عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-2019   #2


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 7 ساعات (08:46 AM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11617
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي




حتى لا تُلقي عليهن خطوط شك هُن بها يرسمن لَوحة شائكة يَعرضنها أمام كُل من يرتاد الجامعة وافقت أن تُرافقهن للإفطار..مرَّة أولى قد تَتَكرر فقط من أجل أن تُمحي ما قد نما في نفوسهن..،ارتشفت من كوب الحليب الأبيض المُذَهَّب الأطراف و أُّذناها تلتقطان كلماتهن المُفعَمة بنشاط يتَخَلَّلَهُ فَرح انقطعت زيارته مُنذ أعوامٍ هَزَمَها المَلل لعدّها حتى أمسى الفَرَحُ غَريباً ذو وجه مُريب يسترق النَظر عليها من خلف قُضبان الحياة..،انتبهت من هَواجسها لصوت إحداهن مُتسائلةً،رفعت عينيها المُنحني فوق جفنيهما كُحل أسود يلتوي عند نهايته تنظر لوجهها و شفتاها المَطليتان بلون خوخي مالتا جانباً كَشفاً عن إبتسامة زَيف تتقنها..،:و انتِ دكتورة فاتن ليش درستين علم نفس ؟
استقرَّ كوعها على الطاولة ليستريح باطن يُمناها فوق وجنتها مُجيبة بصوت ناعم بهِ بَحَّة صمت،:و من قال اني دارسة علم نفس ؟!
قالت أخـرى بتوضيح،:محد قال بس لأنش تدرسين مادة قريبة من علم النفس
حَرَّكت عدستيها بخفَّة لها مُجيبةً و الابتسامة لا زالت تُواصل عملها،:عندي ماستر و دكتوراه في تخصص آيدينتتي لوجيك،بس أنا أساساً خريجة بكالوريوس أدب إنجليزي
عَقَّبت الأولى و معالم التَعَجُّب المُخالطِها إعجاب تتضح على وجهها،:ماشاء الله،و انا طول الوقت اعتقد انش دارسة علم نفس
تناولت بأناملها الكوب لترفعهُ قُرب شفتيها قائلةً قبل أن ترتشف،:مُطَّلِعة بشكل بسيط على علم النفس بس كدراسة ما فَكّرت فيه
تساءلت ثالثة باهتمام تَجَلَّى في عينيها،:زيـن عن شنو يتكلم التخصص و المادة اللي تدرسيها ؟! اشوف الطلاب حابين المادة و درجاتهم ممتازة فيها
تَراجعت للخلف مُسنِدة ظهرها للمقعد ذو القماش الماروني الناعم المُتناسق مع الطاولات الرمادية،عَقَدت ذراعيها على صدرها مُجيبةً بهدوء و أنظارها عليهن،:بشكل مُبَسَّط طبعاً ما بدخل في التفاصيل،التخصص نقدر نقول عبارة عن علم خاص للتطوير و التجديد و التثقيف المُنصَب حول الذات،يبدأ باكتشاف الذات و معرفتها و فَهم أسرارها،يقوم بدراسات و تجارب علمية،مثال كيف ذات شخص واحد تقدر تأثر على مُجتمع بأكمله و بالتالي يتَوَسَّع التأثير للعالم،و شلون يقدر الإنسان يوظف إمكانيات ذاته الواضحة و الخفيَّة لصالح البشرية و منفعتها "اتسعت ابتسامتها الرقيقة مُردِفَةً" و مادَّتي هي تقريباً الأساس،اكتشاف الذَّات و توجيهها،بس يعني مو بشكل مُفَصَّل
نَطَقَت الأولى و الانشداه يغزو حواسها،:صـراحة اندمجت،حسيت التخصص جميل "استدارت لصديقاتها مُواصِلةً بضحكة" شكلي بقترح التخصص على بنتي للحين متحيرة شنو تدرس
عَقَّبت فاتن،:ترى التخصص ينفع حتى لمثل هالمواقف،هالحيرة اللي تواجه الشخص عند اتخاذ قرار مُهم مثل الدراسة،لو كانت فاهمة ذاتها مئة بالمئة ما كانت بتتحير
قالت بملامح تُسَلّم عليها ذكريات تَعَبٍ مضى،:والله تصدقين حتى أولادي اللي أكبر منها كانوا متحيرين شنو يدرسون بعد ما تخرجوا من الثانوية،تعبت معاهم لين ما استقروا على تخصص " وبابتسامة فخورة أكملت" الحمد لله اللحين واحد مُهندس مدني و الثاني باقي له سنة و يصير مُحاسب
بِرقَّة قالت و طَيفٌ من حَنين باغتَ بَصَرها،:الله يخليهم و يوفقهم
الثانية مُضيفةً،:لا انا ولدي قصة ثانية،طول عمره يقول هو يبي يصير طيَّار لدرجة أنا و ابوه كنا مجهزين نفسنا و شايلين له على جنب مبلغ عشان الدراسة،و بعد ما تخرج صدمنا انه يبي يدرس رياضيات
قالت الثالثة بضحكة،:مسكيــن شكله من حبه لش درس مثلش
بحُب نَطَقَت،:حبيبي الله يخليه لي و اشوفه رافع راسي
،:استأذن اللحين
استدرن الثلاث لها،كانت واقفة و فوق كَتِفها تستقر حقيبتها البُنيَّة،عيناها أخفتهما نظارتها السوداء و الابتسامة التي كانت تتربع فوق شفتيها لم تجدن لها أثر..بصوت بانت فيه حشرجة أثارت استغرابهن،:باقي ربع ساعة على محاضرتي لازم امشي،استمتع معاكم مع السلامة
فَور ابتعادها تساءلت الثانية باستغراب،:شفيها ؟! فجأة انقلب وجهها !
ردَّت الأولى و عيناها على باب المطعم الذي خرجت،:والله مادري،غريبة هالمراة !

،

أغلقت باب السيارة ليُحيطها هدوءها الخانق بعد تلك الضجة في المطعم و حديثهن المَرِح،أسندت رأسها للمقعد و هي ترمي حقيبتها على الآخر..مالت برأسها و استقرَّت عينيها من خلف النظَّارة على الخارج حيثُ الحَركة مُستمرة،لم يتوقف الزمن و لم تهدأ الخطوات من أجل الضيق الذي بدأ يكتنف صدرها،ضيقٌ يُنادي على رِفاقه لعَقد اجتماع تنكيل و إرهاب على شعبها المَسجون في صومعة اليُتم المَنحوت ثَلاثاً على حُجيرات قلبها التي باتت حُجرته الرابعة تنتظر يُتمها على قارعة القَلق المُستل الراحة من حياتها..،حديثهن أعادها لتلك الليلة المُسَجَّلة أحداثها في ذاكرة القَمر،ذلك الصُراخ و الفَزع المُنتشر في العروق،رائحة الدماء و عَبرات البُكاء،بكلماتهن أرجعوها للوراء عند شجرة البُرتقال الذي أصبح مُحَرَّماً عليها،تكره لونه،رائحته و طعمه..اسمه فقط يرسم في مُخيلتها البشاعة التي بدأت تُرافق نَومها مُنذُ ارتفاع راياتها المُلطَّخة بالخيانة..،ابتسمت بسخرية على نفسها ودمعة حائرة تهرب من عينيها،تتصيد كل الخيوط المقطوعة،تعقدها جميعاً باحتراف إجرامي لتصل في النهاية إلى المقصلة حيث تَنْتَحِر هناك في كل ساعة من الليل،و الناس نِيام و الدموع حرّة طليقة لا مجال لاختبائها..،



ارتوى الدَمعُ من بؤسها الغافي فوق أهدابِها مُتَراكِماً في صفحة مُقلتيها المُرتشفتان بقسوة احمرار مؤلم رَدَع خيوط النوم الحائمة في سماء جفنيها..صُخورٌ من ضيق استَقَرَّت فَوقَ صدرها المُنتَحِب على وقع خطوات غَصَّاتها الجارحة حنجرتها..خَدٌّ على الوسادة و خَدٌّ صَيَّرَهُ الإعياء مَهبَطاً لكفّ والدتها المُحتَفِظة بدفئٍ لم تُردعه قساوة الزمن التي باتت روحها تخشى من شرورها البازغة من خلف سماء رمادية لا شمس لها..،وَجههُ المُناشِد دمعاً لم يبرح الفراغ أمامها و غَفى خلف جفنيها ليُؤرِقها كُلَّما اتخذت النَوم مَلاذاً لها..كيف احتضنها،لَطَّخَ وجهه بدمائها..لمسة كفّه الباردة الناقلة لها ارتعاشاته الهامسة بالندم..كيف يستطيع أن يَعقِد القسوة بالرِقَّة في ذاته ؟..حيناً يُقيد أُنوثتها بالأولى و حيناً ينثر عليها عَبَق الثانية..هو كان و لا يزال منبع التعقيد الذي لا ينضب..،
،:حـور حبيبتي خليني اجيب لش لُقمة تاكلينها تعوضين هالدم اللي نزف
انكمشت ملامحها و رغبة بالاستفراغ تحوم بالقُرب من حلقِها،هَمَست ببحَّة تعاظمت منذ الساعات الماضية،:مو مشتهية يُمه،اذا اكلت برجعه
بضَجَر قالت و ألم ابنتها يتضاعف في صدرها،:بس ما يصير يا بعد عُمري،زوجش يقول حتى مو متعشية البارحة
أغمَضَت عينيها بقوَّة من ذِكره الجارَّها لقسوته الغازية روحها قبل جسدها الذي أصبحَ مَداساً لجُنونه..فَتَحتهما لتَجيبها و التعب أنهكَ صوتها،:ما عليه ماما اذا اشتهيت بقول لش
صَوتٌ رخيم آتٍ من الخلف زاد من انطواء جَسدِها تحت الغطاء،:سلامات سلامات ما تشوف شر الحور
ازدردت ريقها الذي اصطدم بهروب نبضة فَرَّت بهلع من قلبها عندما انعكس وجهه على عدستيها الغائبتين أسفل بحرٍ من أشجان..بَلَّلَت شفتيها و هي تُخفِض بصرها تُرسل تأملات مُتَخَبّطة لغطاء سريرها البيجي و صوته يصلها،:شلونش اللحين ؟
هَمَسَت بخفوت،:الحمد لله
هَزَّ رأسه،:الحمد لله زين زين "رفع ذراعه ليَحُط باطن يده على كتفها الغافي أسفل الغطاء مُردِفاً بابتسامة لم تخترق قلبها" تعالي بابا
أرجعت كَتِفَها بنفور ارتدَّت منهُ يَدُه،تَصافقت رموشها بطريقة سريعة و لمعان حاد يتطافر من عينيها المنهارتين بين يدي مياه مالحة لها وَخزٌ مُوجِع،استدارت تحشر جسدها في حضن والدتها هامِسةً تبريراً لصدّها،:ابي انام
ابتسم يُداري حَرجه من حركتها قائلاً و هو يقف،:ما عليه اخذي راحتش حبيبتي
و استدار خارِجاً من غُرفتِها لينخفض رأس زوجته بعد خروجه مُرسِلةً نظرات تأنيب لابنتها التي بدأت بخط أبوذيات أســاها السرمدي..هَمَست لها و التنهيدات لحنها،:انسي يا بنتي انسي مثلي عشان تعيشين
تَلَقَّفت أناملها بارتجاف ردائها المُشَبَّع برائحتها الفطرية دافِنةً وجهها الموشومة عليه إمارات الذبح و تَحَطُّم الآمال في صدرها ذو الأشرعة المُوَجّهة سفينتها دائماً لبرّ الأمان..مَرَّغت ملامحها فيه تُعيد رسمها بألوانٍ تخلو من رمادية كئيبة أحالتها عَجوز تقف على باب قَبرِها المحفور بيد رياح يتسيَّدها رَجُلان عَبَرا خطَّ حياتها من أجل إيداع أصنافٍ من جِراح تُوزِع خللاً في جينات تُربتها الحالمة بربيعٍ لا ينتهي..و لكن الحُلم أمسـى فُتاتاً من ثِقْلِ أقدامٍ لا تَرحم..،



مَكتَبٌ واسع ذو جُدران بيضاء ناصِعة هي مُستراح لأشعة الشمس المُخترقة النوافذ المُنتشرة على الجانب الأيمن منه..إطلالته كانت على مبانٍ أُخرى بعضها يَفوق المَصرف حَجماً..استدارت عن النافذة الوسطى مَتوجهة بخطوات ثابتة للمقعد المُلتصق بالمكتب تنتظر قُدوم الموظفة التي نَسيت بعض الأوراق..،نَظَرت لساعة معصمها،كانت تفصلها دقيقتان عن العاشرة،هي أخبرت المُديرة بأنَّها لن تتأخر أكثر من نصف ساعة،و ها هي نصف ساعة مَرَّت و إلى الآن لم تعلم لمَ هي هُنا ؟!استدارت بفَجأة لجهة الباب و صوت سُقوط مُدوي أفزع هدوء حواسها..وَقَفَت بعد أن تركت حقيبتها على المقعد،ظَلَّت في مكانها تنظر بتردد للباب تُناقِش فكرة خروجها لرؤية ما سقط ورائه..بَلَّلت شفتيها و خَطَت خطوة بيدين مُتشابكتين،و مع إكتمال خطوتها الثانية ارتفع صوت جرس الإنذار ليجعلها تَرتد للخلف بهلع ضعف ما تَقَدَّمَته،تَمَسَّكت بالمقعد و اتسـاع مشدوه التهم عينيها و أصوات صُراخ تصلها من الخارج اختلطت معها رائحة انقبض لها قلبها..ازدردت ريقها الذي جُفَّ من الموقف الغريب و بدأت بإعادة خطواتها و لكن بسرعة حتى وصلت للباب،أمسكت المقبض لتفتحه و ترتفع مع إنفتاحه شَهقة حَمَلت معها نصف أنفاسها..غَطَّت فمها بيديها اللتان صَيَّرتهما الصدمة حائط يمتص شهقاتها اللاهثة..تَجَمَّعت الدموع في عينيها مثل سرب حمام يتجمع على ما نُثِر من حبوب و اللهيب يَكاد يلطم وجنتيها المشدودتين من الخَوف..النيـران تَمَكَّنت من الأرض و باتت بأطرافها تتسلق الجُدران مُبتلعة الجهات مانعةً إياها من هروبٍ تنجو به بنفسها..تَراجعت للخلف و عدم التصديق حذاؤها،يديها انخفضتا بارتعاش و نَفَسَها بدأ يُنازِع في صدرها،استدارت حَول نفسها بتَيه تُناشد الأرض لتبتلعها أو سماءٍ تخترق شمسها السقف لتُنقِذها من حَريقٍ لا مَنجى منه..اصطدم كَتِفَها الأيمن بالحائط لتَميل عليه بإعياء قَضى على قوَّتِها التي لم تعتقد يوماً انَّها ستُواجه موقفاً مُفزِع كهذا،هَمَست و الدمعات خالطتها النيران،:يُمَّــه
أخفت ملامحها الذائبة خَوفاً و وحدة بيديها مُستسلمةً لسيل دمعات تُنافِس الحريق في السلخ..ليتهُ كابوس تنقلب جانباً فتستيقظ منه،أو أنَّ صوت مُنبّه هاتفها يرتفع ليُوقظها لتجد نفسها على السرير لم تذهب بعد للمصرف،و الأجمل أن يكون صوت والدتها يُناديها من المطبخ.. لكن صوت تآكل الخَشب المُمتزج مع الضجَّة القادمة من الأسفل يَصرُّون على قتل هذه الآمال الواهية..،أبعدت يديها و بعينين مُغمَضتين مَسَحت بظاهرهما وجنتيها و هي تستنشق نفس مُتَقطّع بهِ تتقوى،فَتَحتهما و هي مُتأهبة لرؤية الحريق قد قَضى على باب المكتب،رَفَعت جفنيها لينكشف أمامها وجهٌ رُجولي لسواد عينيه فَزَعٌ أكبر من فَزعِ النيران..،

،

دوماً كان يَجري عَكس التيَّار،هو ليس انعكاساً للآخرين أبداً،بل العكس لهم،إن كانت الأرض اختيارهم كانت السماء مُفَضَّلته،و إن وَجَّهوا بوصلتهم غَرباً هو يُوجّهها شمالاً حيث الفِرار و النجاة..و ها هو يُعاكسهم،هم خارجون يهربون من التهام نيران و هو قدماه تحملانه لموتٍ فرصة وقوعه مُحتَملة،و جــداً..،استقَلَّ السلالم الناجية من سطوة النيران،كان يتخطى العتبتان بركوبٍ سريع أسَاسُه خَوف على أُنثى لا يَدرِ أيُّ قذارة هي نَقيَّة منها أوصلتها إليه..،ثوانٍ و كان أمام باب المكتب الذي دخلتهُ مع الموظفة،كان مفتوحٌ كاشفاً له عن جسدها المائل بنياحٍ أجَّجَهُ الهَلَع..اصطكت أسنانه لتحتك بحدَّة مُصدِراً صوتاً يُثير الاشمئزاز مُتَرجِماً حنقه على آستـور الحقير..،التفت يساراً حيث مساحة تستوعب جسده لم يصبها من النيران إلا الشيء القليل..تَقَدَّم بلا تَردد مُلقياً اللهب ظهره و عيناه على الأرض يُتابع خطواته..مُتَيقن هو أنَّ هذا الحَريق افتعلهُ آستــور لسبب آخر غير المُهمَّة التي تَحَجَّجَ بها..لا شكَّ بأنَّ سرَّاً لُقِي حتفه تخطيطاً ممن هم فوق آستــور لدرء خيوط فضيحةٍ ما..،تَمَسَّك بطرف الباب جاذِباً جسده للداخل حيثُ استقرَّت قدماه بثبات على الأرضية قُبالتِها في اللحظة التي مَسَحت وجنتيها بطريقة تُثير قريحة العَطف لو كان عَطفهُ يتنفس..،التقت عيناه بعينيها الميتتين مُستَقبِلاً عناوين الصدمة فيهما..زَمَّ شفتيه من تَكالُب الخوف على ملامحها،انتبه لتراجعها البطيئ للخلف و كيف أنَّ جسدها التصق أكثر بالحائط..نَطَقَ بلا مُقدمات،:تعالي خل نطلع
حَرَّكت رأسها رافِضةً طلبه و ضياعها المُسَيّر ردات فعلها..اقترب خطوة مُستَعيناً ببقايا الرِقَّة المُنتحرة في ذاته لتتدثر بها ملامحه التي أفزعتها..نَطَق بهدوء يُحاول إقناعها،:تعالي خل نطلع النار بدت تقرب من المكتب
تابع بصرها المُتَلقف بتَخَبط ما يستعر خلفُه و كأنَّها تُقيس مدى الخطورة لتُقرر بالمضي معه أم البقاء..ببطئ شديد أعادت أنظارها إليه و بدأت بالتقدم جهته بالبطئ نفسه..استدار هو يطمئن على الوضع..كانت النيران قد سيطرت على الجهة التي أتى منها و باتت المساحة بالكاد تتحمل جسد طفل في الرابعة..التفت بُسرعة جهة النوافذ،توجَّه لها بخطوات واسعة تحت أنظار ملاك العائمة في بحر اللاوعي..لا أفكار تُشغِل عقلها و لا صدى أصوات تتصادم في جوفها..و كأنها كائن هُلامي بلا قلب و الشعور مُضمَحِل..،خَلَع إحدى الستائر من النافذة ثُمَّ عاد ليقف أمام ملاك،زَفَر و الارتباك يُقَيّد عضلاته،و في داخله ترتفع شتائم بحق آستـور الذي ألقاه في هذا الموقف المُعَقَّد..،بتردد قال لها،:بــضطر احملش لان المساحة ماتستوعب حتى شخص واحد "صَمت يُراقب ردَّة فعلها و لكن لم يُجبه سوى أغصان الجمود التي نَمَت حول حواسها،واصل مُوضّحا"و انتِ خطواتش بتكون بطيئة فما بقدر اسحبش وراي و مـ
قَطَع كلماته بعد أن وَجَد أن لا فائدة من حديثه فهي قد اختنقت من تُراب الصدمة..اقترب منها،خطوة،خطوتان،ثلاث..و في الرابعة تَوَقَّف،أغمَضَ عينيه و ارتعاشة غـريبة عانقت فقرات ظهره و أنفاسَها الساخنة تصطدم بعُنُقِه مُزعزعةً عِرق يكاد يخترقه..أمسك بمعصمها ليجرّها خلفه و يده الأخرى تَجُر الستارة..وَقَف عند الباب لا يفصل بينه و بين النيران سوى سانتيمتر واحد قريباً سيندثر..،قابلها ببطئ مُبعِداً بصره عن ملامحها القريبة..ازدرد ريقه بصعوبة مُجتَرِعاً ارتباكه،دَقَّات قلبه يشعر بها رصاصات في أُذنه،مسامات صدغه تكاد تختنق من فرط استفراغها للعَرق،ذراعه اليُمنى بارتجاف امتدت،أغمضَ عينيه عندما أحاطت خِصرها الذي بان لهُ نحوله المُحَرّم عليه اكتشاف أسرار اعوجاجه،جَذبها إليه حتى اصطدم صدرها بصدره،ارتفعت أنفاسه بعلو شَقَّ الصمت مُشاركِاً تَغيظ النيران عَزفَ لحن المأساة المُرمَدة..رفعها بخفَّة هامِساً لها،:نزلي راسش و تمسكي فيني بقوَّة
تأفأف بسأم عندما لم يجد منها استجابة،نَظَر لها ليصطدم بعينيها الشاخصتين في الفَراغ،استغفر في داخله و هو يرفعَ يده لرأسها من الخلف ليخفضه بخفَّة إلى كَتِفه،رَفعَ الستارة و ألقاها فوقهما مُمسكاً بطرفها من الأعلى بيده الأخرى..واجه النيران بظهره،يد مُتَمسّكة بملاك و يد تمسك بالستارة،زَفَر بارتعاش قَبل أن يهمس برجـاء،:يـــا الله
و انطلقَ مُسرِعاً بين الحائط و اللهب و بين صدره و ذراعه تغفو أُنثى حُكِم عليهما بالإعدام كعقوبة لذنبٍ هما بريئان منه..يعلم أنَّ القضية مَخفية عنه و لا يدرِ ما دور هذه فيها،لكنهُ تَيقَّن بعيناه اللتان استنبطتا الخَوف البريء في مُقلتيها،مسامعه التي زارها نَعي أنفاسها المُرتَعشة و ذراعِه هذه التي احتضنت جسدها المُرتخي بوَهن مُستَضعَف،أنَّ ذاتها لا تعرف الشر و الظُلم سَجَّانها..مثله تماماً..،وَصَل للطابق الثاني حيثُ على عتبات سُلّمه سقطت اللوحات التي كانت تسكن الجدران لتلتهمها النيران،لن يستطع المرور،لو كان وحده لقفز مُتجاوزها،لكن الفتاة معه و مع وجود الستارة لا يمكنه القفز..،التفت يبحث عن مَخرج آخر وهو يشتم في داخله مُهندس المبنى الذي وضع مخرج طوارئ واحد فقط و في الطابق السُفلي ! التقطت عيناه من بين اللهب أحد المكاتب المُغلق بابه و النيران لم تُضرره بعد..اقترب بُسرعة بعد أن التصق بالحائط ليَمُر،اضطر أن يترك الستارة ليفتح الباب،دَخل و بُسرعة أغلقَه بأنفاس صَيَّرها الضغط جَيشٌ من اختناقات تحوم حول حلقه..هَمَس لملاك و ذراعه تترك خِصرها،:بننتظر اهني أكيد قريب بيوصلون الإطفاء
اتسعت عيناه و هو يشعر بانسلال جسدها من بين ذراعه باتجاه الأرض و كأنَّها قد غابت عن الوعي،أبعدها عنه ليتضح أمامه وجهها و عيناها المُغمضتين،كانت بالفعل غائبة عن الوَعي..رفع يده يضرب خدّها بخفَّة مُنادياً،:يا بنية اصحي،يا بنت
تأفأف بقلّة حيلة و هو يرى لونها المخطوف،قد يكون اختناق..التفت للباب و صوت عالٍ يأتيه من خلفه..رَكَّز جيداً و تَبيَّن لهُ أنهم رجال الإطفاء..بسرعة خارقة حمل جسدها للزاوية،تَركَها هُناك و بالسرعة نفسها وقف متوجهاً لباب دورة المياه،دخل و مع إغلاقه له انفتح باب المكتب كاشِفاً عن دخول رجال الإطفاء..،



قَلَّبت القرار عشرون مرَّة فوق مقلاة عقلها،مَزجته مع تحذيرات عقلها و رَشَحتهُ من شوائب قلبها المُجرم،وضَعَت أحمد و ما أهداهُ لها من خَير طوال الخمسة عشر عاماً نُصبَ عينيها مُشيحةً وجهها عن ذاك الذي نَبَذها من الغلطة الأولى..،رَفَعت يدها بعد أن نَحت عنها التَردد،فإن وقعت تحت قُيوده ستُمسي بلا أصابع من فرط ندمها..طَرَقَت الباب طرقتان مُتتاليتان بهما شيء من التصميم..أغمَضت عينيها و في داخلها تُؤنّب نبضاتها التي استولى صوته على هدوءها..،دخلت بعد إذنه ببصر مرفوع و لكن ليس عليه بالطبع..سمعت همسه المُستغرب،:جنــان !
اقتربت من المكتب بهدوء ثُمَّ توقفت حتى أصبحت على يمينه..مَدَّت لهُ الورقة التي في يدها بصمت و هو تناولها منها باستغراب مُستنكِر وجودها..ارتفع حاجبه و هو يقرأ ما فيها،نظرَ لها مُتسائلاً ببرود،:شنــو هذا ؟!
تحمحمت قبل أن تُجيب،:اعتقد واضح شنو هذا،طلب استقالة
بذات البرود قال،:الطلب مَرفوض
عُقدة استكانت بين حاجبيها و هي تقول،:و ليش مرفوض ؟ لو سمحت إستاذ وقّع على الطلب
رفع يده الأخرى و ببطئ قسم الورقة إلى نصفين أمام ناظريها،بقهر قالت،:ليـــش تشقها ؟!
أرجعَ ظهره للخلف ليتسند على المقعد مُجيباً بحدَّة،:لأني مُستحيل اوافقش على هالجنون "بجدية واصل" جنان اتمنى تفصلين بين حياتش الخاصة و الشغل،من الغباء انش تخسرين نفسش منصب عشان الأشياء اللي بينا
تَوَشَّحت برداء عنادها و هي تقول،:خلاص ما دام مو موافق من باجر ما بتشوف وجهي في البنك لين ما بعدين بتضطر تفنشني
و استدارت خارِجةً تحت أنظاره الساخرة..أغلقت الباب من خلفها و هي مُتوقعة أن يلحق بها،ا ولكن أمنياتها البلهاء اصطدمت بالباب الذي أغلقته،ابتعدت عن المكتب مع رنين هاتفها في حقيبتها،أخرجته..كان رقماً غير مُسَجَّل،أجابت بهدوء،:الـو
،:السلام جنان،أنا أنفال زوجة أحمد
استَقَلَّت المصعد مُجيبةً من طرف أنفها،:نعم شتبين باقي شي تبين بعد تقولينه ؟
بجديَّة أجابت،:جنـان لازم نتقابل و نتكلم بعقلانية،حابَّة اعتذر لش عن اللي سويته و ابي اتناقش معاش
زَفَرت و هي تدعك جبينها بحيرة،هي أيضاً تشعر بأنها في حاجة للحديث معها لتضعان النقاط على الحروف،فلعب الأطفال هذا لا ينفع..وصلها صوتها المُستفسر،:ها موافقة ؟
خَرجت من المصعد و هي تتساءل،:وين ؟
أجابت بصوت بدا لجنان حماسه،:في بالي مطعم بس اول بتأكد اذا في مجال لحجز طاولة للعشا،بعد عشر دقايق بكلمش
باستسلام قالت،:اوكي على راحتش



مساءً

ارتشفت من خَمْر المَساء وازِعةً سُكوناً بارداً في صدرها تَجَمَّدت منهُ ألسنة النيران القابعة فيه..استعانت برياضتها المُفَضَّلة،بها هي تُرَشّح باطنها من عُلل الحياة المُعوَجة المسير،قدماها مُسترخيتان على فخذيها بشكل عكسي و ذراعاها يستقر ظاهر رسغهما أعلى رُكبتيها في جلوسٍ صامت أنغامه الهادئة أنفاسها المُستطرب القمر بدقَّة مقطوعاتها..،وَسَط شُرفتِها استكانت و عيناها مُلتزمتان الصمت نَفْسه مُتحررتان من تَلوُّث بصري قد ينثر أتربة حارقة تُثير دمعاتها المَحكوم عليها بإعدامٍ أُطلِقَ حُكمُه بعد تحقيق سرّي استمر لأعوام بينها و بين ذاتها التي أقسمت أن لا تنحني لسعير الرياح..،خيوط إنزعاج تَلَقَّفت ملامحها و جسدها المُستقيم مال يميناً من قُبلته القَويَّة على وجنتها اليُسرى،ارتفع صوت ضائق من بين شفتيها و بصرها يصطدم بما كانت هاربة منه،نطقت بقهر،:جم مرة اقول لك لا تزعجني !
التفتت تُقابله و الغضب يشد رحاله بين عينيها،ابتسم لها بمُشاكسة قبل أن يَسرق من ثغرها قُبلة يقتات عليها أثناء فترة غيابه القصيرة،حَرَّر شفتيها بضحكة بعد أن تَلَقَّى ضربة بقبضتها على صدره،فَتَحت فمَها لتبدأ ماراثون شتائمها لكن إبهامه الذي لامسه تَصَدَّى لحروفها قائلاً بهمس و ابتسامته لا زالت عَبقاً على شفتيه،:جاي اسلم بس فاضطريت أزعجش،آسف
التمس سؤال عينيها ليُجيب و هو يقترب و إبهامه ينثر تخديراً على شفتها السُفلى بتحريك رقيـق كرقَّة همسه،:رايح البحر
حاجبها اعتلى قمَّة سُخريته ناطِقةً و هي تبتعد عن كهرباء لمساته،:أول مرة اشوف حداق بس اثنين !
اتسعت ابتسامته و هو يقف بعد أن كان جالساً القرفصاء خلفها،بتوضيح عَقَّبَ،:ما بنروح نحدق هالمرة
حَرَّكت كتفها و هي تقف تُقابله و بتساؤل ساخر،:يعني بس بتروحون تتأملون البحر يالعشاق ! "حَلَّت ربطة شعرها المُثَبَّت عند قمَّة رأسها لتنتثر الخصلات على أوتار الليل المُتَأهبة لمقطوعة الفجر الساحرة،مُردِفَةً بغرور يَكاد تتفجر منهُ أوداجها" انت بنقول ميت فيني و عاشقني بس هذاك صديقك المجنون عاشق من ؟
قَرص خدَّها لترتفع أصابعها لكفّه بتوجُّع قائلةً بملامح مُنكمشة ألماً،:رااائد يألم
بضحكة،:قللي شوي من هالغرور "تَرَكَ خدَّها و هو يواصل و عيناه تتأملان الاحمرار الذي تركته أصابعه و لسانه لم يتنازل عن همسه" و بعدين مو شرط اللي يروح البحر عاشق،هذا انتِ تروحينه يعني انتِ عاشقة ؟!
أُطْبِقَت الشفاه على الأخرى بقَيدِ تَلَعْثُم تَعَثَّرت على إثره حروفها،ارتخى حاجباها و النبضات باغتها اشتداد لضربته صدى يُحدِث غَوغاء يُستعصى السيطرة عليها،ازدردت ريقها مُستَطعِمة مرارة الفكرة التي يرمي بها إليها،ارتفعت من حنجرتها ضِحكة مَحنِية الفَرح لتَعَكُّزِها على ليل الحُزن الهاوي مدائنها المُغتَصبة البراءة..هَرَبت من حديث عينيه،تلك الكلمات المُتراشقة من بين أهدابه تهفو إلى صَيدٍ غنيمٍ لأرضِها حيثُ التُراب تَلَطَّخ بيد الظُلمِ و اللاإنسانية،تَعلمُ يقيناً أن زَهراً نَقِيَّاً يُريد أن يُسقي به أرضها،و لكنَّ دَماً لم تقف الأزمنة سُدوداً امام هيجانه يُخَضّب غَيث سَحابه الأبيض..،تَلَبَّست عَناوين السُخرية مُديرةً ظهرها لتستتر خلف جُدرانها المبنية بأنامل قَرَّحتها الوحدة ناطِقةً،:روح روح بديت تخورها
تساءل و هو يتراجع للخلف و ابتسامته تتراجع منها المُشاكسة استسلاماً لاحتلال الشفقة،:تبين شي ؟
خَرَج هَمسُهَا مُتَدَثر بعباءة تنهيداتها المُرتعشة و العَين اغتالتها سيوف الدمع،:سلامتك

،

،:وَعــد !

تَلَفَّظَ لسانه الإسم بتَعجُّب نصفه غارق في السُخرية قبل أن يتراجع رأسه للخلف لإعتلاء ضِحكته الرجولية الشاقَّة صَمت الليل الغافي على ألحان أمواج البَحر الحُرَّة..ذاكَ بضيق تساءل و هو يَراه غارقاً في ضحكته اللامُبرر لها،:شنـو اللي يضحك ؟! ما اعتقد الاسم يضحك !
أخفَضَ رأسه تَطارداً مع ارتفاع يُمناه ماسَّاً بظاهرها أنفه مُحاولاً السيطرة على ضحكته..أجابهُ و هو يُحَرّك ظهره مُعتَدِلاً في إستلقائه على ظهر مركبه البحري الخاص،:لا ما يضحك،بس صـراحة اختارت الاسم بعنايــة "أرجع ذراعه اليُسرى خَلفَ رأسه مُردِفاً" خلاص يعني صارت الآنسة وَعد،اتوقع ما بتكون زوجها و هي بهذي الشخصية
هَمهم بالإيجاب و هو يَستلقي بالطريقة نفسها إلا أنَّ عيناه تجاوزتا حُدود البحر لخيط السماء..سَمَع سؤاله،:ما تخاف يكشفونك ؟ هذا غير إنك تُعتَبر رَجُل قانون
هَمَسَ بحُب،:عـادي كل شي يهون لأجلها
التفت ينظر لصديقه بعد أن انهى جُملته بابتسامة مائلة و هو يعي أنَّ نظرة ساخرة ستُقابله من عينيه..نَطَق باستهزاء يُقَلّده،:كل شي يهون لأجلها "أردف بنبرته الطبيعة "اي اذا بعدين سجنوك قول كل شي يهون
نَطَق و الصِدق يَنطُق من ملامحه،:احبــها و الله احبها
حاجبهُ الأيسر اعتلى مُنحَدر سهامه التي يَخشى رائد صحَّتها قائلاً ببرود،:انت تحب شكلها دلعها و مياعتها،انجذاب فطري لا غير بين رَجُل و امْرأة "واصل بثقة و عيناه في عينيه"لأن مافيها شي ينحب لا أسلوب و لا شخصية و لا لسان يعرف الأدب لا و بعد أكبر منك !
جَذَب القَهر جَسَدهُ للأمام مُتَحَرّراً من استلقائه ناطِقاً بحدَّة و سبّابته ترتفع بتحذير،:ما اسمح لك تغلط عليها،و بعدين كلها ثلاث سنين اللي بينا ماله داعي كل مرة تذكرني انها أكبر مني
أشَاح عينيه بعيداً عن وجه صديقه الأبله العاشق امْرأة حَواسه اليَقظة تَحذر من ذاتها المُشَوشة،هَمَس لهُ،:غَبــي
رَنا لهُ بطرف عينه رامياً عليه السِهام نفسها،:ما عليه أكون غبي و لا أكون مجنون
أغمَض عينيه بملل و صوت مُتَبرم يرتفع من بين شفتيه،:اوهــوو عاد اللحين ما بيسكت
أعادها بتأكيد،:اي لأنك مجنون و مادري متى بتعقل
رَفَعَ ظهره و قدماه تركتا الاسترخاء مُلامستان الأرض مُعَقّباً ببرود،:ياخي عاجبني الجنون ما يناسبني غيره
تساءل و نبرته يَشبوها استغراب طَغى على ملامحه المعقودة،:انا مادري وين كان عقلك يوم وافقته ؟!
أمالت السُخرية شفتاه مُجيباً،:انت قلتها مجنون يعني من الأساس مافيني عقل
أطلَق كلماته بتحذير قد يُعيده عن قراره،:لا تتسرع صدقني بتندم
وَقَف ليتضح طوله لرفيق دربه البَحر المُشتاق لبَوح جسده المُسترخي بين أمواجه..يُمناه أمسكت بطرف بلوزته عند جهة اليسار من الأسفل و اليُسرى كذلك عند جهة اليمين بطريقة عكسية رافعاً إياها ليخلعها بعد أن راودتهُ قُيود اختناق،تَقَدَّم من طرف المَركب مُتَأهباً للغرق مُلقِياً ظهره لرائد الذي بدأ بصره بشد رحاله على آثار ظهره المُتَوشحة بسرّ لا يَعلمه سوى الله،هو و صديقه و ذاك المجنون الآخر..،وَصَلهُ هَمسُه مائلاً مع رياح الماضي الكئيب،:ندمت و انتهيت،و أكثر من مرة بعد لين ما صرت ما اعرف الندم
تَلَفَظَ بكلماته الساكنة وَجعاً في قلب رفيقه ثُمَّ انحنى مُلقياً بجسد في قعر البحر المُتلاطم الأمواج،أخرج رأسه بعد أن استكان بين حبيباته و بدأ سباحته الرشيقة غير آبه بتلاطم الأمواج و كأنهُ يَثِق بأن البَحر لن يَخونه و يبتلع جسده كما ابتلعت الحياة ذَّاته...،




يتبع




 توقيع : إرتواء نبض




رد مع اقتباس