتَعِدّاً لخُروجه..،كان يَقِف بالقُرب من سَريره يُغْلِق أزْرار قَميصه الأبْيَض..نَطَقَ بنَبْرة تَشَبَّعت قَهَراً،:لو على كيفي أوَّل ما اشوفه اعطيه جم كف يمكن يحس بالغباء اللي سواه
ارْتَفَع صَوْت رائد من الهاتف المَوْضوع على مُكَبّر الصُّوت،:إنت قلتها،غَبــاء..غَبي ما عليه شَره..بس إنت حاول تكون هادي مانبي مَشاكل
زَفَرَ وهو يَرْتَدي بنطاله ليَقُول بنَبْرة ألْبَسَها الهُدوء و بعقلانية،:أنا اللي اقوله من قهري على دموع أختي و ضيقها..و إنت تعرفني بعيد عن المشاكل..بس هذا ما يمنع إنّي أبيّن له غلطه من خلال كلامي
عَقَّبَ،:قول اللي تبيه و اللي يريحك..من حقك "تَساءل" إنت متى بتجي ؟
أجاب ويده تَطوي كُم قَميصه للمِرْفِق،:شوي و بطلع من البيت "انْحَنى مُتناولاً الهاتف،أعاده للوضع العادي مع طَرْق الباب،الْتَفَت ليَتَراءى وَجْهُ غَيْداء المُطِل..ابْتَسَم لها و هو يُشير بيده لتَدْخُل مع إنهائه للمكُالمة" ربع ساعة و جاي
تَوَقَّفَت أمامه تُحيك بأصابعها وِشاح قَلَق تُلْبِسْهُ حَواسَها المَشْدوهة للـ"قَتْل" الذي رُبَّما تَرَمَّلت بسببه..أَيُعْقَل أنَّهُ قُتِل فعلاً ؟ هل سَيَكون جَواب عبد الله بعد لقاء ذاك الأَهْوج "نَعم قُتِل"..فَقيد عُمْركِ قد طالته أَيْدٍ سَوْداء،حَرَمت أَنْفاسها من الإخْتلاط بنَفَسَهُ الأذْفَر،المُنْتشية بهِ لياليها..،عانَقَت يَده جانب وَجْهها يُرَبّت بحَنان أُخوي على خَدَّها ليَزْرَع طِمأنينية بين جَنَباتها..،هَمَسَت بحَشْرَجة مَسَّت عِرْقَ قَلْبه،:تتوقع كلامه يطلع صَح ؟
أَجابَ بنَبْرة هادئِة،:والله مادري حبيبتي..حاولت اعرف من رائد بس رَفَض إنَّه يتكلم في التيلفون..نقول ان شاء الله خير
أَكَّدت برَجاء بان عُظْمِه في بريق ماء عَيْنيها،:يـارب..ان شاء الله
أَحْنى رأسه قَليلاً لاثِماً جَبينها النَّاعم عَلَّه يُودِع سُكون وَسَط روحها حتى السَّاعات المُقْبِلة..قال بعد أن ابْتعد،:بخبرش بكل شي بعد ما اكلمهم
تَساءلت و هي تَمْشي معه لخارج الغُرْفة،:ما بترجع اهني ؟
غَضَّن ملامحه يُمَثّل التَعَب،:لا..اليوم بعد دوامي آخر ليل
أحاطت خصره بذراعها قَبْلَ أن تَترك قُبْلة فَوْق كَتفه و من ثُمَّ تَهْمِس بحُب نَقي،:حَبيبي الله يعطيك العافية و يَقويك
و هو يُداعب خَدَّها بأصابعه،:يعافيش و يقويش يا الرقيقة إنتِ
انْفَصَلا عند بداية السُلَّم من الأعْلى..هي عادت لغُرْفتها و هو تابع للأسْفَل حيث كانت غُرَف الجُلوس خالية..تابَع للخارج حتَّى سَيَّارته..اسْتَقَلَّها و ثوانٍ كان يُغادر منزلهم الواسِع مُتَّجِهاً للمكان الذي اتفق مع رائد بأن يُقابل فيه عَبد العَزيز..ذاك الذي أَتى بلا مَوْعِد مُسْقِطاً حُصون التَّماسك التي بالكَاد بُنِيَت حَوْلَ روح شَقيقته الفاقِدة..لا زال يَذْكر اليَوْمَ الذي مات فَيه،اليَوم الذي انْطَفَأَت فيه ابْتسامة أُنْثى قُطِعَ حَبْلُ الوِصال بينها و بين رَجُلُها..على سَريرٍ أَبْيَض كانت أَنْفاسه قد ذَوَت و اسْتَقَلَّت سَحابة الرَّحيل الأخير..و بَقِيَت عَيْناه كما هُما،يُناغيهما دَمْعٌ حَوَى أُمْنية احْتضان طَيران صَغيران قَبْل الوَداع..عَبْدالله و بَيَان اللذان لا يَعْرُفان ما هُو المَوت،و عَقْلَهُما المَأهول بالتَساؤولات البَريئة لم تُغْدِقْهُ أَجْوبة بَسيطة لا تُعَقّد الحياة في عَيْنيهما..،رَفَعَ ذراعه اليُسْرى سانِداً مِرْفَقَها على إطار النَّافِذة،و ظاهر أَصابعه يُلامس شَفَتيه في مَشْهَد تَفْكير دَقيق..هُو لو أعاد النَظَر للكَم الهائل و المُفْزِع من الدّماء الغازِية جَسَدَهُ الطَّاهِر لَرُبَّما يُفْتَح لهُ باب جَديد..باب القَتْل ! لكن السؤال هُنا من ذا الذي أَقْدَم على قَتْله و لماذا ! هَمَس لنَفْسه و ذراعه تَعود للمقْود،:مُجْرم ؟ يمكن واحد من المُجرمين اللي كشفهم "عاد للنتيجة الأولى" زيـن يمكن فعلاً حادث طبيعي و هالعبد العزيز جذاب !
لكن رائد..رائد تَبَيَّن لهُ من صَوْته أنَّه يَعْرف شيء..بل يُخْفي شيء اذا صَحَّ التَعْبير..زَفَرَ بملامح مُتَصَدّعة،لا جَدْوى من التَفكير،لستَ مُحَقّقاً عبدالله و لا تَمْلك سوى مَعْلومة واحدة و هي أَنَّ عَمَّار وافتهُ المنيَّة إثْر حادث سَيَّارة مُرَوّع..،أَرْكَن مَرْكَبته في المَكان المُخَصَّص أمام المَقْهى..أَوْقَفَ المُحَرّك،تناول عطره المُرافقهُ دائماً ليَسْتَحِم برائحته القَويَّة..تَرَجَّل من السيَّارة،اَغْلَقها و من ثُمَّ خَطى بثَبات نَحْو باب الدخول..،كانت السَّاعة تُشير إلى الخامسة و بضع دقائق بعد العَصْر،دَلَف للمقهى و عَيْناه تَطوفان تَبْحثان عن رائد..ثوانٍ و حَطَّ بَصَرهُ عليه و هو يُلَوّح له بابْتسامة،تلقائياً غادرت عَيْناه للذي معه..بالتأكيد هُو عبد العَزيز،عُقِدت نَظراتهما و كلاهما ألْبَس عَيْنيه قَوْساً يُطْلِق سهاماً حادَّة لا تَهاب شيء..،تَقَدَّم بهُدوء ناحيتهما و هو يَرى كيف قَرَّب رأسه من رائد يَهْمس بكلمات لا يَدْري ماهي..،
هُناك حَوْل الطاولة كانا يَجْلسان يَنتظرانه..و ما إن بان لهما لَوَّح رائد له يُعْلمه بمكانهما..هُو بادَلهُ نَظَرات القوَّة بطريقة مُسْتَفِزَّة..قَبْل أن يَلْتَفت لرائد هامِساً بسُخْرية،:ماشاء الله هالعائلة مستحوذين على الجَمال!
عُقْدة عَدَم فَهْم بانت بين حاجبي رائد الذي تَساءل،:شتقصد مافهمت ؟!
أجاب و هو يَعود ببصره لعبد الله الذي اقْتَرب،:وسامة عبدالله مثل وسامة طَلال..مُلْفِتة "ارْتَفَع حاجبه و بابْتسامة مائِلة أكْمَل" و زوجة عَمَّار الله يرحمه ما اذكر إنّي قابلت أجْمل منها
اتَّسَعت عَيْناه بصَدْمة من الإعْترف السَّاحق..قَرَّب رأسه أكثر و من بين أَسْنانه هَمَسَ،:يالكــ إنت شقاعد تقول ! استخفيت لو شنو ! شلون تتكلم عن البنت بهالطريقة ؟!
سَكَب عليه نَظْرة غَزَلَ بُرودتها بعدم اهْتمام ألْبَسَ ملامحه تَبَلُّد امْتَعَضَ منهُ رائد الذي اضطَّرَ أن يَتَجاهله ليقف مُسَلّماً على عبدالله بابْتسامة واسِعة،:هلا هلا عَبود..من زمان عنّك
رَدَّ لهُ الإبْتسامة،:هلا فيــك..تعرف بعد دوام المُسْتشفى
هَزَّ رأسه بتَفَهُّم،:الله يعطيك العافية
عَيْناه الْتَحَقتا بمَسير النَظرات الحادَّة مُعَقّباً بخُفوت،:الله يعافيك "مَدَّ كَفَّه لعبد العزيز الذي وَقف و عَباءة الثّقة تَعْلو كَتِفيه" السَّلام أخ عَزيز
ابْتسامته المائلة تَقَلَّدت بثَوب المُجاملة،:و عليكم السَّلام أخ عبدالله
أَشارَ رائد للمَقْعَد الثالث،:تفضل عَبود اقعد "انتظره حتى جَلَسَ ثُمَّ تَساءل" شنو تبي تشرب ؟
أَجاب دون أن ينظر إليه بنبرة هجومية،:مو جاي اشرب شي رائد..جاي ابي تَفْسير لقلّة الذوق اللي صارت
نَطَقَ عَزيز بنَبْرة اجْتَرَعت البُرود،:ما اعتقد إنَّ صار شي يدل على قلَّة الذوق
اسْتَرْخى في جُلوسه سانِداً ظَهره للمقعد و هو يَعْقِد ذراعيه على صَدْره ليَتساءل بإمارات تَعَجُّب مُصْطَنَع،:والله ؟ مافي قلّة ذوق ! زين اشرح لي يا أخ شنو مفهوم قلّة الذوق عندك
ارْتَفَع حاجبه مُعَقّباً بثِقة،:قلّة الذوق إنّك تجي تقول إنّي قَليل ذوق في وجهي..بدون أدْنى احْترام
نَفَثَ كلماته اللاسِعة و في عَيْنيه اسْتَعَر اللَّوم،:و تعتقد إنّك اذا دخلت بيتنا و أفزعت إختي أنا باحترمك ؟ أم عبدالله ما وقفت دموعها من رميت عليها كلامك
وَضَّحَ رؤيته المُقْتَنِع بها تماماً،:ما قَصَدت أفزعها و أنزل دموعها..مقصدي إنّي اعطيها خَبَر إنَّ زوجها ما مات من حادث عادي عَشان يرتاح ضَميري
عُقْدة اسْتنكار بانت بين حاجبيه و لسانه أطْلَق سؤال اسْتغرابه،:و بعدين شنو سالفة القتل ذي اللي طلعت لنا فيها ! عَمَّار صار له أكثر من سنة من مات..و التحقيق كانت نتيجته حادث طبيعي،و محد جاب سيرة القتل و هالحجي الفاضي اللي تقوله !
نَطَقَ رائد بعد أن كَسا صَوْته جديَّة،:عبدالله أنا و عَزيز عندنا علم بشي محد يعرفه بخصوص عَمَّار..عندنا شُكوك حول موته..لذلك عَزيز طالب بفتح ملف قَضية و قَرَّر إنَّه يعطي إختك خَبَر
أكْمَل عنهُ عَزيز و هو يَنفث جَليده اللاسع،:عشان تطالب بدم زوجها و القاتل ياخذ جَزاه
أَرْخَى جِفْنيه و عَقْله نَقَّحهُ من الأفْكار ما خلا فِكرة القَتْل هذه..وَجْهه المُشَوَّه..الدّماء المُتَفَجّرة من ذراعه كما يُنْبوع وَسَط صَحْراء شاحِبة،روحه التي فَرَّت كما طَيْر قَبْل أن يَصل للمَشْفى..سيَّارته،نعم سَيَّارته يَذْكُر أنَّهُ رآها في الصَّحيفة..هَبَّت رياح مُبْهَمة سَرَّعت من حَرَكة أهْدابه،و قَلْبه بَدأ بقَرْع طُبول تَوَجُّساته "غَريــب،السيَّارة انْعَدَمت و العَمود بالكاد تضرر..و كأنَّ ما اصطدمت فيه من الأساس " كانت تلك كَلمات مُحَمَّد الباردة..شَعَر برَجْفة طالت أَطْرافه و هو يَتَذَكَّر الشَّتاء المُقتِم الذي كان يَحوم حَوْل مُحَمَّد و هو يَنْطُق بها..و كأنَّ من بين ذلك الشتاء تَوارت معانٍ لم يَلْتقطها عَقْله حينها ليستنبط أَسْرارها..،تَحَرَّك مُتَقَدّماً من الطاولة..نَظَرَ لعَزيز بهُدوء قَبْل أن يَنْطق بسُكون،:كَمّل..قول اللي عندك
واصَلَ عَزيز أمام نظرات رائد و طَلال المُنْتبهة بانشْداه،:اللي اعرفه إنَّ إنت اللي كتبت التقرير الطبي حقه " و بتساؤل" شنو سبب المُوت ؟
أجاب بلتقائية،:انقطاع الشريان العضدي و اللي أدَّى إلى نَزيف حـاد جداً..مات حتى قبل لا توصل له سيارة الإسعاف
قَرَّب عَزيز رأسه منهُ مُطْلِقاً كلمات أَلْجَمَت رائد قَبْل أن تُلْجِم عبدالله،:تم قَطع شريانه العضدي إستكمالاً لسلسلة من الجرائم القاتل فيها شخص واحد..أو عُصْبة واحدة "أمْسَكَ هاتفه المَرْكون فوق الطاولة و حَرَّكه باتّجاه قنينة الماء كما سيَّارة ليُرْدِف" قطعوا شريانه في مكان و بعدين أَدخلوه السيَّارة بعد ما حَرَّكوها " و هو يُصْدِم الهاتف بالقِنّينة و بهُدوء مُخيــف" عشان يُخيل للناس إنَّه حادث عادي بين سيارة و عَمود إنارة من غيــر أي تَدَخـــل



يتبع





 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس